array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 134

إيران والجماعات الإرهابية والدور الأمريكي ترسم مستقبل العلاقات مع روسيا

الثلاثاء، 05 شباط/فبراير 2019

السفير. رخا أحمد حسن

يحكم مستقبل العلاقات بين روسيا ودول الخليج اعتبارات عدة سواء التفاعل الإيجابي أو السلبي مع القوى الإقليمية والدولية ذات التأثير وصاحبة المصالح في منطقة الخليج، والعلاقات والمصالح المشتركة بين روسيا ودول الخليج في الحاضر سواء من حيث الواقع الفعلي أم مجرد الاستخدام السياسي لأهداف معينة، ومدى إمكانية تنمية هذه العلاقات في المستقبل على ضوء إمكانيات روسيا المادية – عسكرية واقتصادية – والسياسية والتكنولوجية والعملية، وما لروسيا من علاقات مع جميع الأطراف في منطقة الخليج.

وثمة مواطن للالتقاء بين روسيا ودول الخليج مدفوعة بعدة محفزات تجعلها تنشط أحيانًا وتهدأ في أحيان أخرى، ويرجع ذلك إلى عدة عوائق وتحديات تقف أمام أو تعترض سبيل هذه العلاقات، ولكنها لا تحول دون التطلع إلى العمل على تنميتها وتطويرها في المستقبل المنظور والبعيد.

أولاً: مواطن الالتقاء والمحفزات

1-      سمات السياسة الروسية:

لا شك أن السمات العامة للسياسة الروسية تساهم إلى حد كبير في وجود مواطن التقاء مع دول الخليج، ومن أهم هذه السمات:

  • الاهتمام الدائم بمنطقة الخليج باعتبارها واحدة من المناطق الاستراتيجية المهمة في العالم والتي تلتقي وتتنافس بل وتتصارع في كثير من المصالح والأهداف الإقليمية والدولية. وقد يزداد أو يقل هذا الاهتمام من جانب روسيا ولكنه يظل قائمًا في كل الأوقات.

ويقابل ذلك اهتمام من دول الخليج بعلاقاتها مع روسيا باعتبارها واحدة من أهم الدول الكبرى، وعضو دائم في مجلس الأمن للأمم المتحدة، وفي عدة تجمعات دولية وإقليمية مهمة وفي مقدمتها مجموعة العشرين كما أن روسيا تشارك في اجتماعات منظمة التعاون الإسلامي بصفة مراقب.

  • حرص روسيا على أن تقدم نفسها باعتبارها إحدى القوى العالمية الكبرى وأن لها دورًا في القضايا الدولية والإقليمية، وأن تبقى في سجال مستمر مع الولايات المتحدة طالما أن الأخيرة تتبع سياسات عدائية لروسيا وتعمل دائمًا على استفزازها ومعاقبتها اقتصاديًا.

وهذا يجعل روسيا حريصة أيضًا على أن يكون لها وجود في المناطق الاستراتيجية المهمة في العالم، ومنها منطقة الخليج. كما ان دول الخليج تجد في روسيا وسيلة للموازنة النسبية وأحيانا للمناوشة السياسية مع الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية للحصول على بعض المكاسب.

  • السمة العلمانية للسياسة الروسية والتي تفسح أمامها المجال للتعامل المتوازن مع دول الخليج دون حساسيات معينة، رغم اعتقاد روسيا أن معظم الجماعات المتطرفة التي تعاني منها في بعض أقاليمها مثل الشيشان وغيرها من الأقاليم الأخرى نابعة من الفقه المتطرف. ولكن روسيا تعمل على أساس مكافحة كل الجماعات الإرهابية والتعاون مع كل الدول التي تقبل وتريد التعاون معها في هذا المجال.
  • عدم انخراط روسيا في قضايا حقوق الإنسان والإصلاحات الديمقراطية التي تتخذها أمريكا والدول الأوروبية وسيلة للتدخل في الشؤون الداخلية لروسيا ودول الخليج. وتأخذ روسيا بمبدأ إن كل دولة لها خصائص معينة وثقافتها الخاصة وإنه ليس من حق الآخرين التدخل في شؤونها.
  • اتخاذ روسيا مواقف في المحافل الدولية مؤيدة للقضايا العربية وقضايا دول الخليج من منطلق أن الحلول السلمية عن طريق التواصل والحوار. وهذا مقدّر من جانب دول الخليج حتى وإن اختلفت مع روسيا في النزاع السوري واليمني.
  • الاحتفاظ بسرية أو محدودية تداول الأهداف بعيدة المدى للسياسات الروسية في منطقة الخليج، وتظهر دائمًا حالة من الرضى بما تحققه مهما كان مستواه متواضعًا، وتسعى لزيادته بالمثابرة. وذلك لاقتناع روسيا بأنها في ظل الأوضاع الحالية والمستقبل المنظور لن تكون بديلاً لأمريكا والدول الأوروبية، كما أنها لا ترغب في أن تكون مصدرًا لإزعاج أو إحراج دول الخليج وبما قد يوحي بأنها تتبع سياسات ضاغطة أو مغرية لها حتى وإن جرى ذلك بطريق غير مباشر.

 

2-      البترول والغاز:

تشترك روسيا مع دول الخليج في أنهما من أكبر منتجي البترول والغاز في العالم، وأن لديهما احتياطيات كبيرة قد يمتد إنتاجها لسنوات أطول بكثير مما كانت تتوقعه بعض الدراسات التي تناولت على وجه الخصوص احتمالات نفاد البترول خلال خمسة أو ستة عقود.

وإذا كان البترول والغاز هما السلعتين التصديريتين الرئيستين في دول الخليج حتى الآن وربما أيضًا في المستقبل المنظور، فإنهما من أهم السلع التصديرية الروسية خاصة باعتبارها أكبر منتج ومصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم. ورغم ما يبدو من تنافس بين روسيا ودول الخليج في هذا المجال، إلا أن ثمة مساحة عريضة لمجالات التعاون والتنسيق بينهما للمحافظة على التوازن في الأسواق العالمية للبترول والغاز بما لا يؤدي إلى انخفاض كبير في الأسعار.

وهذا التنسيق يحتاج إلى مشاورات في معظمها إن لم تكن كلها ثنائية بين روسيا ودول الخليج باعتبار أنها خارج منظمة (أوبك) ولدى روسيا تجربة سيئة نتيجة الفترة التي انخفض فيها سعر برميل البترول من نحو مائه دولار للبرميل إلى أقل من أربعين دولاراً، وهو ما أثر سلبيا على معدلات التنمية في روسيا وأدى إلى أتباع سياسات تقشفية وارتفاع معدلات التضخم.

يضاف إلى ذلك بعض مجالات التعاون، ومنها تبادل الخبرات وتسويق بعض المعدات أو الأجهزة لدول الخليج، رغم إدراك روسيا أن الشركات الأمريكية والأوربية تستحوذ على صناعة ونقل وتسويق البترول والغاز في منطقة الخليج بدرجة كبيرة.

كما تسعى روسيا للمزيد من التعاون في مجال البترول والغاز مع دول الخليج لمواجهة منافسة البترول الصخري من أمريكا، مع احتمالات دخول الصين هي الأخرى في أنتاج البترول الصخري، ومدى تأثير ذلك على الأسواق العالمية خاصة وأن الصين والهند من أكبر مستوردي البترول والغاز حتى الآن.

 

3-      صناعة الأسلحة:

لدى روسيا صناعة أسحلة متطورة في مجال الأسلحة التقليدية والصواريخ المضادة للطائرات والمعدات العسكرية المختلفة. وكانت المورد الرئيسي للأسلحة للعراق وإيران خلال الحرب بين إيران والعراق، وبعد قيام الثورة الإسلامية في إيران ودخولها في صراع مع أمريكا، وكذلك العراق منذ غزوه العدواني للكويت وطوال فترة الحصار المفروض عليه حتى الغزو الأمريكي عام 2003م، وأمر الحاكم المدني الأمريكي بتسريح الجيش العراقي وتحول معظم أسلحته للميليشيات والعشائر، وتحول الجيش العراقي الجديد للأسلحة والعقيدة العسكرية الأمريكية. وتباعدت المسافة بين روسيا والعراق بحكم السيطرة الأمريكية والتوغل الإيراني في الشأن العراقي، وإن ظلت موسكو حريصة على الإبقاء على بقايا علاقتها مع العراق.

وكان يعقب كل زيارة للرئيس الروسي لدول الخليج الإعلان عن توقيع مذكرات تفاهم بشأن مبيعات أسلحة والتعاون العسكري، إلا أنها كلها أو معظمها ظلت مجرد مذكرات تفاهم ولم تتحول إلى اتفاقات واجبة التنفيذ نظرًا لمسارعة واشنطن والدول الأوروبية إلى تقديم عروض بديلة مرتبطة بتحالف وثيق. وقد لفت الانتباه ما قالته رئيسة وزراء بريطانيا خلال آخر جولة لها في دول الخليج العربية، بأن أمن دول الخليج من أمن بريطانيا.

 

4-      القضية الفلسطينية:

تعد روسيا في مقدمة الدول غير العربية المؤيدة لحقوق الشعب الفلسطيني وفقًا         لمبادئ القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، ومبدأ حق تقرير المصير، ومن ثم حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود 4 يونيو 1967م.

ومن هذا المنطلق تتعاون روسيا مع السلطة الفلسطينية وتؤيدها في المحافل الدولية، كما أيدت روسيا المبادرة العربية الصادرة عن القمة العربية في بيروت (مارس 2002م)، بناء على مبادرة من المملكة العربية السعودية. كما تؤيد روسيا الحل السياسي القائم على مبدأ قيام دولتين – دولة فلسطينية جنبًا إلى جنب مع دولة إسرائيل، والاعتراف المتبادل بينهما والاتفاق على القضايا الخلافية الرئيسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين من خلال المفاوضات وتشمل المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، والقدس، واللاجئين الفلسطينيين، وترسيم الحدود بينهما وغير ذلك من قضايا الأمن والسلاح والمياه والربط بين غزة والضفة الغربية لنهر الأردن.

كما ترحب الدول العربية بالمحاولات والمساعي الروسية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل انطلاقًا من علاقات موسكو الجيدة مع تل أبيب والمكون السوفيتي اليهودي في إسرائيل والذي تضاعف وأصبح يمثل نحو 11% من سكان إسرائيل.

 

5-      موازنة علاقات روسيا مع إيران:

من الملاحظ أن دول الخليج العربية على إلمام بمدى قوة العلاقات بين روسيا وإيران في العديد من المجالات الصناعية والعسكرية والنووية للأغراض السلمية، وانه كلما زادت حالة العداء والمواجهة بين أمريكا وإيران، كلما قويت علاقات طهران مع موسكو.

ولكن ذلك لم يمنع روسيا سواء أثناء الحرب بين إيران والعراق، أن تكون أكثر ميلاً للعراق، بل إنها لم تمانع من المشاركة في تطبيق العقوبات الدولية التي قررتها الأمم المتحدة على إيران سواء بالموافقة عليها عند تبني مجلس الأمن لها أو عند دخولها حيز التنفيذ.

ومن ثم فإن قيام علاقات عادية بين روسيا ودول الخليج العربية لا يجعلها منحازة تمامًا لإيران، ويبقى دائما الباب مفتوحًا لاحتمالات قيام روسيا بمساعي حميدة بين دول الخليج العربية وإيران، وخاصة أن وزير خارجية روسيا قال في مؤتمر صحفي بعد آخر اجتماع للحوار الاستراتيجي بين روسيا ودول الخليج العربية، إن روسيا ترى أهمية أن يسود السلام والاستقرار في منطقة الخليج، وتأمل عدم نشوب صراع بين المسلمين وسنة وشيعة– لأن ذلك لن يكون في صالح هذه الدول، ولا في صالح الإسلام.

وهذا الموقف من روسيا ينطلق من أن احتواء الخلافات بين دول الخليج سواء كانت مذهبية أو تنافسية سياسية، وإعمال روح التعاون مع اختلافات في السياسات، يخفف من قوة اعتماد دول الخليج العربية في أمنها وتسليحها على أمريكا ويعطيها مساحة أوسع من الحرية في اختياراتها في التعامل مع عدة أطراف أخرى من بينها روسيا.

 

ثانيًا: العوائق والتحديات

 

     رغم وجود مواطن التقاء ومحفزات في العلاقـــــات بين روسيا ودول الخليج، إلا أن ثمة معوقات وتحديات تواجه هذه العلاقات ويمكن إيجازها على النحــو التالي:

  • آثار من الشكوك والتحسب والباقية منذ زمن الاتحاد السوفيتي والخلافات العقائدية، وكذلك تأثير التأييـد والدعم الذي قدمته وتقدمه دول الخليج لدول الكومنولث المستقلة عن الاتحاد السوفيتي في آسيا الوسطى والقوقاز، وتشجيع إحياء الثقافة الإسلامية في هذه الدول عن طريق المساعدات الماليــة والمنح الدراسية وإيفاد علماء الدين.

وربما يكون انضمام روسيا مراقبـاً لاجتماعات منظمة التعاون الإسلامـي يخفف بعض الشيء من المخاوف الإرهابية برؤيتها عن قرب الاتفاق بين جميع أعضاء المنظمة على مقاومة الفكر المتطرف والأعمال الإرهابية، إلا أن روسيا تتساءل عما إذا كان ذلك حقًا، فمن أين تأتي هذه الجماعات الإرهابيـة فكرًا وأشخاصًا وتمويلاً وتسليحًا. لذا ستبقى هذه الظنون إلى أن تنتهي أو تتضاءل إلى حدها الأدنـى ظاهرة الإرهاب.

  • الوجود الأمريكي القوي على كافة المستويات العسكرية والاقتصادية والأمنية والسياسية والثقافية والتعليمية والعلمية في دول الخليج العربية، وارتباط ذلك كله بأمنها واستقرارها من ناحية، والمصالح الأمريكية من ناحية أخرى، وقد قوي وتدعم هذا الارتباط منذ غزو العراق للكويت، ثم الغزو الأمريكي للعراق وتدمـير قوته التي كانت توازن قوة إيران مما أحدث نوعًا من اختلال التوازن الإقليمي في القوى في منطقة الخليج وكان الملاذ هو واشنطن.

ولا يغيب عن روسيا أنها لا تستطيع أن تحل محل الوجود الأمريكي، سواء للأسباب المشار إليها أعلاه، أو لعدم توفر القوة الاقتصادية والمالية لدى روسيا للدخول في تنافس مع الولايات المتحدة الأمريكية. كما أن دول الخليج العربية ليس لديها استعداد في الحاضر والمستقبل المنظور لإحداث مثل هذا التغيير طالما بقيت الأوضاع في منطقة الخليج بنفس التوازنات القائمة.

 

  • وجود وتأثير القوة الناعمة الأمريكية والأوروبية في الدول العربية الخليجية سواء اللغة الإنجليزية والتعليم والثقافة والفنون والتكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة، وليس من اليسير استبدالها بمثيلاتها الروســـــــية لأنها تكونت عبر أجيال في مجتمعات محافظة عادة ما يكون التغيير فيها في حاجة إلى قوة ودوافع لا توجد لدى روســــيا لا في الحاضر ولا في المستقبل المنظور، إلا في بعض الشرائح الصغيرة للغايـة من هـذه القطاعات، ومنها الموسيقى والباليه والسيرك.

 

  • ترتبط معظم الدول الأوروبية المتقدمة بدول الخليج خاصة بريطانيا وفرنسا وألمانيا بالعلاقات الاقتصادية حيث أنها تستورد كميات كبيرة من البترول والغاز من منطقة الخليج ولديها معامل تكرير مجهزة وفقًا لنوعيات بترول دول الخليج، ورغم المنافسة بين الولايات المتحدة الأمريكية وهذه الدول الأوروبية في منطقة الخليج، إلا أن بينهما تكامل سواء عن طريق المصالح المشتركة والمنافسة مع القوى الكبرى الأخرى باعتبار أنهم جميعًا أعضاء في حلف شمال الأطلنطي (الناتو) وكذلك من خلال الشركات العالمية متعددة الجنسيات والتي تجمعهم أو معظمهم، وكذلك بما لديهم من قوة ناعمة تكاد تتماهى مع القوة الناعمة الأمريكية. ويصعب على روسيا الدخول في منافسة قوية مع هذه الدول، ولكنها ستظل تحاول في المســـاحة التي يمكنها التحرك فيها.

 

  • العلاقات الروسية ـ الإيرانية في مجالات اقتصادية وعسكرية ونووية للأغراض السلمية تؤثر على دول الخليج العربية والتي ترى في إيران مصدرًا للتهديد يسعى للتمدد والهيمنة في المنطقة والتدخل في شؤون الدول الأخرى ودعم الجماعات التي ترى دول الخليج العربية أنها منظمات إرهابية بينما لا تتفق روسيا مع هذا الرأي خاصة بالنسبة لبعض المنظمات والجماعات ومنها حزب الله في لبنان والحوثيون في اليمن.

 

  • الاختلاف بشأن الاتفاق النووي الإيراني، حيث ترى روسيا أنه اتفاق إيجابي يحقق الأمن والاستقرار في منطقة الخليج، ويلزم إيران بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتأكد من عدم اتجاهها إلى إنتاج أسلحة نووية، كما أن روسيا لا توافق على انسحاب أمريكا من الاتفاق وأن ما ذكرته واشنطن من أسباب لانسحابها خاصة إنتاج إيران للصواريخ متوسطة وطويلة المدى لأنه لم يرد لها ذكر في الاتفاق، ويمكن التفاوض بشأنها دون الانسحاب من الاتفاق.

ورغم أن دول الخليج العربية ترى في الاتفاق خطوة إيجابية مهمة لوقف اتجاه إيران لإنتاج الأسلحة النووية، إلا أنها تتفق مع الرأي الأمريكي الذي يذهب إلى أن الاتفاق مؤقت ولا يضمن عدم سعي إيران سرًا إلى إنتاج أسلحة نووية بمجرد انتهاء مدة الاتفاق وأن هذا يبـــرر فرض العقوبات الأمريكية على إيران.

 

ولا تتفق روسيا في الرأي مع دول الخليج في أن إيران هي الداعم الرئيسي للإرهاب في المنطقة، وتتمدد في الدول العربية لبسط نفوذها ونشر المذهب الشيعي الإيراني ولدى روسيا حرية في عدم الالتزام بالعقوبات الأمريكية التي فرضتها واشنطن عليها لأنها ترى أنها أحادية وليست تحت مظلة دولية، كما أن العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين روسيا والولايات المتحدة محدودة وفي قطاعات معينة ومعظمها لا تدخل فيه الشركات متعددة الجنسيات، وقد تعمل روسيا على مساعدة إيران بطرق غير مباشرة على تسويق كميات من إنتاجها من البترول.

وترى روسيا أهمية وضرورة التوصل إلى اتفاق بشأن تعريف الإرهاب والمنظمات الإرهابية خاصة وإنها هي نفسها تعاني من بعض الجماعات الإرهابية وتتحسب من دعوة العناصر الإرهابية العاملة مع داعش والقاعدة إلى بعض الأقاليم الروسية وممارسة أعمال إرهابية.

 

  • الأزمة السورية، والأزمة اليمنية، وهما موضع اختلاف بين روسيا ودول الخليج العربية وخاصة الأزمة السورية التي تمثل حربًا غير مباشرة بين روسيا وإيران والنظام السوري من ناحية، وفصائل من المعارضة والجماعات المسلحة من أجل إسقاط نظام حزب البعث العربي الاشتراكي والرئيس بشار الأسد. وترى دول الخليج العربية أن بشار الأسد جزء من الأزمة ولا يمكن أن يكون جزءًا من الحل، بينما ترى روسيا وإيران أنه رئيس منتخب وأن من يقرر بقاؤه من عدمه هو الشعب السوري وليس أي طرف آخر. وترى دول الخليج العربية أن الوجود الروسي والإيراني في سوريا تدخل ضد إرادة الشعب السوري، بينما تؤكد روسيا وإيران أنهما مدعوتان من النظام الشرعي السوري الذي يمثل سوريا في المنظمات الدولية وذلك وفقًا لحق الدفاع عن النفس والاستعانة بالدول الصديقة وفقًا للمادة ( 51 ) من ميثاق الأمم المتحدة .

وترى روسيا أن الحوثيين وأنصارهم فصيل مهم من الشعب اليمني ومن الأهمية مشاركتهم في الحل السياسي للأزمة اليمنية وفقًا للمرجعيات المتفق عليها وهي المبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر المصالحة الوطنية اليمني وقرار مجلس الأمن للأمم المتحدة 2216. بينما ترى دول الخليج العربية ومعها باقي دول التحالف العربي لنصرة الشرعية أن التدخل الإيراني ودعم الحوثيين بالأسلحة وغيرها من المساعدات المالية من الأسباب الرئيسية لاستمرار الأزمة اليمنية.

ثالثًا: سيناريوهات المستقبل

         ثمة عدة سيناريوهات لمستقبل العلاقات بين روسيا ودول الخليج:

السيناريو الأول:

ويتمثل في استمرار العلاقات في الخليج على ما هي عليه الآن من اعتماد دول الخليج العربية بصورة أساسية على أمريكا خاصة عسكريًا وأمنيًا إلى جانب العلاقات الاقتصادية والاستثمارية، وتصعيد حالة المواجهة مع إيران بالتعاون الأمريكي الخليجي، واستمرار حالة التوتر والاحتقان في المنطقة.

وفي هذه الحالة ستبقى العلاقات الروسية على نفس مستواها الحالي وقد تزيد     أو تقل قليلاً، وستظل روسيا تسعى لتنمية علاقاتها مع دول الخليج.

السيناريو الثاني:

تحول سياسة إدارة ترامب إلى سياسة أمريكية على المدى المتوسط، تقوم على أساس أن أمريكا أولاً ومن يريد الدعم الأمريكي عليه أن يدفع الثمن، وستكون سياسة باهظة ومرهقة وتؤثر سلبيًا على الكثير من برامج التنمية، كما أنها قد تدخلها في صراعات لا طائل من ورائها لأنها تخدم أهدافًا أمريكية معينة.

وقد تبدأ دول الخليج العربية في الاقتراب من روسيا وغيرها والتركيز على المصالح المشتركة وتنحية الخلافات مهما كانت جانبًا، والتعاون المشترك من أجل مواجهة التحديات التي تهدد أمن الخليج.

 

السيناريو الثالث:

قبول واشنطن، سواء إدارة ترامب أو بعدها، الدخول في حوار مع إيران يؤدي إلى مفاوضات بشأن الأزمات بينهما سواء ما يتعلق بالاتفاق النووي أو الصواريخ الباليستية الإيرانية، والخروج من دائرة المواجهة إلى دائرة الحوار وإزالة التوتر بين طهران وواشنطن، فإن ذلك يفسح المجال لمزيد من حرية الحركة في العلاقات الدولية والتفكير في تنويع فعلي بالتوسع في العلاقات الخليجية مع روسيا والصين سواء في مجال الطاقة ومشروعات الغاز الروسي في القطب الشمالي والتي تؤكد روسيا أن إنتاجها يمكن أن يصبح الأكبر في العالم في المستقبل.

ويمكن لدول الخليج العربية أن تأخذ من كل هذه السيناريوهات أفضل ما فيها وتتجه إلى إعادة توحيد مجلس التعاون الخليجي من ناحية وإعادة النظر في الأوضاع الإقليمية لإزالة التوتر وتوجيه الموارد نحو التنمية والتقدم في إطار من التعاون المشترك مع كل الأطراف الأخرى والإفادة بأقصى ما يمكن من تنافس الجميع على المشاركة في الاستثمار في موارد وأموال منطقة الخليج بعيدًا عن الصراعات قدر الإمكان وفي إطار من المنافسة للأفضل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

مجلة آراء حول الخليج