; logged out
الرئيسية / النووي الايراني والإسرائيلي: تحديات الأمن الإقليمي وسباق التسلح

العدد 136

النووي الايراني والإسرائيلي: تحديات الأمن الإقليمي وسباق التسلح

الأحد، 31 آذار/مارس 2019

شهد التاريخ الحديث لمنطقة الشرق الأوسط العديد من الصراعات والحروب الإقليمية منها الحروب الإسرائيلية -العربية منذ عام 1948 والحروب الإيرانية -العربية منذ عام 1980م، وكذا الحروب العربية -العربية. كما شهدت المنطقة فترات من الاحتلال الغربي الحديث لعدد من الدول العربية والشرق أوسطية منها العراق وأفغانستان وسوريا والصومال بخلاف المحاولات العسكرية لتدخل القوى الأجنبية في بعض دول المنطقة. وربما كانت الصراعات العربية الإسرائيلية، والعربية الإيرانية هي أهمها في الفترة الحديثة. فإسرائيل ما زالت تحتل أراضي دولة فلسطين بأكملها وترفض أية حلول مقنعة للطرف الآخر بل وترفض أن تقبل عودة اللاجئين الفلسطينيين، أو فلسطيني الضفة الغربية وغزة في دولتها. بل وتبني أسوارًا لعزل الدولة اليهودية مع محاولة الضغط لتهجير الفلسطينيين المسلمين والمسيحيين من أراضيها لتتحول إلى دولة يهودية عنصرية داخل محيط عربي إسلامي ومسيحي يحيط بها.


ومن هنا نشأت نظرية إسرائيلية تتابعت منذ نشأتهـا حتى الآن مؤداها أن أمنهـا الذي يحمي دولتها الاصطناعية يعتمد في المقام الأول على السلاح النووي دون الإعلان صراحة عن تملكها لهذا السلاح أو ما يطلق عليه من جانب إسرائيل والغرب بنظرية الردع النووي بالإيحاء بتملكهـا لأسلحة نووية دون الإعلان الرسمي بـتملكها لها.


ويأتي الصراع الإيراني العربي في الشرق الأوسط كأحد أهم الصراعات الحالية في المنطقة. فبعد الثورة في إيران عام 1979م، التي اتخذت لها لقبًا دينيًا وهو الثورة الإسلامية وتولي الدعاة الدينيين للقيادة السياسية في البلاد فإن الحرب الإيرانية ــ العراقية (1980 – 1988) والتي بدأت بتقديرات خاطئة من قاده العراق عن التدني في القدرات العسكرية للجيش الإيراني عقب الثورة الدينية هناك، لكن هذه الحرب أدت لخسائر كبيرة في الجانبين خاصة في العراق دون تحقيق فوائد حقيقية لأي طرف، وإن كانت هذه الحرب قد دفعت إيران للإسراع في تطوير وتوسيع قدرتها العسكرية سواء من الأسلحة التقليدية أو الاستراتيجية أو إرساء لبرنامجها النووي المعلن بسلميته كأداة قابله للتطوير العسكري. ومؤخرًا فقد توسعت إيران بشكل ملحوظ في دعم بعض التيارات وأغلبها تيارات دينية وكذا المشاركة المباشرة في الشأن الداخلي لبعض دول المنطقه خاصة لبنان وفلسطين، ثم العراق وسوريا واليمن وليبيا بخلاف تشددها في الصراع القديم مع دولة الإمارات حول استيلاء إيران على الجزر الثلاث المجاورة لها في الخليج العربي (جزر أبو موسى وطنب الصغرى وطنب الكبرى) ورفض إيران التحاور حول هذه القضية.


ومع توسع الصراع الإيراني في المنطقة وزيادة حدة تدخلاتها فإن إيران بدأت منذ بداية هذا القرن وبذكاء ملحوظ بالاستفادة من دعم المعاهدات الدولية خاصة معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية والتي كانت إيران من أول من وقع وصادق عليها منذ بدأ تنفيذها عام 1970م، وكذا الحصول على دعم الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية. ومن خلال هذه السياسة تتمكن إيران بأن تكون مؤهلة على أعتاب تملك السلاح النووي. كما بدأت إيران أيضًا في زيادة وتطوير أسلحتها التقليدية والاستراتيجية.
ومن هنا كان تهديد وتحديات الأمن في المنطقة لهاتين الدولتين هو الدافع لسباق التسلح بكافة أنواعه وعلى رأسه السلاح النووي.

الصراعات والحروب الدائرة حاليَّا في منطقة الشرق الأوسط ودور إسرائيل وإيران:

 

تظهر الخريطة أعلاه عن مناطق الصراعات الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط. وقد تم التعبير الذاتي التقديري لحدة هذه الصراعات بـكثافة اللون الأحمر. وتأتي أهم هذه الصراعات والحروب الإقليمية في سوريا والعراق واليمن وليبيا وأفغانستان والصومال وجنوب السودان. كما تشهد مناطق أخرى تدخلات إرهابية مدعمة من الخارج مثل ما حدث بعد ما ادعي بأنه انتفاضة الربيع العربي وما أدت إليه من محاولات زعزعة استقرار هذه الدول مثل ما حدث في مصر وتونس.


وتشارك إسرائيل في دعم بعض القوى الداخلية خاصة في سوريا (الجيش الحر) والعراق (بعض التيارات المتطرفة والمشكلة لداعش) ولبنان وفلسطين (رغم حروبها في غزة فهي من شجعت على وجود حماس لخلق صراع داخلي في السلطة الفلسطينية).
أما إيران وبسبب أيديولوجيتها الدينية فإنها تشارك وتدعم قوي مناهضة للقوي التي تدعمها إسرائيل مما أوصلها في بعض الأحيان لمواجهات مباشرة خاصة في سوريا. وقد شاركت وتشارك إيران بصورة مباشرة في دعم النظام السوري وفي اليمن في دعم النظام الحوثي المناهض للحكومة الشرعية بخلاف دعمها لبعض التيارات الشيعيه المتطرفة في العراق وحزب الله في جنوب لبنان وحماس في غزة كما أن هناك شكوك في دعمهـا لبعض القوى المتطرفة في مصر وليبيا وتونس.

 

القدرات العسكرية لإسرائيل وإيران:

  منذ انتهاء الحروب العربية ـ الإسرائيلية وكذا الحرب العراقية ـ الإيرانية عقب الثورة الدينية في إيران وخلافاتها مع الغرب خاصة الولايات المتحدة الأمريكية فإن كلًا من إسرائيل وإيران قد ركزا نشاطاتهما في رفع قدراتهم العسكرية سواء باستيراد أسلحة متقدمة أو تطوير أسلحتها وصناعتها محليًا بل والتعامل مع مافيا تهريب السلاح وتصميماتها مما أدى لرفع مستوى قدراتها العسكرية لتصبحا من القوى العسكرية الكبرى (حسب تقييم هيأة جلوبال فاير باور العالمية – www.globalfirepower.com ( لعام 2018م، فإن ترتيب القوة العسكرية لإيران وصل للمركز الثالث عشر، وإسرائيل للمركز السادس عشر من بين 136 دولة تم تقييمها في العالم .  وفي الجدول المرفق نقدم مقارنة حديثه بين القدرات العسكرية التقليدية والاستراتيجية للدولتين. 

 

مقارنة بين القدرات العسكرية التقليدية والاستراتيجية لإسرائيل وإيران

عنصر المقارنة

إسرائيل

إيران

التعداد الكليللسكان

8.3 مليون

82 مليون

القوة البشرية المتاحة للعمل

3.6 مليون

47 مليون

التعداد الكلي للقوات المسلحة

615 ألف

934 ألف

القوات العسكرية المحترفة

170 ألف

534 ألف

قوات الاحتياط العسكرية

445 ألف

400 ألف

ميزانية القوات المسلحة (2017)

16.5  مليار دولار

14.5 مليار دولار

 

 

 

القوات البرية

 

 

دبابات مقاتلة

2760

1650

مركبات مقاتلة

10575

2215

المدفعية ذاتية الدفع

650

440

الصواريخ القتالية

148

1533

القوات الجوية

 

 

العددالكليللطائرات العسكرية

596

505

طائرات مقاتلة

252

158

طائرات مروحية

147

145

طائرات نقل عسكري

95

192

 

 

 

الدفاع الجوي

 

 

أنظمة الدفاع الجوي

منظمةالقبة الحديدية ومقلاع وارو

(وهي منأقوى المنظومات الدفاعية لاعتراض الصواريخ) 

أنظمة تحت التطوير وتسلمت حديثاًمنظمة اس-300 الروسية ومداها 160 كم

القوات البحرية

 

 

الغواصات

6

33

كاسحات الغام

0

10

فرقاطه

0

5

طراد

3

3

سفن دورية

32

230

الصواريخ الباليستية

 

 

الصواريخ الباليستية (المخترقة للغلاف الجوي وذات المدى بآلاف الكيلومترات)

صواريخ لورا محدودة المدى إلى 300 كم للأعمال القتالية في مناطق قريبة منإسرائيل (تمكنت القوات الروسية حديثا من إسقاط هذا الصاروخ في سوريا)  

صواريخ أريحا-1(مدي 500 كم) وأريحا-2 (مدي 1300 كم ويحمل وزن أكثر من 1 طن) وأريحا-3 (مدي 7000 كم ويحمل وزن أكثر من طن). كما تملك إسرائيل أيضًا صواريخ مجنحه تطلق من الغواصات والطائرات.  وبعض هذه الصواريخ يمكنها حمل قنابل ذرية 

صواريخ باليستية منها صاروخ خورمشهر ومداه يصل ل 2000 كم وكذا شهاب 3 و4 و5 و6. ويمكن لبعضها حمل أكثر من طن أي وزن قنبلة ذرية خاصة شهاب-3. ومازالت تدعم إيران بقوه تطوير أنظمة الصواريخ الهجومية المختلفة لزيادة مداها وقدرتها على حمل أثقال أكبر

(كان هذا التطوير أحد أهم أسباب الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي مع إيران)

منهذا الجدول يتضح مدى تقارب القوتين في مجال الأسلحة التقليدية وإن تفوقت إسرائيل بالأسلحة المتطورة والفعالة بخلاف الدعم الغربي لها من عشرات السنين.

القدرات النووية وخطورتها:

إسرائيل:

بدأت إسرائيل برنامجها النووي للأغراض العسكرية منذ الخمسينات وبمساعدة فعالة من فرنسا وبمشاركة من عدد من اليهود الأوروبيين والأمريكان من خبراء التسلح النووي. وكان مفاعل ديمونة الذي صممته وأقامته فرنسا في صحراء النقب والذي بدأ تشغيله من عام 1964م، هو الأداة الأساسية في توليد البلوتونيوم المستخدم في قنابلها النووية في ذلك الوقت. وقد رفعت إسرائيل من قدراتها النووية سواء في رفع قدرة مفاعل ديمونة لإنتاج كميات أكبر من البلوتونيوم أو استخدام طرق أخرى لإنتاج يورانيوم عالي التخصيب والمستخدم أيضًا في صناعة القنابل الذرية بخلاف أبحاثها المتطورة في مجال الاندماج النووي لإنتاج القنابل الهيدروجينية وكذا إنتاج القنابل النيترونية التكتيكية والتي تقضي على الإنسان دون تدمير المنشآت. ويعتقد أن إسرائيل تملك حاليًا عددًا من المفاعلات الأخرى للأغراض العسكرية. وتقدر ترسانة إسرائيل النووية بحوالي 200 رأس نووي. وتملك إسرائيل عده صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية خاصة صواريخ أريحا. وقد رفضت إسرائيل على مدى عقود من الزمن رغم كل القرارات الأممية والشعبية الدولية بأن تنضم لمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية وأن تقبل تفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية على كافة منشآتها النووية في الوقت الذي انضمت فيه كافة الدول العربية وإيران لهذه المعاهدة من سنوات طويلة وتخضع كافة منشآتها النووية للتفتيش.               

 إيران:

وقعت وصدقت إيران على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية منذ 1970م، وفي عهد الشاه وضع برنامج قوي لاستخدام الطاقة النووية في الأغراض السلمية خاصة لإنتاج الكهرباء. وبدأ هذا البرنامج بـالتعاون مع شركات أوروبية في بناء عدة مفاعلات قوى نووية ولكن قيام الثورة في 1979م، أدى لتوقف الغرب عن دعم البرنامج النووي الإيراني. وبعد توقف عدة سنوات تعاقدت إيران مع شركة روسية لاستكمال أحد المفاعلات الكبيرة في بوشهر والذي بدأ تشغيله عام 2012م، ومن جانب آخر بدأت إيران في تطوير برنامجها لتخصيب اليورانيوم بالاستعانة ببعض تنظيمات ومافيا التهريب النووي واستطاعت إنتاج كميات من اليورانيوم منخفض التخصيب ثم أنتجت يورانيوم مرتفع التخصيب وكان في مقدورها فنيًا أن تصل ليورانيوم عالي التخصيب وهو اليورانيوم الصالح لإنتاج القنابل الذرية ولكن جاء الاتفاق النووي الأخير مقيدًا لأنشطة إيران النووية خاصة في مجال التخصيب لمدة عشرة أعوام. وقد أقرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في يناير 2016م، أن وجود برنامج نووي عسكري في إيران توقف من عام 2003م، وجاء الانسحاب الأمريكي في العام الماضي من هذه الاتفاقية مقلقًا لعديد من الدول لولا تمسك الدول الأوروبية وروسيا والصين بهذا الاتفاق. وجاءت التهديدات المتكررة من جانب إسرائيل بالهجوم على المنشآت النووية في إيران مدعاه للقلق الدولي لخشية انسحاب إيران من كافة المعاهدات والاتفاقيات النووية وتكرار سيناريو كوريا الشمالية بإنتاجها للقنابل الذرية بعد انسحابها من معاهدة منع الانتشار.  ومن ناحية أخرى استمرت إيران في تطوير أنظمة صواريخها المختلفة خاصة الصواريخ الباليستية بعيدة المدى والقادرة على حمل وزن أكثر من طن وهو ما يعادل وزن قنبلة ذرية واحدة.

 

عناصر إنتاج الأسلحة النووية في إسرائيل وإيران وباقي دول منطقة الشرق الأوسط:

القنابل الذرية الانشطارية (مثل قنبلتي هيروشيما وناجازاكي – أول وآخر قنابل ذرية استخدمت ضد البشر عام 1945م، من جانب الولايات المتحدة الأمريكية ضد اليابان) استخدمت مادتي اليورانيوم عالي التخصيب (بنسبة نظير اليورانيوم -235 تتخطى الـ 90%) والبلوتونيوم عالي الجودة (بنسبة نظير البلوتونيوم -239 قد تتخطى الـ 90%). ومن ثم فإن قدرة أي طرف لإنتاج الأسلحة النووية تتحدد بقدرته على إنتاج هاتين المادتين. وإنتاج المادة الأولى (اليورانيوم عالي التخصيب) يتطلب توافر خام اليورانيوم الطبيعي ومصانع التخصيب لهذا اليورانيوم بالإضافة لتصميم القنبلة ذاتها وتوافر عدد من المواد المساعدة ومواد وأجهزة التفجير وكذا وسائل نقل القنابل (مثل الصواريخ والطائرات وغيرهم). أما إنتاج الماده الثانية (البلوتونيوم عالي الجودة) فيتطلب وجود مفاعلات نووية تستخدم اليورانيوم الطبيعي أو منخفض التخصيب سواء كانت هذه المفاعلات للأبحاث وإنتاج النظائر المشعة وغيرها وذات قدرات حرارية تتخطى الـ 20 ميجاوات حراري أو مفاعلات القوى النووية لإنتاج الكهرباء وهي مفاعلات ضخمة قد تتخطى قدرة كل منها مئات من الميجاوات الكهربي. ويجب توافر مصانع لاستخلاص البلوتونيوم من الوقود المشع من هذه المفاعلات. وهي مصانع ذات تصميم خاص لتعاملها مع مواد فائقة الإشعاع.
وكما ذكرنا فإن إسرائيل منذ عشرات السنين وهي بمساعدة فرنسا لديها مفاعل للأبحاث وإنتاج النظائر المشعة وذو قدره بدأت بـ 25 ميجاوات ووصلت لأكثر من مائة ميجاوات كما أن لديها في نفس الموقع مصنع ضخم لاستخلاص البلوتونيوم العنصر الأساسي لصناعة أغلب القنابل الذرية في إسرائيل. وتملك إسرائيل عددًا سريًا من مفاعلات محدودة القدرة لإنتاج البلوتونيوم. ومازال مصنع استخلاص البلوتونيوم يعمل في ديمونة حتى الآن. وإسرائيل لم تبد حماسًا لمفاعلات القوى النووية لإنتاج الكهرباء ربما لإضعاف سياسة عدد من دول المنطقة لبناء هذه المفاعلات حيث يظل وجود البلوتونيوم في وقودها المستهلك أمرًا مقلقًا لها رغم الإعلان عن الاستخدام السلمي لهذه المفاعلات وتوقيع كافة دول المنطقة لمعاهدة منع الانتشار النووي ووضع هذه المفاعلات وكذا جميع الأنشطة والمنشآت النووية تحت التفتيش الدائم لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وتملك إسرائيل معامل مختلفة لتخصيب اليورانيوم وإن كان يعتقد أن الأغلبية العظمى لترسانة القنابل الذرية في إسرائيل هي من البلوتونيوم.
أما بالنسبة لإيران فهي تملك مفاعل طهران للأبحاث (10 ميجاوات حراري) وهو مفاعل قديم أمريكي الأصل ومازال يعمل حتى الآن ولكن كمية البلوتونيوم الموجودة في وقوده المستهلك محدودة للغاية. كما تملك إيران في بوشهر مفاعل القوى النووية لإنتاج الكهرباء (1000 ميجاوات كهربي) ويعمل من 2012م، ووقوده المشع يحتوي حاليًا على مئات من الكيلوجرامات من البلوتونيوم متوسط الجودة العسكرية وحسب الاتفاق النووي الأخير فيتم إرسال هذا الوقود خارج البلاد (يصدر حاليًا لروسيا وهي الدولة المصنعة لهذا الوقود). وإيران تعاقدت مع شركة روزاتوم الروسية لبناء محطتين مماثلتين للمحطة الأولى في بوشهر وتتطلع إيران لبناء أكثر من 10 مفاعلات قوى كهربية (بخلاف مفاعلها الذاتي الصنع ذو قدرة 360 ميجاوات كهربي في دارخوفين على الخليج العربي ومازال في مرحلة البناء) في السنوات القادمة. وخيار استخدام البلوتونيوم في الأغراض العسكرية حاليًا هو اختيار محدود. أما في خيار تخصيب اليورانيوم ورغم أن إيران تملك كميات محدودة من خام اليورانيوم فإنها أقدمت على برنامج ضخم لتخصيب اليورانيوم وصلت فيه لتصنيع أكثر من 20,000 وحدة طرد مركزي أغلبها من نوع محدود القدرة ولكنها تمكنت من تصنيع يورانيوم منخفض التخصيب (3-5%) ويورانيوم متوسط التخصيب (20%) وكان بإمكانها الوصول ليورانيوم عالي التخصيب (أكثر من 90%) وهو الممكن استخدامه في القنابل الذرية. وجمدت الاتفاقية النووية الأخيرة مع إيران أغلب النشاطات المتعلقة بالتخصيب وإنتاج اليورانيوم المخصب لمده 10 سنوات تنتهي في 2026م.
أما الدول العربية في منطقة الشرق الأوسط فهي تملك إمكانيات محدودة من اليورانيوم والثوريوم (عنصر آخر ممكن استخدامه كوقود لبعض المفاعلات النووية المحدودة) وإن كان احتياطاتها واعده خاصة في الأردن ومصر والجزائر.
ولا توجد آية مصانع أو مراكز لتخصيب اليورانيوم في آية دولة عربية حتى الآن وكذا لا توجد بها آية مصانع لاستخلاص البلوتونيوم من الوقود المشع أو أنشطة مرتبطة بها سوى بعض معامل للأبحاث محدودة القدرة. ويوجد حاليًا 9 مفاعلات أبحاث في الدول العربية في 6 دول عربية (مصر – الجزائر – ليبيا – المغرب – سوريا – الأردن) بخلاف ثلاثة مفاعلات أبحاث في العراق تم تدميرها عسكريًا من جانب إسرائيل عام 1982م، والولايات المتحدة الأمريكية عام 1991م). وأكبر مفاعلات الأبحاث وإنتاج النظائر المشعة في هذه الدول هما مفاعل أنشاص (22 ميجاوات حراري) في مصر بتصميم أرجنتيني ومفاعل السلام (15 ميجاوات حراري) في الجزائر بتصميم صيني. وفي الأردن تم تشغيل آخر مفاعل للأبحاث النووية في العالم عام 2017م، بقدره 5 ميجاوات حراري بتصميم كوري جنوبي. وفي الرسم التالي توزيع لمفاعلات الأبحاث النووية في المنطقة.

مفاعلات الأبحاث النووية في منطقة الشرق الأوسط

ومنذ عدة سنوات تطلعت عدد من الدول العربية لتنفيذ برامج نووية طموحة لبناء مفاعلات القوى النووية لإنتاج الكهرباء والمياه العزبة. وكانت دولة الإمارات هي السباقة لبناء أربعة مفاعلات قوى نووية في موقع بركة على الخليج العربي وينتظر بدء تشغيل هذه المفاعلات من 2020م، وقد تعاقدت أو بدأت أولى مراحل التعاقد على مفاعلات للقوى الكهربية من جانب بعض الدول العربية مثل مصر والسعودية والأردن. كما بدأت تركيا منذ 2017 م، في بناء أربعة مفاعلات قوى روسية الصنع على البحر المتوسط كما تتفاوض لبناء أربع محطات أخرى على البحر الأسود. والرسم التالي يوضح توقع ذاتي لصورة الخريطة النووية لمفاعلات القوى في دول منطقة الشرق الأوسط عام 2030م.  

        

توقع لمحطات القوى النووية في دول الشرق الأوسط في 2030

 

منهنا تظهر خطورة سباق السلاح التقليدي والاستراتيجي والنووي في منطقة الشرق الأوسط وانفراد إسرائيل وربما قريبًا إيران بالأسلحة النووية وتأثير ذلك على تطور الصراعات في المنطقة والإخلال بالتوازن الأمني بها.

رؤية ذاتية للحلول والوسائل الناجحة لاستقرار المنطقة مع وجود هذه المهددات:

-         كسب الدعم الدولي في قضايا الصراعات في المنطقة العربية.

-         الاستمرار في تطوير القدرات العسكرية التقليدية.

-         دعم مشاريع الطاقة النووية السلمية لإنتاج الكهرباء والمياه.

-         الدخول في حوارات منفصلة أو تحت غطاء أممي أودولي مع إسرائيل وإيران للوصول لحلول مرضية لإيقاف كافة الصراعات والحروب في المنطقة.

-         الدخول في مشاريع تنمية اقتصادية خصوصًا في أماكن الصراعات لكسب دعم شعوب هذه المناطق ونبذ أسلوب العنف والإرهاب ورفض التدخلالعسكري والسياسي من هاتين الدولتين.

-         بناء تكامل عربي عسكري واقتصادي وتفعيل معاهدة الدفاع العربي المشترك لدعم الأمن في المنطقة.                   

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*كبير خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية ـ عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية

رئيس قسم الضمانات وكبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية سابقًا ـ أستاذ ورئيس قسم الهندسة النووية سابقًا

حاصل على جائزة نوبل للسلام عام 2005 بالمشاركة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية

 

مقالات لنفس الكاتب