array(1) { [0]=> object(stdClass)#12958 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

اسـتراتيجية المنـاخ السـعودية: تقلـل مـن انبعاثـات الكربـون والدفيئـة في العالـم

الإثنين، 13 أيار 2019

إن التهديد الذي يشكله العمل المتعلق بالمناخ على عائدات الهيدروكربون يؤدي إلى إحداث تحولين في السياسات في البلدان المنتِجة للنفط. التحول الأول هو أن زعماء هذه الدول أصبحوا أكثر جدية في تنويع أشكال الاقتصاد بالتوجه إلى المشروعات غير النفطية، بالرغم من احتمالات تدني النجاح في الربحية والإيرادات نسبيًا. أما التحول الثاني فهو قيام صناع السياسات بحماية وتعزيز التنافسية في قطاع الصناعات النفطية المملوكة للدولة.

وتبدو الاستراتيجيتان متوافقتين، وقد كان الدافع للتنويع من ضمن التوصيات المتكررة لدى المؤسسات متعددة الأطراف. وازداد الأمر إلحاحًا بسبب السياسات المناخية واحتمالية تخفيض حصة عائدات النفط من الإيرادات المالية للدولة على المدى الطويل. وقد لا يبدو التنويع جذابًا لمنتِجي النفط منخفض التكلفة، ولكنه أفضل من البقاء في موقف المتفرج بينما الركيزة الأساسية لاقتصاد الدولة تنهار تدريجيًا. وبالنسبة للاستراتيجية الثانية – موضوع هذا المقال – يتخذ صناع السياسات خطوات لحماية تدفق عائدات النفط والغاز من العمل المناخي، من خلال السعي نحو طرق لحفظ حصة السوق للنفط بوجه عام، وعن طريق خلق الأفضلية للتوريدات المحلية للنفط الخام بوصفها مختلفة عن الدرجات التي تنتجها الدول الأخرى.

وقد اختلفت ردود أفعال الدول المنتجة للنفط منخفض التكلفة في الماضي تجاه المفاوضات الدولية حول المناخ، بدايةً من عدم الالتزام إلى العرقلة. ومؤخرًا، تبنت السعودية استراتيجية مختلفة وأكثر تطورًا بشأن المناخ، مدفوعة جزئيًا من شركة النفط الوطنية "أرامكو السعودية" التي أدت دورًا رئيسيًا في منهج المملكة تجاه التغير المناخي. ويوجد العديد من موظفي شركة "أرامكو" ضمن فريق المفاوضات السعودي حول المناخ، والذي يتبع وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية. ومن أعضاء الفريق أحد الكتاب المعترف بهم الذين أعدوا تقرير الهيأة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ. وقد يكون التدخل العميق في سياسة المناخ العالمية قد ساعد "أرامكو" على تصميم استراتيجية يمكن أن تحافظ على دورها، وهي استراتيجية النفط الخام، في ظل اقتصاد عالمي مستقبلي يعاني من قيود على الوقود الحفري.

إن بعض الاستراتيجيات التي وضعتها السعودية تغير من طبيعة مشاركتها المستقبلية في النشاط التجاري للنفط. فمن مجرد توريد النفط الخام، اتجهت المملكة إلى زيادة دورها في منتجات النفط المكرر والغاز، بالإضافة إلى الأسواق المستورِدة والتكنولوجيا المستهلِكة للنفط.

الاستراتيجية الأولى: "الخوضDIG IN "– تقليل قابلية قطاع النفط للتضرر من العمل المناخي

تجد السعودية نفسها في الصفوف الأمامية في مسألة التغير المناخي وذلك من عدة جوانب: باعتبارها إحدى الدول الرئيسية المستهلكة للوقود الحفري والمسؤولة عن انبعاث الغازات الدفيئة، وكونها أكبر مَصدر تجاري في العالم للغازات الدفيئة، حيث يتسبب إنتاج "أرامكو السعودية" للنفط والغاز في انبعاث 4.3% تقريبًا من الغازات الدفيئة الحالية في العالم، وفقًا لميور وراجافيوري، وأيضًا بصفتها أولى ضحايا التغير المناخي بسبب الارتفاع المفرط في درجات الحرارة.

وعلى الرغم من ذلك يميل مدراء شركات النفط الوطنية فيما يخص التغير المناخي إلى القلق من التهديد غير المباشر على طلب النفط وصادراته، أكثر من التهديد المباشر على صلاحية الأراضي الوطنية للسكن. ونتيجة لذلك، بدأ صناع السياسات الوطنيون في الخوض بطرق عديدة لحماية اقتصاداتهم من أهداف الاتفاقيات المعنية بالغازات الدفيئة، مثل اتفاقية باريس 2015م.

البتروكيماويات واستخدامات النفط الخام غير القائمة على الاحتراق

ربما يشكل تحويل النفط الخام غير المحترق والغاز الطبيعي إلى منتجات كيميائية أكثر الإجراءات الوقائية المبشرة التي اتخذتها "أرامكو السعودية". فالمواد الكيميائية تمثل استخدامًا متزايدًا للهيدروكربون بعيدًا عن العوامل المناخية، والذي من خلاله يتم تحويل المواد الأولية من النفط والغاز إلى طلائع الراتنجات والبوليمرات resins and polymersالتي تشكل أساس المنتجات النهائية، بدايةً من الأجزاء البلاستيكية للسيارات مرورًا بالوسائد الإسفنجية والطلاء وحتى معجون الأسنان. وكما في صناعة زيوت التشحيم، يتم حجز الكربون من النفط والغاز في المنتج النهائي بدلاً من إطلاقه عند الاحتراق، مثلما يحدث مع البنزين وأشكال الوقود الأخرى.

وقد أجرت الشركات القائمة في السعودية استثمارات كبيرة في محطات البتروكيماويات، مثل المشروع المشترك بين "صدارة" و"داو كيميكال" بقيمة 20 مليار دولار، وهو أكبر محطة كيماوية أحادية المرحلة تم إنشاؤها على الإطلاق. ويرتبط الطلب على السلع البلاستيكية بشكل وثيق بنمو الناتج المحلي الإجمالي، مع ظهور الأسواق الكبيرة في البلدان النامية التي تشهد انتقال السكان إلى الطبقة المتوسطة.

التمييز بين درجات النفط الخام من حيث كثافة الكربون

تسعى السعودية أيضًا إلى استغلال ميزة تنافسية لنفطها الخام، وهي انخفاض كثافة الكربون في المراحل الأولى. وتختلف كثافة الكربون في النفط الخام بصورة جوهرية من بلدٍ إلى آخر، وتُعد السعودية واحدة من أقل الدول المسؤولة عن انبعاث ثاني أكسيد الكربون لكل وحدة نفط مستخرجة، بحوالي 3.5 جرام من ثاني أكسيد الكربون مكافئ لكل ميجا جول من النفط الناتج، وذلك وفقًا لورقة علمية في مجلة "ساينس" سنة 2018 "من إعداد مسندي وآخرين".

وتدخل الجزائر وفنزويلا من ضمن الدول المسؤولة عن أعلى نسب انبعاث للغازات، حيث يصل متوسط الانبعاثات في المراحل الأولى أكثر من 20 جرام من ثاني أكسيد الكربون لكل ميجا جول. ويعتمد انخفاض الانبعاثات في المراحل الأولى على انخفاض مستويات الطاقة المستهلكة في رفع النفط الخام من أماكن تخزينه إلى السطح، وفي معالجته ونقله. كما يساهم في ذلك أيضًا انخفاض معدل اشتعال الغاز المرتبط بتلك العملية إلى أدنى حد بين السعودية وبعض الدول المجاورة لها، مثل الإمارات العربية المتحدة وقطر والكويت.

وهناك دول أخرى مجاورة، مثل إيران والعراق، ترتفع فيها معدلات اشتعال الغاز، وهو ما يزيد من آثار الكربون للنفط الخام لدى تلك الدول. وقد جعل الغاز المستهلك في ظل طفرة الغاز الصخري الأمريكية من الولايات المتحدة إحدى الدول الأكثر إشعالاً للغاز، حيث ارتفع متوسط كثافة الكربون للنفط الأمريكي إلى 12 جرام من ثاني أكسيد الكربون لكل ميجا جول، أي بما يفوق المتوسط العالمي الذي يبلغ 10.3.

وفي ضوء تلك الميزة التي جاءت في توقيت مناسب، بدأت "أرامكو السعودية" في إبراز أهمية انخفاض كثافة الكربون في نفطها الخام. وفي المستقبل، يمكن أن تستخدم الشركة تميزها البيئي كاستراتيجية تسويقية. ويمكن أن يُترجَم انخفاض كثافة الكربون أيضًا إلى ميزة من حيث السعر في البلدان التي تفرض ضرائب على الكربون، إذا كانت الضرائب على الكربون مصممة للتمييز بين درجات النفط الخام من حيث كثافة الكربون. وتُطبِّق الضرائب على الكربون عادةً قيمة متوسطة على منتجات النفط، بغض النظر عن مصدرها.

وكما يوضح جدول (1)، فإن النفط الخام السعودي المتوسط والبالغ سعره 70 دولار للبرميل، سوف تصبح تكلفته 81.64 دولار للبرميل، وذلك بعد إضافة ضريبة على الكربون بواقع 25 دولار لكل طن وسيكون سعر البرميل من النفط الخام لحزام أورينوكو الفنزويلي 85.98 دولار، أي بزيادة تبلغ 4.34 دولار. وبوجود ضريبة على الكربون بقيمة 50 دولار، سيزداد ذلك التأثير إلى حد كبير. فسيصبح سعر البرميل السعودي أرخص بتسعة دولارات تقريبًا بسعر 93.28 دولار، مقابل 101.97 دولار لنفط أورينوكو.

جدول (1) – الضرائب على الكربون المفروضة على النفط الخام السعودي والفنزويلي بسعر 70 دولارًا للبرميل

مصدر النفط الخام

كثافة الغازات الدفيئة في المراحل الأولى

ضريبة الغازات الدفيئة في المراحل الأولى لكل برميل بسعر 25 دولار للطن

ضريبة الغازات الدفيئة في المراحل الأولى لكل برميل بسعر 50 دولار للطن

إجمالي ضرائب الغازات الدفيئة بسعر 25 دولار للطن*

إجمالي ضرائب الغازات الدفيئة بسعر 50 دولار للطن

سعر النفط عند 70 دولار للبرميل + ضريبة بقيمة 25 دولار

سعر النفط عند 70 دولار للبرميل + ضريبة بقيمة 50 دولار

النفط السعودي المتوسط

3.5

0.54 دولار

1.07 دولار

11.64 دولار

23,28 دولار

81.64 دولار

93.28 دولار

نفط أورينوكو الفنزويلي

31.9

4.88 دولار

9.76 دولار

15,98 دولار

31,97 دولار

85.98 دولار

101.97 دولار

* يتضمن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في المراحل الأولى والانبعاثات الناتجة من عملية النقل والتكرير والاحتراق النهائي. يُلاحظ أن النفط الفنزويلي الخام الثقيل يتم بيعه عادةً بسعر مخفض مقابل درجات أخف وذات قيمة أعلى، وهذا الاختلاف لم يطرح في هذا التحليل.

المصدر: معهد بيكر، استخدام كثافات ثاني أكسيد الكربون، من إعداد مسندي وآخرون 2018

 

دعم محركات الاحتراق الداخلي إزاء المركبات الكهربائية

وضعت المملكة استثمارات استراتيجية لتحسين كفاءة المحرك، حتى تظل محركات الجازولين منخفضة التكلفة، مع وجود السيارات الكهربائية، التي تعتمد على المواد الأولية لتوليد الطاقة، والتي نادرً اما تشمل النفط. وفي أغسطس 2018م، أعلنت شركة أرامكو السعودية أنها قد تتعاون مع شركة مازدا اليابانية لصناعة السيارات من أجل تطوير محركات احتراق وبنزين أكثر كفاءة، والتي من شأنها تقليل انبعاثات غازات الدفيئة الناتجة من قطاع النقل. وهذه التطورات ستحسن من القدرة التنافسية للبترول مقارنة بالوقود والتقنيات البديلة.

تثبيت حصة السوق من خلال التكرير

أنشأت أرامكو السعودية مشاريع أجنبية مشتركة في مصافي تكرير النفط الخام السعودي، ولكن جميعها ضمنت حصة المملكة في سوق البلدان التي استثمرت فيها المملكة. اشترت أرامكو حصصًا في مصافي التكرير في الصين وكوريا الجنوبية واليابان والولايات المتحدة وكانت بصدد التفاوض على شراء المزيد من مصافي التكرير في الهند وماليزيا. وبالمثل، اشترت شركة البترول الكويتية حصة في مصفاة في فيتنام تعمل بالنفط الخام الكويتي. وتتيح مثل تلك الاستثمارات في التكامل الرأسي أفضلية الوصول إلى الخام من الدول التي لها حصص ملكية.

الاستراتيجية الثانية: "المشاركة" في العمل المناخي

مع تضافر الجهود الدولية حول الرغبة في التخفيف من تأثير غازات الدفيئة، غيرت المملكة العربية السعودية موقفها العام من الاعتراض إلى الدعم المفتوح للعمل المناخي. فقد أيد وزير الطاقة السعودي خالد الفالح اتفاقية باريس باعتبارها "متوازنة وعادلة". وقال الفالح في بيان صحفي صدر عن وزارة الطاقة عام 2017م، إن المملكة "مصممة على تطبيق رؤيتها." وتوفر اتفاقية باريس غطاءً سياسيًا مفيدًا لعدم شعبية إجراءات الإصلاح المتخذة -وإن كان ذلك مفيد بيئيًا -مثل إجراءات الإصلاحات التي اتخذتها المملكة العربية السعودية لدعم الطاقة في عامي 2016 و2018م، وهذه الإصلاحات لها أهداف منطقية من الناحية الاقتصادية، تتمثل في خفض الإنفاق الحكومي على توفير الطاقة، وتقليل "استغلال" سلع الطاقة القابلة للتصدير، مع السماح للطاقة المتجددة بالمنافسة مع الوقود الحفري بسهولة أكبر. وتقدم عمليات خفض الدعم بوصفها سياسة بيئية خدمة مزدوجة، نظرًا لأنها تقلل أيضًا من زيادة انبعاثات غازات الدفيئة في المملكة.

وعلى الصعيد الدولي، تدعم المملكة العربية السعودية استراتيجية "مشاركة" مختلفة، تجمع الجهود التي تحمي مصالح الدول المصدرة للنفط بطرق لا تضر الطلب على الوقود الحفري. وتشكل الاستراتيجيات المدعومة من المملكة:

  • احتجاز وتخزين ثاني أكسيد الكربون: يزيد بالفعل من مدخلات الوقود الحفري لنفس ناتج الطاقة لأن احتجاز وضغط ثاني أكسيد الكربون يتطلب احتراق المزيد من الوقود الإضافي.
  • تخفيض الحرق: تسعى المملكة العربية السعودية لإقناع الدول الأخرى بتخفيض انبعاثات المنبع من أجل تقليل الضغط للحد من الاستهلاك النهائي.
  • التركيز على غازات الدفيئة البديلة: يرغب المسؤولون السعوديون في إيلاء مزيد من الاهتمام لغازات الدفيئة مثل الميثان وأكاسيد النيتروز، والتي على الرغم من أنها تشكل جزءًا أصغر من الانبعاثات الكلية، إلا أنها تحمل نسبة احتباس حراري أعلى بكثير من ثاني أكسيد الكربون.

وقد ذكر البيان الملخص للملكة العربية السعودية خلال الدورة الثانية والعشرين لمؤتمر الأطراف بشأن تغير المناخ أنه يتعين الاحتفاظ بالوقود الحفري في مزيج الطاقة في المستقبل بسبب تفاعله مع مصادر الطاقة المتجددة. وتنظر المملكة الى انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على أنها "تأثير جانبي ضار" يمكن تخفيفه عن طريق الحلول التكنولوجية. وفي عام 2014م، انضمت أرامكو السعودية إلى مبادرة مناخ النفط والغاز، وهي مبادرة تبنتها مجموعة من 11 شركة نفط رئيسية تعهدت كل منها بدفع مبلغ 100 مليون دولار من أجل الأبحاث الخاصة بتكنولوجيا الوقود الحفري منخفض الانبعاثات.

وفي السنوات المقبلة، يبدو أن المملكة العربية السعودية وأرامكو غالبًا ما سيسلطان الضوء على تلك الجهود، بالإضافة إلى خفض كثافة الكربون في النفط السعودي الخام، ونقص غاز الميثان المشتعل والمتسرب، وكذلك عن دعم استثماراتها في المحركات عالية الكفاءة ليتم اعتمادها باعتبارها "مورد مسؤول بيئيًا" للوقود الحفري الضروري.

الاستراتيجية الثالثة: "الاستسلام" وقبول أضرار تغير المناخ

تعمل شركة أرامكو السعودية وغيرها من منتجي الوقود الحفري، والعلماء، والنخب المتعاطفة على دعم مسار سلس تجاه إزالة الكربون للدرجة التي تصل إلى حد التنازل ("الاستسلام")، بحيث يتم اعتبار حدود الانبعاثات في درجة حرارة 2 مئوية مكلفة ومعرقلة للغاية. وتناقش استراتيجية المناخ "الواقعية"، على النحو الذي أوضحه جروس وماتسو في عام 2017م، وجود حاجة إلى مقايضات بين تكاليف تخفيف الكربون وبدلات الخسائر، حتى لو كانت النتيجة أن يصل متوسط الاحترار إلى 3 درجات مئوية وإحداث المزيد من الأضرار المناخية. ويقول المناصرون بأن تكاليف الأضرار سيتم تعويضها عن طريق تخفيضات الإنفاق على التخفيف، وتقليل الخسائر الاقتصادية بين الحكومات المنتجة.

ومع ذلك، تستند تقديرات تكاليف التخفيف على وضع نموذج ضرائب الكربون اللازمة لتحقيق تخفيضات كافية في الطلب. وتوضح المقارنة القصيرة جدًا لتكاليف الأضرار المناخية الفعلية والإيرادات الافتراضية المفقودة نقاط الضعف المحتملة في الافتراضات المستخدمة.

في عام 2017م، شهدت الولايات المتحدة وحدها أضرارًا كبيرة ناجمة عن الكوارث المناخية كبدتها مبالغًا قياسية وصلت إلى 306 مليار دولارًا. وهذا المبلغ يعادل خمسة أضعاف عائدات شركة أرامكو السعودية لعام 2017م، والتي بلغت حوالي 65 مليار دولار، وأكثر من 70٪ من عائدات منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) لعام 2016م. وفي حال كانت العوامل المناخية الناجمة عن الأنشطة البشرية مسؤولة عن 20 ٪ من الأضرار -بسبب الحرائق الشديدة الناجمة عن الجفاف والفيضانات الناجمة عن هطول الأمطار الغزيرة -فإن سداد هذا المبلغ فقط سيتطلب دفع عائدات شركة أرامكو السعودية بالكامل لعام 2017م، لتعويض تلك الأضرار. وبالطبع، فإن نسبة 20٪ قد تكون كبيرة للغاية بالنسبة للتغير المناخي بفعل الإنسان، ولكن الأضرار التي تم حسابها غير مكتملة أيضًا ولا تأخذ في الحسبان الوفيات المرتبطة بالحرارة، وانخفاض إنتاج المحاصيل، وزيادة الطلب على الكهرباء، وعوامل أخرى مثل حلقات التغذية الراجعة السلبية الناتجة عن تقلص الغطاء الثلجي والجليد، أو انبعاثات الميثان الناتجة من ذوبان الجليد الدائم.

وباختصار، تتمحور استراتيجية "الاستسلام" حول تكهنات بأن التكنولوجيا المُحسنة ستظهر في المستقبل وتقلل من انبعاثات غازات الدفيئة دون وقف صناعة الوقود الحفري. وبالنظر إلى أنه لم يتم عرض هذه التقنيات أو نشرها إلى الآن، فيمكن وصف الاستراتيجية بأنها صورة محدثة بدقة لنهج العرقلة المسبق للملكة.

الميزة السعودية

طورت المملكة العربية السعودية استراتيجية مناخية متطورة تستند إلى مزاياها الهامة كدولة منتجة للنفط منخفض التكلفة وتتمتع بقوة سوقية واستثمارية كبيرة. وأوضحت المملكة ميزة مبكرة في استخدامات النفط والغاز غير المحترق. كما ضخت استثمارات من شأنها أن تضع السعودية في وضع مستقبلي قوي كمورد ذي صلة. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الاستراتيجيات المحددة تتراوح بين الأنشطة التي من شأنها أن تؤدي إلى انخفاض الانبعاثات -على الأقل هامشيًا -والأنشطة التي من شأنها أن تزيد أو تُطيل من الانبعاثات. وبقدر ما تساعد هذه الأنشطة في تسويق أنواع الوقود التي لا يزال يتم إحراقها بصورة مستمرة، فإنها تزيد الأضرار التي لحقت بجغرافيا مناخ الأرض والسكان وممتلكاتهم، على الرغم من توافر فوائد اقتصادية قصيرة الأجل، وخاصة في البلدان النامية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* زميل باحث -معهد بيكر للسياسات العامة بجامعة رايس، هيوستن

 

 

مجلة آراء حول الخليج