; logged out
الرئيسية / تحـول إيـران إلى مصـدر لتهديد أمـن الطاقة: خيارات مواجهـة الضغوط

تحـول إيـران إلى مصـدر لتهديد أمـن الطاقة: خيارات مواجهـة الضغوط

الثلاثاء، 14 أيار 2019

رغم أن إيران تعد إحدى الدول الرئيسية التي تمتلك ثروات طبيعية كبيرة في منطقة الشرق الأوسط، حيث تأتي في المرتبة الثانية على المستوى العالمي في احتياطيات الغاز المثبتة (1.191 تريليون قدم مكعب بما يعادل 17% من إجمالي الاحتياطي العالمي)، والرابعة في احتياطيات النفط المثبتة (157.2 مليار برميل بما يعادل 10% من الإجمالي العالمي)، فضلاً عن أنها تمتلك برنامجًا نوويًا يتضمن الدورة الكاملة للوقود النووي، إلا أن ذلك لم ينعكس إيجابيًا على مستقبل الطاقة بشكل عام.

Source; The U.S. Energy Information Administration.

 

إذ لم تنجح إيران في استثمار تلك الموارد الطبيعية في تحسين مستوى البنية التحتية، رغم العوائد المالية الكبيرة التي عادت على إيران من صادرات النفط خلال المرحلة الماضية، على نحو أثر بشكل سلبي على إنتاجها من النفط والغاز.

كما انعكس ذلك في أزمة نقص الكهرباء التي واجهت العاصمة والعديد من المحافظات الإيرانية في منتصف عام 2018م، حيث زادت ساعات انقطاع الكهرباء في فترة الذروة نتيجة ارتفاع مستوى الاستهلاك بنسبة 28% مقارنة بعام 2017م، (وصل معدل الاستهلاك إلى 54 ألف ميجاوات)، ونفاذ احتياطي الكهرباء من المحطات. وقد كان ذلك أحد الأسباب التي أدت إلى اندلاع احتجاجات عديدة في طهران وبعض المدن الأخرى.

كما تحولت إيران، بسبب السياسات التي يتبناها النظام الحاكم، من مصدر لتوفير الطاقة واستثمارها إلى مصدر لتهديدها، بعد أن أشارت أكثر من مرة، وعلى لسان كبار مسؤوليها مثل المرشد الأعلى للجمهورية علي خامنئي والرئيس حسن روحاني، إلى قدرتها على إغلاق مضيق هرمز، الذي يعبر من خلاله 40% من الطاقة، واستهداف الملاحة العالمية، من أجل منع ناقلات النفط من الدخول أو الخروج من المنطقة، على نحو سوف يؤدي، مع افتراض حدوثه، إلى أزمة طاقة عالمية لا تبدو هينة، في ضوء الأهمية الاستراتيجية التي يحظى بها نفط الشرق الأوسط على الساحة الدولية، وهو ما تبدو القوى الإقليمية والدولية مستعدة له، حيث تمتلك من القدرات ما يؤهلها إلى منع إيران من تحقيق ذلك.

وتوازى ذلك، مع إصرار إيران على مواصلة تطوير برنامجها النووي مع الالتفاف على الالتزامات التي يتضمنها الاتفاق الإطاري الذي توصلت إليه مع مجموعة "5+1" في 14 يوليو 2015م، ورغم أنها تدعي أن أحد الأهداف الأساسية التي تسعى إلى تحقيقها من تطوير برنامجها النووي المثير للجدل يكمن في توفير الطاقة الكهربائية، فإن اعتبارات عديدة تكشف أن ذلك لا يتسامح مع المعطيات الموجودة على الأرض، التي تشير إلى أنها تسعى لامتلاك القدرة على إنتاج القنبلة النووية، بما يعني أنها ترغب في الوصول إلى المرحلة التي يكون فيها إنتاج القنبلة مسألة وقت وليس مسألة إمكانيات تكنولوجية.

وعلى ضوء ذلك، يمكن القول إنه طالما استمرت إيران في انتهاج سياستها المتشددة التي أدت إلى اقترابها من مرحلة الانهيار داخليًا، فضلاً عن تصاعد حدة التوتر في علاقاتها مع الخارج، فإنها لن تكون فاعلاً إيجابيًا في تحديد مستقبل الطاقة على الصعيد الدولي.

متغيرات رئيسية:

يعتمد تحديد دور إيران في مستقبل الطاقة على مجموعة متغيرات رئيسية، يتمثل أبرزها في:

1-الإدارة غير الفعالة: تتسم الإدارة الداخلية الإيرانية لملف الطاقة بعدم الكفاءة، على نحو أدى إلى الفشل في تحسين البنية التحتية وأثر بالتالي على قدرة إيران على توفير مصدر مستقر للطاقة. وبدا ذلك جليًا خلال فترة العقوبات الدولية التي تعرضت لها إيران في الفترة من عام 2012م، وحتى عام 2015(·).

فقد أدت هذه العقوبات إلى تراجع إنتاج إيران من النفط والغاز، إذ عرقلت الجهود التي كانت تبذلها حكومة الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد من أجل استقطاب الاستثمارات الأجنبية، حيث كانت التقديرات تشير إلى أن إيران في حاجة إلى استثمارات تقدر بنحو 500 مليار دولار في قطاعى النفط والغاز.

وفي هذا السياق، انسحبت العديد من الشركات الدولية الكبرى من الصفقات التي أبرمتها مع بعض الجهات داخل إيران، ولم تنجح الشركات الإيرانية، مثل شركة "خاتم الأنبياء" التابعة للحرس الثوري، التي تشرف على أكثر من 800 شركة أخرى، في ملء الفراغ الناتج عن انسحاب الشركات الأجنبية.

وكانت شركتا "رويال داتش شل" الهولندية البريطانية و"ريبسول" الإسبانية، أبرز مثال على ذلك، حيث انسحبتا من السوق الإيرانية في مايو عام 2008م، بعد أن كانتا قد وقعتا صفقة مع شركة النفط الوطنية الإيرانية (بتروناس) لتطوير المرحلتين 13 و14 من حقل بارس الجنوبي المشترك مع قطر. وقد اعتبرت الشركتان أن حالة عدم اليقين التي فرضتها الظروف الدولية دفعتهما لاتخاذ هذا القرار، الذي وجه ضربة قوية لجهود إيران في تطوير هذا الحقل.

وتراجع إنتاج النفط من 3.5 مليون برميل يوميًا في يناير 2012م، إلى 2.8 مليون برميل في يناير 2014م،وبعد أن وصلت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في إيران إلى 4 مليار دولار سنويًا حتى عام 2010م، بدأت في التراجع تدريجيًا عقب تعرض إيران لعقوبات دولية أقوى.

وقد تكرر الأمر من جديد بعد الوصول للاتفاق النووي بين إيران ومجموعة "5+1" في 14 يوليو 2015م، ورفع العقوبات الدولية التي كانت مفروضة عليها في 16 يناير 2016م.

ففي تلك الفترة، حاولت حكومة الرئيس حسن روحاني اتخاذ العديد من الإجراءات من أجل جذب الاستثمارات الأجنبية، حيث وقعت على سبيل المثال، صفقة مع شركتى "توتال" الفرنسية و"سي إن بي سي" الصينية، في 3 يوليو 2017م، لتطوير المرحلة 11 من حقل بارس الجنوبي، بقيمة 4.8 مليار دولار، حيث وصلت حصة الشركة الفرنسية إلى 50.1% من المشروع، في حين بلغت حصة الشركة الصينية 30%، ووصلت حصة شركة النفط الوطنية التي مثلت الجانب الإيراني إلى 19.9%، وكان من المخطط أن ينتج المشروع نحو 2 مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي يوميًا.

وبدا لافتا، أن رفع العقوبات فرض تداعيات إيجابية على إنتاج النفط، الذي زاد بنحو مليون برميل يوميًا، ليصل إلى 3.7 مليون برميل عام 2016م، وذلك مقابل 2.8 مليون برميل في عام 2015. وحرصت إيران مرارًا على معارضة أي اتجاه لدى منظمة أوبك لتخفيض الإنتاج في بعض الفترات.

لكن جاءت العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية، بعد انسحابها من الاتفاق النووي في 8 مايو 2018م، على مرحلتين في 7 أغسطس و5 نوفمبر 2018م، لتوجه ضربة قوية للاقتصاد الإيراني، حيث دفعت العديد من الشركات الكبرى إلى الانسحاب من السوق الإيرانية وإلغاء الصفقات التي كانت أبرمتها مع جهات داخل إيران.

ومثلت شركة "توتال" النموذج الأبرز على ذلك، حيث انسحبت من مشروع تطوير المرحلة 11 من حقل بارس الجنوبي، على نحو أدى إلى حلول الشركة الصينية محلها لتستحوذ على 81% من المشروع، وإن كانت هناك شكوك في مدى إمكانية استمرار الشركة الصينية في المشروع، ليس فقط بسبب العقوبات وإنما أيضًا بسبب التعقيدات البيروقراطية والتشريعية في إيران.

2-تهديد حرية الملاحة: حاولت إيران خلال الفترات التي تصاعدت فيها حدة التوتر في علاقاتها مع القوى الدولية، لاسيما الولايات المتحدة الأمريكية، الاستناد إلى قدرتها على استهداف الملاحة الدولية في المنطقة، لتهديد إمدادات الطاقة منها إلى الأسواق العالمية، على نحو من الممكن أن يؤدي إلى نشوب أزمة طاقة عالمية وحدوث ارتفاع هائل في أسعار النفط.

ورغم أن إيران كانت تحاول اتباع سياسة "تقسيم الأدوار" إزاء هذه القضية تحديدًا، من خلال الإيحاء بأن التهديدات الخاصة بإغلاق مضيق هرمز، الذي يمر عبره 17.4 مليون برميل نفط يوميًا ومشتقات وقود تبلغ ربع الطلب العالمي على النفط، لا تعبر عن السياسة العليا للدولة، إلا أنها بدت في الآونة الأخيرة حريصة على تأكيد أنها قد تقدم بالفعل على اتخاذ تلك الخطوة، وهو ما حظي بتأييد واضح من جانب القيادة العليا في النظام ممثلة في المرشد الأعلى للجمهورية علي خامنئي.

اتجاه إيران إلى توجيه رسائل تحذير متكررة في هذا الصدد ارتبط في الآونة الأخيرة بالتصريحات التي يدلي بها العديد من المسؤولين الأمريكيين، والتي تشير إلى أن الهدف الأساسي للعقوبات الحالية يكمن في "تصفير" الصادرات النفطية الإيرانية. وقد تبنت الولايات المتحدة الأمريكية بالفعل إجراءات في هذا السياق، على غرار منح مهلة مدتها ستة أشهر لثماني دول مستوردة للنفط الإيراني من أجل البحث عن مصدرين آخر للنفط، وهي المهلة التي سوف تنتهي في مايو الحالي.

وقد أدى ذلك بالفعل إلى تراجع واردات النفط من جانب بعض الدول، حيث استورد أكبر أربعة مشترين آسيويين، وهم الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية، ما يبلغ 710.6 ألف برميل يوميًا في يناير 2019م، بانخفاض 49% عن الشهر نفسه من عام 2018م.

وعلى ضوء ذلك، بدأت إيران في التلويح بأن منعها من تصدير نفطها إلى الخارج معناه الحيلولة دون تصدير نفط المنطقة بأكملها. وقد أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني نفسه هذا المعنى، رغم أنه كان في السابق حريصًا على نفى تلك التهديدات التي أطلقها مسؤولون آخرون في النظام، خاصة في الحرس الثوري.

إذ قال روحاني، في 3 يوليو 2018م: "إذا لم يتم تصدير النفط الإيراني، فلن يتم تصدير أي نفط لأي دولة أخرى في المنطقة". وكان أكثر وضوحًا في 3 ديسمبر من العام نفسه، عندما قال: "يجب أن تعلم أمريكا أننا نبيع نفطنا وأننا سنواصل بيع نفطنا، ولن يستطيعوا وقف صادرات نفطنا"، مضيفا: "إذا أرادوا يومًا منع تصدير نفط إيران، فلن يصدر أى نفط من الخليج".

وقد حرص المرشد خامنئي على إبداء دعمه لهذه التهديدات، حيث أكد، في 21 يوليو 2018م، على أنها "ذات مغزى وتعكس سياسة ونهج النظام إذا مضت واشنطن قدمًا في فرض قيود على صادرات إيران النفطية".

وتوازت هذه التهديدات مع المناورات العسكرية التي أجرتها إيران في مضيق هرمز، على غرار مناورات "الولاية 97" التي قامت بها القوات البحرية التابعة للحرس الثوري في الفترة من 22 وحتى 24 فبراير 2019م، حيث شهدت إطلاق صواريخ من الغواصات وإجراء تدريبات لطائرات من دون طيار وقصف الأهداف من الجو.

لكن رغم ذلك، فإن العديد من الدول النفطية بدأت في تبني خيارات أخرى لتصديره دون المرور من مضيق هرمز، وذلك لتحييد أية مخاطر محتملة قد تنتج عن التهديدات الإيرانية ولتكريس دورها في تعزيز أمن الطاقة على الساحة الدولية، حيث طرحت بدائل في هذا الصدد بالفعل على غرار بديل "شرق-غرب" الخاص بتفعيل خطى الأنابيب اللذين قامت المملكة العربية السعودية بتأسيسهما خلال فترة الحرب العراقية-الإيرانية (1980-1988م) ويربطان المنطقة الشرقية بميناء ينبع على البحر الأحمر.

كما أعلنت الإمارات العربية المتحدة عن تأسيس أكبر منشأة في العالم لتخزين النفط في إمارة الفجيرة، في إطار شراكة مع كوريا الجنوبية، حيث تصل سعتها إلى 42 مليون برميل نفط، على نحو يقلص من أهمية التهديدات الإيرانية، باعتبار أن المنشأة تقع على بحر العرب، بشكل يضمن استمرار تدفق النفط الإماراتي إلى الأسواق الدولية دون المرور بالمضيق، خاصة أن ذلك يتوازى مع استمرار عمل خط حبشان-الفجيرة بطاقة 1.5 مليون برميل يوميًا.

فضلاً عن ذلك، فإن القوى الدولية المعنية بحرية الملاحة وأمن الطاقة أبدت استعدادًا، في مراحل مختلفة، لمنع إيران من تنفيذ هذه التهديدات، وقد أجرت مناورات مشتركة في منطقة الخليج لتوجيه رسائل مباشرة لإيران في هذا الصدد، كان آخرها التدريبات المشتركة التي أجرتها القوات الأمريكية والبريطانية في 12 سبتمبر 2018م، حيث تمثل هدفها الأساسي في نزع الألغام وتأمين المسارات التي تؤدي إلى مضيق هرمز.

إلى جانب أن إيران تجازف في هذه اللحظة بمواجهة عسكرية دائمًا ما تتحسب منها وتبذل جهودًا حثيثة باستمرار من أجل تجنبها رغم تهديداتها المتكررة باستهداف المصالح الأمريكية في المنطقة، على نحو يمكن أن يضع حدودًا فعلية لمدى قدرتها على تنفيذ هذه التهديدات.

3-البرنامج المثير للشكوك: تدافع إيران باستمرار عن برنامجها النووي وتستند في هذا السياق إلى أن تمسكها بتطوير هذا البرنامج يهدف إلى تعزيز قدرتها على إنتاج الطاقة الكهربائية إلى جانب إنتاج الوقود النووي لاستخدامه في الأبحاث الطبية. لكن ثمة اعتبارات عديدة تؤكد أن هذه الادعاءات لا تتسامح مع المعطيات الموجودة على الأرض.

إذ أن إصرار إيران، مثلا، على تطوير برنامجها النووي رغم التحذيرات الدولية، أدى إلى تردي البنية التحتية، خاصة في مجال الطاقة، والتي كانت تحتاج إلى صيانة واستثمارات أجنبية، على نحو أفقدها ما يقرب من 15% من الطاقة الكهربائية التي كان من الممكن أن تحصل عليها في حالة ما إذا لم تعارض مطالب المجتمع الدولي وتصر على المضي قدمًا في سياستها المتشددة.

فضلا عن ذلك، فإن إنتاج الكهرباء عبر الطاقة النووية يتطلب نسبة تخصيب لليورانيوم لا تزيد عن 5%. في حين أن إيران أصرت، خلال فترة العقوبات الدولية وقبل الوصول إلى الاتفاق النووي في 14 يوليو 2015م، على الوصول بمستوى التخصيب إلى 20%.

وهنا، فإن ذلك يعني أن أهداف إيران من برنامجها النووي تتجاوز إلى حد كبير تعزيز قدرتها على إنتاج الطاقة الكهربائية (التي تضررت بسبب ذلك)، وتمتد إلى الوصول لمرحلة امتلاك القدرة على إنتاج القنبلة النووية، وهي المرحلة التي تتطلب نسبة تخصيب تصل إلى 90%.

ورغم أن الفارق يصل إلى 70%، فإن القفزة الزمنية المطلوبة للوصول إلى تلك المرحلة تتقلص بشكل كبير مع الوصول بنسبة التخصيب إلى 20%.

وقد هددت إيران مرارًا بالعودة إلى تخصيب اليورانيوم بهذه النسبة، خاصة بعد انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي في 8 مايو 2018م، وهي قادرة على ذلك بالفعل، حيث لم يقلص الاتفاق النووي من قدرتها على إعادة تنشيط برنامجها النووي في حالة ما إذا أرادت ذلك، وهو ما يمثل إحدى الثغرات الخطيرة التي يعاني منها هذا الاتفاق بالفعل، والتي دفعت أطرافًا عديدة إلى توجيه انتقادات قوية لإدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بسبب التنازلات الكبيرة التي قدمتها لإيران في سبيل تمرير تلك الصفقة.

إلى جانب ذلك، فإن إصرار إيران على فرض تعتيم على بعض جوانب برنامجها النووي، إلى جانب الالتفاف على الالتزامات التي فرضها الاتفاق النووي، ورفضها المتكرر لتفتيش بعض المنشآت العسكرية والنووية، كل ذلك يوحي بأن لديها ما تخفيه وأن مبرراتها الخاصة بتعزيز قدرتها على إنتاج الطاقة الكهربائية ما هي إلا عنوان فضفاض لطموحاتها النووية الخطيرة، التي تتوازى مع الأدوار التخريبية التي تقوم بها في منطقة الشرق الأوسط وأدت إلى تفاقم الأزمات الإقليمية وعرقلة جهود تسويتها.

خاتمة:

وعلى ضوء ذلك، يمكن القول في النهاية، إن إيران لم تتحول، في أية مرحلة من المراحل، إلى مصدر آمن لإمدادات الطاقة إلى الأسواق الدولية. بل إن السياسة المتشددة التي تبنتها باستمرار، بالتوازي مع مساعيها للتمدد على الساحة الإقليمية، وامتلاك برامج صاروخية ونووية مثيرة للشكوك، كل ذلك يعني أنها باتت مصدرًا رئيسيًا للتهديدات التي تواجه أمن الطاقة.

ومع ذلك، فإن المسارات المحتملة التي قد يتجه إليها التصعيد الحالي بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، خاصة في ظل إصرار الأخيرة على فرض أقصى قدر من الضغوط على الأولى، يمكن أن تمارس دورًا في تقليص قدرة إيران على تهديد أمن الطاقة.

إذ لا يبدو أن إيران في وارد تحمل واستيعاب هذه الضغوط على المدى الطويل، خاصة أنها تواجه في الوقت نفسه أزمات داخلية لا تقل أهمية، كان أحد أسبابها، للمفارقة، هو إخفاق النظام في توفير إمدادات الطاقة إلى الداخل، وهو ما قد يدفعها إلى دراسة خيارات أخرى للتعامل مع هذه الضغوط، بشكل يمكن أن يكون له تأثير على مستقبل الطاقة بشكل عام.

 

  • رغم أن العقوبات المفروضة على إيران بدأت منذ أزمة احتجاز الرهائن في السفارة الأمريكية بطهران في 4 نوفمبر 1979، إلا أن المرحلة الأقوى منها، والتي بدأت تنتج ضغوطا قوية على الاقتصاد الإيراني وترتبط بالبرنامج النووي مباشرة، بدأت منذ صدور قرار مجلس الأمن رقم 1696 في 31 يوليو 2006، حيث توالى بعدها صدور قرارات دولية ضد إيران وهي 1737 (23 ديسمبر 2006)، و1747 (24 مارس 2007)، و1803 (3 مارس 2008)، و1835 (27 سبتمبر 2008) و1929 (9 يونيو 2010).

مقالات لنفس الكاتب