; logged out
الرئيسية / رؤية 2030 :الفوسفات السعودي يساهم في تحقيق الأمن الغذائي العالمي

العدد 138

رؤية 2030 :الفوسفات السعودي يساهم في تحقيق الأمن الغذائي العالمي

الخميس، 13 حزيران/يونيو 2019

خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد في الرياض في 10 نوفمبر 2018م، لإطلاق برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، أكد وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية المهندس خالد الفالح " ان حجم ثروة التعدين الخام الموجودة في المملكة تصل إلى نحو 5 تريليون ريال لم يتم استغلالها بعد، متوقعًا أن يضيف قطاع التعدين نحو 97 مليار ريال للناتج المحلي الإجمالي GDP و90 ألف وظيفة". وبرنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية هو أحد برامج رؤية السعودية 2030 ويهدف إلى تحويل المملكة إلى منصة صناعية ولوجستية عالمية لربط قارات آسيا وأوروبا وإفريقيا، من خلال التركيز على أربعة قطاعات حيوية هي: الصناعة، والتعدين، والطاقة، والخدمات اللوجستية، وذلك عبر نحو 330 مبادرة. وبحسب بعض المسوحات الجيولوجية هناك أكثر من 800 موقع لخام الذهب والفضة و850 موقعًا لخام النحاس و64 موقعًا لخام الرصاص و180 موقعًا لخامات البلاتين والنيكل والكروم واليورانيوم، إضافة إلى ثروات هائلة من الفوسفات والصخور والمعادن الصناعية. ومن هذا المنطلق، استهدفت رؤية السعودية 2030 التي تهدف إلى ضرورة العمل على التخفيف من الاعتماد على النفط، من خلال تنويع الموارد الاقتصادية غير النفطية، النهوض بقطاع التعدين بكونه اقتصادًا واعدًا ومتنوعًا، لتحقيق قيمة اقتصادية مضافة للمملكة. فقطاع التعدين يعتبر ركن أساسي في التحول الوطني وتعمل المملكة على جعله الركيزة الثالثة للاقتصاد السعودي، إلى جانب صناعتي النفط والبتروكيميائيات، والذي لا يزال مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي دون المأمول، إذ لا تتجاوز وفقًا لأعلى التقديرات 2.5 %، وأن المكتشف منها لا يتجاوز 50 % مما هو موجود في باطن الأرض.

وعليه، تستهدف رؤية 2030 رفع الناتج المحلي من قطاع التعدين من 64 مليار ريال في عام 2016، وإلى 97 مليارا بحلول عام 2020م، وزيادة عدد الفرص الوظيفية من 65 ألف موظف حتى 90 ألف موظف في عام 2020م، وفق برامج التحول الوطني، مع العمل على رفع نسبة مشاركة قطاع التعدين في الناتج المحلي الوطني لتتجاوز 5 %، من خلال تكثيف أعمال الكشف عن المعادن، بفتح المجال أمام المستثمرين المحليين والأجانب لدخول المجال للتنقيب عن المعادن.

ولقد ركزت السعودية في البداية على استغلال المعادن التي يمكنها بناء صناعة متقدمة، ومن بينها الفوسفات، الذي يستخدم في مجال الأسمدة المصنعة، وتهتم بشرائه الدول الزراعية أو تلك التي تسعى لتحقيق الأمن الغذائي. وتعتبر مدينة وعد الشمال التي تقع في مُحافظة طريف،أحد أكبر المدن الصناعية التي أنشأتها السعودية والمختصة بالصناعات الفوسفاتية، حيث تهدف المملكة من خلالها أن تصبح ثاني أكبر دولة في العالم لإنتاج الأسمدة الفوسفاتية، من خلال إنتاج 9 ملايين طن سنويًا للأسمدة الفوسفاتية. ويشكل الإنتاج العربي من صخر الفوسفات نحو 75% من الصادرات العالمية، إلا أنه يباع كماده خام لا يتم تصنيعها غالبًا.

وبالتالي فمدينة وعد الشمال سوف تمثل مركزًا عالميًا جديدًا لصناعات الفوسفات ومنطلقًا رئيسًا لتعزيز النهضة الاقتصادية والاجتماعية لمنطقة الحدود الشمالية.

"وعد الشمال" .... إطلالة على المستقبل

في يناير عام 2014م، تجمع عدد من وزراء الحكومة في خيمة صحراوية قرب محافظة طريف أحد محافظات منطقة الحدود الشمالية للسعودية، لتوقيع عقود لإنشاء مجمع صناعي حول منجم فوسفات وسكة حديدية جديدة تصل إلى ميناء على الخليج العربي باستثمارات إجمالية تقدر بأكثر من ٣٦ مليار ريال. وذلك عبر استثمار الاحتياطي الهائل للفوسفات في منطقة الحدود الشمالية المقدر بنحو 2.7 مليار طن، ويمثل حوالي 7 % من المخزون العالمي، خاصة في منطقتي حزم الجلاميد وأم وعال بين عرعر وطريف.

لم يكن أحد يتصور وقتها من أهالي المنطقة الشمالية أن تتطور المدينة الصناعية خلال السنوات الماضية بشكل متسارع، لتكون خلال فترة قصيرة مدينة تعدينية متكاملة تحت مسمى "مشروع وعد الشمال للتعدين"، وأن تعيد الحياة والشريان الاقتصادي من جديد لمحافظة طريف ولمنطقة الحدود الشمالية، آخر محطات الضخ على خط التابلاين سابقًا، بعد أن توقف تصدير النفط عن طريقها قبل أكثر من 50 عامًا، وأصبح مواطنوها وشركاتها تعيش حالة من الركود الاقتصادي. جاء هذا المشروع العملاق ليصل حبلها السري بالاقتصاد من جديد وتكون أولى محطات سلسلة صناعة الفوسفات الوطنية العملاقة.

وفي 28 أغسطس عام 2017م، أعلنت شركة التعدين العربية السعودية "معادن" عن تصدير باكورة إنتاجها من الأسمدة الفوسفاتية من شركة معادن وعد الشمال للفوسفات؛ حيث بلغ حجم الشحنة حوالي 26 ألف طن من أسمدة ثنائي فوسفات الأمونيوم (DAP). وقد تم نقل هذه الكمية الأولى بواسطة سكة حديد الشمال – الجنوب، إلى ميناء رأس الخير، المخصص للصادرات التعدينية، الذي يرتبط بمدينة رأس الخير الصناعية، على الساحل الشرقي للمملكة، ومن ثم تم شحنها من هناك إلى أكثر من 20 دولة حول العالم، ومن بينها؛ آسيا واستراليا ونيوزيلندا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية. ومنذ عام 2017 صدر المصنع أكثر من 1.7 مليون طن من الفوسفات.

وفي نوفمبر عام 2018م، قام خام الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بتدشين المرحلة الأولى ووضع حجر الأساس للمرحلة الثانية باستثمارات تبلغ 85 مليارًا ريال، لتضع المدينة ضمن الخارطة العالمية لصناعات الفوسفات وإحدى أهم عواصم إنتاج وتصنيع الفوسفات في العالم، وباكتمالها واكتمال طاقتها الاستيعابية ستضع المملكة في المركز الثاني عالميًا لإنتاج الأسمدة الفوسفاتية. فمع انتهاء المرحلة الأولى سوف ترتفع الطاقة الاستيعابية للمصنع من 3 ملايين طن إلى 6 ملايين طن سنويًا. ومع اكتمال المرحلة الثانية سيترفع إنتاج السعودية من الفوسفات إلى 9 ملايين طن سنويًا. وهذا يعني تعزيز الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للمملكة بمقدار 24 مليار ريال، أي 6.4 مليار دولار، سنويًا، أو ما يعادل نحو 3%.

تحقيق التنمية المناطقية المستدامة

نظمت الغرف التجارية والصناعية بعرعر في 16 مارس 2019م، «المنتدى الاقتصادي الأول بالمنطقة»، تحت عنوان «منطقة الحدود الشمالية فرص استثمارية واعدة»، بحضور عدد من الوزراء والجهات الحكومية. وتناول المنتدى دور القطاع الحكومي في دعم التنمية الاقتصادية وتسليط الضوء على المزايا التنافسية والصناعات الوطنية وتنمية المحتوى المحلي، والمساهمة في تسويق الفرص الاستثمارية وتحفيز المنشآت الصغيرة والمتوسطة، والمساهمة في إيجاد الوظائف لأبناء وبنات المنطقة. وخلال المنتدى استعرضت الغرفة الخريطة الاقتصادية للمنطقة حتى عام 2030، والتي اهتمت بحصر أهم الفرص الاستثمارية الواعدة في المنطقة حسب القطاعات (القطاع التجاري، الصناعي التعديني، الزراعي، القطاع التعليمي والصحي والعقاري والسياحي، وقطاع النقل، وقطاع الترفيه، وقطاع الطاقة)، آخذين في الاعتبار رؤية المملكة 2030 ومبادرات التحول الوطني 2020، والمشروعات الاستراتيجية في المنطقة كمشروع وعد الشمال، مشروع معدن الفوسفات، مشروع قطار " سار " الشمال – الجنوب. وقد خلصت نتائج الدراسة إلى أن هناك أكثر من "85" مجالا وفرصة استثمارية يمكن الاستفادة منها. وبالتالي فمشروع "وعد الشمال" بالإضافة إلى مشروعي سكاكا للطاقة الشمسية وهو الأكبر عالميًا ومشروع طاقة الرياح في دومة الجندل وكلها مشاريع تقام في المنطقة الشمالية سوف تسهم بلا شك في تنمية المنطقة اقتصاديًا واجتماعيًا وتساهم في تحقيق التوازن التنموي في مناطق المملكة كافة. وقد سبق تجربة "وعد الشمال" تجارب صناعية سعودية كبرى مثل بناء مدن رأس الخير والجبيل وينبع الصناعية والتي ساهمت في تنمية تلك المناطق وأصبحت عنصر جذب للاستثمارات وخلق فرص عمل عديدة.

فعلى الرغم من المزايا النسبية لمنطقة الحدود الشمالية كالأراضي البيضاء الشاسعة وسهولة الوصول إلى الدول المجاورة شمالًا الأردن وسوريا وتركيا وصولًا إلى أوروبا، وإلى دول الخليج العربي كافة حتى عمان جنوبًا، إلا أن الدعم الاقتصادي في السابق كان ضعيفًا علاوة على أن 90% من دعم صندوق التنمية الصناعي ذهب إلى المناطق الرئيسية في المملكة كالرياض وجدة والدمام، في حين لم تحصل الحدود الشمالية على 1% من هذا الدعم. وبالتالي فمشروع وعد الشمال الذي يبعد عن مدينة طريف 15 كيلومترًا وعن القريات 180 كيلومترًا، ويتواجد أكثر من 220 ألف نسمة في المدينتين، سوف يساهم في تهيئة بيئة عمرانية جاذبة للاستثمارات العالمية في مجالات اقتصادية متخصصة، من خلال توفر الخدمات وتطوير البنى التحتية وتوفير مشروعات تنموية للبلد ممثلة في المراكز التجارية والترفيهية والمستشفيات وغيرها من الخدمات، مما ينعكس إيجابًا على سكان المنطقة ويجعلها محور استقطاب للاستثمارات والخبرات والمشروعات المتنوعة. كما أن المشروع سوف يخلق فرص عمل حقيقية لشباب المنطقة. فبحسب التصريحات الرسمية إن المشروع عند اكتماله سوف يخلق فرص عمل تفوق 30 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة. وكل ذلك سوف يساهم في خلق فرصًا استثمارية متنوعة ما يُحد من هجرة السكان ويساهم في عودة كثير من أهل المنطقة الذين يعملون في مناطق المملكة الرئيسية الرياض، جدة ، المنطقة الشرقية وسيؤدي ذلك إلى تخفيف الضغط على المدن الرئيسية وبالتالي يحقق التنمية المناطقية المستدامة. يقول الدكتور إحسان أبو حليقة، رئيس مركز «جواثا» الاستشاري لتطوير الأعمال، لـ«الشرق الأوسط»: إن "(وعد الشمال) بداية لمدينة جديدة تؤكد ما قامت به السعودية منذ 8 عقود من الاستفادة من البترول لبناء عقد من المدن في المنطقة الشرقية، في كل من الظهران، والخبر، والدمام، ونجدها الآن أيقونات الخليج العربي، واليوم سنشهد في (وعد الشمال) قرب مدينة طريف، إطلاق مدينة تقوم على ثروة معدنية كبيرة، وسنجدها بعد عقود قليلة مدينة كبيرة حيوية تضج بالحياة، وتولد مزيدًا من القيمة الإضافية للاقتصاد الوطني".

وكانت مدينة وعد الشمال قد سجلت سبقًا خلال المرحلة الإنشائية الأساسية للمشروع من خلال إيجاد فرص عمل وتدريب للكوادر البشرية من أبناء وبنات المنطقة. حيث قامت شركة التعدين العربية السعودية "معادن" بتأهيل وتدريب واستقطاب ما يقارب 3000 موظف سعودي للعمل في المشروع بلغت نسبة أبناء المنطقة منهم نحو 85 %، يشغلون وظائف هندسية وفنية وإدارية وهم من خريجي جامعات الشمال وباقي مناطق المملكة والثانوية العامة، وهي أرقام في نمو مستمر، مواكبة مع ما تشهده المدينة من حراك مستقبلي لدى اكتمال مراحلها. يقول الخبير الاقتصادي فضل البوعينين أن مدينة «وعد الشمال» الصناعية جمعت " بين التنمية المناطقية، والتنمية الصناعية التي يُهدف من خلالها توسيع القاعدة الإنتاجية، وتنويعها، وتحقيق الاستثمار الأمثل للموارد المتاحة، وتحقيق هدف تنويع مصادر الدخل من خلال الاعتماد على الصناعة، وتفعيل قطاعات الاقتصاد المهمة كخيار استراتيجي يمكن أن يحقق هدف التنمية المستدامة وبشراكة مثمرة وعميقة بين القطاعين الحكومي والخاص".

إن سعي الحكومة إلى إنشاء المشاريع الكبرى والمدن الصناعية في كافة مناطق المملكة، يؤكد عزم الحكومة على تحقيق التنمية الشاملة المستدامة في مناطق المملكة كافة واستهداف المناطق الأقل نموًا، وتطوير بنيتها التحتية واستكمال خدماتها وتعزيز اقتصادها للاستفادة من العديد من المزايا غير المستغلة في العديد من مناطقها لتسهم في توفير الفرص الوظيفية ويساعد في بروز المملكة كوجهة مفضلة للاستثمارات العالمية.

تحقيق الأمن الغذائي العالمي

يأتي إنشاء مدينة «وعد الشمال» الصناعية، في ظل تقديرات منسوبة إلى منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، تبين أن إنتاج الغذاء العالمي بحاجة إلى أن يرتفع بنسبة 70%، وأن يتضاعف في البلدان النامية، وذلك لتلبية الاحتياجات المتوقعة لسكان العالم الذين سيبلغ تعدادهم 9 مليارات نسمة بحلول عام 2050م. وعليه؛ فستظل هناك حاجة إلى رفع إنتاجية الأسمدة الفوسفاتية لمقابلة هذا الطلب المتزايد على الغذاء. وبالتالي فالأسمدة الفوسفاتية السعودية التي تنتجها من خلال مشروع وعد الشمال أو غيرها تساهم بشكل أساسي في الأمن الغذائي العالمي ومواجهة الطلب المتزايد على الأسمدة المستخدمة في زراعة المحاصيل الزراعية وتوفير الغذاء للشعوب. فإن إنتاج شركة معادن من الأسمدة الفوسفاتية التي تشرف على مشروع وعد الشمال يسهم في تسميد حوالي 70 مليون هكتار من أراضي زراعة الحبوب، التي يقدر إنتاجها بنحو 200 مليون طن من الحبوب تكفي لغذاء حوالي 500 مليون إنسان سنويًا.

ولقد نجحت السعودية في تعزيز مكانتها في الأسواق العالمية في أكثر من 20 دولة حول العالم بما في ذلك السوق الهندية الواعدة، كلاعب رئيس في إنتاج وتسويق الأسمدة الفوسفاتية بمعايير عالمية. حيث وقعت شركة "معادن" في 21 فبراير 2019م، مذكرتي تفاهم لتوريد خمسة ملايين طن من الأسمدة الفوسفاتية إلى الأسواق الهندية مع شركتي “IPL "و “KRIBHCO " بنحو ملياري دولار ولمدة تعاقدية تصل إلى خمس سنوات، وذلك ضمن زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى جمهورية الهند. وتحتل السعودية المصدر الأكبر للسوق الهندي بحصة تسويقية تبلغ 30% في عام 2018م.

كما أن الزراعة في بنغلاديش تعتبر القطاع الأكبر للاقتصاد نظرًا لأنه يضم حوالي 30 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي في البلاد ويوظف نحو 60 ٪ من إجمالي القوى العاملة، فأداء هذا القطاع له تأثير ساحق على الأهداف الاقتصادية الكلية الرئيسية مثل توليد العمالة وتخفيف حدة الفقر وتنمية الموارد البشرية والأمن الغذائي. وبالتالي حرصت السعودية أن يكون لها تواجد قوي في بنغلاديش. وفي 22 اكتوبر 2017م، وقعت شركة "معادن" عقدًا مع وزارة الزراعة البنغلاديشية ومؤسسة التطوير الزراعي المملوكة لحكومة بنغلاديش، توفر الشركة بموجبه لصالح المؤسسة أسمدة ثنائي فوسفات الأمونيوم خلال عام 2018م على أن يكون بداية لعلاقة طويلة الأمد مع بنغلاديش.

كما حرصت السعودية على تعزيز حضورها في السوق الإفريقية باعتبار أن 24% من الأراضي الزراعية في العالم تقع في إفريقيا، ما يجعل هذه المنطقة مركزًا للأمن الغذائي العالمي في المستقبل، ووفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، سجل الإنتاج الزراعي في إفريقيا أخيرًا نموًا بمقدار 18%، ما يشير بوضوح إلى الحاجة المتزايدة للأسمدة الفوسفاتية في هذه القارة. وفي الوقت ذاته تتعرض القارة لموجات من المجاعات بسبب الجفاف والتي ألحقت أضرارًا بعشرات الآلاف من الأفدنة المزروعة في عدة دول إفريقية منها موزمبيق وملاوي وزيمبابوي وليسوتو وزامبيا. وبالتالي قدمت شركة معادن العديد من المبادرات على مستوى إفريقيا بهدف توعية المزارع الإفريقي وإرشاده لأفضل التطبيقات لاستخدام الأسمدة. وفي مؤتمر «آرقوس إفريقيا» السنوي التاسع للأسمدة، الذي احتضنته العاصمة الإثيوبية أديس ابابا في الفترة بين 26 إلى 28 فبراير 2018م، بمشاركة 520 مشاركًا، يمثلون كبرى الشركات الرائدة في صناعة الأسمدة والموزعين في 65 دولة وبرعاية شركة معادن، استعرضت الشركة المزايا التنافسية التي تملكها في القارة الإفريقية، وقدرتها على تلبية الطلب المتزايد من الأسمدة في إفريقيا والعالم. وفي ابريل 2019م، أعلنت شركة معادن عن استحواذها على مجموعة ميرديان الإفريقية الرائدة في مجال توزيع الأسمدة في جنوب شرق إفريقيا حيث توزع ما يقرب من نصف مليون طن من الأسمدة في ملاوي وموزمبيق وزيمبابوي وزامبيا، وتمتلك أصولا تتمثل في مصانع الحبوب للأسمدة وخلطها ومجمعات التخزين ومرافق الموانئ في بيرا ناكالا ، موزمبيق، كما تملك العلامة التجارية الرائدة في مجال الأسمدة " Superfert" والتي أثبتت أنها أحد أهم محفزات الإنتاج الزراعي في المنطقة، فضلا عن تمتعها بقاعدة ضخمة من العملاء ويرجع ذلك لجودة مخرجاتها الإنتاجية. ولا تقتصر شبكة تصدير منتجات معادن من الفوسفات ومشتقاته إلى الدول الآسيوية وشرق إفريقيا بل شملت كذلك استراليا ونيوزيلندا وجنوب أميركا(اللاتينية).

يقول دارين ديفيس، الرئيس وكبير المدراء التنفيذيين في شركة التعدين العربية السعودية "معادن"، إن مدينة وعد الشمال وصناعاتها في مجال الفوسفات سيكون لها دور أساسي في تحقيق الأمن الغذائي العالمي، وتلبية احتياجات العالم من الأسمدة الفوسفاتية اللازمة لنمو آلاف الهكتارات الزراعية، وستزيد الأسمدة الفوسفاتية المصدرة من صادرات المملكة العربية السعودية غير النفطية، لتزيد من تنافسية السعودية في مؤشر التنافسية العالمي. وعليه فهذا الصرح الكبير بوصوله إلى إنتاج 9 ملايين طن من الأسمدة الفوسفاتية سوف يضع السعودية على خريطة الدول المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي العالمي الذي تسعى إليه الأمم المتحددة للقضاء على الجوع في العالم، من خلال تلبية الطلب المتزايد للمزارعين حول العالم لمنتجات الأسمدة الزراعية ذات الجودة العالية، لتصل إلى أسواقهم المحلية في المواسم المستهدفة. وبالتالي ترفع خصوبة التربة ومقدار الإنتاجية وتصحيح التوازن بين الكميات، ما يعني استصلاح مزيد من الأراضي الزراعية وزيادة دخل المزارعين، وتوفير فرص عمل، وتحريك العجلة الاقتصادية في عدد من دول العالم، إضافة إلى مساعدة الحكومات على توفير الغذاء لشعوبها. وقد بلغت الزيادة في الإنتاج بسبب إضافة الأسمدة، حوالي ربع إنتاج المحصول العالمي.

غني عن القول إن عزم الدولة على استغلال مواردها المعدنية الغنية بالمواد الأولية، واستثمارها ضمن رؤية السعودية 2030، سوف بلا شك يكون رافد حقيقي للاقتصاد السعودي بعوائد كبيرة ويعزز من قوته ويزيد من كفاءته، كونه الشريان الذي يغذي الصناعات الأساسية والتحويلية والتي تدخل منتجاتها في جميع المستلزمات والمنتجات الحياتية. ولعل من أهم مشاريع الصناعات التعدينية، هو مشروع وعد الشمال الذي سوف يجعل السعودية واحدة من أهم الدول المنتجة والمصدرة للأسمدة في العالم. وبالتالي يزيد من صادرات السعودية غير النفطية، مما يعني تعزيز الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للمملكة، لتزيد بذلك من تنافسية السعودية في مؤشر التنافسية العالمي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*مدير إدارة الدراسات الاستراتيجية والأمنية ـ الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية ـ كاتب سياسي وباحث في العلاقات الدولية

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

هوامش

 

  1. صحيفة مال الاقتصادية، 19/5/ 2019

https://www.maaal.com/archives/20181120/115127

  1. موقع رؤية 2030

https://vision2030.gov.sa/ar/NIDLP

  1. ابراهيم عبد الرحمن العثيمين، وعد الشمال عاصمة الفوسفات العالمية، جريدة اليوم، 30/11/2018
  2. https://www.alyaum.com/articles
  3. أحمد طاهر، الاستثمار التعديني في «رؤية 2030»... قطاع اقتصادي واعد، مجلة العرب اللندنية ، 23/12/ 2016

https://alarab.co.uk

  1. جريدة الوطن، 22/9/2014

https://www.alwatan.com.sa/article/

  1. موقع العربية، 28/8/2017

https://www.alarabiya.net/ar/aswaq/companies/2017/08/28-

https://www.alarabiya.net/ar/aswaq/

  1. جريدة الرياض، 22/11/2018

http://www.alriyadh.com/1720096

  1. جريدة الوطن، 16/3/2019

https://www.alwatan.com.sa/article/402204

  1. جريدة الرياض، 19/3/2019

http://www.alriyadh.com/1744391

  1. سعد بن راجح المنيعي، ماجد بن محمد بن ظفرة، المزايا التنافسية لمناطق المملكة العربية السعودية، مركز البحوث والتواصل المعرفي، 2017
  2. موقع شركة التعدين العربية السعودية "معادن"

https://www.maaden.com.sa/ar/news_details/320

  1. جريدة اليوم ، 21/11/2018

https://www.alyaum.com/articles/

  1. جريدة الرياض ، 1/10/2011

http://www.alriyadh.com/671622

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مجلة آراء حول الخليج