array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 141

التصعيد في الخليج: وضوح المشكلة وغياب الحل

الإثنين، 09 أيلول/سبتمبر 2019

الصراع في منطقة الخليج العربي ليس طارئًا، أو مؤقتًا، بل هو سمة من سمات هذه المنطقة منذ القرنين الرابع عشر والخامس عشر الميلاديين، وبدأ مع الاستعمار القديم منذ وصول الاستعمار البرتغالي إلى المنطقة وإفريقيا وشبه القارة الهندية في عام 1500م، حيث بدأ البرتغاليون قطع طرق التجارة العربية من وإلى الهند، ثم جاء الاستعمار الهولندي، ومن بعده حطت بريطانيا رحالها في المنطقة حتى مطلع سبعينيات القرن العشرين، وفي كل هذه الحقب ظل عدم الاستقرار هو السمة الغالبة على المنطقة ثم ازداد بعد ظهور النفط. لكن ارتفعت وتيرة الصراع بصورة غير مسبوقة إثر قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979م، ثم ارتفعت وتيرتها بعد سقوط نظام الرئيس صدام حسين في العراق عام 2003م، ثم ازدادت حدتها بعد أحداث ما يسمى بالربيع العربي التي انطلقت شرارتها مع مطلع عام 2011م.

الجوار الجغرافي بين إيران ودول الخليج العربية وبقية دول المنطقة قديم وليس بالجديد، وشهد هذا الجوار تعايشًا على ضفتي الخليج لقرون عديدة دون عداء سافر كالذي ظهر مؤخرًا، وتحديدًا منذ قيام الثورة في إيران، وهنا يأتي السؤال لماذا تحول الجوار إلى عداء بعد قيام الثورة الإسلامية في إيران؟

الإجابة على هذا السؤال ببساطة شديدة هي أن إيران قبل عام 1979م، غير إيران بعد هذا العام. إيران الشاهنشاهية كانت تسعى للهيمنة بطرق وأدوات غير إيران ما بعد الثورة، وإن كانت الأهداف متقاربة لكن الأدوات متباعدة، إيران ما بعد ثورة الخميني حسمت توجهاتها الإقليمية والعالمية وأقامت سياستها الخارجية على عدة مرتكزات هي "مرتكزات عقائدية طائفية وأيدولوجية، مع بناء القوة العسكرية التي تمكنها من نشر عقيدتها السياسية والدينية والقومية" .. إيران وضعت نفسها في موضع المسؤولة عن المذهب الشيعي الاثنى عشري في العالم، وتسعى لتصديره إلى كافة أنحاء العالم الإسلامي، مع تصدير نظام الولي الفقيه الذي يتيح لها السيطرة على العالم الإسلامي أو على الأقل السيطرة على أتباع المذهب الشيعي الذي أخذت تتوسع في نشره خاصة في الدول الإفريقية ودول آسيا الوسطى، تحت غطاءات مختلفة وباستخدام أدوات متباينة تتمثل في استخدام شعار "حب آل البيت" والمراكز الثقافية المصحوبة بالمساعدات المالية للدول الإسلامية الفقيرة، مع استخدام شعارات براقة تدغدغ مشاعر الشارع الإسلامي ومنها إعلان العداء لأمريكا وإسرائيل ومحاولة الظهور بالمدافع عن القضية الفلسطينية ودعم حركات التحرر الفلسطينية، وفي الوقت نفسه عمدت إلى تطويق الدول العربية، والتشكيك في سياساتها خاصة تجاه قضايا الأمة الإسلامية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، مع محاولات لتصدعها من الداخل بالفتن الطائفية والمذهبية.

من حيث ركيزة القوة، فإيران عمدت مبكرًا إلى امتلاك السلاح النووي، كسلاح ردع ومظلة هجومية ودفاعية على قاعدة من يمتلك السلاح النووي يأمن الهجوم عليه، وجاء ذلك تحت سياسات خفية أو معلنة، أو عبر الاستقطاب واستغلال الصراع بين القوى الكبرى ،  خاصة روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى الصين وكوريا الشمالية، الذي قابله حالة الفراغ التي شملت المنطقة العربية بعد أحداث ما يسمى بـ "ثورات الربيع العربي" ، كما استثمرت إيران الطائفية وجعلت منها أذرعًا عسكرية وميليشيات مسلحة لخلخلة العمق العربي من الداخل وهذا ما حدث بالنسبة لميليشيات حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، والحشد الشيعي في العراق، والتواجد العسكري للحرس الثوري الإيراني في سوريا.

الصراع الذي تقوده إيران هو في حقيقته صراع قومي مغلف بالطائفية، فتريد إحياء الإمبراطورية الفارسية بعباءة إسلامية شيعية حتى تجذب الشيعة العرب وغير العرب إلى جانبها في هذا الصراع الممتد والذي يبدو أنه سوف يستمر ما استمر نظام الملالي في طهران الذي يوظف "التقية" في كل سياساته، أي يظهر غير ما يبطن، ويحكم بالطائفية المقيتة حيث يستبعد كل مكونات الشعب الإيراني من غير الشيعة في التوظيف والحياة الكريمة عبر القهر والظلم والإبادة الجماعية لأي فئة تطالب بحقوقها في إيران، مع رفع شعار المظلومية التاريخية للشيعة كما تدعي طهران.

النظام الإيراني يظل يسوف ويماطل حتى امتلاك القنبلة النووية ـ وهي ليست بعيدة ـ  مع امتلاكه بالفعل منظومة صاروخية باليستية قادرة على حمل رؤوس نووية، مع تغلغله في دول المنطقة عبر الميليشيات التي تدين بالولاء والطاعة لهذا النظام، بينما المجتمع الدولي لم يحسم أمره تجاه السياسة الإيرانية في المنطقة بشكل قاطع، فالبعض في المنطقة يتهم المجتمع الدولي بعدم الرغبة في الحسم، والبعض يتهم الدول الكبرى بالانقسام والتخاذل، ويذهب البعض الآخر بعيدًا ويتهم دولًا كبرى بالتواطؤ وغض الطرف عن السلاح النووي الإيراني، بل هناك من يدعمها باليورانيوم ومعدات وأدوات التخصيب.

الحلول تكمن في عدم تمكين إيران من امتلاك السلاح النووي، وإخلاء منطقة الشرق الأوسط من هذا السلاح الفتاك وكافة الأسلحة القذرة الأخرى التي سوف تفتح الباب على مصراعيه للسباق النووي وهو ما لا نريده للمنطقة، وهنا يجب أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته تجاه إيران، وأن تتخذ الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي القرارات المناسبة والتي تعتمد على الفصل السابع لتنفيذ القرارات الدولية الصادرة بحق إيران،  وأن يكون دور القوى الكبرى في العالم أو الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن التي تستخدم حق النقض "الفيتو" واضح وأمين ولصالح السلم والأمن الدوليين، ولإبعاد شبح الحروب عن  منطقة الخليج وتهدئة الصراع والاحتدام ونبذ القلاقل والفتن في هذه المنطقة، دون تطبيق المعايير المزدوجة، أو العودة للاستقطاب كما كان الحال خلال الحرب الباردة، حيث يطفو على السطح صراع جديد بين القوى الكبرى حاليًا من أجل التأسيس لنظام دولي جديد متعدد الأقطاب حتى ولو على حساب شعوب ودول منطقة الخليج والمنطقة العربية.

وعلى دول المنطقة أن تعي خطورة ما يحدث والعمل على تأسيس سياسة واضحة على الصعيدين السياسي والدفاعي لتثبيت الاستقرار في المنطقة سواء عبر القنوات الدبلوماسية، أو عبر كيانات دفاعية قوية.

مقالات لنفس الكاتب