array(1) { [0]=> object(stdClass)#12958 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 142

تداعيات الهجوم الإرهابي على منشآت "أرامكو" قصيرة الأجل ولا تقتضي تعديلا ً

الثلاثاء، 08 تشرين1/أكتوير 2019

تأتي الهجمات العسكرية التي طالت منشآت شركة أرامكو والمتمثلة بمنشأتي بقيق أكبر معمل في العالم لتكرير النفط وخريص المجاورة، حيث يوجد حقل نفطي كبير في شرق السعودية يقدر إنتاجه بـــ (1.2) مليون برميل يوميًا من النفط العربي الخفيف، أحد اشكال الإرهاب الاقتصادي الذي له تداعيات خطيرة على أسواق الطاقة العالمية ومن ثم على الاقتصاد العالمي لاسيما إذ عملنا بأن هذه الهجمات أدت إلى توقف إنتاج نحو (5.7) ملايين برميل يوميًا أي (50%) من إنتاج النفط السعودية أو (6%) من الإنتاج العالمي للنفط الخام، وهو بذلك أكبر تراجع في تاريخ الصناعة النفطية في العالم يتخطى حتى انخفاض الإنتاج بمقدار(5.6) ملايين برميل يوميًا أثناء الثورة الإسلامية في إيران عامي 1978 و1979م. وسجلت أسعار نفط برنت ارتفاعًا حادًا بلغ 15% في يوم واحد على إثر هجمات في 14 سبتمبر استهدفت منشآت نفطية لشركة "أرامكو" في السعودية، تسببت بخفض الإنتاج النفطي السعودي إلى النصف وأن الأسعار لامست (72) دولارًا يوم 16 سبتمبر 2019م، مُسجلة أكبر ارتفاع خلال الجلسة نفسها منذ عام 1991م، وحرب الخليج وعادت الأسعار إلى التراجع بعد ذلك وصولاً إلى حوالى 65 دولارًا للبرميل يوم الجمعة 20 سبتمبر وفي ظل تباطؤ الاقتصاد العالمي ووفرة النفط المنتج في العالموتراجعت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت 40 سنتًا إلى 64.37 دولارًا للبرميل في 24 سبتمبر 2019م، بينما بلغت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 58.31 دولارًا منخفضة 33 سنتًا، ومن المتوقع أن تنخفض أكثر في ظل التوقعات بتراجع درجة التصنيع في اليابان وبعض الاقتصادات الأوروبية.

كما أدت هذه الهجمات إلى توقف إنتاج كمية من الغاز المصاحب المقدر بنحو ملياري قدم مكعب في اليوم، تستخدم لإنتاج (700) ألف برميل من سوائل الغاز الطبيعي مما سيؤدي إلى تخفيض إمدادات غاز الإيثان وسوائل الغاز الطبيعي بنسبة تصل إلى نحو (50%).

     وتجدر الإشارة إلى أن الدول الكبرى في آسيا تعتمد بشكل كبير على النفط السعودي، حيث تستورد الصين على سبيل المثال (1.7) مليون برميل من النفط الخفيف أو نحو (25%) من صادرات المملكة العربية السعودية، وتمتك الصين في الوقت الحاضر احتياطي استراتيجي يبلغ (325) مليون برميل من النفط الخام يغطي واردات نحو (33) يومًا وطبقًا لشركة سيا أنرجي الاستشارية، أن الخام العربي الخفيف والخفيف جدًا يمثلان حوالي ثلث واردات الصين من النفط السعوديوصدرت خلال العام المنتهي في مارس 2018م، نحو (16.7%) من إجمالي الواردات الهندية.وتعتمد اليابان على نفط السعودية لتأمين نسبة (35%) تقريبًا من إمداداتها النفطية.

     ويتوافر لدى المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة والصين مخزون استراتيجي يقدر بمئات الملايين من براميل النفط. وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الأحد الموافق 15 سبتمبر 2019م، إنه سمح بالسحب من مخزون النفط الأمريكي الاستراتيجي. وتنصح وكالة الطاقة الدولية التي تنسق سياسات الطاقة في الدول الصناعية الدول الأعضاء بأن يكون لديها مخزون يعادل صافي وارداتها من النفط لمدة 90 يومًا، وأن المسؤولين في أوبك بحثوا تطورات سوق النفط مع وكالة الطاقة الدولية، وأبديت كلا المؤسستين عن رضاهما عن” سيطرة السلطات السعودية التي لديها مخزونات استراتيجية على الموقف من خلال تأمين طلبات التوريد للنفط من هذه المخزونات، علاوة على إجراء عمليات شراء من مصادر أخرى بهدف سد أي ثغرة تحول دون استكمال تلبية طلبات التوريد للنفط أو المشتقات النفطية.

     ومن العوامل الأخرى التي ساهمت في خلق أجواء طمأنة أسواق الطاقة العالمية علاوة على تصريح وزير الطاقة السعودي وجود تخمة فائضة في المعروض من النفط الخام والتباطؤ في النمو في الاقتصاد العالمي الذي يحد من الطلب على الخامات النفطية، يضاف إلى هذه العوامل نمو الإنتاج الأمريكي من النفط الصخري الذي ساهم في رفع الإنتاج الإجمالي للولايات المتحدة إلى (12.8) مليون برميل. وفقًا لبيانات نشرتها صحيفة Wall street.وفي شأن توجهات المضاربين على النفط يرى بنك كويرتس الألماني، أن الخلاف التجاري الصيني الأمريكي وما تمخض عنه من مخاوف بحدوث ركود اقتصادي وتباطؤ الطلب على النفط وصعود الدولار أكثر مما متوقع، سيكون هو العامل المؤثر على الأسعار ومن المرجح أن يضغط على أسعار النفط في الفترة القادمة، وأن الاتجاه الصعودي لسعر النفط الناجم عن الهجمات على منشأتي النفط في السعودية ليس مستدامًا، وخفض توقعاته لعام 2020م، لناحية أسعار النفط الخام، مشيرًا إلى تدهور العوامل الأساسية بما في ذلك تباطؤ نمو الطلب العالمي.

       وبالرغم من أن معظم الدول الرئيسية المستهلكة للنفط تملك مخزونًا هائلاً يسمح بتلبية المتطلبات الفورية، فإن الشركات تضع بالفعل خطط الشحنات لأسابيع وأشهر قادمة بهدف التعويض عن النقص في الخام الخفيف والمنتجات المكررة وفق متعاملون في السوق، ارتفع نشاط حجز السفن وأسعار إيجارها للشحنات القادمة من الساحل الأمريكي على خليج المكسيك منتصف شهر سبتمبر الحالي، ويشهد الخام الأمريكي الحاضر بامتداد خليج المكسيك والذي يمكن تصديره بسهولة طلبًا قويًا لترتفع العلاوات السعرية إلى معدلات غير مسبوقة منذ يونيو المنصرم. وأن نافذة تصدير الخام الأمريكي ستفتح على مصراعيها ومن المرجح أن تُرى كميات قياسية من الصادرات الأمريكية.

   ونستطيع القول بأن الأسعار لن ترتفع إلى معدلات تثير القلق وذلك نتيجة لتوفر المعروض علاوة على الخزين الاستراتيجي، حيث أن الولايات المتحدة وروسيا قادرة على معالجة أي نقص في الإمدادات العالمية للنفط الخام خلال الفترة القادمة. كما أن المخزون السعودي الضخم يحمي سوق النفط من صدمة المعروض النفطي، وبالفعل استخدمت أرامكو خزينها للإيفاء بالتزاماتها لتوريد النفط للأسواق الآسيوية من مخزوناتها داخل السعودية، كما أنها تمتلك مواقع للتخزين أخرى خارج المملكة في روتردام، وسيدي كرير بمصر، وأوكيناوا في اليابان.

جدول (1) الخزين الاستراتيجي من النفط الخام في الدول الرئيسة المنتجة والمستهلكة للنفط “مليون برميل "

 

الدولة

كمية المخزون الاستراتيجي

الملاحظات

1

الولايات المتحدة

644

يعادل إنتاج الولايات المتحدة في (52) يومًا

2

الصين

325

يغطي واردات الصين لـــ (33) يومًا

3

اليابان

324

يغطي الاستهلاك المحلي لــ (235) يومًا

4

السعودية

188

يعادل طاقة المعالجة في بقيق لمدة (37) يومًا

5

كوريا الجنوبية

92

تغطي حوالي (90) يوما من احتياجات كوريا الجنوبية من النفط.

المصدر: من إعداد الباحث بالاعتماد على مصادر متنوعة

أولاً- الآثار على الاقتصاد السعودي:

ما من شك سيكون للهجوم الإرهابي على منشآت أرامكو للنفط آثار مالية تنعكس سلبًا على جملة من المتغيرات الاقتصادية يمكن إيجازها بالآتي:

1)    الآثار على النمو الاقتصادي:

     يعتمد النمو في الاقتصاد السعودي على الناتج المحلي الإجمالي الذي يولده قطاع النفط الذي تأثر إنتاجه نتيجة للهجمات العسكرية الذي أفقدت المملكة عملاق النفط العالمي أكثر من نصف إنتاجها من النفط والتي يحتاج وفق المصادر السعودية إلى شهر على الأقل لكي يستعيد عافيته ويرجع إلى مستواه قبل فجر الاعتداء يوم السبت الموافق 14 سبتمبر 2019م، والبالغ (9.8) مليون برميل نفط، الأمر الذي سينعكس سلبًا على النمو الاقتصادي الذي يقدر وفق تقديرات صندوق النقد الدولي بنحو (1.9%) مقارنة بمعدل نمو بلغ (2.1%) في العام 2018م، وذلك بسبب الانخفاض في إنتاج النفط الخام.

   وعمومًا تبقى هذه التقديرات للنمو الاقتصادي السعودي عرضة للتقييم خلال الربع الأخير من العام 2019م، على ضوء عملية إعادة الـتأهيل للمنشأتين النفطيتين، وعودة طاقة الإمداد للنفط السعودي إلى سالف عهدها قبل الاعتداء والتي قد تستغرق أسابيع.

2)    الآثار على الصادرات والموازنة العامة

       تشكل صادرات المملكة العربية السعودية من النفط نحو ثلثي الإيرادات العامة للمملكة، وشكلت الإيرادات النفطية (67%) تقريبًا في موازنة عام 2018م، كما تعاني الموازنة العامة للمملكة من عجز مالي لعام 2019م، يقدر بحوالي (131) مليار دولار، وبلغت الإيرادات النفطية السعودية (395.1) مليار ريال خلال النصف الأول من عام 2019م، مقارنة بحوالي (408) مليار ريال في نفس الفترة من العام المنصرم، أي بنسبة تراجع تقدر بـــ (4%)، وشكلت الصادرات النفطية نحو (77.9%) من إجمالي الصادرات السعودية خلال شهر يونيو 2019م. وكانت إيرادات السعودية من الصادرات النفطية قد شهدت ارتفاعًا ملحوظًا العام 2018م، بنسبة (36%) أي بما يعادل حوالي (230) مليار ريال، لتصل إلى (868.4) مليار ريال، مقابل (638.4) مليار عام 2017م.

   من المتوقع أن تؤثر الهجمات على المنشآت النفطية للسعودية، بشكل سلبي على الإيرادات العامة للمملكة ومن ثم تخلق مصاعب للموازنة العامة وتزيد من حجم عجزها المالي، ووفقًا لبيانات وزارة المالية السعودية، فقد بلغ عجز الموازنة العامة خلال الشهور الستة الأولى من العام 2019م، (5.7) مليار ريال أي (1.5) مليار دولار مقارنة بـــ (41.7) مليار ريال (11.11) مليار دولار في الفترة المناظرة من عام 2018م. كما وصل الدين العام إلى (627.8) مليار ريال (167.4) مليار دولار مع نهاية النصف الأول لعام 2019م، بالمقارنة (559.9) مليار ريال (149.2) مليار ريال في نهاية العام 2018م.

3)    الآثار على الأسواق المالية:

     هبطت أسعار البورصة السعودية في بداية التعامل بعد يوم من الهجمات المسلحة على منشآت شركة أرامكو بنحو 3%، ثم بعد ذلك تقلصت خسائرها في الأغلاق، ورغم ذلك جاءت البورصة السعودية الأكبر في العالم العربي في مقدمة الأسواق الخاسرة مع هبوط مؤشرها الرئيسي " تاسي" بنسبة (1.05%) إلى (7749) نقطة لتتخلى عن جميع مكاسبها المحققة خلال العام الحالي، بضغط رئيسي من هبوط أسعار البتروكيماويات، وانخفضت أسهم (143) شركة من إجمالي عدد الشركات المدرجة في السوق المالي السعودي، البالغ (193) شركة.وانخفض مؤشر سوق الأسهم السعودية "تداول" حوالي (2٪)، الأحد الموافق 15 سبتمبر 2019م، بأول يوم من التداول عقب هجمات استهدفت معملي نفط لأرامكو في بقيق بالمملكة العربية السعودية، كما انخفض مؤشر دبي الرئيسي بنسبة (1٪) أيضًا في الساعة الأولى، وهبط مؤشر بورصة قطر بنسبة ثلث نقطة مئوية فقط.

ثانيًا- التداعيات المستقبلية للهجمات الإرهابية على استقرار أسواق وأسعار الطاقة:

     بداية نقول بأن حجم الضرر الذي أصاب أسواق الطاقة العالمية لم يكن مؤثرًا جدًا مثلما توقع الكثيرون وذلك بسبب قلة الطلب العالمي الناجم عن حالة الركود الاقتصادي الذي يمر بها الاقتصاد العالمي نتيجة للحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وكذلك تراجع عمليات التصنيع في بعض الدول الأوروبية واليابان، علاوة على وجود طاقات فائضة تقدر بنحو (3.6) مليون برميل من النفط، وكذلك دخول لاعبين جدد في السوق النفطية كالولايات المتحدة التي تنتج اليوم أكثر من (12) مليون برميل من النفط يوميًا والعراق الذي يستطيع أن ينتج قرابة خمسة ملايين برميل من النفط ، ولا يتوقع حصول زيادة كبيرة في الأسعار لأن الولايات المتحدة ودول أخرى قد تقوم بالسحب من مخزوناتها النفطية الاستراتيجية لزيادة المعروض من النفط بهدف كبح جماح أي ارتفاع كبير في الأسعار، الذي لن يكون في صالح المستهلكين لاسيما الآسيويين، ولذلك ستتجنب الولايات المتحدة أي أزمات ناتجة عن ارتفاع أسعار النفط العالمية، في الوقت الذي يمارس فيها الرئيس الأمريكي ترامب ضغطًا على مجلس الاحتياطي الفدرالي لخفض أسعار الفائدة وتقليل كلفة الأموال أكثر بهدف إنعاش الاقتصاد وتقليل مخاطر الحرب التجارية، لا سيما مع الصين.

     ورسمت الخبيرة في مركز الطاقة التابع لمدرسة "سكولكوفو" لإدارة الأعمال في موسكو، يكاتيرينا غروشيفينكو ثلاثة سيناريوهات محتملة متعلقة بوتيرة استعادة إنتاج النفط في السعودية اعتبرت أنها ستُحدّد مصير أسعار النفط، وأكثرها تشاؤمًا استغراق إصلاح الأعطال الناتجة عن هجوم "أرامكو" فترة 3 أشهر. إن "انخفاض الإنتاج السعودي 5.7 ملايين برميل يوميًا يعادل 6% من الإنتاج العالمي أو نصف الإنتاج الروسي وتتمثل هذه السيناريوهات بالآتي:

السيناريو الأول:

يعتمد السيناريو المتفائل على ثقة السعوديين في قدرتهم على صيانة المنشآت في أقرب وقت. في هذه الحالة، سيكون التأثير على السوق محدودًا، لأن احتياطات السعودية وحدها كافية لتعويض النقص قصير الأجل لمدة شهر. ومع ذلك، قد تزداد الأسعار بـ 5-7 دولارات للبرميل بسبب المخاطر الجيوسياسية وانكشاف إحدى أهم المنشآت الاستراتيجية في السعودية للخطر.

السيناريو الثاني:

يقتضي السيناريو الثاني إطالة أمد صيانة المنشآت المتضررة إلى ما بين شهر وشهرين. في هذه الحالة، يمكن الجزم بأن الاحتياطات السعودية لن تكفي لتلبية الطلب في السوق، مما سيترجم إلى اعتماد المستوردين على احتياطاتهم، ثم تجميعها مرة أخرى. سيؤدي ذلك إلى ارتفاع الطلب والأسعار بـ (10-15) دولارًا للبرميل.

السيناريو الثالث:

هذا السيناريو هو الأكثر تشاؤمًا، ويتلخص في إطالة أمد أعمال الصيانة إلى أكثر من ثلاثة أشهر أو تجدد الهجمات، حيث "ستزداد القيمة المضافة عن المخاطر الجيوسياسية كثيرًا في حال اتضح أن البنية التحتية النفطية قابلة للتعطل لفترات طويلة. في هذا الوضع الحرج، قد تتخطى أسعار النفط بسهولة حاجز (75) وحتى (80) دولارًا.

   وجماع القول فإن مآلات تداعيات الهجوم على منشآت أرامكو على أسواق الطاقة العالمية تعتمد بالدرجة الأساس على السرعة في إصلاح الأعطال في المنشآت المتضررة، بما يضمن استعادة الطاقات المعطلة وكذلك معالجة الأزمات الجيوسياسية والحروب في المنطقة، وكذلك على مسار النمو في الاقتصاد العالمي الذي من المتوقع أن يشهد تباطؤاً وبالتالي يخفف من الضغط على الطلب على النفط الخام.

ثالثًا- الخيارات والبدائل الاستراتيجية للمملكة لمواجهة مألات الهجوم على منشآت أرامكو:

     لمواجهة التحديات الناجمة عن الضربات العسكرية على المنشآت النفطية في المملكة العربية السعودية وبهدف الاستمرار في سياسة دعم أسعار النفط سواء من خلال الترتيبات في إطار منظمة الأقطار المصدرة للنفط " أوبك" وروسيا أو في إطار ترتيبات ثنائية وفيما يلي بعض هذه الخيارات:

1)    مصادر إنتاج سعودية بديلة:

   ومن أجل التعويض عن نقص امدادات السعودية للأسواق العالمية جراء توقف حوالي نصف إنتاجها إثر الهجمات الأخيرة التي تعرضت لها فجر 14 سبتمبر 2019م، على المملكة العربية السعودية أن تبحث عن توفير مصادر إنتاج بديلة في أسرع وقت ممكن لتعويض النقص الحاد في إمداداتها ومن هذه البدائل استئناف انتاج النفط في المنطقة المقسومة بين الكويت والسعودية الذي أوقف الإنتاج فيها قبل أربع سنوات والتي تضم حقول نفط أبرزها حقل الخفجي البحري وحقل الوفرة البري والتي تبلغ مساحتها (5770) كيلو متر مربع، وينتج حوالي (500) ألف برميل يومياً أي نحو (4%) من الإنتاج المشترك للبلدين، أو ما يعادل (0.5) % من إمدادات النفط العالمية.

2)    تعزيز الشراكات في بناء المخزون الاستراتيجي:

تمتلك المملكة العربية مخزونات استراتيجية للنفط الخام في كل من اليابان ومصر وهولندا، يمكن تعزيزها من خلال رفع الطاقات التخزينية لكي يستفاد منها في حالات الطوارئ نتيجة لأعوام عسكرية أو كوارث طبيعية، وكذلك ينبغي القيام ببناء مخزونات استراتيجية في دول أخرى ترتبط معها المملكة العربية السعودية بعلاقات جيدة وتورد لها كميات كبيرة من النفط الخام. وسوف يتيح هذا التوسع في المخزون الاستراتيجي التقليل من مخاطر انخفاض الإنتاج بفعل الاعتداءات العسكرية.

3)    التوقيع على اتفاقيات التعاون لتعزيز التنسيق بشأن المعروض النفطي:

تشير الشواهد إلى أن اتفاقية خفض الإنتاج التي وقعتها دول أوبك، وروسيا في أواخر العام 2016م، قد ساهمت في تحقيق التوازن في السوق العالمية للنفط. ومنع التدهور في سعر برميل النفط الخام.وأقرت دول منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وعددها 14 دولة والدول الشريكة العشر، بزعامة روسيا في مطلع يوليو 2019م، "ميثاق" "التعاون الدائم تمدد لتسعة أشهر الاتفاق الذي توصلت اليه في ديسمبر 2018م، لتخفيض إجمالي إمدادها بحجم 1,2 مليون برميل يوميًا، مقارنة بإنتاجها في أكتوبر 2018م.

     وفي هذا الإطار يمكن للمملكة العربية السعودية أن توقع اتفاقيات مع الدول العربية المؤثرة في السوق العالمية للنفط كالعراق والكويت والإمارات لإمكانية تبادل بيع النفط الخام في حالة وقوع أحداث طارئة تؤثر على الإنتاج النفطي لهذه البلدان للإيفاء بالتزاماتها اتجاه الدول المستورة للنفط الخام منها، من أجل مواجهة النقص الحاد الذي يحصل ويؤثر بشكل مباشر على أسواق النفط العالمية.

4)    إعادة برمجة عمليات توريد النفط والمشتقات النفطية للدول المستهلكة:

     على ضوء المخزون الاستراتيجي المتوفر لدى المملكة العربية السعودية وكذلك شراء النفط الخام والمشتقات النفطية من بعض الموردين في أوروبا ودول الجوار يمكن تخطي أزمة تأمين مستلزمات الزبائن الآسيويين في آسيا الذين يعتمدون بشكل كبير على النفط السعودي من خلال الاتفاق معهم على إعادة برمجة استلام النفط لشهري سبتمبر وأكتوبر لحين وصول أرامكو إلى الجاهزية في التوريد الكامل للمشترين بحلول منتصف الشهر القادم.

   وفي الختام نقول بأن تداعيات الهجوم الإرهابي على منشآت "أرامكو" النفطية ستكون قصيرة الأجل ولا تقتضي تعديلا ًللتوقعات لأسعار النفط للعام 2020م، لاسيما في ظل الجهد الكبير الذي تقوم به الجهات المختصة بالصناعة النفطية في المملكة العربية السعودية وبالتعاون مع الأصدقاء لإصلاح الأضرار التي أصابت منظومة الإنتاج النفطي، حيث بدأت شركة أرامكوبجلب معدات من الولايات المتحدة وأوروبا لإصلاح المنشآت المتضررة، وسحبت الشركة آلاف الموظفين والمتعاقدين من مشروعات أخرى للعمل على مدار الساعة لاستعادة الإنتاج. كما قامت السعودية بتأمينطلبات إمداد للدول الآسيوية بالنفط والمشتقات النفطية من خلال المخزون الاستراتيجي والشراء من السوق العالمية في أوروبا. وهذا من شأنه أن يعطي مصداقية كبيرة للتعامل في سوق الطاقة العالمية، ويحافظ على حصة المملكة العربية السعودية في السوق العالمية للنفط.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* أكاديمي متخصص بالاقتصاد السياسي

مقالات لنفس الكاتب