array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 145

2020 عام حسم الملفات السياسية في الشرق الأوسط

الأربعاء، 01 كانون2/يناير 2020

المشهد في العالم العربي بات قاتمًا حيث تعيش بعض الدول أسوأ مراحل تاريخها، فالعراق تئن أرصفتها من جثث القتلى وسوريا يعيش شعبها بالملايين في المهجر، فقد أدرك العالم بأن الفترة الزمنية القادمة مكونة في الغالب من حلقات متكررة ومتعرجة يحدث فيها تداخل وتعارض ينطلق منها تحولات كبيرة، من أجل المدخل إلى المستقبل مهما كانت الأحداث غير متوقعة، فالعالم ينافس رغم الأفق الضبابي بتنظيم اقتصادي من شأنه أن ينتج عنه مدى واسع من البدائل المستقبلية. بل الأكثر من ذلك ليتجاوز واقع تنهكه الأحداث.

 ما يهمنا هنا هو تطوير الاستراتيجيات والمبادرات والسياسات الاستباقية المبنية على قراءات صحيحة للتوجهات المستقبلية بشكل مكثف ليغلق فجوة دائمة لم يغطها تسارع إيقاع التغيير في منطقة الشرق الأوسط لتحقيـق إنجـازات نوعيـة تشرع في الارتسام لخدمـة مصالـح الدولـة والأجيال الحالية والمستقبلية، وتمييز الحقائق من الأوهام، والتأملات من التخرصات ونتائج القرارات الجوهرية والتغيرات المحتملة في الاتجاهين السياسي والاقتصادي.

إذ يساعد على إيجاد السبل ذات الصلة لإدارة المستقبل وإحراز تقدم فيه من خلال استشراف عام 2020 لمنطقة الخليج والرؤية المستقبلية لعام 2030 وماذا سيكون له من توقعات سياسية واقتصادية بعدة ملفات مطروحة على طاولة الحوار كملف قطر واليمن والعراق وإيران ولبنان وليبيا وتركيا وماذا سينتج عنه هذا الحراك الحالي للعقد القادم من الزمن.

ولإلقاء الضوء على بعض الأهداف في المملكة التي سيتحقق الجزء الباقي منها في 2020 أطلق مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية السعودي عدة برامج كبيرة، لتحقيق رؤية المملكة العربية السعودية 2030، ويشتمل على تسعة مرتكزات رئيسية، يحقق من خلالها نحو 23 هدفًا، حيث تسعى المملكة حكومة وشعبًا؛ لتحقيق واستكمال الرؤية بأهدافها التي تعزز ركائز القوة لمستقبل زاهر.

ومن ثم السعي لتحقيق المشروعات التي تعد فرص نجاحها كبيرة تتساوى مع الحماس والمثابرة من حيث التقييم، في سباق مع الزمن وما يتوافر من قدرة هائلة تخطط مسار الخطة التنفيذية لبرنامج التحول الوطني وفق خطط تحقيق رؤية السعودية 2030، وقد ظهرت النسخة بشكلها الأخير تحتوي على انتقال ودمج وترتيب اختصاصات ومهام مبادرات عديدة تضمنتها النسخة الأولى للخطة، بوصفها تجسيد للإمكانيات وقدرات لأفعال حقيقية واعية تخرج للعلن تقيد في قائمة الإنجازات لمراحل قادمة.

 ويضاف لها أهمية بالغة التكيف مع الظروف والقدرات المتغيرة لاختراع جيل جديد قادم من التكنولوجيا التي غيرت وجه العالم إضافة للمبادرات الجديدة، وتعديل الجدول الزمني لبعض مشاريع التحول الوطني، وإدراج 37 هدفًا استراتيجيًا لبرنامج التحول الوطني ضمن 8 أبعاد تندرج تحتها 433 مبادرة. نتيجة التفكير بشكل استباقي في الطرق المبتكرة والجديدة للعمل وذكاء الرؤى المستقبلية.   

في السنوات الأخيرة يعج العالم بمسارات غير تقليدية ولكنها مذهلة لها خطوات استراتيجية دفعت بها نحو تعزيز المهارات التي صنعت نقلة كبيرة غيرت التوقعات في مسار التقنيات في ظل ظروف اقتصادية صعبة، وأوجدت قاعدة إلى حيث تريد أن تكون تنقلك، وليس المعنى أن تذهب إلى أبعد الحدود والخروج من المرحلة، بل تحديد الموقع الحالي في ضوء توقعاتك للمستقبل.

بعد هذا التقديم علينا الآن طرح الملفات السياسية المعقدة على طاولة النقاش مع استمرار تحليل الأحداث وسنقترب من هذا في سياق التوقعات سياسيًا واقتصاديًا في 2020 ونضع في المقدمة ملف اليمن الذي بدأ مرحلة جديدة، وخاصة بعد توتر دولي بعد القصف الذي تعرضت له منشئتي نفط تابعتين لـ"أرامكو" السعودية يوم (14 سبتمبر/أيلول2019)، وعلى الرغم من تبنيّ الحوثيين للعملية إلا أن أصابع الاتهام توجهت إلى إيران و أكدتها. وهذه العملية واحدة من المحددات الجديدة التي تدفع اليمن إلى مرحلة جديدة للغاية كان من نتائجها الاتفاق النهائي لحوار جدة الذي رعته السعودية بين الحكومة الشرعية وقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي

وجاء أيضًا من بين النقاط التي تمت مناقشتها إعادة تشكيل الوضع الأمني والعسكري واعتبار المقاومة الجنوبية قوات شرعية جنوبية، وأن تتولى النخب والأحزمة الأمن في الجنوب والاعتراف بشرعيتها من قبل الحكومة، فيما تتولى النخبة الأمن في محافظة شبوة بإشراف وإدارة القوات السعودية، وينطبق الأمر كذلك على أن يكون المجلس الانتقالي الجنوبي شريكًا ممثلا للجنوب في مفاوضات السلام، وتأجيل موضوع الأقاليم حتى إنهاء الانقلاب الحوثي، وذلك في إطار البند الأول من الاتفاق الذي يهدف إلى معالجة أزمة أحداث الجنوب وإعادة وحدة وسلامة وأمن واستقرار اليمن.

لا شك أنها تحولات تعرفنا على الأحوال المتقلبة ونهاية الحرب ويبدو ذلك أمرًا طيبًا، ولكن إذا تحقق والتزمت جميع الأطراف بالفعل، فالجمهورية اليمنية تقع ضمن أجندة سياسة الولايات المتحدة الخارجية، وفي معظم الحالات تعتبر مُلحقة بأجندتها المتعلقة بسياستها تجاه المملكة العربية السعودية، حليف واشنطن التقليدي في المنطقة، لكنها خلال إدارة دونالد ترامب أصبحت جزءًا من ملف متعلق بإيران بقدر ارتباطها بملف السعودية، طوال فترة ولايته الأولى التي تنتهي 2020.

في الوقت الذي ارتفع فيه ضجيج إيران بعد تصعيد الخطاب في ظل سياسة "الضغوط القصوى" التي تستخدمها الإدارة الأمريكية ضد النظام الإيراني، بعد أن خرجت واشنطن من الاتفاق النووي الإيراني، والضغوط الاقتصادية، ضمن سياسة إيصال صادرات النفط الإيراني إلى "صفر"، وزيادة الانهيار الاقتصادي للضغط على النظام للتفاوض مرغمًا على إعادة بناء "الاتفاق النووي" مجددًا وفقًا للشروط الإيرانية. لكن طهران رفضت ذلك مستخدمة سياسة "حافة الهاوية" التي أدت إلى توتر أكبر في المنطقة من خلال إسقاط طائرة بدون طيار أمريكية ورفع القيود عن مفاعلات نووية كما زادت من دعمها وتحريك أدواتها في المنطقة.

 إذا أخذنا بعين الاعتبار عزل النظام عن أدواته في المنطقة وتفكيك محور المقاومة من ميليشيات الحشد الشعبي في العراق وقوى المقاومة في سوريا، حزب الله في لبنان، الحوثيون في اليمن، إضافة للضغوط القصوى المفروضة من أمريكا، ولكن تجذر إيران في دعم أدواتها وارتباطها بهم يصعب من مهمة التنفيذ، وأكثر الدول الغربية ودول المنطقة تعتقد أن "الحوثيين" في اليمن ليسوا أداة إيرانية بالكامل ويمكنهم صناعة سلام مع دولتهم والتخلي عن إيران ودعمها مقابل تواجد في مستقبل اليمن السياسي.

وانعقاد جلسات الاجتماع الثلاثي المشترك السابع للجنة لإعادة الانتشار لتنفيذ اتفاق استوكهولم والذي يقام للمرة الرابعة في المياه الدولية بالبحر الأحمر على متن السفينة الأممية، الذي يفسر تعنت الحوثيين وعدم التزامهم بالعهود والاتفاقات وطالبت الحكومة اليمنية خلال الاجتماع بضرورة التفاهم حول المرحلة الأولى والثانية وفتح المعابر الإنسانية، ولعله انفراج للأزمة بتطبيق اتفاق الحديدة.

في الوقت الذي بدأت فيه أزمة العقوبات وقطع الإمدادات عن ميليشيات إيران، ارتفعت معه الفوضى والشغب في العواصم العربية، وبذلك تؤكد واشنطن بأن طهران تدعم جماعة الحوثي خلال سنوات الحرب الماضية بشكل كبير بما في ذلك تدريب عشرات الخبراء في صناعة وتركيب الصواريخ والطائرات بدون طيار، ولكنها استطاعت نزع فتيل حرب متوقعة في المنطقة مع سياسة واشنطن وحلفائها تجاه طهران والتي أدت إلى الحوادث الأخيرة في مياه الخليج مثل استهداف السُفن التجارية والنفطية قرب مضيق هرمز الخاضع للنفوذ الإيراني.

بينما المعطيات تشير إلى أن إيران لن تسمح لحليفها الحوثي عمل هدنة مع السعودية دون استفادتها منها وعودة تصدير نفطها، ولذلك حتى لو حصلت الهدنة مع الحوثيين، فطهران ستبحث في المرحلة الثانية من الفوضى في المنطقة آلية نقل المعركة إلى عمق الخليج، وهناك ملفات مهمة في كل ذلك تجهز لقياس مدى التراجع فيها وإغلاقها في 2020 بما فيها النزاع مع إيران فالأمور تتقارب وتتجاور في جملة سياسات وخصائص.

لذا، يحتاج الأمر لزامًا إلى تدقيق، وكل ملف له إضاءات عن بعض جوانبه، عدا ملف ليبيا الذي تعرقلت فيه جهود السلام لتكثيف التدخلات الخارجية بناء على طلب حكومة الوفاق غير الشرعية ومطالبها بالمساعدة من أنقرة وهذا يعتبر انتهاكًا صريحًا لسيادة الدولة، حيث يسعى في الجانب الموازي أردوغان لتطبيق مذكرة تفاهم حول النطاق الجغرافي، المُوقعة مع حكومة الوفاق الليبية في 27 نوفمبر/تشرين الثاني، والذي يقع ضمن الحدود المائية لتركيا وليبيا وبات بمقدورهما التصرف فيها، مُشيرًا إلى أنه بموجبها سيعمل الجانبان معًا على البحث والتنقيب عن الغاز الطبيعي والبترول، ما من شك أنها أماني معلبة وأساليب لها حبكات مخادعة، رغم اعتراض مصر واليونان، وستنتهي زوبعة أردوغان في 2020 عطفًا على سياسته المتشعبة والمعقدة.

مع كل هذا، يجب الأخذ بعين الاعتبار أن الفوضى في العراق ولبنان تتغذيان على تعميم الخوف، ومضاعفة الانقسام وتشويش القناعات وتشتيت طاقات المجتمع، وتحول ثوري يخدم أهداف طهران وتأسيس البشر على التعارض مع الغير، ولكن ملامح النهايات ترتسم على الصراع السياسي أكثر فأكثر، ولن تتحقق مطالب الشعبين من الحكومات المدعومة بعناصر من إيران وهذه ترجمة فورية للمد الإيراني في العواصم العربية.

من منظور عام، سينعكس هذا الواقع على 2020 وسيكون حسم الملفات السياسية هو الطاغي على المشهد العام، وبطبيعة الحال، لم ترتبط المصادر والأحداث ارتباطًا شديدًا ببعض الوقائع. بل تسلط الأضواء على استراتيجيتها المؤسساتية لا سيما تغطية بعض النزاعات والمظاهرات والمحاربين على أطراف سوريا وتهديدات تركيا الممتدة إلى سواحل ليبيا وقلب عاصمتها ولو استمرت بهذا الشكل فلن تكتسي سمة إيجابية في المستقبل.

مجلة آراء حول الخليج