array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

انتهى ابن لادن.. لكن العنف السياسي مستمر

الأربعاء، 01 حزيران/يونيو 2011

أيام قليلة تفصل بين المساعي لتصفية أسامة بن لادن في باكستان والعقيد معمر القذافي في ليبيا. وقد تولت هذه المساعي القوات الأمريكية وقوات حلف شمالي الأطلسي العاملة في أفغانستان وليبيا ضد عدوين مختلفين تماماً وفي ظروف وأطر مختلفة جداً.

لكن قلةً من الناس تعرف أن أول مذكرة توقيف بحق ابن لادن أصدرها معمر القذافي في مارس 1998 وللرجلين تاريخ طويل من النزاع. ولا شك في أن التخلص من الرجلين خبر سعيد للعرب على وجه الخصوص وللعالم كله بشكل عام، لأن كلا الرجلين، وبأساليب وأهداف مختلفة، تسببا بمعاناة كبيرة للعالم ونفذا عمليات إرهابية أدت إلى مقتل العديد من الأبرياء حول العالم. وفي هذا الإطار، قام الرجلان أيضاً بتشويه صورة العرب والمسلمين، وأساءا إلى سمعتهم بحيث لم يعد من الممكن تصحيح ذلك.

استمرار السياسات الأمريكية المجحفة في المنطقة سيؤدي إلى نشوء أكثر من ابن لادن في السنوات المقبلة

وشكل مقتل ابن لادن من دون أدنى شك إنجازاً كبيراً لمؤسستي الجيش والمخابرات الأمريكيتين، ومثل انتصاراً معنوياً ونفسياً للمواطنين الأمريكيين ولأسر ضحايا 11/9 على وجه الخصوص. لكن بعد تبدد نشوة هذا الانتصار، سيكون من الضروري النظر إلى هذه المسألة من منظار أوسع وأكثر منطقية. فظاهرة ابن لادن هي نتيجة البيئة غير العادلة التي نعيش فيها في الشرق الأوسط، فهو وأمثاله نماذج عن مواطنين عرب ومسلمين عانوا من الاحتقان مدةً طويلة بسبب سياسات حكوماتهم وسياسات القوى العظمى.

وفي الواقع، لقد استشرت مشاعر الاحتقان والذل واليأس والركود في نفوس الشباب العربي، فقرر بعضهم أن ينزلوا إلى الشارع للقيام باحتجاجات سلمية بأمل تغيير نظام سياسي قمعي وفاسد، لكن رصاص هذا النظام وسجونه كانت لهم بالمرصاد. نجحت بعض المجتمعات بالتخلص من الأنظمة الدكتاتورية، والبعض الآخر لا يزال يحاول فيما اختارت مجتمعات أخرى لعب دور المشاهد. والحق يقال، منذ أشهر قليلة ما كان لأحد أن يتخيل أن احتجاجات سلمية قادرة على إسقاط هذه الأنظمة التوتاليتارية في العالم العربي، لكن هذا ما حدث بالفعل ولا يزال يحدث.

إلا أن الانتفاضات الشعبية ضد الحكومات المحلية في العالم العربي تشكل وجهاً واحداً من العملة، أما النصف الآخر فيرتبط بمسألة أخرى. فالاحتجاجات السلمية ضد السياسات الأمريكية والغربية المجحفة في المنطقة بقي أثرها محدوداً. ومنذ عقود عدة اعترضت الشعوب العربية، والقيادات العربية في بعض الأحيان، على السياسة الأمريكية في المنطقة إلا أن هذه الاحتجاجات لم تلقَ صدى. ويشكل دعم الولايات المتحدة الأمريكية اللامحدود لسياسات إسرائيل العدائية والميول التوسعية وإذلالها للعرب والفلسطينيين خير مثالٍ على ذلك. ويرى العديد من العرب أن الدعم الأمريكي للسياسات الإسرائيلية يجعل منها شريكاً في الجريمة لأنها متهمة بالمساهمة بكل الجرائم التي ارتكبتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة. فصانعو القرار الأمريكيون غضوا الطرف عن تجاهل إسرائيل للقوانين الدولية والأخلاقيات الإنسانية الأساسية.

أمام هذه الصورة، ضرب العنف السياسي الموجه إلى الولايات المتحدة جذوره، وتغذى على السياسات المجحفة المستمرة والسلوك الذي تبنته الولايات المتحدة والتي مثلت انفصالاً واضحاً عن المبادئ الأخلاقية التي وضعها الآباء المؤسسون لهذه الدولة العظمى. وفي نظر المواطن العربي العادي شتان ما بين الولايات المتحدة والقوة العادلة أو الأخلاقية.

شكل مقتل ابن لادن من دون أدنى شك إنجازاً كبيراً لمؤسستي الجيش والمخابرات الأمريكيتين

واعتقد البعض، وابن لادن أحدهم، أن الوسائل السلمية لن تجدي نفعاً في محاولة تقريب السياسة الأمريكية من العدل، ووجد لدى الكثير من الشبان العرب رداً لندائه بعد أن آمنوا بمنطقه السياسي. لذا ربما يحق لنا أن نحتفي بسقوط ابن لادن، الرأس المدبر لعملية 11/9 الإرهابية، لكن يجب ألا ننخدع ونظن أن مقتله سيسدل الستارة بشكل نهائي على مشهد العنف السياسي في الشرق الأوسط ولاسيما العنف الموجه ضد الولايات المتحدة. وفي الواقع سيؤدي استمرار السياسات الأمريكية المجحفة في المنطقة إلى نشوء أكثر من ابن لادن واحد في السنوات المقبلة. وتجدر الإشارة إلى أن ابن لادن قُتل، لكن أعداد عناصر (القاعدة) تضاعفت في خلايا تنشط في عدد كبير من الدول.

وساعد سوء الإدارة الأمريكية في المنطقة ابن لادن على تحويل (القاعدة) من منظمة إرهابية إلى إيديولوجية متجذرة لاقت شعبية بين الشباب العربي، وباتت هذه الإيديولوجية قوةً بحد ذاتها ولدت منظمات إرهابية محلية عدة.

ومع ذلك يجب ألا تطغى أخبار سقوط ابن لادن على الانتفاضات الشعبية العربية، ويجب أن يبقى الدعم للانتفاضات الشعبية أولوية للسياسة الأمريكية، لأن هذه الانتفاضات إن كانت قادرة على إصلاح النظام السياسي العربي وإسقاط الدكتاتوريات فقد آن الأوان لأن تأخذها الولايات المتحدة في الاعتبار وتعيد النظر بسياساتها في الشرق الأوسط. ولذلك تحتاج السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط إلى عملية إصلاح طارئة، ويجب أن تنظر إلى الواقع الذي يحدده الجوار لاسيما أن إسرائيل لم تعد (جزيرة الديمقراطية) في منطقتنا.

 

مقالات لنفس الكاتب