; logged out
الرئيسية / مستقبل التراث في المملكة يبشر بالخير على الأصعدة ويشكل جسورًا تربط الماضي بالمستقبل

العدد 189

مستقبل التراث في المملكة يبشر بالخير على الأصعدة ويشكل جسورًا تربط الماضي بالمستقبل

الثلاثاء، 29 آب/أغسطس 2023

مهما بلغت الأمم من تطور فإنها تظل مرتبطة بإرثها وتراثها الحضاري الباقي على الأرض سواء ما كان في باطنها، أو على سطحها، أو تحت مياهها، ثابتاً كان أم منقولاً. هذا الإرث الحضاري له اسم يدل عليه وهو (الآثار) التي أصبح لها -بسبب أهميتها-مؤسسات علمية وبحثية، وقامت على شؤونها إدارات حكومية تحافظ عليها وتعمل على تطويرها. ودخلت الآثار بمفهومها الشامل عالم الثقافة من أوسع أبوابها، وخاصة في المنظومة العالمية للثقافة(اليونسكو)، وسنّتْ الدول تشريعات وقوانين ولوائح ونظماً بهدف المحافظة على آثارها، والتعامل معها وعرضها وتنميتها من أجل العلم والمعرفة والسياحة الثقافية ولتكون مورداً اقتصادياً متنامياً.

وقد تميزت الرقعة الجغرافية للمملكة العربية السعودية – كما هو حال كافة أنحاء الجزيرة العربيةــ، بثرائها الثقافي والحضاري على امتداد جبالها وسهولها وسواحلها وجزرها. وكانت هناك محاولات لعدد من المغامرين والرحالة الأوروبيين ابتداءً من القرن الثامن عشر لاستكشاف وجمع معلومات عن الأحوال الاجتماعية، وجوانب من التراث الحضاري الذي تحتفظ به أرض المملكة وجزيرة العرب، وبالرغم من الأهداف المخفية لتلك الرحلات والمغامرات، فإن ما تضمنته تقاريرهم وكتاباتهم-الايجابية والسلبية-من معلومات في الجوانب القافية والاجتماعية، -بالرغم من أهميته – فإنه لم يكن يساوي قطرة في بحر. وكان الملك عبد العزيز-رحمه الله-وبنظرته الثاقبة، يحدوه الأمل أن الاستكشافات الأثرية في المملكة العربية السعودية، ستخرج يوماً ما، وفي الوقت المناسب بإدارة وإشراف أبنائها، وتمدنا بعلم ومعرفة عن حركة البشر الذين عاشوا، وارتحلوا، وزرعوا وحصدوا، وصنعوا، وتكيفوا مع الطبيعة على مدى آلاف السنين، وتمتعوا بحياة رغدة في فترات من التاريخ، وفي صراع من أجل البقاء في فترات أخرى. تقاطعت على أرض الجزيرة العربية حضارات متعددة، من عصور ماقبل التاريخ وما تلاها من قرون. وشهدت ولادة ممالك ودول على امتداد رقعتها الجغرافية. وتدل الآثار على عظمة الخالق سبحانه وتعالى في تدبيره لشؤون الخلق والأمم والشعوب. حدثنا القرآن الكريم، عن قصص أمم وشعوب وحضارات سادت ثم بادت، وبقيت آثارهم، محفوظة في باطن الأرض، وعلى سطحها. هذه الأرض سار عليها الأنبياء والرسل، فكانت الكعبة الشريفة، التي رفع قواعدها نبي الله ابراهيم (عليه السلام)، وشهدت مكة المكرمة وحرمها الشريف ظهور خاتم الأنبياء نبينا محمد بن عبد الله (عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم)، نزل عليه القرآن الكريم بلسان عربي مبين. مكة المكرمة ومشاعرها المقدسة، قبلة المسلمين في صلواتهم، ومهوى أفئدتهم، للحج والعمرة، وتوأمها طيبة الطيبة، عاصمة دولة الإسلام الأولى، فيها قبر المصطفى صلى الله عليه وسلم ومسجده، ومآثر الإسلام، ومنها انطلقت رسالة دين الإسلام للعالمين، فكانت الحضارة العربية الإسلامية أصلها وجذورها من قلب جزيرة العرب، وفروعها ممتدة إلى شعوب الأرض في كل صقع.

يأتي حديثنا عن آثار وتراث المملكة الحضاري والجزيرة العربية، من واقع تجربة ومعايشة طويلة، ضمَت علماء، وباحثين وفنيين وإداريين، كل في اختصاصه، مدركين توجه وقناعة القيادة والمسؤولين التنفيذيين، ومن أصحاب الرأي والمشورة، بأهمية الآثار، منذ أن تبنت الدولة تأسيس إدارة معنية بالتراث الحضاري الوطني.

وقد سبق ذلك جهود أوائل المؤرخين، والجغرافيين، والرحالة السعوديين بإسهاماتهم العلمية المبكرة التي بدأت قبل تأسيس إدارة للآثار، في مجال تحقيق المواضع الجغرافية، والمعالم التاريخية، ومنازل القبائل الواردة في الشعر القديم، وماله صلة بأيام العرب، والأحداث التي جرت على أرض جزيرة العرب. فقد كانت بحوثهم ودراساتهم من المصادر المهمة للرجوع إليها في الميدان للاستدلال على المواقع التاريخية. كما كانت للصحف والمجلات المبكرة مثل صحيفة أم القرى ومجلة المنهل، ومجلة العرب دور كبير في إشاعة المعرفة بالآثار والتراث. وبتاريخ 16 نوفمبر1945م، صدرت موافقة الملك عبد العزيز (رحمه الله) بانضمام المملكة لمنظمة اليونسكو لتصبح من أوائل الدول العشرين التي شاركت في تأسيس المنظمة، وتضمنت الموافقة الملكية " أن المملكة تسير في تعليمها وثقافتها طبقاً لما جاء في القرآن الكريم وسنة الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم".

ولما كانت المملكة تعي أهمية الآثار والمحافظة عليها، فقد صدر قرار مجلس الوزراء رقم (727 في 8-11-1383هـ) الموافق لشهر يناير 1964م، وبناء على اقتراح وزارة المعارف، بالموافقة من حيث المبدأ على إيجاد دائرة للآثار ترتبط بوزارة المعارف (آنذاك)، وتضمنت حيثيات القرار على أهمية الآثار على أنها: " مصدر للتاريخ والحضارة، ومنهل من مناهل العلم والمعرفة، ولها صلة بين الماضي والحاضر، ومورد من موارد الاقتصاد الوطني، ومتطلب لمواكبة ركب الحضارة وعجلة التقدم، ومسايرة بقية بلاد العالم في الاهتمام بالآثار".

وبعد ما يقارب من عشرة أعوام من ذلك القرار صدر أول نظام للآثار بموجب المرسوم الملكي رقم (م/ 26 في 23-6-1392هـ)، الذي وضع الأسس التشريعية لحماية الثروات الوطنية من آثار ثابتة ومنقولة. كما صاحب النظام تشكيل مجلس أعلى للآثار برئاسة معالي وزير المعارف. وبموجب هذا النظام قامت إدارة الآثار بمسؤولياتها العلمية والإدارية والفنية، والحفاظ على آثار البلاد، وتطورت إدارة الآثار من مديرية عامة ثم وكالة مساعدة ثم وكالة للآثار والمتاحف. وبموجب قرار التأسيس سارعت الوزارات والمصالح الحكومية والهيئات -وحتى الأفراد-بتسليم ما لديها من آثار وتحف إلى إدارة الآثار، وأصبحت المواد والمجموعات الأثرية نواة لتأسيس أول متحف وطني -بصفة مؤقتة-في العاصمة الرياض، افتتحه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز (أمير منطقة الرياض آنذاك)، مساء السبت 21 محرم 1398هـ(01/01/1978م)، ليكون هذا التاريخ بداية للتخطيط لمتحف وطني أكبر يليق بتاريخ المملكة وبعدها الحضاري. ودوَنَ – يحفظه الله-بقلمه في سجل الزيارات كلمة جميلة قال فيها: " إن هذا المتحف على قصر عمره قد خطا بالآثار والتاريخ خطوات طويلة آمل أن نواصل بما يحقق الغاية والهدف المنشود". في تلك المناسبة ألقى معالي الدكتور عبد العزيز الخويطر وزير المعارف (رحمه الله) كلمة قصيرة، أكد فيها " أن الآثار مصدر للمعرفة وأنها بحاجة لكفّ رحيمة تحنو عليها وتحافظ عليها".

وفي ذلك التاريخ صدر العدد الأول من (أطلال) حولية الآثار العربية السعودية، كتب افتتاحيتها الدكتور الخويطر، بين فيها توجه الدولة للاهتمام بالآثار، ومما قاله:

" أهمية خدمة الآثار في المملكة أمر تعي أبعاده إدارة الآثار، في وزارة المعارف، فهو بالنسبة لها واجب حضاري وطني وإنساني تجب خدمته حسب أولويات وضعتها في حدود ما لديها من إمكانات مالية وبشرية، وظروف زمنية ومكانية، وهي تدخل إلى الأمر من عدة زوايا، لتعوض ما فاتها من وقت، وتلحق بما سبقها من ركب، فهي بجانب المسح الأثري، والدراسات الميدانية، واختيار أماكن المتاحف وتصميمها، وبنائها، والعناية بالمنقول والثابت من الآثار: بالصيانة، والترميم والدراسة، وحسن الحفظ، لا تنسى النافذة التي تطل منها على العالم، ويطل علينا العالم منها".

بدأت الانطلاقة الحقيقية للنشاط الأثري في المملكة العربية السعودية عام 1396هـ (1976م) في تنفيذ برنامج المسح الأثري الشامل في أنحاء متفرقة من المملكة، ووضع خطة بعيدة المدى للمحافظة على المواقع الأثرية والتراث الإسلامي، وتسوير المواقع الأثرية للمحافظة عليها من التعدي والزحف العمراني، وإنشاء المتاحف المحلية والإقليمية. وتزامن مع هذا التاريخ افتتاح شعبة للآثار في قسم التاريخ بجامعة الملك سعود، وتطورت هذه الشعبة إلى قسم للآثار والمتاحف، ليشمل المراحل الدراسية الثلاث (بكالوريوس وماجستير ودكتوراه). وبعد انتقال مسؤولية شؤون الآثار إلى الهيئة العليا للسياحة، تحول القسم إلى كلية للسياحة والآثار، وتأسس لها مجلس استشاري، وأنشأت لها الجامعة مبنى كبيراً مكتمل التجهيزات، مع متحف للآثار تعرض فيه المكتشفات الأثرية والمقتنيات لتشكل مادة ثرية للدراسات التطبيقية.

وهنا لا بد أن نذكر بالشكر والعرفان أؤلئك الأوائل الذين رسموا بدايات التأسيس، وانطلاقة العناية بالآثار والتراث، في وزارة المعارف، في عام (1383هـ)، ثم الهيئة العليا للسياحة، لتتوحد الإنطلاقة في منظومة غير مسبوقة (الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني)، في عام (1424هـ)، لترسو سفينة التراث بكامل حمولتها،إلى مرفأ وزارة الثقافة، بعد عمل تراكمي وإنجاز كبير، على مدى ما يقارب من ستين عاماً، لتنطلق المسيرة وفق مشروع وطني رائد (رؤية 2030) يرعاها خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله، ويقود تنفيذها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء وفقه الله وسدد خطاه.

وهناك شخصيتان كان لهما الفضل بعد الله، في رسم ومتابعة بداية مسيرة الآثار في بلادنا هما: عالم الآثار الجليل الأستاذ الدكتور عبد الرحمن بن محمد الطيب الأنصاري (رحمه الله) والدكتور عبد الله حسن مصري، أول مبتعث سعودي لدراسة آثار ماقبل التاريخ، والذي تولى إدارة شؤون الآثار لسنوات عديدة.

ولصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، جهوداً كبيرة تذكر فتشكر-في قيادة مسيرة السياحة والتراث. فقد وثّق مسيرة التراث والسياحة في كتابه " الخيال الممكن "، صاغ عنوانه من كلمة قالها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز (حفظه الله) في زيارته لمقر الهيئة العليا للسياحة عام 1426هـ(2005م) حين قال:

" الحقيقة أنا أتابع في الصحف أعمال هيئة السياحة، وبعض من يشاهد البرامج أو التصريحات يقول (هذه مبالغ فيها، وفيها خيال، وليست ممكنة، وهذا يذكرني بتجربة هيئة تطوير مدينة الرياض، وكيف أن البعض كان يرى أن الطموح والخطط المستقبلية لتطوير الرياض نسج من الخيال... والآن نريدهم أن يأتوا ويشاهدوا الواقع، فنحمد الله على ذلك ونطالب بأكثر وأكثر".

وقد شمل برنامج المسح الأثري الشامل كافة أرجاء المملكة، وهو مشروع علمي قامت به فرق علمية متخصصة، شارك فيه أوائل منسوبي الآثار مع علماء من معاهد ومراكز وجامعات أوروبية وأمريكية، وهو مسح مبدئي كان الهدف منه معرفة طبيعة انتشار المراكز الحضارية على امتداد الرقعة الجغرافية للمملكة العربية السعودية، ومن ثم الخروج بخارطة توضيحية للمراحل التاريخية التي شهدتها أرض المملكة من عصور ما قبل التاريخ وحتى الوقت الحاضر، وهذا البرنامج لا يزال مستمراً حتى يومنا هذا، وقد حقق هذا المشروع نتائج مهمة تمثلت في حصر ما يقارب من أربعة آلاف موقع أثري ومعلم تاريخي، منها الآثار الشاخصة والمطمورة، ومواقع الرسوم الصخرية والنقوش والكتابات القديمة والإسلامية، ومعالم طرق التجارة القديمة، وطرق الحج وما يرتبط بها من منازل وآثار الحصون الدفاعية، والمباني السكنية والمنشآت المائية من آبار وعيون وبرك وسدود وأعلام وأميال، بالإضافة إلى آثار الموانئ القديمة على امتداد ساحلي البحر الأحمر والخليج العربي وغير ذلك من المعالم الأثرية والتاريخية.وخلال تنفيذ أعمال المسوحات الأثرية أجريت حفائر وتنقيبات في عدد من المواقع الأثرية، في أنحاء متفرقة من المملكة.

وفي الوقت الذي كانت أعمال المسوحات والتنقيبات الأثرية تسير وفق خططها المرسومة كان قسم الآثار والمتاحف (جامعة الملك سعود) يجري تنقيبات موسعة في موقعين كبيرين هما قرية الفاو والربذة. وقد أثمرت أعمال التنقيبات الأثرية في إبراز ملامح من الحضارات القديمة والإسلامية التي قامت على أرض المملكة ووفرت هذه الأعمال مواد علمية غاية في الأهمية اعتمد عليها المهتمون من الدارسين والباحثين في تاريخ الجزيرة العربية وحضارتها ومنا فيها من تنوع ثقافي في مناطقها المتعددة.

وتعد المتاحف من أهم المؤسسات الثقافية في أي بلد، ومن خلالها يتعرف الناس على الموروث الثقافي للشعوب والعادات والتقاليد، والمتاحف لها رسالة تربوية وتعليمية وتثقيفية وعامل مهم في التربية الوطنية.

ونتيجة لتقدم الدراسات والمكتشفات الأثرية شعرت الدولة بأهمية إنشاء متحف وطني كبير في مكان مناسب في قلب مدينة الرياض، وبهذا صدرت موافقة المقام السامي الكريم عام 1418هـ ، بتنفيذ مشروع المتحف الوطني ليشكل أحد العناصر الكبيرة بمركز الملك عبدالعزيز التاريخي، وقد وضع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز(أمير منطقة الرياض آنذاك) حجر الأساس للمشروع الثلاثاء 14 محرم 1428هـ، 20 مايو 1997م، وتم تنفذ المشروع في وقت قياسي وفقاً لمواصفات هندسية ومعمارية عالمية وبأسلوب علمي متطور للتعامل مع العروض المتحفية. افتتح هذا الصرح الكبير خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز (رحمه الله) 5 شوال 1419هـ، / 22 يناير 1999م، تزامناً مع حلول الذكرى المئوية لدخول الملك عبد العزيز (رحمه الله) الرياض وبداية تأسيس المملكة.

كما وضعت وكالة الآثار والمتاحف، مع بداية تنفيذ مشروع المسح، خطة لإنشاء عدد من المتاحف المحلية والإقليمية في مختلف أرجاء المملكة، وروعي فيها أن تكون قريبة من أهم المواقع الأثرية، كما تم تأسيس متاحف إقليمية في عدد من المدن الرئيسية، وبعض هذه المتاحف أنشئت في قصور تاريخية مثل قصر شبرا في الطائف وقصر الملك عبد العزيز في الزاهر بمكة المكرمة، وقصر الملك عبد العزيز في خزام بجدة. ومن أهم هذه المتاحف متحف المصمك الذي يجسد تاريخ المملكة من بداية تأسيسها وافتتح عام 1416هـ. وقد أدت هذه المتاحف، والمعارض الزائرة والمؤقتة، دوراً مهماً في التعريف بالموروث الحضاري للمملكة.

وبذلت وكالة الآثار والمتاحف جهوداً كبيرة في المحافظة على المواقع الأثرية، والقلاع والحصون القديمة، وقصور الدولة التاريخية، بحمايتها والمحافظة عليها تمهيداً لترميمها وتأهيلها وتوظيفها في المجالات التي تخدم التراث الثقافي والتاريخ الحضاري. ومن المشروعات الكبيرة التي تولتها الوكالة هو المحافظة على مدينة الدرعية التاريخية وأسوارها وأبراجها وترميم عدد من العناصر المعمارية فيها.

وأصدرت وكالة الآثار والمتاحف عدداً من الكتب المتخصصة ورسائل الماجستير والدكتوراه في مجال الآثار والتراث، واستهلت إدارة الآثار أول أعمالها المطبوعة بإصدار كتاب تعريفي بآثار المملكة عام 1395هـ (1975م). كما وضعت حصيلة إنجازاتها منذ إنشائها بنشر عمل موسوعي كبير هو سلسلة آثار المملكة بعدد مناطق المملكة الثلاث عشرة. تضمن كل مجلد على معلومات جغرافية وتاريخية عن المنطقة التي يتحدث عنها وأهم آثارها التاريخية وتراثها العمراني ومواقعها الأثرية ومعالمها الطبيعية، وشكلت هذه المطبوعات البحثية والنشرات العلمية والأدلة سجلاً وثائقياً مهماً ومصدراً مهماً لتتبع الفترات التاريخية والحضارات المتعاقبة التي شهدتها أرض المملكة العربية السعودية.

ولإدارة الآثار ومن ثم (وكالة الآثار) دور كبير في التعاون والتنسيق على الصعيد المحلي مع الأجهزة الحكومية، وخاصة عند تنفيذ المشروعات الحكومية من أجل تزويد الجهات المعنية بالمعلومات عن المواقع الأثرية والمعالم التاريخية حتى لا تتعرض للإزالة والتخريب في حالة تنفيذ المشاريع التنموية، وتتعاون أيضاً مع الهيئات والمؤسسات الحكومية والأهلية والأفراد في مجال المتاحف والمجموعات الخاصة والترخيص لها وفق ما ينص عليه نظام الآثار، وتتعاون الوكالة كذلك مع الجهات الأمنية والجمارك وحرس الحدود لمنع تهريب الآثار من وإلى المملكة عبر الحدود والمنافذ البرية والجوية والبرية ولها عضوية في عدد من اللجان والمجالس ومنها المجلس الأعلى للأوقاف.

وهناك تعاون مع العديد من المنظمات العربية، والإقليمية والقارية والدولية وحضور الفعاليات والمناسبات الرسمية المتخصصة، والتنسيق والتعاون في إطار مجلس التعاون لدول الخليج العربي، والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الأليسكو) والمنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم (الإسيسكو) والمنظمة العالمية للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو).

وعلى الصعيد البحثي والعلمي عقدت وكالة الآثار اتفاقيات مع عدد من الجامعات والمراكز البحثية في مجال الأعمال المسحية والتنقيب وفق شروط أقرها المجلس الأعلى للآثار، وقد حقق هذا التعاون منافع علمية وثقافية كبيرة نتيجة للمزيد من المكتشفات الأثرية الحديثة التي تثري البحث العلمي وإثراء للمتاحف المحلية والإقليمية والتعريف بتراث المملكة عالمياً.

إن ما قامت به وكالة الآثار والمتاحف من جهود يقابل بالتقدير لمقام وزارة التربية والتعليم (المعارف سابقاً) وللمجلس الأعلى للآثار، وللعاملين في الوكالة بوحداتها وإدارتها المختلفة.

وفي ذات السياق كانت هناك مطالبة مجتمعية بتأسيس قطاع خاص بالسياحة في المملكة، وإزاء ذلك  صدر الأمر الملكي رقم (9) وتاريخ 12-1-1421هـ، بإنشاء الهيئة العليا للسياحة، وصدر قرار ملكي بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز أميناً عاماً للهيئة برتبة وزير، وتشرّفت الهيئة أن يكون صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز رئيساً لمجلس إدارة الهيئة، ثم خلفة في رئاسة مجلس إدارة الهيئة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية، وكان لسموهما الأثر الكبير في دفع مسيرة الهيئة والإشراف على إعداد خططها الاستراتيجية وبرامجها المتعددة.

لقد جاء إنشاء الهيئة العليا للسياحة تأكيداً على اعتماد قطاع السياحة باعتباره قطاعاً ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً مهمًا، وتأكيداً على أن السياحة واقعاً وطنياً يستلزم قيام الجهات المسؤولة بالتخطيط لتطويره وتنميته منطلقاً من المقومات السياحية المتميزة ومنها: نعمة الأمن والأمان اللذين تتميز بهما المملكة، وأصالة المجتمع السعودي المضياف، والموقع الجغرافي للمملكة، ومساحتها الشاسعة، وما تشتمل عليه من تضاريس متباينة ذات مناخ متنوع ومناظر خلابة، وتوفر المواقع الأثرية والتاريخية المهمة وتميز التراث الثقافي الوطني، وتوفر الخدمات الحديثة والبنية التحتية اللازمة لصناعة السياحة.

وفي ظل توجه الدولة لتطوير الوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية المختلفة رأت القيادة أن من الأهمية بمكان إعطاء قطاع الآثار أهمية خاصة والرفع من نشاطه على الصعيد العلمي والثقافي والفني والإداري وبما يتوافق مع الإرث الحضاري الزاخر الذي تحتفظ به المملكة، فقد صدر الأمر الملكي رقم أ/ 2 وتاريخ 28-2-1424هـ، وقرار مجلس الوزراء رقم 141 وتاريخ 28-5-1424هـ، القاضيان بنقل وكالة الآثار المرتبطة بوزارة التربية والتعليم إلى الهيئة العليا للسياحة وقيام الهيئة بإعادة النظر في تنظيمها وفي مشروعي النظام والتنظيم لنشاط الآثار والتراث الوطني، على أن يشكل التكامل بين الآثار والسياحة رافداً قوياً لدعم المهام المنوطة بكليهما مع الاحتفاظ بشخصية مستقلة لكل منهما، ومراعاة التباين في طبيعة الاختصاص.

لقد وضعت الهيئة العليا للسياحة رؤية واضحة لمنهجها، ومهمة واضحة لتحقيق مسيرتها. وتركزت رؤيتها من منطلق " أن المملكة العربية السعودية-تسعى-وهي مهد الإسلام إلى تنمية سياحية قيمة ومميزة ذات منافع اجتماعية وثقافية وبيئية واقتصادية انطلاقاً من قيمها الإسلامية وأصالة تراثها العريق وضيافتها التقليدية"، كما تضمنت مهمة الهيئة من منطلق " أن المملكة العربية السعودية في ظل قيمها ومقوماتها المتميزة بتنمية سياحية متوازنة ومستدامة تحقق تنوعاً اقتصادياً وإثراء اجتماعياً وتوجد فرصاً للعمل وتحافظ على البيئة والأصالة والثقافة".

ومن هذا يتضح أن توجُّه الدولة في اهتمامها بالآثاروالتراث الثقافي يأتي بناءً على أسس ومفاهيم ومنطلقات واضحة، فالآثار والسياحة هما وجهان لعملة واحدة، وتشكل الآثار أحد أهم الركائز الأساسية في السياحة الثقافية لأي أمة.

وتضمنت استراتيجية تطوير قطاع الآثار نقاطاً أساسية مهمة ومنها:تحقيق التكامل بين جهازي السياحة والآثار والمتاحف بصيغة ترفع من مستوى أداء كل منهما، وتحديث قطاع الآثار والمتاحف بالاعتماد على حيوية السياحة وتنمية الموارد البشرية في قطاع الآثار والمتاحف والرفع من كفاءتها، وتطوير أداء قطاع الآثار والمتاحف في مجالات الحماية والبحث العلمي والتنقيب الأثري والنشر، والرفع من إسهام قطاع الآثار والمتاحف في التنمية، والاستفادة من المواقع الأثرية والتراثية والمتاحف في تطوير السياحة الثقافية والتسويق الهادف لتراث المملكة، بتنمية عدد من مواقع التراث الثقافي لتصبح مواقع جذب سياحي ذات جودة عالية، وعدم التأثير سلباً على أنشطة وبرامج الهيئة العليا للسياحة، والحفاظ على استقلالية عمل قطاع الآثار.

لقد اعتمدت الهيئة العليا للسياحة رؤية للآثار والمتاحف تنص: " أن المملكة العربية السعودية، وهي مهد الإسلام، تَعْنِى بالمحافظة على تراثها الأثري والعمراني العريق وإبرازه، لكونه عنصراً مهماً في حضارة الأمة، والإفادة منه ثقافياً، واجتماعياً، واقتصادياً في ظل القيم الإسلامية السمحاء".

وقد خطت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني خطوات مميزة في فتح آفاق جديدة للتعاون الدولي، وبناء جسور مع المنظمات الدولية والمعاهد والمراكز والمتاحف العالمية، بشكل متزامن مع إعداد الدراسات والخطط الإستراتيجية الخاصة بضم قطاع الآثار وتطويره. ويعد معرض (روائع من مجموعة الفنون الإسلامية بمتحف اللوفر)، الذي أقيم في قاعة العروض الزائرة بالمتحف الوطني مناسبة تاريخية، فقد حظي برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، الذي تفضّل بافتتاحه بحضور فخامة الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك (في 6-2-1426هـ - -3-2006م)، وأعقب ذلك تنظيم معرض " طرق التجارة في شبه الجزيرة العربية.. روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور"، الذي كانت محطته الأولى بمتحف اللوفر في باريس عام 2010م، لينتقل بعدها إلى أشهر المتاحف العالمية في أوروبا وأمريكا، واليابان، وكوريا الجنوبية، والصين، وقد استقبل المعرض خلال رحلته الطويلة أكثر من 5 ملايين زائر، وهدف المعرض إلى تعريف شعوب العالم بحضارة المملكة التي تمتد لآلاف السنين، وتؤكد المشاركة الفعَّالة لإنسان الجزيرة العربية في بناء الحضارات البشرية على مر العصور، في إبراز البعد الحضاري للمملكة الذي لا يقل أهميةً عن أبعادها الثلاثة التي يعرفها العالم، وهي: (البعد الاقتصادي، والبعد الديني، والبعد السياسي)، للتأكيد على أن المملكة ليست طارئة على التاريخ، بل كانت امتداداً وملتقىً لحضارات إنسانية شهدتها جزيرة العرب تُوِّجت بحضارة الإسلام العظيمة.

لقد كانت البداية الأولى للتعريف بتراث المملكة وحضارتها للعالم من خلال معرض « المملكة بين الأمس واليوم» ، الذي خطط له وأشرف عليه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ـ حفظه الله ـ حين كان أميراً للرياض، وكانت نسخته الأولى في ألمانيا عام 1985م، ليستمر المعرض في التنقل من دولة لأخرى في أوروبا، وأمريكا، والمغرب وتونس ومصر، حتى عام 1992م. وقد اشتمل المعرض في محطاته المختلفة على عروض فنية وثقافية وتراثية، ولوحات تعريفية بالمملكة وثقافتها والتنوع الذي تحتويه، والتسلسل التاريخي لنشأة المملكة، وأبرز المعالم فيها من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها.

وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيزـ حفظه الله ـ تم تأسيس وزارة الثقافة بموجب الأمر الملكي (رقم: أ/217) في 17 رمضان 1439هـ الموافق 2 يونيو 2018م، من أجل أن الارتقاء بالمشهد الثقافي في المملكة على الصعيدين المحلي والدولي، والحفاظ على التراث التاريخي للمملكة، والسعي لبناء مستقبل ثقافي غنيّ تزدهر فيه مختلف أنواع الثقافة والفنون، والمساهمة في تحقيق برنامج التحول الطموح الذي تعيشه المملكة العربية السعودية ضمن رؤية 2030. ويتمثل هدفها في المساهمة في بناء مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر، ووطن طموح. وحددت الوزارة ثلاثة أهداف للمشهد الثقافي وهي: تعزيز الثقافة كأسلوب حياة، وتمكين الثقافة من المساهمة في النمو الاقتصادي، وخلق فرص للتبادل الثقافي العالمي. وأصبح للقطاع الثقافي المزدهر دور أساسي في تعزيز الهوية الوطنية، وتعزيز التماسك الاجتماعي والصحة والسعادة، بالإضافة إلى دور الوزارة في إقامة روابط أقوى مع البلدان في جميع أنحاء العالم.

وأنشأت وزارة الثقافة هيئات فرعية متعددة، تشكل الحيز الثقافي الذي تشرف عليه الوزارة، وعددها 11 هيئة وفي مقدمتها: هيئة التراث، وهيئة المتاحف، وهيئة فنون العمارة والتصميم، كما حظي المتحف الوطني بمركز الملك عبد العزيز التاريخي باهتمام خاص وتشكل له مجلس أمناء يشرف على تطويره. وعملت وزارة الثقافة على بناء منظومة متنوعة من المنظمات غير الربحية في مختلف القطاعات الثقافية، تنتشر في جميع المناطق، وتشمل تكوين ست عشرة جمعية مهنية في ثلاثة عشر قطاعًا ثقافيًا.

لقد حضيت المملكة العربية السعودية بمكانة مميزة في منظمة اليونسكو بصفتها واحدة من أوائل الدول التي شاركت في تاسيس المنظمة، ثم عضويتها في المجلس التنفيذي للمنظمة وفي عدد من لجانها، وفي دعمها لمشاريع اليونسكو الثقافية، والمحافظة عى التراث الإسلامي وخاصة في فلسطين. وأثمرت الجهود في تسجيل عدد من المواقع الأثرية والتاريخية والتراثية ضمن مواقع التراث العالمي ومنها: الحِجْر (مدائن صالح)، والدرعية القديمة (حي الطريف التاريخي)، والمنطقة التاريخية لمدينة جدة، وأعقبها تسجيل مواقع الفنون الصخرية في جبة والشويمس بمنطقة حائل، وواحة الأحساء أكبر واحة نخيل في العالم، وموقع حمى الثقافي بمنطقة نجران، وهناك مواقع أخرى تسعى وزارة الثقافة لادراجها في سجل التراث العالمي.

كما حققت المملكة خطوة جديدة في مسار الارتقاء بالقطاع الثقافي، من خلال تسجيلها لعدد(11) عنصرًا ثقافيًا مسجلًا في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لليونسكو، وهي: "المجلس، القهوة العربية، العرضة النجدية، المزمار، الصقارة، القط العسيري، النخلة، حرفة السدو، الخط العربي، حداء الإبل، والبن الخولاني السعودي".

ويعد " برنامج العناية بمواقع التاريخ الإسلامي"، و خصوصاً الواقعة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، التي تحتل مكانة كبيرة في قلب كل مسلم، كونها شهدت بزوغ رسالة الإسلام وانطلاقته الأولى على أرض هذه البلاد الطيبة، وارتبط كثير منها بسيرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين رضي الله عنهم من بعده، الأمر الذي جعلها تحظى بالاهتمام وعناية حكومة المملكة منذ تأسيسها وحتى الآن، كما أن هذه المواقع شهدت تطورات حضارية مهمة رسم الإسلام ملامحها، ورسخ مفاهيمها الإنسانية الرفيعة، مما يحفز على الاهتمام بها وإبراز مدلولاتها الحضارية وإسهاماتها المميزة في مسيرة التاريخ الإسلامي. وتبنت برنامج خدمة ضيوف الرحمن الذي يهدف لإتاحة الفرصة لأكبر عدد ممكن من المسلمين لأداء فريضتي الحج والعمرة على أكمل وجه، وإثراء وتعميق تجربتهم، من خلال تهيئة الحرمين الشريفين، وتحقيق رسالة الإسلام العالمية، وتهيئة المواقع السياحية والثقافية، بشكل يضمن إثراء التجربة الدينية والثقافية ولتحقيق تجربة روحانية متميزة للحاج والمعتمر في زيارة الحرمين والمشاعر المقدسة، وأداء النسك بصحة وأمن، واكتشافِ المملكة.

وتشكل آلاف القرى التراثية في المملكة قيمة تاريخية وحضارية فريدة في تنوعها في ثرائها المعماري وبيئاتها الجغرافية، ولذلك نجحت المبادرات في توثيقها وتأهيلها وإحيائها من جديد، كونها تمثل حقباً تاريخية مهمة، وتربط الماضي بالحاضر، وتشكل مصادر معرفية تحكي كفاح الآباء والأجداد، خاصةً لجيل الشباب الحالي، الذي بدأ يعي حياة الماضي بكل أبعاده، وإعاد توظيفها لتحقيق عائدات مالية واقتصادية بصورة متوازنة ومستدامة.

ونختم بالتنوية عن مشروع الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز لتطوير المساجد التاريخية، لما لهذه المساجد من مكانة عظيمة في الدين الإسلامي، إضافة إلى أنها أحد أهم معالم التراث العمراني الحضاري، ولأصالة طابعها المعماري، وما تمثله المساجد المشمولة بالبرنامج من عمق تاريخي وثقافي واجتماعي، وتحقيق وظيفتها الأسمى بإقامة الصلوات والعبادة وتحفيظ القرآن الكريم، ويُسهم المشروع في إبراز البُعد الحضاري للمملكة، الذي تركز عليه رؤية المملكة 2030، عبر المحافظة على الخصائص العمرانية الأصيلة والاستفادة منها في تطوير تصميم المساجد الحديثة.

ومجمل القول فإن تراث المملكة الثقافي أصبح له أهمية على الصعيد المحلي والعالمي، لكونه مورد أصيل للمعرفة، ودفع لعجلة البحث العلمي من خلال الاكتشافات الأثرية المتوالية التي أثمرت نتائجها في توفير حقائق عن العمق الحضاري لتراث المملكة، فتح الباب واسعًا لإعادة التزمين التاريخي للجذور الحضارية في الجزيرة العربية، وحياة الإنسان عبر العصور، وما تركه من شواهد مادية في العمارة والفنون، والنقوش والكتابات القديمة والإسلامية وغيرها من الشواهد الحضارية.  ولهذا فإن مستقبل التراث في المملكة يبشر بكل الخير، لمختلف الأصعدة العلمية والثقافية والتربوية والاقتصادية، ويشكل جسوراً تربط الماضي العريق مع مستقبل الأجيال المقبلة.

ونتمثل قول الشاعر:             

    وللعلم من آثارنا في جبالنا*** على الدهر آيات بها ينطق الصخر


 

مقالات لنفس الكاتب