; logged out
الرئيسية / تقرير التنمية البشرية الأممي 2010: العرب إلى أين؟

تقرير التنمية البشرية الأممي 2010: العرب إلى أين؟

الثلاثاء، 01 آذار/مارس 2011

تصدر الأمم المتحدة من خلال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تقريراً سنوياً عن حالة التنمية البشرية في أغلب دول العالم، ومضى أكثر من عشرين عاماً على صدور التقرير، وقد صدر هذا العام تقرير التنمية البشرية لعام 2010 بحضور الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ومدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

يسلط التقرير الأضواء على البلدان التي أحرزت تقدماً في العقود الأخيرة بمقياس دليل التنمية البشرية، وقد جاءت خمس دول عربية بين الدول العشر الأولى في العالم.

وقدم التقرير عنواناً له (الثروة الحقيقية للأمم.. مسارات إلى التنمية البشرية) يحلل المكاسب التي تحققت على مدى أربعة عقود من الزمن في ثلاثة مجالات أساسية هي – الصحة – التعليم والدخل بمقياس التنمية البشرية في 135 بلداً في العالم تتوافر لها بيانات دقيقة وإحصائيات تضم أكثر من 90 في المائة من سكان العالم.

ويشير التقرير الأممي إلى تقدم الدول العربية من عام 1970 إلى 2010 بشكل كبير، وجاءت في مقدمتها سلطنة عمان التي احتلت المرتبة الأولى ثم المملكة العربية السعودية الخامسة ثم تونس السابعة والجزائر التاسعة والمغرب العاشرة من بين 153 بلداً في العالم، وأن مصدر التقدم لهذه الدول هو نتيجة إنجازات كبيرة تحققت للدول في مجالي الصحة والتعليم.

وقد ارتفع متوسط العمر عند الولادة في هذه الدول العربية من 51 سنة عام 1970 إلى 70 سنة عام 2010، وهو حسب التقرير أفضل ما شهدته دول العالم، وأن معدل وفيات الأطفال الرضع انخفض من 98 حالة لكل 100 من المواليد الأحياء عام 1970، إلى38 حالة وفاة عام 2008، أي ما دون المعدل العالمي وهو 44 حالة وفاة لكل 1000 من المواليد الأحياء.

وقد ازداد معدل الالتحاق بالمدارس من 43 في المائة عام 1970 إلى 64 في المائة عام 2010 ومعدل سنوات الدراسة للسكان الكبار 5,7 بينما المتوسط العالمي 7,4 في المائة، وجاء لبنان وجيبوتي الوحيدين دون المستوى المعلن بسبب أن لبنان في حالة حروب طويلة وعدم استقرار سياسي مما أعاق واقع التنمية البشرية وهي حالة مشابهة حسب التقرير لدول عربية أخرى هي العراق وفلسطين والسودان والصومال واليمن بسبب الظروف التي تمر بها من تدخلات خارجية واضطرابات داخلية. بينما عانى العرب من الصراعات بنسبة زادت ثلاثة أضعاف ما شهدته دول العالم الأخرى في 18 سنة بين 1990 - 2008.

ويبين التقرير حجم الفوارق الكبيرة في الوضع الإنمائي في المنطقة، حيث حلت دولة الإمارات العربية المتحدة بالمرتبة الأولى على الصعيد العربي حسب دليل التنمية البشرية و32 عالمياً وهي في فئة بلدان التنمية البشرية المرتفعة جداً. وجاء السودان في فئة التنمية البشرية المنخفضة والمرتبة 154 عالمياً من أصل 169، علماً أنه لم يشتمل التقرير على بعض الدول العربية وهي العراق وفلسطين والصومال ولبنان لنقص البيانات والمعلومات التنموية حولها.

ويظهر التقرير حجم الفوارق في واقع التنمية البشرية، فهناك العديد من الدول العربية التي حققت تقدماً في الترتيب العربي والترتيب العالمي أيضاً، في حين أن دولاً عربية أخرى تراجعت إلى حد ما على أساس المعايير التي وضعها التقرير وهي الصحة والتعليم والدخل، وأن هناك عدم مساواة في توزيع التعليم وتفاوتاً بين الرجل والمرأة في الصحة الإنجابية والمشاركة في القوة العاملة في 138 بلداً عالمياً، وأن متوسط حجم الخسائر في الدول العربية بسبب الفوارق بين الجنسين هو 70 في المائة والمتوسط العالمي في الفوارق بين الجنسين 56 في المائة، وبلغ معدل الالتحاق في الجامعات العربية 132 امرأة مقابل كل 100 رجل. أما اليمن فكان أكبر الدول الخاسرة في دليل التنمية البشرية بسبب الفوارق بين الجنسين، أما دولة قطر فهي تشهد أعلى مستوى من الفوارق بين الجنسين في الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة.

أما بشأن الفقر المتعدد الأبعاد والذي يقيس أوجه الحرمان الشديد في مجالات الصحة والتعليم ومستوى المعيشة فإن 39 مليون شخص في المنطقة العربية في حالة فقر متعدد الأبعاد، وتقل نسب الفقر إلى أدنى مستوياتها في دولة الإمارات العربية المتحدة وتونس، في حين ترتفع إلى أعلى حد لها في التقرير في الصومال إلى نسبة 81 في المائة.

وكان قد كتب مقدمة تقرير التنمية البشرية الجديد الدكتور أمارتيا سنغ من الهند الحائز جائزة نوبل للاقتصاد في عام 1998، علماً أن تقارير التنمية البشرية تتم الاستفادة منها بشكل كبير، ويترقبها الأساتذة في الجامعات من المتخصصين في السياسة والعلاقات الدولية والاقتصاد وإدارة الأعمال والمالية والصحة، فضلاً عن طلبة الدراسات العليا وفي المقدمة أصحاب صنع القرار من أجل التعرف إلى مديات دولهم وعناصر القوة والضعف والتحديات السياسية والصحية والاقتصادية والتعليمية ثم كيفية وضع الخطط التنموية الوطنية من أجل تلبية حاجة المجتمعات المستدامة.

وبهذا فإن التقرير يشير عبر إحصائيات وبيانات علمية إلى مدى تقدم الدول العربية أو تراجعها، وهي بصورة عامة شهدت في تقرير التنمية البشرية 2010 تقدماً كبيراً مقارنة بالعشرين سنة الماضية وهذا لا يمكن تجاهله. إلا أن السمة الأساسية أن هناك تفاوتاً بات كبيراً بين دول عربية مرتفعة التنمية جداً هي الخليجية خاصة دولة الإمارات وسلطنة عمان والمملكة العربية السعودية وقطر، ومن جهة أخرى دول عربية منخفضة جداً في التنمية حسب التقرير الأممي لعام 2010 وهي العراق ولبنان والسودان واليمن والصومال وجيبوتي، أي أن خمس العرب في الصدارة العالمية للتنمية بينما خمس العرب الآخرين في قعر التنمية العالمية مما يتطلب من جامعة الدول العربية وهيئاتها العربية أن تسعى إلى مبدأ التكامل العربي التعليمي والصحي والزراعي والتجاري والمالي لسد الفجوة بين الدول العربية وتحقيق التكامل العربي الحقيقي، وأن نستفيد من هذا التقرير في تصحيح المسارات العربية سواء من الدول وصناع القرار فيها كل على حدة أو من المنظمات العربية لتحقيق التفاهمات والشراكة العربية بين الدول العربية.

فهل نعي ونتابع ونحلل نتائج هذا التقرير ونعقد حوله ورش العمل والندوات للحوار والنقاش والخروج بالنتائج المرجوة والدروس المستفادة؟ وهو مطلب بات ملحاً اليوم، وكفانا تجاهلاً لما حولنا من تطورات عالمية في ظل تحديات الألفية الثالثة (قرن العلم والتكنولوجيا والتنمية).

مقالات لنفس الكاتب