; logged out
الرئيسية / تضارب الدراسات حول جدوى العملة الخليجية

تضارب الدراسات حول جدوى العملة الخليجية

الإثنين، 01 شباط/فبراير 2010

صدرت دراسة حديثة، أعدها أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت الدكتور محمد السقا، عن سبل وصول دول مجلس التعاون الخليجي إلى عملة خليجية مشتركة والتحديات التي تواجهها.

استعرض د. السقا في بداية دراسته المراحل التاريخية التي مرت بها العملة الموحدة، إذ وضعت دول مجلس التعاون عام 2005 المعايير التي تحقق التقارب الاقتصادي واللازمة لقيام الاتحاد النقدي، فاشترطت ألا يتجاوز العجز في ميزانية الدولة نسبة 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للدولة العضو عند الانضمام، كما ألزمت الدول الأعضاء بألا يتجاوز الدين العام نسبة 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وأيضاً، على الدول الراغبة في الانضمام إلى العملة الموحدة أن تكون احتياطيات النقد الأجنبي لديها كافية لتغطية 4 أشهر على الأقل من الواردات للدول الأعضاء، فضلاً عن ضرورة التوصل إلى معدل تضخم متقارب مع معدل تضخم تقاربي يحسب على أساس متوسط مرجح لمعدلات التضخم في دول مجلس التعاون.

وتوضح الدراسة أن من المفترض أن تبدأ السوق الخليجية الموحدة في عام 2007 بعدها يتم إصدار العملة الخليجية الموحدة في موعد أقصاه يناير 2010، إلا أن بعض الدول الأعضاء في المجلس أعلنت رغبتها في تأجيل تاريخ البدء أو عن نيتها عدم الالتحاق حالياً بالعملة الموحدة كالإمارات وسلطنة عُمان.

إنشاء العملة الموحدة سوف يساهم في تدعيم مستويات الكفاءة الاقتصادية لدول الإقليم

ويشرح السقا في دراسته معنى نظرية منطقة العملة المثلى (Optimum Currency Area)، إذ تشير النظرية إلى أن أهم معايير إنشاء منطقة عملة مثلى تتمثل في أن تكون الدول الأعضاء في المنطقة عرضة لصدمات مشتركة (Common shocks)، وأن تكون هذه الصدمات متماثلة (Symmetric)، وهو ما يتطلب أن ترتفع درجة كثافة التجارة البينية (Intra Trade Intensity) إضافة إلى تشابه هياكل الإنتاج ومستويات نمو الدخل، كما تتطلب الوصول إلى عملة مثلى تقارب مستويات الأسعار وحرية انتقال عناصر الإنتاج.

ولعل من أبرز مزايا العملة الخليجية الموحدة حسب ما جاء في دراسة السقا، مساهمتها في إلغاء الحواجز بين أسواق المال الوطنية عبر دول التكتل كما تعمل على مساعدة رأس المال في البحث عن أعلى الفرص لمستويات العائد على الاستثمارات في منطقة التكتل ككل.

وإذا ما تم صدور العملة الموحدة، فستتمكن الشركات من تعبئة رؤوس الأموال من خلال كافة أسواق المال عبر دول التكتل للمشروعات ذات العوائد الأعلى.

ومقابل تلك المزايا، يضع السقا العيوب التي تحملها العملة الموحدة على دول مجلس التعاون، فقد تعمل على فقدان الدول استقلالها النقدي بصفة خاصة في ما يتعلق بتطبيق سياستها النقدية بالإضافة إلى فقدان الدولة وبدرجة أقل استقلال سياستها المالية.

كما قد تفقد الدولة -حسب الدراسة- إلى إيراداتها من إصدار العملة.

وقد أورد السقا في بحثه بعض الدراسات السابقة التي أوصت دول مجلس التعاون بعدم المضي في مشروع إنشاء العملة الخليجية الموحدة مع غياب الدلائل التي تشير إلى تقارب المعايير الاقتصادية الكلية في دول المجلس أو تجانس دوراتها الاقتصادية.

لكن أجمعت تلك الدراسات على أن إنشاء العملة الموحدة سوف يساهم في تدعيم مستويات الكفاءة الاقتصادية لدول الإقليم وتعميق مستويات التكامل الاقتصادي فيما بينها، والمساعدة على تنمية قطاعاتها غير النفطية بالإضافة إلى تعزيز دور القطاع الخاص بها، وتجارتها الخارجية الحرة، وكذلك تدفقات رؤوس الأموال من وإلى تلك الدول.

تجمع الدراسات على ضرورة قيام دول مجلس التعاون بإلغاء معوقات التبادل التجاري والاستثمار فيما بينها

أما عن التحديات التي تقف في طريق العملة، فتجمع الدراسات على ضرورة قيام دول مجلس التعاون بإلغاء معوقات التبادل التجاري والاستثمار فيما بينها، فضلاً عن اتباع سياسات إقليمية تضمن مستويات عالية من الاستقرار الاقتصادي ورفع مستويات التكامل بين دول الإقليم، وضمان درجة أكبر من التكامل السياسي بين الدول الأعضاء. كما فضلت الدراسات أن تبدأ دول مجلس التعاون بتثبيت عملاتها بسلة من الدولار واليورو لضمان درجة أكبر من الاستقرار لأصولها المالية ومستوى تنافسية صادراتها غير النفطية، ثم تتبنى تلك الدول سلة عملات لا تقتصر على الدولار واليورو وإنما تضم عملات أخرى.

وتشير الدراسات إلى أن التقارب المالي سيمثل تحدياً أساسياً أمام الاتحاد النقدي، وأنه لتحقيق شرط التقارب المالي يجب ألا ينظر إلى الميزانية العامة ومدى نسبة العجز كمعيار، نظراً لكون أسعار النفط متقلبة، كما أن الثروة النفطية غير متجددة وناضبة، وبالتالي يجب اتخاذ هدف مالي أدق من ذلك للدلالة على استمرارية الوضع المالي لدول المجلس والتأهب لانخفاض الثروة النفطية وإيراداتها.

ومن التحديات التي تقف أمام العملة الموحدة أيضاً، ضرورة تبني دول مجلس التعاون برامج معتمدة لتوفير الإحصائيات اللازمة لنجاح مشروع العملة الموحدة، وذلك من خلال بناء مؤسسات مختصة على المستويين القطري والإقليمي، مثل الـ (Eurostat) في الاتحاد الأوروبي، وذلك بهدف توفير البيانات الإحصائية الدقيقة في المجالات المختلفة، اللازمة لإدارة العملة الموحدة.

 

 

مقالات لنفس الكاتب