array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

الخطر الإيراني.. وهم أم حقيقة؟

الثلاثاء، 01 حزيران/يونيو 2010

تأليف: د. أحمد أبو مطر
دار النشر: المصرية للنشر والتوزيع
سنة النشر: طبعة أولى 2010

عندما انتصرت الثورة في إيران عام 1979 سادت المنطقة العربية مشاعر غامرة من التأييد والترحيب بهذه الثورة على أمل أن تكون إيران الثورة سنداً وحليفاً رئيساً للعرب، وفي غمرة هذه الأجواء لم ينتبه الكثير من العرب بالقدر الكافي لعدد من المسائل الحيوية وبالغة الأهمية والخطورة وهي كما يلي:

أولاً: جرى الاعتقاد وربما بالأحرى التعامي الكامل عن الإطار التاريخي للعلاقات بين الأمتين العربية والإيرانية والتي كانت في أغلبها علاقات مملوءة بالصراعات المريرة والطويلة والدموية على كافة المستويات القومية والمذهبية والثقافية والسياسية، وقد تعمدت بعض القطاعات من النخب العربية المنحازة لإيران التعتيم على هذا الجانب التاريخي، حتى لا يكتشف المواطن العربي حقيقة المشروع الإيراني الراهن باعتباره امتداداً معاصراً للصراع التاريخي المزمن بينها وبين العرب.


ثانياً: إيران الحالية في ظل نظام الجمهورية الإسلامية هي امتداد طبيعي يجسد روح الاستعلاء الفارسي على العرب والعروبة وحتى على الشيعة العرب أنفسهم، لأن الإيرانيين لم يعتبروا أبداً دخول الإسلام إلى بلدهم فتحاً إسلامياً وإنما اعتبروه غزواً عربياً، لذا يمتنعون عن تعلم اللغة العربية أو التحدث بها ويمعنون في الاعتماد على اللغة الفارسية حتى يتميزوا بشكل استعلائي عن العرب (آريين وفرياً) في المقام الأول الذي يسبق انتماءهم إلى الإسلام. وخلافاً لعلاقاتهم مع الشعوب الأخرى، فإن الثقافة الإيرانية تضع تناقضها الأول مع العرب وليس غيرهم.

نظرة استعلائية عنصرية

يلعب النظام في إيران على ثلاث هويات مختلفة فهو فارسي الأصل، ويدعي أنه إسلامي بشكل عام، ويتعصب للمذهب الشيعي في جوهر تحركاته وتوجهه، وفي الإطار الثقافي الإيراني العام لا تزال (ملحمة الشهنامة) ـ التي ألفها الفردوسي ـ تحتفظ بمكانة عالية في صدر التراث الشعري الإيراني الفارسي وهي تمجد ملوك الفرس مقابل تحقير العرب والاستخفاف بهم، وتصفهم بالأعراب الحفاة ولم تستثن في ذلك حتى قائد معركة القادسية سعد ابن أبي وقاص.

ولا تقتصر هذه النزعة العنصرية الاستعلائية إلى العرب على الماضي الفارسي لإيران، لكنها لا تزال سارية المفعول حتى الآن، ولا تزال أيضاً الثقافة الإيرانية المعاصرة تحط من قدر العرب وتحقر صورتهم في الأدب الفارسي ولا تعترف الجمهورية الإيرانية الإسلامية للعرب الأهوازيين بحقهم الطبيعي في استخدام لغتهم العربية بعد أن فرضت اللغة الفارسية على كل القوميات الأخرى، وهي تواصل بذلك النهج الشاهنشاهي الذي ابتدعه الإمبراطور رضا شاه البهلوي.

إن تركيز الجمهورية الإيرانية الآن على ما تسميه بـ (عالمية الإسلام) هو مجرد غطاء تبرر به نزعتها التسلطية لفرض مركزيتها القومية الفارسية على الأمة العربية، فالنظام الراهن لا يزال يعتمد نظام التقويم الشمسي وليس التقويم الإسلامي الهجري وتحتفل الجمهورية الإسلامية في إيران بالأعياد القومية الفارسية خاصة (عيد النيروز) وغيره من المناسبات التي ترتبط بالتاريخ والقومية الفارسية.
وتصر الجمهورية الإسلامية في إيران على فرض اسم الخليج الفارسي على الخليج العربي، وكان الخميني رفض رفضاً قاطعاً الصيغة التي وضعها المؤتمر الإسلامي لتجاوز الخلاف على تسمية هذا الخليج واقترح تسميته بالخليج الإسلامي، لكن الخميني رفض ذلك، وكانت السلطات الإيرانية وبخت حليفها خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس لأنه استخدم تعبير الخليج العربي وليس الفارسي، وقد أدت هذه النزعة الفارسية الغالبة إلى ردة فعل عربية مقابلة تصف الإيرانيين بالفرس والمجوس والصفويين.

ولا تقتصر خطورة الوضع الإيراني الراهن على هذا الانقسام القومي وعلى بث روح التمييز والاستعلاء بينها وبين العرب، لكنه تجاوز ذلك إلى ما هو أخطر بكثير، فقد أدى انتصار الثورة الإسلامية في إيران إلى حالة استنهاض واسعة لما يسمى الصحوة الإسلامية المعاصرة والتي أعادت إلى صدارة المشهد العربي المعاصر بروز حركات وأحزاب ما يسمى الإسلام السياسي.

مقالات لنفس الكاتب