array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 86

مخرجات حوار التوافق الوطني ومستقبل مملكة البحرين

الثلاثاء، 01 تشرين2/نوفمبر 2011

بانتهاء حوار التوافق الوطني في نهاية شهر يوليو الماضي الذي دعا إليه ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة في إطار سلسلة المبادرات العديدة لمعالجة آثار وتداعيات أزمة 14 فبراير، دخلت المملكة مرحلة جديدة في تاريخها الوطني، حيث أسس هذا الحوار لعصر جديد يتسم بمشاركة جميع مكونات المجتمع في وضع أسسه ورسم ملامحه وتحديد معالمه.

بمجرد أن تسلم رئيس مجلس الوزراء خليفة بن سلمان آل خليفة مخرجات ومرئيات حوار التوافق الوطني (291) مرئية من الديوان الملكي بادر إلى توجيه كل أجهزة الدولة ومؤسساتها بوضع الآليات والخطط التنفيذية الضامنة لوضع المرئيات موضع التنفيذ الدقيق والمحكم، من أجل رفع مستويات معيشة المواطنين والارتقاء بالمكتسبات التنموية والديمقراطية التي حققتها المملكة على مدار السنوات الماضية.

إن نظرة سريعة على الآليات والخطط التي اتبعتها الحكومة في دراسة وتنفيذ مرئيات حوار التوافق الوطني، يمكن القول إن هذه الآليات اتسمت بخصائص عدة أدت إلى فاعليتها ونجاحها في تنفيذ الجزء الأكبر من هذه المرئيات قبل الرابع من أكتوبر 2011 م، وهو موعد الانعقاد الثاني للفصل التشريعي الثالث. وأهم هذه الخصائص ما يلي:

1- المؤسسية:

فقد قامت الحكومة بتشكيل لجنة برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة مهمتها تنفيذ مرئيات حوار التوافق الوطني، وذلك لضمان مركزية الإشراف العام والمتابعة اليومية الدقيقة لتنفيذ مرئيات الحوار بمحاوره الأربعة المتمثلة في المحور السياسي والمحور الحقوقي والمحور الاجتماعي والمحور الاقتصادي، حيث اضطلعت اللجنة المكلفة بإصدار التوجيهات واتخاذ القرارات اللازمة لتنفيذ المرئيات.

وقد تفرع من اللجنة الحكومية لجنتان تولى وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف الإشراف على أعمالهما، وهما لجنة الصياغة الدستورية تتولى مهمة تنفيذ المرئيات التي تتطلب تعديلات دستورية. واللجنة القانونية لصياغة التشريعات (هيئة التشريع والإفتاء القانوني)، وتعنى بالمرئيات التي يتطلب تنفيذها تعديلات تشريعية أو إصدار مراسيم ملكية، أو سن تشريعات جديدة.

2- التخصص وتقسيم العمل

وذلك ضماناً للجودة والسرعة في التنفيذ ومنعاً للتداخل في المهام والاختصاصات والاستغلال الأمثل للوقت والجهد، واتضح ذلك من خلال خطوتين أساسيتين هما:

أ- قيام اللجنة الحكومية المكلفة تنفيذ مرئيات حوار التوافق الوطني بتوزيع مهام متابعة تنفيذ المرئيات المتعلقة بمحاور الحوار الأربعة على عدد من الوزراء المعنيين الذين شاركوا كممثلين للحكومة في جلسات حوار التوافق الوطني.

ب- تصنيف المرئيات في كافة المحاور الأربعة على النحو التالي:

* المرئيات التي تتطلب إجراءات تنفيذية ووصل عددها إلى (201).

* المرئيات التي تتطلب تعديلات تشريعية أو مرسوماً ملكياً أو سن تشريع جديد وبلغت (79) مرئية.

* المرئيات التي تتطلب تعديلات دستورية وبلغت (11) مرئية.

3- الاحترافية: وقد ظهر ذلك واضحاً في آليات منها:

* قيام كافة الوزارات بتقديم الخطط التنفيذية الزمنية اللازمة لتنفيذ المرئيات التي تدخل في نطاق اختصاصها والتي تم توزيعها على كل وزارة كل حسب نطاقه واختصاصه والتي لا تتطلب سوى إجراء تنفيذي (إداري). ورفع تقارير دورية حول ما تم تنفيذه إلى اللجنة الحكومية المكلفة تنفيذ مرئيات حوار التوافق الوطني.

* تشكيل فريق عمل في كل وزارة لتحديد الاحتياجات الإدارية والأدوات التشريعية اللازمة لتنفيذ المرئيات.

* إسناد مهمة التنسيق ومتابعة تنفيذ المرئيات إلى ديوان رئيس الوزراء ليكون بمثابة حلقة الوصل بين الوزارات والمؤسسات الحكومية واللجنة الحكومية المكلفة تنفيذ مرئيات حوار التوافق الوطني.

* لقد كان حوار التوافق الوطني وما خرج به من مرئيات استجابة لمتطلبات واحتياجات المواطن، ومن ثم كان تنفيذ مرئيات هذا الحوار هو الطريق الصحيح لاستكمال مسيرة التطوير بذات الملامح والخصائص التي تميز التجربة البحرينية في الإصلاح وكانت سبباً رئيسياً في استمرارها والإضافة المستمرة لها ومن أهمها ما يلي:

1- التعبير عن الإرادة الشعبية:

من العوامل الأساسية التي ضمنت استمرار مسيرة التطوير في مملكة البحرين أنها تأتي معبرة عن الإرادة الشعبية وتحظى بقبول وتأييد مختلف فئات المجتمع وأطيافه ومكوناته، فقد كان ذلك سبباً في نجاح المشروع الوطني الإصلاحي لملك البحرين والذي انطلق عام 2001 والتف حوله الشعب (بنسبة 98,4 في المائة) لإيجاد واقع جديد في المجتمع البحريني يتسم بقيم ومؤسسات وقوانين راسخة ومطبقة على أرض الواقع وكفلت تقدم البلد وتنميته سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وضمنت استقراره وسلامته، وعززت التعاضد والتماسك الاجتماعي.

وقد نجح الحوار الوطني في الخروج بمجموعة من المرئيات التي عكست مدى التوافق والإجماع الوطني على ضرورة العمل سوياً من أجل مصالح الوطن ومصائر المواطنين.

لقد جاءت مرئيات حوار التوافق الوطني معبرة عن مكونات المجتمع البحريني، كما أنها كشفت أولئك الخارجين على الإجماع الوطني وأدت إلى عزلتهم كونهم يحملون أجندة غير وطنية ويجعلون ولاءهم وانتماءهم الأصلي لدول خارجية تسعى إلى الهيمنة على المملكة والمنطقة.

إن انسحاب هذه الفئة وتحديداً (الوفاق) أو ما يعرف بحزب الله البحرين من حوار التوافق الوطني لهو دليل على أن مرئيات الحوار الوطني تصب في صالح الدولة والمواطن، وأن تنفيذ هذه المرئيات سيدفع المملكة نحو مرحلة أفضل وتحقيق مكتسبات ومنجزات أكثر بعيداً عن أولئك الساعين إلى تدمير هذه المكتسبات والإساءة إليها والتقليل من شأنها.

2- الدور الفاعل للسلطة التشريعية:

إن ما تمخض عن الحوار الوطني من توافقات بين المشاركين فيه، في ما يتعلق بالسلطة التشريعية يؤكد على إدراكهم لأهمية البرلمان ودوره في توسيع المشاركة السياسية وتعميق الممارسة الديمقراطية، فالإبقاء على نظام المجلسين ورفض المرئية المطالبة بإلغاء مجلس الشورى أمر يتفق وصحيح الممارسة الديمقراطية، نظراً لأهمية وجود نظام المجلسين وهو ما عبرت عنه دراسات النظم السياسية وأثبتتها الممارسة الفعلية في الدول الديمقراطية.

كما تعتبر المرئيات التي توافق عليها المشاركون في الحوار من أبرز الآليات التي ستضمن التوسع في صلاحيات المجلس المنتخب سواء التشريعية أو الرقابية، كمنح أعضاء المجلس آلية طرح موضوع عامة للمناقشة في جلسة المجلس، وعقد الاستجوابات في جلسة المجلس بدلاً من مناقشتها في اللجان لضمان أكثر فاعلية لهذه الاستجوابات.

فضلا عن ذلك، تأتي الموافقة على إلزام الوزراء بحضور جلسات المجلس لمناقشة مواضيع وزاراتهم ضمن المقترحات المتميزة لضمان الفاعلية والتواصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية من ناحية، وتعميق الممارسة الرقابية للبرلمان على أعضاء الحكومة بصورة تعطي للطرفين حق الدفاع عن وجهة نظرهما من دون تجاهل أو عدم اكتراث من ناحية أخرى.

3- تقوية الاقتصاد الوطني:

طرح المشاركون في حوار التوافق الوطني حزمة من السياسات لتعزيز تنافسية الاقتصاد البحريني شملت العديد من المحاور، أبرزها: التهيئة القانونية والسياسية، إصلاحات وتسهيلات حكومية، دعم القطاعات الإنتاجية (القطاع الصناعي، القطاع السياحي، القطاع العقاري)، التعليم والتدريب، التمكين الاقتصادي.

كما توصل المشاركون في الحوار إلى عدد من الركائز الأساسية تقوم عليها التنافسية المستهدفة، تمثلت في: الاهتمام بالموارد البشرية الوطنية، التركيز على الإنتاجية والكفاءة وأخلاقيات العمل ونشر ثقافة الجودة والتميز في الأداء المؤسسي، العمل على تطوير وتحديث التشريعات والقوانين المنظمة لمختلف القطاعات الاقتصادية، مكافحة الفساد الإداري والمالي بفاعلية، وذلك من خلال تفعيل توصيات الجهات الرقابية وفي مقدمتها ديوان الرقابة المالية والإدارية، وتعزيز ثقافة الحوكمة والمساءلة والشفافية، ودعم جهود تمكين المرأة البحرينية اقتصادياً، وتوفير البيئة السياسية المستقرة والأمن، وتفعيل دور مجلس التنمية الاقتصادية في مجال التخطيط الاستراتيجي للاقتصاد البحريني.

4- مراعاة البعد الاجتماعي:

أولى حوار التوافق الوطني عناية كبيرة للجانب الاجتماعي، حيث وصلت مرئيات المحور الاجتماعي 85 مرئية تهدف إلى تقوية وترسيخ مؤسسات المجتمع المدني وتوفير أفضل الأجواء كي تنهض بدورها على أكمل وجه ممكن بوصفها إحدى أهم دعائم الحياة الديمقراطية والارتقاء بحياة المواطنين، ومن بين تلك المرئيات: وضع استراتيجية لعمل الجمعيات الأهلية والمهنية وتطوير أدائها، والتأكيد على الشراكة المجتمعية بين مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الرسمية، وذاتية التمويل بدلاً من الاعتماد على التمويل الحكومي، وعمل دراسة تقييمية لفاعلية الجمعيات يترتب عليها وضع إجراءات بشأنها، وسن تشريعات جديدة للنقابات العمالية، ووضع الضوابط المنظمة لعمل الجمعيات الخيرية، وتوظيف معاملات الحكومة الإلكترونية في التعامل مع الجهات الأهلية، ودعم إنشاء مقار للجمعيات الأهلية.

ومن القضايا التي نالت اهتماماً خاصاً في هذا السياق، كيفية تفعيل دور الشباب وحل مشكلاتهم وهمومهم، حيث بلغ عدد المرئيات التي تم التوافق عليها بين المشاركين في جلسات الحوار ومناقشاته سبعاً وثلاثين مرئية شملت كافة قضايا الشباب واهتماماتهم سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ودينياً وتعليمياً وترفيهياً وتثقيفياً.. إلخ، وتهدف إلى دعم الشباب مادياً ومعنوياً، ومن بين تلك المرئيات: تعزيز الثقافة السياسية لدى الشباب برعاية معهد التنمية السياسية، والسعي لتمثيل الشباب في المجلس الأعلى للشباب والرياضة، واستقطاب المؤسسات الشبابية الدولية وتوظيف خبراتها لشباب البحرين تحت رقابة الجهات المعنية، وتطوير البنية التحتية الشبابية، وإشراك الشباب في وضع الخطط الاستراتيجية، وتحسين مستوى معيشة الشباب، ورعايتهم رياضياً وثقافياً واجتماعياً، وتوفير التشريعات اللازمة لهم للمشاركة في التعاطي مع قضاياهم ومع شؤون المجتمع والوطن.

وكان للتعليم نصيب ملحوظ من الاهتمام من جانب المشاركين في حوار التوافق الوطني والذين خرجوا بمرئيات عدة لتطوير التعليم وربطه بسوق العمل، ومن بين تلك المرئيات التأكيد على دور اللجنة الوطنية لتطوير التعليم وتعزيز دور الشباب في العملية التعليمية، وربط المخرجات التعليمية باحتياجات سوق العمل، وتطوير آلية دفع المكافآت المخصصة للطلبة الجامعيين.

خلاصة القول، أن مملكة البحرين تمر بمرحلة تاريخية مهمة تؤسس لمرحلة جديدة من مراحل العمل الوطني اشترك في صياغتها ورسم ملامحها مختلف طوائف الشعب البحريني وفئاته وانتماءاته الدينية والسياسية والفكرية الحريصة على مستقبل الوطن ومصلحة المواطنين. ويقوم رئيس مجلس الوزراء وحكومته باتخاذ الخطوات الجادة والمحكمة لاستكمال مسيرة النهضة والتقدم بما يتلاءم مع طبيعة المجتمع وطموحاته ويحفظ له تقاليده وعاداته ويضمن تماسكه وثباته.

مجلة آراء حول الخليج