array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 116

تتوفر في دول الخليج عوامل نجاح التصنيع العسكري من واقع الإنفاق والإمكانيات توطين الصناعات العسكرية في السعودية: المردود الاقتصادي

الإثنين، 06 شباط/فبراير 2017

الواقع على الساحة العالمية للإنفاق العسكري، يشير إلى أن الدول المتقدمة تخصص ميزانيات ضخمة للصناعات العسكرية منذ نهاية الحرب الباردة، فهناك تصاعد متعاظم للإنفاق العسكري في معظم البلدان، بل وأصبح هذا الإنفاق يشكل عبئًًا يرهق كاهل موازنات الدول الكبيرة والصغيرة على حد سواء. وعلى الرغم من أن الطفرة الاقتصادية التي شهدها الاقتصاد العالمي في التسعينيات من القرن الماضي كانت ثمرة مباشرة لانتهاء الحرب الباردة، حيث أن جزءًا أساسيًا من الأموال التي كانت تنفق على سباق التسلح، أخذت تتوجَّه نحو مشاريع تطوير البنى التحتية المادية والاجتماعية. غير أن تلك الحقبة الذهبية لم تستمر طويلاً. فنهاية الحرب الباردة لم تجلب السلام النهائي للعالم، وسرعان ما احتدمت التناقضات بين الدول، وانتشرت النزاعات وتفاقمت الصراعات ووقعت الحروب، وتسارعت عجلة سباق التسلُّح، سواء بين الدول الكبرى، أم بين دول نامية وفقيرة ذات دخول منخفضة ومتوسطة، في آسيا وإفريقيا بشكل واضح.


ولعل أبرز ما يشير إلى تعاظم الإنفاق العسكري على مستوى العالم ما ورد في أبحاث معهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي (SIPRI). حيث تبين أن الفترة من (1989-2008م) قد شهدت ارتفاعًا لافتًا للنظر في النفقات العسكرية على مستوى العالم. وكان قصب السبق فيها بالطبع للولايات المتحدة التي شكَّل الإنفاق العسكري فيها قرابة نصف مجموع الإنفاق العسكري على مستوى العالم ككل حيث قُدِّر الإنفاق العسكري العالمي بنحو 1464 مليار دولار العام 2008م، بزيادة مقدارها 4 % بالأسعار الحقيقية، مقارنة بإنفاق العام 2007م، وزيادة بنسبة 45 % على فترة السنوات العشر 1999 – 2008م. وقد شكَّل ذلك قرابة 2,4 % من إجمالي الناتج المحلي العالمي، أو ما يعادل 217 دولارًا لكل فرد. وبقيت الولايات المتحدة الدولة الأكثر إنفاقًا في العام 2008م، حيث استأثرت بـ 41,5 % من الإنفاق العسكري الإجمالي في العالم، تلتها الصين بنسبة 5,8 %، ثم فرنسا وبريطانيا وروسيا بنسبة 4 – 4,5% لكل منها.
ومن جانب آخر، فقد تطور مستوى الإنفاق العسكري في دول الخليج، فتشير المعلومات الواردة والمنشورة إلى تزايد وتيرة الإنفاق العسكري في دول مجلس التعاون الخليجي. وتشير إحصائيات 2007م، إلى أنه على سبيل المثال فقد بلغت نسبة الإنفاق العسكري في المملكة العربية السعودية كحصة من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي 9.3%.
تختلف مبررات الدول على مستوى العالم حول موضوع الإنفاق العسكري، حيث نجد في الدول المتقدمة الكبرى أن عملية الإنفاق العسكري أسبابها استراتيجية في المقام الأول، حيث أن هذه الدول تمتلك قواعد صناعية ضخمة، وتعتبر الصناعات العسكرية بالنسبة لها من ضمن المؤسسات الاقتصادية الإنتاجية، بخلاف الدول النامية أو الفقيرة، فإنها مستهلكة لإنتاج صناعات الدول المتقدمة ولا تمتلك أي قواعد صناعية لصناعة السلاح. وبالتالي فإن الصناعات العسكرية في الدول المتقدمة لها بعدها الاقتصادي، حيث أنها تدر على هذه الدول موارد اقتصادية خارجية تدعم خزينة الدولة.
على سبيل المثال، فإن المملكة العربية السعودية تأتي في المرتبة الأولى عربيًا من حيث الإنفاق العسكري والثالثة عالميًا. وقد خصصت 25 % من موازنة 2016م، أي أكثر من 213 بليون ريال (57 بليون دولار أميركي) للقطاع الأمني والعسكري. وزاد الإنفاق العسكري والأمني للمملكة في العام 2015م، حوالي 20 بليون ريال (5.3 بليون دولار) إثر مشاركتها في عملية عاصفة الحزم التي قادت فيها المملكة تحالفًا عربيًا ضد الحوثيين في اليمن.
يتناول المقال بعض الموضوعات التي تتعلق بموضوع الإنفاق العسكري وفق الرؤى الاقتصادية، حيث تركز على واقع الصناعات العسكرية في دول مجلس التعاون حاليًا وحجمها ومساهمتها في الناتج المحلي بشكل عام، وفي المملكة العربية السعودية بشكل خاص. كما يسعى إلى إلقاء الضوء على الصناعات العسكرية في الدول الناشئة (تركيا، وكوريا، والصين)، وأيضًا استعراض مساهمة القطاع الخاص في الصناعات العسكرية في الدول الأخرى مقارنة بما هو قائم في دول مجلس التعاون الخليجي، إلى جانب استعراض رؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى تعزيز الصناعات العسكرية في المملكة والتعويل على القطاع الخاص من حيث أهمية مساهمته من خلال الدخول في مثل هذه الصناعات، وفي مقابل ذلك طرح ماذا يجب على القطاع الخاص والدولة لإنجاح مثل هذه المشاريع المستقبلية، وسنشير أيضًا إلى أهمية توطين الإنفاق العسكري الاقتصادية من حيث : التشغيل وتقليل نسب البطالة، ومدى توفير العائد أو المردود الاقتصادي، وأثر توطين هذه الصناعات على تقليل واردات دول الخليج من المعدات والذخائر.
كما يسعى المقال إلى بيان الأهمية الاستراتيجية للصناعات العسكرية في تنويع مصادر الدخل وتوسيع القاعدة الاقتصادية من خلال تصدير فائض المنتجات إلى دول المنطقة، بالإضافة إلى دور الصناعات العسكرية في تحصين الأمن القومي الخليجي وتوفير احتياجاته من الداخل بدلاً من الاعتماد على الاستيراد، مع بيان الاستفادة من المزايا النسبية للمملكة في التصنيع العسكري وذلك نظرًا لأهمية موقع المملكة على الخارطة الإقليمية، ودورها الريادي الإقليمي في تحقيق الأمن وتثبيت الاستقرار في المنطقة العربية.
كما يتناول المقال وضع تصور مستقبلي لتوطين الصناعات العسكرية في دول مجلس التعاون الخليجي، واقتراح بعض التوصيات بالمجالات القابلة للتصنيع في دول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام وفي المملكة العربية السعودية على ضوء التجارب العالمية.
في ضوء إحصائيات الاستيراد لدول مجلس التعاون الخليجي للمنتجات العسكرية بمختلف أنواعها من السوق العالمي للسلاح والتي أشارت إلى ارتفاع فاتورة الاستيراد خلال السنوات من 2007-2011م، وواقع الصناعات العسكرية في دول المجلس يبين وجود بعض اللبنات الأساسية التي تدعم توطين الصناعات العسكرية في كافة دول المجلس وعلى وجه الخصوص المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، حيث هناك العديد من الشركات الوطنية لها تجارب في الدخول إلى الصناعة العسكرية.
ويوضح الجدول التالي حجم استيراد أربعة من دول المجلس للأسلحة التقليدية:

 

جدول رقم (1)

ترتيب دول مجلس التعاون الخليجي في استيراد الأسلحة التقليدية

الدولة

الترتيب 2007-2011

الترتيب 2002-2006

حجم الواردات بملايين الدولارات

2007

2008

2009

2010

2011

2007-2011

الإمارات

9

3

970

762

565

569

1444

4309

السعودية

11

12

195

521

123

664

177

4299

قطر

43

103

-

-

285

26

181

491

الكويت

46

77

279

5

20

73

58

435

 

ولقد تضمنت تلك الواردات الأسلحة الجوية والسفن الحربية، بالإضافة إلى آليات المشاة وناقلات الجند. ولقد شكلت نسبة هذه الواردات ما بين 1999-2009م، ما نسبته 7% من الواردات الكلية العالمية في هذا الصعيد.
ولذلك ونظرًا لارتفاع فاتورة استيراد هذه الأسلحة العسكرية، فقد تبنت العديد من دول المجلس سياسات تهدف إلى إنشاء بعض الشركات الوطنية في قطاع الصناعات العسكرية، ولذلك من أجل الحد من فاتورة الاستيراد وتضخمها في المستقبل.
هناك العديد من البدايات الناجحة للصناعة العسكرية في دول مجلس التعاون لدول الخليج وعلى سبيل المثال لا الحصر نجد المملكة العربية السعودية قد بادرت مبكرًا في التوجه نحو التصنيع الحربي الداخلي، حيث تم إنشاء المؤسسة العامة للصناعات العسكرية، حيث تضم أكثر من 7000 موظف مدني وعسكري ولديها عدة مصانع في عدد من المجالات العسكرية. وتتوفر لدى المملكة عوامل النجاح في مجال التصنيع العسكري والتي تتمثل في:
- القدرة البشرية والبنية التحتية لإنشاء مصانع حربية للأسلحة الثقيلة وقطع الغيار العسكرية، بالإضافة إلى توفر المال والعنصر البشري والعلاقات الجيدة مع الدول الصانعة.
- تعتبر المملكة الصناعات العسكرية هدفًا استراتيجيًا لحماية أمنها الوطني وتنويع مصادر الدخل.
- تعتبر المملكة من أوائل الدول التي لها صناعات عسكرية وصيانة.
- كذلك تعتبر زيادة الإنفاق على التسليح من العوامل المحفزة لبناء القاعدة الصناعية العسكرية، وذلك لدورها في توفير فرص العمل والاكتفاء الذاتي من العديد من المعدات العسكرية.
ومن جانب آخر فقد صارت دولة الإمارات العربية المتحدة في ذات الاتجاه وفق استراتيجيتها الجديدة الخاصة بالصناعات العسكرية وذلك من خلال بناء قواعد صناعات عسكرية وتشجيع الشركات الوطنية للدخول في هذه الصناعة. وبالتالي فإن الاهتمام بقطاع التصنيع العسكري يندرج ضمن منظومة متكاملة للتطوير الصناعي مثل كوريا الجنوبية والهند وغيرها. وبالتالي فإن فرص بناء شراكات قوية مع هذه الدول قائمة مما يعزز من فرص نجاح هذا القطاع الوليد في دولة الإمارات العربية المتحدة وتتوفر له فرص النجاح.
وبالتالي فإن الصناعات الحربية تعد أحد قطاعات الإنتاج الصناعي الرئيسية في دول المجلس، حيث تعد ذات أهمية اقتصادية كبيرة توفر العائد اللازم لتمويل التنمية نفسها. ولقد بدأ التعاون بين دول المجلس قبل أكثر من ثلاثة عقود في مشاريع مشتركة للإنتاج العسكري تجلت بداياتها في الهيأة العربية للتصنع الحربي في مصر التي اتخذت من مصر مقرًا لها. حيث تم إنشاء تسع شركات ولكل شركة مصنع خاص بها، حيث بدأت بعدد من المشاريع في عدة مجالات مثل: صناعات قذائف مدفعية ودبابات، وصواريخ (أرض – جو)، و (أرض-أرض)، محركات طائرات، ناقلات جند، إلكترونيات عسكرية، رادارات، وسائل اتصالات عسكرية، وصناعة وتجميع الطائرات. إلا أن هذه التجربة انتهت بزيارة الرئيس المصري الأسبق أنور السادات إلى القدس وتوقيع اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل.
بعد ذلك شكلت كل من المملكة العربية السعودية، العراق الكويت وقطر والإمارات مؤسسة عربية أخرى للإنتاج العسكري اتخذت من الإمارات مقرًا لها برأسمال قدره 8 مليارات دولار، إلا أن هذا المشروع لم يكتب له النجاح. ومن هنا بدأت كل دولة من دول مجلس التعاون السعي لتطوير صناعاتها العسكرية وفق رؤيتها.
لا شك أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تواجه عدة معوقات في مجال التصنيع العسكري ولعل أبرز هذه المعوقات تتمثل في عدم توطين التكنولوجيا حيث يعتبر من أهم التحديات التي تواجه الصناعات العسكرية إلا أن الحرص على توفير السبل لتوفير توطين تكنولوجيا الصناعة وتوفير الخبرات يعد من العوامل الداعمة لإقامة المشاريع الصناعية، نظرًا لتوفر العديد من مقومات الصناعة الأخرى. كذلك من بين معوقات الصناعة العسكرية تتمثل في نقص الإمكانيات والخبرات الفنية اللازمة للمنافسة في مجال التصنيع، إلا أن فرص حل مثل هذه الإشكالية يتمثل في إقامة مراكز الأبحاث والتطوير وتبادل الخبرات بين دول المجلس والاستفادة من العلاقات الجيدة مع الدول الصناعية والتعرف على الميزات المتوفرة في كافة دول المجلس التي تدعم التوجه نحو الصناعة العسكرية. كذلك من بين معوقات التصنيع العسكري في دول مجلس التعاون هو قانون برنامج المساعدات الأمريكية لبعض الدول العربية. حيث يجبر هذا القانون الدول العربية التي تتلقى مساعدات أمريكية من شراء أسلحة ومعدات غير أمريكية.
ويمكن لدول مجلس التعاون الخليجي أن تتخذ التجربة التركية نموذجًا للنهوض بالاقتصاد ككل والنهوض بقطاع الصناعة العسكرية بشكل خاص. فالتجربة التركية في النهوض بالدولة والمجتمع تعد أحد أهم النماذج في المنطقة وفي العالم الإسلامي، حيث شهدت في السنوات الماضية طفرة اقتصادية واجتماعية متسارعة، وضعت تركيا بين أكبر الدول العشرين في العالم. وبمقارنة مستوى الإمكانات ومحركات النمو الاقتصادي بين تركيا والمملكة العربية السعودية نجد أن هناك تفاوت في مستوى الناتج المحلي الإجمالي ومؤشرات أخرى ويبين الجدول التالي مقارنة بين المملكة العربية السعودية وتركيا في عدد من المؤشرات:

جدول رقم (2)

يوضح مقارنة القوى الاقتصادية الداعمة للقوة العسكرية

بين المملكة العربية السعودية وتركيا لعام 2013

القوى الاقتصادية  

تركيا

السعودية

الدين الخارجي

307,700

107,100,000

ميزانية الدفاع السنوية

18,687

46,100,000,000

احتياطي النقد الأجنبي والذهب والدولار

88,210

541,100,000

القوة الشرائية

ترليون

687,000,000

القوى العاملة (مليون)

26,690

7,630,000

إنتاج النفط (برميل يوميًا)

45,740

11,153,000

استهلاك النفط (برميل يوميًا)

579,500

2,986,000

الطرق البرية المعبدة

352,046

221,372

المساحة المغطاة بالسكك الحديدية

8,699

1,378

طول الساحل

7,200

2,640

حدود دولية مشتركة

2,648

4,431

المساحة

783,562

2,149,690

الناتج المحلي الإجمالي (2012)

1189.9

581.3

 

ويعد الاقتصاد التركي من الاقتصاديات الدولية المتسارعة في النمو، حيث اعتبر من أعلى سبعة اقتصاديات عالميًا في النمو حيث بلغ الناتج المحلي الإجمالي في عام 2012م (1,89,9 ترليون دولار).
من الناحية العسكرية فإن تركيا تسعى منذ فترة لإعادة وضعها الإقليمي في المنطقة وذلك لخلق منطقة نفوذ لها في منطقة الشرق الأوسط، حيث أتاح لها وضعها الجغرافي أن تقوم بإنشاء القواعد العسكرية ونشر القوات. ومما ساعد في ذلك توفر شبكة ضخمة من خطوط المواصلات البرية والبحرية والجوية، وتوفر عناصر الإنتاج وتقدم التكنولوجيا العسكرية، مما عزز من قيام الصناعات الحربية المحلية والمشتركة والتي من أبرزها صناعات تجميع الطائرات وعربات القتال والصناعات الإلكترونية ونظم التسليح الحربية، حيث قسمت تركيا مصانعها الحربية إلى مجموعتين رئيسيتين وهما:
- مجموعة مصانع القوات المسلحة والتي تختص بأعمال الإصلاحات الرئيسية لنظم التسليح المستخلفة.
- مجموعة مصانع القطاع الخاص والتي تشارك بدور فاعل في تطوير الصناعات الحربية
وبالتالي هناك أهمية كبيرة لتعزيز التعاون الاقتصادي والعسكري بين الدول العربية وتركيا، وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام. وبالتالي هناك أهمية إستراتيجية واقتصادية لإرساء دعائم المحور التركي والعربي لأن النجاح في ذلك هو ضمان لاستقرار المنطقة.
وهناك عدة دول حتى وإن كانت خارج منطقة الشرق الأوسط يمكن الاستفادة من خبراتها ونقل التكنولوجيا الصناعية منها على سبيل المثال الصين وكوريا الجنوبية، حيث إن تعزيز علاقات التعاون الاقتصادي بين هذه الدول وبين دول مجلس التعاون وخاصة المملكة العربية السعودية سيؤدي إلى نقل الخبرات في مجال التصنيع الحربي إذا أدركنا قيمة متطلبات التصنيع المتوفرة محليًا. وهنا يأتي الدور الذي يمكن أن يلعبه القطاع الخاص للدخول إلى مجالات التصنيع الحربي في المملكة العربية السعودية، وذلك من خلال إنشاء معاهد الدراسات والبحوث والتطوير الصناعي، والاستفادة من الإنتاج الحربي لزيادة دخوله السنوية وتعزيز الاكتفاء الذاتي للدولة.
إن تزايد النفقات العسكرية على مستوى العالم يتصاعد باستمرار في جميع دول العالم، وبالتالي فإن غالبية الدول العربية تسير على ذات المنهج، فكل الإحصائيات والدراسات تشير إلى ارتفاع الإنفاق العسكري ويقتطع معدلات ملحوظة من إجمالي الناتج المحلي. وبالتالي تأتي أهمية توطين الصناعات العسكرية في الدول العربية وعلى وجه العموم في دول مجلس التعاون الخليجي، والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص.
وبالتالي فإن رؤية المملكة العربية السعودية (20/30) جاءت لتفسر أهمية توطين الصناعة العسكرية ولقد ركزت الرؤية على أن الأثر الإيجابي لتوطين الصناعات العسكرية لا يقتصر على توفير جزء من الإنفاق العسكري فحسب بل يتعداه إلى إيجاد أنشطة صناعية وخدمات مساندة كالمعدات الصناعية والاتصالات وتقنية المعلومات، مما يسهم في خلق فرص عمل ذات نوعية في الاقتصاد الوطني. وتعتبر المملكة العربية من أكثر الدول إنفاقاً في المجال العسكري، حيث تحتل الثالث عالميًا في عام (1437/2015م)، حيث أن 2.0% فقط من هذا الإنفاق ينتح محليًا، ويقتصر قطاع الصناعات العسكري المحلي على (7) شركات وعلى مركزي أبحاث فقط.
إن الهدف الاستراتيجي في رؤية المملكة هو توطين ما يزيد عن (50%) من الإنفاق العسكري بحول عام (1452هـ-2030م)، حيث تم البدء بتطوير بعض الصناعات الأقل تعقيدًا من قطع غيار ومدرعات وذخائر. ويتواصل المسار حتى الوصول لتوسيع دائرة الصناعات الوطنية حتى الوصول إلى الصناعات الأكثر تعقيدًا مثل صناعة الطيران العسكري وبناء منظومة متكاملة من الخدمات والصناعات المساندة لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتصدير فائض الإنتاج إلى دول المنطقة. ولتحقيق ذلك فقد ركزت رؤية المملكة على خلق استثمارات مباشرة في هذا المجال مع إيجاد شراكات استراتيجية مع الشركات الرائدة في هذا القطاع من أجل نقل المعرفة والتقنية وتوطين الخبرات في مجالات التصنيع والصيانة والبحث والتطوير، وتأهيل وتدريب المواطنين للعمل في المجمعات الصناعية العسكرية.
وبالتالي فإن بناء هذه الرؤية وفق المفاهيم أعلاه يسهم بلا شك في تشغيل الكثير من الموارد البشرية الوطنية التي يتم تأهيلها وبالتالي يسهم في تقليل نسب البطالة، كما يؤدي إلى تحقيق المردود الاقتصادي وذلك خلال خفض نسبة الأموال الضخمة التي تصرف على استيراد الأسلحة النوعية والذكية بالإضافة إلى كونه يساهم في زيادة حصيلة الدولة من فائض صادر الإنتاج إلى دول المنطقة.
كما خصصت المملكة العربية السعودية في ميزانية العام 2017م، مبلغ قدره (191) مليار ريال، حيث تضمنت الميزانية مشروعات جديدة وزيادات لمشاريع قائمة لتوفير متطلبات الجهات العسكرية من التجهيزات والمعدات والتسليح والذخيرة ورفع القدرات العسكرية.

وفي الختام نجد أن هناك عدة عوامل استراتيجية واقتصادية واجتماعية تدعم توجه المملكة العربية السعودية لزيادة النفقات العسكرية، بل وتوطين الصناعة العسكرية، فمن الناحية الاستراتيجية فإن موقع المملكة العربية السعودية في المنطقة يجعل لها دورًا رائدًا يمكن أن تلعبه ولذلك تأتي قضية حفظ أمنها الداخلي، وتوفير الأمن في المنطقة في سلم الأولويات. أما من الناحية الاقتصادية فإن إنشاء القاعدة الصناعية العسكرية تعد أهمية اقتصادية من حيث أنها تؤدي لتنويع مصادر الدخل، بالإضافة إلى أنها عامل مساعد في تشغيل الموارد البشرية الوطنية من خلال تأهيلها وتدريبها. وبالتالي هناك العديد من المؤشرات الإيجابية التي تساعد على توطين الصناعة العسكرية في المملكة ومن أبرزها توفر الموارد المالية للمملكة والبنى التحتية لقيام الصناعة في المستقبل القريب، بالإضافة إلى ذلك وجود الخبرة المحلية في بعض الصناعات العسكرية والمشروعات المقامة أساسًا، بالإضافة إلى علاقة المملكة الجيدة مع الدول المصنعة للأسلحة.

مجلة آراء حول الخليج