array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 88

نظرة عامة للمنطقة في 2012م

الأحد، 01 كانون2/يناير 2012

يقول بعض الخبراء إن العالم العربي – بصفة عامة – هو من أكثر المعانين من داء (التخلف) الذي يعاني منه (الجنوب)، ولأسباب ذاتية وخارجية معروفة. وباستثناء بعض أجزائه، فإنه أيضاً أقل مناطق العالم احتمالاً للنهوض، إن استمر فكره وتكوينه السياسي على ما هو عليه، في أكثر أنحائه. هذا ما يردده معظم الخبراء المعنيين، ويقدمون براهين عليه.

يعتقد بعض المراقبين أن (الربيع العربي) سوف يبدأ في تصحيح هذا الوضع، ابتداءً من هذا العام، لكن، غايات هذا الربيع لا تزال متعثرة. ويصعب التفاؤل في ظل (النظام العالمي) الراهن، وتوجهاته الاقتصادية والسياسية المعروفة، وكذلك استتباب (العوائق الذاتية) التي يعانى منها جل العرب. وقد شهد العام المنصرم بعض التآكل في قوة القطب الوحيد (الولايات المتحدة الأمريكية)، المسيطر الآن على مقاليد السياسة الدولية. وربما يكون هذا الضعف (النسبي بالطبع) هو بداية التراجع (الحتمي) في هيمنته الانتهازية، ومؤشراً إلى تصاعد قوة ونفوذ قوى كبرى قادمة (الصين، روسيا، الاتحاد الأوروبي وغيره) قد لا تكون أكثر إنصافاً. ومع ذلك، ما زال ذلك القطب يقود (عنوة وبما لديه من قوة) الكثير من توجهات ومسارات السياسة الدولية الراهنة.

وتجدر الإشارة إلى أن فهم وتوقع ما سيجري في المنطقة العربية يسهل إن فهمت حقائق وأطر نظرية معينة، نذكر منها: نظريات الاستعمار الجديد، النظام العالمي الراهن، الحركة الصهيونية، سياسة الولايات المتحدة نحو المنطقة... إلخ.

إن القضايا الساخنة والآنية، ستظل على الأرجح هي: أحداث وتطورات (الربيع العربي)، ثم قضية فلسطين، ثم الأوضاع في كل من: العراق، سوريا، ليبيا، اليمن، الصومال ومصر، ثم الملف النووي الإيراني، الإصلاح والتنمية والإرهاب، وما إلى ذلك من قضايا وأحداث، ومن العبث فهم مشكلات المنطقة وما ماثلها (فهماً صحيحاً) من دون فهم هذه النظريات والحقائق العامة التي تقع الأحداث في إطارها، والتي أشرنا إليها.

ويبدو أن هذه السنة حبلى (مع الأسف) بمشكلات ونكبات وأزمات خطيرة، جيّر لمعظمها العام المنصرم، فهي أزمات قديمة – جديدة. وتظل المنطقة العربية (الشرق الأوسط) أكثر مناطق العالم سخونة والتهاباً، وقابلية للاضطرابات والقلاقل والحروب في الوقت الحاضر. ولعل أهم ما يجعلها كذلك هو الأطماع الإمبريالية – الصهيونية فيها، وسيادة الاستبداد، وتخبط بعض أهلها فكرياً وسلوكياً. وطالما استمر الكيان الصهيوني الغاصب في سياساته العدوانية الظالمة، فلن تشهد المنطقة أي أمن أو استقرار حقيقيين. فهذا الكيان يعمل على مدار الساعة للإضرار بهذه الأمة العربية في كل المجالات وبكل الطرق الممكنة. وهو لا يريد سلاماً، ولا يستطيع العيش من دون عدوان وهيمنة. هل مر يوم واحد من دون وجود عدوان صهيوني من نوع ما، على هذه الأمة، منذ قيام إسرائيل عام 1948م؟ لا أعتقد.

وهذا الكيان الشاذ، المزروع عنوة في المنطقة، يحضر الآن لكارثة جديدة في المنطقة. ولا يخجل قادته من التصريح بأنهم يعتزمون شن حرب جديدة (قريباً) –ربما في هذه الأيام- وفي الوقت الذي تمتلك إسرائيل فيه أكثر من مائتي رأس نووي، موجهة بالفعل لكل بلاد المنطقة، وتستخدمها (على مدار الساعة) لإرهاب وابتزاز وتهديد كل المنطقة، تقول إسرائيل إنها تخشى أن تمتلك إيران أو غيرها، قنابل نووية تهدد أمنها..؟ ولذلك، لا بد من شن هجوم إسرائيلي على منشآت إيران النووية، وإشعال حرب جديدة مدمرة في المنطقة.. إنه المنطق الصهيوني العدواني الغاشم والوقح.

لن تشهد المنطقة أي أمن أو استقرار حقيقيين طالما استمر الكيان الصهيوني في سياساته العدوانية الظالمة

إن كل الدول العربية – تقريباً – ومعظم دول العالم، هي ضد امتلاك إيران أو غيرها لأسلحة نووية. لكن هذه الدول تعمل على تحقيق هذا الهدف بالطرق السلمية، وأن ذلك يجب أن يشمل كل الدول، وليس دولة دون أخرى، لا سيما أن للاستخدام الضمني للسلاح النووي فاعلية تعادل فاعلية استخدامه الفعلي. لكن المنطق الصهيوني واضح المعالم والغايات، فلسان حاله يقول: أريد لإسرائيل أن تحتكر كل أسلحة الدمار الشامل في المنطقة، وأن تهيمن على المنطقة ومقدراتها، وأن تكون هي الآمرة الناهية في المنطقة، وإلا..؟!

سيظل الشرق الأوسط أكثر مناطق العالم سخونة والتهاباً

صحيح، أن لإيران سياسات توسعية عدوانية كريهة، لكن رفض ومقاومة هذه السياسات ينبغي ألا تنتج عنهما الهيمنة الصهيونية المبيتة. وذلك هو واحد من أهم وأخطر التحديات الاستراتيجية التي تواجه العرب في العام الجديد. وهو، في الواقع، تحد قديم – جديد.. لكن، ينتظر أن يكون أكثر حضوراً في هذا العام. إضافة إلى التحديات الأخرى المعروفة، وفي مقدمتها مشكلات الطائفية والمذهبية.

فقد شهدت السنة الفائتة إحياءً همجياً لـ (الطائفية) و(المذهبية)، أعدت لكل المنطقة. ولا شك في أن أعداء شعوب هذه المنطقة هم من بادر وأشعل فتيل الطائفية، وصب المزيد من الزيت على نار المذهبية، لأن الخلافات والصراعات الطائفية والمذهبية هي أكثر الوسائل فاعلية في تمزيق المنطقة وشرذمتها أكثر، انطلاقاً من رغبة هؤلاء في الإمعان في تجزيء المجزأ، وتمزيق الممزق. وذلك مما يجعل المنطقة أضعف، وأكثر قابلية لسيطرة الطامعين، وهيمنة الغزاة. وقد رأينا الفتنة الطائفية والمذهبية تكشر عن أنيابها في كثير من أرجاء المنطقة، وبشكل سافر، بدءاً من العراق، ومن ثم لبنان ومصر والبحرين وغيرها. لكن لم يكن كيد الأعداء بناجع، لولا قابلية الضحايا للذبح. وتلك هي أمرّ الحقائق، في هذا الشأن. فالطائفية والمذهبية ليستا من اختراع أمريكا أو اليابان.

وخارج منطقة الشرق الأوسط، هناك - بالطبع - مشاكل وأزمات حادة، وقابلة للاشتعال والتفاقم، في أي لحظة، في العام 1433هـ / 2012م، وفي مقدمة هذه المشكلات كل من الأزمة المالية العالمية، الملف النووي لكوريا الشمالية، قضية كشمير، قضية أفغانستان، صراعات القرن الإفريقي، مشكلات الفقر والمرض في إفريقيا، وغير ذلك من الأزمات. ولضيق الحيز المتاح وطول الموضوع، نكتفي بهذه الإشارات. والله المستعان.

مقالات لنفس الكاتب