array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 140

السلام في الخليج: المبادرات الدولية وتسوية الصراع بين حماقات إيران وسياسة أمريكا

الخميس، 08 آب/أغسطس 2019

انقسمت السياسة الخارجية لدى إيران عقب الثورة الإسلامية إلى اتجاهين: الأيديولوجية والبرجماتية. ويظل السؤال حول أيٍ من هذين الاتجاهين هو المهيمن مسألة مثيرة للجدل، ومع ذلك، تتم ممارسة البرجماتية على نطاق واسع في إيران منذ انتهاء الحرب الإيرانية العراقية، ويعد ذلك دليلاً على التغيرات الملحوظة في سياسة إيران تجاه الخليج، ففي الغالب ساندت كل دول الخليج العربي العراق في الحرب الإيرانية العراقية حتى أنها أسست مجلس التعاون الخليجي لمجابهة التهديد الإيراني، تاركةً إيران في عزلة جيوسياسية. وعقب الحرب الإيرانية العراقية، سعت إيران إلى المصالحة مع جيرانها الخليجيين للخروج من العزلة المفروضة عليها ومن أجل تحسين صورتها أمام جيرانها وأمام المجتمع الدولي، وارتكز التغير في سياسة إيران المتعلقة بمجلس التعاون الخليجي بصورة أساسية على ثلاثة اعتبارات: أولا: تعديل الانعزال التام لإيران في منطقة الخليج والخروج من العزلة التي استمرت طويلًا وتخفيف الأزمة الجيوسياسية والأمنية، ثانيًا: تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية مع الجيران الخليجيين وتعزيز التنمية الاقتصادية الإيرانية، ثالثًا: العمل على اختراق مجلس التعاون الخليجي وإضعاف النفوذ الأمريكي في الخليج وتهديدها الأمني لإيران.

إن للسعي الإيراني للتقارب مع دول مجلس التعاون الخليجي جذوره التاريخية، فكلٍ من إيران ودول الخليج العربية دول إسلامية تتشارك في نفس الجذور الدينية والمعتقد، كما أن شعوب هذه الدول قد استقلت واعترفت بعضها البعض كدول مستقلة وذات سيادة على مدى تاريخ طويل، وعلى سبيل المثال: فعلى الرغم من التنافس بين المملكة العربية السعودية وإيران، "فمن غير المرجح أن تدخل الاثنتان في مواجهة عسكرية مباشرة، فلطالما أدركت الدولتان أهمية العيش كجيران، والعمل من أجل التقارب، والقبول بمناطق النفوذ المعنية لكل منهما". وعلاوة على ذلك، تزعم إيران أنها تنتهج استراتيجية الوحدة الإسلامية التي تدعو إلى وحدة المسلمين، كما تروج إيران إلى أنها تعارض بصورة رئيسية الولايات المتحدة وإسرائيل وأنها لا تستهدف دول الخليج المسلمة، ولقد أدى هذا التصور إلى ابتعاد الدول الخليجية عن بؤرة الأحداث والبقاء على الحياد تقريبًا في معظم النزاعات الإقليمية التي تشمل إيران.

ومع ذلك لدى إيران نزاعات إقليمية وتوترات طائفية ومنافسات على الزعامة الإقليمية وينعكس ذلك على دول مجلس التعاون الخليجي، بيد أنه تمكن الجانبان من المحافظة على بعض الروابط والتعاون المشتركة منذ تولي هاشمي رفسنجاني السلطة في طهران، وفي حقيقة الأمر، فمنذ الحرب الإيرانية ــ العراقية، وبرغم التباين الشديد في السياسات التي انتهجها الرؤساء الإيرانيون من مختلف الفصائل إزاء الولايات المتحدة، فلقد أعلنوا جميعًا السعي إلى تعايش سلمي مع دول الخليج بأكبر قدر ممكن. كما عزز روحاني، وهو من الشخصيات المعتدلة المحافظة في إيران، فكرة تحسين العلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي منذ توليه السلطة، لكن في سياق عدم قدرة إيران على تغيير سياستها الإقليمية وتشديد العقوبات الأمريكية المتجددة، فمن شأن هذه السياسة أن تفشل في تحقيق معظم أهدافها في نهاية المطاف.

1. البرجماتية الإيرانية والتصالح مع دول مجلس التعاون عقب الحرب الإيرانية العراقية

بعد مرور العقد الأول من الثورة الإسلامية، ساهم كل من الركود الاقتصادي والحرب والعزلة الدولية في تحول سياسة إيران الخارجية، فبعد الحرب الإيرانية ــ العراقية، حذا إيران الأمل في استعادة السلام، ولا سيما لخلق بيئة خارجية جيدة للتنمية الاقتصادية، وكان الرئيس رفسنجاني من الزعماء البرجماتيين الذي أخذوا النمو الاقتصادي على محمل الجد؛ فلم ينظر رفسنجاني إلى دول مجلس التعاون الخليجي على أنها لقمة سائغة يمكن السيطرة عليها، ولكن بوصفهم مستثمرين أغنياء يمكن الاستفادة منهم. وتمثلت أول إشارة ملحوظة لتحول إيران إلى السياسة الخارجية البرجماتية في الحيادية خلال حرب الخليج عام 1991م، عندما أدانت إيران الغزو العراقي للكويت، إضافة إلى ذلك، ترى إيران أنها لم تنتهز الفرصة لتأجيج اضطرابات الطائفة الشيعية في دول الخليج العربي من خلال مواصلة تصديرها "الثورة" وهو ما أدى إلى تخفيف ملحوظ في الاتجاهات نحو إيران في دول مجلس التعاون الخليجي. ومع انتهاء عام 1991م، استعادت كل من المملكة العربية السعودية وإيران العلاقات الدبلوماسية بزيارة وزير الخارجية السعودي الراحل "سعود الفيصل" التاريخية لطهران، حيث اقترح إمكانية رؤية الدولتين "لمستقبل من العلاقات الإيجابية". كذلك نمت التجارة الثنائية في التسعينيات وسط التقارب بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي، بيد أن أبرز الشركاء التجاريين لإيران كانت دول متقدمة مثل: ألمانيا، وفرنسا، واليابان، وإيطاليا، بينما كان النمو الاقتصادي والتجاري مع دول مجلس التعاون الخليجي متباطئًا، إذ كان يتعلق بنفس الهيكل الاقتصادي وأوجه التكامل الضعيفة، ولا يمكن المغالاة في تقدير العلاقات الإيرانية المُعدلة مع مجلس التعاون الخليجي في ظل حكم رفسنجاني، ومن ناحية أخرى استمرت العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران في التوتر نتيجة عدم قدرة إيران على التخلي عن سياستها الأيديولوجية الخارجية، ولا سيما معارضتها لمحادثات السلام الإسرائيلية ـــ الفلسطينية، التي سرعان ما أصبحت شوكةً في ظهر إدارة كلنتون. ولقد اعتمدت الولايات المتحدة سياسة "الاحتواء المزدوج" تجاه كل من إيران والعراق، وهو ما حد بشدة من مواصلة نمو علاقات إيران مع مجلس التعاون الخليجي.

2. مبادرة السلام المقدمة من روحاني إلى دول مجلس التعاون الخليجي

منذ تولي روحاني، الشخصية البرجماتية، للسلطة، سعى إلى خروج إيران من البيئة الدولية المنعزلة والعودة إلى النظام الدولي، وبشأن القضية النووية الإيرانية، استأنفت إدارة روحاني المفاوضات مع القوى العالمية، كما استغلت التحول الذي قام به أوباما في سياسة الشرق الأوسط من أجل التوصل بشكل نهائي إلى الاتفاق النووي الإيراني، واضعةً الأسس لتحسين العلاقات مع المزيد من الدول في العالم. وفي نفس الوقت، علق روحاني أهمية كبيرة على تحسين العلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي؛ إذ يلعب الأمن الجيوسياسي دورًا هامًا في اعتبارات سياسته الخارجية.

أولاً، العلاقات الإيرانية مع دول مجلس التعاون الخليجي في الفترة الأولى من إدارة روحاني

نشبت الحروب بالوكالة بين بعض دول مجلس التعاون الخليجي وإيران عقب الربيع العربي في كل من سوريا، والبحرين، واليمن، والعراق، ولبنان، وفلسطين، حيث تمددت إيران في العديد من هذه الدول وأعلنت أنها تتحكم في قرار أربع دول عربية وأنها وصلت إلى شاطئ البحر الأبيض المتوسط لأول مرة في التاريخ، وكانت المملكة العربية السعودية شديدة القلق إزاء احتمالية سعي روحاني إلى سياسة إقليمية معادية، وهذا ما ينطبق على مملكة البحرين و دولة الإمارات العربية المتحدة في القلق نحو إيران؛ فمنذ 2011م، اتهم العديد من المسؤولين البحرينيين إلى جانب أعضاء من مجلس التعاون الخليجي، إيران بالتدخل في شؤون مملكة البحرين،

لكن ثمة ثلاث دول خليجية صغيرة أخرى لها علاقات غير واضحة مع إيران ويشوبها الغموض؛ ومنها سلطنة عمان، إذ لا يرى السلطان قابوس بن سعيد وجود تعارض بين تحالف عمان مع الولايات المتحدة وصداقتها مع إيران، ونجد السلطنة تتطلع إلى إيران من أجل الإدارة المشتركة لمضيق هرمز وتحقيق النمو الاقتصادي. ولقد أصبحت سلطنة عمان في نهاية المطاف وسيطًا للقضية النووية الإيرانية، كما لعبت دورًا هامًا في التوصل إلى الاتفاق النووي الإيراني.

ولقد أيدت قطر إيران بشأن المسألة النووية، لكن وبعد الربيع العربي، أدت كل من المعارضة القطرية لنظام بشار الأسد في سوريا إلى القطيعة مع إيران. وفي عام 2013م، كان الأمير القطري الجديد في بادئ الأمر أقل ودًا مع إيران وأكثر اهتمامًا بالدور السعودي، فيما واصلت قطر السعي إلى إيجاد توازن بين المملكة العربية السعودية وإيران في تلك الفترة وبعد ذلك تغيرت موازين هذه العلاقة واقتربت قطر من إيران.

ولطالما كانت الكويت منذ حرب العراق أكثر قلقًا من التوسع الإيراني في العراق، فلقد اتهمت الكويت، التي لديها طائفتها شيعية، إيران مرارًا بإثارة اضطراب الشيعة، ومع ذلك، حافظت الكويت على علاقات دبلوماسية معتدلة مع إيران. وخلال احتفال روحاني بأول تنصيب له، أرسلت الكويت رئيس مجلس الوزراء صباح الخالد الصباح إلى الاحتفال، آخذةً الحفاظ على العلاقات مع إيران بجدية بالغة.

ثانيًا: مبادرة السلام المقدمة من إدارة روحاني إلى مجلس التعاون الخليجي وآثارها

أدرك روحاني جيدًا أن عدم القدرة على تحسين العلاقات مع المملكة العربية السعودية يعني الإخفاق في تحقيق انطلاقة في العلاقات مع مجلس التعاون الخليجي ككل، لذا وعلى الرغم من أن العلاقات بين السعودية وإيران كانت متوترة بالفعل، أوضح روحاني أن حكومته ستتبنى "علاقة ودية" مع كل الجيران، بما في ذلك الدول العربية وعلى وجه الخصوص المملكة العربية السعودية. كما اقترح روحاني مبادرة الأمن المشترك في منطقة الخليج، والمملكة العربية السعودية تعلن مرارًا أنها تريد من إيران اتباع سياسة حُسن الجوار والعيش المشترك وعدم التدخل في شؤون الآخرين،

وفي ديسمبر 2013م، زار وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الكويت وعمان وقطر، وفي الدوحة، أوضح ظريف أنه أبلغ المملكة العربية السعودية برغبته في عمل الدولتين جنبًا إلى جنب من أجل الاستقرار الاقليمي، موضحًا أن الاتفاق النووي الإيراني مع القوى العالمية لن يشكل تهديدًا لدول الخليج حسب زعمه، وقال في هذا الصدد "نرى أنه يجب على كل من إيران والمملكة العربية السعودية العمل سويًا من أجل تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة". وفي النصف الأول من عام 2014م، كتب ظريف مقالاً حول الشؤون الخارجية، حيث وضح بصورة شاملة السياسة الدبلوماسية من أجل تحقيق تعددية الأطراف والأمن والتعاون. "يمكن للجمهورية الإسلامية المساهمة بصورة فعالة في استعادة السلام والأمن والاستقرار الإقليمي، وأن تلعب دورًا محفزًا خلال مرحلة التحول الراهنة في العلاقات الدولية". "كما ستسعى إيران إلى نزع فتيل التهديدات الخارجية عبر تسوية القضايا العالقة مع باقي دول العالم، ولا سيما مع جيرانها المباشرين. ومن شأن كل من بناء الثقة والتعاون أن يكونا حجر الأساس لسياسة إيران الإقليمية"، إلا أن الواقع على الأرض لم يشهد ذلك، ولم تشهد المنطقة تغير في سياسة إيران تجاه دول مجلس التعاون الخليجي.

ولم ترفض السعودية المبادرات الإيرانية بصورة كلية، حيث كانت تتطلع -إلى حد ما-إلى التفاوض مع إيران بشأن المسائل ذات الاهتمام المشترك. وفي أغسطس 2014م، عقد نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، محادثات مع وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، في جدة، وكانت تلك أول زيارة إيرانية رفيعة المستوى إلى المملكة منذ أن أصبح حسن روحاني رئيسًا للجمهورية الإسلامية. وناقش الطرفان القتال ضد الدولة الإسلامية في كل من العراق وسوريا، وفي 23 يناير 2015م، توفي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وقدم ظريف واجب العزاء في زيارة شخصية إلى المملكة. وفي أبريل 2015م، أعلن ظريف أن "العلاقات الطيبة مع جيران إيران على رأس أولوياتنا، وترجع أسبابنا في ذلك إلى أن المسألة النووية لم تكن سببًا لانعدام الثقة والنزاع". لكن وبعيدًا عن تلك الروابط المحدودة، تطورت العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإيران إلى حد ما. وكان السبب الجذري هو انعدام الثقة المتأصل والصراعات الإقليمية بالوكالة، كما لعب سعر النفط المتراجع دورًا كبيرًا في تدهور العلاقات بين الدولتين، فبعد عام 2014م، تراجع سعر النفط بشدة متأثرًا بإمداد النفط الزائد في السوق العالمي.

3. العوامل الرئيسية التي تعيق مبادرة السلام المقدمة

على الرغم من أن حقبة روحاني قد شهدت زيارات رفيعة المستوى إلى جانب بعض التعاون بين إيران ومجلس التعاون الخليجي، إلا أنه لم يتم التوصل إلى تحسين العلاقات الثنائية بصورة جوهرية، ويرجع ذلك إلى التناقضات الهيكلية بين إيران ومجلس التعاون الخليجي، والتي تراكمت لفترات طويلة عبر الزمن، وسياسات إيران ضد دول المجلس.

وتتمثل النزاعات الرئيسية بين إيران ودول الخليج عقب الثورة الإسلامية فيما يلي:

1. تنظر دول الخليج العربي إلى إيران بوصفها "غير متجانسة"، فمنذ عهد الدولة الصفوية، تحولت إيران إلى النظام الشيعي من أجل تعزيز تفرد الأمة الفارسية، كما ميزت نفسها عن المذهب السني المسيطر على العرب في كل من الجنسية والطائفة؛ ولقد امتد أثر تركيبة الهوية تلك إلى عصرنا الحالي، غير أنه خلال حكم أسرة بهلوي، كانت الهوية الإيرانية أقل حساسية نتيجة تحالفها الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، ومع ذلك فمنذ الثورة الإسلامية، أثار التأكيد الإيراني على الهوية القومية الفارسية القائمة على الإسلام الشيعي، شكوكاً متزايدة داخل الدول العربية الخليجية المجاورة، وفي السياسة الخارجية، تبنت إيران نظامًا ثلاثيًا مكونًا من الهوية الإيرانية (القومية)، والهوية الشيعية (الطائفية)، والهوية الإسلامية (الوحدة الإسلامية). ولقد أكد آية الله خامنئي، وهو من يملك القول الفصل بشأن كل مسائل السياسة الخارجية، أن مواطن قوة الجمهورية الإسلامية تمتد لما هو أكثر من أيديولوجيتها الإسلامية؛ "فالعمق الاستراتيجي" الإيراني يضم أيضاً لغة الدولة، ومن ثم ثقافتها، إلى جانب طائفتها المحددة "الشيعة"، وقد أفضت الهوية الإيرانية والهوية الشيعية على وجه الخصوص إلى خلق ذلك التمييز " نحن/هم " بين إيران ودول الخليج العربي، وهو ما يمكن أن يرسخ بسهولة ذكريات الدول الخليجية المتمثلة في النزاعات الطائفية، وتنافس المصالح عبر تاريخ الفرس والعرب. ولعل أحد الأسباب المباشرة للحرب الإيرانية ـ العراقية هي الثورة الإسلامية، التي أثارت مخاوف صدام حسين بشأن النفوذ المتنامي للطائفة الشيعية في الخليج.

2. تعد إيران قوة رئيسية في الخليج، ولطالما شعرت دول الجوار العربية بالقلق حول أطماعها في السيطرة على المنطقة ومن خلال سعي إيران إلى التسليح النووي والتسليح التقليدي، كما يعتبر الإيرانيون أنفسهم قوة عظمى، "إن هوية الدولة المتعلقة بجمهورية إيران الإسلامية، التي تعتبر نفسها قائدة حركة مكافحة الهيمنة في العالم الإسلامي، تعد أحد المتغيرات الهامة في تحليل اتجاه سياستها الخارجية". ولقد كان العراق في عهد صدام حسين يوماً ما قوة خليجية، لكنه أضحى بالغ الضعف بعد غزو العراق عام 2003م، لدرجة أن المملكة العربية السعودية هي فقط من يمكنها منافسة إيران الآن. وفي الواقع، فإن كل من التوازن الجيوسياسي وتوزيع القوى، والذين غالبًا ما عبثت بهما إيران أكثر من المسائل العرقية والطائفية، هما السببان الرئيسيان لأمن الخليج، ولقد كانت هناك مرحلتين قبل تولي روحاني للسلطة عندما كانت إيران قادرة على إعادة تشكيل المسائل الجيوسياسية للخليج وإثارة الأزمات الأمنية: الأولى حين شهدت السياسات الداخلية والخارجية الإيرانية بعد الثورة الإسلامية تحولاً شاملاً، وهو ما أدى بشكل مباشر إلى تأسيس مجلس التعاون الخليجي ونشوب الحرب الإيرانية ــ العراقية ؛ والثانية حين انتهزت إيران الفرصة بعد غزو العراق عام 2003م، لبسط نفوذها الشيعي في العراق، كما حولت النموذج الخليجي السابق لكل من المملكة العربية السعودية، والعراق، وإيران إلى استقطاب بين المملكة العربية السعودية وإيران، مما أدى إلى تكثيف الصراعات بالوكالة بين الجانبين. ومن أجل احتواء الامتداد الإيراني، استخدمت الولايات المتحدة المسألة النووية ضد إيران، وفي الحقيقة، تعد سياسة روحاني هي المرة الثالثة التي تحاول خلالها إيران زعزعة التوازن الجيوسياسي، وفي هذا السياق، من الصعب على إيران تحسين علاقاتها مع دول مجلس التعاون الخليجي، طالما استمرت في هذا النهج العدائي لدول مجلس التعاون الخليجي.

3. سياسة أمريكا في منطقة الخليج تحول دون تشكيل دول الخليج لنظام أمن مشترك. ومع ذلك، تعد معاداة أمريكا أحد مصادر مشروعية إيران،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*باحث زائر بجامعة لندن ـــ أستاذ مساعد في معهد دراسات الشرق الأوسط ـ جامعة شنغهاي الدولية للدراسات

مجلة آراء حول الخليج