; logged out
الرئيسية / جدل خليجي حول مستقبل الوحدة النقدية بعد الانسحاب الإمارات

جدل خليجي حول مستقبل الوحدة النقدية بعد الانسحاب الإمارات

الإثنين، 01 حزيران/يونيو 2009

بعد أن أعلنت دولة الإمارات انسحابها من اتفاقية الاتحاد النقدي الخليجي أكد عبدالرحمن بن حمد العطية ، أمين عام مجلس التعاون الخليجي، أنه لا نية لتأجيل موعد الوحدة النقدية الخليجية والمقرر إطلاقها في 2010م، وأن الطموح هو أن تمضي كل دول الأعضاء في مجلس التعاون في هذا المشروع الاستراتيجي.

كانت الإمارات، قد أعلنت الشهر الماضي انسحابها من المشروع، الذي يضم إلى جانبها السعودية والكويت وقطر والبحرين، احتجاجاً على اختيار العاصمة السعودية، الرياض، مقراً للمصرف المركزي المشترك. وفي هذا السياق، قال العطية (بلا شك فإن رغبة الإمارات أخيراً في ألا تكون طرفاً في اتفاقية الاتحاد النقدي لا تعني أبداً خروجها عن نسق العمل الخليجي المشترك. ونحن نعول دائماً على الدور الفاعل للإمارات، وعليه فلا أتصور أي تأجيل أو تأخير لمشروع الاتحاد النقدي).

من جهة ثانية، أكد محافظ المصرف المركزي الإماراتي، سلطان ناصر السويدي، أن السياسة النقدية لدولة الإمارات ستستمر في نهجها المنفتح من دون أي تغيير وسيستمر سعر صرف الدرهم مرتبطاً بالدولار الأمريكي.

ويشار إلى أن دولة الإمارات كانت أول من تقدم بطلب رسمي لاستضافة المصرف المركزي الخليجي المزمع إنشاؤه وذلك كجزء من ترتيبات الدخول في الاتحاد النقدي لدول مجلس التعاون، وذلك في عام 2004، مع العلم أنه لا يوجد في الإمارات أي مقر أو مركز لأي من المؤسسات والهيئات التابعة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.

وإلى ذلك، قالت وكالة (موديز) المختصة بالتصنيفات الائتمانية إن قرار الإمارات بعدم دخول مشروع العملة الخليجية الموحدة والتي يعتزم مجلس التعاون الخليجي إصدارها، لن يؤثر بشكل مباشر في تصنيفاتها السيادية. إلا أنها وصفت القرار الإماراتي بأنه (ضربة كبيرة) للوحدة النقدية الخليجية المرتقبة وللتنسيق الخليجي، ورجحت أن يؤثر في التصنيف الائتماني للإمارات في المدى البعيد، إن ظهرت له انعكاسات سلبية على العلاقات السياسية مع السعودية.

وبدورها، أكدت قطر تأييدها للوحدة النقدية الخليجية بعد قرار دولة الإمارات الانسحاب والذي أثار الشكوك حول الخطة التي تتضمن طرح عملة موحدة على غرار اليورو.

وقال مستشار بارز لأمير قطر في تعليقات نشرت في الدوحة إن قطر ستمضي قدماً في الخطة في حين قال بعض المسؤولين في مجلس التعاون الخليجي إن انسحاب الإمارات سيضعف العملة الموحدة.

وقال إبراهيم الإبراهيم المستشار الاقتصادي لـ الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر (نحن لا نؤمن بالفشل.. نحن نؤمن بالوحدة النقدية لمجلس التعاون وسنستمر في العمل).

وأضاف معلقاً على انسحاب الإمارات (الحقيقة شيء مؤسف بالنسبة لدول التعاون الخليجي. فهناك أمور تمشي بإيجابية وأخرى تسير بسلبية، ومع مرور الوقت نأمل بألا نتأثر وتكون المسألة بسيطة في طريق الوصول إلى التعاون الخليجي المطلوب).

من جهته قال ناصر القعود الأمين العام المساعد في الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي إن انسحاب دولة الإمارات سيضعف الوحدة النقدية لكنه ينطوي أيضاً على خسارة للإمارات لأنها ستفقد الميزة التنافسية التي يتيحها الانضمام إلى كتلة موحدة.

وشكك محللون في المزايا الاقتصادية للوحدة النقدية بحجمها الأصغر، خاصة بسبب الهيمنة السياسية التي قد تكون للمملكة العربية السعودية على المنطقة. وتستضيف الرياض بالفعل الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي في حين لا تستضيف أبوظبي أية هيئة تابعة للمجلس.

وقال ماريوس ماراثيفيس مدير البحوث الإقليمية في ستاندرد تشارترد (المزايا الاقتصادية من العملة الموحدة ستكون محدودة للغاية. واحدة من المزايا الأساسية هي خفض تكاليف التجارة، لكن التجارة داخل المنطقة محدودة).

وأضاف (لن تكون وحدة نقدية لدول مجلس التعاون الخليجي إذا كان الاقتصاد السعودي يمثل 66 في المائة من التكتل).

ومع ذلك يقول المحللون إن الوحدة النقدية الخليجية ستعطي أكبر منطقة مصدّرة للنفط في العالم وضعاً تفاوضياً أفضل مع الشركاء التجاريين في العالم، وتعطيها أيضاً مرونة أكبر في تقرير السياسات المالية والنقدية.

وقال جون سفاكياناكيس كبير الاقتصاديين في بنك (ساب) في الرياض (أعتقد أن الوحدة ستتم الاتحاد الأوروبي يتمتع بقوة كبيرة في لقائه مع الصين لا تتمتع بها ألمانيا).

وأضاف (سينظر للخليج على أنه كتلة مصدّرة للنفط وهو أمر مهم للدول الصغيرة في المنطقة. والإمارات دولة كبيرة في المنطقة وليس في العالم).

ويذكر أن انسحاب الإمارات أحدث انتكاسة للمشروع الذي يجري التفاوض عليه منذ 2001، ويأتي ذلك بعد عامين من تخلي الكويت عن ربط عملتها بالدولار مخلة باتفاق الإبقاء على الربط حتى إتمام الوحدة النقدية. وقبل ذلك ببضعة أشهر انسحبت سلطنة عُمان من الوحدة النقدية.

إلى ذلك، دعا مدير عام منظمة التجارة العالمية باسكال لامي دول مجلس التعاون الخليجي لأن تترك اختلافاتها وتضع جانباً مختلف القضايا من مواضيع الوحدة النقدية ومقر البنك المركزي وإن كانت أساسية، وتركز جهودها من أجل التكتل كجسم واحد في المحافل الدولية والمؤسسات مثل منظمة التجارة العالمية.

وقال خلال اجتماع عقده مع وزراء التجارة في دول مجلس التعاون في مسقط (نصيحتي لكم أن تعتمدوا البراغماتية في مقاربة المواضيع، وأن تكثفوا من وجودكم في جنيف وتشكلوا فريقاً واحداً للتعامل مع منظمة التجارة العالمية كي نستطيع أن نساعدكم).

وظهر لامي في الاجتماع مرة محذراً ومرة أخرى يمد يده للتعاون، لكن تركيزه كان واضحاً على مسألتين هما: الأولى، الأزمة المالية العالمية وما أفرزته من نزعة حمائية، والثانية، جولة الدوحة. وقد طلب لامي مساعدة دول مجلس التعاون لاحتواء والحد من نزعة الحمائية (التي تغري العديد من الدول حول العالم والعديد من السياسيين كونها تشكل مقاربة شعبية إلى حد كبير) بحسب قوله، لكنه حذر من أن هذه النزعة ستأخذ شكل أفعال وردود أفعال، ولن تؤدي إلى حماية الأسواق المحلية في أي وقت.

وقال لامي (تقدر قيمة الرسوم الجمركية التي تتم جبايتها حول العالم بنحو 250 مليار دولار، وإذا جرت زيادة التعريفات الجمركية فمن شأن هذا الرقم أن يتضاعف ليصل إلى 500 مليار دولار، لكننا في منظمة التجارة نعمل على متابعة هذا الأمر، وبدأنا بإصدار تقارير تعرض لموضوع الحمائية من أجل احتوائه). وحذر لامي دول المجلس من اللجوء إلى هذا الأمر كونه يستدعي إجراءات مضادة، حيث قد تطال الحمائية منتجات مثل البلاستيك أو البتروكيماويات التي تعتبر أساسية في الاقتصادات الخليجية.

واعتبر لامي أن الحمائية دوامة تبدأ، لكننا لن نعرف أين ستنتهي، لكنه أشار من جهة ثانية إلى أن تأثيرات الحمائية ستكون أخف وطأة على دول الخليج من غيرها من الدول لسبب أن أحداً لن يلجأ إلى فرض تعريفات مستقبلاً على النفط والغاز اللذين يشكلان الجزء الأكبر من صادرات دول المجلس. كما تحدث المسؤول الدولي حول مسألة الأمن الغذائي وأهميتها خاصة أنه على المدى الطويل سوف يكون هناك عدم توازن بين العرض والطلب الغذائيين، وسيكون هناك مستوردون أكثر من المصدرين.

 

مجلة آراء حول الخليج