; logged out
الرئيسية / الاتفاقية الأمنية العراقية – الأمريكية: المصطلح والدلالة

الاتفاقية الأمنية العراقية – الأمريكية: المصطلح والدلالة

الجمعة، 01 أيار 2009

تدعى الاتفاقية في الاصطلاح الأمريكي (executive agreement) وتعقد بوساطة وزراء الخارجية والممثلين الدبلوماسيين من دون أن يتدخل رئيس الدولة عادة في إبرامها ـ وهذا بعكس ما حصل في الاتفاقية العراقية – الأمريكية، حيث وقعها الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي.

إن هذه الاتفاقيات تمتاز بسرعة عقدها، إذ لا تمر بكافة المراحل التي تمر بها المعاهدات وإنما تقتصر على المفاوضة والتوقيع وتصبح نافذة بمجرد توقيعها، والاتفاقيات ذات الشكل المبسط تمثل ممارسة أمريكية لتنظيم العلاقات مع الدول الأخرى والتي لا تحتاج إلى عرضها على الكونغرس للحصول على موافقته، كما هي الحال بالنسبة للمعاهدات، وإنما تلتزم بها السلطة التنفيذية بمجرد التوقيع عليها على أساس تفويض مسبق من الكونغرس أو أنها تدخل ضمن الصلاحيات المخولة لمكتب رئيس الجمهورية.

مرت الاتفاقية العراقية - الأمريكية بمراحل عدة بدأت منذ منتصف عام 2007 

 الاتفاقية العراقية الأمريكية / البدايات

مرت الاتفاقية العراقية - الأمريكية بمراحل عدة بدأت منذ منتصف عام 2007 حيث تكللت بتوقيع القادة العراقيين والرئيس بوش على إعلان مبادىء علاقة تعاون وصداقة طويلة الأمد بين جمهورية العراق والولايات المتحدة الأمريكية وأهم بنوده:

أولاً: المجال السياسي والدبلوماسي والثقافي

 حماية النظام الديمقراطي في العراق واحترام الدستور وصيانته وتحقيق المصالحة الوطنية وتشجيع التبادل الثقافي والتعليمي والعلمي بين الدولتين.

ثانياً: المجال الاقتصادي: مساعدة جمهورية العراق في:

1- دعم الأطراف المختلفة على الالتزام بتعهداتها تجاه العراق كما وردت في العهد الدولي.

2- توفير المساعدات المالية والفنية لمساعدتها على بناء مؤسساتها الاقتصادية.

3- الاندماج في المؤسسات المالية والاقتصادية والإقليمية والدولية.

4- تسهيل وتشجيع تدفق الاستثمارات الأجنبية وخاصة الأمريكية إلى العراق.

5- استرداد أموالها وممتلكاتها المهربة.

6- إطفاء ديونها وإلغاء تعويضات الحروب التي قام بها النظام السابق.

7- دعمها للحصول على ظروف تجارية تشجيعية وتفضيلية تجعلها من الدول الأولى بالرعاية في السوق العالمية واعتبار العراق دولة أولى بالرعاية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية بالإضافة إلى مساعدته في الانضمام إلى منظمة التجارة الدولية.

ثالثاً:المجال الأمني

1- ردع أي عدوان خارجي.

2- دعم الحكومة العراقية في تدريب وتجهيز وتسليح القوات المسلحة العراقية.

 ما هي حقيقة الاتفاقية العراقية-الأمريكية ؟

ما لا يعرفه كثير من العراقيين والعالم أن الاتفاقية العراقية-الأمريكية تتضمن قسمين أو اتفاقيتين: الأولى تسمى اتفاقية الإطار الاستراتيجي (Strategic Framework agreement) ويطلق عليها اختصاراً (SFA).

والثانية هي الاتفاقية الأمنية أو اتفاقية وضع القوات الأمريكية خلال عملية الانسحاب الذي يجب أن ينتهي في 31/12/2011 وتسمى بالإنكليزية (Status of Forces Agreement) واختصاراً (SOFA)، وهي مماثلة للاتفاقية الموقعة بين الولايات المتحدة وألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية، كما أن للولايات المتحدة اتفاقيات أمنية مع أكثر من (80) دولة من دول العالم.

 تحديات في وجه الاتفاقية

لعل الاتفاقية العراقية – الأمريكية أكثر الاتفاقيات الأمنية التي تعرضت للهجوم والمعارضة والتحديات، وأكبر هذه التحديات كانت:

أ- تحدي الإعلام: شن الإعلام المعادي للولايات المتحدة والمعادي للنظام الجديد في العراق هجوماً صاعقاً على الاتفاقية واعتبرها فرصة كبيرة للنيل من أعدائه.

ب‌-  وجود الأجندات العربية والدولية المعارضة للسياسة الأمريكية.

ج‌-تصفية حسابات العداء الإيراني ــ الأمريكي، والسوري ــ الأمريكي والقومي العربي – الأمريكي.

 إن ما حدث من اضطراب وشقاق بشأن الاتفاقية الأمنية الحالية حدث مثله في عام 1924 في مفاوضات المعاهدة العراقية ــ البريطانية الأولى التي أثارت جدلاً كبيراً آنذاك، واللافت للانتباه أن العراق يتعرض لظروف مشابهة لما يتعرض له اليوم مع اختلاف الاحتلال الذي كان بريطانياً آنذاك وأمريكياً اليوم.

 الاتفاقية من خلال نصوصها

إن المراجعة المتأنية لنصوص الاتفاقية توصلنا إلى حقيقة أن هناك نقاطاً إيجابية كثيرة فيها تصب في صالح العراق، كما أن فيها نقاطاً سلبية، وهذه طبيعة المعاهدات والاتفاقيات، فكل عقد حصل عليه تراض بين طرفين لا بد أن يحقق جزءاً من مصالح كل طرف وإلا لما قبل الطرف الذي لم يحصل على أية مصلحة بالعقد.

ومن الواضح أن مصلحة الطرف الأول غالباً ما تعني ضرراً للطرف الثاني وبالعكس. إذن لا بديل عن القبول ببعض الأضرار لتحقيق المصالح العليا للشعب.

أولاً: سلبيات الاتفاقية

إن أهم السلبيات التي تؤشر إلى الاتفاقية هي:

1- إن الاتفاقية تعتبر أفضل البدائل السيئة.

2- إنها أغفلت موضوع التعويض العادل للعراقيين المتضررين جراء الاحتلال الأمريكي للعراق.

3- إن البعض يرى فيها مساساً بسيادة العراق واستقلاله ويطالب بانسحاب فوري للقوات الأمريكية من العراق وربما كان هذا المطلب مما يصعب تحقيقه ولا سيما إذا علمنا أن القوات المسلحة العراقية لم تكتمل جاهزيتها بعد للسيطرة على الوضع الأمني الداخلي، فضلاً عن رد أي عدوان خارجي على العراق.

ثانياً: بعض المصالح التي تحققها الاتفاقية للعراق (قراءة في نص الاتفاقية):

سنتقصى هنا أهم المصالح ـ وليس كلها ـ التي تحققها الاتفاقية للعراق كما وردت في النص:

1- ردع التهديدات الموجهة ضد سيادة وأمن ووحدة أراضي العراق.

2- عدم تجاوز سيادة العراق على أرضه ومياهه وأجوائه، وبناء على كون العراق والولايات المتحدة دولتين مستقلتين متكافئتين صاحبتي سيادة.

3- يلتزم أفراد قوات الولايات المتحدة وأفراد العنصر المدني بواجب احترام القوانين والأعراف والتقاليد والعادات العراقية عند القيام بعمليات عسكرية بموجب هذا الاتفاق.

4- تجري كافة العمليات العسكرية التي يتم تنفيذها بموجب هذا الاتفاق بموافقة حكومة العراق.

5- تؤكد الولايات المتحدة مجدداً على التزامها باحترام القوانين البيئية والقوانين العراقية المرعية.

6- تنتقل المراقبة والسيطرة على المجال الجوي العراقي إلى السلطات العراقية فور دخول هذه الاتفاقية حيز التنفيذ.

7- للعراق الحق الأولي لممارسة الولاية القضائية على أفراد قوات الولايات المتحدة وأفراد العنصر المدني بشأن الجنايات الجسيمة المتعمدة حين ترتكب تلك الجرائم خارج المنشآت والمساحات المتفق عليها وخارج حالة الواجب.

8- للسلطات العراقية الحق في الطلب من قوات الولايات المتحدة الأمريكية وبحضورها فتح أي من الحاويات التي توجد فيها تلك المواد المستوردة للتحقق من محتوياتها.

9- تحمل المركبات الرسمية الأمريكية لوحات معدنية رسمية عراقية.

10- لا يجوز لقوات الولايات المتحدة تصدير العملة العراقية من العراق.

11- على سلطات قوات الولايات المتحدة أن تدفع تعويضاً عادلاً ومعقولاً لتسوية مطالبات استحقاقية لأي طرف ثالث التي تنشأ عن أفعال قام بها أفراد قوات الولايات المتحدة وأفراد العنصر المدني أو نتيجة لتقصيرهم أو إهمالهم أثناء تأديتهم واجباتهم الرسمية أو تكون متصلة بالأنشطة غير القتالية لقوات الولايات المتحدة.

12- لا يجوز لقوات الولايات المتحدة توقيف أي شخص أو إلقاء القبض عليه إلا بموجب قرار عراقي يصدر وفقاً للقانون العراقي.

13- لا يجوز لقوات الولايات المتحدة تفتيش المنازل أو العقارات الأخرى إلا بموجب أمر قضائي عراقي وبالتنسيق الكامل مع الحكومة العراقية.

14- على كافة قوات الولايات المتحدة الانسحاب من كل الأراضي والمياه والأجواء العراقية في موعد لا يتعدى 31 يناير عام 2011م.

15- على كافة قوات الولايات المتحدة المقاتلة الانسحاب من المدن والقرى والقصبات العراقية في موعد لا يتعدى 30 يونيو عام 2009م.

16- إن الولايات المتحدة سوف تبذل أفضل جهودها لمساعدة العراق على اتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق ذلك ـ أي إخراج العراق من الفصل السابع ـ بحلول يوم 31 يناير عام 2008.

17- دعم العراق لإعفائه من الديون الدولية.

18- دعم العراق بِشأن مطالبات التعويض ويمارس رئيس الولايات المتحدة سلطاته لتوفير الحماية لصندوق تنمية العراق ولممتلكات أخرى معينة يملك العراق نصيباً فيها من العمليات القضائية الأمريكية.

19- تظل الولايات المتحدة ملتزمة بمساعدة العراق بشأن الطلب الذي قدمته إلى مجلس الأمن لمد الحماية والترتيبات الأخرى بشأن النفط ومنتجاته والغاز الطبيعي..)

20- لا يجوز استخدام أراضي ومياه وأجواء العراق ممراً أو منطلقاً لشن هجمات ضد بلدان أخرى.

21- يكون هذا الاتفاق ساري المفعول لفترة ثلاث سنوات ما لم يتم إنهاء العمل به من قبل أحد الطرفين قبل انتهاء تلك الفترة.

22- ينتهي العمل بهذا الاتفاق بعد مرور سنة واحدة من استلام أحد الطرفين من الطرف الآخر إخطاراً خطياً بذلك.

 ثالثاً: الاستفتاء الشعبي ووثيقة الإصلاح السياسي

وثيقة الإصلاح السياسي التي أقرها البرلمان العراقي كقانون ملزم وصوّت عليها كحزمة واحدة مع الاتفاقية تتضمن تشكيل لجان تنفيذية ورقابية من مجلس النواب لمراقبة الموضوعات الأساسية التي تخص بنية الدولة العراقية وهي:

1- إعادة التوازن إلى مؤسسات الدولة العراقية وخصوصاً الأمنية والاقتصادية والخارجية والخدمية المهمة.

2- إطلاق سراح جميع الموقوفين الذين شملهم قانون العفو العام رقم (19) لسنة 2008.

3- إجراء التعديلات الدستورية لإصلاح الوضع الدستوري في البلد.

4- إقرار مبدأ المشاركة والتوافق.

5- متابعة ملف حقوق الإنسان.

6- إنهاء ملف المهجرين العراقيين في الخارج والداخل.

7- استيعاب الصحوات والمجاميع المسلحة التي ألقت السلاح.

8- ضمان نزاهة القضاء واستقلاليته عن السلطة التنفيذية.

9- ضمان نزاهة وشفافية الانتخابات.

 

مقالات لنفس الكاتب