; logged out
الرئيسية / (الشراكة الاستراتيجية) اليابانية ـ الإيرانية من منظور أوسع

(الشراكة الاستراتيجية) اليابانية ـ الإيرانية من منظور أوسع

الأربعاء، 01 نيسان/أبريل 2009

منذ نهاية الحرب العالمية الثانية واليابان تتمتع بـ (حماية) الولايات المتحدة وتتبنى (الدستور السلمي) الذي صاغه مسؤولو الاحتلال الأمريكي عقب تلك الحرب، والذي تحرم مادته التاسعة على اليابان امتلاك أي جيش أو خوض أي حرب. وقوبلت محاولات تعديل هذه المادة بردود فعل سلبية للغاية من جانب دول كالصين وكوريا التي عانت من عسكرة اليابان في الماضي، كما تعرضت لانتقادات حادة داخل اليابان نفسها التي لا تزال غالبية شعبها تدعم الدستور السلمي باعتباره (ثمرة) تجربة الحرب المريرة.

يمكن القول إن ما تستطيع أن تفعله اليابان في المجال الأمني ضمن الإطار الدستوري القائم محدود جداً. ومع ذلك، تحث الولايات المتحدة الأمريكية اليابان منذ فترة على (لعب دور أكبر في المجال الأمني)، خصوصاً بعد  نهاية الحرب الباردة. وفي الحقيقة، بذلت اليابان مؤخراً قصارى جهدها للمشاركة بفاعلية أكبر في الترتيب الأمني المحيط بها؛ ليس من خلال تلبية التوقعات الأمريكية فحسب، بل أيضاً من خلال تطوير مقاربة سياسية تمثل المصالح اليابانية بصورة مباشرة أكثر. لذا، فإن رغبة اليابان المعلنة في إقامة (شراكات استراتيجية) مع دول الشرق الأوسط ينبغي أن تُفهم في هذا السياق، تحديداً. وبحد ذاته يُعد مجرد إعلان اليابان عن عزمها الانخراط بالشرق الأوسط بفاعلية أكبر خطوةً مهمة، لأنه سيُعزز فرص تحقيق مصالحها في المنطقة ـ مع أنها لن تتحقق في نهاية المطاف إلا على أساس المنفعة المتبادلة بين اليابان ودول المنطقة، بما فيها إيران.

 مفهوم (الشراكة الاستراتيجية) والسياسة اليابانية تجاه الشرق الأوسط

يمثل مفهوم (الشراكة الاستراتيجية) أحد العناوين الرئيسية للدبلوماسية اليابانية الراهنة في الشرق الأوسط. وترسخ هذا المفهوم في الدبلوماسية اليابانية بفضل الزخم المتزايد الذي اكتسبته المحادثات حول سبل إقامة شراكات استراتيجية منذ زيارة رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي، إلى خمس دول شرق أوسطية في ربيع عام 2007؛ هي المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت وقطر ومصر. ونظراً إلى اعتمادها الكبير على الشرق الأوسط في توفير احتياجاتها النفطية، درست اليابان ما يمكنها أن تقدمه للمنطقة من تقنيات متطورة أو معرفة متخصصة في مجال تطوير الموارد البشرية لتعزيز بناها الأساسية الاجتماعية، بحيث تشكل، بالمحصلة، قاعدة أعرض للتنمية والأمن المستدامين، على المدى البعيد.

والجدير بالذكر أن تشديد اليابان على مفهوم (الشراكة الاستراتيجية) جاء نتيجةً لمحاولاتها التجريبية التي واكبت النقاشات حول (النظام العالمي الجديد) بعد نهاية الحرب الباردة، لا سيما إثر اندلاع أزمة الخليج (1990-1991). فإبان تلك الأزمة، وُجهت إلى اليابان انتقادات حادة بسبب سلبيتها وتأخرها أكثر مما ينبغي في اتخاذ قرار دعم قوات التحالف. ولم تنتقد الولايات المتحدة مساهمة اليابان في عملية تحرير الكويت بثلاثة عشر مليار دولار فقط لأنها (تأخرت أكثر مما ينبغي وكانت ضئيلة)، بل بسبب اقتصارها أيضاً على (إرسال أموال من دون إرسال أي قوات). لكن اليابان، التي اعتمد أمنها على الولايات المتحدة خلال حقبة الحرب الباردة الطويلة، كانت غير متأكدة مما قصدته الولايات المتحدة عندما طلبت منها أن (تتحمل مسؤولياتها) كقوة اقتصادية متعاظمة.

ومنذ ذلك الحين، تملّك المسؤولين الرسميين اليابانيين شعور قوي بالحاجة لاتخاذ القرارات (بصورة مستقلة). غير أن المسألة الرئيسية تمثلت في تحديد ما ينبغي أن تفعله اليابان من أجل المشاركة بفاعلية في حفظ السلام العالمي ضمن الإطار الدستوري القائم. ولئن رأى بعض الخبراء أنه ينبغي على اليابان أن تتحول إلى (دولة عادية قادرة على خوض الحروب)، إلا أن القيود الدستورية تحول دون ذلك. وضمن هذا السياق، تبنت اليابان مفهوم (الشراكة الاستراتيجية) الذي يعني بالنسبة لها إقامة علاقات اعتماد متبادل على أساس تلبية الحاجة لموارد أساسية كالنفط، من خلال تقديم تقنيات متقدمة استيفاءً لشرط المنفعة المتبادلة.

 الضغط الأمريكي والقرار الياباني

يتضح مدى التغيير الذي طرأ مؤخراً على السياسات اليابانية من خلال حقيقة أن اليابان أرسلت بالفعل قوات عسكرية إلى محافظة السماوة الواقعة في جنوب العراق في ديسمبر 2003، كجزء من قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أن المادة التاسعة من الدستور الياباني تحرم على اليابان امتلاك أي جيش، إلا أنها تحتفظ منذ خمسينات القرن الماضي بـ (قوات للدفاع عن النفس) لأن (الدستور السلمي) لا يحظر عليها الدفاع عن نفسها. أما إرسال وحدات برية من (قوات الدفاع عن النفس) إلى السماوة، فقد بُرر على أساس أنها لم تُرسل بغرض القتال، وإنما لإنجاز مهمة إنسانية ضمن إطار عملية إعادة إعمار العراق التي أجازتها الأمم المتحدة.

لقد بدأت محاولة الحكومة اليابانية توسيع نطاق أنشطة قوات الدفاع عن النفس في أعقاب أزمة الخليج التي اندلعت في عام 1991. فبعد انتقادها بسبب (عدم إرسال أي قوات)، قررت الحكومة اليابانية إرسال وحدات من قوات الدفاع عن النفس إلى خارج اليابان لأول مرة منذ تأسيسها. وهكذا، أُرسلت مثل هذه الوحدات إلى منطقة الخليج في مهمة لنزع الألغام استمرت من يونيو إلى سبتمبر 1991. وفي عام 1992، سنت الحكومة اليابانية قانوناً مكنها من إرسال وحدات من قوات الدفاع عن النفس إلى خارج البلاد، لكي تشارك في عمليات حفظ السلام الأممية.

في ظل البيئة السياسية التي تحيط بإيران اليوم، قد يتعذر على اليابان أيضاً تحقيق مصالحها في إيران 

وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، قرر رئيس الوزراء السابق، جُنِشيرو كُويزومي ، الإسراع في إرسال وحدات بحرية من قوات الدفاع عن النفس إلى المحيط الهندي لكي تساهم في توفير الدعم اللوجستي والاستخباراتي لعمليات حلف شمالي الأطلسي (الناتو) في أفغانستان. واستند كُيزومي في اتخاذ ذلك القرار إلى تشريع مؤقت هو (قانون الإجراءات الخاصة لمكافحة الإرهاب). ثم تلا ذلك القرار، في النهاية، قرار إرسال وحدات برية من قوات الدفاع عن النفس إلى السماوة، بدعوى أن القرار الأخير لم يكن منافياً للمادة التاسعة من الدستور لأن (السماوة لم تكن منطقة قتالية)، ولأن أنشطة البعثة اليابانية هناك ستكون ببساطة (إنسانية) فقط.

وسواء كانت الحجة آنفة الذكر مقنعة أم غير ذلك، اتضح أن النقاش حول مسألة إرسال وحدات من قوات الدفاع عن النفس إلى العراق كان غير كافٍ، لأن منطقية تطبيق المادة التاسعة غدت أكثر غموضاً من أي وقت مضى. كما أن الحقيقة المتمثلة في أن تمديد العمل بـ (قانون الإجراءات الخاصة لمكافحة الإرهاب)، الذي أُقرت على أساسه مهمة القوات البحرية للدفاع عن النفس في المحيط الهندي، لم يحظَ بالدعم الكافي فانتهى مفعوله في نوفمبر 2007، تُظهر أن الآراء المتعلقة بالدور الذي ينبغي أن تؤديه اليابان وقوات الدفاع عن النفس في عالمنا المعاصر ما زالت تسبب انقساماً عميقاً في صفوف الساسة اليابانيين. ليس هذا وحسب، بل إن وحدة النقل الجوي التابعة لقوات الدفاع عن النفس، والتي مقرها في الكويت وتغطي حالياً بغداد وشمالي العراق، قد تُسحب أيضاً بمجرد انتهاء صلاحية التفويض الأممي ذي الصلة في ديسمبر 2008.

 الضغط الأمريكي على إيران واليابان

على الرغم من الغموض الذي طالما لف علاقة اليابان بالمادة التاسعة من دستورها، إلا أن سلوكها تجاه إيران، الذي لم يُناقش بالضرورة خلال أية مداولات حول قوات الدفاع عن النفس أو المادة التاسعة،  ظل سلوكاً واضحاً. وبخصوص إيران، أرى من المهم إدراك أن الضغط الأمريكي على اليابان لكي تحد من تعاملها مع النظام الإيراني لا علاقة له بقدرات اليابان (العسكرية). كما أن إيران تُعد ثالث أكبر مصدر للنفط بالنسبة لليابان؛ ما يعني أن العلاقات بين البلدين ظلت وثيقة حتى بعد ثورة عام 1979، وأثناء الفترة التي تدهورت فيها العلاقات بين واشنطن وطهران.

وضمن سياق العلاقات اليابانية ـ الإيرانية، ينبغي الاعتراف بأن قدرة اليابان على التأثير في السياسات الإيرانية محدودة. ومع أن الكثيرين توقعوا أن تفتح زيارة الرئيس الإيراني في حينه محمد خاتمي ، إلى اليابان في أكتوبر 2000، (صفحةً جديدة في العلاقات اليابانية ـ الإيرانية)، كما قال وزير الخارجية الياباني في حينه، يوهي كونو ، في تلك المناسبة، إلا أنه تعين إجراء تعديلات جوهرية على عقد تطوير حقل زاديغان النفطي، الذي مثل إحدى نتائج تلك الزيارة، عندما أصبح الضغط المفروض على إيران بسبب أنشطتها النووية حاداً. وفي ظل البيئة السياسية التي تحيط بإيران اليوم، قد يتعذر على اليابان أيضاً تحقيق مصالحها في إيران الغنية بالنفط لأن المنفعة المتبادلة بين الجانبين شرط لازم لتحقيق مثل هذه المصالح.

تحث الولايات المتحدة اليابان منذ فترة على (لعب دور أكبر في المجال الأمني)

ولم تشارك اليابان في مفاوضات مجموعة الدول الست (الأعضاء الخمسة زائد واحد) مع إيران. إذ من المعروف أن تلك المجموعة تألفت من الدول الخمس الدائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي بالإضافة إلى ألمانيا. وبالمقابل، تفضل طهران ألا يقتصر التفاوض معها على هذه الدول الست، لأنها لا تريد أن تُفرض عليها أي عزلة دولية. وفيما تحاول إيران جاهدةً إشراك أكبر عدد ممكن من الدول في العملية التفاوضية، تؤمن اليابان بقدرتها على القيام بدور تفاوضي مهم لحل الأزمة النووية الإيرانية بفضل علاقاتها الطيبة مع إيران والولايات المتحدة. وبالفعل، حاولت اليابان التباحث بأسلوبها الخاص مع إيران لإيجاد مخرج لأزمتها النووية لأن الاتهامات الأمريكية لإيران تبدو أحادية الجانب أحياناً، حتى بالنسبة لليابان.

ولأن اليابان هي البلد الوحيد الذي استُخدم السلاح الذري ضده في الحرب العالمية الثانية، ظل عدم انتشار الأسلحة النووية دائماً من أبرز أولويات الدبلوماسية اليابانية. لذا، طبقت اليابان بشكل كامل كافة قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بالقضية النووية الإيرانية، كما طبقت كل العقوبات المالية التي فرضها (تحالف الإرادات الحرة) الذي تقوده الولايات المتحدة. ومع ذلك، لا بد من التذكير بأن اليابان تتعاطف، إلى حد ما، مع إيران لأسباب عدة أبرزها:

أولاً: تعتقد اليابان، مثلاً، أن إيران مُحقة، إلى حد ما، في انتقادها لسياسة (المعايير المزدوجة) التي تمارسها القوى الدولية إزاء مسألة عدم انتشار الأسلحة النووية. فقد أجمعت هذه القوى على أن إيران (انتهكت) معايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لذا، أصبح من الضروري إحالة ملفها النووي إلى مجلس الأمن الدولي. في الوقت ذاته، لم تأتِ هذه القوى حتى على ذِكر الأسلحة النووية التي تملكها إسرائيل. بالإضافة إلى ذلك، دُهش العديد من اليابانيين عندما عرضت الولايات المتحدة على الهند مساعدتها في مجال التقنيات النووية للأغراض السلمية. إذ من المفترض أن تمثل مثل هذه المساعدة امتيازاً حصرياً للدول الموقعة على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.

ثانياً: بذلت اليابان أيضاً جهوداً جبارة على مدى عقود من الزمن لإقناع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالطبيعة السلمية لأنشطتها النووية. وحتى يومنا هذا، وبعدما لبّت اليابان كل متطلبات الشفافية التي فرضتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية عليها لكي تتمكن، في النهاية، من تطوير دورة محلية للوقود النووي، لا يزال البعض (مرتاباً) من نوايا اليابان النووية. لذا، فإن اليابان تدرك جيداً مدى صعوبة إثبات (عدم وجود) ما هو غير موجود بالفعل.

اليابان تدرك حجم الإمكانات الهائلة التي تتمتع بها إيران كقوة طبيعية في منطقة الخليج

ثالثاً: يُذكر وضع إيران الراهن بعض اليابانيين بالمعاناة التي مرت بها اليابان في بداية القرن العشرين. حينذاك، بذلت اليابان قصارى جهدها من أجل (اللحاق) بركب الدول الغربية المتقدمة، وكانت تؤمن بقدرتها على تحقيق ذلك من دون الخوف من التداعيات المحتملة. فمثلاً، قال رئيس الوزراء الياباني السابق كويزومي لوزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي (إن اليابان حاربت العالم بأسره في الماضي وعانت الكثير بسبب ذلك). وبفعل هذه التجربة، أضاف كُويزومي (قررت اليابان أنها لن تنعزل أبداً عن المجتمع الدولي). وفي هذا السياق، تحديداً، يتعين فهم طبيعة تعاطف اليابان مع إيران بدليل أن رئيس الوزراء الياباني، ياسو فوكودا ، دعا الرئيس الإيراني، أحمدي نجاد، لاتخاذ (القرار الشجاع) المتمثل في وقف تخصيب اليورانيوم.

واتهمت الولايات المتحدة اليابان بالفشل في (تحمل مسؤوليتها) تجاه موضوع إسرائيل كما انتقدتها بسبب غياب (الإدانة القوية من جانب زعيم الدولة)، لتصريحات محمود أحمدي نجاد حول إسرائيل. فعلى الرغم من أن اليابان دانت بالفعل التصريح المتعلق بـ (إزالة دولة من الخريطة)، واصفةً إياه بغير المقبول، ومع أن وزارة الخارجية اليابانية استدعت السفير الإيراني باليابان، وأعربت له عن قلق اليابان من ذلك التصريح، إلا أن البعض في الولايات المتحدة رأوا أن هذا الموقف لم يكن حازماً بما فيه الكفاية. لذا، أُشير مجدداً إلى أن اليابان لا يمكنها أن تحظى بقبول عالمي ما لم تكن مستعدة (لتحمل مسؤولياتها الدولية).

ورغم هذه الانتقادات، عندما تكرر سماع الدعوة للوحدة المنظمة ضد إيران باعتبارها أكبر خطر يُهدد (النظام الإقليمي)، لم يسع اليابان إلا أن تتساءل عن المستفيد الأكبر من مثل هذه (الوحدة) وعن المقصود في الحقيقة بـ (النظام الإقليمي الراهن). فهل المقصود، مثلاً، ذلك النظام الذي يُرغَم الشعب الفلسطيني في ظله على العيش بما يُقدم له رغم قلته، أم أنه النظام الذي في ظله يمكن دائماً السعي لإيجاد (حل أكثر عدلاً) للقضية الفلسطينية عبر انتهاز أي فرصة من شأنها أن تقرب المجتمع الدولي، من إيجاد مثل هذا الحل؟

وتتبنى اليابان موقفاً مماثلاً من (الهلال الشيعي) الذي قيل إنه يمتد من لبنان إلى العراق، ويتمتع بدعم إيران الشيعية، ويهدف إلى (زعزعة استقرار) المنطقة. فقد تساءلت اليابان عن مدى الحاجة لتقديم مثل هذا (الهلال) كتهديد (شيعي)، مع أن حركة حماس (السنية) تشكل حالياً جزءاً من هذا (الهلال). ثم طرحت اليابان أسئلة مثل (من هم أبرز المعنيين بالتشديد علناً على وجود التهديد (الشيعي) وضرورة توحد الزعماء العرب السنة ضد إيران؟ أو (أي دولة هي الأكثر خوفاً من خسارة تفوقها العسكري على إيران؟) وقد حاولت اليابان إدراج مثل هذه الأفكار في المحادثات مع إيران، ليس من أجل عزلها، وإنما سعياً لتعزيز انخراطها بالمجتمع الدولي. فاليابان تدرك حجم الإمكانات الهائلة التي تتمتع بها إيران كقوة طبيعية في منطقة الخليج من حيث المساحة والموارد البشرية والطبيعية، كما تؤمن بأنه من مصلحة اليابان وإيران أن تبنيا على (الشراكة الاستراتيجية) القائمة على أساس التعاون المتبادل البعيد المدى.

 نحو دبلوماسية فاعلة

لا توجد أي إجابة جاهزة عن السؤال الذي يشغل اليابان اليوم: ما نوع الدور الذي ينبغي أو تستطيع اليابان وقوات الدفاع عن النفس أن يضطلعا به في البيئة الأمنية العالمية المتغيرة؟

وتظهر التجربة اليابانية أنه من الصعب للغاية الخروج من أي ترتيب أمني قائم، سواء كان تابعاً أو أكثر استقلالية. لكن الأمر المؤكد هو حقيقة أن البيئة الأمنية تتغيير فعلاً، وأنه يتعين على اليابان أن تكون أكثر فاعلية في تنفيذ سياساتها الخارجية. ويمكن اعتبار إرسال اليابان السريع لوحدات من قوات الدفاع عن النفس إلى العراق ومحاولتها سلوك طريق مختلف عن طريق الولايات المتحدة إزاء إيران، كمحاولتين من جانب اليابان لإيجاد نهج خاص بها بفاعلية أكبر من ذي قبل. كما أن عملية البحث التجريبي عن (شراكات استراتيجية) أعمق مع دول الشرق الأوسط ستستمر حتماً بسبب تاريخ اليابان، وما تمخض عنه من أفضليات وقيود مختلفة بالنسبة لليابان، خصوصاً منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وفي الوقت ذاته، وبغض النظر عن النكسات التي قد تُصيب اليابان في المستقبل، فإنه لا سبيل أمامها سوى الاستمرار في محاولة إيجاد (طريقة أفضل) للمشاركة في الهيكلية الأمنية الدولية.

 

 

مقالات لنفس الكاتب