; logged out
الرئيسية / الإعلام الخليجي وقضايا الأمة (الجزيرة) نموذجاً

الإعلام الخليجي وقضايا الأمة (الجزيرة) نموذجاً

الأحد، 01 آذار/مارس 2009

أصبح الإعلام اليوم سلاحاً حقيقياً في المعركة الحضارية التي تخوضها الأمة، ونحن حتى الآن لا نزال نملك قدرات هائلة على تحريك الآلة الإعلامية باتجاه خدمة مصالح الأمة (العربية) إذا كان القرار السياسي يدعم هذه الاستراتيجية، ويأتي في إطار ذلك بعض القنوات الإعلامية (العربية)، خاصة الخليجية بريادة قنوات تلفزيونية إخبارية مثل قنوات(الجزيرة) و(العربية) و(أبوظبي)، وهي إحدى الأدوات التي أسهمت بشكل كبير في إرسال التجربة الإنسانية المريرة التي تعيشها الأمة (العربية) والإسلامية إلى الشارع العربي.وبالطبع ليس التقييم واحداً بالنسبة لتلك القنوات التي نستشهد بها كنماذج للإعلام الخليجي.

نرى أن قناة(الجزيرة) في حرب الـ 22 يوماً الإسرائيلية على غزة كيف تفاعلت مع الحدث وجازف مراسلوها بأرواحهم وراحتهم من أجل نقل وبث مشاهد المجازر الإسرائيلية التي مورست ضد الشعب الفلسطيني الأعزل في غزة، ولم يكن الأمر مجرد نيل رضا المشاهد من حيث الرؤية والاطلاع، لكن كان الهدف شحذ المتابعين نحو التوحد في الموقف والاتجاه من أجل نصرة قضية فلسطين.

وفي المشهد العراقي نجد تناولاً ترسله لنا (الجزيرة) و(العربية) وإن كان فيهما قدر من الاختلاف على فترات، ربما كما يظنه البعض سياسياً لا إعلامياً حيادياً، كبرنامج المشهد العراقي الذي ينقل تطورات الموقف في العراق وفي أعقاب الانتخابات. فنجد أن هناك تغيراً ملحوظاً في تناول القضية العراقية لتلك القنوات وغيرها منذ بدء الغزو الأنجلو أمريكي للعراق 2003، فقد كانت السنوات الأولى تتناول أبشع المشاهد التي ارتكبها الاحتلال ومعاونوه، ورصداً للأعمال المسلحة تارة تحت مفهوم المقاومة وآخر تحت مفهوم العمليات (الإرهابية)، وكان الطابع التعبوي سائداً في تلك الناحية الإعلامية، حسب كل مقدم للبرنامج أو معد أو تقرير أو ضيف أو قناة شاملة، أو دولة تريد اتجاهاً معيناً. ثم غابت تلك المسألة تدريجياً إلى حد ما خاصة مع الاهتمام المتزايد بالنواحي السياسية ودخول العراق مرحلة جديدة أبرزها واقع الاحتلال الأمريكي على البلاد خاصة مع توقيع الاتفاقية الأمريكية-العراقية ذات الطابع الأمني، والدخول في خضم الانتخابات واستجلاب بعد العناصر المسلحة العراقية للحوار.

إسرائيل نجحت على مدى عقود في استمالة معظم الإعلام الأمريكي والغربي وتسخيره لصالحها

إعلام خليجي متطور

 الإعلام الخليجي بريادة البعض كان منافساً قوياً للإعلام الغربي السلبي تجاه قضايا الأمة (العربية). فإسرائيل نجحت على مدى عقود في استمالة معظم الإعلام الأمريكي والغربي وتسخيره لصالحها، وهذا في الواقع ليس عيباً، بل هو ينبئبأن إسرائيل تخطط وتنفذ، تضع استراتيجيات وتطبقها، أدركت ولا تزال أهمية الإعلام كإحدىوسائل كسب المؤيدين، وتأليب العالم ضد الفلسطينيين والعرب والمسلمين، وهي ماضية قُدماً على هذا النهج، بقدراتها الذاتية كدولة والذاتية الموضوعية من خلال لوبياتها وجماعات ضغطها المنتشرة في عواصم القرار الكبرى كلها تقريباً ومن خلال كبار الرأسماليين اليهود المبثوثين في الغرب، أما نحن العرب والمسلمين، فمئات ملياراتنا بالدولار الأمريكي مكدَّسة في البنوك الأمريكية والأوروبية، ونحن لسنا في الحكم كي نقول كيف تتحرك ثرواتنا هذه؟ وكيف تستخدم؟ ولفائدة من؟ لكننا على يقين بأن أطرنا الإعلامية والثقافية محرومة منها، لكنها رغم ذلك بدأت تتوسع في بعض دول الخليج مما يمكنها من التأثير في الرأي العام العالمي.

والدليل على ذلك نجاح الإعلام الخليجي خاصة قناة (الجزيرة) التي أبهرت المشاهد العالمي، وكشفت الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية على الهواء مباشرة وفي كل لحظة، ما أزعج شيمون بيريز، إذ انتقد بعض الإعلام العربي، وخص قناة (الجزيرة) بالذكر والتحديد، واتهمها بالمبالغة في نقل صورة آثار الاجتياح والاحتلال والمجازر، وهذا دليل على نجاح الإعلام الخليجي إجمالاً عبر قناة مثل (الجزيرة) فينقل الصورة كما هي بالعين المجردة وبكاميرات وأقلام زملائنا الصحفيين الشجعان من قلب الحدث وفي الميدان.

وركزت الصحافة الخليجية في فترة الحرب على غزة على كل الجهود التي يبذلها العالم العربي والإسلامي من أجل إيقاف فوري لإطلاق النار وفك الحصار وفتح المعابر وإنهاء الانقسام الفلسطيني، وتابعت بكل اهتمام اجتماع وزراء الخارجية العرب، وجولاتهم المكوكية من هنا وهناك،وتناولت وعبرت عبر مقالاتها وكتّابها في الصحف الخليجية(الشرق والخليج والبيان والحياة والشرق الأوسط والراية والقبس والوطن وأوان الكويتية والمدينة السعودية).

الحدث كان مهماً والقضية الفلسطينية كانت محوراً لاهتمام كل تلك الجهات الإعلامية (العربية) الخليجية، ولا تزال كما تقول (الجزيرة) التغطية مستمرة. وهذا يعبر عن تطور في الإعلام الخليجي الذي استعان بكوادر وخبرات عالمية وعربية، أثرت في مهنيتها وأدائها الذي أصبح ينافس الآن على المستوى العالمي.

الإعلام وحقوق الإنسان

في 24 نوفمبر 2004 عملت قطر على تنظيم دورة عن دور الإعلام في حماية حقوق الإنسان بمقر اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر،وأكد رئيس مجلس إدارة (الجزيرة) الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني في كلمته في حفل الافتتاح على أهمية دور الإعلام في دعم حقوق الإنسان ونشر مبادئه والترويج لفعالياته والدفاع عن قضاياه وتعميم ثقافته وأثر ذلك في تحقيق الاستقرار السياسي والتنموي للمجتمعات الإنسانية وتعزيز السلام في الأرض.

ومن جانبه شدد رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر خالد بن محمد العطية على ضرورة أن تراعي وسائل الإعلام أثناء أدائها رسالتها المنشودة تجاه قضايا حقوق الإنسان خصوصية كل مجتمع من الناحية الثقافية والعقائدية والحضارية.

وفي السياق نفسه يرى مدير المعهد العربي لحقوق الإنسان في تونس عبدالباسط بن الحسن أن الترابط بين الإعلام وحقوق الإنسان ارتباط عضوي، (إذ يقومان على مفهوم الحرية الذي هو جوهر كل الحقوق).

الإعلام الخليجي كان منافساً قوياً للإعلام الغربي السلبي تجاه قضايا الأمة (العربية)

(الجزيرة) نموذجاً

استطاعت قناة (الجزيرة) خلال سنوات عمرها القليلة أن تتجاوز دور المؤسسة الإعلامية الخبرية، واتجهت نحو التفاعل والتواصل الثقافي الأعمق مع المجتمع العربي والدولي، كما بدأت بمد جسور التفاهم والتواصل بين وسائل الإعلام (العربية) والدولية، بما يخدم تطور الخدمة الإعلامية المقدمة للجماهير.

وجاء منتدى (الجزيرة) الذي يهدف إلى تمكين الإعلاميين في العالم من إلقاء الضوء على الكثير من القضايا مثار الجدل بين الصحفيين، وإيجاد ورشة عمل حقيقية تخرج برؤية واضحة عن كيفية صيانة المهنة والارتقاء فوق دواعي الفرقة وحماية الإعلام وتثبيت أركانه لنقل وقول الحقيقة دون خوف من سلطة أو سياسة أو مال، وتبنت (الجزيرة) فكرة عقد منتدى إعلامي سنوي، أطلقت عليه اسم منتدى (الجزيرة). ولتحقيق تواصل مباشر وفعال، ابتدعت (الجزيرة) وسائل اتصال جديدة مع جمهورها، تمكنه من التغلغل أكثر في بيئته الثقافية وفهم احتياجاته ومشكلاته، فأطلقت العديد من الفعاليات مثل منتدى (الجزيرة) ومهرجان الإنتاج التلفزيوني السنويين، كما كرست التزامها بمعايير وأخلاقيات الصحافة من خلال تبنيها ميثاق الشرف المهني.

  وقد عقد المنتدى للمرة الأولى في يوليو 2004 تحت عنوان (الإعلام في عالم متغير)، بحضور مئات الإعلاميين من شتى المؤسسات الإعلامية (العربية) والدولية.

واللافت أن المنتدى جاء بعد الغزو الأمريكي للعراق، وهو الحدث الذي برز فيه دور الإعلام جلياً وواضحاً في القدرة على تشكيل مواقف الرأي العام العالمي تجاه القضايا المهمة، وقد برزت (الجزيرة) في تغطيتها لهذه الحرب كصوت مؤثر عالمياً لا يمكن تجاهله البتة.

وفي المنتدى الأول اتفق المجتمعون على أن المستجدات السياسية الكونية على مدى السنوات القليلة الماضية، والثروة المعلوماتية المتزامنة مع ظاهرة العولمة، وطدت قطاع الإعلام كصناعة عالمية، وترافقت مع بروز إعلام إقليمي ارتقى عالمياً وأثبت وجوده، كما أشاروا إلى التغيير الذي طرأ على الإعلام والتباين في مفاهيمه بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، وبروز انتقاد حكومي وشعبي للمدارس الإعلامية، في حين بدأ الإعلام العربي يتخذ موقفاً مهماً يتفق عليه جميع الاختصاصيين في ميدان الأخبار وهو نقل الحقيقة الكاملة.

وشهد عام 2006 انعقاد منتدى (الجزيرة) الثاني تحت شعار (الإعلام بين الحرية والمسؤولية)، وشارك فيه المئات من الإعلاميين من مختلف أنحاء العالم، وركز خلال ثلاثة أيام عمل على دور الإعلام العالمي في بناء جسور التفاهم ومكان المؤسسات الإخبارية، ودورها أمام تحديات القرن الحادي والعشرين، بالإضافة إلى الإعلام بين السلطة والتعبير، ومدونات الإنترنت.

الإعلام الخليجي استعان بكوادر وخبرات عالمية وعربية أسهمت في وصوله للعالمية 

(الجزيرة) تتفوق

 وفي 31 ديسمبر 2008 ذكرت صحيفة (ذي غارديان) البريطانية أن قناة (الجزيرة) تتفوق على منافساتها من القنوات الفضائية (العربية) من حيث عدد مشاهديها الذين يتابعون التغطية المباشرة للهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة.

وأشارت إلى أن لدى (الجزيرة) التي تتخذ من قطر مقراً لها أربعة مراسلين في غزة وتبث صوراً لا يمكن أن تجد طريقها عبر شاشات التلفزة الغربية، ويحاولون التركيز على القضايا الإنسانية.

ومع أنه من الصعوبة بمكان تحديد عدد المشاهدين بشكل دقيق، كما تقول الصحيفة، فإن (الجزيرة) تقول إنها تحظى بأكثر من 50 مليون مشاهد، ويرتفع هذا العدد في أزمات من هذا القبيل.

وتشير الدلالات إلى أن (الجزيرة) استطاعت بكل سهولة أن تتفوق على منافساتها القريبة منها من القنوات الفضائية الإخبارية.

وذكرت (ذي غارديان) أن صور (الجزيرة) باتت الآن متوفرة مجاناً على موقع يوتيوب، مضيفة أن نظيرتها القناة الإنجليزية وموقع (الجزيرة) نت ساهما في وصول تلك الصور إلى العالم.

وأشارت الصحيفة إلى أن تغطية القنوات (العربية) -التي تملكها الحكومات- لهذه الهجمات الإسرائيلية كانت تعكس التوجهات الحكومية كل على حدة.

ولفتت الصحيفة إلى أن (الجزيرة) أجرت مقابلات مع مسؤولين إسرائيليين ورئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في دمشق، ونقلت الأخبار من سديروت وبلدات إسرائيلية أخرى خشية أن تتهم بالتحيز لطرف ما على حساب الآخر.

وفي احتفال شبكة (الجزيرة) الفضائية في الثاني من نوفمبر 2008 في مقرها بالدوحة بـ (يوم (الجزيرة)) وذلك في الذكرى الثانية عشرة لانطلاق قناتها الناطقة باللغة (العربية) عام 1996، أشار مدير الشبكة وضاح الخنفر إلى أن (الجزيرة) لم تعد مؤثرة فقط في محيطها الإقليمي بل انتقلت إلى العالمية، وأكد أنها لم تعد ملكاً للقائمين عليها أو العاملين والمشرفين عليها فقط، بل أصبحت ملكاً لكل المتعطشين لمعرفة الحقيقة، كما شدد الخنفر على أن الإنسان هو في صلب اهتمامات قناة (الجزيرة) قائلاً (المبدأ والمنتهى في رسالة (الجزيرة) الإنسان).

(العربية) تنافس

في تموز 2006 وأثناء حرب لبنان، تفوقت قناة (العربية) في نقل وقائع الحرب إلى المنازل من خلال الشاشة الصغيرة، محققة نقاطاً إيجابية لافتة في جذب جمهور الفضائيات (العربية)، الإخبارية والعامة.

وارتفعت نقاط مشاهدة قناة (العربية) إلى 220 نقطة، ما حقق زيادة فاقت كل التوقعات. ومع هذه القفزة الكبيرة، تضاعفت حصة (العربية) من مجموع المشاهدين العرب بحيث وصلت نسبة المشاهدة للقناة إلى 40 في المائة من نسبة مجموع مشاهدي كافة القنوات الفضائية سواء كانت عامة أو إخبارية. وجاءت هذه النتائج بناء على دراسات شهرية موثقة يشرف عليها ويمولها قطاع الإعلان في العالم العربي الذي يحرص على تحديد هذه المعلومات لغرض تخطيط الحملات الإعلانية.

وتلبية لمتطلبات الحرب أرسلت قناة (العربية) عدداً من مراسليها المخضرمين في حرب العراق لدعم فريق مكتبها في بيروت وتظهر (العربية) بشكل واضح اهتماماً بالصراع الدائر أكبر من اهتمام محطات التلفزة العالمية وذلك يعود بالطبع لكونها محطة إقليمية ناطقة بلغة المنطقة.

أما بالنسبة لتغطية الصراع من جانبيه - أي اللبناني والإسرائيلي- فقد عبأت (العربية) فريقها في إسرائيل والأراضي الفلسطينية لنقل أخبار تساقط صواريخ حزب الله على مناطق شمال إسرائيل. وبدأ مراسلو القناة أكثر من مرة يخلون مراكز اتخذوها قرب الحدود إما بأمر من القوات الإسرائيلية أو لتجنب الخطر.

وتمكنت معظم المحطات (العربية) من تقديم أخبار الحرب التي دارت في لبنان إلى المشاهد غير المحلي في قالب يسهل عليه هضمهمن دون الغرق في تفاصيل محلية جداً. 

مجلة آراء حول الخليج