; logged out
الرئيسية / الاتحاد من أجل المتوسط.. أهداف وغايات

الاتحاد من أجل المتوسط.. أهداف وغايات

الأحد، 01 آذار/مارس 2009

نشأت فكرة (الاتحاد من أجل المتوسط) داخل أروقة دول الاتحاد الأوروبي كنسخة جديدة لما عُرف سابقاً باسم (الاتحاد المتوسطي)، عندما تقدم بها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ضمن أجندة حملته الانتخابية، وبعد فوزه في الانتخابات الرئاسية وتقلده الرئاسة تم إدراج الفكرة ضمن مخططاته وأجندته السياسية.

دعا الرئيس ساركوزي في 23 أكتوبر 2007 زعماء المنطقة المتوسطية إلى عقد اجتماع قمة في فرنسا يتم في الثالث عشر من شهر يوليو 2008، يهدف إلى وضع الأسس السياسية والاقتصادية والثقافية للاتحاد، وفقاً لمبدأ المساواة الكاملة بين الدول المتوسطية.

وقد عقدت في 13 يوليو 2008 قمة في باريس ضمت 43 بلداً حيث حضرها قادة نحو 40 بلداً منهم رؤساء مصر وسوريا والجزائر وتونس ولبنان وتركيا في حين لم يحضر القمة الرئيس الليبي معمر القذافي الذي كان يعارض فكرة الاتحاد، كما حضر القمة أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون ورئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو وأمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى، حيث أعلن الرئيس الفرنسي ساركوزي عن انطلاق الاتحاد من أجل المتوسط كهيئة دولية جديدة بعضوية 43 دولة، وبرئاسة مشتركة بين الرئيس الفرنسي والرئيس المصري محمد حسني مبارك.

أولاً: الأهداف المعلنة

ووفقاً للتصريحات الرسمية للمسؤولين الفرنسيين والأوروبيين فإن الاتحاد من أجل المتوسط يسعى إلى تحقيق عدة أهداف سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية تم النصّ عليها في البيان الختامي لقمة إطلاق الاتحاد، حيث أشار البيان إلى أن (رؤساء الدول والحكومات على قناعة مشتركة بأن هذه المبادرة يمكن أن تلعب دوراً مهماً في مواجهة التحديات المشتركة التي تواجهها المنطقة الأورومتوسطية، ومنها على سبيل المثال: التنمية الاقتصادية والاجتماعية؛ الأزمة العالمية في مجال الأمن الغذائي؛ تدهور الوضع البيئي، بما فيه التغير المناخي والتصحر، بغية تشجيع التنمية المستدامة؛ الطاقة؛ الهجرة؛ ومكافحة الإرهاب والتطرف؛ الارتقاء بالحوار بين الثقافات).

ووفقاً لهذا التصور الذي تبناه قادة الاتحاد فإنه يمكن تقسيم الأهداف التي يبتغيها إلى:

أهداف سياسية وأمنية وتشمل:

* دفع عملية السلام بين العرب وإسرائيل

حيث أكد البيان أن (رؤساء الدول والحكومات يعيدون التأكيد على دعمهم لمسيرة السلام الإسرائيلية-الفلسطينية، كما أشير إليها في اجتماع لشبونة الوزاري الأورومتوسطي (نوفمبر2007) وبما يتماشى مع مؤتمر أنابوليس. ويذكّرون بأن السلام في الشرق الأوسط يتطلب حلاً شاملاً، ويرحبون في هذا الصدد بالإعلان عن الشروع بمفاوضات غير مباشرة بين سوريا وإسرائيل برعاية تركيا، طبقاً لمرجعيات مؤتمر مدريد للسلام).

* تحقيق الأمن الإقليمي

أشار البيان إلى أن هذه المبادرة تعبر عن تطلع مشترك من أجل تحقيق السلام فضلاً عن الأمن الإقليمي وفقاً لإعلان برشلونة لعام 1995 أي تشجيع الأمن الإقليمي بالعمل لصالح عدم انتشار الأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية، من خلال الانضمام إلى مجموعة من الأنظمة الدولية والإقليمية لعدم الانتشار واتفاقيات الحد من التسلح ونزع الأسلحة والتقيد بها، ومنها على سبيل المثال معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، واتفاقية الأسلحة الكيميائية، واتفاقية الأسلحة البيولوجية، ومعاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية و/أو الترتيبات الإقليمية كإقامة مناطق خالية من الأسلحة، بما في ذلك أنظمة التحقق الخاصة بها، وباحترام التزامات الأطراف بنية صادقة بموجب اتفاقيات الحد من التسلح ونزع السلاح وعدم الانتشار.

وأكد سعي الأطراف إلى إقامة منطقة في الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل والأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية ومنظومات الإيصال، مع نظام فعال للتحقق المتبادل. علاوة على ذلك ستدرس الأطراف الخطوات العملية لمنع انتشار الأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية والتراكم المفرط للأسلحة التقليدية، وتمتنع الأطراف عن تطوير القدرات العسكرية بما يتجاوز متطلباتها الدفاعية المشروعة، وتؤكد مجدداً في الوقت ذاته على تصميمها على بلوغ الدرجة نفسها من الأمن والثقة المتبادلة مع أدنى المستويات الممكنة من القوة العسكرية والأسلحة والانضمام إلى اتفاقية الأسلحة التقليدية. وتشجع الأطراف الظروف التي تتيح تطوير علاقات حسن الجوار فيما بينها وتدعم العمليات الرامية إلى تحقيق الاستقرار والأمن والازدهار والتعاون الإقليمي وغير الإقليمي، وتبحث في تدابير ترسيخ الثقة وتعزيز الأمن، التي يمكن أن تتخذ بين الأطراف بهدف إقامة (منطقة سلام واستقرار في حوض المتوسط) بما في ذلك إمكانية إعداد ميثاق  أورومتوسطي لهذا الغرض على الأمد الطويل.

* مواجهة الإرهاب

أكد رؤساء الدول والحكومات خلال قمتهم إدانتهم للإرهاب بكل أشكاله ومظاهره، وعزمهم على القضاء عليه ومكافحة كل من يوفر له الدعم. وأعلنوا تصميمهم على التطبيق الكامل لمدونة السلوك المتعلقة بمكافحة الإرهاب من أجل تعزيز أمن جميع المواطنين في إطار يضمن احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان، لاسيما من خلال سياسات أكثر فاعلية لمكافحة الإرهاب ومزيد من التعاون لوقف كافة الأنشطة الإرهابية وحماية الأهداف المحتملة ومواجهة آثار الاعتداءات. وشددوا على الحاجة إلى معالجة الظروف المؤدية إلى انتشار الإرهاب بكافة أشكاله ومظاهره من دون تحفظ، أياً كان المرتكب، وأياً كان الهدف والنتيجة المنشودة. كما أكدوا رفضهم التام لمحاولات ربط أي دين أو ثقافة بالإرهاب ويؤكدون على تصميمهم على بذل كل الجهود لإيجاد حل للنزاعات، وإنهاء الاحتلال ومكافحة القمع، والحد من الفقر والنهوض بحقوق الإنسان والإدارة السليمة للشؤون العامة، وتعزيز التفاهم بين الثقافات وتأمين الاحترام لكل الديانات والمعتقدات، حيث تخدم هذه الأنشطة مباشرة مصالح شعوب المنطقة الأورومتوسطية، وتواجه مشاريع الإرهابيين وشبكاتهم.

من ضمن أهداف الاتحاد السعي لجعل البحر المتوسط طريقاً كبيراً للتواصل التجاري

* تحقيق الديمقراطية

أكد رؤساء الدول والحكومات في البيان الختامي تصميمهم على تعزيز الديمقراطية والتعددية السياسية من خلال تطوير توسيع المشاركة في الحياة السياسية والالتزام الكامل بحقوق الإنسان وبالحريات الأساسية. كما أكدوا طموحهم إلى بناء مستقبل مشترك يقوم على الاحترام الكامل لمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات الأساسية التي كرستها المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، مثل النهوض بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية وتعزيز دور المرأة في المجتمع واحترام الأقليات ومكافحة العنصرية وكراهية الأجانب وتشجيع الحوار الثقافي والتفاهم المتبادل.

أهداف اقتصادية وتشمل:

* تحقيق التنمية الاقتصادية

من ضمن ما تهدف إليه المبادرة تنمية الموارد البشرية وفرص العمل طبقاً لأهداف الألفية للتنمية بما فيها الحد من الفقر، حيث أكد البيان الختامي أن إعلان برشلونة وأهدافه ومجالات التعاون التي نص عليها تبقى قائمة، وتظل الفصول الثلاثة التي يغطيها التعاون (الحوار السياسي، التعاون الاقتصادي والتجارة الحرة، الحوار الإنساني والاجتماعي والثقافي) في صميم العلاقات الأورومتوسطية. ويبقى برنامج العمل لخمس سنوات الذي اعتمدته قمة برشلونة في عام 2005 بمناسبة الذكرى العاشرة للشراكة الأورومتوسطية قابلاً للتطبيق أيضاً (بما فيه الفصل الرابع الذي أُضيف آنذاك إلى مجالات التعاون، والخاص بالهجرة والاندماج الاجتماعي والعدالة والأمن) وكذلك استنتاجات مجمل الاجتماعات الوزارية التي تبقى سارية المفعول. وقد أشار رؤساء الدول والحكومات إلى التقدم والفوائد الاقتصادية المرتبطة بإنشاء منطقة تبادل حر بعيدة المدى في المنطقة الأورومتوسطية بحلول عام 2010 وفيما بعد، وتعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي بكافة أبعاده. وأعلنوا دعمهم الخطوط الرئيسية لخريطة الطريق التجارية الأورومتوسطية، وبالأخص دراسة إقامة آلية لتسهيل المبادلات تكون مرنة وفعالة وموافقة لأوساط الأعمال تسمح بزيادة الشفافية وفرص التجارة والاستثمار.

* المبادرة المتوسطية لتنمية الشركات

ترمي إلى توفير المساعدة للكيانات الموجودة في البلدان الشريكة التي تقدم الدعم للشركات الصغرى والصغيرة والمتوسطة الحجم عبر تقييم حاجاتها، وتحديد الحلول الاستراتيجية وتوفير الموارد الضرورية لهذه الكيانات على شكل معونة تقنية وأدوات مالية. ومن المتوقع أن تكون أنشطتها مكملة لأنشطة الكيانات العاملة في هذا المجال تساهم بها بلدان الضفتين على أساس طوعي.  

* الطرق السريعة البحرية والبرية

من ضمن أهداف الاتحاد السعي لجعل البحر المتوسط طريقاً كبيراً للتواصل التجاري. فسهولة وأمن الوصول إليه ونقل البضائع وتنقل الأشخاص براً وبحراً هي أمور أساسية للمحافظة على الصلات وتعزيز التجارة الإقليمية. وستمكّن تنمية الطرق البحرية السريعة، بما فيها وسائل الربط بين المرافئ في كل الحوض المتوسطي وبناء الطرق الساحلية السريعة وتحديث خط السكة الحديدية (عبر المغرب العربي)، من تحسين تنقل الأشخاص وتدفق البضائع بكل حرية. ويلزم توجيه الاهتمام الخاص إلى مسألة التعاون في مجال الأمن البحري والسلامة في إطار التكامل الشامل في المنطقة المتوسطية.

أهداف بيئية وتشمل:

* إزالة التلوث في البحر المتوسط

عانت نوعية البيئة في البحر المتوسط من تدهور كبير في الآونة الأخيرة. واستناداً إلى برنامج (أفق 2020)، فإن إزالة التلوث في البحر الأبيض المتوسط بما في ذلك في المناطق الساحلية والمناطق البحرية المحمية، وبشكل خاص في قطاع المياه ومعالجة النفايات، ستكون أمراً أساسياً لتحسين ظروف حياة السكان وسبل عيشهم.

* الحماية المدنية

في كل أنحاء العالم تظهر على البيئة الأضرار الناجمة عن الكوارث البشرية والطبيعية، وتبدو آثار التغيرات المناخية واضحة للعيان. وتعد منطقة البحر المتوسط من المناطق الحساسة بوجه خاص والمعرضة لهذه الكوارث. وفي هذا السياق، يمثل إعداد برنامج مشترك للحماية المدنية من أجل الوقاية من الكوارث والاستعداد لها والرد عليها إحدى الأولويات الكبرى في المنطقة، ومن خلال تعاون أوثق بين الإقليم وآلية الحماية المدنية في الاتحاد الأوروبي.

* الطاقات البديلة: الخطة الشمسية المتوسطية

تؤكد النشاطات التي عرفتها أسواق الطاقة مؤخراً سواء على مستوى العرض أم الطلب ضرورة الاهتمام بمصادر طاقة بديلة. ويمثل تسويق مصادر الطاقة البديلة والبحوث والتنمية في هذا المجال أولوية أساسية للعمل من أجل التنمية المستدامة، ويسعى الاتحاد إلى تعزيز التعاون في هذا المجال بين دول المتوسط.

مشروع الاتحاد المتوسطي لا يختلف في جوهره عن مشروع الشرق الأوسط الكبير

أهداف ثقافية وتشمل:

* التعليم العالي وإنشاء جامعة أورومتوسطية

  يرى واضعو مبادرة الاتحاد من أجل المتوسط أن إنشاء جامعة أورومتوسطية (مقرها في سلوفينيا) يمكن أن يساهم في الفهم المتبادل بين الشعوب وتشجيع التعاون في مجال التعليم العالي كامتداد للأهداف المحددة . ووفقاً لذلك يتعين على هذه الجامعة أن تقوم  بإعداد برامج تعليمية ما بعد الجامعية وبرامج بحثية وتساهم في تأسيس الفضاء الأورومتوسطي للتعليم العالي والعلوم والأبحاث بوساطة شبكة تعاون تضم مؤسسات شريكة وجامعات في المنطقة الأورومتوسطية.

ثانياً: الأهداف غير المعلنة:

من خلال قراءة تحركات الدبلوماسية الفرنسية والأوروبية خلال الدعاية لفكرة الاتحاد من أجل المتوسط لدى دول جنوب المتوسط وما رافقها من تطورات يمكن القول إن الأهداف التي تم الإعلان عنها خلال مؤتمر إعلان الاتحاد لا تعبر عن النوايا الحقيقية التي تضمرها فرنسا والدول الأوروبية أو على أقل تقدير ليست هي كل الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها عبر المنظمة الجديدة.

فهناك أهداف أخرى يمكن القول إنها الأهداف الحقيقية أو الأهداف الدافعة لبناء مثل تلك المنظمة وأهم هذه الأهداف:

* استعادة الحضور الفرنسي على خط شمال إفريقيا المطل على المتوسط، وهو خط استراتيجي بالنسبة إلى فرنسا وأوروبا، إذ تعتبر باريس أنها منيت بخسارة كبيرة في المراحل السابقة بفقدانها حضورها على هذه الجبهة، وباتت هذه المنطقة بمثابة (الخاصرة الضعيفة) بعدما كانت (الجبهة القوية) بالنسبة إلى فرنسا، وذلك في إطار محاولات إحياء الدور الفرنسي (الاستعماري) في المنطقة الممتدة من دول المغرب العربي غرباً حتى سوريا ولبنان شرقاً، وهو دور قديم جديد يحلم ساركوزي بأن يكون باعثه ومحركه، خاصة أن هذه المنطقة تعتبر سوقاً تجارية كبيرة ومصدراً رئيسياً للطاقة.

* هناك أفكار جيوسياسية تتعلَّق بتوسيع مناطق النفوذ العالمية لا سيما إفريقيا التي غزتها الصين اقتصادياً وتوسع الوجود العسكري فيها من لدن الأمريكيين. كما أن الاتحاد المتوسطي هنا لا يقتصر مداه على المتوسط، بل يتعداه ليطال مجمل جهات ومناطق القارة الإفريقية التي هي مكمن الرهان والتحدي.

* القلق الفرنسي من عودة روسيا بشكل قوي إلى المياه الدافئة في الخليج وفي المتوسط، سواء عن طريق النزاع أو الوفاق مع واشنطن.

* السعي الفرنسي لاستبدال الدور العربي المفتت والضعيف بدور الاتحاد المتوسطي الذي تشرف عليه دول أوروبا وعلى رأسها باريس، وفقاً للرؤية الغربية القائمة على أن المنطقة العربية، تمثل مجموعة من التحديات الواجب التصدي لها، في المجالات السياسية والأمنية والحضارية والثقافية والاجتماعية والبيئية (تنامي ظاهرة الهجرة السرية والجريمة المنظمة، الإرهاب العابر للحدود، تبييض الأموال وتجارة المخدرات، تلوث البحر الأبيض المتوسط، ندرة المياه الصالحة للشرب... إلخ).

هناك أهداف فرنسية غير معلنة تسعى إلى تحقيقها من خلال فكرة الاتحاد المتوسطي 

* العمل على تسلم رعاية (عملية السلام والتسوية) بين سوريا وإسرائيل بدلاً من تركيا، وذلك بهدف إبعاد سوريا عن القضية الفلسطينية من خلال التوصل إلى حل مع إسرائيل بشأن هضبة الجولان، خاصة أن كثيراً من القيادات العسكرية الإسرائيلية طالبت بذلك علناً، وذلك تمهيداً لإبعاد سوريا عن إيران من خلال سلة من الحوافز الغربية، خاصة الأمريكية منها.

وهذا المسعى يعني تدعيم دور إسرائيل في إطار منظومة إقليمية ودولية أوسع، تستطيع من خلالها تجاوز المقاطعة العربية، عبر صهر الدول العربية وإسرائيل في وعاء مصالح سياسية واقتصادية مشتركة.

* إقامة سياج أمني متقدم لمقاومة تدفق الهجرة غير الشرعية من الساحل الجنوبي للمتوسط إلى قلب أوروبا، بعد أن زادت وتيرة هذه الظاهرة، فأقلقت الرفاهية الأوروبية، وصولاً لمطالبة إيطاليا باستخدام الطائرات العسكرية في قصف قوارب وقوافل المهاجرين العرب والإفريقيين، (الغزاة الفقراء).

* إقامة درع عسكرية محكمة فوق الساحل الجنوبي لمكافحة الإرهاب وجماعات التطرف الديني، الذي تؤمن أوروبا، وفرنسا خصوصاً، بأن هذا الخطر هو مصدر التهديد الحقيقي الحالي والمستقبلي لأوروبا، خاصة بعد أن أصبح المسلمون يشكلون ثاني أكبر أصحاب الديانات فيها، وهو تهديد لا تتحمله دول مسيحية ينمو فيها تطرف مضاد، خاصة في ظل تنامي الإسلاموفوبيا مع العنصرية الأوروبية التقليدية.

* محاولة من فرنسا ودول أوروبية أخرى ترفض دخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي للالتفاف على الأمر وامتصاص النقمة التركية القادرة على إعاقة تفعيل السياسة الدفاعية الأوروبية المشتركة، وتكبيد فرنسا خسائر اقتصادية وتجارية باهظة.

ويرى كثير من الخبراء أن المشروع لا يختلف في جوهره عن المشروع الأمريكي من أجل (الشرق الأوسط الكبير) الذي مات لحظة ميلاده. والاختلاف هو أن من يدعو إليه اليوم هو فرنسا أساساً وأوروبا تذهب إليه بحذر. لكن الولايات المتحدة ترى فيه بطبيعة الحال مشروعها يقوم بتنفيذه حلفاء لها بالنيابة عنها نتيجة لمأزق علاقاتها مع شعوب البلدان العربية جراء حروبها ضد بعضهم ومساندتها لإسرائيل غير المحدودة.

ومعروف أنه منذ وصول ساركوزي إلى الحكم في فرنسا انتهج سياسة مختلفة عن تلك التي انتهجها سلفه جاك شيراك بهدف الحد من الخسائر التي تكبدتها جراء مواجهتها السياسة الأمريكية في المنطقة خاصة أثناء الحرب الأمريكية على العراق، حيث بدأت مرحلة جديدة حاولت فيها السياسة الخارجية الفرنسية إحداث نوع من التقارب مع الولايات المتحدة خاصة على صعيد سياستها في المنطقة. وكانت البداية من لبنان المعقل التقليدي والرئيسي للنفوذ الفرنسي في المنطقة مروراً ببقية القضايا المهمة خاصة أزمة البرنامج النووي الإيراني والصراع العربي-الإسرائيلي وأزمة دارفور.

ومن هنا يمكن فهم الخلفية التي يتحرك على أساسها الرئيس الفرنسي في طروحاته سواء في ما يتعلق بالاتحاد من أجل المتوسط أو دفعه للتعاون بين بلاده وبقية الدول العربية خاصة في منطقة الخليج العربي التي استطاع اختراقها واستعادة مواقع النفوذ الفرنسي فيها مرة أخرى سواء بإنشاء قواعد عسكرية فيها أو بتصدير السلاح وتوقيع عقود لبناء مفاعلات نووية فيها.

(*)جزء من دراسة أعدها مركز النخبة للدراسات بعنوان (مصر والاتحاد من أجل المتوسط .. فرص وتحديات)

مجلة آراء حول الخليج