; logged out
الرئيسية / تطور الإعلام الخليجي

تطور الإعلام الخليجي

الأحد، 01 آذار/مارس 2009

لا يحتاج الباحث إلى كثير من المجهود لإثبات ما هو حاصل من تطور كمّي ونوعي في وسائل الإعلام الخليجية بكافة أنواعها المقروءة والمسموعة والمرئية خصوصاً في السنوات العشر الأخيرة، وتكفي مقارنة الواقع الإعلامي الخليجي الحالي مع فترة الستينات والسبعينات من القرن الماضي لإثبات الطفرة النوعية التي شهدها هذا المجال الحيوي.فعلى المستوى الكمّي وبعد أن كانت الصحف والمجلات والقنوات التلفزيونية الخليجية التي تصدر أو تبث من دول الخليج تعدّ على أصابع اليد، أصبحنا اليوم أمام كمّ كبير ومتنوع من الإصدارات المتميزة والمتخصصة، وبات الفضاء الخليجي يعجّ بمئات القنوات الفضائية والإذاعية التي توصف بالخليجية استناداً إلى موقعها الجغرافي أو مصادر تمويلها الخليجية.

 ورغم أن البعض لا يرى في الزيادة العددية أو الكمية في وسائل الإعلام الخليجية دليلاً على التطور والتميز، إلا أن البعض الآخر يرى فيها وسيلة لإرضاء كافة الأذواق ووسيلة للتنافس وغربلة الغث والسمين من هذه الوسائل الإعلامية وفقاً لقاعدة البقاء للأفضل.

أما على المستوى النوعي،فالتطور الإعلامي الخليجي الحالي يبرز أيضاً من خلال مقارنته بالفترة الزمنية المذكورة والتي كانت فيها المطبوعات والقنوات التلفزيونية تعاني فقراً واضحاً في المادة الإعلامية المتميزة وكذلك في الكوادر الإعلامية المحترفة، إلا من بعض المطبوعات والقنوات الإذاعية والتلفزيونية الخليجية التي كانت تعرض مواد إعلامية محلية يمكن وصفها بالمقبولة نسبياً إذا ماقورنت بمثيلاتها من وسائل الإعلام، وإذا ما قيست بمستوى الإمكانات المتاحة في ذلك الوقت. وقد كان للإعلام الكويتي دور الريادة والتميز في تلك المرحلة. أما اليوم فالأمر مختلف تماماً، حيث بات الإعلام الخليجي، وخصوصاً قنواته الفضائية، على مستوى عال من الحرفية والمهنية أهّله للعب دور مهم في مجال المنافسة العالمية، وباتت القنوات الفضائية الخليجية ولأول مرة مصدراً للأخبار والمعلومات الصحفية التي تتناقلها وسائل إعلام عالمية ذات تاريخ عريق في مجال الإعلام يمتد إلى عقود طويلة من الزمن.

ويعزو البعض هذا التطور الكمّي والنوعي في الإعلام الخليجي إلى عوامل عدة من أبرزها التطورات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي شهدتها منطقة الخليج في السنوات الأخيرة، وكذلك إلى التطور العلمي والتقني الكبير في مجالات الإعلام والاتصال وأيضاًفي وسائل الحصول على المعلومة، بالإضافة إلى المردود المادي الكبير الذي يدره العمل في المجال الإعلامي وهو ما شكّل نقطة جذب للمستثمرين الخليجيين العاملين في هذا المجال.

وعلى الرغم من تميز الإعلام الخليجي وتطوره وتفوقه على أمثاله في البقاع العربية الأخرى واحتضانه مشروعات إعلامية كبرى ومتميزة على مستوى الصحافة المكتوبة والمرئية، إلا أنه لم يسلم من النقد الدائم الذي وصل في بعض الأحيان إلى حد الاتهام والمقاطعة. والغريب في الأمر أن هذا النقد وهذه الاتهامات لم تصدر فقط من بعض الدول العربية التي ترى في هذه الوسائل الإعلامية الخليجية مصدراً للإزعاج المسيس، بل صدر أيضاً من دول غربية تفتخر بديمقراطيتها وحرية إعلامها،وكانت وإلى وقت قريب تطالب بضرورة الانفتاح الإعلامي الخليجي، وتصرّ على خروجه عن نمطه المحافظ، إلا أنها بدأت مؤخراً تهاجم وتنتقد الإعلام الخليجي بصورة أشد قسوة من ذي قبل، وتطالب القائمين عليه بضرورة وضع حد لما أسمته الانفلات الإعلامي والحرية غير المرغوب فيها، بل ذهبت إلى حد وصف بعض القنوات الفضائية الخليجية التي حققت حضوراً مميزاً وغير مسبوق في المجال الإخباري، بالقنوات المبتعدة عن المهنية الإعلامية والمنحازة للفكرالعقائدي.

وختاماً، وحتى لا نخرج عن الموضوعية في الطرح،ونتهم بالانحياز والتأييد المطلق للإعلام الخليجي،بصالحه وطالحه، لا بد من الاعتراف بأن التميز الإعلامي الخليجي الذي نتحدث عنه لا ينفي وجود تقصير في كثير من الجوانب، بل لا بد من أن نعترف أيضاً بأن السياسة وبكل ما تحمله من تناقض وتقلّب في المواقف لا تزال تلعب دوراً كبيراً في توجهات الإعلام الخليجي المعاصر بكل أنواعه. ولا أدل على ذلك من التنافس الإعلامي الذي رأيناه بين بعض وسائل الإعلام والقنوات الفضائية الخليجية في أحداث غزة الأخيرة، والتي أثبتت أننا مازلنا بحاجة إلى وقت طويل حتى نصل إلى المرحلة التي نستطيع أن نفاخر بها، ونقول إننا أصبحنا نمتلك إعلاماً خليجياً محترفاً يتميز بالمهنية والموضوعية والحيادية. 

مقالات لنفس الكاتب