; logged out
الرئيسية / العلاقات الاقتصادية الأمريكية – الخليجية ما بعد الانتخابات الرئاسية

العلاقات الاقتصادية الأمريكية – الخليجية ما بعد الانتخابات الرئاسية

الأحد، 01 شباط/فبراير 2009

شهد شهر يناير من العام الحالي 2009م انقضاء مدة رئاسة الرئيس الأمريكي جورج بوش وانتقال المهمة للرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما الذي حدد أهم أولوياته بالسعي لخروج الولايات المتحدة من نفق الأزمة المالية العالمية، ويكشف الواقع والمستقبل أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما سيزيد من تطلعاته نحو دول الخليج العربية للمساهمة في دعم الاقتصاد الأمريكي من خلال الصناديق السيادية الخليجية.

كشف تقرير الاستثمار العالمي للعام الماضي2008م أن القيمة الإجمالية للصناديق السيادية الخليجية تبلغ نحو 5 تريليونات دولار مقارنة بمستوى كان يبلغ 500 مليار دولار عام 1990م،وأن عدد الصناديق السيادية الخليجية يبلغ نحو 70 صندوقاً.

وتعتبر عائدات النفط والاحتياطيات النقدية الأجنبية مصدراً أساسياً لأموال الصناديق السيادية، ويعد جهاز أبوظبي للاستثمار أكبر الصناديق السيادية في العالم، بالنظر إلى حجم موجوداته، ونسبة هذه الموجودات إلى إجمالي الناتج المحلي لدولة الإمارات. وتقدر أرصدة هيئة أبوظبي للاستثمار -وهي الصندوق السيادي الحكومي الإماراتي- بنحو 875 مليار دولار.

وقد كشفت صحيفة (الإيكونوميست) أن خسائر المحافظ الاستثمارية التي تكبدتها صناديق الثروة السيادية في دول الخليج العربيةمن جراء الأزمة المالية العالمية تقدر بنحو 400 مليار دولار أمريكي.

ورغم تلك الخسائر للصناديق السيادية الخليجية،فقد شهدت دول الخليجالعربية اهتماماً متزايداً من قبل الدول الغربية لحث الدول الخليجية على استخدام حصيلة تلك الصناديق في دعم الاقتصاد الغربي، فقد شهدت منطقة الخليج بهذا الخصوص زيارة نائب وزير الخزانة الأمريكي روبرت كيميت، وزيارة رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون، ولم تخل تصريحات كيميت التي أدلى بها في الإمارات من لهجة تحذيرية، حيث أعلن أن دولة الإمارات ليست بمنأى عن الأزمة العالمية، داعياً دول الخليج الغنية بالنفط إلى الاستمرار في الاستثمار بالولايات المتحدة لإعادة الاستقرار المالي. وأرفق تحذيره بترغيب جديد لدولة الإمارات قائلاً إن أموراً كثيرة في بلاده قد تغيرت للأفضل منذ ظهور مشكلة شراء شركة موانئ دبي لشركة كانت تدير موانئ أمريكية.

كما أن النفط يعتبر قضية راسخة ومتجددة ارتبطت بها المصالح الأمريكية في منطقة الخليج العربي،وقد جاء انخفاض سعر النفط ليحقق الحلم الأمريكي الذي سعى من دون هوادة إلى تخفيض السعر، وحققت الأزمة المالية العالمية مراده، فقد انخفض سعر برميل النفط إلى أقل من 34 دولاراً في ديسمبر الماضي بعد أن وصل إلى 147 دولاراً في يوليو 2008م. وفي ضوء ذلك وتأثيره السلبي في الدول الخليجية حرص قادة دول مجلس التعاون الخليجي خلال القمة الخليجية الأخيرة في مسقط على التأكيد على النظر في إيجاد قاعدة لاستقرار أسعار النفط في الأسواق بما لا يرهق المستهلك، ويلبي متطلبات التنمية للشعوب النامية ولا يلحق ضرراً بالدول المنتجة ويحافظ على خطط التنمية فيها.

وتشير إحصائيات شركة النفط البريطانية لعام 2000م إلى أن منطقة الخليج ستبقى منطقة تصدير نفط وغاز في الأمد المنظور، حيث تحتوي على 65 في المائة من احتياطي النفط العالمي، و33.8 في المائة من الاحتياطي العالمي للغاز. وتحتل دول مجلس التعاون المرتبة الأولى عالمياً، حيث يبلغ إنتاجها من النفط حوالي 15 مليون برميل يومياً، وتحتفظ بنسبة 35 في المائة من احتياطي النفط العالمي. وفي جانب الطلب تستحوذ الولايات المتحدة على نحو  25 في المائة من حجم الطلب العالمي على النفط - أي ما يعادل ربع الاستهلاك العالمي – وتصنف الولايات المتحدة ضمن الدول الكبرى المنتجة للنفط والمستوردة له في الوقت نفسه، فهي ثالث دولة منتجة للنفط في العالم، لكن نصيبها من احتياطيات النفط العالمية المثبتة لا يتجاوز 2  في المائة، وهي أيضاً أكبر دولة مستهلكة للنفط.

تعتبر عائدات النفط والاحتياطيات النقدية الأجنبية مصدراً أساسياً لأموال الصناديق السيادية

ويستمر النفط الخام في السيطرة على صادرات دول مجلس التعاون، وتأتي بعده صادرات الغاز والبتروكيماويات والمنتجات النفطية وكلها مسعّرة عادة بالدولار، مما يزيد من عمق العلاقات الاقتصادية مع الولايات المتحدة، وإن كان ذلك ذا تأثير سلبي في ميزان المدفوعات للدول الخليجية المرتبطة عملتها بالدولار في ظل انخفاض سعر برميل النفط وانخفاض سعر صرف الدولار واعتماد دول الخليج العربيةفي وارداتها بصفة رئيسية على دول الاتحاد الأوروبي.

وتعتبر دول مجلس التعاون الخليجي ضمن أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، إذ تحتل المرتبة الـ15 من بين أكبر الشركاء التجاريين على المستوى العالمي، وتحتل أيضاً المرتبة الأولى على مستوى منطقة الشرق الأوسط، وتركز الاستثمارات الأمريكية في دول مجلس التعاون في قطاع البتروكيماويات، كما يستفيد ميزان المدفوعات الأمريكي من الصادرات غير المنظورة مع دول مجلس التعاون والمتمثلة في تحويلات القوى العاملة الأمريكية في منطقة الخليج من أجور ومرتبات، وكذلك السياحة الخليجية في الولايات المتحدة وخدمات الاستثمار والمقاولات التي توفرها المؤسسات الأمريكية لدول المجلس والخدمات المالية والعلاج والتعليم وغيرها. كما أن دول مجلس التعاون الخليجي تعتبر من أهم المناطق بالنسبة لسوق السلاح العالمي خاصة بعد عام 1990، وتسعى الولايات المتحدة إلى الاستفادة من هذه السوق من خلال توقيع عقود لبيع أسلحة بمليارات الدولارات للعديد من الدول الخليجية، فضلاً عما تتحمله ميزانيات تلك الدول من تكاليف القواعد العسكرية الأمريكية في دول الخليج.

وتعتبر اتفاقية التجارة الحرة المبرمة بين كل من الولايات المتحدة ومملكة البحرين عام 2004م، والولايات المتحدة وسلطنة عمان عام 2006م وسيلة من وسائل تعزيز التبادل التجاري الحر وتنويع الهيكل الإنتاجي باقتصادات تلك الدول.

وكل هذا يعكس أهمية المصالح المشتركة التي تربط منطقة الخليج العربي بالولايات المتحدة، والتي سيسعى الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى تعزيزها، فالولايات المتحدة تنظر إلى دول الخليج العربيةباعتبارها المصدر الرئيسي في توفير النفط شريان حياتها وباعتبارها سوقاً رائجة لمنتجاتها من السلع والخدمات والسلاح ومصدر تمويل أساسياً لبنيانها الاقتصادي، وفي المقابل فإن دول الخليج العربيةتعي قيمة المعادلة الدولية التي تقوم على القوة، ومن ثم فإنها تسعى إلى تحقيق مصالحها من خلال علاقة متوازنة مع الولايات المتحدة.

مقالات لنفس الكاتب