; logged out
الرئيسية / العلاقات الصينية-الخليجية وهيمنة البراغماتية السياسية

العلاقات الصينية-الخليجية وهيمنة البراغماتية السياسية

الخميس، 01 كانون2/يناير 2009

انعكست التحولات السياسية والأيديولوجية الجديدة، التي واجهت الصين في الربع الأخير من القرن العشرين، على طبيعة العلاقات الخارجية الصينية بدرجة كبيرة وغير مسبوقة. فالصين قد اختارت التحول من النظام الاقتصادي المركزي القائم على الهيمنة الحكومية الكاملة على كافة شؤون الاقتصاد إلى التحول النسبي نحو نظام السوق والانفتاح على السوق العالمي، وتحولاته ومتطلباته المختلفة. ومن الغريب في التحولات الصينية أنها ارتبطت بالعداء للاتحاد السوفييتي السابق والانسجام مع السياسات الأمريكية المعادية له،بل إن التعاون الصيني الأمريكي سياسياً واقتصادياً وصل إلى مستويات لم يكن يتوقعها أكثر المراقبين تفاؤلاً.

إن الطموح الصيني لم يكن ليقف فقط عند التوحد مع السياسات الأمريكية الخارجية؛ ففي ظل الفراغ الذي تركه انهيار الاتحاد السوفييتي، وفي ظل الطموحات الصينية الهائلة، كان لا بد أن يحدث قدراً ما من الاختلاف فيما بينهما. فالصين المعاصرة تنبئببروز قوة عالمية جديدة، لا تقل في مكانتها عن القوى العالمية المتنفذة الأخرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية واليابان إن لم تكن تفوقها أهمية وطموحاً، الأمر الذي ربما يجعل من القرن الواحد والعشرين قرناً صينياً بامتياز.

ومن غرائب الأمور وتحولات السياسات العالمية أن يكون تحول الصين نحو أمريكا قد تم على حساب الاتحاد السوفييتي السابق، كما أنه من المتوقع أن يكون الوجود والتوسع الصيني في منطقة الخليج العربي على حساب الوجود الأمريكي في المنطقة،الأمر الذي قد يؤدي إلى تصعيد المواجهات الأمريكية الصينية في المستقبل المنظور. وتوجب هذه التوقعات من المحللين السياسيين والاقتصاديين على السواء تحديد مدى تهديد العلاقات الصينية-الخليجية الجديدة للمصالح الأمريكية في المنطقة، وطبيعة رد الفعل الأمريكي المتوقع على هذه العلاقات والتهديدات الجديدة.

ولم تكن الصين لتستطيع أن تحقق ذلك التقدم الاقتصادي الهائل من دون الانفتاح على الأسواق الخارجية العالمية، وعلى رأسها منطقة الخليج حيث يمثل النفط أهم مصادر الطاقة للصناعات الصينية الهائلة والضخمة. فمنذ بداية التسعينات انفتحت الصين بشكلٍ غير مسبوق على منطقة الخليج، الأمر الذي رشح الصين لتكون أهم المستثمرين المتنفذين في المنطقة في العقود المقبلة.

ولا ترجع العلاقات الصينية-العربية إلى بداية التسعينات فقط، لكنها تتجاوز ذلك إلى فترة الخمسينات حيث العلاقات الصينية-المصرية التي بدأت عام 1956، والدفاع عن حركات التحرر في العالم الثالث. وهي العلاقات التي حددتها في ذلك الوقت التوجهات الأيديولوجية للحرب الباردة، حيث الصراع الحاد بين النظم الرأسمالية والنظم الشيوعية، ومساندة الصين لحركات التحرر المختلفة في العالم الثالث بشكلٍ عام، وفي العالم العربي وإفريقيا بشكلٍ خاص. فقد كانت الصراعات في ذلك الوقت محكومة بالتوجهات والتحيزات الأيديولوجية المسبقة أكثر من المصالح الاقتصادية والنظرة البراغماتية، رغم عدم غيابهما عن مجرى الصراعات الدولية الحادثة في ذلك الوقت.

ارتفع معدل التعاون الاقتصادي بين الصين ودول مجلس التعاون بشكل غير مسبوق منذ اندلاع حرب الخليج الثانية

اختارت الصين التحول من النظام الاقتصادي المركزي إلى نظام السوق والانفتاح على التحولات العالمية

وبنهاية الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفييتي وانفراد الولايات المتحدة بمجريات ومصائر العالم، تحولت الأيديولوجيات التي كانت سائدة في فترة الحرب الباردة إلى صراعات اقتصادية حادة. كما تحولت الاقتصاديات المركزية إلى اقتصاديات السوق ووصفات صندوق النقد والبنك الدوليين، حيث تطبيق الاقتصاد الرأسمالي دون غيره. وفي هذا السياق لم يكن أمام الصين سوى أن تتسلح بالنظرة البراغماتية في تعاملاتها الخارجية سواء في المجالات السياسية أو الاقتصادية على السواء. لقد سمحت هذه النظرة البراغماتية المتحررة من قيود الأيديولوجية للصين أن تنفتح على كافة بقاع العالم المختلفة مُفسحة المجال للمصالح الاقتصادية على حساب كافة المتغيرات الأخرى. فالسياسات الخارجية الصينية المعاصرة قد نبذت الخط الراديكالي القائم على التبني الماركسي الراديكالي أو التخفيف من حدته، والتحول المتدرج نحو تبني سياسات أكثر اعتدالاً أو أكثر توافقاً مع التحولات الكونية الراهنة. وربما يمثل هذا التحول مظهراً جذاباً للسياسة الصينية الخارجية الجديدة بجعلها أكثر قبولاً بالنسبة لكثير من دول العالم، ومن بينها الدول الخليجية.

لقد اتسمت السياسة البراغماتية الصينية بالعديد من المواقف تجاه منطقة الشرق الأوسط بعامة، وتجاه منطقة الخليج بخاصة. وهناك العديد من مظاهر هذه البراغماتية الصينية الجديدة مثل الحيادية تجاه الحرب العراقية-الإيرانية والاستفادة في الوقت نفسه من مبيعات الأسلحة لكلا الطرفين، والموقف المعتدل من القضية الفلسطينية الذي يجمع بين تدعيم القضية الفلسطينية مع إقامة علاقات سياسية واقتصادية مع إسرائيل، والاستفادة من الخبرات العسكرية الإسرائيلية في الوقت نفسه، وأخيراً سحب تدعيم الحركات الراديكالية في العالم العربي. واللافت للنظر هنا أن الصين بادعاء الحيادية هذا تستفيد من كافة أطراف النزاع سواء من خلال مبيعات السلاح أو من خلال الإرضاء النسبي لأطراف الصراع وكسب ودهم.

وفي هذه الأجواء والتحولات المختلفة يمكن للمرء أن يفهم طبيعة العلاقات الصينية-الخليجية التي تطورت خلال العقدين الأخيرين بدرجة كبيرة محققة قدراً كبيراً من المصلحة لكلا الطرفين،حيث جاءت العلاقات الصينية-الخليجية تتويجاً لهذه التحولات الصينية، كما جاءت أيضاً نتاجاً لرغبة الدول الخليجية بشكلٍ عام في تنويع علاقاتها الخارجية، والتحول بعيداً عن استئثار الولايات المتحدة الأمريكية بالمنطقة، وهيمنتها المفرطة عليها.

وبشكلٍ عام تتحدد العلاقات الصينية-الخليجية في ضوء ثلاثة أبعاد رئيسية يتحدد أولها بتغير أوضاع السياق العالمي وطبيعة القوى العالمية المهيمنة على هذا السياق. ويتحدد ثانيها من خلال التغيرات والتحولات التي انتابت السياسات الصينية ذاتها. وأخيراً يتحدد ثالثها من خلال تغير التصورات الخليجية ذاتها والرغبة في التعامل مع المستجدات الجديدة بما فيها تلك القوى العالمية البازغة مثل الصين والهند.

ويمكن القول إن حربي الخليج الأولى والثانية مثلتا الإطار الذي وجدت الصين نفسها من خلاله في قلب التحولات الكونية الجديدة، بالإضافة إلى بداية حضورها الأولي في منطقة الخليج العربية. فمن خلال حرب الخليج الأولى والتي استمرت ثماني سنوات من عام 1980 إلى 1988، باعت الصين ما قيمته 2.6 مليار دولار أسلحة للعراق. ومن اللافت للنظر هنا أن المستوردين الرئيسيين للسلاح الصيني في الفترة من 1986 إلى 1990 كانوا العراق وإيران والسعودية.

العلاقات الصينية-الخليجية تسير بمعدلات سريعة وعلى حساب الوجود الأمريكي في المنطقة

وإذا كانت حرب الخليج الأولى قد مثلت فاتحة لتصدير السلاح إلى منطقة الخليج، فإن حرب الخليج الثانية مثلت فاتحة لدخول الصين كفاعل جديد في القرارات الكونية التي تمس المنطقة، وتحدد درجة استقرارها. ففي حرب الخليج الثانية 1990، وفي أعقاب غزو الكويت، استخدمت الصين البراغماتية السياسية بدرجة كبيرة من أجل الحفاظ على مصالحها الاقتصادية النامية في المنطقة. فلم تعارض الصين القرارات الدولية المتخذة من قبل مجلس الأمن ضد غزو الكويت، لكنها أصرت بدرجة كبيرة على توخي سلامة العراقيين والحفاظ على أرواح المدنيين منهم. وعلينا هنا ألا ننسى أن الصين من الدول التي لديها حق استخدام (الفيتو) وتعطيل قرارات مجلس الأمن. لقد مثلت حرب الخليج الثانية، بدرجة غير مسبوقة بالنسبة للصين فرصة، لفرض نفسها على ساحة القرارات الدولية، وإن كان بطريقة ترضي جميع الأطراف بنسب مختلفة،الأمر الذي مثّل ملمحاً عاماً من ملامح السياسيات الخارجية الصينية في المنطقة بعد ذلك.

وربما مثّل الامتناع عن التصويت ملمحاً أساسياً في السياسة الخارجية الصينية في العديد من القضايا التي استدعت اجتماع مجلس الأمن والتي ارتبطت بالأمن الخليجي من ناحية، وبأمن المنطقة العربية من ناحية أخرى. وليس بعيداً عن ذلك الامتناع عن القرارات المتخذة ضد إيران من خلال هيئة الطاقة الدولية، حيث تحتفظ الصين بعلاقات قوية مع إيران، كما أنها لا تعطل القرارات الدولية المختلفة في الوقت نفسه،وهو الأمر الذي قامت به الصين أيضاً في التخفيف من القرارات المتخذة ضد السودان. ففي عام 2004 خفف مجلس الأمن من حدة القرارات الصادرة ضد الانتهاكات الحادثة في دارفور خوفاً من الفيتو الصيني،الذي مثل عاملاً مهماً من عوامل قوة السياسات الخارجية الصينية من جانب، كما مثل عاملاً مهماً في أهمية الصين بالنسبة للعديد من الدول التي تواجه مشكلات مع النظام العالمي، مثل إيران.

لقد ارتبطت الصين منذ حرب الخليج الأولى بمثل هذه النوعية من السياسات البراغماتية التي لا تريد أن تغضب أحداً، بشكلٍ مطلق، وإن كانت تُغضب بعض الأطراف بشكلٍ متفاوت يسمح باستمرارية العلاقات، وإعادة تأسيسها بشكلٍ قوي وفعال،وهو ما يمكن تفسيره بدرجة كبيرة في ضوء غياب تلك الارتباطات الأيديولوجية السابقة التي ارتبطت بها الصين إبان فترة الحرب الباردة، وربما أعاقتها عن تحقيق قدر ما من المرونة في تعاملاتها السياسية الخارجية. فالهدف الرئيسي الموجه للسياسات الصينية الخارجية يتمثل في الحفاظ على الاستقرار العالمي، وبشكلٍ خاص في تلك المناطق البالغة الأهمية بالنسبة للنهضة الاقتصادية الصينية، مثل منطقة الخليج العربي.

ومن الملاحظ أن معدل التعاون الاقتصادي بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي ارتفع بشكلٍ غير مسبوق منذ اندلاع حرب الخليج الثانية. ويمكن تفهم أهمية المنطقة بالنسبة للصين في ضوء احتياجاتها المتزايدة لمصادر الطاقة المختلفة من النفط والغاز الطبيعي لإدارة التوسع الصناعي الاقتصادي الصيني. ورغم محاولات الصين تنويع مصادر حصولها على النفطوالغاز الطبيعي فإنها تحصل على 50 في المائة من احتياجاتها من النفطمن الشرق الأوسط، وعلى ما نسبته 30 في المائة من احتياجاتها من كل من السعودية وإيران. وتقدر وكالة الطاقة الدولية أن ما نسبته 70 في المائة من استهلاك الصين الإجمالي من الطاقة سوف يكون مصدره منطقة الخليج العربي عام 2015م، الأمر الذي يكشف عن تزايد اعتماد الصين شبه الكلي على منطقة الخليج في توفير النفطوالغاز الطبيعي اللازمين للتوسعات الصينية الهائلة.

ويمثل تأمين الحصول على الطاقة من منطقة الخليج أحد أهم أركان السياسة البراغماتية الصينية المعاصرة. فبسبب من الاعتماد الصيني الواسع المدى على الطاقة، فإن مسألة استقرار المنطقة تمثل أحد أهم أهداف السياسة الصينية الخارجية الآن. فالصين تمثل ثاني أكبر مستهلك للنفطفي العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية.

وما يميز علاقة الصين بالمنطقة العربية بعامة، والخليجية بخاصة، أنها لم تنطو على عداءات مسبقة مثلما هي الحال مع الوجود الأمريكي في المنطقة،الذي هو محط استهجان وعداء سواء على المستوى العربي الرسمي الخاص أو على المستوى العربي الشعبي العام. وينبع هذا العداء للوجود الأمريكي في المنطقة من خلال المساعدات المباشرة لإسرائيل والتحيزات الأمريكية السافرة لها أو من خلال الاحتلال المباشر للأراضي العربية مثلما هي الحال في العراق الآن. وعلى العكس من ذلك تحوز الصين قدراً كبيراً من الاحترام والتقدير في المنطقة العربية سواء من خلال مواقفها المعتدلة المعاصرة أو من خلال مواقفها المسبقة الباكرة من مناهضة وجود القوى العظمى في المنطقة في مرحلة الحرب الباردة.

لا ترجع العلاقات الصينية-العربية إلى بداية التسعينات فقط لكنها تتجاوز ذلك إلى فترة الخمسينات

لقد اتخذت العلاقات الاقتصادية الصينية-العربية منحى مهماً منذ أواخر التسعينات وحتى الآن. بل إن هذه العلاقات تنبئبتحول كبير من الجانب الأمريكي-الأوروبي نحو الصين. وهناك العديد من مظاهر هذا التعاون والتبادل الاقتصادي بين الجانبين الصيني من ناحية والخليجي من ناحية أخرى. فعلى المستوى الاقتصادي زاد حجم التبادل التجاري بين الصين والمملكة العربية السعودية من 299 مليون دولار منذ بدء العلاقات الدبلوماسية فيما بينهما عام 1990 إلى 3098 مليون دولار، حيث صدرت السعودية للصين ما قيمته 1145 مليون دولار واستوردت منها ما قيمته 1953 مليون دولار. وارتفع الرقم إلى 4 مليارات دولار عام 2001، كما وصل إلى 5 ملياراتدولار عام 2002. ولم يقف حجم التبادل التجاري بين الصين والسعودية عند هذا الرقم لكنه وصل إلى ما قيمته 14 ملياردولار عام 2005.

وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى الزيارة التي قام بها الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى الصين، والتي جاءت تتويجاً للعلاقات الصينية-السعودية بين أكبر مستهلك للنفط في العالم المعاصر وبين أكبر منتج له،الأمر الذي تمخض عن العديد من الاتفاقيات التجارية، بالإضافة إلى تشجيع رجال الأعمال على زيارة البلدين من أجل التعرف إلى الجوانب الاقتصادية المختلفة التي يمكن البدء في الاستثمار فيها.

ولا تقف التبادلات التجارية على السعودية فقط، لكنها تتعداها إلى بقية الدول الخليجية. ففي ديسمبر 2005 وقعت الكويت على اتفاقية الاستثمار في مناطق التكرير والبتروكيماويات في منطقة إقليم جوانج دونج الصيني باستثمارات مقدارها 5 ملياراتدولار. كما سوف يتم تمويل ميناء تيان جين الصيني من خلال صندوق دبي للتنمية بما مقداره 500 مليون دولار. وبشكلٍ عام تشير التقديرات الاقتصادية إلى أن حجم الاستثمارات الخليجية في الصين سوف يصل إلى ما قيمته 250 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، مما يؤشر إلى تزايد التبادلات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين الصين ودول الخليج الست في المرحلة المقبلة.

وتستفيد الصين من تعاظم الاستثمارات الخليجية فيها ومن تحولات السوق الأمريكية التي أصبحت أكثر تشدداً مع المستثمرين العرب بعد أحداث سبتمبر 2001. فالكثير من هؤلاء المستثمرين يشتكون الآن من تعاظم العقبات التي يواجهونها من قبل الحكومة الأمريكية بعد أحداث سبتمبر والعديد من التشريعات التي تقيد أنشطتهم، وتفرض عليهم شروطاً جائرة من أجل الاستثمار. ولعل هذا ما عنيناه بتأثيرات التحولات العالمية في تغير خريطة الاستثمارات العالمية والتحولات المختلفة المرتبطة بها. فالولايات المتحدة الأمريكية في حربها على الإرهاب تسببت في إغلاق الأسواق الأمريكية في وجه المستثمرين العرب، أدت من حيث لا تدري إلى إيجادأسواق أخرى منافسة لها مثل السوق الصينية الأكثر طموحاً وأكثر أماناً.

ولا تقف العلاقات الصينية-الخليجية عند مسألة التبادلات التجارية، لكنها ترتبط أيضاً بمبيعات الأسلحة الصينية المتدفقة إلى المنطقة. فقد باعت الصين للسعودية صواريخ بالستية متوسطة المدى من طراز (css-z)، كما باعت لإيران صواريخ مضادة للسفن من طراز (HY-2)، ومن طراز (Silk Worm، C-801،C-802). وتثير مسألة التسليح الصيني للمنطقة، وبشكلٍ خاص ما يتعلق بالصواريخ البالستية متوسطة وبعيدة المدى مخاوف الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل على وجه الخصوص.

ويمكن القول في النهاية إن العلاقات الصينية-الخليجية تسير بمعدلات سريعة، وعلى حساب الوجود الأمريكي في المنطقة، الأمر الذي يجعلنا نرى إمكانية تحول المنطقة الخليجية، مثلما كانت الحال مع العالم العربي في الستينات، إلى ساحة صراع مصالح جديدة بين الهيمنة الأمريكية الآخذة في التآكل والاضمحلال، وبين النفوذ الصيني الطموح والمتصاعد،الأمر الذي يستدعي من الدول الخليجية وضع سياسة عامة وموحدة للتعامل مع هذا الصراع الجديد القادم للمنطقة، وتوظيفه من أجل مصالحها، بأكبر قدر من الأرباح وأقل قدر من الخسائر. لقد فرضت الصين البراغماتية السياسية أسلوباً للتواصل مع الخليج العربي، فهل تستطيع الدول الخليجية أن تفرض أسلوباً براغماتياً مضاداً على الصين؟ وقبل ذلك، هل تنجح البراغماتية السياسية في منطقة تتلاطمها العديد من الأيديولوجيات والتوجهات السياسية المختلفة؟ ذلك ما سوف تكشف عنه السنوات المقبلة.

مقالات لنفس الكاتب