; logged out
الرئيسية / نحو تطوير أسواق السندات في دول مجلس التعاون

نحو تطوير أسواق السندات في دول مجلس التعاون

الثلاثاء، 01 نيسان/أبريل 2008

عقد مركز الخليج للأبحاث بمقره في دبي بتاريخ 9 مارس 2008 جلسة مناقشات عامة تحت عنوان (أسواق السندات في دول مجلس التعاون الخليجي – خريطة الطريق نحو تطوير الأسواق). و شارك في الجلسة لفيف من مديري البنوك والهيئات التشريعية الذين سلطوا الضوء على سبل تنمية وتعزيز أسواق السندات في دول مجلس التعاون استناداً إلى أهميتها الكبيرة كإحدى وسائل التمويل وفئات الأصول.

وتحدث المستشار الإقليمي لوزارة الخزانة الأمريكية ميشيل جرفرتي، المقيم في أبوظبي، عن المستجدات الحالية التي تشهدها أسواق السندات العالمية ومدى تأثيرها في سوق السندات الناشئ في دول مجلس التعاون الخليجي فقال في الوقت الذي  شهدت فيه أسواق رؤوس الأموال العالمية توازناً من حيث هيكل رأس المال بنسبة 42 في المائة لسندات الدين و25 في المائة للقيمة السوقية للسهم و33 في المائة للأصول المصرفية، فقد كان هناك ميل واضح في الأسواق الخليجية نحو الأصول المصرفية التي شكلت 85 في المائة إلى جانب عناصر إضافية في سوق الأسهم بنسبة 12 في المائة، ولا تزال سندات الدين تلعب دوراً ضئيلاً حيث بلغت نسبتها 3 في المائة فقط.

وفي المحاضرة التي ألقاها حول أسواق السندات في دول مجلس التعاون الخليجي، أشار رئيس أبحاث الائتمان في بنك HSBC دبي تشفان بهوجايتا إلى الارتفاع الملحوظ في معدلات الإصدار خلال السنوات الأخيرة وذلك كما هي الحال في البلدان الأخرى ذات الأسواق الناشئة، حيث ارتفعت المعدلات السنوية لإصدار السندات إلى أكثر من خمسة أضعاف بين عامي (2003 – 2006) مع تراجع طفيف عام 2007 بسبب تدهور الأوضاع عقب أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأمريكية. ومع ذلك فلا يزال السوق يتمتع بأجواء جيدة من حيث الاقتصاد الكلي وجودة الائتمان (القدرة على سداد الفائدة وأصل الدين في الوقت المحدد)، ويكتسب مزيداً من العمق والتطور وسط مؤشرات إلى تعزيز اتجاه التنوع من حيث الهياكل ومواعيد الاستحقاق.

وفي محاولة منه لاستشراف آفاق المستقبل، رسم ماركوس فيالا، رئيس قسم التداول والائتمان في بنك الإمارات، المحاور الأساسية المطلوبة لإصلاح السوق في المستقبل، وبرزت الحاجة إلى توفير قاعدة استثمارية محلية ناضجة وتعزيز الموارد البشرية ضمن الركائز المهمة لتحقيق تطلعات دول مجلس التعاون الخليجي الرامية إلى إنشاء سوق عالمي حقيقي يحل محل السوق الإقليمي المتباين بشكل كبير، مما يدفع البنوك المحلية والهيئات التشريعية إلى تولي دور قيادي واتخاذ مزيد من المبادرات المهمة في هذا الشأن.

وخلال جلسة المناقشات العامة، تم رصد الأسباب المعوقة لتطور أسواق السندات في دول مجلس التعاون الخليجي، كان من بينها مبادلة الأصول غير السائلة وسوق الصفقات الآجلة للعملات الأجنبية وعدم وجود منحنى عائد حكومي معياري، وكان هناك اهتمام كبير بالخطوة المنظمة التي قامت بها الحكومة الاتحادية لدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث أصدرت سندات حكومية لإيجاد نوع من التنسيق والتنظيم في السوق، وربما تكون مثالاً تحتذي به دول المجلس الأخرى، ولكن من غير المتوقع أن تسلك أكبر اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي وهي المملكة العربية السعودية النهج نفسه عبر تبني مبادرة مماثلة. 

وبينما ألمح بعض المشاركين إلى مشكلة السيولة الموجودة في الأسواق الثانوية، رأى البعض الآخر أن هذا حكم مسبق غير مبرر في كثير من الحالات، وأن معدل العائد ارتفع بصورة ملحوظة مع اهتمام كبير من جانب المستثمرين الأجانب الذين انخرطوا في السوق. وقد تتلاشى أزمة السيولة الحالية بمرور الوقت، حيث يمكن أن يؤدي ارتفاع هامش الربح إلى انحصار هذه المشكلة في حالة التوازن التي تعقب الأزمات. ومن المرجح أن يكون هذا الهامش أعلى مما كان عليه قبل أزمات القروض الأمريكية وأقل من المستويات المرتفعة الحالية. وكان هناك إجماع على ضرورة قيام الشركات التي تصدر السندات بتعزيز علاقاتها مع المستثمرين. ومع ذلك فلا تزال هناك ميول قوية في المنطقة نحو حيازة الأسهم العادية، ويرجع السبب في ذلك لأن السندات قابلة للبيع بسبب قابليتها للتحويل، وفي العادة ينظر إلى حاملي السندات على أنهم أقل أهمية من نظرائهم الذين يمتلكون أسهماً عادية، ومن هنا يجب إنشاء وتطوير الأقسام المسؤولة عن العلاقات مع المستثمرين.

أما عن الأوراق المالية الإسلامية مثل الصكوك، فقد ترددت أنباء عن تأثر اتجاه السوق جراء المناقشات والمناظرات الدائرة بين بعض علماء الدين حول عدم موافقة المرجعيات القائمة للشريعة الإسلامية. ومن هنا يوصى بصياغة آلية مركزية موحدة تتوافق مع الشريعة من أجل تجنب الفتاوى المتضاربة من جانب رجال الدين والهيئات الشرعية. وكان التعاون بين ماليزيا ومركز دبي المالي العالمي إيجابياً في هذا الصدد نظراً لامتلاك ماليزيا إطاراً تشريعياً متقدماً يؤهلها للتعامل مع الصكوك.

وتجدر الإشارة إلى أن الهيئات المسؤولة عن أسواق السندات لعبت دوراً بارزاً في تطوير وإدارة السوق وذلك من خلال تعزيز الوعي في أوساط الجماهير وإطلاع المشرعين والمصدرين والجهات المالية المسؤولة على حاجات ومتطلبات السوق وأيضاً من خلال وضع اتفاقيات وتطبيق أفضل الممارسات بين المشاركين كما تؤكد التجارب في أستراليا وبعض الدول الأخرى. وبالمثل، فإن مبادرة سوق السندات الآسيوية جمعت بين كافة الجهات المعنية وسعت إلى وضع وتعزيز آلية متناسقة في آسيا من أجل إيجاد أسواق تتمتع بتوافر السيولة النقدية. وفي ضوء هذه الحالات، تم طرح إمكانية إنشاء هيئة لسوق السندات على المستوى الوطني أو على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي مع مناقشة الخطوات والإجراءات اللازمة. كما عرض رئيس مركز الخليج للأبحاث عبدالعزيز بن عثمان بن صقر مساعدة المركز في إعداد الأبحاث الخاصة بهذه الاستراتيجية والتي يمكن مناقشتها في اجتماعات لاحقة وتقديمها إلى الهيئات التشريعية والبنوك المركزية في دول مجلس التعاون الخليجي. 

مقالات لنفس الكاتب