; logged out
الرئيسية / سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه المسألة العراقية بين العمل الجماعي والموقف الثنائي

سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه المسألة العراقية بين العمل الجماعي والموقف الثنائي

السبت، 01 تشرين2/نوفمبر 2008

على الرغم مما يوحي به مفهوم (الاتحاد الأوروبي) من وحدة الموقف الأوروبي تجاه القضايا الدولية إلا أن المفهوم يفقد دوره بالنظر إلى المسألة العراقية؛ فلم يكن هناك اتفاق بين أعضاء المجتمع الأوروبي من الموقف تجاه الحرب على العراق أو تجاه إعادة إعمار العراق وخاصة ما يتعلق ببناء العملية السياسية.

لقد انقسم أعضاء المجتمع الأوروبي من هذه القضايا بين مؤيد ومشارك للحرب بصورة فعلية، وبين أطراف رفضت الحرب منذ البداية، وحاولت إفشال المشروع المراد للعراق، وبين أطراف أخرى تمحور موقفها بين التردد بدعم هذا الطرف أو التبعية لذاك؛ قد يكون الموقف من النظام السابق وضرورة تغييره هو العامل الوحيد الذي وحّد أعضاء هذا المجتمع خلفه، لكنهم اختلفوا بالطرق والأساليب المتبعة لتنفيذ هذه الغاية. وعليه يجدر بالباحث المعني بدراسة الموقف الأوروبي من المسألة العراقية ضرورة الانتباه إلى دراسته من زوايا مختلفة تختلف باختلاف الدول، وخاصة الدول المحورية أو القطبية داخل الاتحاد الأوروبي الساعية للخروج من هيمنة الولايات المتحدة على الساحة الدولية.

وتحاول هذه الورقة تقديم تصور للموقف الأوروبي من المسألة العراقية والموقف من القضايا الخلافية، وترتكز فرضية الورقة على أن هذا الموقف سواء كان إيجابياً أو سلبياً يحدده بالأساس سعي الأطراف الرئيسية أو القطبية في معادلة الاتحاد الأوروبي إلى الخروج من هيمنة أمريكا على القرار الأوروبي. أي أن كل ما يتعلق بالموقف الأوروبي من المسألة العراقية إنما هو في الحقيقة انعكاس لطبيعة العلاقة الأمريكية-الأوروبية، وسعي الأولى للهيمنة على الثانية، أو على الأقل إضعاف بعض الأطراف داخل الاتحاد الساعية لإحياء مجد سابق عبر تطويقه في العراق والأهم تطويقه في القارة (العجوز).

لم يكن هناك اتفاق بين أعضاء المجتمع الأوروبي تجاه الحرب على العراق

  • الموقف من النظام السابق- عامل توحيد:  

 

    1. على الرغم من ارتباط بعض الدول الأوروبية بعلاقات دبلوماسية أو حتى شخصية مع أقطاب النظام العراقي السابق وخاصة في فترة الحصار الاقتصادي التي استمرت منذ فرض مجلس الأمن القرار رقم 661 في عام 1991 إلى الغزو الأمريكي للعراق في إبريل من عام 2003؛ فإنها اتخذت موقفاً ينسجم مع قرارات الأمم المتحدة بفرض الحصار الاقتصادي ورفض التعامل معه سياسياً واقتصادياً إلا عبر بوابة الأمم المتحدة، لكن سرعان ما اتخذ الموقف بعداً أكثر تشدداً تجاه العراق مع تزايد المعارضة الدولية للنظام العراقي واتهامه بالتهرب من التزاماته تجاه قرارات الأمم المتحدة وخاصة تلك المتعلقة بفرق التفتيش، والتخلص من أسلحة الدمار الشامل؛ حيث بدأ الاتحاد الأوروبي يتخذ موقفاً يرى ضرورة تغيير النظام (الاستبدادي) لاعتبارات مختلفة، ولعل أبرز القضايا التي ساعدت على بلورة قرار بهذا الاتجاه لدى الأنظمة الأوروبية هو الارتباط المباشر بالقضية العراقية من خلال موجة اللاجئين العراقيين التي اجتاحت أوروبا وأثر ذلك في الأوضاع الاجتماعية فيها؛ حيث جاءت دول القارة الأوروبية في المرتبة الثانية من الدول التي تعمل على استقبال اللاجئين العراقيين بعد الأردن وسوريا.
  • الموقف من طريقة التغيير- عامل الانشقاق:

 

    1. توحد الاتحاد الأوروبي على قضية التغيير في العراق وضرورة استبدال نظام الرئيس صدام حسين بواحد أكثر (ديمقراطية) وإن جاءت التصريحات في هذا الأمر يعتريها بعض اللبس، فهو حين يؤكد على ضرورة انصياع العراق للشرعية الدولية ممثلة بقرارات الأمم المتحدة، يرى في الوقت ذاته أن التغيير إذا اقتضى فيجب أن يتم ضمن منظومة الأمم المتحدة، رغم أن قرارات الأخيرة لم تتحدث عن تغيير النظام؛ فجاءت مشاركة الاتحاد الأوروبي عبر ممثليها في استقبال بعض أطراف المعارضة العراقية للحديث أمام مجلس الاتحاد الأوروبي (البرلمان)، بل اتخذ الموقف تصعيداً أكثر باستقبال إحدى دول الاتحاد لمؤتمرات المعارضة وخاصة في بريطانيا التي استضافت مؤتمر المعارضة في نهاية عام 2002. وقد كان لهذا المؤتمر الأخير عامل الحسم في تقرير شكل النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي بعد مرحلة حكم نظام البعث. إلا أن الانشقاق كان واضحاً بين دول الاتحاد الأوروبي حول الطرق والأساليب الأفضل لمعالجة قضية التغيير، حيث انقسمت الدول الأوروبية من هذه القضية بين التغيير باستخدام الوسائل العسكرية أو الدبلوماسية ليمتد الانقسام أكثر حول شرعية استخدام القوة العسكرية؛ حيث رفضت أغلب الدول الأوروبية الذهاب للحرب من دون تفويض من مجلس الأمن فكانت معارضة ألمانيا وروسيا وفرنسا شديدة إزاء الدخول بالحرب من دون موافقة مجلس الأمن الذي واجه معارضة شديدة داخله بعد فشل رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي تقديم الذرائع لامتلاك العراق أسلحة الدمار الشامل. ويتضح من المواقف المعلنة ومن مداولات الأطراف في مجلس الأمن حجم الانشقاق الذي اعترى مواقف الأطراف الأوروبية من مسألة التغيير في العراق؛ وبنظرة أكثر تفحصاً للأطراف الرئيسية في الاتحاد الأوروبي التي لها عامل التأثير والنفوذ على بقية الأعضاء في الاتحاد (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا)؛ فقد أفرزت المسألة العراقية اتجاهين: الأول رافض لاستخدام القوة أو المشاركة في الحرب -فيما بعد- مثلته كل من روسيا وألمانيا وفرنسا، واتجاه آخر برزت فيه المملكة المتحدة داعماً أساسياً للحرب على العراق، وأحد طرفي التحالف الذي قاد العدوان على العراق مع الولايات المتحدة.
  • الهيمنة الأمريكية على القرار الأوروبي وانقسام الموقف: أ- التغييرات التي شهدتها أوروبا بانتخابات قيادات جديدة في كل من ألمانيا وفرنسا، حيث وجدت أن مرحلة ما بعد عام 2003 أفقدت هاتين الدولتين وشركاتها المساهمة في الأرباح الناتجة عن مشاريع إعادة البناء.ج- استطاعت الولايات المتحدة عبر مجلس الأمن تشريع وجودها كقوة احتلال، وعليه فرض أمر واقع يفرض على الدول الأخرى التعامل مع هذا الواقع الجديد والعملية السياسية ومخرجاتها.ومن المؤكد أنه لم يكن للأطراف الأوروبية عامل الحسم في تحديد مصير العراق، بل كان للأخيرة دور في تهديد السياسة الأوروبية؛ فقد استطاعت القضية العراقية منذ البداية حينما تجاذبتها مختلف الأطراف الأوروبية أن تحدث خرقاً كبيراً، فأسهمت في توسيع حدة الانشقاق بين الدول، وهو ما عكسه تصريح جوناثان فاول من الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي عشية اجتماع الاتحاد في بروكسل قبل غزو العراق في مارس 2003 بأنهم إن (لم يخفوا وجهات نظرهم المتباعدة على نحو جدي ويعتزمون رأب الصدع حول هذه القضية، فإن لهذه القضية الدور في تهديد وحدة مواقف الاتحاد الأوروبي من القضايا الأخرى). وهو ما حدث بالفعل في التغييرات الجذرية التي طالت مواقف دول الاتحاد وخاصة المحورية فيها.4- الأهداف والمصالح الأوروبية من المسألة العراقية:  ويشار إلى أن الاتحاد الأوروبي في إطار مساعيه لإنجاح النظام الجديد بما يحقق مصالحه ساهم بتدريب 1450 قاضياً ومحققاً ومسؤولاً في الشرطة وقطاع السجون ضمن خطته التي بدأها في عام 2005 لفرض سيادة القانون؛ ويعكف الاتحاد على توقيع اتفاقية للتعاون والتجارة بينه وبين العراق بحيث تغطي تجارة السلع والخدمات والجمارك وقواعد المشتريات العامة. ج- يقع العراق في محيط يثير اهتمام دول الاتحاد الأوروبي وخاصة أن لديه حدوداً طويلة مع تركيا الساعية إلى الانضمام للاتحاد؛ مما يجعل العراق يقع على الحدود الجنوبية للاتحاد فيما لو قُبلت تركيا فيه، وعليه يصبح الوضع الأمني في العراق والاستقرار فيه من أولويات واهتمامات الاتحاد.ولذلك تشترك دول الاتحاد في الرؤية الساعية إلى إيجاد مخرج للمسألة العراقية لما تمثله من أهمية لها؛ وتجتمع دول الاتحاد الأوروبي على المبادى الرئيسية التالية في تعاملها مع (العراق الجديد):أ- الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي العراقية، رافضة أي محاولة لتقسيمه بما يعكسه ذلك من فوضى إقليمية تشكل تهديداً للمصالح الأوروبية سالفة الذكر.ج- التأكيد على احترام سيادة العراق من التدخلات الخارجية وخاصة الإقليمية (إيران). يذكر في هذا المجال أن الضغوط التي يمارسها الاتحاد الأوروبي على إيران والمتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني إنما هي جزء من المفاوضات غير المباشرة معها والمتعلقة بالنفوذ الإيراني في العراق. هـ- دعم العملية السياسية ومساعدة مختلف الأطراف على التوصل إلى صيغة تفاهم حول القضايا الشائكة وخصوصاً تلك المتعلقة بالدستور أو قضية كركوك أو شكل النظام الاقتصادي والسياسي الأنسب للبلاد. وختاماً يمكن القول إن الموقف الأوروبي من القضية العراقية بقي ثابتاً في القضايا الرئيسية السابقة، والتي تتقاطع مع المشروع الأمريكي في العراق؛ إلا أن هذا التوافق لا يمكن وصفه بالاستراتيجي أو على الأقل حافظ الاتحاد الأوروبي على الحد الأدنى من التوافق الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، لكنه لم يتعداها إلى صورة دعم المشروع الأمريكي بصورة كاملة دون تحفظات، كما فعل أحد أعضاء الاتحاد (بريطانيا)، إلا أن هذا التوافق شهد مداه الواسع في الإطار الثنائي وليس الجماعي؛ أي أن حقيقة مواقف الاتحاد الأوروبي من القضية العراقية تمليها العلاقة الثنائية بين دول الاتحاد والولايات المتحدة وليس كونها نابعة من تمثيل حقيقي وموحد في الموقف من السياسة الخارجية للاتحاد من المسألة العراقية.
  • استطاعت الولايات المتحدة عبر مجلس الأمن تشريع وجودها كقوة احتلال

 

  1. ويقع هذا الأمر ضمن إطار أوسع من التنافس نحو إبقاء السيطرة القطبية للولايات المتحدة على الشأن الدولي. ولذلك لن يذهب الاتحاد الأوروبي أبعد من مواقف الدول الأوروبية في علاقتها الثنائية مع الولايات المتحدة إلى حد التورط في الشأن العراقي، وسيبقى الأمر تحدده اعتبارات كثيرة أهمها المصالح الاقتصادية المرجوة، وخصوصاً في إطار سعي الولايات المتحدة للاستحواذ على المشاريع الاقتصادية المتعلقة بإعادة البناء بالصورة التي استحوذت فيها الشركات الأمريكية سابقاً على مشاريع إعادة البناء في الكويت، مما أقصى دول الاتحاد الأوروبي من المشاركة في الأرباح. ومن ضمن هذه المحددات موقف الرأي العام الأوروبي من هيمنة الولايات المتحدة على أوروبا، بالإضافة إلى القضايا الداخلية المتمثلة في تدفق اللاجئين العراقيين إلى أوروبا، ناهيك عن أن اهتمامات أوروبا بالقضية العراقية تحددها أولوياتها الإقليمية؛ حيث تبدي سياسة الاتحاد الأوروبي موقفاً أكثر اهتماماً بالصراع العربي-الإسرائيلي من التعامل مع القضية العراقية التي تتنازعها أطراف عديدة، كما يكثر فيها اللاعبون، بل إنها تشير من فترة إلى أخرى إلى أهمية حل هذا الصراع لإنهاء الموقف المتفجر في العراق.
  2.  
  3. د- لتحقيق المصالح السابقة كان على العراق أن يبقى في حالة من السلام مع جيرانه بما يضمن تحقيق حالة من الاستقرار تدفع باتجاه تأمين احتياجات الاتحاد الأوروبي ودوله من نفط المنطقة.
  4. ب- يرى الاتحاد أن نظام الفيدرالية الخيار الأنسب للحيلولة دون عودة الدكتاتورية وبناء نظام ديمقراطي يتمتع فيه العراقيون بحرية الرأي والتعبير؛ بحيث توزع السلطة على حكومات إقليمية لها صلاحيات واسعة في إدارة وتنمية الأقاليم بعيداً عن سيطرة الحكومة المركزية؛ وقد رعت مؤسسات الاتحاد الأوروبي عدداً من الأنشطة التثقيفية بهذا الاتجاه لأعضاء البرلمان العراقي والمسؤولين العراقيين.
  5.  
  6.  
  7. ب- يهتم الاتحاد بنجاح التجربة الأمريكية في تطبيق الديمقراطية (الغربية) بالعراق؛ ويجد الاتحاد أهمية كبرى في دعم العملية السياسية؛ حيث إنه بانتقال (عدوى الديمقراطية) إلى الدول المجاورة يدفع هذه الدول نحو تغيير حقيقي باتجاه دمقرطة مؤسساتها، ويشجعها أكثر على الاهتمام بتفعيل القرارات المتعلقة بحقوق الإنسان وغيرها، وعليه نبذ العنف و(التطرف). ولذلك كان الاتحاد الأوروبي من أوائل المجموعات الدولية التي اختارت سفيراً لها بالعراق وفتحت مقراً لبعثتها فيه؛ وهو ما أكده بيان (حقائق حول تعاون الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في سبيل دفع عجلة الحرية والازدهار في العالم) الموقع بين الطرفين خلال قمتهما في سلوفينيا في يونيو 2008 على الوفاء بالتزاماتهم تجاه العراق (اتفقت الولايات المتحدة وأوروبا على العمل مع العراق في سبيل تسريع قدرته على الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية. ويقدم الاتحاد الأوروبي حالياً مساعدات لا يستهان بها إلى العراق، كما أنه يتفاوض معه حول اتفاقية تجارة وتعاون بين الطرفين، وترحب الولايات المتحدة برغبة الاتحاد الأوروبي في زيادة وجوده الدبلوماسي في العراق).
  8. أ- يتمتع العراق بمخزون نفطي كبير يقدر بـ 10 في المائة من الاحتياطي العالمي المكتشف ويشكل مع دول الخليج العربية ثلثي الاحتياطي العالمي من النفط، ناهيك عن تمتعهما بالغاز بكميات تجارية كبيرة، ولذلك يجد الاتحاد الأوروبي أهمية كبيرة بالاستثمار في هذه المنطقة، بالإضافة إلى تأمين الحصول على هذه السلع بأسعار معقولة. كما أن الاتحاد يبحث عن مصادر بديلة يستورد منها نفطه للخروج من دائرة حصر استيراده من نفط روسيا التي أخذت العوامل السياسية تلعب دورها في تحديد تدفق النفط لها. كما جرى عليه الوضع في السنتين الماضيتين عندما ضغطت روسيا على أوكرانيا التي تزود دول الاتحاد بأغلب كميات الغاز ومنعت من تدفق النفط إليها؛ وذلك للسيطرة على حجم الكمية المصدر للاتحاد والتحكم في تحديد الأسعار. كما أن روسيا توفر ربع احتياجات الاتحاد من النفط؛ ولذلك ساهم الاتحاد الأوروبي في العمليات المتعلقة بإعادة إعمار العراق وخاصة في المرافق الحيوية؛ وسعى إلى توقيع اتفاقية طاقة مع العراق بحيث يأمل الاتحاد باستيراد النفط من العراق عبر خط أنابيب (ناباكو) الذي يمر من تركيا إلى وسط أوروبا. وهو ما عبرت عنه المفوضية الأوروبية في بيان صدر عنها خلال زيارة نوري المالكي الأخيرة إلى مقر الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو في إبريل 2008 (بخصوص النفط.. سيزيد العراق إنتاجه من 2.5 مليون برميل يومياً ويتوقع أن يصل إلى 3 ملايين برميل في نهاية 2008. والمستهدف الوصول إلى 4.5 مليون برميل يومياً بحلول عام 2012 تقريباً. ينبغي أن يكون هذا مساهمة إيجابية باتجاه خفض أسعار النفط. ويؤكد العراق أنه يستهدف مناطق أخرى من أجل الإنتاج).

  1. رغم ما شهده الاتحاد الأوروبي من اختلاف بين الدول حول المسألة العراقية قبل الحرب إلا أن اتفاقها بعد الحرب فرضته المصالح والأهداف المشتركة للاتحاد سواء داخلياً أو تجاه العراق؛ فبالنسبة للوضع الداخلي الأوروبي أظهرت المسألة العراقية عمق الاختلاف بين دول الاتحاد حول السياسات الخارجية للاتحاد ليس فقط في العراق، بل في القضايا الأوروبية خصوصاً ما يتعلق بتبعات العولمة أو توسعة الاتحاد وغيرها؛ ولذلك عمقت الحرب على العراق هذه الاختلافات مهددة وحدة الاتحاد في السياسة الخارجية، خاصة في القضايا التي ترتبط بالقضية العراقية مثل قضية السلام في الشرق الأوسط، والموقف من التعامل مع حركة حماس على سبيل المثال. أما بالنسبة للعراق فقد اتسمت المصالح المشتركة للاتحاد بالاهتمام بما يمثله العراق من مزايا جغرافية واقتصادية وأمنية وسياسية كما يلي :
  2.  
  3. د- إن تدفق أعداد اللاجئين لم يعد له مبرر أو استقبال مزيد منهم، حيث إن الذريعة المتمثلة في استقبالهم لم تعد مبررة مع انتهاء (النظام الاستبدادي) الذي كان يمثله نظام الرئيس صدام حسين، بل إن هذا كفيل بوقف منح اللجوء ومطالبة الموجودين بالعودة إلى العراق.
  4. ب- كونها الدولة القطبية فرضت الولايات المتحدة سياسة واقعية في العراق؛ بحيث لم يعد من مجال في منافسة أو تبني بديل عن السياسة الأمريكية في العراق مع انعدام البدائل الأخرى، ناهيك عن التكلفة المادية والبشرية لأي مشروع جديد تتبناه أوروبا في العراق.
  5. سعى الرئيس الفرنسي الأسبق شارل ديغول طوال فترة رئاسته لفرنسا إلى إبعاد المملكة المتحدة عن المشاركة أو الإسهام بالقرارات التي تتخذها أوروبا من خلال السوق الأوروبية المشتركة –كما كانت توصف حينذاك- فسعى جاهداً للحيلولة دون انضمام بريطانيا إلى هذه السوق منذ بداية تأسيسها، بذريعة أن هذه الدولة التي يجمعها مع أمريكا اتحاد أنكلو-ساكسوني ستكون بمواقفها عامل تمثيل للمصالح الأمريكية داخل الاتحاد وستكون بمثابة (حصان طروادة الذي سينفذ منه الأمريكيون). وهو ما حدث بموقف بريطانيا من المسألة العراقية التي ساعدت على إقناع عدد من الدول للاستجابة للرغبة الأمريكية في العراق؛ فعلى الرغم من اتفاق الدول الأوروبية على توحيد الموقف من المسألة العراقية وخاصة في إطار تناول مجلس الأمن للقضية إلا أن الاتحاد الأوروبي لم يستطع إيصال صوته، بحيث ظهر عاجزاً عن إضعاف محور لندن-واشنطن داخله بحيث استطاع هذا المحور تجنيد عدد أكبر من الدول الأوروبية لصالح استخدام القوة المسلحة ضد العراق (إسبانيا وإيطاليا)، بل امتد الأمر نحو دول كانت تعتبر جزءاً من النفوذ الروسي في القارة مما أظهر حجم النفود الأمريكي بالقارة (جورجيا وبولندا)، بل اعتبر موافقة الاتحاد الأوروبي على توسيع الاتحاد جزءاً من المخطط الأمريكي-البريطاني لتحجيم دور الدول الرافضة للحرب وتوسيع الاتحاد نحو الدول الجديدة الواعدة في منظومة المصالح الأمريكية على الساحة الدولية. ورغم وحدة الموقف لبعض أقطاب الاتحاد الأوروبي لكن سرعان ما تغيرت المواقف مع اجتياح العراق وتنفيذ الولايات المتحدة لتهديداتها ضد العراق بإسقاط نظامه والشروع ببناء نظام سياسي جديد فيه. ورغم تردد الدول المحورية في المشاركة ببناء دور في العراق الجديد واختيار موقف رافض لما جرى إلا أن هذه المواقف سرعان ما تغيرت بعد خمس سنوات من الحرب نتيجة لعدد من العوامل منها:
مقالات لنفس الكاتب