; logged out
الرئيسية / المتغيرات الإقليمية والدولية المحفزة لقيام الوحدة الخليجية

العدد 92

المتغيرات الإقليمية والدولية المحفزة لقيام الوحدة الخليجية

الثلاثاء، 01 أيار 2012

ليس من شك في أن الدول الخليجية هي من أكثر الدول في العالم التي تتجلى وتتكامل فيها شروط ومؤهلات وحدتها، سواء على مستوى الأيديولوجية أو على مستوى الخصائص الاجتماعية والثقافية والاقتصادية أو على مستوى الجغرافيا.

على الرغم من أن إعلان ذلك لا يزال محط أخذ ورد لأسباب بعضها يتصل بطبيعة الإرث الثقافي العربي على نحو عام وبعضها الآخر يرتبط برؤى محلية لا تزال بعيدة عن تقدير يتوافق مع خطورة المتغيرات الإقليمية والدولية المؤثرة في المرحلة الحالية والتي تمر بها المنطقة العربية بشكل عام والمنطقة الخليجية بشكل خاص، وعلى الرغم من عقلانية السياسة الخليجية خلال العقود الثلاثة الأخيرة فإن بعض الرؤى السياسية لاتزال تدور في فلك خاص ينطلق من تقديرات ذاتية تعبّر عن قضايا محلية أو رؤى معينة تجاه التطورات التي تمر بها المنطقة، لاسيما في سياق علاقة بعض الأطراف الخليجية مع المحيط الإقليمي وفق أفكار تراها مستقلة فيها، أو أن لها وجهة نظر خاصة ينبغي أن تحترم. وفي هذا السياق يكون الحديث عن المتغيرات الإقليمية والدولية المحفزة لقيام الوحدة الخليجية يشوبه الكثير من التعقيد والالتباس، في الوقت الذي ينبغي أن تسمو على كل المصالح أو كل أشكال العلاقات الثنائية مع هذا الطرف أو ذاك ووفق الخصوصيات والرؤى المتباينة نسبياً في إدارة السياسة الخارجية لدى كل دولة من دول الخليج العربية من أجل الأمن القومي الخليجي ومستقبله، كما ينبغي أن تصاغ كل الاعتبارات والتقديرات الذاتية في عالم قلق تتصارع فيه الإرادات الإقليمية والدولية والمحلية، بطريقة جمعية تظهر فيها حالة التوافق، وأن تتكيف المواقف بشأنها بطريقة مرنة وإيجابية من أجل فهم واستيعاب المتغيرات الإقليمية والدولية التي باتت مؤثرة بشكل موثوق في الواقع السياسي الخليجي في المرحلة الحالية. وعلى الرغم من هذا فإن ما يلزم هو قيام دولة خليجية قوية باتت تفرضها تلك المتغيرات، وإلا ستواجه المنطقة الخليجية في المستقبل القريب مزيداً من التحديات، لاسيما مع تغير المفاهيم التقليدية في نظم الحكم والتنظيم الاجتماعي الحديث وأنساقه الأخلاقية والإنتاجية والقانونية والسياسية والاجتماعية، والمتجهة من سياقها الجمعي إلى سياقها الفردي. ولذلك فإن ضرورة قيام الوحدة الخليجية لا تحركها المتغيرات الإقليمية والدولية فحسب وإنما تحركها صيرورة التطور الحضاري الحديث للمجتمع الخليجي نفسه.

أولاً: إشكالية الإرث الثقافي وقيام الوحدة الخليجية

إن الوقائع التقليدية الشاخصة في المشهد الثقافي الخليجي لا تؤشر بشكل ملحّ إلى قيام اتحاد أو وحدة خليجية على الرغم من توافر كل المستلزمات الميدانية لتحقيق ذلك، ولعل أبرز الأسباب التي تحول دون تحقيق ذلك ليس مقصوداً أو مخلوقاً، إنما يعود إلى طبيعة عقلية السياسة العربية، التي قامت في الأصل على الاعتزاز بالنموذج المحلي للنظام السياسي غير الرسمي الذي كان ماثلاً في الواقع السياسي العربي قبل الإسلام، وبقيت بموجبه النظم السياسية المجزأة (النظم القبلية) تحافظ على كياناتها السياسية المستقلة القائمة على أساس علاقات القربى أو علاقات النسب، ولهذا لم تتمكن الجماعات الاجتماعية العربية من تحقيق اتحاد أو دولة في بيئة تقوم على أساس ذلك، وحتى قيام دولة (كندة) في الجزيرة العربية في بيئة قبلية لم تتمكن من الصمود طويلاً أمام متانة النظام السياسي القبلي وعصبيته، حتى تفككت بفعل الاستكبار القبلي آنذاك، وقد استطاع الإسلام نقل العصبية القبلية إلى العصبية الدينية لتنبثق دولة مدنية تمكنت من بناء صرح حضارة إسلامية عربية لا تزال عالقة في ذاكرة التاريخ الإنساني، بل كانت أهم حلقاته الإنسانية على الإطلاق إلى يومنا هذا.

والشيء الذي نريد أن نصل إليه هنا، أن النظام السياسي العربي بشكل عام لا يزال يعيش بعض الإرث الثقافي في بعده السياسي، فالوطن العربي الذي تتفق خصائصه الثقافية والجغرافية عجز على مدى القرن العشرين عن تحقيق دولته القومية على الرغم من الدعوات الصاخبة لتحقيق الوحدة العربية، ويرجع سبب عدم تحقيق ذلك إلى تمسك الحكومات أو الزعامات العربية بملكية القيادة السياسية في كل دولة أو كيان، وكأن تلك الكيانات السياسية القائمة بمثابة كيانات قبلية وليس كيانات دول. فالعقلية السياسية العربية لا تزال تعيش ذلك الإرث الثقافي الذي أضحى بشكل مباشر وغير مباشر يسيطر على الجوانب اللاشعورية في الشخصية العربية. ولا شك في أن فلسفة العالم الحديث حملت إلينا تصورات تحديثية عن الدولة والمجتمع والعلاقة بينهما من خلال مؤسسات بيروقراطية مسيطرة، وتدير رقعة جغرافية واسعة من الأرض، وتحكم بقوانين ودساتير مكتوبة العلاقات بين الناس، رؤساءً ومرؤوسين، في هذه الرقعة الجغرافية الواسعة، هي بالتأكيد علاقات غير أولية إنما علاقات ثانوية أو تعاقدية بحسب مفهوم العلاقات في الدولة الحديثة. إلا أن انبثاق الدولة المقلدة في البلاد العربية، أنتج لنا نماذج من العقليات التي ما زالت تحكم العلاقات في إطارها العام بعقلية الإرث الثقافي العربي، لأن هذا الإرث لم يمر بمرحلة انتقال جوهري في نظم الإنتاج، ومن ثم في مرحلة التخصص الدقيق الذي ينتج عنه نسق أخلاقي جديد يضبط السلوك بعيداً عن إطاره الجمعي ليكون انضباط الفرد السلوكي يجري ضمن مظلة القانون وتحت حالة الانتقال الحضاري الصناعي ليكون النسق الأخلاقي الفردي هو السائد في الحياة المدنية أو الحضرية. وعلى خلاف ذلك نجد الحاكم أو الزعيم أو الرمز أو رئيس القبيلة في مجتمعاتنا، يعد نفسه الأب أو الراعي أو الأمين الذي لا يدانيه أحد في مصلحة جماعته، وهذا الإقصاء للآخر يمثل جوهر إشكالية العقلية السياسية العربية في المرحلة الحالية والتي عطلت مشروع الوحدة كثيراً. وهذا التوصيف قد يحمل مسوغات ضعف العرب وتراجع دورهم الحضاري في عالم اليوم الذي يقوم على وجود كثير من المرونة في عملية التواصل الحضاري والثقافي بفعل ثورة المعلومات والاتصالات التي تجتاز حدوده شرقاً وغرباً جنوباً وشمالاً، والتي تطرح كثيراً من الإيجابية في دائرة تحقيق التنمية البشرية في أي مجتمع من المجتمعات في لحظة تاريخية تتطلب سعياً حثيثاً لمواكبة التطور الثقافي في عالم اليوم، إلا أنه في جانب آخر يفسح المجال واسعاً للطرف المتفوق علمياً وتكنولوجياً لبسط إرادته وأفكاره التي تصب في مصالحه تحديداً. ولعل في هذا المجال تكمن أهمية المتغيرات الإقليمية والدولية (سواء ظهرت في التطور العلمي أو الأطماع التوسعية أو الهيمنة الدولية أو بروز القطب الإسرائيلي أو فرض الإرادات الإقليمية واستنزافها الاقتصاد بطرقه المختلفة) والمحفزة لقيام الدولة الخليجية القوية بعد نفض غبار الإرث الثقافي (الذي يضع الخصوصيات في أولوياته)، بصفته عائقاً أمام تحقيق هذا الهدف السامي.

ثانياً: المتغيرات الإقليمية والدولية محفزات لوحدة عاجلة

إن لغة التوازن الإقليمي باتت تفرض نفسها على دول الخليج العربية، وتحثها على إسراع الخطى نحو دراسة ظروفها المحلية وتقدير الإمكانات السياسية والمادية والاجتماعية والعسكرية من أجل وضع آليات عاجلة لتأسيس الدولة القومية الخليجية، ليس لتحقيق التوازن الإقليمي في الشرق الأوسط فحسب، إنما لوضع أسس قيام النظم الإنتاجية وبناء المجتمع العلمي العقلاني لوضع الإنسان الخليجي أمام مسؤولياته المجتمعية الواعية ومن ثم القيام بدوره المنتج في عملية تنمية بشرية تعمل باستمرار على تكوين وعي اجتماعي تاريخي ينقل المجتمع من حالة الاتكال على الغير سواء في عملية التنمية أو الدفاع عن ثقافة المجتمع وأمنه، إلى مرحلة الاعتماد على النفس، ولا سيما في الظروف الإقليمية الحالية، وتحقيق قفزات نوعية في نشاطها الاقتصادي والاجتماعي والعلمي والعسكري، كما هو الحال في تركيا ودول أخرى بدأت تدرك الاعتماد على النفس لبلورة نظام دفاعي متين قائم على أساس حساب الإمكانات الذاتية والاستفادة من التطور العلمي والتكنولوجي والاجتماعي لبناء المواطن بناء صحيحاً على وفق النظم التربوية الحديثة وباستلهام التراث الثقافي للمجتمع الخليجي المحفز لقيام مجتمع يرتبط بتاريخه وحضارة أمته ومتفاعل مع كل الأطراف وفق المصالح المتبادلة. لذا تعد المتغيرات الإقليمية في جوانبها المتعددة محفزات حقيقية ينبغي أن تشغل بال العقل السياسي الخليجي في قيام نظامه السياسي الوحدوي بأقصى سرعة ممكنة، لأن الخطى الجامحة للأطراف الإقليمية تجاه بناء ذاتها لا تقبل من دول الخليج العربية التأجيل أو الانتظار، لأن المسألة فوق التمني أو التأمل، لأن العمل وحده هو الفعل المنتج، وهذا الفعل هو بكل تأكيد فعل عقلاني يؤمن بالواقعية في ظروف صعبة تمر بها المنطقة العربية بشكل عام والمنطقة الخليجية بشكل خاص. وبناء على ما تقدم يمكن فهم أهمية المتغيرات الإقليمية والدولية المحفزة لقيام الوحدة الخليجية من خلال ما يأتي:

1- أهمية المتغيرات الدولية في تحفيز القدرات الذاتية لقيام الوحدة: اتجه العالم بعد الحرب العالمية الثانية نحو الاقتصاد بصفته المحرك الحقيقي للتطور الحضاري في مجتمعات خرجت من حروب مدمرة لم تحصد منها سوى الدمار والتأخر وزيادة الأحقاد بين الشعوب، لتطرح فلسفة جديدة في التعامل مع الحياة من أجل الارتقاء بالإنسان نحو إنسانيته وتحقيق قدر مقبول من الكرامة، وقد انحسر الاستعمار القديم في بلداننا لتبدأ مرحلة التطور العلمي وفرض الإرادات بالقوة العلمية والتكنولوجية المميزة والتي فجرت قدرات الإنسان في المجتمعات المتقدمة، وسعت إلى تحقيق دولة الرفاهية حتى زادت وتضاعفت، وفي فترة قياسية، معدلات إشباع حاجات الإنسان الأوروبي من الوسائل المصنعة ووسائل الترفيه بمرات عديدة فاقت التصورات. وقد لحق ذلك نشر ثقافة جديدة لدى الأجيال الشابة تستهدف نسيان الماضي بمأساته لتحل محلها ثقافة المواطنة الأوروبية، وقد كان تأسيس الاتحاد الأوروبي والتطور الذي شهده خلال العقود الأخيرة من القرن العشرين، شاهدين على ذلك، كذلك التطور الذي حققته الصين في غزو أسواق العالم محققة معدلات عالية من النمو الاقتصادي، وكذلك الهند وما تشهده في هذا السياق من تطور مطرد، ناهيك عن الدول الآسيوية الإسلامية وغيرها في تحقيق معدلات نمو سريعة في اقتصاداتها، وهي لا تملك وسائل الطاقة الكافية ومنها النفط لتحريك ذلك، إن كل هذا ألا يكفي أن يكون عاملاً محفزاً للتفكير في قيام كيان خليجي اقتصادي مميز في منطقة الشرق الأوسط يأخذ زمام المبادرة لتأسيس وحدة اقتصادية متينة تكون أساساً صلباً لوحدة سياسية خليجية تضع منطقة الخليج العربي في المكان الصحيح على خريطة القوى الإقليمية الفاعلة والساعية لبناء علاقات متكافئة مع كل الأطراف الإقليمية والدولية بما يخدم مصالح محيطيها الإقليمي والدولي معاً.

2- أهمية المتغيرات الإقليمية المحفزة لقيام الوحدة الخليجية: لا يمكن لأحد من المراقبين والباحثين في الشؤون الإقليمية سواء المتعلقة بمنطقة الجزيرة والخليج العربي أو منطقة حوض وادي النيل والقرن الإفريقي أو منطقة حوض الأبيض المتوسط والمغرب العربي، أن يتجاهل المتغيرات السياسية والاقتصادية والثقافية المتفاعلة فيها من جهة وتحرك إسرائيل المستقبلي تجاه مشروعها القومي من جهة أخرى، لا سيما إذا جاز لنا اعتبار كل المتغيرات المؤثرة في المناطق الآنفة الذكر تعمل بشكل مباشر أو غير مباشر لمصلحة إسرائيل ومشروعها المعروف، سواء أخذ ذلك طابع الأطماع التوسعية أو طابع الصراع الثقافي، أو أخذ عقلية الحكم الرشيد لكثير من الرؤى الدينية أو العلمانية. المهم في هذا الجانب هو فاعلية العقل السياسي الخليجي في تقدير أهمية المتغيرات الإقليمية في المرحلة الحالية لبناء دولته الموحدة القوية على أسس تتلاءم وطبيعة التراث الثقافي المتجدد والذي يأخذ في الحسبان المصالح العليا للشعب العربي الخليجي منطلقاً من رؤية واقعية وعلمية لما يجري في محيط منطقته من تطورات آنية ومستقبلية، لاسيما مع تنامي موجات (الربيع العربي) الذي تنقصه في أقل تقدير في المرحلة الحالية رؤية علمية وواقعية تأخذ كل الاعتبارات الإقليمية في الحسبان، ويبدو أن ذلك لا يزال بعيداً نسبياً عن تطلعات الإنسان العربي المعاصر، وهذا يظهر من تضارب الرؤى النظرية تجاه الدولة المدنية التي ينادي بها الجميع كأنها أضحت الموضة التي يزدحم عليها المقلدون.

لا شك في أن منطقة الخليج العربي تعيش اليوم في أتون تطورات متسارعة على الصعيد الإقليمي تحركها أطراف دولية ذات مصالح متقاطعة، كل منها يريد الاقتراب من منابع الطاقة الحيوية في العالم، وهو ما يحتم على العقلية السياسية الخليجية أن تقيّم الأوضاع بنظرة علمية موضوعية وتسعى إلى بناء كيانها الاقتصادي والسياسي الموحد، فلا يزال مشروع السوق الخليجية العربية المشتركة غير فعال بشكل يصب في خدمة الأهداف العليا للشعب الخليجي، كما لا يزال مشروع العملة الخليجية المشتركة يعترضه كثير من المعوقات، ولا تزال الرؤى المحلية لدى بعض الأطراف الخليجية في علاقاتها الإقليمية تأخذ جانب المرونة تجاه كثير من القضايا المحلية والإقليمية والدولية، كما لا تزال الدول الخليجية غير مهتمة كثيراً بطبيعة التركيب الديموغرافي في مجتمعاتها ولا سيما على نطاق الأجيال القادمة وغيرها من القضايا المتداخلة بين المسائل الإقليمية والمحلية والتي لم تضع لها استراتيجية فاعلة، ولا شك في أن كل تلك المتغيرات ينبغي أن تعمل بصفتها محفزات للوحدة الخليجية التي من دونها ستكون المنطقة في موضع استنزاف دولي ولعب إقليمي تدفع ثمنه المنطقة الخليجية أولاً والمنطقة العربية ثانياً.

3- المتغيرات الإقليمية والدولية المحفزة لفعل الوحدة والتساؤلات المشروعة: يذهب البعض إلى ربط كل ما يجري في منطقة الشرق الأوسط من تغيرات وأحداث وما يعقبها من ولادة أوضاع جديدة فيها، بمخططات استراتيجية تستهدف تغيير ثقافة المنطقة وجعلها أكثر تعايشاً وانسجاماً مع وجود إسرائيل في قلب المنطقة العربية بعدما رفضت الثقافة العربية والإسلامية مبدأ التعايش معها، وأن تغيير خريطة ذلك بدأ مبكراً مع النصف الأول من القرن العشرين، وأخذ يظهر جلياً بعد هزيمة العرب عام1967، ثم بعد حرب1973 واستخدام العرب للمرة الأولى النفط كسلاح في المعركة، وهو ما بدأ يتجلى في رؤية كيسنجر عن المنطقة ومستقبلها، ولا يمكن عزل أهمية كل ذلك عن الأوضاع في الخليج العربي الذي يمثله النموذج الخليجي الذي تنتشر على أرضه ثقافة إسلامية آخذة في التطور. ولذلك فإن ربط تلك الظروف بما يجري من تغيرات وتطورات سياسية وحروب وفي المنطقة والتي لا تزال مستمرة إلى يومنا هذا، تدخل في إطاره احتمالات الصراع الثقافي بعد تطورات (الربيع العربي)، وما ينبغي أن تكون عليه طبيعة السياسة الجديدة، ولا نعرف إلى أين ستقود المنطقة بكاملها؟ وفي هذا الإطار لابد من طرح تساؤلات عامة مشروعة ذات صلة بالمتغيرات الإقليمية المحيطة بالمنطقة العربية بشكل عام والمنطقة الخليجية بشكل خاص، إن لم تكن هي نفسها من مسببات تنامي أهمية تلك المتغيرات، ولعل أبرزها: لماذا قامت اتفاقية كامب ديفيد؟ وماذا حصد العرب جراءها؟ ولماذا قامت الحرب العراقية- الإيرانية في عصر يمكن أن يوصف بعصر النهضة الحضارية في العالم إثر الثورة المعلوماتية؟ ولماذا تم احتلال الكويت في زمن كان العرب بأمسّ الحاجة إلى التضامن؟ ولماذا اتحد العالم لتحرير الكويت؟ ولماذا تم احتلال العراق؟ ولماذا تم التخلي عن حلفاء الغرب في المنطقة العربية وسقوط أنظمتهم بثورات شعبية مدنية ومناوشات مسلحة محلية؟ ولماذا بدأت تظهر على الساحة السياسية العربية الاتجاهات الدينية وتتصدر المشهد الحالي؟ إنها أسئلة ينبغي الوقوف عليها لاستشراف مستقبل ينتظر العرب جميعاً في عصر ثقافي جديد، وهي محفز أساسي للضمير العربي كي يعيد حساباته المختلفة إزاء تراثه ومستقبله في عالم ليس سهلاً أو ساذجاً.

 

 

مجلة آراء حول الخليج