array(1) { [0]=> object(stdClass)#12958 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 90

نحو مستويات عالية في كفاءة الطاقة وتنويع مصادرها

الخميس، 01 آذار/مارس 2012

تبذل الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (ايرينا) التي تستضيف مقرها دولة الإمارات في أبوظبي، والساعية إلى تشجيع استخدام أنواع الطاقة المتجددة في مختلف البلدان حول العالم، جهوداً حثيثة من أجل حماية البيئة من خلال الابتعاد عن أنظمة الطاقة التي يشكل الوقود الأحفوري أساساً لها.

تمكنت الولايات المتحدة من توليد الكهرباء اعتماداً على الطاقة المتجددة بنسبة تتراوح ما بين 10-11 في المائة وهي نسبة مرتفعة مقارنة ببلدان أخرى، وهناك بلدان أخرى وضعت أهدافاً في هذا السياق من أجل إدخال الطاقة المتجددة إلى مزيج الطاقة العام.

وبعد تداعيات انفجار محطة فوكوشيما دياتشي باليابان في مارس 2011 حينما أطاح إعصار (تسونامي) بالمفاعلات النووية، ما جعل ألمانيا تستبدل الطاقة النووية بمصادر متجددة في العقد المقبل ورهانها سيكون على مزرعة الرياح، وتندفع بكين هي الأخرى نحو الطاقة المتجددة مما يعكس الطريقة التي يتغير فيها العالم لأن الصين ستعيد تشكيل الصناعة العالمية حول الطاقة المتجددة، حيث إن العالم بدأ يعمل على تقييم تأثير حادث محطة فوكوشيما لأن الصناعة النووية وصلت إلى نقطة محورية بعد نكسات مرئية وأخرى عميقة.

ولكن مازالت هذه الفترة تعد فترة نووية رغم المخاطر التي عانى منها العالم. إذ ما زال الوقود الأحفوري أكثر تكلفة، ويستمر ارتفاع المخاوف بشأن تهديد الاحتباس الحراري العالم، وفي الوقت نفسه ما زال العديد من أساليب الطاقة المتجددة غير مثبت بعد كمصادر كبيرة للكهرباء.

وتتطلع الشركات التي تستثمر في المفاعلات النووية إلى النهضة النووية من الاستثمارات في المفاعلات الجديدة والتي كانت معلقة منذ كارثة تشرنوبيل عام 1986 إلى إقامة 440 مفاعلاً نووياً قيد العمل في شتى أنحاء العالم وفقاً للاتحاد النووي العالمي، وهناك كذلك 60 مفاعلاً قيد الإنشاء ونحو 493 مفاعلاً تم التخطيط لإنشائها، والتي ستخلق سوقاً يمكن أن تكون قيمتها آلاف المليارات من الدولارات خلال العقود المقبلة.

دول الخليج العربية تعاني جملة من المشكلات المتعلقة بالاستهلاك المفرط للطاقة
العالم توصل إلى اكتشافات جديدة للغاز الصخري في 33 دولة حول العالم
ينبغي على دول الخليج أن تتحول من الاعتماد الكلي على النفط في إنتاج الطاقة إلى امتلاك منظومة متكاملة وجديدة

وتوفر الطاقة النووية حالياً 14 في المائة من كهرباء العالم، ولكن حصتها المستقبلية مصدر تشكيك منذ زالزال اليابان، وبدأت فعلياً مراجعة للسلامة في شتى أنحاء العالم للكشف عن الأخطاء في بلدان أخرى، فمثلاً اكتشفت الولايات المتحدة أن من بين 65 موقعاً لمفاعلات نووية تعمل يعاني 12 منها من مشكلات في بعض متطلبات السلامة وترتبط في الغالب بإجراءات التدريب.

ولكن في السعودية ومعها بقية دول الخليج تعاني جملة من المشكلات تتعلق باستهلاك الطاقة المفرط وإن كانت دول الخليج الأخرى أقل معاناة من السعودية بسبب أنها كلها دول صحراوية تعتمد اعتماداً مباشراً على تحلية المياه وتستخدم الوقود الأحفوري كمصدر وحيد في التحلية مما يعتبر استنزافاً لموارد هذه الدول على المدى البعيد.

فالسعودية لم تكن ضمن أكبر عشر دول مستهلكة عالمياً عام 2000، وكان ترتيبها على مستوى العالم الـ 14، تستهلك 1,58 مليون برميل يومياً، انتقل ترتيبها على مستوى العالم إلى المركز السادس عام 2010 بإجمالي استهلاك 2,81 مليون برميل يومياً بنمو سنوي 7,1 في المائة حسب تقارير احصائية لشركة بريتش بتروليوم ( 2009/2011).

وإذا استمرت السعودية على النمو السنوي نفسه فإن الاستهلاك سيرتفع عام 2030م نحو 8,55 مليون برميل يومياً ويتبقى للتصدير نحو 3,45 مليون برميل/يوم، مما يؤثر في إيرادات الدولة بسبب أنها حتى اليوم تعتمد في دخلها على إيرادات البترول بشكل كبير جداً، وتاريخياً إذ شكلت التدفقات المالية للإيرادات النفطية حصة الأسد، حيث بلغ حجمها خلال الفترة (1970 – 2009) نحو 7,6 تريليون ريال مثلت نحو 83 في المائة من إجمالي الإيرادات الحكومية البالغة 9,2 تريليون ريال.

ولا يتوقف الأمر عند انخفاض الإيرادات الحكومية فقط، بل هناك تطورات واكتشافات جديدة ستؤثر في الصناعات البتروكيماوية الأساسية التي تراهن عليها دول الخليج كثيراً مستقبلاً.

لأن هناك عاملين يؤثران في الميزة التنافسية هما الاكتشافات الجديدة والتطورات التقنية، فالتطورات التقنية لم تجعل الميزة التنافسية في شركة كوداك الأمريكية مثلاً تدوم، والتي كانت ضمن نادي الشركات الثلاثين الكبرى في الولايات المتحدة أكثر من سبعين عاماً حسب مؤشر داو جونز.

وبسبب ظهور أسواق جديدة بدءاً من طابعات (إنك – غيت) إلى الكاميرات الرقمية استمر تراجع عائدات الشركة في تراجع حتى وصل إلى 7,2 مليار دولار عام 2010 وهي نصف عائداتها قبل خمس سنوات وأقل كثيراً من 20 مليار دولار توقعتها الشركة وتعول اليوم على بيع محفظتها التي تحتوي على أكثر من ألف براءة اختراع.

وأرغمت الشركة خلال الفترة الماضية بسبب مواجهتها صعوبات في مواجهة العصر الرقمي على تسريح 47 ألف موظف وإغلاق 13 مصنعاً عام 2003 والآن تعلن إفلاسها ولم تتجاوز قيمتها السوقية سوى 150 مليون دولار، أي فقدت أكثر من 95 في المائة من قيمتها السوقية.

وفي شهر واحد فقط في الولايات المتحدة أشهرت 6502 شركة إفلاسها طالبة الحماية وإمكانية إعادة هيكلتها وفق واقع السوق.

واليوم تعتبر الصناعات البتروكيماوية في السعودية وفي بقية دول الخليج الأخرى صناعات رائدة، ولكنها تعتمد بشكل كبير على التصدير بسبب قدراتها التنافسية، لكن أي اقتصاد يعتمد فقط على التصدير سيكون معرضاً لهزات وتقلبات مثلما حدث لها عام 2008 نتيجة لأزمة الرهون العقارية وكذلك عانى الاقتصاد الصيني ولو جزئياً لأن اقتصاده القائم على التصدير متنوع وليس اقتصاداً أحادي التصدير.

وهذا الخلل في الاعتماد على التصدير لمادة أحادية بعيداً عن التنويع الاقتصادي وكذلك ليست صناعات تحويلية متقدمة ذات قيمة مضافة نجده في نسبة التجارة البينية في دول الخليج كتكتل اقتصادي، إذ نجد أن نسبة التبادل بين دول الخليج لا تتعدى 6 في المائة فقط من إجمالي تجارتها بينما ترتفع بين دول الاتحاد الأوروبي إلى 67 في المائة.

والأخطر من هذا أن نسبة التجارة بين دول الخليج هي أقل من نسبة التجارة البينية بين الدول العربية التي تصل إلى أكثر من 9 في المائة، وقد يكون ذلك بسبب تصدير النفط إلى الدول العربية بينما دول الخليج كلها دول منتجة للنفط.

وستتأثر الصادرات البتروكيماوية إلى الولايات المتحدة والصين وبقية دول آسيا بسبب ظهور اكتشافات جديدة من الغاز الصخري حتى إن البعض يصفها بثورة الغاز الصخري لأنه سيغير قواعد اللعبة في أسواق الطاقة العالمية لأن العالم توصل إلى اكتشافات جديدة للغاز الصخري في 33 دولة حول العالم تقدر احتياطياتها بنحو 6622 تريليون قدم مكعبة حسب إحصائيات عام 2010، وتستحوذ الولايات المتحدة والصين والأرجنتين والمكسيك على 53 في المائة من تلك الاحتياطيات، ما يعني أن الولايات المتحدة التي كانت تنتج ربع إنتاج الكيماويات في العالم وتستهلك ثلث الإنتاج العالمي، أي أنها تستورد النسبة المتبقية ولكن بعد هذا الاكتشاف الجديد ستتحول الولايات المتحدة من مستورد إلى مصدر تنافس دول الخليج، خصوصاً إذا كانت تمتلك تقنيات جديدة تفوق التقنيات الموجودة في دول الخليج وكذلك ستتحول الصين من مستورد إلى مصدر، كما ستصبح السوق العالمية سوقاً تعاني فائضاً لأن المعروض سيكون أكثر وسيؤدي إلى خفض الأسعار.

وبسبب وجود معروض فائض من الغاز بنحو 9 تريليونات متر مكعب في الأسواق عام 2009/2010 انخفضت أسعار الغاز بشكل دراماتيكي ومروع، خصوصاً بعد دخول الغاز الصخري تجارياً، من 14 دولاراً عام 2008 إلى 4,3 دولار في يوليو 2011 ثم إلى ما دون 2,4 دولار في منتصف يناير 2012.

وتاريخياً كان يبلغ سعر النفط إلى الغاز 9 :1 ومع إنتاج الغاز الصخري انخفضت قيمة الغاز إلى النفط 17 :1 في عام 2009 وفي بداية عام 2012 انخفضت أسعار الغاز بشدة 24 :1.

ولذلك نجد أن روسيا التي كانت تتحكم في أوكرانيا وأوروبا لأن أوروبا تعتمد على 25 في المائة من احتياجاتها من الغاز على الغاز الروسي، اليوم نجد أن روسيا تخفض أسعار الغاز الروسي 30 في المائة وقد تتجه إلى تخفيض أكبر، فاكتشاف الغاز الصخري غيّر من التوقعات المستقبلية التي كانت تشير فيها التقديرات إلى أن الغاز المسال سيشكل عام 2025م نصف الإنتاج العالمي بينما التقديرات الجديدة بعد اكتشاف الغاز الصخري تشير إلى ثلث الإنتاج العالمي.

فبعد اكتشاف الغاز الصخري ستضعف الميزة التنافسية التي تتمتع بها الصناعات البتروكيماوية مستقبلاً، صحيح أن تكلفة استخراج الغاز الصخري أعلى من تكلفة استخراج الغاز التقليدي وكذلك مصانع الولايات المتحدة قديمة، ولكن يجب ألا تعول دول الخليج على مثل هذه العوامل، ويجب أن تتجه إلى خطط تنويع منتجاتها والانتقال من الصناعات الأساسية إلى صناعات متقدمة لأجيال جديدة تحقق التنوع الصناعي وتوسيع القاعدة الصناعية وإضافة قيمة مضافة عالية حتى تتمكن من الصمود أمام المتغيرات الجديدة.

إن السعودية ومعها بقية دول الخليج ينبغي عليها أن تتحول من الاعتماد الكلي على النفط في إنتاج الطاقة إلى امتلاك منظومة متكاملة ومتعددة للطاقة بما فيها الطاقة الذرية والمتجددة من أجل الإسهام في التنمية المستدامة للحفاظ على موقع السعودية الريادي في خريطة الطاقة العالمية المستقبلية.

ويأتي في المقام الأول تحلية المياه المالحة بالطاقة الشمسية والتي تأتي وفق 3 مراحل وبمدة زمنية تبلغ 9 سنوات في كافة محطات تحلية المياه في السعودية وتقييم خطوة المحطة الجاري العمل فيها بالطاقة الشمسية، وهي أكبر محطة تعمل بالطاقة الشمسية في العالم بأقل التكاليف للمساهمة في دعم الاقتصاد الوطني تقع في مدينة الخفجي بطاقة تبلغ 30 ألف متر مكعب في اليوم كمرحلة أولى من المبادرة والتي يتوقع الانتهاء منها خلال عام 2013 ومن ثم تعميمها على بقية المحطات الأخرى لتوفير استهلاك الوقود الأحفوري بنسبة 65 في المائة الذي يمثل دخلاً رئيسياً للأجيال القادمة.

لذلك يجب النظر في تزايد استهلاك الطاقة في السعودية من خلال تطبيق سياسات كفاءة الطاقة باعتبارها الضابط الأساسي لمعدلات استهلاك الطاقة مع توفير بدائل عديدة خصوصاً من البدائل المتجددة التي تحافظ على البيئة. كما أن المستويات العالمية لكفاءة الطاقة لا تقاس بالأرقام بينما ترتبط مباشرة بالناتج القومي للدولة بالإضافة إلى وجود العديد من القطاعات التي توفر الطاقة بأسعار منخفضة بدلاً من الاعتماد على مصدر وحيد في الاستهلاك مثلما تعتمد الدولة على مصدر وحيد للدخل فتتكرر الأزمة حتى في استهلاك الطاقة بسبب سوء التخطيط وغياب رؤية اقتصادية واضحة.

 

مقالات لنفس الكاتب