; logged out
الرئيسية / في حوار مع وزير الكهرباء والماء في مملكة البحرين الشيخ عبدالله بن سلمان آل خليفة:

في حوار مع وزير الكهرباء والماء في مملكة البحرين الشيخ عبدالله بن سلمان آل خليفة:

السبت، 01 تموز/يوليو 2006

دراسة لربط دول مجلس التعاون مائياً
استهلاك الفرد للماء في البحرين من أعلى المعدلات العالمية
مملكة البحرين من الدول الواقعة تحت خط الفقر المائي
متوقع وصول الاستهلاك هذا العام إلى 109 ملايين جالون مقارنة مع 96 مليوناً في 2005
خزان الدمام أهم مصدر لمياه الشرب والزراعة بدول مجلس التعاون
خططنا تهدف إلى الحفاظ على المياه الطبيعية الجوفية بتقليل الاعتماد عليها
نقوم بإجراء فحوصات مستمرة للتأكد من سلامة المياه صحياً
أجرى الحوار: أحمد المرشد
الأمن المائي.. حرب المياه.. وغيرها من المصطلحات الحديثة التي برزت بقوة في الآونة الأخيرة تؤكد أهمية المياه في حياة البشر فقد أدرك العلماء وعامة البشر أهمية الماء ودوره في الحياة فشرعوا يبحثون مشفقين وحريصين على هذه الثروة الغالية فانعقدت المؤتمرات وجرت البحوث والدراسات العلمية المعمقة من أجل الحفاظ عليه.
وتعتبر منطقة الخليج من المناطق التي تندر فيها مصبات المياه، وبالتالي تكاد تنعدم فيها الأنهار. وإذا نظرنا إلى مملكة البحرين نجدها تقع ضمن هذه المنظومة التي تعاني من عدم وجود منابع للمياه لذلك لجأت إلى المياه الجوفية (السطحية) وإلى تكرير مياه البحر لتغطية احتياجات السكان في المملكة من مياه الشرب.
ولكن عندما نسمع بحرب المياه نذهب بتفكيرنا إلى أن العالم يمكن أن يواجه مشكلة في المياه هذا من ناحية عامة، ومن ناحية خاصة نجد أنفسنا نتساءل هل مستقبلاً ستواجه المملكة مشكلة في المياه؟ وهل المياه المكررة تستوفي كل المواصفات الصحية؟ وما هي خطط وزارة المياه والكهرباء للمستقبل؟ وما هي نسبة الإنتاج إلى الاستهلاك؟ أسئلة كثيرة تطل على الواقع طرحناها على وزير الكهرباء والماء بمملكة البحرين الشيخ عبدالله بن سلمان آل خليفة.
* كيف يتم التغلب على مشكلة افتقار مملكة البحرين إلى المصادر الطبيعية للمياه العذبة؟
-تعتبر مملكة البحرين ضمن الدول الواقعة تحت خط الفقر المائي وذلك لافتقارها للمياه المتجددة والمياه السطحية (أنهار وندرة الأمطار)، إضافة إلى موقعها الجغرافي ضمن المنطقة الجافة في العالم والتي تزيد فيها معدلات التبخر عن معدلات الهطول السنوي. في السابق كانت المملكة تزخر بالمياه الجوفية الطبيعية العذبة حيث تنتشر فيها العيون والينابيع، وكان الاعتماد على هذه المياه اعتماداً كلياً سواء للاستخدامات الزراعية أو المنزلية أو الصناعية. ومع بداية النصف الثاني من القرن المنصرم أخذت هذه المياه في التدهور التدريجي والمتسارع كماً ونوعاً، حيث ازدادت ملوحتها وانخفض مستواها وجفّت معظم العيون وأغلقت أكثر الآبار الطبيعية والارتوازية لارتفاع نسبة ملوحتها أو نضوبها.
وتعويضاً لهذا النقص من جهة ولمواجهة الطلب المتنامي على المياه المنزلية من جهة أخرى، اتجهت حكومة البحرين مع بداية الربع الأخير من القرن الماضي إلى المصادر البديلة غير التقليدية التي من أهمها تحلية مياه البحر أو المياه الجوفية العميقة شديدة الملوحة للحصول على مياه عذبة بعد تحليتها وذلك للاستخدامات المنزلية والبلدية وكذلك التقليل من الاعتماد على المياه الجوفية بغرض الحد من تدهورها والحفاظ عليها وخاصة المياه المستخرجة من خزان الدمام (أو ما نسميه طبقة أ و ب). كما شرعت حكومة مملكة البحرين بالتوسع في استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة في الزراعة والري حفاظاً على المياه الجوفية، علماً بأن نصيب الزراعة من المياه الجوفية يعادل 70 في المائة من مجمل استخدامات المياه.
*ما هو حجم المخزون الطبيعي من المياه الجوفية في مملكة البحرين. وفي أي المناطق توجد هذه المياه الجوفية؟
-توجد المياه الجوفية في دول مجلس التعاون في طبقات مختلفة وأهمها خزان الدمام (طبقة أ و ب) والتي تعتبر أهم مصدر للمياه المستخدمة في أغراض الشرب والزراعة، حيث تتراوح كمية الأملاح الذائبة فيها بين 2400 و 4800 جزء في المليون، وتستخدم المملكة أكثر من 75 في المائة من احتياجاتها من المياه الجوفية (لأغراض خلط المياه المحلاة والزراعة) من هذا الخزان.
ويمتد خزان الدمام في معظم دول مجلس التعاون، ونظراً لكبر مساحته فإنه من الصعوبة تحديد حجمه ولكن يمكن القول إن الاستنزاف الآمن لهذا الخزان في مملكة البحرين هو في حدود 112 مليون متر مكعب في السنة.
أما الخزان الثاني من حيث الأهمية هو خزان الرس – أم الرضمة وأهم طبقاته أم الرضمة (طبقة ج) وهذه الطبقة تحتوي على مياه شديدة الملوحة، حيث تتراوح نسبة الملوحة فيها بين 7000 و 15000 جزء في المليون، كما تحتوي مياه طبقة أم الرضمة على نسبة من غاز ثاني كبريتيد الهيدروجين.
وتستغل هذه الطبقة في مملكة البحرين بصورة رئيسية للأغراض الصناعية بعد تحليتها وتنقيتها كما أنها تستخدم كمياه تغذية لمحطة رأس أبو جرجور لتحلية المياه الجوفية.
*كم يبلغ حجم المياه المستخرجة من محطات تنقية مياه البحر؟
-تستخدم وزارة الكهرباء والماء مصدرين طبيعيين لتغذية محطات التحلية، الأول والمهم هو مياه البحر، والآخر المياه الجوفية شديدة الملوحة من طبقة أم الرضمة، كما أنها تستخدم أسلوبين مختلفين لتحلية تلك المياه، الأول التقطير (استخدام الحرارة) والثاني التناضح العكسي. وتقتصر طريقة التقطير على مياه البحر، أما التناضح العكسي فيستخدم في تحلية كلا المصدرين.
وتبلغ السعة الإجمالية (السعة التركيبية) الحالية لمحطات التحلية حوالي 75 مليون جالون إمبراطوري في اليوم كما تقوم الوزارة بشراء مياه منتجة من شركة ألمنيوم البحرين (آلياً) في حدود 7 ملايين جالون إمبراطوري في اليوم.
*كم يبلغ حجم الاستهلاك الحقيقي للمملكة من مياه الشرب؟ وما هي نسبة الاستهلاك الحقيقي مقارنة مع عدد السكان؟
- بلغ متوسط معدل حجم الاستهلاك لمياه الشرب (المياه المنزلية أو البلدية) في عام 2005 حوالي 96 مليون جالون في اليوم، بينما بلغ أعلى حجم للاستهلاك لنفس العام 103 ملايين جالون، ومن المتوقع أن يصل أعلى حجم للاستهلاك لعام 2006 حوالي 109 ملايين جالون. أما بالنسبة إلى استهلاك المياه بالنسبة للفرد في مملكة البحرين فهو في حدود 125 جالوناً في اليوم وهو يعد ضمن أعلى معدلات استهلاك المياه بالنسبة للفرد في العالم.
*ما هي خطط وبرامج الوزارة للحفاظ على مصادر المياه وزيادة حجمها في المملكة؟
-خطط وبرامج حكومة مملكة البحرين تهدف إلى الحفاظ على المياه الطبيعية الجوفية وذلك بالتقليل من الاعتماد عليها سواء في أعمال خلط المياه المحلاة أو في الزراعة والصناعة، وهناك عدة سبل تقوم الحكومة بتنفيذها ويمكن تلخيصها كالآتي:
1-زيادة حجم إنتاج كميات مياه البحر المحلاة وذلك بتطوير ورفع كفاءة المحطات القائمة إضافة إلى إنشاء محطات تحلية جديدة.
2-التقليل ومن ثم التوقف نهائياً عن استخدام المياه المنزلية (المخلوطة) أو الجوفية لأغراض الزراعة والري وذلك بالتوسع في استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة في أغراض الزراعة والصناعة.
3-العمل على خفض حجم الاستهلاك لمياه الشرب والمياه المنزلية، وذلك عن طريق التوعية والترشيد للمواطنين والمقيمين من جهة واستخدام سياسة موازنة الطلب بالمياه المتوافرة (إدارة الطلب على المياه) من جهة أخرى.
4-العمل على خفض الفاقد من المياه في شبكات المياه وذلك من خلال الكشف المبكر عن التسربات، واستبدال شبكات توزيع المياه القديمة بأخرى ذات جودة وكفاءة عالية، استبدال عدادات المياه التقليدية الميكانيكية بأخرى إلكترونية ذات كفاءة ودقة عالية ومراقبة توصيلات المياه غير القانونية.
5-إصدار وتفعيل التشريعات القانونية ومن أهمها قانون الكهرباء والماء وقانون التسليكات الداخلية.
*إلى أي مدى تخضع هذه المياه سواء المياه الجوفية أو مياه التحلية إلى المواصفات الصحية لضمان عدم انتقال الأمراض الناتجة عن المياه إلى المواطن؟
-إن المياه المنتجة أو المياه المخلوطة تخضع إلى المراقبة البكترولوجية والكيميائية الدائمة. هناك فحوصات مستمرة وأخرى دورية تجرى على هذه المياه وذلك للتأكد من سلامتها، كما تقوم كل من وزارة الكهرباء والماء ووزارة الصحة بأخذ عينات عشوائية من جميع مناطق شبكات التوزيع أو البيوت للتأكد من سلامة المياه فيها.*هناك من يقول إننا نفتقد ثقافة استهلاك المياه.. ما رأيك؟ وما هي خططكم الإعلامية والإرشادية لإيجاد نوع من التوعية في التعامل الحضاري مع مياه الشرب وعدم التبذير في استعمالها؟
-ربما يكون لهذا القول جانب من الصحة، ولكني على ثقة تامة بأن شعب مملكة البحرين على دراية ووعي تامين بما يجري لهذه الثروة الوطنية من تدهور وما تواجهه الحكومة والوزارة من تحديات ومعضلات وما تقوم به من خطط ومشاريع للحفاظ على تلك الثروة وما يمليه الوازع الديني والواجب الوطني للمساهمة في الحفاظ على الثروة المائية والحد من الإسراف فيها. فثقافتنا الإسلامية وأخلاقنا العربية تدعونا إلى الحد من الإسراف في استهلاك المياه، والقرآن الكريم يحثنا في أكثر من آية على عدم الإسراف في استخدام المياه ويأمرنا بالحفاظ عليها. وأستطيع أن أقول إننا استطعنا تقليل الاستهلاك بالنسبة للفرد من معدلاته السابقة التي تفوق 150 جالوناً في اليوم إلى حوالي 125 جالوناً، ومازلنا نعمل جاهدين للوصول بتلك المعدلات إلى ما دون 100 جالون، ولا يتحقق هذا إلا بالتعاون التام من المواطنين والمقيمين.
إن لدى الوزارة برامج وخططاً وفعاليات عديدة لنشر ثقافة ووعي ترشيد استهلاك المياه وذلك من خلال إصدار المطويات، وإقامة المعارض والفعاليات، والاهتمام بالنشء، وذلك بإدخال ثقافة الترشيد وغرس المعرفة لديهم حول أهمية الثروة المائية والحفاظ عليها وتعويدهم منذ الصغر على ممارسة السلوكيات الحسنة في استخدام المياه من خلال التعاون مع وزارة التربية والتعليم وذلك بتضمين مواضيع الترشيد في الكتب والمناهج الدراسية لمختلف مراحل التعليم ومراجعة وتحديث تلك المواضيع دورياً، وعقد الندوات وإقامة الورش المدرسية لمشرفي ومشرفات جمعيات الترشيد بالمدارس، والتنسيق مع دول مجلس التعاون الأخرى بإقامة أسبوع المياه العالمي سنوياً، وأخيراً إجراء الدراسات التطبيقية والبحوث العلمية مع الجامعات والمعاهد المتخصصة في المملكة.
*ما مدى التعاون بين دول الخليج العربية في مجال البحث والتنقيب عن مصادر المياه العذبة؟ وهل ناقش مجلس التعاون مشكلة المياه في دول الخليج؟ وما هي النتائج والتوصيات التي خرج بها؟
- هناك تعاون وتنسيق بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون في مجال التنمية والحفاظ على مصادر ومرافق المياه، حيث توجد لجنة التعاون المائي في المجلس التي تضم في عضويتها وزراء المياه المعنيين في الدول الأعضاء والتي من مهامها اقتراح السياسات المائية المشتركة وتنفيذها بعد إقرارها من لدن أصحاب السمو والجلالة والمعالي رؤساء وملوك الدول الأعضاء، كما تنبثق من هذه اللجنة لجان فرعية وفرق عمل متخصصة في مختلف مجالات المياه.
إن مشكلة المياه في دول الخليج العربية هي محل اهتمام أصحاب الجلالة والسمو رؤساء وملوك الدول الأعضاء واهتمام ومتابعة الوزراء المعنيين. ومن أهم نتائج هذا التعاون على سبيل المثال إنجاز الدراسة الأولية لربط دول أعضاء المجلس مائياً وإصدار القوانين والأنظمة للمحافظة على المياه التقليدية وغير التقليدية، والتعاون في مجال ترشيد المياه وتوحيد المواصفات للأجهزة المائية، كما توجد هناك خطط لعمل مسوحات لمكامن المياه الجوفية المشتركة، والاستفادة من المياه السطحية المشتركة، وعمل دراسة لجدوى توطين صناعة التحلية ومشاركة القطاع الخاص.
*هناك عدد من الدول العربية لديها مصادر مياه طبيعية متعددة من أنهار وبحيرات، هل هناك أي نوع من التعاون بينكم وبين هذه الدول؟
- كما هو معلوم فإن معظم الدول العربية تفتقر إلى مصادر المياه المتجددة وخاصة دول مجلس التعاون، ويكاد التعاون بيننا وبين الدول العربية يكون محصوراً في النواحي الفنية وبشكل محدود، أما بالنسبة لدول مجلس التعاون فهناك اهتمام مشترك بهموم المياه سواء كانت التقليدية أو غير التقليدية، كما أن هناك تعاوناً وثيقاً كما بيّنا سابقاً.
* هل لديكم أي فكرة لاستيراد المياه العذبة من الدول العربية التي تمتلك مصادر متعددة من المياه العذبة في المستقبل القريب أو البعيد؟
- لا، ليست لدينا فكرة لاستيراد المياه العذبة من الدول العربية، وبالمناسبة فإن جل إن لم يكن كل الدول العربية تعاني من شح المياه العذبة. كما أن عملية نقل هذه المياه مكلفة جداً وتحتاج إلى سعة تخزينية كبيرة جداً. وكما سبق أن بينت في السؤال السابق فإن هناك دراسة لربط دول الخليج مائياً وذلك بإنشاء محطات لتحلية مياه البحر في بعض المناطق الحدودية بين الدول الأعضاء ونقل المياه المنتجة عبر شبكات إلى جميع الدول الأعضاء وهذه الدراسة الأولية قيد البحث والدراسة.

مجلة آراء حول الخليج