; logged out
الرئيسية / خريطة الحرب في اليمن

العدد 97

خريطة الحرب في اليمن

الأربعاء، 01 تموز/يوليو 2015

لا يمكن القبول بغير أمور واضحة تجاه الأزمة اليمنية، بوضوح القرارات تحت الفصل السابع، مخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية كمرجعيات متفق عليها من كل القوى السياسية والإقليمية والدولية. وبالتالي فإن أي خروج عن هذه الثوابت سيعقد المشهد في جنوب الجزيرة العربية . وفي تقديرنا سيدفع باستمرار حملة التحالف العربي الجوية لإخراج اليمن من أزمته الحالية. ولابد أن نشير اولا الى ان القوات المشتبكة هي نتاج ثقافات عسكرية متضادة فالحوثيين وقوات صالح وحدات عسكرية بمهارة الحروب الأهلية. وكانت إلى وقت قريب تعاني من ضعف تسليحي نوعي في قتالها ضد قوات التحالف العربي التي تقترب من المستويات الغربية تكنلوجيا وفعالية حيث التركيز على التكنلوجيا والابتكار التكتيكي والمناورة وضربات العمق المركزة. كما أن لها ثقافة عسكرية تشكلت من حرب تحرير الكويت العنيفة ومن المشاركات في ليبيا والعراق وسوريا ضد داعش.

انهيار المنظومة العسكرية للحوثة/صالح
رغم مضي ما يقارب ثلاثة أشهر من القصف الجوي المتواصل إلا أن هناك من يرى أن تغيير ميزان القوى في اليمن ليس قريبا فرغم تدمير معظم الأسلحة الثقيلة للحوثة وصالح إلا أن مقاتليهم يسيطرون على أغلب الجزء الغربي ذي الكثافة السكانية العالية من اليمن ومازالوا يشنون هجمات مضادة بالمورتر أو الصواريخ . وفي تقديرنا إن إنهاء الصراع لصالح عودة الشرعية وكسر شوكة تحالف الحوثي /صالح تتطلب شن عمليات داخل وخارج مسرح العمليات وتشمل أمور منها:

الأول: تكبدهم خسائر كبيرة في العتاد والعناصر البشرية
باستمرار تنفيذ القوات العربية لمهامها العسكرية، ودعم الجماعات المحلية والقبائل اليمنية لتقليص قوة الحوثة. بالإضافة إلى دفعهم بعيدا عن الحدود السعودية لإفشال نجاحاتهم الإعلامية مثل استخدام القوات البرية السعودية الراجمات المدفعية وقذائف الهاون لضرب الأهداف المعادية وتدمرها بالكامل .فالعدو تحت قصف نار التحالف العربي البري والجوي والبحري، وهجمات اللجان الشعبية، وحتى تنظيم القاعدة الذي يخدم التحالف مرحليا في ضرب الحوثة وصالح في جنوبي اليمن .



ثانيًا: إيقاف الدعم العسكري والمادي إليهم
لقد توقفت روسيا بعد عملية عاصفة الحزم عن إرسال طائراتها وسفنها إلى اليمن محملة بالطائرات والذخائر دعما للحوثيين وصالح. لكنها لن تتوقف عن بيع هذه التجهيزات العسكرية لجهات أخرى تتكفل بإيصالها لليمن. أما طهران فهي أكثر وضوحا في عنادها للوصول بالسلاح والمدد للحوثيين. وعلى قوات التحالف العربي وضع خطوط حمراء حول اليمن تسقط الطائرات التي تتجاوزها دون إذن من التحالف، وتغرق كل سفينة تحاول إنزال أسلحة لمختطفي الشرعية.

الثالث: حدوث تأليب دولي ضدهم.
لقد كان من المفترض ان يمثل قرار الأمم المتحدة 2216 دافعا واضحا للمجتمع للتدخل لإخراج الحوثيين من صنعاء وتسليم أسلحتهم وعودة الشرعية. خصوصا أن الدول التي تملك حق النقض في مجلس الأمن لم تعترض على صدور القرار. لكن واقع المصالح الدولية فرض أمرا آخرا مخالفا. فقد أعلنت واشنطن مرارا أولوية محاربة تنظيم القاعدة هناك، والقاعدة عدو مشترك لواشنطن والحوثيين وقوات صالح. بل أن واشنطن تستقي معلومات استخبارية حول القاعدة من الحوثيين. وهذا ما جعل البيت الابيض يرفض استخدام كلمة "انقلاب" كوصف للإطاحة بالرئيس عبد ربه منصور هادي. ورغم أن مرافعة واشنطن سطحيّة على الصعيد الاستراتيجي وحتى تغير واشنطن ومن يتبعها من نظرتهم للأمور سيبقى هناك حيز للمناورة للحوثة وصالح .

المشهد في معسكر الحوثة/ صالح

لم ينتظر صانع القرار العسكري في قوات التحالف العربي النصر السريع وتصدع معسكر العدو جراء نقص السلاح؛ وخيرا فعل، فمن ينظر مليا في مخزونهم من السلاح يصل إلى قناعة أن الاجراء المطلوب هو استمرار القصف الجوي قبل الدخول في شكل من أشكال العمليات الأخرى. فالقوة التسليحية للحوثيين والمكونة حاليا من عدد كبير من الأسلحة المتوسطة والثقيلة، كعشرات الدبابات والمدافع ومئات العربات المدرعة أتت من مصادر عدة يصعب حصرها لكن أهمها:

-أسلحة مخازن الجيش اليمني بتواطؤ من صالح

تعرف الحوثة على السلاح بوفرة أول مرة جراء انتزاعه من أيدي رجال صالح إبان الحروب الحوثية في العقد الماضي، فخلال الحروب السابقة استحوذوا على كمية من الأسلحة المتوسطة والثقيلة، والمدافع والعربات المدرعة.وبعد سقوط صنعاء فى سبتمبر 2014م، وتحالفهم مع قوات صالح استولوا كذلك على مخازن الأسلحة التابعة للجيش اليمنى ومنها العتاد الحربي لمعسكر الفرقة الأولى مدرع وقوات من الحرس الرئاسى. أما نقطة التحول في تاريخ تسلح الحوثيين فشكلها سقوط محافظة عمران مما منح الحوثيين دفعة معنوية قوية ورفع من تسلحهم بشكل كبير، خاصة بعد الاستيلاء على مختلف الأسلحة التابعة للواء الـ 31 المرابط في عمران. كما رفع القدرات التسليحية للحوثيين استيلاؤهم على ألوية الصواريخ ومخازن الأسلحة في صنعاء والجبال المحيطة بها. ثم تقدموا نحو البيضاء وإب، ومن هناك أضافوا إلى ترسانتهم مخازن أسلحة من معسكرات الحرس الجمهوري في ذمار وألوية في يريم والضالع. فأصبح نحو 70% من إمكانات الجيش اليمني تحت تصرف الحوثيين، خاصة بعد سيطرتهم على القوات الجوية، والبحرية حيث بادرت قوات التحالف بقطع الإمداد البحري ومنع أي عمليات تهريب للسلاح إلى الميليشيات الحوثية .



-غنائم الحرب من الأسلحة جراء سقوط الدولة
استولى الحوثيون بعد احتلال عمران وهزيمة قبيلة آل الأحمر على كل الأسلحة التابعة للواء 31 ومثلها عندما احتلوا محافظات البيضاء وإب والضالع خاصة تلك التى تتبع معسكرات الحرس الجمهورى الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادى . كما تمكنوا من السيطرة على ألوية الصواريخ ومخازن الأسلحة فى صنعاء والجبال المحيطة بها، في يناير 2015 م، بعد حصار الدار الرئاسية في صنعاء. واستطاعوا السيطرة تماما على كافة أسلحة وصواريخ وطائرات القوات الجوية اليمنية والمتواجدة في ثلاث قواعد عسكرية رئيسية فى صنعاء وتعز والحديدة قبل الزحف جنوبا والوصول لقاعدة العند القريبة من محافظة عدن. وفى فبراير 2015 م، استولت جماعة الحوثي على ثلاث طائرات من طراز سوخوي ضمن شحنة أسلحة كانت قد وصلت إلى ميناء الحديدة.

-السلاح الإيراني
لقد امعنت إيران في مد حلفائها الحوثيين بمختلف أشكال الدعم خصوصا العسكري منه، متجاهلة بذلك مطالبات إقليمية ودولية بإعادة اليمن إلى وضع الشرعية وإنهاء فوضى الانقلاب الحوثي. فقد تلقوا دعما من إيران عبر 28 رحلة طيران أسبوعيا حملت معها كميات مهولة من الأسلحة. كما أمدتهم بعشرات الأسلحة المتطورة عن طريق البحر، منها ترسانة كاملة تحملها مجموعة مقاتلة سمت نفسها “كتائب الحسين”. كما أمدتهم بعدد من الصواريخ المتقدمة محلية الصنع من طراز "شهاب" و"فجر"، ما جعلهم قوة عسكرية كبيرة، وفي تقديرنا أن التهديد الأكبر سيكون لو نجحت طهران في تهريب عربة واحدة من نظام S300 الروسي الذي سيصل إيران،و حينها ستنتهي حالة التفوق الجوي للتحالف العربي.

-الاسلحة الروسية
أمدت روسيا الحوثة بالكثير من المنظومات الدفاعية ومن ذلك سام 300 والمتخصصة فى صد الضربات الجوية والصاروخية.وقبل عاصفة الحسم في 26 مارس 2015م لم تتوقف السفن الروسية من الرسو في الحديدة محملة بشحنات كبيرة من الأسلحة الروسية المتعلقة بالطيران والقوات الجوية كالذخائر والقنابل وصواريخ مضادة للطيران وصواريخ للطائرات . كما سلحت روسيا الحوثة بصواريخ "غراد" التي هاجمت بها المناطق الحدودية السعودية قبل أن تنجح عمليات الاستطلاع التي تقوم بها قوات التحالف لمخابئ الأسلحة والذخائر ومن ثم استهدافها وتدميرها . كما أثبتت معلومات وعمليات رصد تحريك بعض الصواريخ من نوع سكود وصواريخ يعتقد أن بعضها حرارية، وهي من منشأ روسي حيث يحتفظ الحوثة بمخزون كبير من هذه الصواريخ في مناطق متعددة محيطة بصنعاء، كمقر القيادة العامة للقوات المسلحة، ومعسكرات النقل وسلاح الصيانة في مجمع 22 مايوا التابع لوزارة الدفاع ومعسكرات في جبل «فج عطان» و«النهدين» .

تقييم الأضرار على خريطة غارات التحالف العربي
"Damage assessment"
أهداف غارات التحالف في اليمن

تنقسم أهداف العمليات الجوية للتحالف العربي إلى قسمين:

القسم الأول: دعم المقاومة الشعبية، حيث تغير طائرات التحالف على مواقع الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع صالح في عدد من المحافظات، دعما للمقاومة الشعبية والقوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، وقد أسهمت هذه الضربات، إلى حد كبير، في مساعدة المقاومة الشعبية التي كبدت القوات المهاجمة خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات ودحرتهم. حيث تمكنت لجان المقاومة الشعبية الموالية للرئيس اليمني هادي من تحقيق انتصارات في " تبة البس" الاستراتيجية وفي معركة كابوتا والتقنية .وقد حققت الضربات الجوية نتائج إيجابية على مستوى تدمير القدرات العسكرية النظامية للحوثيين و صالح، وجعلت العدو يقدم على نقل كميات كبيرة من الأسلحة من مخازنه إلى مناطق آهلة بالسكان .ولعل من المؤشرات على ضعف الحوثة وقوات صالح جنوحهم إلى المجازر بعد اقتحام مدينة تعز رغم أنها مسالمة مقارنة بالمناطق القبلية المسلحة في الشمال كما انها عديمة الخبرة العسكرية .لكن محدودية الآليات والمعدات العسكرية لدى المقاومين فيها حالت دون أن يحقق المغيرون مكاسب على الأرض سوى القتل العشوائي والدمار الشامل للمساكن.

القسم الثاني: يركز على الأهداف العسكرية المباشرة وأماكن وجود وتخزين الأسلحة والذخائر.وضمن الأهداف العسكرية المباشرة لقوات التحالف:
-محافظة صعدة: وتشكل المعقل الرئيسي لجماعة الحوثي. ولعل مصدر القوة الأبرز للحوثة النفس الطويل، واستعدادهم للعيش في ظل ظروف صعبة ونقل صواريخهم و اسلحتهم على ظهور الحمير والبغال لقصف جازان ونجران بالصواريخ لتعطيل الحياة في أهم مدينتين سعوديتين في الجنوب . ورغم ذلك يعاني الحوثيين من كرب شديد، فثمة مؤشرات قد تُقرأ لصالح ذلك ولعل منها خطابات حليفهم اللبناني امين حزب الله حسين نصر الله المتكررة مهاجما السعودية كاشفا عن مدى تضايق حلفاء إيران من هزيمة الحوثيين .

- محافظة الحديدة: حيث تشكل القوات البحرية أساس القوات الموالية لصالح. وقد أثبتت تقارير أن الخسائر في قوات صالح أكبر من الخسائر لدى الحوثة فالخسائر في معظمها وقعت في صفوف القوات الموالية لصالح ومخازن أسلحتها، .وتشترك قوات الحوثة وحليفهم صالح في عدم وجود انظمة دفاع جوي تحميهم ويعود السبب الرئيسي في اختفاء صواريخ سام إلى أن الرئيس هادي قام بتفكيك منظومة الدفاع الجوي وتدميرها وغيرها من الأسلحة الاستراتيجية . بل إن مخازن الأسلحة التي دمرت كانت قد نفذتها شركة كورية على مدى 15 عاما مستمرة لكن ضعف حمايتها جعلها هدف يسهل التركيز عليه .لقد دمرت قوات التحالف العربي وفي وقت قياسي ما يزيد عن 70 % من قدرات الحوثة التي استولوا عليها من الجيش اليمني كما أن طائرات التحالف منعتهم من الحصول على أي إمداد خارجي بالسلاح وخصوصا عن طريق البحر .

أخيرا

يقابل قوات التحالف العربي ثلاث قوى هم الحوثيين والجيش النظامي السابق للمخلوع علي عبد الله صالح والإيرانيون وحتى تنهار المنظومة العسكرية للحوثة وصالح يجب كسر شوكة تحالفهما ويتطلب ذلك شن عمليات داخل وخارج مسرح العمليات وتشمل أمور عدة منها تكبيدهم خسائر كبيرة في العتاد والعناصر البشرية. أو إيقاف الدعم العسكري والمادي إليهم. أو حدوث تأليب دولي ضدهم، أو جميعها. ويظهر في المشهد أن القوة التسليحية للحوثيين أتت من مصادر عدة منها أسلحة مخازن الجيش اليمني بتواطؤ من صالح. وغنائم الحرب من الأسلحة جراء سقوط الدولة. والسلاح الإيراني والروسي. لكن تقييم الأضرار على خريطة غارات التحالف العربي على الحوثيين وقوات صالح يظهر أن هناك أهداف لغارات التحالف في اليمن، حيث تنقسم اهداف العمليات الجوية للتحالف العربي إلى قسمين: دعم المقاومة الشعبية، والقسم الثاني: يركز على الأهداف العسكرية المباشرة وأماكن وجود وتخزين الأسلحة والذخائر.وضمن الأهداف العسكرية المباشرة لقوات التحالف: محافظة صعدة: وتشكل المعقل الرئيسي لجماعة الحوثي. ومحافظة الحديدة: حيث تشكل القوات البحرية أساس القوات الموالية لصالح. وتشترك قوات الحوثة وحليفهم صالح في عدم وجود أنظمة دفاع جوي تحميهم فدمرت قوات التحالف العربي وفي وقت قياسي ما يزيد عن 70 % من قدرات الحوثيين التي استولوا عليها من الجيش اليمني بل أن طائرات التحالف منعتهم من الحصول على أي إمداد خارجي بالسلاح عن طريق الجو والبحر.

 

مقالات لنفس الكاتب