; logged out
الرئيسية / الأزمة السورية: حرب بلا نهاية وأفق سياسي مأزوم

العدد 98

الأزمة السورية: حرب بلا نهاية وأفق سياسي مأزوم

السبت، 01 آب/أغسطس 2015

على مدى ستين عامًا (1955- 2015)، أكمل التاريخ دورته بشأن وضع سوريا الإقليمي. فقد انتقلت من كونها "ساحة" للصراع الإقليمي وتنافس مصر والعراق وتركيا على بسط نفوذها فيها، إلى قيامها بدور فاعل ونشط ومؤثر في فترة حكم الرئيس حافظ الأسد والذي جعل سوريا لاعبًا إقليميًا مهمًا في حقبتي السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، ثم عادت مرة أخرى منذ مارس 2011 إلى وضعها الأول كساحة للصراع وكموضوع للتنافس الدولي والإقليمي.

وتهدف هذه الورقة إلى عرض السمات المتميزة للحرب الدائرة في سوريا على مدى السنوات الأربع الأخيرة والتي تجعلها عصية على الحسم العسكري أو الحل السياسي، كما تدرس فرص الوصول إلى حل سلمى مع إشارة إلى أهم عناصره وعرض لوجهة النظر الرسمية المصرية في هذا الشأن.

1. التفتت التنظيمي والفكري للمعارضة

على منوال المقاومة الفلسطينية، تتسم المعارضة السورية بتعدد التنظيمات، وتنوع مشاربها السياسية والمذهبية، واختلاف مصادر تمويلها المالي ودعمها العسكري وتأييدها السياسي. وهو ما أدى إلى بروز أنماط مختلفة من التنافسات والصراعات فيما بينها. فتنظيمات المعارضة السورية تنقسم إلى مدنية ودينية، وتنقسم كل فئة بدورها إلى عديد من الجماعات والميليشيات.

فعلى جانب المعارضة المدنية، يبرز دور الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، والحكومة المؤقتة، وهيأة التنسيق الوطني في المهجر، والجبهة الشعبية للتغيير السلمي، فضلاً عن الجيش الحر والأحزاب الكردية المشاركة في المعارضة وأبرزها الهيأة الكردية العليا.

وعلى جانب المعارضة الجهادية الدينية، يبرز دور جبهة النصرة لأهل الشام ذات الصلة بتنظيم القاعدة، وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام ( داعش). إضافة إلى جيش الإسلام، وجيش الصحابة، وجيش المجاهدين، وجيش الفتح، والجبهة الإسلامية، وكتيبة أبي عبيدة الجراح، وغيرها من الميليشيات الجهادية.

2. عولمة الحرب: التجاذبات الدولية والإقليمية

لم يكن هذا التفتت التنظيمي تعبيرًا عن انقسامات محلية بقدر ما كان تمثيلاً للصراع والتنافس بين مصالح أطراف دولية وإقليمية سعى كل منها - لأسباب مختلفة - لإسقاط النظام الحاكم، ووفرت الدعم العسكري والسياسي لهذه التنظيمات لتحقيق هذا الهدف. وفي مواجهة ذلك، ظهرت أطراف إقليمية ودولية تتمثل مصالحها في الحفاظ على النظام الحاكم واستمراره.

فتقف الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي عمومًا في صف إسقاط النظام، وقدمت السلاح والمال والتدريب لدعم قدرات تنظيمات المعارضة. وفي هذا السياق، يتسم الموقف التركي بخصوصية، وذلك بسبب كون تركيا دولة جوار مباشر، وأنها الدولة التي تستضيف أكبر عدد من اللاجئين السوريين، فضلاً عن مخاوفها من استغلال أكراد سوريا الموقف الراهن لدعم كيانهم الذاتي مما يمثل تشجيعًا للاتجاهات المماثلة في صفوف أكراد تركيا. وبالفعل فإن الانتصارات الكردية في شمال سوريا ضد داعش دفعت الدولة التركية في نهاية يونيو 2015 إلى بحث استخدام القوة المسلحة لإنشاء منطقة آمنة في سوريا على طول الحدود بين البلدين، ووافق كل من البرلمان التركي ومجلس الأمن القومي على حق أنقرة في التصرف المنفرد إذا ما تعرض الأمن القومي التركي للخطر في هذه المنطقة. كما أعلنت أنقرة في نفس الفترة عن عزمها تدريب عناصر من جبهة النصرة باعتبارها أكثر اعتدالاً مقارنة بداعش، وذلك بموافقة وتنسيق مع الولايات المتحدة.

مصر مع الحل السلمي لصالح كل الأطراف وإقامة دولة مدنية موحدة ونظام جديد

وعلى الجانب الأخر، التزمت روسيا وإيران بدعم النظام الحاكم وضمان استمراره، وشاركت قوات من حزب الله اللبناني في القتال في صف النظام، وتزداد هذه المشاركة عندما يتعرض الجيش لهزائم من المعارضة، كما شاركت عناصر من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في القتال بأدوار تدريبية وتخطيطية، وشاركت الميليشيات العراقية الشيعية في دعم النظام حتى منتصف 2014 عندما سارعت بالعودة إلى بلادها بعد تدهور الوضع العسكري في العراق وسيطرة داعش على مناطق واسعة فيه، وترددت تقارير بشأن مشاركة عناصر أفغانية شيعية في القتال لصالح النظام.

وترى إيران أن استمرار النظام الحاكم في سوريا هو أمر جوهري له موقع الأولوية في استراتيجيتها الإقليمية، بحيث تعتبر العلاقة الإيرانية - السورية هي شراكة استراتيجية وليس مجرد تحالف تكتيكي. لذلك، فمن الأرجح أن يستمر الموقف الإيراني في دعم النظام السوري.

وتطورت المواقف الأمريكية والروسية تجاه الأزمة وفقًا لتوازن القوى على الأرض، وخصوصًا مع الانتصارات العسكرية لتنظيم داعش في سوريا والعراق، وبالعلاقات الثنائية بينهما بشأن موضوعات عالمية أخرى كالأزمة الأوكرانية والمفاوضات مع إيران بشأن برنامجها النووي. وتعاونت الدولتان بخصوص تدمير السلاح الكيمياوي السوري، وتغير الموقف الأمريكي أكثر من مرة بشأن مستقبل النظام الحاكم وبشار الأسد.

وعلى المستوى العربي، اتخذت جامعة الدول العربية قرارًا بتجميد عضوية النظام السوري في مجالسها، كما اتخذ مجلس التعاون لدول الخليج العربية موقفًا حاسمًا ضد النظام، وفي مؤتمر القمة العربية مارس 2013 الذي استضافته قطر جلس معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطني وقتذاك على مقعد سوريا، وفي مؤتمر القمة التالي في مارس 2014 الذي استضافته الكويت تم توجيه الدعوة إلى رئيس الائتلاف الوطني لإلقاء كلمة سوريا وتُرك مقعد سوريا شاغراً[1].

ومن مؤشرات عولمة الحرب، مشاركة عناصر أجنبية فيها سواء في صف المعارضة أو النظام. وحسب تقدير المركز الدولي لدراسات التطرف والعنف السياسي بكلية كنجز بجامعة لندن[2] ففي يونيو 2014 اشترك حوالي 12 ألف مقاتل من 81 دولة في القتال في صفوف تنظيمات وميليشيات المعارضة. وتمثل هذه المشاركة طفرة نوعية في عولمة الحروب الداخلية وفي الانتشار العابر للحدود للتنظيمات الجهادية، وذلك مقارنة بالخبرات السابقة في أفغانستان والشيشان والبوسنة والهرسك، بحيث أصبحت سوريا مركزاً للحركة الجهادية العالمية.

وجدير بالذكر، أن نبيل فهمي وزير الخارجية المصري خلال الفترة 2013- 2014 علق على هذا الحجم الهائل من التدخلات برفضه أن تكون سوريا "فريسة للتدخلات الخارجية" وذلك على هامش مشاركته في مؤتمر وزراء الخارجية العرب في سبتمبر 2013.

المعارضة السورية متعددة التنظيمات والمشارب والولاءات والتمويل والأهداف 

3. تدمير المكان والإنسان

ترتب على استمرار الحرب تكلفة مادية وبشرية هائلة، فقد أدت إلى تدمير كامل للبنية التحتية المادية والاجتماعية، وتراجع تطور مؤسسات المجتمع إلى الخلف عقودًا عديدة، وتدمير الآثار وبعض المدن التاريخية مثل "تدمر" والاعتداء على الكنائس القديمة وإجبار الأقلية المسيحية على الرحيل. وكلها خسائر لا يمكن إصلاحها بسهولة حتى مع توافر الإمكانات المادية.

وأدى استمرار الحرب إلى إلحاق أضرار جسيمة بالاقتصاد السوري وبمستوى معيشة السوريين، والتي تمثلت في ارتفاع الأسعار وزيادة مؤشرات الفقر المدقع والبطالة، وتدهور الخدمات العامة كالتعليم والصحة.

وأدى كل ما سبق إلى إجبار ما يزيد على أربعة ملايين سوري إلى اللجوء إلى دول أخرى، وذلك حسب تصريح السيد أنطونيو جوتيريس المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بيان له بتاريخ 9 يوليو 2015، ووفقًا للبيان فإن 1.4 مليون سوري لجأوا إلى تركيا، إضافة إلى عدد 7.6 مليون سوري اضطرتهم ظروف الحرب إلى النزوح من أماكن إقامتهم إلى مدن وأماكن أخرى في داخل سوريا.

4. استمرار الحرب واستعصاء الحل السياسي

يؤدي استمرار الحرب إلى آثار سلبية وخيمة على الأمن العربي وأمن الخليج، فقد أوجدت "ساحة عالمية" للصراع المسلح في قلب المنطقة العربية، والتي يمكن أن تطرح تأثيراتها السلبية على الدول العربية الأخرى.

-       فمن ناحية أولى، تجتذب أفكار التنظيمات الجهادية المتشددة أعدادًا من الشباب العربي، وتكسبهم مهارات قتالية يعودون بها إلى أوطانهم لكى يمارسوا فيها أنشطة قتالية مماثلة.

-       وهي من ناحية ثانية، توجد البيئة المناسبة لانتشار السلاح، وخصوصاً الأنماط المتقدمة منه، بين الأفراد والجماعات وانتقاله عبر الحدود.

-       ومن ناحية ثالثة، تنمي الحرب إعداد وقدرات ميليشيات عسكرية محترفة تتمثل مصالحها في استمرار القتال سواء في سوريا أو غيرها.

-       ومن ناحية رابعة، أدى تمدد نفوذ داعش وسيطرته على أراض واسعة في سوريا والعراق إلى اعتبار البلدين ساحة حرب واحدة، وجعلت من الصعب للغاية إلحاق الهزيمة بداعش في العراق في ظل استمرار ظهير له في سوريا. أضف إلى ذلك توسع نفوذ داعش عربيًا وإفريقيًا، وإعلان عدد من التنظيمات الجهادية اعترافها بدولة الخلافة وبقيادة أبى بكر البغدادي، والتزامها بتوجيهاته وقيامها بأعمال إرهابية ضد المساجد الشيعية في اليمن والسعودية والكويت وأنشطة أخرى في ليبيا ومصر وتونس.

واستخلص بعض الباحثين من هذه التطورات أن تنظيم داعش خرج عن سيطرة مؤيديه ومموليه. ولعل هذا الاعتبار هو ما دفع السيد مايكل فالون وزير الدفاع البريطاني إلى اقتراح قيام سلاح الجو البريطاني بتوجيه ضربات لداعش في سوريا أسوة بدروه في العراق، وجاءت تصريحاته التي نشرتها جريدة الجارديان البريطانية في 3 يوليو 2015 في أعقاب مصرع 30 سائحًا بريطانيًا نتيجة لعمل إرهابي خططت له داعش ونفذته في تونس.

إيران ترى قي بقاء الأسد ضرورة إقليمية وعلاقتها بدمشق شراكة إستراتيجية 

ورغم هذه التهديدات والمخاطر، فالمشكلة أننا إزاء حرب أصبح لبعض أطرافها مصلحة في استمرارها، فهي حرب لا يمكن وقفها كما لا يمكن الوصول إلى حل سياسي لها، وذلك بحكم تعدد واختلاف الأطراف والمصالح الدولية والإقليمية المنخرطة فيها، والتزامها بالاستمرار في تقديم العون العسكري والسياسي والمالي للنظام أو المعارضة. كما لا توجد مؤشرات على حدوث تغير جوهري في مواقف تلك الأطراف، وذلك بهدف الوصول إلى حل وسط.

ويرجع ذلك إلى استمرار اعتقاد كل طرف بإمكانية هزيمة الطرف الآخر في ساحة القتال والانتصار عليه، وطالما استمر هذا الاعتقاد فمن الأرجح استمرار الحرب، ويؤدي ذلك إلى استمرار الحلقة الدموية المفرغة للصراع المسلح، مع أن الأرجح هو استمرار حالة "الجمود الاستراتيجي" و"عدم الحسم" في الميدان، فلا النظام يقدر على هزيمة المعارضة عسكريًا ودحرها، ولا المعارضة المسلحة تقدر على هزيمة النظام وإسقاطه، وهذا ما تشير إليه التحقيقات الميدانية لصحفيين غربيين زاروا سوريا مؤخرًا مثل مقال روبرت فيسك في جريدة الجارديان البريطانية بتاريخ 12 يوليو 2015، ومن الأرجح أيضًا أن القوى المؤيدة للمعارضة لن تسمح بالاحتمال الأول، وأن القوي المؤيدة للنظام لن تسمح بدورها بالاحتمال الثاني.

لذلك، فشلت جميع الجهود الدولية للوصول إلى حل تفاوضي، ولم تنجح مبادرات مبعوثي الأمم المتحدة وهم كوفي أنان، والأخضر الإبراهيمي، وستيفان دي ميستورا على إقناع أطراف الصراع بحل سياسي، ووصل مؤتمري جنيف-1 في 2013 وجنيف-2 في 2014 إلى طريق مسدود. كما لم تصل المباحثات التي أجرتها موسكو مع أطراف من النظام والمعارضة إلى نتائج محددة، واستمرت اتصالات القاهرة للتنسيق بين أطراف من المعارضة للوصول إلى حل سياسي مقبول دون الأهداف المرجوة.

يرجع هذا الفشل إلى غياب الظروف الموضوعية لإنجاز الحل السياسي السلمي، فهذا الحل يغدو ممكنًا عندما يدرك أطراف الصراع عدم إمكانية هزيمة الطرف الآخر عسكريًا، أو عندما يتم إنهاك أحد الطرفين واستنزاف قدرته إلى الحد الذي يجد فيه أن تكلفة استمرار الحرب أصبحت أكبر من أي مكاسب أو فوائد متوقعة. وكنتيجة لذلك، ظلت مواقف النظام والمعارضة ثابتة ومتباعدة عن بعضها البعض، ولم تتمكن الجهود الدبلوماسية من مناقشة القضايا الجوهرية المسببة لاستمرار الصراع.

وعبّر عن ذلك المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي في تقريره عن نتائج مؤتمر جنيف-2 من "إن إجراء جولة ثالثة من المفاوضات لم يعد أمرًا ذا جدوى إلا إذا تم الاتفاق على نقطتين رئيسيتين وإجراء مفاوضات متوازية بشأنها"، وتشير النقطة الأولى إلى تشكيل هيأة الحكم الانتقالي وتحديد اختصاصاتها وتوقيتاتها، والثانية إلى موضوع الانتخابات الرئاسية بعد انقضاء ولاية الرئيس بشار الأسد، ولعل الإبراهيمي اعتقد أن ترشيح شخصية سياسية من داخل النظام - غير الأسد - تتمتع بقبول أوسع يمكن أن يكون بداية لتحريك الموضوع دبلوماسياً ودراسة النقطة الأولى بشكل أكثر جدية. وجاء قرار بشار الأسد بإعادة ترشيح نفسه ليكرس الأمر الواقع ويدعم عناصر استمرار الأزمة. فعندما أعلن قراره بالترشح لفترة ولاية جديدة في 28 أبريل 2014، لم يجد الإبراهيمي فائدة من استمرار جهوده وتقدم باستقالته في 14 مايو من نفس العام.   

عولمة الحرب في سوريا: 12ألف مقاتل من 81 دولة في صفوف الحرب السورية 

5. آفاق الحل السياسي

أيًا كان الأمر، فإن كل صراع مسلح لابد أن ينتهي ويجلس أطرافه على مائدة المفاوضات، ويساعد على الوصول إلى حل سياسي وضوح عناصر هذا الحل وشعور الأطراف - المباشرة والإقليمية والدولية - المختلفة بأنها تحمي قدرًا من مصالحها الأساسية ولا تمثل خطرًا جسيمًا على أمنها، وأنها تسهم في تحقيق الاستقرار والأمن الإقليمي.

ويمكن تحديد أهم عناصر هذا الحل من وجهة النظر الرسمية المصرية كما تبلورت في تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي وخاصة في حواره مع جريدة الشرق الأوسط في 28 فبراير 2015 وخطابه أمام مؤتمر القمة العربية في القاهرة في مارس من نفس العام فيما يلي:

أ. ضرورة الوصول إلى حل سياسي سلمي، وأن هذا "الحل لن يكون لصالح طرف واحد ولكن لكل الأطراف" أي للمعارضة وحلفائها والنظام وحلفائه.  

ب. دعم تطلعات الشعب السوري في إقامة دولة مدنية ديمقراطية، والتي تقوم على أساس مبادئ المواطنة واحترام حقوق الإنسان، وأن يتم إقامة النظام الجديد عبر مرحلة انتقالية يشترك فيها كافة مكونات المجتمع السوري، وأن يتم خلال هذه المرحلة تفكيك وحل الميليشيات العسكرية، وجمع سلاحها، وإنشاء جيش وطني، وذلك لأن وجود هذا الجيش سوف يكون الضمانة الرئيسية لوحدة الدولة، وهى العنصر التالي من الحل.  

ج. وحدة الدولة السورية، ففي ظروف انتشار الحروب الأهلية وعدم الاستقرار السياسي في المنطقة العربية فمن الضروري الحفاظ على التكامل الإقليمي ووحدة أراض الدولة السورية وعدم السماح بتفكيكها أو تقسيمها إلى دويلات، لأن ذلك سوف يكون مصدرًا للتهديد وعدم الاستقرار، خاصة في ضوء أن القوى الأكثر قدرة من الناحية العسكرية والتي سوف تسيطر على هذه الكيانات السياسية هي تنظيمات جهادية عنيفة مارست شتى صنوف البربرية البدائية ويتسم فكرها بالتطرف وإهدار الحق في الحياة، وليس القوى المعتدلة أو المدنية. وبرز هذا الإدراك في خطاب السيسي أمام مؤتمر القمة العربية عندما حدد أولويات التهديد لأمن الدول العربية في الإرهاب والتطرف الديني – الطائفي وعدم الاستقرار.

ولا يتعارض مع وحدة الدولة السورية إقرار الحقوق الثقافية للأكراد السوريين وتمتعهم في المناطق التي يشكلون فيها أغلبية عددية، ببعض اختصاصات الإدارة الذاتية وذلك في إطار التعايش مع العرب ووحدة الدولة السورية.

وإلى جانب ذلك، يمكن إضافة عنصرين آخرين هما:

د. إعادة تعمير سوريا، ففي أعقاب الصراعات المسلحة تصبح مهمة الإعمار وإعادة البناء جزءًا من الحل، ومن الأرجح أن هذه المهمة سوف تتطلب أموالاً هائلة، وسوف يكون من المنطقي أن الأطراف التي رعت الصراع المسلح بحكم توجهاتها ومصالحها أن تكون مرشحة للإسهام في إعادة بناء الاقتصاد ومؤسسات المجتمع السوري حفاظًا على هذه المصالح.

ه. الدور الإقليمي لسوريا، فمن الأهمية بمكان، أن يتضمن الحل تصورًا لدور سوريا الإقليمي سواء فيما يتصل بعلاقتها مع لبنان وإنهاء أية موضوعات عالقة تتصل بالحدود وغيرها من الموضوعات، أو فيما يتعلق بإحياء وتنشيط الدور السوري في النظام العربي وتحقيق التوازن الإقليمي.             

     

 

[1]- خلافًا لذلك، تجنبت مصر دعوة المعارضة لحضور مؤتمر القمة الذي استضافته في مارس 2015.

[2] The International Centre for the Study of Radicalization and Political Violence, Kings college, University of London

مجلة آراء حول الخليج