; logged out
الرئيسية / آراء حول الخليج تفتح ملف الانتخابات الأمريكية 2016 (1): الجمهوريون يهاجمون المسلمين .. والديموقراطيون يؤيدون الاتفاق النووي الإيراني

العدد 101

آراء حول الخليج تفتح ملف الانتخابات الأمريكية 2016 (1): الجمهوريون يهاجمون المسلمين .. والديموقراطيون يؤيدون الاتفاق النووي الإيراني

الإثنين، 02 تشرين2/نوفمبر 2015

رغم أنه مازالت تفصلنا سنة كاملة عن موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، واقتراب موسم المؤتمرات الوطنية والانتخابات التمهيدية، إلا أن بعض مؤشرات الغرابة بدأت تظهر واضحة في حملة انتخابية ليست كغيرها من الحملات السابقة. كما يبدو أن تكلفة هذه الحملة سوف تكون هي الأعلى حيث تشير التوقعات إلى أنها سوف تبلغ نحو 6 مليارات من الدولارات. وفي ظلّ خيبة أمل الناخبين من السياسيين والطبقة السياسية والإدارة،ليست هناك ـ حتى الآن ـ أسبقية لأي من المتنافسين أو المرشحين من كلا الحزبين الجمهوري والديموقراطي، يُصنف العديد من المترشحين على أساس أنهم معارضون للإدارة الأمريكية ويقدمون الوعود، مرة أخرى، بتغيير النظام. وتتميز هذه الحملة أيضا بكونها حملة للأوائل.

 

        من جهة الجمهوريين، هذه هي حملة العناصر "الخارجية". فقد استحوذ عليها مرشحون مثل دونالد ترامب وبن كارسن وكارلي فيورينا الذين ليس لديهم خبرة في الحكم ولكنهم استغلوا مزاج الناخبين الذين ضاقوا ذرعا من الأحزاب السياسية ومن الأسلوب التجاري لواشنطن، مواكبين نفور الناخب الأمريكي من السياسيين التقليديين ويبحث عن وجوه جديدة. ووفق استطلاع للرأي لشبكة فوكس نيوز، فإن 62% من أنصار الحزب الجمهوري يشعرون بأنهم تعرضوا "للخيانة" من قبل السياسيين في حزبهم و66% منهم يعتبرون أن الأغلبية الجمهورية الأخيرة في الكونغرس قد فشلت في التصدي لأجندة الرئيس أوباما (بشأن الرعاية الصحية والاتفاق مع إيران، وشؤون أخرى).

 في المقابل، يشعر 40% فقط من الديموقراطيين بالتعرض للخيانة من طرف الساسة في حزبهم. في الواقع، لم يتمكن الجمهوريون في الكونغرس حتى من الاتفاق على مرشح واحد لخلافة رئيس المجلس المنتهية ولايته جون بوينر الذي قدم استقالته بسبب الصراع الداخلي للحزب في الكونغرس، وقد جعلت هذه الحالة من الفوضى في صفوف الجمهوريين، المحلّلون يتساءلون عما إذا كان الحزب قد فقد السيطرة على زمام الأمور في عملية الترشح لهذه الحملة.

 

في الجانب الآخر، تخوض المرشحة الديموقراطية الرئيسية هيلاري كلنتون صراعا من أجل البقاء السياسي داخل حزبها. ويبدو أن الديمقراطيين يشككون في فرص نجاحها وفوزها بالانتخابات.  حتى بعد أدائها الباهر في المناظرة الديموقراطية، لا تزال الشكوك تنتاب أعضاء الحزب ولا يزالون ينتظرون أن يدخل نائب الرئيس جو بايدن إلى الحلبة لينقذ الانتخابات.

صحيح أن سنة هي مدة طويلة في عالم السياسة حيث قد تتغير المعطيات، لكن لا يزال الازدحام على أشده في مضمار السباق داخل كل حزب من الأحزاب، والمترشح الأكثر ضجيجا وإثارة للجدل في مواقفه هو الذي يجلب أكثر قدر من الانتباه لدى الناخبين على حساب الخصال القيادية الحقيقية والدراية بالقضايا والملفات.

 وينطبق هذا الكلام على الحزب الجمهوري أكثر من غيره حيث لا يزال 15 مترشحا يتسابقون على الحصول على ترشيح حزبهم وينافسون بعضهم البعض لإبراز ما لديهم من التوجهات الأكثر راديكالية لكسب تعاطف الشقّ المحافظ من الحزب.

وتتمثل المفاجأة الكبرى بالنسبة للحزب الجمهوري وكذلك للمراقبين والمحلّلين في ظهور دونالد ترامب في صدارة المترشحين هذا العام. في البداية، لم يكن أحد ليعير "ترامب" أي اهتمام، وهو رجل الأعمال والملياردير اللامع، بتسريحة شعره الراقية، وقد كان الاعتقاد السائد هو أنه سوف يتلاشى عندما يجدّ الجدّ مع بداية الحملة ويختفي مع أفول نجم سياراته الفخمة وإمبراطوريته المالية. ومع نهاية شهر أغسطس، كان يحتل مركز الصدارة في استطلاعات الرأي محققا نسبة 26% في استطلاع لشبكة فوكس نيوز، ورغم تقهقر أرقامه حسب استطلاع لاحق أجرته شبكة ن بي سي ومجلة وول ستريت في شهر أكتوبر الماضي، فإنه لا يزال يحافظ على نسبة 21% ويتصدر قائمة المرشحين الجمهوريين.  أما بن كارسون، جراح الأعصاب، فقد كان في المركز الثاني في أغسطس بنسبة 18% ولكنه تراجع للمركز الخامس مع 10% من الأصوات، في حين أحرز كارلي فيورينا، المدير التنفيذي لهولات باكرد، تقدما كبيرا وقفز للمركز الثاني بعد ترامب، بعد أن كان في نفس المرتبة مع ماركو روبيو بنسبة 9%، ويعود الفضل في هذه القفزة إلى أدائه الجيد في المناظرة العلنية، وتبعه السيناتور الشاب من فلوريدا ماركو روبيو، منتقلا من 9% إلى 10%. جيب بوش، مرشح جدّي يعتبر الأوفر حظا بالنسبة لمؤسسة الحزب وجامعي التبرعات نظرا لانتمائه العائلي المعروف والآلة السياسية القوية التي تقف خلفه، كان في آخر الطابور بنسبة 7% في أغسطس ولكنه قفز للمركز الثالث في أكتوبر محققا نسبة 11%. كريس كريستي، حاكم ولاية نيو جيرسي حصلت على نسبة 5% في أغسطس و7% في أكتوبر، بينما حصل الثنائي جون كاسيتش وتاد كروز على 6% ومايك هاكابي 1% وراند بول 2%.

 

فرص المرشحين الجمهوريين للانتخابات الرئاسية الأمريكية

 

دونالد ترامب

21%

كارلي فيورينا

المركز الثاني

جيب بوش

11%

بن كارسون

10%

ماركو روبيو

9% إلى 10%

كريس كريستي

7%

جون كاسيتش

6%

تاد كروز

6%

راند بول

2%

مايك هاكابي

1%

 

 

أحدثت المرونة التي أظهرها دونالد ترامب موجات صادمة داخل الحزب وفي أمريكا بصفة عامة، لاسيما بين أولئك الذين لم يكونوا يتوقعون أو يعتقدون بأن ترامب سوف يعمر طويلا في هذه الحملة. وهم الآن في حالة ذعر وخوف من أن يصبح المرشح الرئيسي للحزب إذا ما فاز بالانتخابات التمهيدية. اتفق الخبراء السياسيون على أنه "لم يسبق لأي انتخابات في العصر الحديث أن أفرزت عنصرا غريبا عن مؤسسة الحزب مثل دونالد ترامب (أو تد كروز أو بن كارسن أو فيورينا أو حتى برني ساندرز حسب تعبير أندرو بروكوب من موقع فوكس ميديا.)

وقد ارتقى ترامب إلى هذه المكانة من خلال الإساءة إلى الجميع. بدأ ذلك عندما أثار غضب الناخبين من الأصول اللاتينية خلال النقاش حول مسألة الهجرة غير الشرعية. وقال إن العديد من المكسيكيين الذين يأتون إلى الولايات المتحدة هم "مجرمون، تجار مخدرات ومغتصبون". أما بالنسبة للحل الذي يراه مناسبا لمسألة الهجرة... فهو بناء جدار عازل مع المكسيك. وهو ما يسمى الآن بجدار ترامب.

ترامب متحدث صريح، يقول الأشياء كما هي، لكن الكثير من الناس يرون أن أسلوبه الفظّ وقح وشرّير (30% من الناس)، ويعتقد المحلّلون أن هذا الأمر سوف ينقلب ضدّه في الانتخابات العامة. ويترافق أسلوب ترامب مع مواقف تنم عن سياسة خارجية وعسكرية سطحية تخلق غموضا والتباسا كبيرين لدى الأمريكيين.  في حوار صحفي لم يفرق ترامب بين قوات القدس الإيرانية والأكراد، ثم صرح قائلا:" سوف يكون أدائي في المجال العسكري جيدا إلى درجة أنكم ستصابون بالدوار". وشعار حملته الانتخابية هو جعل الولايات المتحدة "تسترجع عظمتها". وهو يتبجح ويتفاخر بثروته ويردد "أنا غنيّ" بينما لا يوجد إلا القليل من التفاصيل عن خطته الاقتصادية لجعل الأمريكيين أثرياء.

إذا قارنا أبرز المرشحين في الاستطلاعات بالمرشح جيب بوش، الذي اختار اسمه الأول "جيب" كاسم مستعار للحملة فحسب، رغم أن أداءه كان جيدا في المناظرات، كان لا يزال في المراكز الخلفية بعد غيره من "الغرباء".
 مشكلة "جيب" هي أن الميدان لا يزال مزدحما وليس هو العنصر الراشد الوحيد بين الحضور"، على حد تعبير أحد مؤسسي موقع "السياسة الحقيقية الواضحة" RealClearPolitics، توم بيفن.

تساند مؤسسة الحزب المرشح بوش ولكن الجمهوريين ينذرون بأنه ما لم يتحرك بخطى أسرع لتنشيط حملته بشكل أفضل، سوف يكون في موقع خطر وقد ينتهي به الأمر إلى خسارة المانحين الكبار في صفه، وهو ما يمثل شريان الحياة لأية حملة. ولكن ما زال الوقت مبكرا على إقصائه. تشكل قفزته إلى المركز الثالث في شهر أكتوبر خبرا جيدا بالنسبة لحملته، إلا أنه ينبغي عليه الآن أن يواجه أفضل صديق له (منافسه روبيو) الذي يعود أصله إلى نفس الولاية فلوريدا وكلاهما يستهدف نفس القاعدة الانتخابية اللاتينية.  يعتقد البعض بأن روبيو مازال قادرا على إحداث المفاجأة والقفز إلى الأمام لتصدر السباق والحصول على تزكية حزبه.

كما لايزال الوقت مبكرا بالنسبة لترامب لكي يحتفل ويعتقد بأن الترشيح أمر محقق. سوف تحين اللحظة التي يتوقف فيها الناخبون عن الضحك على دعاباته ويبدأون في التطلع إلى مقترحات وبرامج تهم مشاغلهم اليومية. ومن المهم أن نتذكّر ما حدث في الحملة الانتخابية لعام 2012 م، حيث تفوّق المرشح ريك سانتوروم بفارق طفيف على ميت رومني الذي فاز فيما بعد بترشيح الحزب في مؤتمرات إييوا الوطنية. وكان قد فاز سانتوروم في فبراير بالانتخابات في ثلاث ولايات أمريكية هي: مينوسيتا وميسوري وكولورادو ولكنه أوقف حملته في شهر أبريل. وبالتالي فإن المجال لا يزال مفتوحا على مصراعيه وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم.

 

المترشحون الجمهوريون وقضايا الشرق الأوسط:

 

تشكل السياسة الخارجية محورا مركزيا في جدول أعمال حملة الجمهوريين حيث سيطرت على المناظرتين اللتين خاضهما المترشحون إلى حد الآن. يعتقد الجمهوريون بأن السياسة الخارجية هي كعب أخيل الرئيس أوباما ونقطة ضعف الديمقراطيين في هذه الانتخابات. فهم يهاجمون الضعف البارز في السياسة الخارجية للرئيس أوباما ويتحسرون على ما خسرته الولايات المتحدة من زعامتها للعالم. واتخذوا من استرجاع مكانة أمريكا في العالم وترميم علاقاتها مع الحلفاء هدفا سياسيا رئيسيا.

وفي هذا النقاش حول السياسة الخارجية بين الجمهوريين، يحظى الشرق الأوسط بنصيب الأسد ويمتد تأثير ذلك إلى السياسة الداخلية. حيث أن عددا من المترشحين الجمهوريين، وخاصة كارسن، أقاموا من المسلمين والإسلام قضية في حملاتهم بقصد إرضاء المسيحيين المحافظين والجمهوريين اليمينيين. قال كارسن مجيبا على سؤال أنه لا يمكن لمسلم أن يصبح رئيسا لأمريكا وأفتى بأن الإسلام لا يتوافق مع الدستور.

أما ترامب الذي لا تعوزه الكلمات أبدا، لم ينبس ببنت شفة عندما خاطبه أحد المواطنين في أحد المحافل في روشستر، نيوهمبشاير، قائلا: "لدينا مشكلة في هذا البلد. اسمها المسلمون." فواصل الحديث قائلا إن الرئيس أوباما مسلم. لم يعارض ترامب ذلك الشخص ولم يوقفه عند حده.

استخدم المترشحون تهديد الدولة الإسلامية لأمريكا ومصالح أمنها القومي للتحذير مما يصفونه بـ "التطرف الإسلامي" ولانتقاد "ضعف" حملة الرئيس أوباما ضد ذلك التطرف.

كان نقد السيناتور روبيو لاذعا لأداء الرئيس أوباما في هذه القضية وبشأن روسيا متّهما بوتين بمحاولة الحلول محل الولايات المتحدة في الشرق الأوسط " وأوباما بالسماح بهذا الأمر. روبيو الذي ساند تسليح المعارضة المعتدلة في سوريا قال إن الرئيس "لم يستمع وأن تنظيم الدولة الإسلامية قد ازداد نموّا".

هناك مترشحون آخرون من العيار الثقيل في هذه الحملة على غرار حاكم نيو جيرسي كريس كريستي الذي استعرض عضلاته بعد التدخل الروسي في سوريا من خلال وصف الرئيس أوباما بعبارة "الطرطور" قائلا إنه لو كان مكانه لأسقط الطائرات الروسية فوق سوريا.

فيورينا هي المرأة الوحيدة بين المترشحين الجمهوريين، قالت إن روسيا تدخلت في سوريا لأن قاسم سليماني، قائد قوات القدس الإيرانية، قام بزيارة روسيا لإقناع الروس بدعم الرئيس الأسد. وقد طالبت بتمكين المصريين من المعلومات الاستخبارية والأكراد من السلاح.

يتفق المرشحون الجمهوريون حول قضيتين اثنتين: دعم إسرائيل ونقد الصفقة النووية مع إيران. ولكن، إلى جانب هؤلاء المتشددون الذين يريدون "إلغاء الصفقة"، لو تم انتخابهم، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، مثل كروز، يوجد شق واقعي الرؤية مثل بوش الذي قال "ليس من الحكمة الاستراتيجية إلغاء الصفقة. تتمثل الحكمة في إيجاد طريقة لمواجهة إيران".

 

حملة الديموقراطيين:

من ناحية الكتلة الديموقراطية، المجال أقل اتساعا من مضمار الجمهوريين ولكن خط النهاية لايزال بعيدا ولم تتضح بعد هوية الفائز بترشيح الحزب. المعتقد السائد بأن هيلاري كلينتون سوف تكون مرشحة الحزب مازال موضع شك. تشهد حملة الديموقراطيين انقساما بين رؤيتين متنافستين، الأولى تقدمية ويمثلها بن ساندرز والثانية معتدلة وتقودها هيلاري كلينتون.

هناك خمسة مترشحين فقط، تتزعمهم كلينتون، ثم ساندرز وجيم واب سيناتور فارمونت وحاكم فيرجينيا السابق مارتن أومالي وحاكم ماريلاند السابق ولينكولن شافيه حاكم رود آيلاند الأسبق. ورغم أن المرشحة هيلاري كلينتون كانت في الصدارة في الاستطلاعات، فإن أرقامها كانت في تراجع في بداية سبتمبر ووقعت حملتها في ورطة على إثر فضيحة الرسالة الالكترونية، (استخدامها لعنوانها الشخصي بدلا عن العنوان الرسمي لوزارة الخارجية للمراسلات الرسمية المتعلقة بالعمل)، تزامن ذلك مع قضية بنغازي والهجوم على مبنى ملحق السفارة الذي أسفر عن مقتل السفير الأمريكي، وقد ألقى ذلك بظلاله على حملتها الانتخابية. بدأ أعضاء الحزب الديموقراطي بحثهم عن بدائل. وصرّح الدكتور جيم الزغبي، المدير التنفيذي للمعهد العربي الأمريكي بأن العديد من الديموقراطيين يشعرون بعدم الارتياح إزاء ترشح كلينتون، فهم إما غاضبون على خلفية قضية البريد الالكتروني، أو يتذمرون من تعب المرشحة أو أنهم يعتقدون بأنها ليست صادقة."

في الواقع، واجهت كلينتون مسألة الصدق هذه خلال المناظرة عندما سٌئِلت عما إذا أرادت قول أي شيء حتى يتم انتخابها. وصفت كلنتون نفسها بأنها "تقدّمية" تعرف "كيف تجد أرضية مشتركة وتقف على أرض صلبة".

كان البعض يتمنى في قرارة نفسه أن يتقدم نائب الرئيس جو بايدن لهذه الانتخابات. إلى حين كتابة هذا التقرير، لم يعلن السيد بايدن عن قراره بعد ،والوقت على وشك الانتهاء لأن هناك آجال رسمية للانضمام للحملة. يأتي بايدن خلف كلينتون في الاستطلاعات ولكنه يحظى بالتقدير ويعتبر صادقا. في المناظرة الديموقراطية الأولى، كان شبح بايدن يحوم حول المسرح. وقد أبلت كلنتون بلاء حسنا مما جعل المحللين والأنصار يعلنون بأنها قد أنقذت ترشحها وقد تكون أقنعت السيد بايدن بعدم الالتحاق بالسباق. ولكن الدكتور الزغبي يعتقد بأن ترشح بايدن لا يزال ممكنا. إذ "لم ينته الأمر بعد" حسب تعبيره.

تختلف حملة الديموقراطيين في جوهرها عن حملة الجمهوريين. إذ يركز الديموقراطيون على القضايا المحلية حيث تشير الاستطلاعات إلى أن القضايا الأكثر أهمية بالنسبة للناخبين الديموقراطيين في حملة عام 2016 م، هي الاقتصاد (فرص العمل) والصحة.  كانت القضية الرئيسية في المناظرة الأولى للديموقراطيين هي مراقبة السلاح وهذا ينبئ بجعلها من أمهات القضايا في الانتخابات العامة. وينظر إلى هذا على أنه "تغيير جذري" بالنسبة للديموقراطيين الذين لا يركزون عادة على مراقبة حمل الأسلحة، غير أن حوادث العنف المتكررة لا سيما في المدارس، أدت إلى حالة من الاستياء العام في البلاد وأحس الديموقراطيون بهذا التوجه وقاموا باستغلاله. صرحت السيدة كلينتون "نحن نخسر 90 شخصا يوميا نتيجة للعنف المسلح. وقد تواصل هذا الوضع مدة طويلة، وقد آن الأوان ليقف الجميع وقفة واحدة ضد جمعية البنادق القومية NRA". وقد رأى البعض في هذا التصريح إعلانا للحرب من قبل كلينتون على هذه الجمعية التي يسندها لوبي قوي جدا في البلاد. سوف يستفيد الجمهوريون من هذه المعركة بين كلينتون ولوبي تجارة الأسلحة، خاصة وأن امتلاك الأسلحة حق ثمين جدا بالنسبة لكثير من الأمريكيين وهم مستعدون للدفاع عنه بكل شراسة.

المسألة الأخرى التي سيطرت على المناظرة من بين القضايا المحلية كانت "تلاشي الطبقة الوسطى".

وقد تذمر ساندرز، الذي يعرف نفسه على أنه اشتراكي، من "أن البلد يواجه زوالا للطبقة الوسطى بوتيرة لم يسبق لهامثيل. يستحوذ 1% من الشعب على كامل الثروة". وصرّح بأن "نظام تمويل الحملة نظام فاسد"، و"أن الميليارديرات ينفقون الأموال الطائلة من خلال اللجان المستقلة PACs لكي يتم انتخاب الأشخاص الذين يحفظون مصالحهم". ونادى باسترداد البلاد من قبضة الميليارديرات. وتحدثت كلينتون عن خطط محددة لخلق فرص العمل والرفع في الأجور وساندت نظاما ضريبيا عادلا. كما ساندت الإجازات العائلية مدفوعة الأجر.

 

وحول السياسة الخارجية، كان هناك شبه إجماع من طرف المترشحين الديموقراطيين على التمسك بتوجه الحزب من خلال مساندة الرئيس أوباما في سياسته الخارجية مع بعض الاستثناءات. فقد بدأت كلينتون على سبيل المثال في التميز عن خط الرئيس أوباما في بعض المسائل التي تخص السياسة الخارجية.

وأعرب كافة المترشحين عن دعمهم للاتفاق النووي مع إيران. حصلت سوريا على النصيب الأوفر من الأهمية في مناظرة السياسة الخارجية، حيث دعمت كلينتون منطقة الحظر الجوي، مع عدم نشر القوات على الأرض، في حين وصف ساندرز سوريا بأنها "مستنقع" ومنطقة حظر الطيران بأنها "خطرة وقد تؤدي إلى المشاكل". وكان دائم الإصرار على منع إرسال أي جندي أمريكي على الأرض وعلى أن التحالف هناك يجب أن يكون بقيادة العرب. وعقب أومالي على ذلك بقوله إن منطقة حظر الطيران قد تشكل "خطأ".

 

ومن الخصائص المميزة للحملة الانتخابية لعام 2016 م، أنها حملة "تويتر". حيث يستعمله كافة المترشحين بدرجات متفاوتة ويوكلون هذه المهمة عموما لجيل الشبان المتمرسين على مواقع التواصل الاجتماعي. لكن ليس ترامب. فهو يستخدم تويتر بنفسه ويجعل منه "ركيزة أساسية لحملته"، على حد تعبير صحيفة نيويورك تايمز، ليصبح "لوحة فنية رئيسية"، مما جعل أحد أنصاره يطلق عليه اسم "ارنست هيمنجواي تويتر". يستخدم ترامب تويتر كأداة "للدعاية السياسية وللترفيه وتسجيل الأهداف والهجوم" على حد تعبير نيويورك تايمز.

مقالات لنفس الكاتب