; logged out
الرئيسية / توسيع القاعدة الإنتاجية .. وتوازن الاقتصاد الخليجي

العدد 101

توسيع القاعدة الإنتاجية .. وتوازن الاقتصاد الخليجي

الإثنين، 02 تشرين2/نوفمبر 2015

من المؤكد أن دول مجلس التعاون الخليجي حققت طفرة اقتصادية منذ منتصف سبعينيات القرن الميلادي الماضي مستفيدة من ارتفاع أسعار النفط، التي تمثل مصدر الدخل الرئيسي لهذه الدول التي يتجاوز إنتاجها 17 مليون برميل يومياً من مخزونها المؤكد الذي يقدر بنحو 496 مليار برميل، أي 34% من الاحتياطي العالمي، وتمتلك هذه الدول مجتمعة 21% من احتياطي الغاز العالمي، وتبعاً لذلك بلغ الناتج المحلي الإجمالي لهذه الدول 1.62 تريليون دولار عام 2013م، ما جعلها في المرتبة الثانية عشر عالمياً من حيث الناتج الإجمالي، كما أن الاقتصاد الخليجي الخامس عالميا من حيث حجم التبادل التجاري بقيمة 1.42 تريليون دولار 2013م، وتأتي  دول المجلس في المرتبة الرابعة من حيث حجم الصادرات بقيمة 921 مليار دولار، الأمر الذي انعكس على رفاهية المواطن وبلغ متوسط دخله السنوي 33 ألف دولار مقارنة بـ 10 آلاف دولار متوسط نصيب الفرد في العالم.

لكن، دول مجلس التعاون مطالبة باتخاذ حزمة إجراءات اقتصادية لتحقيق التوازن في مصادر الدخل الذي يعتمد على النفط والذي هبط سعره في حدود 44 دولاراً للبرميل وسط مؤشرات على هبوط محتمل أكثر من ذلك وقد يستمر لفترة ليست قصيرة الأمر الذي جعل صندوق النقد الدولي يبدو أكثر تشاؤما، إذ أوضح في تقرير حديث أن بعض الدول الخليجية قد تستهلك كل احتياطاتها النقدية خلال5 سنوات في حال استمرار هبوط أسعار النفط واستمرار إنفاق دول الخليج بالوتيرة الحالية.

والخيارات المتاحة لدول مجلس التعاون هي: تنويع مصادر الدخل وتوسيع القاعدة الإنتاجية، ولعل أكثر الفرص الممكنة لتحقيق ذلك هي الصناعة، خاصة الصناعات كثيفة العمالة والتحويلية، مع الاهتمام بالصناعة الصغيرة والمتوسطة، ومن المعلوم أن دول المجلس قطعت شوطاً في زيادة الاستثمارات الصناعية حيث تستثمر 380 مليار دولار في هذا القطاع بنسبة نمو تراكمي بلغت 14.4% خلال السنوات الخمس الأخيرة، إلا أنه مقارنة بفوائض موازنات هذه الدول خلال السنوات الأخيرة التي سبقت هبوط أسعار النفط تبدو قليلة، حيث بلغت هذه الفوائض146.7 مليار دولار في ميزانية العام 2013م، لذلك يجب ضخ المزيد من الاستثمارات في قطاع الصناعة الخليجية. مع أنه من المعلوم أن بعض هذه الدول استثمرت جزءًا من الفوائض في مشاريع البنية التحتية والخدمية كما هو الحال في المملكة العربية السعودية التي استخدمتها في تطوير شبكة الطرق والأنفاق والقطارات وشبكات المترو وغيرها، إلا أنه من المهم توظيف جزء منها في الصناعة.

ومن الضروري أيضاً توجيه استثمارات الصناديق السيادية الخليجية نحو الداخل، خاصة أن هذه الصناديق تمتلك رؤوس أموال ضخمة، فالصندوق السيادي السعودي مثلاً يمتلك 230 مليار دولار، وتبلغ أصول الصندوق الكويتي نحو410 مليار دولار (السادس عالمياً)، ودولة الإمارات تسيطر على حوالي 15% من ثروات الصناديق السيادية في العالم بأصول تبلغ 1.66 تريليون دولار، والصندوق القطري وصلت استثماراته إلى 39 دولة في العالم وارتفعت أصوله بنسبة 50% في عام 2014م.

وكذلك دول مجلس التعاون مطالبة بتفعيل قرارات التكامل الاقتصادي، حيث مازالت بعد مرور قرابة 35 عاماً من تأسيس مجلس التعاون تراوح في تنفيذ هذه القرارات التي اتخذها قادة دول المجلس من أجل وضع استراتيجية مشتركة للتنمية المستدامة تهدف إلى تسهيل حركة التجارة البينية، والتملك، والعمل، وظهور العملة الخليجية الموحدة، والسوق المشتركة، وغير ذلك، ما يؤدي إلى قاعدة إنتاجية خليجية واسعة ومتنوعة ذات عائد حقيقي يمثل قيمة مضافة علىللناتج الإجمالي المحلي، وأيضاً العمل من أجل زيادة حجم التجارة البينية لدول المجلس التي مازالت ضئيلة ولا تتجاوز 7.1% من حجم التجارة العالمية لدول الخليج، وهنا يأتي مجدداً أهمية دور الصناعة لزيادة نسبة هذه التجارة لدول ذات اقتصاديات متشابهة إن لم تكن متماثلة، كما أن الفرص الاستثمارية الأخرى تبدو ضعيفة وعديمة الجدوى خاصة الزراعة حيث أن أكثر من 80% من مساحة دول المجلس صحراوية ولا تمثل المساحات الصالحة للزراعة سوى ما نسبته 1.63%من مساحة أراضي هذه الدول التي تعاني من ندرة المياه العذبة وطبقاً لصندوق النقد الدولي لا يتجاوز نصيب الفرد 500 متر مكعب في العام.

الخلاصة، دول مجلس التعاون عليها أن تستجيب للتحديات الاقتصادية بالتحرك السريع نحو تنويع مصادر الدخل، توسيع القاعدة الإنتاجية، خاصة التوجه نحو الصناعة وزيادة الاستثمارات المشتركة في هذا المجال من خلال تفعيل ما صدر من قرارات بشأن التكامل الاقتصادي على أن يكون ذلك مصحوباً بإرادة سياسية، وزيادة دور القطاع الخاص، وتقديم مزايا لهذا القطاع بما يجعله يضطلع بالدور المأمول، ويجعل دول المجلس جاذبة للاستثمارات، مع توفير قاعدة بيانات وتطوير البيئة التشريعية في المجال الاقتصادي، وزيادة حجم التجارة البينية، وتنسيق الاستثمارات الخارجية ما يحقق الحد المقبول من الأمن الغذائي لدول الخليج. 

مقالات لنفس الكاتب