; logged out
الرئيسية / أمن الخليج بين التراجع الأمريكي والتقدم الروسي: التحالفات المنتظرة

العدد 103

أمن الخليج بين التراجع الأمريكي والتقدم الروسي: التحالفات المنتظرة

الإثنين، 28 كانون1/ديسمبر 2015

منذ حرب تحرير الكويت (1991 م) ظلت الولايات المتحدة الأمريكية هي الضامن الرئيسي لأمن منطقة الخليج بالتعاون مع حلفائها الغربيين وحلف شمال الأطلنطي (NATO) سواء بالتواجد المباشر في المنطقة، أو على مقربة منها في كل من العراق وأفغانستان.  ولكن توجه الإدارة الأمريكية الحالية بقيادة الرئيس أوباما، بالتركيزعلى الداخل والانكماش عسكريا في الخارج لأسباب اقتصادية وضغوط الرأي العام الأمريكي الرافض للتكلفة والخسائر البشرية، وهو ما أدى إلى تقليص الوجود العسكري الأمريكي بالمنطقة، وخاصة بعد الانسحاب من أفغانستان (2011 م) والعراق (2014 م). كما ركزت إدارة أوباما على حل المشكلات الهامة والعالقة منذ فترة طويلة بالتفاوض بديلاً للحلول الأمنية والعسكرية، وهو ما دلل عليه النجاح في حل القضية الكوبية، وأيضاً مشكلة المشروع النووي الإيراني، الذي تم إبطائه باتفاقيات (5+1) وهو ما أغضب حلفاء الولايات المتحدة في الخليج، حيث اعتبروا أن التقارب الأمريكي ـ  الإيراني سيكون على حساب دول مجلس التعاون الخليجي، الذين توجهوا إلى القوى الصاعدة لزيادة مساحة المناورة الاستراتيجية، وهو ما تزامن مع تعافي روسيا الاتحادية، وبحثها عن دور أكبر في المنطقة كمصدر رئيسي لنظم التسلح أو إقامة أحلاف مرنة مؤقتة،  وكذلك الصين التي تريد أن تطور شراكاتها الاقتصادية مع دول المنطقة إلى ما هو أكبر استراتيجياً، وكذلك فرنسا التي تملك نظم التسلح المتقدمة تكنولوجيا، وخاصة في مجالات القوات الجوية والبحرية. ومن المتوقع أن يؤثر ذلك على توجهات دول الخليج للحفاظ على أمنها، في ظل التغير في البيئة الاستراتيجية الدولية المؤثرة على المنطقة، والموازنة بين الأحلاف القائمة المستقرة، وبين الجديدة المرنة المؤقتة، وأيضاً نظم الشراكة المختلفة.

وسوف نتناول رؤيتنا لأمن منطقة الخليج من خلال (خلفية تاريخية مختصرة – دوافع ومظاهر الأفول الأمريكي والصعود الروسي وآثار ذلك – الموقف الصيني الباحث عن دور – توجهات القوى الفاعلة تجاه المنطقة، وتوجهات منطقة الخليج تجاه تلك القوى – ثم مستقبل أمن الخليج في ظل الصراعات وتقاسم مناطق النفوذ).

أولا: الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية، خلفية مختصرة عن العلاقات الأمنية في الخليج منذ حرب الكويت (1991 م):

لا شك أن حرب تحرير الكويت، كانت نقطة فارقة في التاريخ الاستراتيجي للموقف في الشرق الأوسط بشكل عام ومنطقة الخليج العربي بشكل خاص. حيث تمت في أعقاب الحرب العراقية الإيرانية الطويلة (1980-1988م) التي أراد بها العراق أن يصحح الجوار الإيراني في شط العرب طبقاً لاتفاقية الجزائر (1975م) التي وقعها عن العراق صدام حسين بصفته نائب رئيس الجمهورية، ولما تولى الرئاسة لاحقاً، شعر بأنه مسؤول عن هذا الجور بالإضافة إلى استغلال الضعف الإيراني في أعقاب الثورة الإسلامية في إيران (1979م) وبتشجيع أمريكي ليبرهن على أن العراق هو القوة الرئيسية في الخليج  فكانت الحرب منهكة للطرفين بلا غالب ولا مغلوب حتى لا يكون هناك فراغ قوة لصالح أحد القطبين، وللإبقاء على توازن الضعف بينهما وفقا للرؤية الأمريكية.

ابتلع صدام حسين (الطعم) الأمريكي الغربي مرة ثانية – بالإضافة إلى أطماعه – وبدعاوى تاريخية ضعيفة ليقوم بغزو الكويت واحتلال دولة مستقلة ذات سيادة وعضو في الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، بل امتد الغزو إلى الأراضي السعودية بمحاذاة الخليج العربي حتى منطقة (الخفجي).

تم تحرير الكويت تحت غطاء الشرعية الدولية، بتحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة تشكل معظمه بشكل رئيسي من الولايات الأمريكية وبريطانيا من الغرب، وقوات دول مجلس التعاون الخليجي وبصفة خاصة المملكة العربية السعودية، وقوات درع الجزيرة حديثة التشكيل آنذاك، ومن بعض الدول العربية، كان أقواها المشاركة المصرية. وحرصت الولايات المتحدة على عدم تدمير القوات العراقية بشكل كامل، أو إسقاط صدام حسين في ذلك الوقت، حرصاً على استمرار توازن الضعف العراقي ــ الإيراني.

  1. نتائج حرب تحرير الكويت:

‌أ.        من وجهة نظر الولايات المتحدة:

  1. الحفاظ على الهدفين الاقتصادي والأمني في المنطقة، أولا: ضمان تأمين مصادر الطاقة وتدفق النفط من الخليج الذي يعتبر أكبر مصادره في العالم، سواء من الجانب العربي أو الإيراني. ثانيا: ضمان أمن إسرائيل ضد التهديدات الإيرانية والعراقية المتكررة، والتي لم تخرج إلى أرض الواقع، إلا بإسقاط بعض الصواريخ العراقية (سكود) الروسية الصنع، داخل إسرائيل بعد زيادة مدى الصواريخ بتزويدها بالوقود الإضافي ولكن على حساب قوة الرؤوس الحربية. ورغم أن النتائج العسكرية الفعلية الحقيقية كانت محدودة، إلا أن النتائج المعنوية والنفسية كانت أكبر، وكانت كافية لإطلاق الرئيس الأمريكي (بوش الأب) لمبادرة ضبط التسلح التي ركزت على حظر نقل التكنولوجيا العسكرية إلى المنطقة وخاصة الصواريخ البالستية، أي حرمان الجانب العربي من نقطة قوة، ولكنها أقل بكثير من امتلاك الجانب الإسرائيلي للأسلحة النووية، وكانت الدول العربية التي تمتلك تلك القدرات الصاروخية حينذاك هي (العراق - السعودية – سورية – اليمن – مصر – ليبيا – الجزائر). ورغم هذا التباعد الجغرافي، الذي يُصعب إمكانية إعادة التجميع والحشد ضد إسرائيل، إلا أنها كانت تتزرع بأن العرب أمكنهم هذا الحشد والتنسيق لشن حرب مفاجئة عليها بواسطة كل من مصر وسوريا في أكتوبر (1973).
  2. استغلال الولايات المتحدة لتفكك الاتحاد السوفيتي رسمياً عام (1991م) وخروجه من معادلة القوى العظمى الثنائية، للانفراد بها على المستوى العالمي والإقليمي وفي منطقة الخليج.
  3. باستهداف القاعدة لبرجي التجارة العالميين بنيويورك الحادي عشر من سبتمبر (2001م) وغزو العراق (2003م) ، تحولت الولايات المتحدة من مقاومة الإرهاب إلى الحرب على الارهاب عالمياً، مع استهداف ما أسمته الدول (المارقة) ومنها العراق، حيث روجت لإمكان تصنيع أسلحة نووية صغيرة بواسطة هذه الدول، لتصل إلى أيدي الإرهابيين، ولذلك كان لزاماً اتهام العراق بذلك، ورغم أن التفتيش الدولي والوكالة الدولية للطاقة الذرية للعراق لم يسفر عن شيء ذي قيمة، إلا أن الولايات المتحدة اتخذت قرار غزو العراق (خارج الشرعية الدولية)، وكان وراء ذلك استمرار المخاوف من التعافي العراقي

 بتسليح روسي مما يعيد تهديد الخليج وإسرائيل.  وقد كان لقرار الحاكم العسكري الأمريكي للعراق، الجنرال المتقاعد (بريمر) بتفكيك الجيش العراقي وحزب البعث، آثار وخيمة أدت إلى التفسخ العراقي، وتفتت تنظيم القاعدة في بلاد الشام إلى العديد من المنظمات الإرهابية لاحقا، وكان أشهرها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش ISIS) الذي توسع لاحقا وأصبح مهدداً للأمن الإقليمي ومنه منطقة الخليج، مما يحتاج إلى إعادة النظر في الترتيبات الأمنية في الخليج، في ظل الفتور الأمريكي والصعود الروسي في الفترة الأخيرة، وهو ما سنتناوله لاحقاً.

                                       

‌ب.      من وجهة نظر الاتحاد السوفيتي – ثم روسيا الاتحادية:

  1. واكب ذلك تفكك الاتحاد السوفيتي، وورثته – مجازًا – روسيا الاتحادية، والتي بدأت ضعيفة في عهد الرئيس بوريس يلتسن، ثم بدأت في التعافي تدريجياً، وعارضت غزو العراق، ولكنها لم توقف المبيعات العسكرية الكبيرة إلى المنطقة وخاصة إلى إيران وسوريا.
  2.  تعافت روسيا بشكل أكبر وبدأت تســــتعيد توازنها كقوة كبرى مـــؤثرة وخاصـــة في عهد الرئيس فلاديمير بوتين، باستغلال التراجع والتردد الأمريكي في المنطقة العربية وخاصــة في سوريا والخليج، رغم العقوبات الاقتصادية نتيجة موقفها من انفصال القرم في المشكـلة الأوكرانية، وتخوفها من اتجاه أوكرانيا غرباً أو الانضمـــام إلى حلف الأطلنطي (NATO) بما سيحدثه من خلل استراتيجي كبير، بوصول حدود الحلف إلى الحدود الروسية مباشرة.
  3. قامت بدور رئيسي ضمن مفاوضات (5+1) لمجابهة المشروع النووي الإيراني لإبطائه أو إيقافه لمدة (10) سنوات مما أغضب حلفاء الولايات المتحدة في الخليج وإسرائيل وهو ما سنتناوله وآثاره على أمن الخليج، لاحقا.

ثانياً: دوافع ومظاهر الأفول الأمريكي والصعود الروسي في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج:

  1. دوافع الأفول والتراجع الأمريكي:

‌أ.        تركيز إدارة أوباما على الداخل الأمريكي الذي تأثر سلباً بشكل كبير خلال إدارة سلفه بوش الابن، الذي توسع وأسرف في ميزانيات الدفاع لمحاربة الإرهاب في العالم وأدى إلى انتشار القوات الأمريكية خارجياً وخاصة في أفغانستان وباكستان والعراق بعد غزوه في (2003).. وقد ركزت إدارة أوباما على مشروعات التأهيل والتأمين الصحي والإسكان ومعاونة ودعم بعض الولايات الاستراتيجية مثل ألاسكا، الغنية بالنفط والمطلة على أقرب مسافة من الحدود الروسية عبر المحيط الهادي حيث تم تخصيص نسبة من عائد النفط إلى سكان الولاية وتنميتها.

‌ب.   السحب التدريجي للقوات الأمريكية الرئيسية من أفغانستان (2011م) ومن العراق (2014م) مع الإبقاء على مجموعات التدريب والاستخبارات والمعاونات، وذلك توفيراً للنفقات وتجنبا للخسائر، والاستجابة إلى ضغوط الرأي العام الأمريكي ودافعي الضرائب، مما أدى إلى تقلص التواجد العسكري الأمريكي في المنطقة.

‌ج.    انتهاج موقف الحوار بديلاً للعداء والقوة العسكرية لتحقيق نتائج لصالح الولايات المتحدة، والاستدلال على ذلك، بحل المعضلة الكوبية بعد أكثر من نصف قرن من العداء، وأيضاً بنجاح مباحثات (5+1) المضنية لإيقاف المشروع النووي الإيراني.

‌د.       لم يخل ذلك التراجع بأمن إسرائيل، والتي استفادت بدعم عسكري أمريكي إضافي – خارج المعونة العسكرية – لاسترضائها بعد الاتفاق الإيراني (5+1).

‌ه.       لم تتأثر الولايات المتحدة بواردات النفط من الخليج، وفتحت احتياطيها للتصدير – لأول مرة – وخفضت سعر النفط عالمياً، والذي كان موجهاً بالدرجة الأولى ضد روسيا.

‌و.      تراجع وعدم رضاعربي تجاه الولايات المتحدة، نظراً لموقفها السلبي من حل القضية الفلسطينية.

  1. دوافع الصعود الروسي في المنطقة:

‌أ.        استغلال التراجع والتردد الأمريكي – مثال الأزمة السورية – لملء ذلك الفراغ والعودة بقوة إلى المنطقة، لدعم حلفائها القدامى مثل إيران ومصر، وأيضاً اكتساب حلفاء جدد، كانوا محسوبين على أمريكا والغرب وخاصة دول الخليج العربي.

‌ب.   التوسع في الدعم العسكري وزيادة صادراتها من السلاح لأسباب اقتصادية.

‌ج.    الظهور بمظهر الدولة القوية الصاعدة لاستعادة مكانتها الموروثة من الاتحاد السوفيتي السابقة.

‌د.       إظهار القدرة على المزاحمة بالفناء الخلفي للغرب في المنطقة رداً على ما يفعله الغرب بفنائها الخلفي الهام في أوكرانيا ونشر مضادات الصواريخ البالستية في أوروبا الشرقية.

‌ه.       التمسك بموقع القدم الوحيد في البحر المتوسط والذي أصبح بحيرة للأساطيل الأمريكية والغربية وهو ما يفسر التحالف الاستراتيجي مع سوريا، خاصة أن الأسطول الروسي في البحر الأسود كان يستأجر ميناء سيفاستوبول بشبه جزيرة القرم – بعد عودة ميناء أوديسا الرئيسي إلى أوكرانيا – وهو ما يفسر التصاعد الروسي في دعم انفصال القرم ثم ضمه لروسيا الاتحادية، ضمن باقي الأسباب الاستراتيجية.

و. استغلال الاهتمام الأمريكي بالثورات في شرق أوروبا مثل أوكرانيا بعكس ثورات الشرق الأوسط الداخلية كما في كل من العراق وسوريا ومصر وليبيا واليمن التي تركتها الولايات المتحدة لصراعات الداخلية والاقتتال والذي سيصب في النهاية في صالح إسرائيل.

ثالثاً: آثار ومظاهر الأفول الأمريكي والصعود الروسي في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج:

  1. الآثار والمظاهر الأمريكية:

‌أ.        أدى الانسحاب الأمريكي من أفغانستان (2011م) وتخفيض التواجد في باكستان، إلى فقد الخليج للحليف الأمريكي على الحدود الشرقية الإيرانية.

‌ب.   اهتمام الولايات المتحدة الزائد بالمفاوضات الطويلة بخصوص المشروع النووي الإيراني، كانت آخرها لمدة (19) يوما في فيينا، والتي أسفرت عن خروج المشروع إلى حيز الوجود، وواكب ذلك فتور تجاه حلفاء الولايات المتحدة في الخليج.

‌ج.    الفتور والضغط على الحليف المصري الذي وصل إلى حد الايقاف المؤقت للمعونة العسكرية إلى مصر وكذلك إبطاء في تسليم صفقات تسليح مجدولة مسبقاً بين البلدين، كان أهمها طائرات (F16) وأبراج الدبابة (M1A1 – إبرامز) بالإضافة إلى بعض المعدات التي تستخدمها مصر في مقاومة الإرهاب بشكل عام وفي سيناء بشكل خاص.

‌د.       تأثرت العلاقات التركية الأمريكية نتيجة الاتفاق (5+1) والذي اعتبرته تركيا في صالح خصمها وجارها (اللدود) إيران.

‌ه.       لم تهتم الولايات المتحدة بالتدخل لصالح استقرار الشرق الأوسط، بعد ما يسمى بثورات الربيع العربي في كل من (العراق ومصر وليبيا واليمن) على عكس سلوكها في سرعة إسقاط نظام القذافي في ليبيا، وسرعة تدخل حلف الأطلنطي (NATO).

‌و.      كان التردد الأمريكي واضحاً تجاه الموقف في سوريا والتهديد بالتدخل العسكري إذا ما أقدمت سوريا على استخدام الغازات الحربية، وهو ما تم بالفعل لاحقاً وتراجعت الولايات المتحدة عن وعدها.

‌ز.     عدم الاهتمام الكافي بمحاربة الارهاب في المنطقة وخاصة في العراق وسوريا والاكتفاء بقيادة التحالف الدولي الجوي ضد (داعش – ISIS) والذي لم يسفر حتى الآن رغم مرور وقت طويل، عن تغيير رئيسي على الأرض، مثل إسقاط وتدمير قيادة داعش، كما أنها تغض الطرف عن بيع المنظمات الإرهابية لبترول المناطق تحت سيطرتها من كل من العراق وسوريا عبر تركيا... رغم أن ذلك يشكل الكم الأكبر للموارد المالية للمنظمات الإرهابية.

‌ح.    فتور رد الفعل تجاه عاصفة الحزم بقيادة المملكة العربية السعودية، ضد الميلشيات الحوثية في اليمن والتي تحظى بالدعم الإيراني، رغم خطر ذلك على منطقة الخليج وجنوب شبه الجزيرة العربية، والتهديد المباشر للحدود السعودية وداخلها.

‌ط.    التحول الأمريكي التدريجي للاعتماد على نفط الجنوب الأمريكي وكندا، مقابل بترول الخليج.

‌ي.    الصيغ الأمريكية غير المحددة في مجالات مقاومة الإرهاب والأمن البحري والمعلوماتي، وأيضاً مشروع الدرع الصاروخي المضاد للصواريخ البالستية في الخليج، وتعثر المفاوضات الخاصة به والذي أرجعته الولايات المتحدة إلى أسباب خلافات سياسية خليجية وليست عسكرية أمريكية، وهو ما يمكن مناقشته في القمة الخليجية بالرياض.

‌ك.    أخيراً كان لقاء الرئيس أوباما بقادة دول مجلس التعاون الخليجي، بدون نتائج محددة ومكتوبة كوثيقة أمنية، ولكن كان لطمأنة قادة المنطقة، بأن الاتفاق (5+1) لن يؤثر على بقاء دول الخليج كحليف رئيسي للولايات المتحدة، ولن يتم استبدالهم بإيران.

  1. آثار ومظاهر الصعود الروسي في المنطقة:

‌أ.        تبادل الزيارات بين كل من روسيا وكل من دول الخليج ومصر، على أعلى مستوى - كالرؤساء ووزراء الدفــاع، وتوقيـــع العديد من بروتوكــولات التعاون العسكري والاقتصادي.

‌ب.   زيادة معدل صادرات السلاح الروسي إلى المنطقة بنسبة (70%) خلال الفترة من (2010-2015م) مقارنة بما كانت عليه خلال الفترة السابقة. وقد شملت تلك الصفقات معظم دول المنطقة وخاصة مصر ومعظم دول مجلس التعاون الخليجي بالإضافة إلى سوريا مع الحرص على دعم إيران وخاصة حماية منشأتها النووية في (بوشهر)، وعدم إثارة دول الخليج.

‌ج.    استمرار وتطوير الدعم العسـكري لسوريا، الحليف القديم والهام لروســــــيا، حيث وفرت للأسطول الروسي موضع القدم الوحيد في البحر المتوسط، وتصـاعد الدعم الروسي لسوريا إلى درجة استخدام القوات الجوية الروسية لمحاربة داعش، ودعم الجيش السوري في ذلك، بالتمهيد الجوي له، لتسهيل هجوم الجيش الســوري على جبلي الأكراد والأرمن كما تم مؤخراً. كما استخدمت الضربات الصاروخية البالستية من بحر قزوين إلى أهـــداف محددة في سوريا، بعدد (26) صاروخ .
تسبب إسقاط الطائرات التركية (F16) للطائرة الروسية (سوخوي 24) في أزمة حادة بين الدولتين، ومن المنتظر تصاعد الأزمة الروسيــة التركيـة سياسياً وعســـكرياً، وهو ما يـــهدد المنطقة بمزيد من التوتر، رغم المحاولات الأمريكية والغربية للتهدئة. (وهذا ما تم رصده وتحليله حتى كتابة هذه السطور).

‌د.       العمل على استقرار سوق الطاقة وخاصة الغاز ، إذ تعتبر ثاني أكبر منتج للنفط في العالم (10.12) مليون برميل يومياً بعد المملكة العربية السعودية (10.19) حسب متوسط الإنتاج عام 2015 م، وقد حضر الرئيس الروسي بوتين بنفسه مؤتمر الدول المصدرة للغاز الذي عقد بطهران مؤخراً، خاصة أن روسيا هي مصدر الغاز الرئيسي في العالم، ومن أكبر منتجي البتروكيماويات أيضاً، وتمتلك روسيا شركات كبرى في هذا المجال مثل (روس نفط - لوك أويل – وجازبروم) وقد بدأت العمل في المنطقة، مع كل من (السعودية ومصر والجزائر والسودان وسوريا وليبيا). كما تركز روسيا على المنطقة كسوق لصادراتها الاستراتيجية، مثل الآلات والمعدات والأجهزة والشاحنات والحبوب.

رابعا: الموقف الصيني ومزاحمة كل من الولايات المتحدة وروسيا في المنطقة:

  1. ليس للصين ميراث سابق تعتد به في المنطقة، مقارنة بروسيا وريثة الاتحاد السوفيتي، وكذلك الولايات المتحدة والغرب. كما أنها ولفترة طويلة فضلت عدم المشاركة الفعالة في حل المشاكل الدولية والإقليمية، واتخذت موقف الحياد السلبي من قضايا هامة مثل الشرق الأوسط مما دعا الرئيس الأمريكي أوباما بأن يصف الصين بأنها "استخدمت سياسة الراكب الحر خلال (30) عاماً"!!
  2. لم تقف على الحياد فقط في القصايا الدولية الشبيهة بقضاياها، فقد امتنعت عن التصويت في مجلس الأمن ضد انفصال القرم عن أوكرانيا، على عكس رغبة أصدقائها الروس، انطلاقاً من قضاياها الخاصة مثل تايوان والتبت وشينجيانج.. وأيضاً حفاظاً على مصالحها الخاصة الاقتصادية مع أوكرانيا.
  3. تتعامل مع العالم العربي والإسلامي بحذر في قضايا التطرف والإسلام السياسي وتصاعد الإرهاب، واضعه في اعتبارها موقف الأقاليم الصينية ذات الأغلبية الإسلامية في غرب البلاد.
  4. منذ عام (1990) وعندما رفضت الولايات المتحدة والغرب، بيع نظم تسلح متطورة إلى الصين، غيرت وجهتها إلى روسيا، والتي لبت ذلك بحجم وصل إلى (60%) من الصادرات التسليحية الروسية إلى الخارج، مع بعض مشاكل تزويد الروس للهند ببعض الأسلحة دون الصين. ولكن لاحقاً تراجع التسليح الروسي إلى الصين تدريجياً متزامناً مع تطور التصنيع العسكري الصيني، والذي يراه بعض المحللين أنه سيساهم بالإضافة لواردات التسليح الروسية إلى تعديل ميزان القوى لصالح الصين.
  5. تعتمد الصين على 50% من واردات النفط في منطقة الخليج، سواء الجانب العربي أو الإيراني، ولكن هذا الاعتماد قد يقل مستقبلاً، نظراً لتوقيعها اتفاقات مع روسيا لتزويدها بالنفط والغاز، وتحصل الصين على (15) مليون طن سنويا من النفط الروسي عبر خط أنابيب سيبيريا – المحيط الهادي، وذلك منذ عام (2011) ويجري العمل لبناء خط أنابيب جديد لزيادة الإمدادات النفطية الروسية. بالإضافة إلى توقيع اتفاق يمتد لثلاثين عاما لضخ ( 38 ) مليار متر مكعب من الغاز الروسي إلى الصين سنويا عن طريق  "الممر الشرقي" من خط أنابيب " قوة سيبيريا "، مع التعاون بين البلدين لتنمية إقليم شرق روسيا الفقير والمتاخم للصين.
  6. الصين والتوجه إلى الشرق الأوسط ومنطقة الخليج:

تريد الصين أن تصحح غيابها السابق عن المنطقة، بتواجد مؤثر وخاصة في المجالين العسكري والاقتصادي، كما تريد أن يكون لها موقف واضح من القضايا الهامة، مثل الوقوف إلى جانب روسيا في القضية السورية لدرجة إرسال إحدى حاملات طائراتها للتدريب مع البحرية الروسية في شرق المتوسط والرسو في ميناء طرطوس والزيارات البحرية إلى كل من الإمارات وإيران، وهي ضمناً رسالة عن قوتها البحرية، حيث تمتلك الصين حوالي (1300) سفينة حربية. كما أنها بدأت في اتخاذ موقف تجاه القضية الفلسطينية، بتبني حل الدولتين على أن تكون القدس الشرقية عاصمة لفلسطين.

‌أ.        التوجه العسكري إلى المنطقة:

زيادة الصادرات التسليحية الصينية إلى المنطقة خاصة أنها كانت البديل المناسب لتباطؤ التسليح الروسي إلى المنطقة في مرحلة سابقة، وتم ذلك لمعظم دول المنطقة التي تعتمد على التسليح الشرقي وخاصة إيران ومصر والعراق والجزائر.. كما اهتمت بصادرات نظم التسليح الصاروخية إلى منطقة الخليج وخاصة السعودية، التي حصلت على نظم (CSS-5) قصيرة المدى ولكنها شديدة الدقة. كما بدأت تفكر في أسلوب التواجد عن طريق القواعد العسكرية، حيث تخطط لبناء قاعدة لها في جيبوتي وهو ما يزاحم فرنسا والولايات المتحدة، كما توظف هذا التواجد لمد خط السكة الحديد الإثيوبي إلى القرن الأفريقي عبر جيبوتي.

‌ب.   التوجه الاقتصادي:

تحاول الصين التقارب مع جامعة الدول العربية باشتراك (9) دول من المنطقة كأعضاء ومؤسسين للبنك الآسيوي الصيني، منهم السعودية وإيران ومصر كما زادت استثماراتها مع مجلس التعاون الخليجي عام (2014م) إلى (990) مليون دولار، بزيادة (8) مليون دولار عن عام (2013م)، كما طرح الرئيس الصيني في منتدى التعاون الصيني العربي عام (2014م) لرؤيته في ثلاثة مجالات للتعاون هي: الطاقة النووية – الفضاء والأقمار الصناعية – الطاقة المتجددة.. كما تم افتتاح مركز (الصين والدول العربية لنقل التكنولوجيا) في (11/9/2015) مع إنشاء فروع للمركز في الدول الصديقة بدءاً بالسعودية والأردن .. بالإضافة إلى ثلاث اتفاقيات شراكة وتعاون استراتيجي مع كل من مصر (2006) والسعودية (2009) وتركيا (2010)، وأخيراً نجحت الصين في النهاية أن تحتل المركز الأول في صادرتها إلى الشرق الأوسط، بديلاً للولايات المتحدة..

خامساً: المثلث الأمريكي الروسي – الصيني، وأثره على التوجهات الخليجية المنتظرة:

  1. يلخص الدكتور هنري كسنجر، وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق، تلك العلاقة المثلثية، بأنها علاقة تنافسية، وأن كل طرف قلق من تقارب الطرفين الآخرين كالآتي:

‌أ.        روسيا: قلقة من مجموعة (G2) بين كل من الولايات المتحدة والصين، كما أنها كانت غائبة عن مجموعة الثمانية، لذلك تحاول تعزيز فاعلية مجموعة بريكس (BRICS)Brasil, Russia, India, China, South Africa)).

‌ب.   الصين: قلقة من علاقة روسيا بالولايات المتحدة والغرب، وخاصة علاقتها بحلف الأطلنطي (NATO) والتعاون في المجال الصاروخي بين الجانبين، كما أنها ترى روسيا تتوجه إلى الغرب من أجل التكنولوجيا والتحديث والتنمية، ولا تريد لعلاقتها مع روسيا أن تعزلها عن الولايات المتحدة وأوروبا.

‌ج.    الولايات المتحدة: تحاول الاستفادة من التنافس الروسي الصيني مع الوضع في الاعتبار أن اتخاذها سياسات معينة ضد أي منهما، سوف يقرب بينهما، كمثال الموقف مع أوكرانيا، وأيضاً توقيع عقوبات اقتصادية على روسيا.

‌د.       المشاكل النووية الهامة بين أضلاع المثلث الروسي – الصيني – الأمريكي: روسيا تريد حدا محددا لحجم القدرات الأمريكية – والصين تخفي قدراتها دون إفصاح كامل – بينما تريد الولايات المتحدة، إفصاحا صينيا كاملا.

سادساً: التوجهات المنتظرة من القوى العظمى والكبرى الصاعدة تجاه منطقة الخليج العربي:

  1. الولايات المتحدة الأمريكية: رغم الفتور السياسي، لا تزال تعتبر أنها هي الحليف الضامن الرئيسي لأمن الخليج، بتواجدها العسكري برًا وبحرًا وجوًا وبالإضافة إلى القدرات الصاروخية، كما يعزز ذلك اتفاقات الأمن مع بعض الدول الخليجية وحلفاء الولايات المتحدة الغربيين كبريطــــانيا وفرنسا وحلف شمال الأطلنطي (NATO).

كما ترى أن اتفاق (5+1) والذي أوقف وأبطأ المشروع النووي الإيراني، ورغم ما حصلت بموجبه إيران على بعض المكاسب الاقتصادية والبترولية، إلا أنه يصب في صالح حلفائها الرئيسيين في منطقة الخليج بالإضافة إلى إسرائيل، بإيقاف وتجميد الخطر الإيراني ولو بشكل مؤقت (10) سنوات، تجاه الخليج وإسرائيل.

  1. روسيا الاتحادية: مازالت في مرحلة التعافي للعودة بقوة كبرى مؤثرة عالميا، حيث مازالت تعاني من العقوبات الاقتصادية وخفض عملتها مع مشاكل انخفاض أسعار النفط، حيث أنها هي أكبر الدول المصدرة له خارج (أوبيك).. التقت توجهاتها بزيادة صادرات السلاح، مع توجهات المنطقة التي تسعى إلى تعدد مصادر التسلح، فكانت البديل الحاضر لنظم التسلح الأمريكي في المنطقة، خاصة أنها ثاني أكبر مصدر للأسلحة في العالم بعد الولايات المتحدة.
    وتعرف أنها لن تكون الحليف الاستراتيجي البديل لأمن الخليج حالياً، ولذلك تسعى إلى تشكيل التحالفات العسكرية المرنة، مثل ما هو مع إيران والعراق وسوريا بوجه خاص لمحاربة داعش، لينتهي هذا التحالف المرن بنهاية المهمة، مع الابقاء على علاقة استراتيجية مع سوريا حتى بعد حل مشكلاتها. وتحاول أن تكون علاقتها بكل من إيران والخليج، علاقة حذرة لعدم إثارة أحد الطرفين، وفي إطار علاقتها الدولية مع كل من الولايات المتحدة والغرب.
  2. الصين الشعبية: نظرًا لعدم وجود ميراث استراتيجي في المنطقة، فإنها تحاول أن تؤسس لحقبة جديدة، تبني أساساً على الشراكة الاقتصادية والتي بدأتها بالفعل مع العديد من دول المنطقة، كما أنها احتلت الصدارة مؤخرًا في صادراتها إلى المنطقة بديلاً للتراجع الأمريكي فيها.
    كما تريد تصحيح استراتيجيتها تجاه مشاكل المنطقة باتخاذ مواقف محددة، بديلاً للسلبية الحيادية السابقة التي أفقدتها أن يكون لها دور هام ومفصلي في الشرق الأوسط، حيث بدأت في تأييد الموقف الروسي لحل المشكلة السوريا، مع وضوح أكبر تجاه القضية الفلسطينية. كما بدأت توجهها العسكري بالتواجد البحري النشط في البحر المتوسط وزيارة قطع من أساطيلها إلى الموانئ الإمارتية والإيرانية، مع التخطيط للتصاعد إلى مستوى إرساء قواعد عسكرية في المنطقة، بدءاً بجيبوتي في القرن الإفريقي، مع عرض مبيعاتها العسكرية في المنطقة والتي تتمتع برخص السعر بالإضافة إلى المبيعات الصاروخية إلى السعودية.

- أوروبا الغربية: لها دور موازٍ للتواجد الأمريكي وحماية أمن الخليج، إلا أن فرنسا كانت سباقة إلى استغلال توجه المنطقة إلى تعدد مصادر السلاح خصوصاً الغربي ذي التكنولوجيا المتقدمة، حيث عقدت العديد من الصفقات مع معظم دول الخليج ومصر، خاصة الطائرة (رافال) وقطع الأسطول البحري متعددة المهام.

سابعاً: مستقبل أمن الخليج في ظل صراعات الدول العظمى والكبرى الصاعدة وتقاسم مناطق النفوذ:

إن تعدد الأقطاب من القوى العظمى الكبرى الصاعدة في منطقة الخليج العربي، يعطي مساحة مناورة استراتيجية لدول الخليج، في التعامل مع تلك الأقطاب دون احتكار أو استقطاب أو هيمنة. لذلك فمن المنتظر أن تتراوح توجهات دول الخليج تجاه تلك القوى العظمى والكبرى، ما بين تحالفات استراتيجية مستقرة، وأخرى مرنة ومؤقتة، وثالثة تركز على الشراكة الاقتصادية بالدرجة الأولى، والأمنية والتسليحية بالدرجة الثانية، كالآتي:

1-    تجاه الولايات المتحدة: سيستمر التعامل معها بصفتها القوة العظمى الوحيدة في العالم، والضامن الرئيسي لأمن الخليج، سواء بالتواجد العسكري المتنوع في الخليج، والمصدر الرئيسي لنظم التسلح المتطورة تكنولوجياً، رغم ما يشوب ذلك التحالف الاستراتيجي، من شوائب تغضب الخليج مثل موقفها تجاه إيران قبل وبعد الاتفاق (5+1) وأن الولايات المتحدة لم تختر إيران كحليف جديد على حساب الخليج، ولكنه نوع من توازن المصالح.

2-    تجاه روسيا الاتحادية: سوف تلتقي مصالح دول الخليج الاستراتيجية، مع رغبة روسيا لتلعب دورًا في المنطقة، لتتسع مساحة المناورة لدول الخليج، حيث تقوم روسيا بدور الموازن، كما في الحالة الإيرانية الخليجية، ويمكن أن يكون التحالف معها مرن ومؤقت تجاه مشكلة معينة مستقبلا، على غرار تحـــالفها المرن مع كل من إيران والعراق وسوريا في محاولة حل الأزمــــة الســورية ويمكن استغلال التوجه الروسي إلى المنطقة، والتي تنظر إليها روسيا ، كحزام استراتيجي ثانٍ، بعد حزام جنوب القوقاز، الذي يمثل المجال الحيوي الهام للجنوب الروسي .

3-    تجاه الصين الشعبية: سوف يكون توجه شراكة اقتصادية بالدرجة الأولى، ومصدرًا إضافيًا هامًا لنظم التسلح بالدرجة الثانية، ويمكن أن يزداد هذا التوجه من دول الخليج تجاه الصين، بتطوير الأخيرة لاستراتيجيتها المحايدة وغير الفعالة في الخليج والشرق الأوسط، وخاصة أنه لا يوجد لها رصيد وميراث استراتيجي في المنطقة.

خاتمة:

رغم بدء تغير البيئة الدولية إلى عالم متعدد الأقطاب والفاعلين، وذلك بصعود بعض القوى الكبرى مثل روسيا والصين وأوروبا الغربية، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية ولفترة ممتدة قادمة، ستظل هي القوى العظمى الوحيدة في العالم، والضامن الرئيسي لأمن الخليج العربي، رغم انكفاء إدارة الرئيس أوباما على الداخل والانكماش الخارجي، لأسباب اقتصادية، وضغوط الرأي العام الأمريكي الرافض للنفقات العسكرية والخسائر البشرية مما نتج عنه الانسحاب التدريجي الأمريكي من العراق وأفغانستان الجوار المباشر لمنطقة الخليج.

كان مبعث القلق الخليجي، نتيجة للتقارب الأمريكي الإيراني بعد اتفاق (5+1) وتخوف الخليج أن يكون هذا التقارب على حساب العلاقات الأمريكية الخليجية، وهو ما حاولت الولايات المتحدة نفيه لحلفائها في الخليج وأيضاً في إسرائيل.  كما أغضب الخليج عدم تحمس الولايات المتحدة لعاصفة الحزم، رغم أهميتها لصالح الأمن الخليجي، وخاصة المملكة العربية السعودية في مواجهة التهديد الجنوبي من اليمن.

تزامن الانكماش الأمريكي، مع تمدد القوى الصاعدة وخاصة روسيا، التي تريد أن يكون لها دور في المنطقة، مثل التحالف المرن في سوريا، أو الدور الموازن تجاه كل من إيران والخليج، كما أنها ثاني أكبر مصدر للسلاح في العالم بعد الولايات المتحدة.

لم يكن للصين رصيد في المنطقة، كما لم يكن لها توجه محدد من مشاكل المنطقة، وهو ما حاول أن تعوضه بمدخل الشراكات الاقتصادية ومبيعات السلاح.   أما فرنسا فإنها تعتمد على مبيعات السلاح الغربي المتطور تكنولوجيا وخاصة في المجالين الجوي والبحري.

ننتهي إلى: أن التحالفات المنتظرة ستكون في شكل تحالف استراتيجي مستقر مع الولايات المتحدة وتحالف مرن مؤقت مع روسيا الاتحادية، قد ينتهي بانتهاء المشكلة، وأخيراً شراكات اقتصادية صينية قابله للتطور مستقبلاً، مع شراكة فرنسية لمبيعات السلاح الغربي المتطور تكنولوجياً.

ونخلص إلى: أن تعدد الأقطاب الفاعلة في المنطقة، يعطي دول الخليج مساحة من المناورة الاستراتيجية، دون الاحتكار والاستقطاب، الذي تتخوف منه تجاه الولايات المتحدة الأمريكية.

مجلة آراء حول الخليج