; logged out
الرئيسية / تلاقي المصالح الهائل...لم ينجح في تطوير العلاقات الخليج وتركيا.. ومعضلة بناء الثقة

العدد 105

تلاقي المصالح الهائل...لم ينجح في تطوير العلاقات الخليج وتركيا.. ومعضلة بناء الثقة

الأحد، 06 آذار/مارس 2016

تمر العلاقات الخليجية – التركية في حالة من "التكامل النظري" الذي يمكن أن يجعلها تعيش عصرها الذهبي، بفعل تلاقي المصالح، وإشتداد المخاطر التي تهدد الجانبين جراء التطورات التي تعصف في المنطقة. لكن الثقة المتبادلة ما تزال بعيدة المنال، وهو ما يتهدد أي تعاون مستقبلي يجمع الطرفين، رغم كل العوامل المساعدة.

 

وهناك ثلاثة عوامل أساسية تفرض هذا التلاقي، أبرزها التباعد اللافت في العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية، التي فضلت إتباع سياسة الإنسحاب من المنطقة، وإدارة الوضع فيها ضمن إطار "الحد الأدنى"، وإتجاهها نحو مهادنة إيران بدلا من مواجهتها.

وأدت هذه السياسة إلى تغيير كبير في "معايير" المواجهة، حيث وجدت دول الخليج نفسها مضطرة للمواجهة المباشرة مع إيران في كل الجبهات، بعدما إستفحل التدخل الإيراني في المنطقة وبات يتهدد أمنها من الخليج إلى المحيط. وتصدرت السعودية، ومن خلفها الإمارات المواجهة، بدءا من اليمن التي دخل التحالف العربي فيها الحرب مباشرة، بعد أن كاد الحوثيون – ومن خلفهم إيران – إلى "الحديقة الخلفية" للمملكة العربية السعودية، بما يتهدد مباشرة أمنها الداخلي ويجعلها تصبح على تماس مباشر مع "المشاغبة" الإيرانية على إستقرارها. أما في سوريا، فقد تصدرت دول الخليج المشهد الداعم للحراك المدني السوري، ثم العسكري.

أما العامل الثالث، وربما الأكثر أهمية، فهو تقارب المصالح الإقتصادية، والتكامل الإقتصادي الموجود على الورق، بين دول الخليج النفطية من جهة وتركيا، القوة الاقتصادية الصاعدة، بما تحمله من مساحات للإستثمار ومن قوة عاملة لا يستهان بها، وخبرات في حقول البناء، والتعطش الكبير للطاقة.

 

وفي المقابل، تحتاج هذه العلاقة، إلى جرعات من الثقة المتبادلة، التي يبدو أنها ما تزال غير قادرة على مجاراة حاجات التلاقي بين الطرفين. فالعلاقات بين الطرفين، مرت بالكثير من أزمات الثقة، إذ يبدو أن تركيا لم تستطع بعد إقناع الدول العربية بأنها لا تمتلك "طموحات عثمانية"، فيما تثير قضية زعامة العالم الإسلامي – السني إشكالية أخرى يصعب تجاوزها، إلا بالعمل الدؤوب، وبناء الثقة.

ويعتبر تبني القيادة التركية لجماعة الإخوان المسلمين، عقدة أساسية في العلاقات مع دول الخليج العربي التي تنفر (معظمها) تاريخيا من هذه الجماعة، وتخشى من طموحاتها السلطوية. فمع إنطلاق شرارات الربيع العربي، ترددت تركيا كثيرا، قبل أن تنخرط في هذه الثورات دعما لجماعات الإسلام السياسي التي ترتكز إلى فكر الإخوان، في تونس وليبيا ومصر وسوريا واليمن، كما مع منظمة "حماس" الفلسطينية، ما أثار حفيظة دول الخليج، وتحديدا السعودية والإمارات والبحرين، خصوصا أن ثمة أحزاب بدأت تفرخ في المنطقة العربية تحمل مسميات قريبة من إسم "حزب العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا. وفيما وجدت تركيا في وصول جماعة الإخوان إلى السلطة في مصر قفزة نوعية، أتت الضربة التي أطاحت بهذه الجماعة لتهز العلاقات الخليجية – التركية، خصوصا أنها ترافقت مع إهتزازة كبيرة في تركيا تمثلت في أحداث حديقة "جيزي" في إسطنبول، وما بدا وكأنه ثورة ضد "إخوان تركيا" مترافقة مع الثورة المضادة ضدهم في العالم العربي كتونس وليبيا ومصر.

وكما نالت العملية التي أطاحت بحكم الإخوان في مصر تعاطفا خليجيا واسعا، تمثل بإندفاعة سعودية – إماراتية هدفت إلى تعويض الدعم القطري المسحوب من مصر، إرتفعت أصوات في تركيا تشكو من "دعم مالي خليجي لإحداث جيزي". وإذا كان هذا الدعم يبقى في إطار التكهنات والحملات السياسية، إلا أن إندفاعة الإعلام الخليجي (عدا القطري) إلى تغطية حركة الميدان التركي، أثارت إستياء تركيا واسعا عبرت عنه قيادات "العدالة والتنمية" بشكل واضح خلال الأزمة. وفي المقابل، كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ينام ويصحو على خطابات تندد بـ"الإنقلاب" في مصر، ويضع على مكتبه شعارات "رابعة" نسبة للميدان الذي تجمع فيه مناصرو الإخوان في مصر، كما فتح لهم أبواب تركيا لإطلاق قناة تلفزيونية تحمل هذا الإسم، وفتح فنادقها لإستقبال قيادات الإخوان الهاربة من مصر.

ويقول مسؤولون أتراك أن دول الخليج وجهت ضربة قوية للإقتصاد التركي في أعقاب حوادث "جيزي". فحينها سحبت أموال أميركية من تركيا قدرت بعشرة مليارات دولار في أيام قليلة، تبعتها خطوة مشابهة من السعودية والإمارات، حتى وصل الضرر إلى نحو 60 مليار دولار خلال شهر واحد. كما يشكو الأتراك من أن الدعم العربي اللامحدود للسلطات المصرية الجديدة، قابله عدم تقديم أية مساعدة لتركيا، رغم طلبها الدعم من أجل التعاطي مع أزمة اللاجئين الذين إنتقلوا إليها من سوريا.

وقد إرتكبت تركيا "فاولات" عدة في الشأن الليبي والمصري..وحتى البحريني، عندما خرج رئيسها رجب طيب أردوغان ليقول أنه "لا يريد كربلاء ثانية" هناك. لكنها عادت لإصلاح الوضع مؤخرا، فقدمت العديد من بوادر حسن النية، كموقفها في اليمن وسوريا.

 

النموذج القطري

وحدها قطر، تصدرت مشهد الإنفتاح على تركيا، منذ البدايات. إنغمست الدوحة في التقارب مع تركيا في كل المجالات، فالإستثمارات القطرية تعد الأولى من بين الدول العربية في تركيا، فيما برز التعاون السياسي إلى حد كبير بين الجانبين، حتى بات أمير قطر ضيفا دائما على أنقرة. فقد سارعت قطر إلى محاولة ملء الفراغ السوري الذي تشكل بعد إنعطافة أنقرة من محاولة إقناع النظام، ورئيسه، بالإستماع إلى صوت شعبه، إلى فتح حدودها أمام المعارضة السورية بحيث باتت تشكل لها قاعدة خلفية هامة.

وكانت تركيا، تعتبر سوريا حجر الزاوية في سياسة الانفتاح على العالم العربي، من خلال التعاون الكبير الذي وصل إلى حد "المناورات العسكرية المشتركة" قبيل اندلاع الثورة السورية عام 2001، كما كانت سوريا بوابة إقتصادية هامة حاولت من خلالها أنقرة فتح الطريق إلى العالم العربي. ومع إقفال هذه البوابة، سارعت قطر إلى محاولة فتح بوابة مباشرة مع تركيا، خصوصا أن قطر كانت شريكا في التحالف السوري – التركي على طريقتها.

وإذا ما نظرنا إلى أن ثمة ثمانية قمم خليجية – تركية خلال العام 2015، فإن اللافت أن أربعا منها – أي نصفها – كانت مع أمير قطر، وثلاث سعودية وواحدة كويتية. أي أن الإنفتاح الخليجي على تركيا ليس بالمستوى المطلوب بعد. علما أن ثمة عدد آخر من الزيارات غير الرسمية التي يقوم بها أمير قطر، والتي تحصل كل بضعة أشهر آخرها في فبراير الماضي.

وتصاعد التوافق التركي – القطري ليفتح الباب أمام التعاون العسكري بين البلدين، والذي تمثل مؤخرا بالإعلان عن قاعدة عسكرية تركية (3 آلاف رجل) في قطر، كما عن قاعدة قطرية في تركيا. وهو تنسيق من شأنه أن يفتح الباب واسعا لتركيا في الخليج العربي.وقد تم توقيع اتفاقية تعاونٍ تتيح تبادل نشر قوات مشتركة بين البلدين. وتتيح هذه الاتفاقية، تبادل خبرات التدريب العملياتي، وتطوير الصناعات العسكرية، مع إمكانية تبادل نشر قوات مشتركة بين البلدين إذا اقتضت الحاجة، وإجراء مناورات عسكرية مشتركة. وقد نفذت القوات المسلحة القطرية والتركية، في قطر، تمرين "نصر 2015" في شهر أكتوبر الماضي.

العلاقات الاقتصادية

وفيما ترتفع بإضطراد عمليات التبادل التجاري والإقتصادي بين تركيا وقطر، على الرغم من ضيق مساحة الاستثمار في قطر، لا تبدو الاستثمارات الخليجية عموما مرضية لتركيا على الرغم من إزديادها اللافت في الآونة الأخيرة. عموما، إرتفعت حركة تدفق استثمارات دول مجلس التعاون الخليجي في سوق العقارات التركية، بنسبة 500% بعد تحرير قانون الاستثمار الأجنبي في تركيا عام 2012، حيث نالت دول الخليج ما نسبته 24% من حصة المبيعات الأجنبية.

وإنتقل التعاون بين تركيا وقطر إلى مرحلة الشراكة الاستراتيجية المتكاملة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية.  وقد بلغ التطور ذروته العام الماضي وهو مرشح للإرتفاع هذا العام أيضا.فقد وقع البلدان عام 2015 مذكرة بين شركة خطوط أنابيب نقل البترول التركية (بوتاش)، وشركة النفط الوطنية القطرية، لاستيراد تركيا الغاز الطبيعي المسال من قطر على المدى الطويل وبشكل منتظم.

وتم تدشين العام الثقافي القطري التركي 2015، كما تم اختيار تركيا ضيف شرف معرض الدوحة الدولي للكتاب، وإفتتح المركز الثقافي التركي "يونس إمره" في الدوحة مركزا له.

ويتوقع أن يبلغ حجم التبادل التجاري 1.5 مليار دولار في عام 2015، بعد أن كان 800 مليون في 2014، بينما في عام 2000، كان الرقم لا يتجاوز 38 مليون دولار. وتعمل في قطر أكثر من 60 شركة تركية كبرى، ونحو 150 شركة صغيرة تعمل في مجال المقاولات والإلكترونيات والتجارة والبنية التحتية، باستثمارات يتوقع أن تصل الى 30 مليار دولار. وتصل الاستثمارات القطرية المباشرة في تركيا إلى 930 مليون دولار، في مجالات الطاقة والمشاريع العقارية والزراعية والسياحة، كما أن هناك دراسات لمشاريع تعتزم قطر تنفيذها في تركيا خلال المرحلة المقبلة من شأنها إذا نفذت أن ترفع هذا التبادل بالمليارات لا الملايين.

أما فيما يتعلق بالسعودية، فالأمور تحسنت بشكل كبير في العام 2015، حيث توج التقارب الأخير بإتفاق على إنشاء مجلس للتعاون الاستراتيجي. هذا وقد زاد حجم التبادل التجاري بين الدولتين عدة مرات خلال السنوات العشر الأخيرة والذي ارتفع من خمسة مليارات ريال ، إلى ما يزيد عن 24مليار ريال (نحو 6 مليارات دولار) نهاية العام 2014.

أما مع الكويت التي زارها الرئيس أردوغان، في 28 أبريل من العام الماضي، فهناك مساع لرفع حجم التبادل التجاري من 569 مليون دولار، إلى مليار دولار خلال عام 2016. وتزيد استثمارات الهيأة العامة للاستثمار الكويتية فى تركيا عن 1.56 مليار دولار بحسب أرقام وزارة الاقتصاد التركية وهي في مجال العقارات، ومراكز التسوق والقطاع المصرفي، والاستثمار في البورصة، ومجالات النقل الجوي. فيما يحتل البنك الكويتي – التركي الذي تأسس عام 1989، ويمتلك بيت التمويل الكويتي النصيب الأكبر فيه، المركز الأول على مستوى البنوك الإسلامية في تركيا من حيث حجم الأصول.

سوريا

عمليا تتفق تركيا مع دول الخليج على معارضة التدخل الروسي في سوريا، ولديها مصلحة مشتركة في إفشال التجربة الروسية، كما أفشلت التجربة الإيرانية من قبلها. فالوجود الروسي في سوريا يشكل تهديدا مباشرا للأمن القومي التركي، خصوصا أن تركيا ترتبط بالحدود الأطول مع سوريا (نحو 950 كيلومتر). وبالتالي تجمعها المصيبة الروسية مع دول الخليج التي تنظر إلى الملف السوري على أنه ملف حيوي وأساسي.

وتتفق تركيا ودول الخليج، على ضرورة وقف التمدد الإيراني في المنطقة، لكن المشكلة تكمن من وجهة النظر العربية، في عدم إتخاذ أنقرة أية خطوات مباشرة في هذا المجال. فتركيا تحافظ على علاقات أكثر من جيدة مع إيران في المجالات الإقتصادية، وعلاقات "مقبولة" معها سياسيا، على الرغم من الإنتقادات التي توجهها القيادة التركية للدور الإيراني في المنطقة. فإيران "الشريرة" عربيا، تعتبر شريكا أساسيا لتركيا في مجالات التعاون الإقتصادي والتجاري، علما أن رئيس الحكومة الحالي داود أوغلو وصف إيران في كتابه الشهير "البعد الاستراتيجي" بأنها "امتداد طبيعي لتركيا في الشرق وبوابة تركيا على القوقاز" كما يرى أن "تركيا وإيران دولتين تكمل كل منهما الأخرى، فتركيا هي امتداد لإيران في الغرب، وإيران امتداد لتركيا في الشرق".

أما في سوريا، فقد مرت العلاقات بين الجانبين، بحالات من المد والجزر كنتيجة طبيعية لغياب الثقة الخليجية بالدور التركي. وقد زادت بعض الممارسات على الأرض من هذه المخاوف، ما أدى عمليا إلى إنتقال الدور السعودي – الإماراتي إلى الجبهة الجنوبية، فيما بقيت الجبهة الشمالية ساحة للدور التركي ومن خلفه القطري.

وقد أثرت هذه التجاذبات إلى حد كبير على المعارضتين، السياسية والعسكرية السوريتين. فكان الخلاف يتمظهر عند كل إستحقاق سياسي أو عسكري.

منذ بداية الثورة، استضافت تركيا العديد من المعارضين السوريين، ثم إبتعد – وأبعد – بعضهم لاحقا لأسباب مختلفة. وكانت تجربة "المجلس الوطني" الذي تهيمن عليه جماعة الإخوان المسلمين، مظهرا واضحا لهذا الاختلاف. وما لبث أن تمت الإطاحة بالمجلس لصالح إئتلاف أكبر يضم قوى مدعومة من دول الخليج العربي سمي الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، وترأسته شخصيات بعضها مدعوم خليجيا، لكنه لا يخلو من النفوذ التركي الواضح، حيث يترأسه حاليا الدكتور خالد خوجة، وهو طبيب سوري من أصول تركمانية، درس الطب في تركيا ويتكلم لغتها بطلاقة.

ما العمل؟

لسنا نبالغ، إذا ما قلنا إن الثورة السورية دفعت غاليا ثمن هذا التباعد التركي – الخليجي، وبالتالي من المنطقي أن يكون للتقارب دورا إيجابيا في دعم قوى المعارضة التي تتعرض لضغوط أميركية هائلة لجرها إلى المفاوضات.

وستكون الثمار الهامة لهذا التقارب، أكثر وأكبر، بمقدار ما تستطيع أن تتفلت من الإدارة الأميركية لهذا الملف، وهو أمر تبدو ملامحه واضحة في التحركات العسكرية والسياسية الأخيرة، المشتركة بين تركيا والسعودية.

وكان من البداية واضحا، وجود مقاربات مختلفة بالشأن السوري بين تركيا والدول العربية. فالطرفان متفقان على مظاهر المعضلة المتثل بالنظام وضرورة رحيله وضرورة إقصاء النفوذ الروسي والإيراني فيه، لكن في المقابل لا يوجد رؤية لديهما لمستقبل سوريا. وهو أمر يجب التنبه إليه ومعالجته بشكل أساسي.

المطلوب خليجيًا

المطلوب من دول الخليج التحرك بشكل جماعي ومنسق نحو تركيا، التي تحتاج في هذه الفترة إلى التعويض عن خسائرها الكبيرة في الاقتصاد والإنماء جراء الأزمة السورية وجراء تدهور العلاقة من روسيا التي تعتبر شريكا أساسيا لتركيا. كما المطلوب منها مد يد العون لتركيا في تحمل عبء اللاجئين السوريين عبر مجموعة من الخطوات المدروسة التي تسمح بتخفيف العبء عن تركيا، وتحسين أوضاع اللاجئين عموما.

وبالإضافة إلى هذا، فتح الأسواق الخليجية بشكل أكبر أمام الحركة التجارية والإستثمارية التركية. فتركيا لديها شركات رائدة في مجال الإنشاءات، وهو القطاع الأكثر نشاطا في الخليج العربي عموما. كما بإزالة بعض القوانين الحمائية التي تعيق بعض الحركة التركية في الخليج.

 

المطلوب تركيا

أما تركيا، فالمطلوب منها تطمين الدول العربية إلى عدم وجود نوايا توسعية، ولا أطماع بـ"خلافة المسلمين"، كما الإبتعاد قدر الإمكان عن إيران، ومساعدة العالم العربي على التصدي لأطماعها التوسعية. والإبتعاد عن مظاهر التدخل في شؤون الدول العربية (الحالة المصرية نموذجا) والتخفيف من الخطاب التركماني (إعتبار تركيا نفسها حامية للجاليات التركمانية).

المطلوب ثنائيًا

أما المطلوب من الطرفين، فهو تطوير العلاقات وبناء إستراتيجيات مستقبلية، خصوصا في الملف السوري، ترسم ملامح سوريا المستقبلية. فإذا ما أقرت تركيا بأن سوريا دولة عربية، مستقبلها الحضن العربي، وأقرت الدول العربية بأن في سوريا بعدا إستراتيجيا تركيا ترسمه الحدود الطويلة بين البلدين والعلاقات التاريخية، سنكون قد تقدمنا خطوة إلى الأمام.

وقد يكون من المفيد رعاية الجانبين لمحادثات سورية ترسم معالم المرحلة المقبلة بشكل واضح، وتحسم هوية الدولة الجديدة في سوريا، خصوصا في ظل المخاوف الكبيرة من سيناريوهات التقسيم التي بدأت تتردد في الأروقة الدولية. وهذا السيناريو مضر للطرفين، لأن تركيا ستصاب جراء وجود كيانين على حدودها، أحدهما كردي يتماهى مع الأقلية الكردية في جنوب شرق البلاد، وثانيهما علوي يتماهى مع الأقلية العلوية جنوبها الغربي. أما الدول العربية فستخسر بذلك دولة محورية من شأن وجودها (بإدارة تمثل طموحات السكان) أن يضيف قوة استراتيجية عربية.

يمكن القول أن الطرفين، لا يمتلكان تصورا لمستقبل سوريا..وهذا التصور وحده يبني الثقة.

مجلة آراء حول الخليج