; logged out
الرئيسية / الصين والعالم العربي: استراتيجية مستقبلية

العدد 106

الصين والعالم العربي: استراتيجية مستقبلية

الأحد، 03 نيسان/أبريل 2016

عندما يتعلق الأمر بالحديث عن الصين، فلابد من انتقاء ألفاظ وصفات ذات دلالات خاصة، من بينها الأعظم، والأكبر، والأقدم، والأشهَر، وهكذا. إن نظرة كاشفة إلى الصين تاريخيًا وجغرافيًا وثقافيًا وتكنولوجيًا وسياسيًا وعسكريًا لابد أن ترتد بمزيج عجيب من الانبهار والتقدير، ودعوة ملحة إلى التطلع والتأمل، ووقفة ملية للدراسة والاعتبار.

والصين هي أكبر بلد في آسيا ومساحتها 9.6 مليون كيلومترا مربعا من اليابسة وهي تقارب مساحة أوربا، أو 1/15 من العالم، والثالثة على مستوى العالم بعد روسيا وكندا، وتضم 56 من القوميات. وقد بلغ تعداد سكانها 1.38 بليون نسمة في 2016م، بما يمثل18.72% من سكان العالم.

وتمثل الصين واحدة من أقدم الحضارات في العالم تمتد جذورها في التاريخ إلى خمسة آلاف عام، وقد أنشأ الصينيون ثقافة رائعة على امتداد آلاف السنين الأخيرة. ومنذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية في 1949م، حدثت تغيرات هائلة، وبالأخص بعد 1978م، عندما شرعت في تنفيذ سياسة الإصلاح والانفتاح على العالم الخارجي.تتبني الصين سياسة خارجية مستقلة تسعى إلى توطيد علاقات الصداقة والمساواة والمصالح المتبادلة مع الدول الأخرى، وتقوم على خمسة مبادئ: الاحترام المتبادل لسلامة وسيادة الأراضي؛ عدم الاعتداء المتبادل؛ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين؛ المساواة والمنفعة المتبادلة؛ والتعايش السلمي. تهدف هذه السياسة إلى توطيد أواصر الوحدة والتعاون مع كل دول العالم ومعارضة قوى الهيمنة وحماية السلام العالمي.[1]وتلعب الصين اليوم دورًا متعاظمًا في العالم، وتلقى اهتمامًا متزايدًا يومًا بعد يوم. ويبدو أن القرن الواحد والعشرين سيكون القرن الآسيوي، تقوده القوى الصاعدة ممثلة في كل من روسيا والصين والهند.

ولما كان الموضوع معنيا بالعلاقة بين الصين والعالم العربي، فمن المهم أن نقترب أكثر من الأفكار والمفاهيم والرؤى التي تحدد أطر هذه العلاقة، وأن نبني عليها أحوال الواقع وآفاق المستقبل، ونتبين مواضع القوة ومكامن الضعف، انطلاقًا إلى تحقيق مصلحة الجميع، واستشرافا لنماذج النهج القويم صوب الأهداف العليا للشعوب، في الحرية والرفاهة والسلام.

الشراكة الاقتصادية:

تعتبر الصين ثاني أكبر مستهلك للطاقة في العالم، وهي تستورد أكثر من نصف وارداتها النفطية من دول الخليج، وستكون أكبر سوق للصادرات النفطية الخليجية بحلول عام 2030م، وهي بصدد تعزيز علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع دول الخليج من خلال توقيع العديد من الاتفاقيات في مجالات التجارة والصناعة والتكنولوجيا والطاقة والتعليم. وتتطلع دول الخليج إلى أن تكونالصين سوقا ضخمة للمنتجات البتروكيميائية والصناعات المعدنية التي أخذت تتوسع في ضوء الخطط والاستراتيجيات طويلة المدى لدول التعاون بهدف تنويع الموارد ومصادر الدخل[2].

وتسعى الصين إلى رفع حجم اقتصادها إلى 4 تريليونات دولار بحلول عام 2020م، وتتوقع أن يكون لدول الخليج دور بارز في هذه الزيادة. وقد سجلت حركة التجارة بين الجانبين ارتفاعًا ملحوظًا منذ عام 1991م، إذ بلغ حجم التبادل التجاري آنذاك 1.5 مليار دولار، ارتفع في 2002م، إلى 11.2 مليار دولار، ثم في 2005 م، إلى 33.8 مليار دولار، ليقفز في 2008م، إلى 70 مليار دولار (42 مليار دولار صادرات خليجية إلى الصين + 28 مليار دولار واردات من الصين)، ثم وصل في2014م، إلى 175.25 مليار دولار (نحو 110 مليارات دولار صادرات خليجية + 70 مليار دولار واردات صينية) ليبلغ حجم التبادل التجاري بين الصين ودول الخليج نحو 279 مليار دولار[3].

الصفقات العسكرية

انتعشت سوق الأسلحة في الشرق الأوسط مع بداية الربيع العربي، حيث ازدادت واردات السلاح بنسبة 61% خلال السنوات الخمس الأخيرة، وأصبحت السعودية ثاني أكبر المستوردين للأسلحة عالميًا.ووفقًا لدراسة أجراها معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام. يذكر أن الهند احتلت المرتبة الأولى (14%) في واردات الأسلحة، تلتها السعودية (7%) ثم الصين في المرتبة الثالثة (4.7%)، ثم الإمارات التي احتلت المرتبة الرابعة عالميا (4.6%).

وارتفعت نفقات السعودية العسكرية بنسبة 275% خلال السنوات ما بين 2006 و2010م، فيما ازدادت نفقات الإمارات على السلاح بنسبة 35%، وقطر بنسبة 27 %.

ووفقًا لدراسة المعهد السويدي تبقى الولايات المتحدة وروسيا أكبر مصدرين للأسلحة في العالم، حيث تسيطر الولايات المتحدة على 33% من سوق الأسلحة في العالم، تليها روسيا بنسبة 25 %، وتأتي الصين في المرتبة الثالثة بنسبة 5.9%، وفرنسا في المركز الرابع بنسبة 5.6 %، أما الصين، فيلاحظ حسبما أوردت "رويترز" هبوط وارداتها من السلاح بنسبة 25% في الأعوام من 2011 إلى 2015م، مقارنة مع فترة السنوات الخمس السابقة، مما يشير إلى تزايد الثقة في الأسلحة المحلية، بينما نمت صادراتها في الفترة ذاتها بنسبة 88%.[4]

الانفتاح على العالم

تشير تحركات بكين الدبلوماسية بخروج التنين الصيني عن موقفه المحافظ نحو الانخراط أكثر في القضايا العالمية وصوغ سياسات توظف كلا من الاقتصاد والسياسة لخدمة أهداف الصين المحلية والدولية.

وقد أصدرت الصين في 13 يناير 2016م، وثيقة عن سياستها العربية، تعبر عن اهتماماتها في الشرق الأوسط. تدعو الوثيقة إلى تعميق عُرى التعاون الاستراتيجي والتطوير المشترك على أساس المنفعة المتبادلة. كما تؤيد عملية السلام في الشرق الأوسط، وقيام دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وتدعم الجامعة العربية، وتؤيد إنشاء منطقة منزوعة السلاح النووي في الشرق الأوسط، ومحاربة الإرهاب. وتعرض للتعاون في مجالات البنية التحتية والتسهيلات التجارية والطاقة النووية والأقمار الاصطناعية والطاقة الجديدة والزراعة والتمويل.[5]

وفي جولته الأولى للعام الحالي اختار الرئيس الصيني شي جين بينغ منطقة الشرق الأوسط. واللافت أن الجولة تضم إضافة إلى مصر كلا من السعودية وإيران اللتين تعيشان فترة حالكة في تاريخ علاقاتهما وصلت إلى قطع العلاقات الدبلوماسية والتلويح بأعمال عسكرية مباشرة على خلفية أحداث الحج في العام 2015، وإعدام نمر النمر.

وبديلا عن زيارته للولايات المتحدة، كانت زيارة الرئيس الصيني لإيران كأول رئيس أجنبي يضع قدميه على أرض إيران بعد رفع العقوبات.

ولا يمكن النظر إلى جولة الرئيس الصيني بمعزل عن استراتيجية بكين وتحركاتها في السنوات الأخيرة. فالصين تركز على فتح أسواق جديدة لبضائعها في العالم، وزيادة حجم استثماراتها وعمل شركاتها في الخارج، وضمان أمن الطاقة لإمداد اقتصادها بحاجاته المتزايدة. ويلاحظ أثر هذه العلاقة في آسيا الوسطى بالنظر إلى مشروعات البنية التحتية الضخمة وتشييد أنابيب النفط والغاز من تركمانستان وكازاخستان وأوزبكستان، وحتى في البلدان الأفريقية الغنية بالنفط والغاز. ومما لا شك فيه أن النمو الاقتصادي الكبير للصين وتوسع خريطة استثماراتها، وتشعب علاقاتها مع مختلف البلدان في القارات الخمس يحتم على بكين زيادة دورها السياسي العالمي في كثير من المناطق التي كانت حكرًا في وقت سابق على الأعضاء الدائمين الأربعة الآخرين في مجلس الأمن الدولي.[6]

إيران: الحليف الأهم

علاقات الصين بإيران علاقات وثيقة ومتينة، ربما كأحد أقوى وأهم الأوراق للصين في المنطقة، وفي الخليج بالطبع. يتجاوز حجم التبادل التجاري بين البلدين 45 مليار دولار سنويًا. وقَّع البلدان العديد من الاتفاقات الاقتصادية والعسكرية، فخلال الحرب العراقية الإيرانية زودت الصين إيران بصواريخ باليستية كانت نواة القوة الصاروخية الإيرانية فيما بعد.

بشكلٍ عام تحتاج إيران علاقاتها بالصين لاعتبارات سياسية واقتصادية عديدة. منها احتياجها لظهير دولي قوي في مواجهة الولايات المتحدة، خصوصًا بالتواجد الأمريكي القوي في الخليج عبر قواعده المنتشرة فيه. ظهر هذا الظهير عام 2012 باستخدام حق الفيتو لصف النظام السوري.

في فترات فرض العقوبات على إيران كانت الصين تمثل بابًا آخر تستطيع إيران من خلاله نفض غبار العقوبات عن كاهلها، باعتبار أن الصين هي الشريك الأقوى اقتصاديًا لإيران. بالمبادلة تحتاج الصين لنفط وغاز إيران إضافة إلى احتياجها لظهير قوي في المنطقة، والتي تبدو أنها ستصبح في القريب العاجل مسرحًا لصراع النفوذ بين أمريكا وروسيا والصين.

أهمية الخليج بالنسبة للصين

هناك رؤية أولى تقول إن الصين ليس لديها مصالح "استراتيجية" حيوية في الشرق الأوسط تتطلب الحماية. فالمنطقة بعيدة عن الصين وليس من المحتمل أن تخرج منها قوى معادية تهدد الأراضي الصينية. كما أنها لا تمثل منطقة نفوذ صيني تقليدي. فمصالح الصين في الشرق الأوسط تتمحور حول النفط والتجارة. وهي تعتزم مواصلة العلاقات الودية والتعاونية مع كل دول الشرق الأوسط من منطلق هذه المصالح، ولكنها لا ترى أي جدوى من التورط في المخاطر والتكاليف الأخرى المرتبطة بالغوص في نزاعات في الشرق الأوسط.

إن لدى الصين مصلحة في الحفاظ على الاستقرار في الشرق الأوسط، ولكن التدخل المباشر في تلك المنطقة سعيًا لتحقيق هذا الهدف يتجاوز القدرات الصينية. وتأمل الصين من الولايات المتحدة أن تدعم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وبكين على استعداد للتعاون مع واشنطن في هذا الصدد إلى الحد الذي تسمح به قدرات الصين المحدودة. وفيما يتعلق بنشر القوات الأمريكية وحتى التدخلات في منطقة الشرق الأوسط فإن الصين لا يمكنها أن تدعم علنا مثل هذه الأعمال. ومع ذلك، فإنها تقر بأن التحركات العسكرية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية في تلك المنطقة تخدم مصالح الصين، وبالتالي لاتتعارض جديًا مع جهود الولايات المتحدة. وقد أفاد العديد من المحللين الصينيين بصراحة بأن الصين تعتزم "الركوب المجاني" في قافلة الجهود الأمريكية في الشرق الأوسط. ولكن في حالة إذا ما فشلت الولايات المتحدة في تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط (ربما بسبب عدم كفاية الدعم المقدم من الصين ودول أخرى)، فلن تتحرك الصين. وفي مثل هذه الحالة -كما أشار أحد المحللين -إذا انزلق الشرق الأوسط إلى حالة من الفوضى، فسيكون أمل الصين أن تتدخل قوى أخرى مثل أوروبا وروسيا، والأمم المتحدة وحتى إيران.

وإذا فشلت جهود الصين في التعاون مع دول الشرق الأوسط في مجال الطاقة، أو إذا تحولت الظروف في المنطقة إلى حالة من الفوضى، فسوف تتجه الصين "إلى الذهاب إلى مكان آخر" لجلب النفط، إلى أفريقيا أو أمريكا اللاتينية، كما ستلجأ إلى سياسات الترشيد، ورفع الكفاءة، وتطوير الفحم الأقل تلويثا للبيئة والوقودغير الأحفوري. قد تكون هذه الحلول عالية التكلفة، ولكنها في نهاية المطاف أقل تكلفة من المغامرات في منطقة الشرق الأوسط والتحركات الدبلوماسية المهينة، وستسمح للصين بالاحتفاظ بقدر أكبر من السيطرة على التدخلات الخارجية. ويبدو أن الحسابات الصينية تأخذ في الاعتبار أيضًا أن معارضة سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط ستكون مكلفة جدًا من منظور أوسع للعلاقات الصينية الأمريكية. فالولايات المتحدة الأمريكية تمثل قوة متغطرسة ومهيمنة تسعى للسيطرة على نفط الشرق الأوسط باعتباره منطلقًا للهيمنة على العالم. ولكن بالضبط لأن الشرق الأوسط هو محور التحرك للهيمنة على العالم، فإن الجهود الصينية لمواجهة الولايات المتحدة الأمريكية في تلك المنطقة يمكن بسهولة أن تفسد الأجواء بين الصين وأمريكا، مما يقوض المناخ الدولي المواتي للصين في حركة التنمية.

أما الرؤية الأخرى المغايرة فهي أن الصين تدرك أن الشرق الأوسط له من الأهمية ما لا ينبغي معه تركه للآخرين، وأن التغافل عن تلك الحقيقة قد يجلب الأخطار على الصين، ولم تعد الصين تقبل بالجلوس على جانبي الطريق وتراقب المنطقة وهي تهوي إلى الفوضى.

وعلى جدلية اندلاع حرب بين إيران من جهة، والسعودية وحلفائها من الجهة الأخرى، وحدوث تدمير للبنية التحتية لإمدادات النفط، فسيؤدي ذلك إلى انفلات أسعار النفط وتهديد الاقتصاد العالمي. ولما كان نصف واردات الصين النفطية تأتي من الخليج، فمن المرجح أن تلحق هذه الأزمة أضرارا بالصين أكثر جسامة من تضرر أي اقتصاد رئيسي آخر[7].

لا تتمثل أهمية الخليج بالنسبة للصين فقط في كونه سوقًا كبيرًا وهامًا للسلع الصينية، خصوصًا بعد ارتباط الصين ارتباطًا شبه عسكري مع دول خليجية كإيران. البُعد الآخر، وغير المباشر، هو النفوذ الذي تسعى إليه الصين في المنطقة لمحاولة زحزحة الولايات المتحدة وإثبات نفسها كلاعب إقليمي ينافسها. البعد الآخر هوَ محاولاتها لضمان تدفق النفط من الخليج إليها خصوصًا أنها تعتمد على 50% من نفطها على دول الخليج. بالطبع وجود حليف إقليمي قوي كإيران أحد أهم المكاسب التي تحقق للصين مآربها في المنطقة.

البعد العسكري

كانت هناك إشارة فيما سبق إلى معاملات عسكرية بين الصين والسعودية وإيران. التعاون الأكبر كان بالطبع مع إيران. في نهاية سبتمبر الماضي زارت مدمرة وفرقاطة صينيتان ميناء بندر عباس الإيراني، ثمّ بدأتا تدريبات مشتركة مع القوات البحرية الإيرانية لمدة أربعة أيام، هذه هي الزيارة الأولى لسفن بحرية صينية لإيران.

لم يكن هذا هو الظهور الوحيد للبحرية الصينية في الخليج، في العام 2010م، رست سفن صينية في ميناء زايد في الإمارات. هذه السفن التي زارت إيران والإمارات تشارك في عمليات مكافحة القرصنة في خليج عدن. في العام 2010م، أيضًا قامت طائرات صينية بالتزود بالوقود من إيران في طريقها إلى تدريبات في تركيا. كانت هذه الزيارة أول زيارة تقوم بها طائرات حربية أجنبية لإيران منذ الثورة 1979م.

ومما يوحي بنوايا الصين في مدّ وتوسيع وجودها العسكري أكثر في المنطقة من ذي قبل، تلك القاعدة المنشأة في جيبوتي التي ستتولى الإشراف على العمليات” التجارية والاقتصادية والأمنية “للصين. ليس هذا فقط وإنما تقدم الصين للحكومة الجيبوتية دعمًا قويًا ومتينًا في خدمات تطوير الموانئ وغيرها. ناهيك عن علاقات الصين القوية والدائمة مع إيران لأكثر من ثلاثين عامًا. وبحسب مايكل سينغ، الكاتب والمحلل السياسي الأمريكي، ينبغي على الولايات المتحدة أن تأخذ حذرها من تحركات الصين خصوصًا أن لها مشروعات اقتصادية عملاقة في العالم العربي وخصوصًا في دول الخليج يمكن اعتبارهاتمهيدًا لتواجد عسكري.[8]

علاقات التعاون

علاقات الصين مع إيران ليست على حساب علاقاتها مع دول مجلس التعاون، والصين تدعم بكل ثبات دول المجلس للحفاظ على سيادتها وأمنها،وتتحرك بشكل إيجابي لإنشاء منطقة التجارة الحرة بين الصين ودول الخليج.

إن مبادرة "الحزام والطريق" المطروحة من الصين تنطلق من روح طريق الحرير والذي يتمثل في "السلام والتعاون ٬ الانفتاح والتسامح ٬ التعلم المتبادل والاستفادة المتبادلة ٬ والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك" وتسريع الترابط والتواصل بين قارات آسيا وأوروبا وأفريقيا والبحار المحيطة بها.[9]

في الاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني – العربي في عام 2014م، طرح الرئيس الصيني "شيجين بينغ" الارتقاء بمستوى التعاون العملي الصيني العربي في ثلاثة مجالات ذات تكنولوجيا متقدمة كنقاط اختراق ٬ تشمل: الطاقة النووية٬ والفضاء والأقمار الصناعية٬ والطاقات المتجددة.

العقد المقبل يعتبر فترة حاسمة للتنمية بالنسبة إلى الصين والدول العربية٬ فقد دخلت الصين المرحلة الحاسمة لإنجاز بناء مجتمع رغيد على نحو شامل٬ وتمر منطقة الشرق الأوسط الآن بتغيرات وتعديلات كبيرة لا مثيل لها من قبل. وفي الدورة السادسة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي الصيني ٬ التي عقدت في يونيو عام 2014م، تم اعتماد "الخطة التنموية العشرية لمنتدى التعاون العربي الصيني للفترة من عام 2014م، إلى عام 2024م"٬ التي طرحت إقامة حوار سياسي استراتيجي على مستوى كبار المسؤولين وتسريع بناء منطقة التجارة الحرة بين الصين ودول المجلس ودفع تسهيل التجارة ٬ وتنفيذ "برنامج الشراكة الصينية العربية للعلوم والتكنولوجيا "

في الوقت الراهن٬ شهدت منطقة غربي آسيا وشمالي أفريقيا اضطرابات واندلعت القضايا الساخنة واحدة تلو الأخرى٬ خاصة انتشار التطرف والإرهاب خارج السيطرة٬ الأمر الذي زعزع الأمن والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي. إن الجانب الصيني يتابع ذلك باهتمام، ويأمل تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة وإعادة الحياة الآمنة لشعوبها. تدعم الصين بكل ثبات دول المجلس للحفاظ على سيادتها وأمنها ٬وتهتم بجهود دول المجلس في سبيل ذلك٬ وتستعد لتعزيز التنسيق والتعاون معها في كافة المجالات بما فيهاالدفاع والأمن ٬ لكي تلعب دورًا بناءً في صيانة السلام والاستقرار في المنطقة.

خاتمة

تنتهج الصين بدأب وثبات سياسة خارجية سلمية مستقلة٬ ومن المستحيل أن تتمتع الصين بمكانتها الدولية اليوم بدون استقلاليتها. وتقرر الصين مواقفها وسياساتها في كافة الشؤون الدولية٬ انطلاقًا من المصالح الأساسية للشعب الصيني والشعوب العالمية وحسب حقيقة كل أمر من الأمور٬ لن تخضع الصين لأي ضغط خارجي٬ ولن تتحالف مع أية دولة كبرى أو أي تكتل دولي. وستستمر الصين في التمسك بهذه المبادئ. وقد استغلت الصين بمهارة امتيازاتها المتواضعة في بناء علاقات قوية في منطقة الخليج، ويشار إلى أنها قوة غير مستعمرة ولا تسعى إلى إحداث تغيير جذري في المنطقة كما تفعل القوى الأخرى.

إن الدور الجديد للصين في الشرق الأوسط لن يروق للأمريكان الذين اعتادوا أن يمثلوا السمسار الأوحد للقُوَى في المنطقة، ولكن مع تفاقم الأزمات فيها والانتخابات الأمريكية القادمة فعلى واشنطن أن تتقبل تقدم الصين في الشرق الأوسط.

تدعم الصين أنشطتها الاقتصادية والسياسية ببناء مواز لقدراتها العسكرية خاصة قبالة شواطئها وفي المحيط الهندي. ولا تحاول الصين الآن إغضاب الولايات المتحدة أو استفزازها عبر تكثيف حضورها العسكري في منطقة الخليج لكنها تقوم ببناء المزيد من القطع البحرية الضخمة٬ وتعزز بشكل متواصل طاقاتها العسكرية عند معابر وطرق أنابيب النفط والغاز القادم من الشرق الأوسط؛ وذلك في دول وسط آسيا وإيران.ولا شك أن المصالح الاقتصادية الضخمة للصين مع العالم العربي تقتضي بطبيعة الحال حماية تتمثل في مدّ وتوسيع وجودها العسكري في المنطقة أكثر من ذي قبل.

 

[1]The Outline of China, ISBN 978-7-5027-6866-9, (2007), pp.97

[2]ياسين السليمان، الصين والخليج العربي. نمو في العلاقات يرسم معالم مستقبل واعد، الخليج أونلاين،

http://alkhaleejonline.net/articles/

[3] المرجع السابق.

[4]https://arabic.rt.com/news/

[5] نص الوثيقةhttp://news.xinhuanet.com/english/china/2016-01/13/c_135006619.htm

[6]الصين-وجدلية-العلاقة-بين-السياسة-والاقتصاد/https://arabic.rt.com/news/807873-

[7]Gal Luft, “China’s New Grand Strategy for the Middle East”, http://foreignpolicy.com/2016/01/26/

[8]http://www.alriyadh.com/987716

[9]http://www.alsharq.com/news/details/382274

مجلة آراء حول الخليج