; logged out
الرئيسية / موسكو لم تسحب قواتها من سوريا بل أعادتها إلى حجمها قبل مضاعفتها الحضور الروسي والضغوط على العلاقات العربية ـ الخليجية

العدد 108

موسكو لم تسحب قواتها من سوريا بل أعادتها إلى حجمها قبل مضاعفتها الحضور الروسي والضغوط على العلاقات العربية ـ الخليجية

الخميس، 09 حزيران/يونيو 2016

يحفل تاريخنا العربي بالعديد من محاولات التكامل، والتي لم تتجاوز في معظمها مرحلة "المشروع"، ولم تكلل بالنجاح، أو تتقدم خطوات جادة للأمام. الأمر الذي أثار التساؤل في أذهان أجيال متعاقبة من الباحثين والدارسين حول: الأسباب التي تؤدي إلى إجهاض مشروعات الوحدة العربية مبكرًا جدًا، ولماذا نجحت أوروبا فى تطوير مشروعها الوحدوي وصولاً إلى الاتحاد الأوروبي وفشل العرب، رغم أن فكرة الوحدة العربية أقدم بكثير من نظيرتها الأوروبية. هذا فضلاً عن توافر كل المقومات الداعمة للوحدة وفي مقدمتها وحدة الهوية واللغة والتاريخ وغيرها من العوامل الحضارية والثقافية التي تمثل إطارًا معضدًا للوحدة.

إن التجارب التكاملية العربية خلال الستينات ومطلع السبعينات من القرن الماضي جاءت جميعها فوقية بقرار رئاسي ولم يصاحب ذلك أو يتبعه ارتباط وظيفي يعزز التوجه نحو التكامل أو تزايد التفاعلات وانتقال السلع والأفراد بين الدول التي شملتها هذه التجارب. فجميعها كانت محاولات للإندماج السياسي، ولم تكن وظيفية تدرجية تنطلق من قاعدة صلبة من الارتباط الاقتصادي، رغم الهوية المشتركة والتلاحم بين الشعوب العربية عامة وتلك في الدول التي شهدت محاولات وحدوية.

فقد كانت المشروعات التكاملية العربية تبدأ عادة بتقارب شخصي بين زعماء الدول المعنية وتنتهي بخلاف شخصي بينهم، وكانت رغبة بعض الزعماء فى الاستئثار وتأكيد الزعامة، والميل إلى المنافسة أكثر من الشراكة والتعاون، حجر العثرة التي حطمت عددًا من المشروعات الوحدوية في العالم العربي. ولم تفلح التهديدات الأمنية المشتركة وحدها في ضمان تماسك المشروعات التكاملية بين البلدان العربية. ويعتبر مجلس التعاون الخليجي الذي تم تدشينه مطلع الثمانينات محاولة جادة لتجاوز سلبيات الخبرات السابقة والاستفادة من دروس التجربة الأوروبية في التأسيس لهيكل وظيفي فعال يدعم التكامل والتعاون بين دوله على أسس موضوعية.

وقد كان للبعد الدولي وتدخلات القوى الكبرى والحرب الباردة بين القوتين العظميين دور هام في تراجع العديد من مشروعات التكامل العربي خلال الخمسينات والستينات من القرن الماضي، كما أشعل تدخل القوى الكبرى الانقسام الذي شهده العالم العربي بين النظم الثورية ذات العلاقات الوثيقة مع الاتحاد السوفيتى بقيادة مصر، والنظم المحافظة التي كانت تخشى المد الثوري الاشتراكي على بنائها السياسي والاجتماعي.

وقد أعادت الثورات العربية التي اندلعت مطلع عام 2011م، وتداعياتها وخاصة الأزمة السورية بعضًا من خبرة العامل الدولي وتأثيره على التكامل العربي. فقد أدت الأزمة السورية إلى استقطابات دولية وإقليمية نادرة الحدوث، ومنذ الإرهاصات الأولى للأزمة بدا واضحًا أن الموقف الروسي منها يدعمه ذلك الإيراني جاء مناقضًا لنظيره الأمريكي والعربي عامة والخليجي خاصة. وبتطور الأحداث وتلاحقها كشفت الأزمة عن توجه روسي واضح نحو التأسيس لحضور قوي وفاعل في منطقة الشرق الأوسط يتخذ من سوريا منطلقًا له ويتسع تدريجيًا في المحيط العربي ليضم حلفاء جدد.

فقد مثل تدخل روسيا وبدء ضرباتها في سوريا نقطة تحول مفصلية وغير متوقعة في سياستها تجاه المنطقة، ورغم إعلان روسيا سحب الجزء الأساسي من قواتها الجوية، إلا أن ما تم بالفعل هو في الواقع خفض لحجم هذه القوات وليس سحب كامل لها. ومن المعروف أن روسيا ضاعفت من حجم قواتها الجوية في سوريا مع بدء ضرباتها، ثم قامت منتصف مارس الماضي بسحب القوات الإضافية والنوعية التي لم تعد في حاجة إليها، لتعود حجم قواتها في سوريا إلى طبيعتها. وقد أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن "القاعدتين الروسيتين في حميميم وطرطوس ستواصلان عملهما كما في السابق". وجاء سحب الوحدات الروسية الأساسية بتنسيق كامل مع النظام السوري، واستمرت موسكو في دعم سوريا عسكريًا واستخباراتيا ودبلوماسيًا، واستمرت الضربات الروسية في سوريا بمستويات وأعداد أقل.

كما أن نشر روسيا لمنظومات "إس 400" في قاعدة حميميم، ومن المعروف أنها الأكثر تطورًا في العالم، والقادرة على صد جميع وسائل الهجوم الجوي المعاصرة، بما في ذلك الوسائل الخاضعة للتطوير، وتدمير كافة أنواع الأهداف الجوية، ووضع الطراد "موسكو" المزود بمنظومة صواريخ "فورت" المضادة للطائرات (المماثلة لمنظومة "إس-300") في ساحل اللاذقية، ليست من قبيل الإجراءت العابرة أو المؤقتة، وإنما هي خطوات جادة وهامة لدعم الحضور الروسي ليس فقط في سوريا ولكن في المنطقة بأسرها، وتعزيز نفوذها في البحر المتوسط وفق ما أشارت إليه العقيدة البحرية الروسية الجديدة الصادرة في يوليو 2015م، والتي أكدت ضرورة ضمان وجود عسكري بحري "دائم" لروسيا وتعزيز المواقع الاستراتيجية لها في البحر المتوسط، خاصة بعد ضم شبه جزيرة القرم.

في هذا الإطار تسعى روسيا إلى حاضنة إقليمية آمنة ومعضدة لنفوذها المتصاعد في سوريا والمنطقة، ومن ثم فهي تسعى لكسب شراكات دول الجوار السوري القريب والبعيد، وتبرز في هذا الإطار الشراكة الاستراتيجية بين موسكو وطهران، وضم العراق ولبنان إلى شركاء روسيا فى المنطقة.

صاحب ذلك عودة الفتور النسبي ليخيم على العلاقات الروسية السعودية بعد الإنفراجة التي شهدتها مع زيارة ولي ولي العهد ووزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان لروسيا العام الماضي، وما أعقبها من تطورات على صعيد تسوية الأزمة السورية والعلاقات الروسية الخليجية، والتي ولدت في مجملها اعتقادًا بانفراجه وشيكة في الاستقطاب الذي ساد المنطقة. ولكن سرعان ما تبدلت المعطيات بالتدخل الروسي في سوريا، وعاد التخوف من انقسام عربي جديد بتفاصيل مختلفة عن تلك التي كانت قائمة في الخمسينات والستينات.

فقد قرأت دول الخليج التدخل الروسي في سوريا على أنه دعم مباشر لبشار الأسد ونظامه، وأنه أضر بالمسار الذي كانت تأمله دول الخليج للأزمة والرحيل الذي بدا وشيكًا للأسد، ومن ثم عاد الفتور إلى العلاقات الروسية ـ الخليجية. وعقب بدء الضربات الروسية أعربت المملكة العربية السعودية عن قلقها البالغ من جراء العمليات العسكرية التي قامت بها القوات الروسية في سوريا، وطالبت بوقفها الفوري.ووصف وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، الضربات الروسية بأنها "تصعيد وموضوع خطير جدًا".

أعقب ذلك تدهور حاد في العلاقات الروسيةـ  التركية على خلفية إسقاط أنقرة للطائرة الحربية الروسية من ناحية، وفي العلاقات السعوديةـ الإيرانية في أعقاب الاعتداء على السفارة والقنصلية السعودية في إيران من ناحية أخرى، مما زاد من حدة الاستقطابات بالمنطقة، فشهدت العلاقات السعوديةـ التركية تحسنًا كبيرًا خاصة عقب زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للرياض في ديسمبر من العام الماضي، وقامت المملكة العربية السعودية بإرسال طائرات حربية إلى قاعدة إنجرليك التركية، وأعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أنه من الممكن أن تطلق أنقرة والرياض عملية برية في سوريا.

وقد أدى تصاعد الاستقطاب في المنطقة إلى تداعيات عدة على العلاقات في إطار البيت العربي، ويمكن إيجاز أبرزها في أربعة أساسية. أولها، التباعد الخليجي العراقي حيث أصبح العراق ركيزة أساسية للتنسيق الاستخباراتي والمعلوماتي للتحالف الروسي ضد الإرهاب والذي يضم إلى جانب موسكو كل من طهران ودمشق. فقد تم التوافق على أن يكون مركز التنسيق العملياتي للتحالف، والذي يضم ممثلي هيآت أركان جيوش الدول الأربع، في بغداد.وأكد الرئيس العراقي محمد فؤاد معصوم في مارس الماضي أن سوريا والعراق دولتان مستقلتان، وأن خطر "داعش" بالأساس على العراق وسوريا، وأن العراق ليس لديه أي اعتراض على التحالف الموجود بين روسيا وإيران والدولة السورية. وأن "روسيا دولة صديقة .... وأن الضربات الروسية في سوريا أثرت إيجابيًا".

ومن المعروف أنه منذ العام 2012م، يزداد التعاون العسكري الروسي ــ العراقي قوة ومتانة حيث وقع البلدانعقدًا كبيرًا بقيمة تجاوزت 4.2 مليار دولار، وذلك على خلفية تدهور الوضع الأمني في العراق بسبب نشاط عناصر تنظيم "داعش"، وحاجة بغداد للمروحيات والطائرات المقاتلة الروسية ومنظومة الصواريخ المضادة للدبابات "كورنيت" في عملياتها الأمنية ضد التنظيم، وتحرير المدن العراقية من سيطرته.

وبدأت روسيا في أكتوبر 2013م، توريد أسلحة تشمل مروحيات حربية من طراز "مي-35 " و"مي-28" (صائد الليل) للعراق، وتدريب عدد من الخبراء العراقيين على قيادة المروحيات في مركز الطيران الحربي الروسي في مدينة تورجوك.وفي عام 2014م، وقعت موسكو وبغداد مجموعة إضافية من العقود شملت توريد طائرات هجوم من طراز "سو-25" ومنظومات دفاعية وذخائر بقيمة تقارب مليار دولار. لتحتل العراق المرتبة الثانية دوليًا بعد الهند والأولى عربيًا من حيث حجم الصادرات من الأسلحة الروسية (11% من الصادرات العسكرية الروسية)، وذلك وفق تقديرات الهيأة الفدرالية الروسية للتعاون العسكري التقني عام 2014م، ولتصبح روسيا ثاني أكبر مصدر للأسلحة إلى العراق بعد الولايات المتحدة.

ثانيها، ألقى الاستقطاب السابق الإشارة إليه في المنطقة بظلال واضحة على تدهور العلاقات الخليجيةـ اللبنانية، فقد قررت المملكة في فبراير الماضي وقف مساعداتها للجيش اللبناني، والتي تقدر بحوالي أربعة مليارات دولار، وبررت المملكة قرارها بأنه "جاء ردًا على سيطرة حزب الله على لبنان وعدم إدانة الأخيرة للاعتداءات التي استهدفت السفارة السعودية في طهران". وصنفت المملكة حزب الله كمنظمة إرهابية واتهمت الحزب "بتجنيد شباب دول مجلس التعاون الخليجي للقيام بالأعمال الإرهابية، وتهريب الأسلحة والمتفجرات، وإثارة الفتن، والتحريض على الفوضى والعنف". واعتبرت أربعة كيانات وثلاثة من رجال الأعمال اللبنانيين، ذوي صلة بأنشطة تابعة لحزب الله، وأكدت أن "المملكة ستواصل مكافحتها للأنشطة الإرهابية لما يسمى بحزب الله بكافة الأدوات المتاحة". وقد قوبل القرار السعودي بتأييد خليجي، حيث أعلنت دول مجلس التعاون الخليجي دعمها لموقف السعودية تجاه لبنان، وقررت منع رعاياها من التواجد في لبنان، خوفًا من قيام حركات مثل حزب الله، بخطف بعض الرعايا واستهدافهم كوسيلة ضغط ضد السعودية.

هذا في الوقت الذي تعتبر الحكومة اللبنانية، الحزب "مكون لبناني أساسي" حيث تضم الحكومة اللبنانية وزيرين اثنين عن الحزب، إضافة إلى ممثلين له في البرلمان اللبناني، الأمر الذي أثار معضلة بشأن مستقبل العلاقات العربية اللبنانية، خاصة وأن جامعة الدول العربية، صنفت حزب الله اللبناني منظمة إرهابية في مارس الماضي، مع تحفظ لبناني عراقي.وقد انسحب الوفد السعودي لبعض الوقت من اجتماعات الدورة رقم 145 لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية، اعتراضًا على كلمة وزير خارجية العراق، إبراهيم الجعفري، التي قال فيها "الحشد الشعبي وحزب الله حافظوا على كرامة العرب ومن يتهمهم بالإرهاب هم الإرهابيون".

ثالثها، يتعلق بالتوجهات العامة للسياسة المصرية، فالتحالف المصري الخليجي توجه ثابت لمصر، وقد كان للمملكة العربية السعودية دور محوري في دعم مصر دبلوماسيًا واقتصاديًا واستراتيجيًا في أعقاب ثورة 30 يونيو، ولولا الدعم والمساندة السعودية والإماراتية كانت الأمور ازدادت صعوبة وتعقيدًا بالنسبة لمصر. فقد قام خادم الحرمين الشريفيين بزيارة مصر في دعم سياسي مباشر للأخيرة، وقامت الرياض بتقديم 5 مليار دولار للقاهرة في أعقاب ثورة 30 يونيو إلى جانب تأمين احتياجاتها الكاملة من البنزين والنفط، وتعتبر المملكة أكبر دولة عربية مستثمرة في مصر حيث تبلغ قيمة استثماراتها 27 مليون دولار، وأعلنت المملكة عزمها زيادة استثماراتها بقيمة 8 مليار دولار، الأمر الذي مكن الاقتصاد المصري من الصمود رغم الصعوبات المتزايدة التي تواجهه. كما كان إعلان السعودية رسميًا جماعة الإخوان المسلمين تنظيمًا إرهابيًا في مارس 2014م، ضمن أول قائمة من نوعها ضمت عددًا من المنظمات داخل وخارج المملكة، دعم كبير لمصر في هذا التوقيت الحرج الذي كانت مصر تتعرض فيه لهجوم حاد إثر إعلانها جماعة الإخوان منظمة إرهابية في ديسمبر 2013م، وفي ضوء ما تقدم تعد الرياض هي الحليف والشريك الأساسي لمصر.

وقد تزامن الدعم السعودي مع دعم سياسي وعسكري روسي لمصر في أعقاب ثورة 30 يونيو، وقام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بزيارة مصر في فبراير 2015م، والتي كانت الأولى لرئيس قوة كبرى لمصر في تضامن ودعم واضح لمصر، وعُقدت لأول مرة اللجنة المشتركة للتعاون العسكري التقني بين مصر وروسيا في مارس من نفس العام بموسكو، وتم في إطارها توقيع بروتوكولا للتعاون العسكري بين البلدين وإتمام الصفقات التي جرى التشاور بشأنها، كما تم توقيع العقد الخاص ببناء أول محطة للطاقة النووية بتكنولوجيا روسية في مصر بمنطقة الضبعة في نوفمبر، وأعتبر خطوة هامة نحو نقل العلاقات المصرية الروسية من الشراكة إلى التحالف الاستراتيجى المستقر.

 في ضوء ما تقدم، وضع التدخل الروسي في سوريا والشراكة الاستراتيجية المتنامية بين القاهرة وموسكو، مصر في مواقف صعبة أحيانًا، تعجز معها عن اتخاذ مواقف مرضية بالكامل لروسيا، أو لدول الخليج. وعلى سبيل المثال، بدا للوهلة الأولى أن مصر ترحب بالتدخل الروسي في سوريا وأنه يصب في صالح مكافحة الإرهاب في المنطقة وفي الداخل المصري. وفي أول رد فعل مصري على التدخل الروسي في سوريا رأى سامح شكرى، وزير الخارجية المصري، "إن المعلومات المتوفرة لدى مصر من خلال الاتصالات المباشرة مع الجانب الروسي تؤكد اهتمام روسيا بمقاومة الإرهاب.. ومحاصرة انتشاره في سوريا، وأن هدفها من التواجد هو توجيه ضربة قاصمة لداعش في سوريا والعراق، وأن هذا سيكون له أثر في محاصرة الإرهاب في سوريا والقضاء عليه". ومثل هذا رد فعل مختلف عن رؤية دول الخليج وتكييفها السلبي للتدخل الروسي، وهو ما تداركته الخارجية المصرية سريعًا، ولكن ظلت مصر غير قادرة على اتخاذ موقف مرضي بالنسبة لدول الخليج من الأزمة السورية يتسق مع التحالف والارتباط الاستراتيجي بين الجانبين، كما أنه لم يكن مرضيًا بالقدر الكافي لروسيا التي كانت تتوقع دعمًا مصريًا أكبر لها بالنظر إلى ارتباط تنظيم "ولاية سيناء" بداعش ومبايعته لها، وتقارب الرؤى والمواقف بين القاهرة وموسكو فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب.  

رابعها، تثير التحركات القطرية الأخيرة تساؤلات عدة حول مدى التزام قطر بالخط الخليجي المتحفظ نسبيًا من روسيا وذلك في ضوء الحراك الدبلوماسي والدفء الملحوظ في العلاقات الروسية ــ القطرية على مدى الستة أشهر الماضية، عكس ما كان عليه الحال وما عكسته زيارة وزير الخارجية الروسي للدوحة في أغسطس من العام الماضي حيث كان التوتر والتباعد بين البلدين هو السمة المهيمنة على العلاقات بينهما.

فقد أشار وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني خلال زيارته لموسكو يوم 6 مايو أن "الدوحة تشاطر موسكو موقفها حول ضرورة الحفاظ على وحدة أراضي سوريا، مشددًا على ضرورة توحيد الجهود لإنهاء الأزمة المستمرة منذ 5 سنوات". وأن زيارته إلى روسيا تأتي في سياق البحث عن سبل لإنقاذ عملية التسوية السياسية بسوريا. سبق ذلك اتصال هاتفي بين الرئيس بوتين والأمير تميم في 19 أبريل، وقام الأخير بأول زيارة له لروسيا في يناير الماضي بدت خلالها العلاقات بين البلدين دافئة ومستقرة، وأكد الأمير خلالها أن "لروسيا دور هام وقوي في العالم وخاصة في الشرق الأوسط، لثقل روسيا ولأهميتها في العالم"، وأن الدوحة تعول "على الأصدقاء في روسيا في حل مسألة معاناة الشعب السوري وللتسوية السياسية التي يجب أن تكون وفق مطالب الشعب السوري". وهو ما عد تغيرًا واضحًا في لغة الخطاب القطري. كما استضافت الدوحة اجتماعات للدول المنتجة للنفط في فبراير ومنتصف أبريل لمناقشة خفض حجم الإنتاج لتحسين الأسعار، وبدا أن هناك تفاهمات روسية قطرية في هذا الخصوص.

إن المنطقة العربية مازالت تموج بالعديد من التطورات السريعة والمتلاحقة التي تتداخل فيها المصالح والضغوطات الدولية والإقليمية، الأمر الذي يتطلب جهد وتضامن عربي حتى يتم تجاوز العاصفة المستمرة لسنوات، ويعود الاستقرار للبلدان العربية، وللعلاقات العربية ــ العربية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

مجلة آراء حول الخليج