; logged out
الرئيسية / الاستفادة من الخبرات اللاتينية في قتال الميليشيات لمكافحة الإرهاب بالخليج التعاون الخليجي الأمني مع أمريكا اللاتينية: متعدد الأهداف

العدد 110

الاستفادة من الخبرات اللاتينية في قتال الميليشيات لمكافحة الإرهاب بالخليج التعاون الخليجي الأمني مع أمريكا اللاتينية: متعدد الأهداف

الأربعاء، 03 آب/أغسطس 2016

لا يوجد أصدقاء لمشاركة أحدنا حياته الطيبة فقط، وإنما "للتخوزق" معه كذلك[1]. وفي عصر التحالفات والتكتلات والتجمعات، بناءً على الأيديولوجيات في النصف الثاني من القرن الماضي، لم تكن دول أمريكا اللاتينية صديقة لدول الخليج. بل كنا في معسكرين مختلفين. حيث كنا أقرب للرأسمالية، فيما كانت أغلب دول أمريكا اللاتينية اشتراكية أو شيوعية، كما اختلفت أنظمة الحكم بين الكتلتين حد التناقض، فقد كانوا ثوريين يساريين، انقلابيين أو حكومات عسكرية. بينما كنا في نظرهم أنظمة وراثية رجعية. ثم أصبحنا أصدقاء دون أن نحمل هموم بعضنا البعض كما أشار غابرييل غارسيا ماركيز"Gabriel Garcia Marquez" أديب كولومبيا وناشطها السياسي الكبير. ويعتبر هيكل حركة عدم الانحياز أول مظلة جمعت دول الخليج مع دول أمريكا اللاتينية منذ ستينيات القرن العشرين. كجمهورية الدومينيكان، سورينام، غواتيمالا، بوليفيا نيكاراجوا، كولمبيا، بيرو، فنزويلا، كوبا والبرازيل، الأرجنتين، باراغواي، وكوستاريكا كمراقبين، ثم منظمة الدول المصدرة للبترول أوبك. ولم تكن العلاقات وثيقة رغم الرابطتين السابقتين وغيرهما من روابط ثانوية أخرى. ويعود تاريخ العلاقات بين العالم العربي ودول أمريكا اللاتينية إلى أكثر من ثلاثة قرون، حيث توافدت موجات الهجرة العربية إلى دول أمريكا اللاتينية بمستويات مرتفعة، وتمكنت الجاليات الفلسطينية واللبنانية والسورية [2].من فرض نفسها عبر الانصهار ولعب دور اقتصادي وسياسي هام في هذه المجتمعات وبعكس ما يرى البعض[3]،لم يكن هناك إدراك من القادة العرب بأن الدفع بالعلاقات العربية مع بلدان أمريكا اللاتينية سيكون استثمارًا جيدًا للرصيد الإنساني والمعنوي في تلك القارة، أو أنه سوف يساهم في تنميته والبناء عليه، مما جعلهم دون تواصل ثقافي عرضة للعزلة لفترة طويلة رفعت قابلية التغلغل الإيراني في نسيج هذه التجمعات خصوصًا الجالية اللبنانية لأسباب عقائدية بالدرجة الأولى .

ثم تم إنشاء قمة الدول العربية ودول أمريكا اللاتينية بناءً على اقتراح من الرئيس البرازيلي لويس ايناسيو لولا دا سيلفا" Luiz Inacio Lula da Silva "، خلال المؤتمر الأول الذي عقد في البرازيل في مايو 2005م، تلاها قمة في الدوحة في قطر، في مارس 2009م، وفي 2 أكتوبر 2012م، جاء مؤتمر القمة الثالث في ليما، البيرو. ثم الرابع في الرياض نوفمبر 2015م[4]. وتتكون القمة العربية الجنوبية من 34 دولة منها 12 دولة من أمريكا الجنوبية، وهي: الأرجنتين وبوليفيا، البرازيل، شيلي، كولومبيا، الإكوادور، جويانا، باراغواي، بيرو، سورينام، أوروغواي، فنزويلا[5].

الإرهاب في أمريكا اللاتينية

استشرى الإرهاب في عالمنا العربي والإسلامي، حيث ذكر تقرير مؤشر الإرهاب الدولي 2014م” الصادر عن معهد “الاقتصاد والسلام” أن أكثر الحوادث الإرهابية سجلت في العراق، أفغانستان، باكستان، نيجيريا، وسوريا. كما احتلت اليمن المركز الثامن، ومصر المركز الثالث عشر، ولبنان الرابع عشر، وليبيا الخامس عشر في مؤشر الإرهاب العالمي[6]. ومن المثير للاهتمام أن الشرق الأوسط لم يكن في قلب خارطة العمليات الإرهابية حتى مطلع القرن الحالي، بل كانت أمريكا اللاتينية هي قلب النطاقات التقليدية للإرهاب. ويقال أن الإرهاب انتقل من أمريكا اللاتينية إلى الشرق الأوسط بعد أن تماهت الحدود الفاصلة، وظهر الإرهاب العابر للحدود. حيث أن الإرهاب كان لفترة طويلة أحد السمات الأساسية لأمريكا اللاتينية، لتعدد أنماطه بين الجريمة المنظمة، والاغتيال السياسي، والخطف بهدف الحصول على فدية، وانتشار عمليات السطو المسلح. ويعد من مسبباته القهر الاستعماري، والدكتاتوريات العسكرية، وانتهاكات حقوق الإنسان، وغياب الديمقراطية، والعدالة، والمساواة، وتفشي الحروب الأهلية والصراعات الأيديولوجية. ويمكن استبعاد أعمال العنف المرتبطة بتجارة المخدرات ليتبقى أعمال العنف ذات الطابع الأيديولوجي اليسارية أو اليمينية المتطرفة، يقابلها عنف الدولة المضاد لقمع تصاعد العنف السياسي[7].  ويُقدر عدد المنظمات الإرهابية في أمريكا اللاتينية بحوالي 26 جماعة إرهابية، أهمها: جيش التحرير الوطني الماركسية في شمال وشمال شرق وجنوب غرب كولومبيا، وكذلك مناطق الحدود الفنزويلية. والقوات المسلحة الثورية كجناح عسكري للحزب الشيوعي الكولومبي، وجماعة سينديرو لومينوسو (الطريق المستنير) وهي أكثر الجماعات الإرهابية عنفاً في بيرو. وحركة توباك أمارو الثورية الماركسية ـ اللينينية لتخليص بيرو من الإمبريالية الأمريكية. وقوات الدفاع الذاتي في كولومبيا حيث تجد هذه الجماعة السند من قِبل النخبة الاقتصادية وتجار المخدرات.

محاصرة الإرهاب الإيراني في أمريكا اللاتينية  

شهد العقد الماضي تقاربًا في العلاقات بين إيران وعدد من بلدان أمريكا اللاتينية، شملت لقاءات على مستويات عليا بين صناع القرار من الطرفين، غير أن التقارب الأخير بين واشنطن وطهران بعد الاتفاق النووي بسط ظلالًا سلبية على تلك العلاقات. وهو وضع لن يستمر طويلا حيث أن هناك إمكانية تحول السلبية في العلاقات الراهنة إلى تسابق بين دول أمريكا اللاتينية للتقرب من طهران. ومن بوادر ذلك قول السفير الفنزويلي في طهران العام الماضي "إن فنزويلا مستعدة لأن تصبح محورًا للصادرات الإيرانية إلى دول أمريكا اللاتينية الأخرى[8]".أما كيف تسربت أصابع طهران في النسيج اللاتيني في تلك الأصقاع البعيدة والمختلفة عن فارس حد التناقض فقد تحقق عبر قنوات القوة الناعمة وقنوات القوة الخشنة كالتالي:

 

- قنوات القوة الناعمة: فعبر القنوات الدبلوماسية تم غزو أمريكا اللاتينية سرًا بواسطة السفارات الإيرانية، حيث افتتحت طهران ستّ سفارات جديدة في أمريكا الجنوبية، وأسست 16 "مركزًا ثقافيًا" في بلدان القارة المختلفة، ونجحت بالتغلغل لفك عزلتها الدبلوماسية جراء العقوبات بمجهود دبلوماسي ممنهج، استمر على مدى عقود لإقامة وزرع نقاط وعملاء استخباراتيين سريين باستخدام المنشآت الدبلوماسية الإيرانية الرسمية. وفي سياق سعي النظام الإيراني منذ بداية الثورة الإسلامية إلى "تصدير" أيديولوجيته الراديكالية باستخدام كل الوسائل الضرورية، استخدمت طهران الوجه الإيراني المتسامح كالمساجد، والمراكز الثقافية، والمدارس، والكتب الدينية والعمل الاجتماعي، وحتى مفتشي اللحوم الحلال، بل وجماعات الكشافة، لتلقين المسلمين المحليين نسختها الخاصة من الإسلام الثوري وكغطاء لشبكتهم الإرهابية. فقد حذرت صحيفة نشنال من تدخلات النظام الإيراني في الدول الأمريكية باستنفار المسلمين في تلك البلدان لصالحه. باستخدام المساجد والمراكز الثقافية والمنظمات الخيرية فاستخدام الملالي الإيرانيين واللبنانيين لترويج وجهات النظر السياسية والدينية من قبل النظام ليس شيئًا جديدًا.[9]  حيث يُرسَل المتحولين مذهبيًا بشكل روتيني إلى قُم، مع دفع تكاليف الالتحاق بالمعاهد الإيرانية المصممة خصيصًا للناطقين بالإسبانية والبرتغالية، قبل عودتهم إلى بلادهم ليكونوا بمثابة مبعوثين غير رسميين لإيران في بلدانهم الأصلية. كما كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، عن أن طهران تعتبر القارة الثانية في أولويات سياستها الخارجية بعد الشرق الأوسط لنشر مخططها المذهبي؛ وأن فنزويلا وبوليفيا ونيكاراغوا رحبت بالوجود الإيراني، مشيرًا إلى أن الدول الأخرى تم غزوها سرًا[10].حيث تواصل الكيانات المدعومة من إيران، مثل "بيت أمريكا اللاتينية في إيران"، ترعرعها في المنطقة بهدف ظاهره حميد، وهو تعزيز العلاقات بين الشعب الإيراني وشعوب أمريكا اللاتينية، غير أن هدفها الحقيقي هو تشجيع العنف، والقمع. أما عبر المؤسسات المالية فقد أقامت إيران شبكات تنتشر في الجزء الجنوبي من القارة الأمريكية تقوم بغسيل الأموال والتخطيط لعمليات إرهابية، عبر بيوت صرافة، ومؤسسات مالية وشركاء عمل خارجين على القانون كتجار مخدرات، ومهربي سلع استهلاكية، ومزيفين، يستخدمون شركات، وبيوت صرافة، ومؤسسات مالية كواجهة[11] ومنها شركات اللحوم والنفط في البرازيل وأوروغواي وفي شيلي[12].

ــ قنوات القوة الخشنة: هناك وجود متنام لأفراد من "لواء القدس" النخبوي الإيراني في أمريكا اللاتينية حيث تم الكشف عن شبكات ضالعة في أنشطة النظام ذات صلة بالمقذوفات والقدرة النووية وبالأخص في فنزويلا. كما كان هناك من أشكال العنف الهجوم على السفارة الإسرائيلية في بوينس آيرس بالأرجنتين والذي أسفر عن مقتل 29 شخصًا. حيث أعلنت جماعة مرتبطة بإيران وحزب الله اللبناني المسؤولية عنه. ثم هجوم على جمعية الصداقة الأرجنتينية-الإسرائيلية، بقرار وتنظيم من أعلى قيادات الحكومة الإيرانية، الذين عهدوا بدورهم تنفيذ هذه العملية إلى جماعة حزب الله اللبنانية، حيث وافق على هذا الهجوم مسبقًا كل من المرشد الأعلى، ووزير الخارجية علي أكبر ولاياتي، ووزير الاستخبارات والأمن الوطني الإيراني علي فلاحيان، وعلي أكبر هاشمي رافسنجاني[13]. ثم كان آخر جولات العنف مقتل المدعي والمحقق في الأرجنتين ألبيرتو نيسمان بطلقة واحدة في الرأس في يناير 2015م، قبل يوم واحد من الإدلاء بشهادته أمام الكونغرس الأرجنتيني، حول ما قيل عن تغطية الحكومة الأرجنتينية لتفجير إيران الإرهابي للمركز اليهودي في 1994م [14].

حزب الله من لاعب محلي إلى لاعب إقليمي ودولي 

ومثلما كان حزب الله اللبناني مشاركًا فعالا في أزمات المنطقة بالعراق وسوريا واليمن، فقد تمكنت الاستخبارات المكسيكية ونظيرتها الكندية، من الكشف عن تحركات أفراد تابعين له في دول أمريكا اللاتينية. فقد انتقل الحزب من قوة محلية في لبنان إلى قوة إقليمية في سوريا، وهو في طريقة لوضع نفسه على الخريطة الدولية منطلقًا من أمريكا اللاتينية. فقد استخدمت طهران رجال الدين الشيعة الإيرانيين واللبنانيين كوكلاء غير رسميين للثورة الإيرانية في أمريكا اللاتينية. فبلال محسن وهبي نقل معلومات وتوجيهات بين الحزب في لبنان وعناصره في أمريكا اللاتينية، وأشرف على أنشطة المخابرات المضادة في “الحدود الثلاثية” بين الأرجنتين والبرازيل وباراغواي[15]. كما أن هناك جماعات الكشافة المرتبطة بالمساجد الشيعية. هذه الجماعات لديها المظاهر الخارجية للحركات الشبابية البريئة، التي تنقل الضمير الاجتماعي للأجيال الجديدة، لكنها في الواقع صورة طبق الأصل من جمعية كشافة الإمام المهدي التابعة لحزب الله. ففي 17 مارس 1992م، قاد مفجر انتحاري من حزب الله التابع لهذه التشكيلات بريئة المظهر شاحنة صغيرة مليئة بالمتفجرات، واقتحم بها السفارة الإسرائيلية في بوينس آيرس. تبعها تفجير جمعية الصداقة الأرجنتينية الإسرائيلية 18 يوليو 1994م.

 

التعاون الخليجي اللاتيني ضد الإرهاب.

توجد مشتركات عدة بين دول الخليج ودول أمريكا اللاتينية، على رأسها وجود الإرهاب في مجتمع الكتلتين. وتحت عنوان الإرهاب تتفق الكتلتين على تحركات إيران وحزب الله غير الشرعية تمثل نوع من الإرهاب بحكم أن حزب الله المدعوم بالكامل إيرانيًا[16]، مدرج في القوائم العربية والدولية للإرهاب. ولحرص دول الخليج في ظل سياسة الانفتاح التي تنتهجها على تنمية وتطوير علاقاتها مع العديد من دول العالم، تطورت العلاقات الخليجية اللاتينية لتنسيق الجهود، فكان من أهم ما خرجت به القمة الخليجية ـ اللاتينية الرابعة في الرياض هو التعاون الإقليمي والدولي لتعزيز مكافحة الإرهاب. ودعوة الأجهزة الأمنية والقضائية المختصة في الكتلتين إلى تكثيف جهودها وتنسيق التعاون لدراسة هذه الظاهرة وأسبابها، ومعالجة جذورها وفقًا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. وبحكم المنطق الداخلي للأحداث في أمريكا اللاتينية كما رأينا في المساقات التي أوردناها أعلاه، حيث يمكننا بحث التصور الخليجي للتعاون مع دول أمريكا اللاتينية لمواجهة الإرهاب بعرض جملة ملاحظات مهمة وأساسية كالتالي:

 

-لا يوجد إلا القليل حول تواجد التنظيمات الإرهابية مثل القاعدة وداعش في أمريكا اللاتينية. لكن نمو بذرة حزب الله في تلك البيئة لوجود الحاضنات الإسلامية، يعني إمكانية نمو داعش والقاعدة في التجمعات الإسلامية هناك. ومخطئ من يظن أن إرهابنا قادر للوصول لهم وأنه ذو اتجاه واحد فقط، فإرهاب أمريكا اللاتينية بالجريمة المنظمة وتهريب السلاح والمخدرات، والاتجار بالبشر قابل للانتشار طالما أن هناك قدرة مالية وحاجة له في بيئتنا.

 

-لقد دعت الأمم المتحدة لإجراءات لمكافحة الإرهاب منها معالجة الأوضاع التي تساعد على انتشاره، وبناء قدرات الدول الأعضاء لمنع الإرهاب ومكافحته؛ ومن خلال" بنك الجنوب " الذي أقر في القمة الخليجيةــ اللاتينية يمكن التوسع في الاستثمارات المختلفة، ودعم جهود التنمية لتجفيف منابع الإرهاب المتمثل بالفقر والبطالة، ودعم الدول ماديًا لحرب الإرهاب.

 

- لقد أدي استخدام روسيا السلاح المتطور بعد تدخلها في الصراع السوري، بالإضافة إلى الوجود العسكري الإيراني المتطور. أدى إلى تقليل استخدام المقاتلين التابعين لحزب الله على الأرض، وبالتالي فإن الوجود العسكري للحزب سيبدأ في التقلص تدريجيًا، وهو ما يمهد لإعادة انتشار جديدة في أرض يعرفها وله بيئة حاضنة فيها، هي أمريكا اللاتينية والخليج، لمرحلة ومهام جديدة[17].

 

- أوضحت وزارة الخارجية الأمريكية مؤخرًا أنَّ النفوذ الإيراني في أمريكا اللاتينية يتراجع لكساد حركة التجارة، كما أن هناك تراجع ملحوظ في الزيارات الرسمية رفيعة المستوى من إيران منذ تولى الرئيس حسن روحاني[18].لكن الأوضاع تظهر أن الاستخبارات الغربية قد منيت بفشل واضح في تقويم الخطر الإيراني على قارة أمريكا اللاتينية الحديقة الخلفية لواشنطن. ويجب أن تكون هناك تحركات خليجية لاتينية لتضمين أمريكا اللاتينية في الحسابات الأمريكية المتعلقة بكيفية التصدي لإرهاب إيران عالميًا، ومن نواح أكثر من مجرد فرض عقوبات شكلية محدودة على حفنة من داعمي طهران. فالإرهاب الذي ضرب أورلاندو في ميامي أثبت أنه ليس بالضرورة من المعسكر المناوئ لطهران بل ربما من محفزات مذهبية موالية لطهران[19]. وإن لم يؤكد ذلك مصدر محايد.

-إن جانبًا كبيرًا من نجاحات حزب الله تكمن في قدرته الهائلة على التقلب لخدمة أهدافه. فحزب الله قادر على أن يعيد تعريف نفسه، فقد نجح في التحول من لاعب محلي في لبنان إلى لاعب إقليمي في سوريا، وهو في مرحلة التشكل ليصبح لاعب دولي في أمريكا اللاتينية كما أشرنا سابقًا. فرغم أن أولوياته العاجلة هي التأثير في التطورات في جواره الإقليمي، إلا إنه يعكف على توسيع تحالفاته، ومن المناطق التي يعدها الحزب أرضًا خصبة، أمريكا اللاتينية[20].وهو بذلك التوسع لا يختلف عن تنظيم القاعدة الإرهابي في شيء.

- خلال اجتماعات القمة الرابعة بالرياض قدمت مقترحات تحث على مبادرات لوقف التطرف وتجنيد الإرهابيين والحض على العنف، وضرورة اشراك المنظمات غير الحكومية، والقطاع الخاص، وجميع من يمكنهم المساهمة في تقديم الحلول. وهنا نشير إلى إمكانية قيام دول الخليج بتجنيد بعض المسرحين من عسكريي أمريكا اللاتينية، فخبرة الجنود اللاتينيين السابقين في قتال المليشيات اليسارية وتجار المخدرات مهارة مطلوبة؛ على أن يتم بالتفاوض المباشر عبر معاهدات لتنظيم استخدامهم كخبراء ومدربين لمكافحة الإرهاب. وفي ذلك اصطياد لعصفورين بحجر واحد، حيث نستفيد منهم في مكافحة الإرهاب بالخليج، وفي الوقت نفسه نغلق باب الشائعات عن وصول الجنود لدول الخليج عبر شركات أمنية سيئة السمعة للعمل كمرتزقة.

-يملك اتحاد دول أمريكا اللاتينية(UNASUR) ذراع عسكري هو مجلس الدفاع الأمريكي الجنوبي لليوناسور لتوحيد أمريكا الجنوبية وإيجاد إجماع لتقوية التعاون الإقليمي في مجال الدفاع. باستقلالية ملفتة خرجت هذه الكتلة العسكرية على توجيهات واشنطن، حيث أصبح من غير الضروري بالنسبة لأمريكا اللاتينية أن تستورد النموذج الأمريكي، فالمنطقة قادرة على إقامة نظامها الدفاعي[21]. وما يهمنا أن هذه الكتلة العسكرية يمكنها التعاون مع الكتلة العسكرية لدول مجلس التعاون الخليجي وذراعها العسكري قوات درع الجزيرة. فهي تلتقي معها ليس في حرب الإرهاب فحسب، بل في التحرر من الإملاءات الأمريكية، كما حدث في عاصفة الحزم.

- لقد أظهرت عملية تفجير جمعية الصداقة الأرجنتينية-الإسرائيلية 18 يوليو 1994م، بوضوح على أن كيانات إجرامية محلية في أمريكا اللاتينية زودت "حزب الله" بكل ما يحتاج إليه لتنفيذ عملية معقدة كهذه. كما يستفيد حزب الله من التقارب بين الجريمة والإرهاب. فحزب الله، يدرك القيمة الاستراتيجية لاستغلال   كارتلات تجارة المخدرات التي تهيمن على البنية التحتية غير الشرعية لممرات الإتجار في المخدرات والبضائع المحظورة وتهريب الأشخاص، مما يسهل طريق حزب الله ليس في أمريكا اللاتينية فحسب، بل لإيجاد سبيله لدخول الولايات المتحدة عبر هذه الممرات. ومن ثم توجهه لدول الخليج.

 

الخاتمة

لم يوجد الأصدقاء لمشاركة أحدنا حياته الطيبة فقط، وإنما "للتخوزق" معه؛ كما قال غابرييل غارسيا ماركيز ، لذا كان لتجريد إيران من أصدقائها هدف ضمني في أجندة  القمة العربية اللاتينية لتجلس على الخازوق لوحدها جراء مغامراتها الإرهابية، وإيمانًا بنفس الفكرة و ردًا على هذه القمة العربية اللاتينية، نقلت إيران  تنافسها مع الدول العربية وخاصة الخليجية لخارج الإقليم عبر مد جسور جديدة مع دول أمريكا اللاتينية، قابله بكل أسف تأكيد المسؤولين السياسيين من البرازيل والمكسيك وفنزويلا وكوبا وأوروغواي وبوليفيا والإكوادور والأرجنتين ونيكاراغوا، على ضرورة تعزيز العلاقات التي تجمع بينها وبين إيران في مختلف المجالات، مشددين على رفع مستوى التعاون الثنائي في مرحلة ما بعد رفع الحظر عن طهران[22].وربما لازال الوقت مناسبًا لإقناع اللاتينيين بمقولة أخرى لماركيز وهو الأهم على الإطلاق في مدرسة روائي الواقعية وعدم  الاندفاع وراء استثمارات مع  شريك عملته الإرهاب عبر طرق محفوفة بجثث القتلى؛ حيث قال :اللعنة! لا يمكنك أن تتصور كم هو شاق قتل إنسان!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

 

[1]روائي أمريكا اللاتينية العظيم غابرييل غارسيا ماركيز

[2]. انطلاق «القمة الرابعة للدول العربية ودول أمريكا الجنوبية» في الرياض. صحيفة الرياض.9 نوفمبر 2015مhttp://www.alriyadh.com/1098642

[3]. د. يوسف مكي. حول علاقات الأمة العربية بأمريكا اللاتينية. موقع التجديد العربي. http://tinyurl.com/jfstw8g

[4]. سميحة عبد الحليم. قمة الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية .موقع أخبار مصر.10نوفمبر 2015م

http://tinyurl.com/zsn8hun

[5]. المندوبون الدائمون بحثوا اليوم القمة العربية الأمريكية الجنوبية .وكالة الأنباء الكويتية.14فبراير 2016م

[6]. ما هي البلدان الخمسة الأكثر تأثرًا بـ«الإرهاب»؟. موقع سياسة بوست. 21نموفمبر 2013م

http://www.sasapost.com/index-terrorism-states-increase-iraq-syria-victims/

[7]. واقع التنظيمات الإرهابية وانتشارها. موسوعة مقاتل من الصحراء .http://www.moqatel.com/openshare/behoth/siasia2/erhab/sec04.doc_cvt.htm

 

[8].السعودية تواجه إيران في معركة جديدة بأمريكا اللاتينية . موقع بوابة الحركات الإسلامية .10 نوفمبر 2015م

http://www.islamist-movements.com/32063

[9]. تدخلات النظام الإيراني الإرهابية في دول أمريكا اللاتينية .نافذة لبنان. 2 مايو 2016

http://lebwindow.net/195630

[10].عبدالرحيم آغا. "وول ستريت": إيران ترعى الإرهاب واخترقت أمريكا لنشر التشيع. موقع البوابة.21يونيو2016م

http://www.albawabhnews.com/1991039

[11]. السعودية تواجه إيران في معركة جديدة بأمريكا اللاتينية. بوابة الحركات الإسلامية.  10/نوفمبر/2015

http://www.islamist-movements.com/32063

[12].ماري أنستاسيا أوجرادي .إيران تقفز لأمريكا اللاتينية.22 يونيو 2016م         

http://alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleID=30994

[13]. إيليم بوبليتيه. تصاعد النفوذ الإيراني في أمريكا اللاتينية. رؤية غربية. مجلة السياسة الدولية. الأهرام.24 يونيو 2016 مhttp://www.siyassa.org.eg/NewsQ/4910.aspx

[14]. الكشف عن اختراق إيراني واسع لأمريكا اللاتينية. الجزيرة نت مايو 2013

http://tinyurl.com/hxc4tz3

[15].حزب الله: أتباع إيران في أمريكا اللاتينية. موقع مياكروسوريا.24 إبريل 2016م 

http://tinyurl.com/h6s98fx

[16].خطاب السيد حسن نصر الله في الاحتفال بذكرى أربعينية مصطفى بدر الدين 24 يونيو 2016 م

https://www.youtube.com/watch?v=Sw6FZN7YCTQ

[17].تحرك في أمريكا اللاتينية لضبط توسع ذراع إيران {حزب الله} . الشرق الأوسط 25 يناير 2016م

http://tinyurl.com/jtvcv3m

[18]. حزب الله: أتباع إيران في أمريكا اللاتينية.مايكروسوريا.29 ابريل 2016م

  http://tinyurl.com/h6s98fx

[19].مفاجأة مدوية.. منفذ هجوم أورلاندو شيعي والمحرض معمم إيراني! مفكرة الإسلام . 18 يونيو 2016

http://islammemo.cc/akhbar/arab/2016/06/18/296379.html

[20]. إيليم بوبليتيه. تصاعد النفوذ الإيراني في أمريكا اللاتينية.. رؤية غربية. مجلة السياسة الدولية. الأهرام.24 يونيو 2016 مhttp://www.siyassa.org.eg/NewsQ/4910.aspx

[21]. البرازيل ترفض التدخل الأمريكي في مجلس الدفاع الأمريكي الجنوبى.صحيفة الشعب الصيني اليومية.http://arabic.people.com.cn/31663/6538144.html

 

[22].رائد محمود.إيران والعرب يتسابقون لتوثيق العلاقات مع أمريكا اللاتينية.عربي21  .12 نوفمبر 2015http://tinyurl.com/glcmoz2

مجلة آراء حول الخليج