; logged out
الرئيسية / أمريكا الجنوبية مؤشر على قدرة دول الخليج لاختراق الأسواق الصاعدة الأهمية الاستراتيجية للتعاون مع تكتلات أمريكا اللاتينية: وجهة نظر خليجية

العدد 110

أمريكا الجنوبية مؤشر على قدرة دول الخليج لاختراق الأسواق الصاعدة الأهمية الاستراتيجية للتعاون مع تكتلات أمريكا اللاتينية: وجهة نظر خليجية

الأربعاء، 03 آب/أغسطس 2016

تُجمع مختلف الرؤى الاستراتيجية التي وضعتها دول الخليج[1] على ضرورة تطوير قدراتها الاستثمارية وإقامة شراكات تجارية طويلة الأمد، استعدادًا لمرحلة ما بعد النفط تسعى دول الخليج من خلال الانفتاح على التجارة والأعمال إلى تحقيق النمو والمنافسة خلال السنوات المقبلة. ومن هذا المنطلق أصبحت منطقة أمريكا اللاتينية تمثل فضاء جيواقتصاديا خصبًا لخدمة المصالح الاستراتيجية الخليجية. ذلك أن تكتلاتها الاقتصادية الإقليمية توفر فرصًا تجارية مهمة لتأمين الحاجيات الداخلية لدول الخليج وتنمية صادراتها، كما أن استقرار مناخ الأعمال في دولها يحفز على رفع الاستثمارات الخليجية في القطاعات المربحة.

ولقد راكمت أمريكا اللاتينية تجربة غنية في مجال التكتل الاقتصادي، فهي تعتبر التكامل بين دولها مرحلة أساسية نحو انفتاح اقتصاداتها ومحركًا لتنافسية أسواقها على المستوى الدولي، حيث أطلقت مجموعة من التجارب التكاملية كالسوق المشتركة لأمريكا الجنوبية المعروفة اختصارًا بالميركوسور واندماج مجموعة دول الأنديز واندماج دول أمريكا الوسطى ومؤخرًا تحالف المحيط الهادي.

وقد أطلق مجلس تعاون دول الخليج سنة 2005م، مبادرة مهمة للتقارب مع أهم التكتلات الاقتصادية في المنطقة وهو الميركوسور الذي يضم البرازيل والأرجنتين والأوروغواي والباراغواي وفنزويلا وقريبًا بوليفيا، وذلك بهدف إبرام اتفاقية للتجارة الحرة تعتبر الأولى من نوعها بين تكتلين اقتصاديين من العالم العربي وأمريكا اللاتينية.

وإلى جانب الميركوسور أصبح تحالف المحيط الهادي الذي أنشأ سنة 2011م، بين كل من الشيلي والبيرو وكولومبيا والمكسيك يشكل فرصة جديدة لرفع الاستثمارات الخليجية الاستراتيجية في الاقتصادات النشيطة بمنطقة أمريكا اللاتينية.

وتساهم هذه الورقة في تسليط الضوء على الفرص الاستثمارية والتجارية الممكنة بالنسبة للدول الخليجية في منطقة أمريكا اللاتينية، كما تقدم صورة حول الأهمية الاستراتيجية لتقوية علاقات التعاون بين مجلس التعاون الخليجي والتكتلات الإقليمية في هذه المنطقة.

 

اتفاقية التجارة الحرة مع الميركوسور: شراكة تجارية لتلبية الحاجيات الداخلية

 

أنشأ الميركوسور سنة 1991م، بين أربعة دول وهي البرازيل والأرجنتين والباراغواي والأوروغواي ثم انضمت إليه فنزويلا سنة 2012م، كما تمت الموافقة مؤخرًا على انضمام بوليفيا، وقد وضع الميركوسور على رأس أهدافه تسهيل تنقل المواد والخدمات ووسائل الإنتاج بين الدول ووضع تعريفة جمركية خارجية موحدة وتبني سياسة تجارية مشتركة إزاء باقي الدول.

ويتميز الميركوسور بمقومات جيواقتصادية وجيوسياسية متميزة، فهو سوق استهلاكية مهمة تقدر بأكثر من 295 مليون نسمة، ورابع أكبر اقتصاد في العالم، كما يضم أبرز القوى ذات النفوذ في أمريكا اللاتينية والصاعدة عالميًا وهي البرازيل، وبالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي فإن الميركوسور يمثل شريكًا مهمًا لتحقيق الأمن الغذائي ذلك أن حوالي 60% من الواردات الخليجية من دول الميركوسور تتشكل من منتجات زراعية وغذائية وعلى رأسها اللحوم والحبوب والسكر بقيمة 4.4 مليار دولار وفقًا لإحصائيات سنة 2015م.

وبهدف رفع مستوى المبادلات وإزالة العراقيل التي تعترض التجارة البينية، أبرم على هامش أول قمة بين دول العالم العربي وأمريكا الجنوبية ببرازيليا في مايو 2005م، اتفاق إطار للتعاون الاقتصادي بين مجلس التعاون الخليجي والميركوسور، كما أجري في نفس السنة الاجتماع التنسيقي الأول بالعاصمة الرياض، حيث تم الاتفاق على تعميق وتسريع وتيرة المفاوضات قصد التوقيع على اتفاقية للتجارة الحرة بين الجانبين في أقرب وقت ممكن.

 

المصدر: إنجاز خاص بناء على قاعدة معطيات UN comtrade

وقد بلغ حجم التجارة الثنائية بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول الميركوسور 12.1 مليار دولار خلال سنة 2015م، مع تسجيل عجز في الميزان التجاري من الجانب الخليجي يقدر بحوالي 3 مليارات دولار. وتعتبر البرازيل أهم شريك تجاري لدول الخليج، وهو ما يفسر أن 87.8% من مجموع التجارة الثنائية مع دول الميركوسور تتم مع البرازيل، متبوعة بالأرجنتين في المرتبة الثانية بـ 9%، أما بقية دول الميركوسور فحضورها ضعيف على مستوى العلاقات التجارية مع دول الخليج.

وقد بلغ حجم المبادلات التجارية مع البرازيل التي تمثل أكبر شريك للدول الخليجية في الميركوسور 10.6 مليار دولار سنة 2015م. وتسجل الصادرات البرازيلية نحو دول الخليج 6.7 مليار دولار، من بينها 2.5 مليار دولار من اللحوم، بينما الواردات البرازيلية فتبلغ 3.9 مليار دولار وتتكون أساسًا من الزيوت النفطية والأسمدة.

ورغم تراجع حجم المبادلات التجارية بين الدول الخليجية والميركوسور خلال السنوات الأخيرة بسبب المشاكل الاقتصادية التي تمر منها بعض دول أمريكا الجنوبية وعلى رأسها البرازيل، حيث تقلص حجم التجارة بحوالي 3 ملايير دولار مقارنة بسنة 2012م، التي كانت تسجل 15 مليار دولار، فإن رغبة الطرفين في إقامة شراكة تجارية ما فتئت تتقوى.

والملاحظ أن المملكة العربية السعودية تحتل المركز الأول كأهم شريك تجاري للبرازيل بـ 4.6 مليار دولار متبوعة بالإمارات العربية المتحدة في المركز الثاني بـ حوالي 3 مليارات دولار، ثم قطر بـ 1.3 مليار دولار، فيما يقدر حجم تجارة البرازيل مع سلطنة عمان والبحرين والكويت مجتمعة بـ 1.7 مليار دولار، ويبين الرسم البياني توزيع المبادلات التجارية بين البرازيل ودول مجلس التعاون الخليجي خلال سنة 2015م.

توزيع حجم المبادلات التجارية بين الدول الخليجية والبرازيل خلال سنة 2015

المصدر: إنجاز خاص بناء على قاعدة معطيات UN comtrade

ومن المرتقب أن يشمل اتفاق التجارة الحرة بين التكتلين 90% من المبادلات وفق تحرير جمركي تدريجي خلال 8 سنوات وعلى 3 مراحل، على أساس أن تترك المواد الأكثر حساسية للمرحلة الأخيرة أو أن تسجل ضمن لائحة الإستثناءات.

وقد عقدت عدة جولات من المفاوضات والمشاورات بين الجانبين، ويلاحظ أن بعض القضايا تظل عالقة وتأخر التوقيع على هذا الاتفاق. فمن جانب الميركوسور شكل استثناءالمنتجات الكيماوية من التجارة البينية أحد هذه القضايا العالقة، فيما وضعت دول الخليج استثناءات على بعض المواد التي تعتبرها البرازيل أساسية بالنسبة لصادراتها كالدجاج والسكر وصناعة الفخار  ومنتجات الصلب. ولتجاوز هذه المشاكل تم الاتفاق على تقليص لائحة الاستثناءات لتنتقل من 1600 منتوج إلى 534 بالنسبة للائحة الميركوسور بما فيها 195 منتوج بتروكيماوي الذي يدخل في مجال اهتمام دول الخليج، فيما استثنت هذه الأخيرة من العرض الذي قدمته 222 منتوج يشمل اللحوم والأسماك والتبغ وصناعة الفخار والثلاجات وطلاء السيراميك ومنتجات الصلب[2].

وحسب تقرير بنك الدول الأمريكية للتنمية لسنة 2009م،حول الميركوسور فإن الملحق المرتبط باتفاقية التجارة الحرة بين الجانبين يعرف بعض التعثر بسبب مسألتين عالقتين وهما تطبيق آلية الحماية التفضيلية وقاعدة المنشأ، ذلك أن دول الخليج تود أن تعتبر السلع المستوفية لشروط قاعدة المنشأ تلك التي لا تقل نسبة قيمتها المضافة عن 35% بينما يطالب الميركوسور بأن تسجل 50% من القيمة المضافة كحد أدنى على السلع الإقليمية[3].

ورغم طول مسلسل المفاوضات بخلاف ما كان متوقعًا منذ البداية إلا أن كلا الطرفين يؤكدان بشكل مشترك ومستمر على الالتزام باستكمال العمل على دعم التجارة الحرة وإيجاد حلول للمواضيع العالقة في رزنامة المفاوضات.

وتتقاطع مصالح الدول الخليجية مع دول الميركوسور حول أهمية قطاع الزراعة في العلاقات المشتركة، فهو يوفر لدول الخليج الأمن الغذائي ويقلص كلفة الإنتاج الزراعي المحلي، أما دول الميركوسور فهي تعتبره قطاعا حيويا لصارداتها إذ يشكل بالنسبة للبرازيل 46% من مجموع صادراتها الخارجية، وفي هذا الإطار أعلنت شركة أراسكو، إحدى أكبر الشركات المتخصصة في دعم الأمن الغذائي في السعودية، عن اعتزامها الاستثمار في أصول لوجستية في البرازيل لمواكبة احتياجاتها وطلب عملائها المتنامي.كما اقتنت المجموعة السعودية المراعي بالأرجنتين 12 ألف هكتار بقيمة 86 مليون دولار، وتستمر قطر هولدنغ في شركة   AdecoAgroالتي تمتلك أراض خصبة في الأرجنتين والأوروغواي.

ومن جهة أخرى، تنص الاتفاقية الإطار بين المجلس الخليجي والميركوسور على تطوير المبادرات للقيام باستثمارات مشتركة وتبادل المعطيات حول التجارة الخارجية وتنظيم بعثات تجارية لرفع مستوى التجارة بين الجانبين[4].

ويلاحظ أن الاستثمارات الخليجية الخارجية أخذت في التنوع خلال السنوات الأخيرة، بدلا من التركيز على الأسهم والسندات والأصول العقارية، فمثلا مجموعة مبادلة أبوظبي استثمرت في مجموعة EBX البرازيلية المهتمة بمجالات النفط والغاز والمعادن بقيمة 2 مليار دولار، واستثمرت قطر الدولية للبترول في المركب الإنتاجي las conchas بقيمة مليار دولار، وفي القطاع البنكي استثمرت قطر هولدنغ في بنكSantander  البرازيلي بغلاف مالي قدره ملياري دولار. ودخلت شركة الأسمدة السعودية السوق البرازيلي عام 2014م، وتسعى إلى التوسع في باقي أسواق المنطقة. كما تهتم الاستثمارات الإماراتية بحقل ” فاكا مويرتا“ للنفط والغاز بالأرجنتين، كما استثمرت مجموعةموانئ دبي العالمية في عاصمة الأرجنتين بوينس أيرس نحو 250 مليون دولار  في السنوات العشرين الماضية. وتكشف كل هذه الاستثمارات عن وجود استراتيجية استثمارية خليجية طويلة الأمد في المنطقة تشمل بشكل خاص الأرجنتين والبرازيل.

وتواكب العلاقات الدبلوماسية هذه الحركية الاستثمارية المميزة، حيث يلاحظ دينامية خاصة للإمارات وقطر من الجانب الخليجي والأرجنتين والبرازيل من جانب دول الميركوسور، فقد زار أمير قطر البرازيل سنة 2010م، واستقبل بالدوحة رئيستها سنة 2014م، كما تبادل أمير قطر الزيارات مع رئيس البيرو سنتي 2013 و2014 ومع رئيس فنزويلا سنة 2015م[5].

كما استضافت دولة الإمارات سنة 2013م، رئيسة الأرجنتين ونائب رئيس البرازيل، وفي إطار المعاملة بالمثل قام نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء بزيارة للعاصمتين برازيليا وبوينس أيرس.وسبق لرئيس البرازيل أن زار السعودية سنة 2009م، كما زار رئيس مجلس الوزراء الكويتي البرازيل سنة 2010م، فيما شملت الجولة الخليجية التي قام بها نائب رئيس البرازيل سنة 2013م، سلطنة عمان. وقد ساهمت هذه الدينامية الدبلوماسية في تأسيس مجالس ثنائية للأعمال وتبادل زيارات الوفود الاقتصادية بين هذه الدول.

وبخلاف باقي دول الخليج، فإن البحرين هي الوحيدة التي لا تتبادل التمثيل الدبلوماسي مع البرازيل، حيث تأمن سفارة البحرين في واشنطن التغطية الدبلوماسية للبرازيل فيما تقوم سفارة هذه الأخيرة في الكويت بتغطية البحرين. وقد أطلقت البحرين سنة 2013م، مسلسل المشاورات لفتح سفارة في العاصمة برازيليا قريبا[6]، ولعل هذا التأخير في تبادل السفارات يفسر جزءًا مهما من أسباب خفوت الحضور البحريني في العلاقات مع البرازيل ودول الميركوسور.

تحالف المحيط الهادي: فرصة واعدة للتجارة والاستثمار في نمور أمريكا اللاتينية

أعلن عام 2011م، عن تأسيس تكتل اقتصادي جديد في أمريكا اللاتينية بين كل من الشيلي والبيرو وكولومبيا والمكسيك أطلق عليه اسم تحالف المحيط الهادي، ويهدف هذا التكتل إلى إقامة فضاء للاندماج المعمق وتحرير المبادلات والخدمات ورؤوس الأموال والأشخاص بشكل تدريجي بالإضافة إلى دعم النمو والتنمية وتنافسية اقتصادات الدول الأعضاء.

ويتمتع تحالف المحيط الهادي بمقومات جيواقتصادية متميزة، فهو يمثل 38% من الناتج الداخلي الخام لأمريكا اللاتينية، ويركز 50% من التجارة في المنطقة حيث يحتل المركز الثامن عالميًا من حيث قدرته التصديرية، كما يجلب 45% من الاستثمارات الخارجية المباشرة الموجهة لمنطقة أمريكا اللاتينية والكراييب[7].

وتتميز دوله الأربعة التي أصبحت تنعث بنمور أمريكا اللاتينية باستقرار مؤسساتي ونمو اقتصادي إيجابي بالإضافة إلى أسواق دينامية منفتحة على العالم، مما يحفز على الاستثمار ودعم العلاقات الخليجية مع هذا التحالف الواعد. ومن بين الإنجازات التي حققها تكتل دول المحيط الهادي خفضه للرسوم الجمركية بين دوله، وإدارة سفارات مشتركة لدوله الأعضاء في الخارج وإنشاء مكاتب لدعم التصدير في آسيا وإفريقيا.

وفي إطار التوجه المتزايد للمجموعات الاستثمارية الخليجية نحو دول أمريكا اللاتينية، يقدم تحالف المحيط الهادي فرصًا مهمة للأعمال والشراكات أمام دول الخليج على المدى البعيد، وبهدف التعريف بقدراته والفرص الاستثمارية التي يقدمها أطلقت المكاتب الاقتصادية لدول التحالف الأربعة بدبي في دجنبر 2013م، جلسة خاصة لفائدة رجال الأعمال في منطقة الخليج.

وتعتبر المكسيك أحد أعضاء هذا التحالف وهي ثاني أكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية وتحتل المركز الأول في أمريكا اللاتينية و38 عالميًا من حيث مؤشر سهولة ممارسة أنشطة الأعمال[8]، فقد استقطبت سنة 2015م، أكثر من 30 مليار دولار من الاستثمارات الخارجية المباشرة[9]، كما تتموقع في المرتبة الـ12 كأفضل مزود للمواد الغذائية في العالم. وعلى المستوى التجاري مع دول الخليج تعتبر المكسيك أهم شريك ضمن دول تحالف المحيط الهادي فقد بلغ حجم المبادلات التجارية الثنائية معها 1.2 مليار دولار، وتتشكل صادرات المكسيك نحو دول الخليج من السيارات والتجهيزات المنزلية والمنتجات الغذائية، فيما تستورد الألومنيوم والغاز والمواد البلاستيكية والأسمدة.

وقد ساهمت جولة الرئيس المكسيكي في منطقة الخليج مطلع السنة الجارية 2016م، في إعطاء دفعة للعلاقات مع كل من السعودية وقطر والإمارات والكويت من خلال التوقيع على أكثر من 50 اتفاقية، كما شكلت فرصة كذلك لوضع المكسيك على خارطة الاستثمارات الخليجية. وقد سبق لكل من أمير قطر سنة 2015م، ونائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء سنة 2014م، أن قاما بزيارة للمكسيك بهدف دعم العلاقات الثنائية.

وفي نفس السياق طورت دول الخليج مع المكسيك فضاءات مشتركة للأعمال من خلال خلق غرف ثنائية للتجارة ومجالس مشتركة للأعمال ورفع وتيرة زيارات الوفود الاقتصادية. وستفتح بدون شك الإصلاحات التشريعية الأخيرة التي همت قطاع الطاقة بالمكسيك فرصًا جديدة أمام الاستثمارات الخليجية لدخول هذا البلد.

ترتيب دول المحيط الهادي ضمن مؤشرات الأعمال العالمية

 

مؤشر سهولة ممارسة أنشطة الأعمال 2016

مؤشرالتنافسية العالمي
2015-2016

المؤشر العالمي لريادة الأعمال 2016

الاستثمارات الخارجية المباشرة المستقطبة 2015 (بالمليون دولار)

المكسيك

38

57

87

30.285

الشيلي

48

35

16

20.457

البيرو

50

69

70

6.861

كولومبيا

54

61

43

12.108

المصدر: إنجاز خاص بناء على التقارير الدولية

(CEPAL- Global Entrepreneurship Index-Competitiveness Rankings- Ease of Doing Business Rank)

 

وتحتل كولومبيا المركز 54 عالميًا ضمن مؤشر سهولة ممارسة أنشطة الأعمال، كما تتوفر على قطاع بنكي قوي يتزعمه بنك Bancolombia الذي يتوفر على فروع في عدة دول من أمريكا اللاتينية ويحقق أرباحًا تقدر ب 6 مليارات دولار، وتمثل شركة EcoptroL نموذجًا للتسيير المحكم في مجال الصناعة النفطية وتبلغ أرباحها 38 مليار دولار وتستثمر في التنقيب والإنتاج في عدة مناطق من العالم.

ويبلغ حجم المبادلات التجارية بين دول الخليج وكولومبيا 161.6 مليون دولار، حيث تصدر دول الخليج أساسًا المواد البلاستيكية والمعدات الكهربائية والأسمدة، فيما تستورد السكريات والقهوة والورود وبعض الآلات.

أما الشيلي فتعرف بشفافية وانفتاح القطاعين البنكي والمالي  كما أن لها قطاعًا معدنيًا وصناعيًا قويًا، وقد تضاعفت الاستثمارات الخارجية الأجنبية في مجال الغاز الصناعي والطبي بالشيلي، وتوفر الشيلي كذلك مناخًا متميزًا للأعمال فعلى مستوى الأسواق التجارية العالمية تتموقع الشيلي في المركز 48 ضمن مؤشر سهولة ممارسة أنشطة الأعمال. ويمكن أن تقدم هذه القطاعات فرصًا مهمة للاستثمارات الخليجية.

ويصل حجم المبادلات التجارية بين الدول الخليجية والشيلي إلى 580 مليون دولار، حيث تستورد دول الخليج المعادن والخشب ومنتجات فلاحية، بينما تصدر إلى الشيلي مواد معدنية مصنعة وبلاستيكية.

أما البيرو فتحتل المرتبة 50 ضمن مؤشر سهولة ممارسة أنشطة الأعمال، ويبلغ حجم تجارتها مع دول الخليج 232 مليون دولار. ومنذ سنة 2010م، استقطبت البيرو استثمارات بنحو 1.7 مليار دولار من الإمارات همت قطاعات الموانئ واللوجستيك والخدمات.

ويعتبر توسع الطبقة المتوسطة في هذه الدول وتزايد طلباتها على الخدمات والبنيات التحتية من أهم العوامل التي دفعت مجموعة أبراج الإماراتية المهتمة بالأسواق الصاعدة إلى تركيز اهتمامها على تحالف المحيط الهادي، وقد أطلقت أبراج مجموعة من الاستثمارات في مجالات الصناعة والخدمات المالية واللوجستيك وتكنولوجيا المعلوميات وتطمح إلى رفع استثماراتها من 2 إلى 3 مليارات دولار في المنطقة.

 

توصيات ختامية

يعتبر من الضروري في الوقت الراهن تطوير مستوى العلاقات السياسية مع دول أمريكا اللاتينية بهدف إعطاء دعم أكبر للتعاون الاقتصادي، وذلك من خلال إطلاق جولات من المشاورات السياسية الثنائية بين وزارة الخارجية وعقد لقاءات منتظمة على أعلى المستويات، بالإضافة إلى إحداث لجان ثنائية مشتركة. كما أن الأهمية السياسية للدول الصاعدة وذات النفوذ في المنطقة وعلى رأسها البرازيل والمكسيك تدعو دول الخليج إلى التفكير في إبرام شراكات استراتيجية ثنائية على المدى البعيد.

كما يمكن للتقارب الاقتصادي والسياسي بين الجانبين أن يساهم في دعم التعاون الأمني المشترك لمواجهة التحديات الإرهابية العابرة للقارات، فقد أكدت مجموعة من التقارير الدولية على تواجد جماعات إرهابية تنشط فى أمريكا اللاتينية ولها وجود كبير فى فنزويلا والمثلث الحدودي بين الباراغواي والأرجنتين والبرازيل حيث تنشط تجارة المخدرات وتهريب السلاح وتبييض الأموال، وفي هذا الصدد يمكن تنسيق الجهود بين دول الخليج ودول أمريكا اللاتينية بهدف تعزيز الأمن القومي المشترك عبر تبادل المعطيات الاستخباراتية وتنسيق المراقبة الحدودية في المطارات التي تربط الجانبين.

ومن التوصيات التي يمكن تقديمها بالنسبة لتطوير علاقات التعاون مع تحالف المحيط الهادي على المدى القريب هو انضمام الدول الخليجية كأعضاء مراقبين لهذا التكتل، ذلك أنه بعد 5 سنوات على تأسيسه انضمت 49 دولة بصفة عضو مراقب لهذا التحالف من بينها دولتين عربيتين هما المغرب ومصر، مما يكشف عن وجود اهتمام دولي متزايد بهذا التكتل الجديد. وستتمكن دول الخليج عبر العضوية كمراقب من الإطلاع على الأجندة الداخلية لدول التحالف وعلى خطط عملها وطرق اشتغال مؤسساتها وكذا تطور شراكاتها الدولية، مما سيساعد على بلورة صورة أعمق حول أشكال الشراكة الممكنة بين مجلس تعاون دول الخليج وتحالف المحيط الهادي على المدى البعيد.

وبالنسبة للعلاقات مع الميركوسور يلاحظ أن التأخر المسجل على مستوى المدة المحددة لإنهاء المفاوضات قد تجاوز التوقعات، لكن الأهمية الاستراتيجية للشراكة التجارية بين الجانبين تستوجب الاستمرار في التفاوض، ويمكن في هذا الإطار الإستفادة من تجربة الاتحاد الأوروبي مع الميركوسور، ذلك أن المفاوضات بينهما للتوقيع على اتفاقية للتبادل الحر قد تجاوزت 15 سنة وما زال الاتحاد الأوروبي متشبتا بدعم مسلسل التفاوض ومتفائلا بخصوص مستقبل علاقاته مع الميركوسور نظرًا لما سيحمله هذا الاتفاق من إيجابيات لاقتصادات بلدانه.

كما يمكن كذلك دعم الأمن الغذائي لدول الخليج من خلال ربط علاقات مع تكتل دول أمريكا الوسطى الذي يضم 8 دول وهي كوستاريكا والسلفادور وغواتيمالا والهندوراس ونيكاراغوا وبانما وبيليز وجمهورية الدومينيكان، ذلك أن هذه الدول تصدر ما يفوق عن 6 ملايين دولار من الفواكه والقهوة والسكر للعالم، بينما حجم مبادلاتها التجارية مع دول الخليج لا يتجاوز حاليًا 217 مليون دولار، ويمكن كمرحلة أولى الانضمام كعضو مراقب لمنظمة تكتل دول أمريكا الوسطى مثلما فعلت قطر مؤخرًا، ثم التفكير بعد ذلك في تطوير أشكال التعاون سواء على المستوى الثنائي بين كل دولة على حدة أو التعاون الجماعي بين التكتلين الإقليميين لدول أمريكا الوسطى ومجلس التعاون الخليجي.

وتجدر الإشارة إلى أن المصالح الخليجية في المنطقة تلتقي مع مصالح دول أمريكا اللاتينية الساعية إلى جلب الإستثمارات وتنويع شركائها التجاريين والتموقع سياسيًا داخل المنتظم الدولي، فقد كانت دول أمريكا الجنوبية سباقة إلى توجيه سياساتها الخارجية نحو دول الخليج وباقي الدول العربية من خلال عقد قمة الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية التي انطلقت سنة 2005م، بمبادرة من البرازيل، وقد تفاعلت الدول الخليجية أكثر من غيرها من الدول العربية مع هذه المبادرة، كما احتضنت القمة الثانية بالدوحة سنة 2008م، والرابعة بالرياض سنة 2015م، فيما نظمت القمة الأولى ببرازيليا سنة 2005م، والثالثة بليما سنة 2012م، وقد ساهمت هذه القمم في خلق دينامية مهمة للتقارب العربي الجنوب أمريكي وكذا استكشاف فرص التعاون الممكنة.

ولعل المشكل المرتبط بتطوير وسائل النقل واللوجستيك بين الدول الخليجية ودول أمريكا اللاتينية هو الأكثر إلحاحًا في الوقت الراهن ويحتاج إلى تظافر الجهود، وتحظى المشاريع التي تقوم بدراستها حاليًا جامعة الدول العربية لتطوير النقل البحري بين الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية بأهمية خاصة، فهي تروم إنشاء شركة مشتركة بين القطاع الخاص للنقل البحري إلى جانب إنشاء شركة للخدمات اللوجستية، ويمكن لدول الخليج أن تكون سباقة للاستثمار في هذا المجال لتحقيق مصالحها ولعب دور هيكلي في دعم علاقات التعاون بين العالم العربي وأمريكا الجنوبية.

وخلاصة القول أن منطقة أمريكا اللاتينية ستشكل فرصة لقياس مدى نجاح الدول الخليجية في تطبيق رؤاها الاستراتيجية في اختراق الأسواق الخارجية والاستثمار في الأسواق الصاعدة، خاصة وأن المنافسة حول المصالح الاقتصادية في منطقة أمريكا اللاتينية أصبحت محتدمة بين باقي القوى الدولية في عالمنا المعاصر.

 

[1] رؤية المملكة العربية السعودية 2030- رؤية الإمارات 2021- رؤية قطر الوطنية 2030-رؤية دولة الكويت 2035-رؤية مملكة البحرين الاقتصادية 2030.

[2]Banco Interamericano de Desarrollo:Informe Mercosur N°13, febrero 2009, p153. 

متوفر باللغة الإسبانية على الرابط التالي  http://idbdocs.iadb.org/wsdocs/getdocument.aspx?docnum=33028976

[3]Banco Interamericano de Desarrollo: Informe Mercosur N°14, diciembre 2009, p105.

http://idbdocs.iadb.org/wsdocs/getdocument.aspx?docnum=33034762   متوفر باللغة الإسبانية على الرابط التالي   

[4] نص الاتفاقية متوفر على الرابط التالي http://www.sice.oas.org/TPD/MER_GCC/MER_GCC_e.ASP

[5] ملخصات هذه الزيارات متوفر على موقع المرصد الإلكتروني لأمريكا اللاتينية  http://www.marsadamericalatina.com/index.php/amlarabes

[6] يمكن الإطلاع على العلاقات الثنائية بين دول الخليج والبرازيل على موقع وزارة العلاقات الخارجية البرازيلية
 http://www.itamaraty.gov.br/pt-BR/relacoes-bilaterais

[7] موقع تحالف المحيط الهادي  https://alianzapacifico.net/

[8]  ease of doing business 2016 متوفر على الرابط التالي: http://www.doingbusiness.org/rankings

[9] CEPAL: la inversión extranjera directa en américa latina y el caribeen 2016, p58..

 

مقالات لنفس الكاتب