array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 112

اليابان والتوجه غربًا .. المعضلة والحل

الإثنين، 03 تشرين1/أكتوير 2016

من المعروف أن اليابان قوة اقتصادية كبرى في العالم المعاصر وذات ثقل اقتصادي هام وواحدة من أهم الدول المتطورة تكنولوجيًا، إضافة إلى دورها وتأثيرها في الاقتصاد العالمي, ولها تجربة مبهرة في التنمية رغم شح أو ندرة الموارد الطبيعية، والهزيمة القاسية التي تعرضت لها في الحرب العالمية الثانية والتي جعلتها تحت الوصاية الأمريكية، ومع ذلك استطاعت اليابان أن تتجاوز هذه الانتكاسة السياسية والعسكرية ، وكذلك التغلب على ندرة الموارد الطبيعية وأصبحت قوة اقتصادية عظمى وخاضت معركة التنمية بسلاح الإرادة والاستجابة للتحديات الصعبة والاعتماد على سلاح العقول والتكنولوجيا والعلم النافع.

وشاركت دول مجلس التعاون الخليجي في مسيرة النهضة اليابانية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة  من خلال توفير النفط والغاز لليابان، أو كونها من الأسواق الكبرى المستوردة للمنتجات اليابانية، وفي المقابل شاركت اليابان في مرحلة البناء والنهضة الخليجية التي احتاجت خلالها دول مجلس التعاون إلى الخبرة والتكنولوجيا اليابانية بما في ذلك السلع الصناعية وتوطين الخبرات وإدارة المشروعات الكبرى ومنها على سبيل المثال استخراج النفط من المنطقة المقسومة بين المملكة العربية السعودية ودولة الكويت.

كان سر نجاح علاقات اليابان التجارية مع دول العالم يكمن في كون المكون التجاري – الاقتصادي للبلاد كان خاليًا من المكون السياسي أو الاستراتيجي. فاليابان دولة لا تمتلك مواقف سياسية ولا طموحات استراتيجية ولا مطامع إقليمية، وهذا كان الناتج الأساسي من هزيمة الدولة المهينة في الحرب العالمية الثانية، وشرط من شروط المنتصرين عليها بوجوب نبذ ماضيها الاستعماري التوسعي ذو النزعة العسكرية العدوانية، وقبول الوصاية الغربية على سياستها الخارجية.

والسؤال الذي يطرح نفسه حاليًا هو: هل مستوى الشراكة الخليجية ـ اليابانية مُرضٍ ومناسب على الأقل للجانب الخليجي، وما هي الجوانب التي يجب تنميتها وتطويرها في هذه الشراكة، وما هو المأمول والمطلوب من الجانبين على السواء في المستقبل؟

والإجابة على هذه الأسئلة تتوقف على احتياجات كل طرف وما يستطيع أن يقدمه  للطرف الآخر.. من الناحية العسكرية لا تستطيع اليابان الدخول إلى منطقة الخليج عبر هذه البوابة بسبب الإرث التاريخي والكوابح التي فرضتها القوى العظمى على اليابان بعد الحرب العالمية الثانية حتى وإن كانت طوكيو تسعى للتحرر من هذه القيود التاريخية، لكن من الضروري أن تتعاون اليابان مع دول مجلس التعاون الخليجي بشكل أكثر تأثيرًا في مواجهة الإرهاب ومحاصرته  سواء بالتعاون الأمني والاستخباراتي أو على صعيد المشاركة الدولية وتحت مظلة الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والدولية الأخرى، إضافة إلى الدعم الفني والاستفادة من التطور التكنولوجي لملاحقة هذه الآفة التي تستهدف جميع دول العالم.

وفي اعتقادنا أن المجال الأكثر أهمية في الشراكة الخليجية ـ اليابانية هو المجال الاقتصادي خاصة في جانب اقتصاديات المعرفة وتوطين التكنولوجيا والصناعات الحديثة والاستفادة من الخبرات اليابانية في مجال الصناعات الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى التدريب والتأهيل خاصة بعد أن استعدت دول مجلس التعاون لمرحلة ما بعد النفط وتنويع مصادر الدخل وتوسيع القاعدة الاقتصادية وهو ما أكدته المملكة العربية السعودية في إعلان رؤية 2030التي حددت أطر ورسمت معالم هيكل الاقتصاد المستقبلي للمملكة العربية السعودية وهذا أيضًا ما أعلنته دول مجلس التعاون وتوجهت صوبه.

وفي هذا الصدد من الضروري أن تخرج العلاقات الخليجية ـ اليابانية عن سياقها السابق الذي يعتمد على التبادل التجاري القائم على تصدير النفط والغاز إلى اليابان واستيراد المنتجات والسلع اليابانية، أي علاقة البائع بالمشتري، وتنطلق أسس شراكة استراتيجية جديدة في الجانب الاقتصادي يكون عمادها الاستثمارات المشتركة ذات العائد المجدي للطرفين أي شراكة تعتمد على المصالح والمنافع المتبادلة خاصة أن دول مجلس التعاون لديها الكثير من الفرص الاستثمارية المتاحة والممكنة والتي تحتاجها اليابان ودول الخليج معًا، إضافة إلى رأس المال الخليجي والسوق الاستهلاكية الكبيرة ، والموقع المتميز والقريب من جميع دول العالم، مع توفر الممرات المائية ووسائل النقل ومحفزات الاستثمار والتصدير على السواء، كما أن دول مجلس التعاون الخليجي طورت البيئة القانونية  والتشريعية للاستثمار وفي طريقها إلى المزيد من تحديث التشريعات والقوانين لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وهذا يجب أن يكون نصب دول مجلس التعاون خلال المرحلة الحالية وفي المستقبل في ظل المنافسة الدولية الشرسة على جذب الاستثمارات وتقديم الحوافز لذلك.

من جهتها، اليابان تمتلك قاعدة صناعية عملاقة قائمة على التكنولوجيا الحديثة والمتطورة وقطعت شوطًا مهمًا في الاعتماد على اقتصاديات المعرفة، كما إنها كما أسلفنا تعاني من شح الموارد الطبيعية إضافة إلى موقعها الجغرافي البعيد نسبيًا عن قلب العالم، مع ارتفاع تكلفة الإنتاج المحلي وزيادة أجور العمالة، كما إنها ذات تجارب ناجحة في الاستثمارات الخارجية.

وبناءً على ما تقدم، من الضروري أن يسعى الطرفان إلى إبرام اتفاقيات تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي واليابان أو عبر الاتفاقيات الثنائية بين دول مجلس التعاون الخليجي واليابان وانطلاقًا من رؤية واضحة المعالم والأهداف لتوطين الصناعات الحديثة والمتطورة في دول مجلس التعاون الخليجي بشراكة يابانية، خاصة أن الصناعات الحديثة هي المناسبة للتوطين في دول الخليج كونها تمتلك الكثير من الموارد الطبيعية وتوفر الخدمات والبنى التحتية والموانئ المناسبة للتصدير ورؤوس الأموال والرغبة في تنويع مصادر الدخل، وهنا يجب الاستفادة أيضًا من التجارب اليابانية في التعليم بمختلف تخصصاته وخصوصًا التعليم التطبيقي والفني وأيضًا التدريب على رأس العمل والتدريب التحويلي لتوفير الكفاءات الخليجية المؤهلة التي تقود عملية التوطين والتشغيل وتوفير فرص عمل حقيقية لأبناء دول مجلس التعاون.

كما أن عضوية اليابان في التكتلات الاقتصادية الكبرى في العالم وخاصة في جنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية سوف تكون مفيدة لدول مجلس التعاون الخليجي وتعطيها القدرة على المنافسة والاستفادة من دخول أسواق جديدة أو التوسع في دخول الأسواق الحالية بمزايا أكثر.

وعليه من الضروري توجه الطرفان تجاه هذه الشراكة ذات المنافع المتبادلة والمردود على الطرفين دون إبطاء في ظل تراجع أسعار النفط وتراجع معدلات التنمية وتزايد احتياجات للشعوب والدول في ظل الزيادة السكانية وانكماش معدلات النمو ، وعدم الجدوى  الفعالة الاقتصاديات الريعية وأحادية الجانب التي غالبًا ما تكون عرضة لتقلبات الأسواق أو للعوامل السياسية أو غيرها .

مقالات لنفس الكاتب