; logged out
الرئيسية / وظفت إيران سيطرتها المزعومة للملاحة البحرية في الخليج في مفاوضات جنيف التحرشات الإيرانية بالسفن الأمريكية: أداة للضغط على أمريكا -أم هيمنة مزعومة على الخليج

العدد 113

وظفت إيران سيطرتها المزعومة للملاحة البحرية في الخليج في مفاوضات جنيف التحرشات الإيرانية بالسفن الأمريكية: أداة للضغط على أمريكا -أم هيمنة مزعومة على الخليج

الأربعاء، 02 تشرين2/نوفمبر 2016

تعكس التحركات الإيرانية الأخيرة، وتمدد قوتها العسكرية البحرية إقليميًا نحو المضايق الاستراتيجية الهامة، محاولة للهيمنة على أهم الممرات الخاصة بإمدادات الطاقة في العالم " مضيق هرمز وخليج عمان على بحر العرب وخليج عدن - ومضيق باب المندب عند المدخل الجنوبي للبحر الأحمر "ليس كنقاط لفرض سيطرتها عليها بقصد تأمين أمنها القومي فحسب، بل لتحقيق الهيمنة الإيرانية عليها كقوة إقليمية كبرى ومؤثرة إقليميًا ودوليًا، حيث يدرك النظام الإيراني جيداً أهمية التحكم والسيطرة على الممرات البحرية التي طالما كانت بؤر للصراعات الدولية، وضرورة التحكم فيها لضمان مصالحه الاستراتيجية، فضلًا عن التحكم في حركة الملاحة البحرية بما يحقق تلك المصالح خصوصًا إذا ما تقاطعت ومصالح دول أخرى في المنطقة أو الدول الكبرى على اعتبار أن هذه المضائق من أهم النقاط المحورية في تمرير النفط الخام وغيره من حركة التجارة الدولية من مراكز الإنتاج إلى الأسواق، لقصر المسافات بين الدول في التجارة البينية فضلًا عن إمكانية التعاون العسكري، وهو ما تسعى إيران إليه مؤخرًا ، بقصد بسط نفوذها على مياه الخليج العربي من أجل إحداث تأثير أو تغير أو فرض قوة على كل ما يتعارض مع مصالحها.

المحددات الإيرانية للسيطرة على الملاحة البحرية الشرق أوسطية

بسبر أهم الثوابت والمحددات الإستراتيجية في الفكر السياسي الإيراني وسياسته الخارجية، يتكشف لنا قناعة النظام بقوته الذاتية وإمكانياته الطبيعية وإحساسه بحقه في الريادة على سائر دول المنطقة،انطلاقًا من بعض المحددات التاريخية والجغرافية والعقائدية والسياسية التي يعتقد أنها تؤهلة للاضطلاع بدور محوري ومتفرد إقليميًا ودوليًا، ولا تبدو إيران في سياستها الخارجية، لتحقيق تلك المطامع مكترثة بأي محددات إقليمية أو دولية إلا بالقدر الذي يتيح لها الاستمرار في استراتيجياتها التوسعية.

ولإدراك إيران أهمية مضيق هرمز الخاصة إقليميًا ودوليًا، كأهم ممر عالمي لمرور النفط حيث يعبره ما بين عشرين وثلاثين ناقلة نفط يوميًّا، بحمولة تتراوح ما بين 16.5 و17 مليون برميل ، وما نسبته (40) بالمائة من تجارة النفط العالمية بحسب إحصائيات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، عمد النظام الإيراني إلى التحكم بحركة عبور بعض السفن عبر المضيق، بقصد الضغط على الدول العظمى في تمرير التسوية النووية  ورفع العقوبات الدولية الصارمة ، لتحرير الاقتصاد الإيراني المتداعي، كما عمد النظام في سيطرته المزعومة على مضيق هرمز ، إيصال رسالة ضمنية للتأثير على سياسات دول الخليج العربي التي تصدر نحو (90) % من نفطها عن طريق ناقلات نفط تمر عبر مضيق هرمز، كما تأتي واردات دول الخليج من خلال سفن شحن تمر عبر مضيق هرمز ، سيما تلك القادمة من الصين واليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة وتايوان في محاولة إيرانية للعب دورًا دوليًّا وإقليميًّا هامًا في التأثير على إمدادات الطاقة، وخطوط النقل والمواصلات، وحركة التجارة الدولية من دول الإنتاج إلى دول الاستهلاك.

كما تتطلع إيران للسيطرة على مضيق باب المندب، وما دعم الحوثيين إلا إستراتيجية إيرانية جديدة، للتحكم بأهم معبر استراتيجي لجزيرة العرب على البحر الأحمر وتوضح -وكالة معلومات الطاقة الأمريكية -أن غلق مضيق باب المندب، سيمنع ناقلات النفط القادمة من الخليج العربي من الوصول إلى قناة السويس، أو خط أنابيب سوميد مما سيضطرها للدوران حول الحافة الجنوبية لقارة أفريقيا، وهو ما سيضاعف كلفة النقل ووقتًا إضافيًّا في النقل، كما سيمنح إيران نقطة قوة أخرى إلى جانب مضيق هرمز.

وفي ضوء تلك الأطماع التوسعية الإيرانية المتزايدة، ومنطلقاتها السياسية الثابتة، فإن اندلاع حرب قد تكون حتمية في مضيق هرمز وباب المندب، خصوصًا إذا ما أستمر النظام الإيراني في التعامل مع القضايا الإقليمية والأزمات الكبرى، عبر سياسات المراوغة السياسية، وتفكيك التحالفات الخارجية، عدا سياسة التلاعب بالخصم وأسلوب التحرش والمضايقة والضغط والإنهاك والتهديد باستخدام القوة، والمساومة بأوراق إقليمية ، بهدف تغيير المعادلة الإقليمية على المدى البعيد بما يحقق له الهيمنة بعيدًا عن أدوات السيطرة السياسية والاقتصادية المعتادة التي لا يمكن استخدامها دون توفر حلفاء يشاركونه مصالحه الإستراتيجية .

استمرار العقوبات الدولية والتحرشات الإيرانية للسفن الأمريكية

إن حلم النظام الإيراني المدفوع بالتوسع الإقليمي والهيمنة على المضايق البحرية في منطقة الشرق الأوسط ، لم يعد خافيًا مع تحركاته المتسارعة في الخليج العربي والبحر العربي، وصولا إلى خليج عدن والمدخل الجنوبي للبحر الأحمر بعد التطور الكبير للسلاح البحري الإيراني، وتنامي الرغبة في زيادة هيمنتها على طرق التجارة البحرية والبترولية إقليميًا، ليس كقوة موازنة ومضادة للتحركات الغربية لها فحسب ، بل وكأداة للتفاوض، والضغط الاستراتيجي والاقتصادي على المجتمع الدولي وفى مقدمته الولايات المتحدة، خصوصًا مع تمركز معظم مناطق إنتاج النفط بالقرب منهما .

ولا شك أن تتابع سلسلة المضايقات والاستفزازات الإيرانية للسفن والمدمرات البحرية الأمريكية، وبأسلوب ممنهج في مياه الخليج العربي، لا يعكس حوادث عرضية فحسب  بقدر ماهي أداة ضغط على الولايات المتحدة من قبل النظام الإيراني، ويأتي هذا الضغط على خلفية إخلال أمريكا بالتزاماتها المفترضة في التسوية النووية المبرمة في العام 2015م، خصوصًا أن عملية تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران  تسير بوتيرة أبطأ بكثير مما توقعه معظم الإيرانيين، مما أدى إلى انخفاض حاد في الدعم الشعبي للاتفاق وحكومة الرئيس " حسن روحاني "  الذي راهن بمستقبله السياسي على المفاوضات الدبلوماسية، وهذا بدوره يهدد أكبر رهان متعلق بالاتفاق، لا سيما أن إيران امتثلت لبنود الاتفاق النووي، ولكنها تتحدى الآن الولايات المتحدة بطرق أخرى، إذ يواصل الحرس الثوري تطوير أنظمة أسلحة متطورة على نحو متزايد  بما في ذلك الصواريخ البالستية المحملة بتهديدات لإسرائيل ، بينما يكثف المرشد الأعلى " خامنئي "وغيره من القادة الثوريين هجماتهم اللفظية ضد الولايات المتحدة ويستخدمون التواجد والتهديد الأمريكي، لتبرير وجودهم وتحركاتهم الإقليمية ، حيث تشعر إيران بالكثير من الغبن إذ أنها وفي غضون ستة أشهر، قلصت مخزونها من اليورانيوم والماء الثقيل، وأغلقت مفاعل آراك، ومنحت الوكالة الدولية للطاقة الذرية سلطة رقابية غير مسبوقة دون الحصول على الامتيازات المترتبة على انفاذ بنود الاتفاقية من جانبها [1] ، إذ لا زالت العقوبات الدولية قائمة، ولم يتحقق للنظام الإيراني الاندماج في الاقتصاد الدولي حتى مع شكوى طهران المتكررة من أن الولايات المتحدة لم تقدم ما بوسعها لتحديد التعاملات التي قد تعتبر قانونية،  في ظل صعوبة وصول البنوك الإيرانية إلى الأسواق المالية الدولية، ولم تبد الإدارة الأمريكية تجاوبًا باستثناء حث أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين وزارة الخزانة على التعامل مع تحرك مجموعة العمل المالي - المثير للقلق -لتبني خطوات ملموسة للتصدي للألاعيب الإيرانية، ورفع التدابير المضادة لحين خروج إيران من قائمة الدول الراعية للإرهاب،

ولا يبدو في الأفق ما يؤشر لرفع كلي للعقوبات الدولية على إيران، خصوصًاً  مع مطالبة خبراء ومحللين أمريكيين الكونغرس والإدارة الأمريكية، بتشجيع الاتحاد الأوروبي على معاقبة  تنظيم " حزب الله "ككل، مع عدم التفريق بين جناحيه السياسي والعسكري كما هو الحال الآن ، فضلا عن فرض عقوبات على البنوك التي يملكها أو يستخدمها أو يسيطر عليها المرشد الأعلى والحرس الثوريبدلاً من دمج البنوك الإيرانية في النظام المالي العالمي، مع عدم الإقرار بشرعية جهود إيران، لإقناع المستثمرين الدوليين ووكالات التصنيف العالمية مثل - موديز وفيتش - بدخول أسواقها حتى توقف أنشطتها الإرهابية، مع عدم السماح بقانون الإرهاب الزائف الذي أقر البرلمان الإيراني نسخة معدلة منه في فبراير 2016م، ووافق عليه المجلس في مارس 2016 م، أن يساعدها للوصول إلى الشرعية المالية، طالما أنها لم تغير أنشطتها الشائنة الكامنة .

وتؤشر المعطيات الأخيرة إلى أن الاتفاق النووي لازال مثيرًا للجدل في كل من واشنطن وطهران، حيث يحاول الكونغرس الأمريكي فرض قيود جديدة، بينما يواصل المتشددون الإيرانيون إطلاق الصواريخ الباليستية، والسعي بكل قوتهم لكسب الشرعية كقوة نووية وإقليمية في استعراض واضح لنفوذها  [2] في مياه الخليج العربي سيما مع تفاقم موجة الانتقادات المتزايدة للتسوية النووية من المتشددين في المجلس الأعلى للثورة.

بوادر الصدام الإيراني الأمريكي في الخليج العربي

لما كان مضيق هرمز هو الممر العالمي لصادرات النفط ، فأمر الصدام بين إيران وأمريكا بل وبقية الدول الغربية حوله وارد ، خاصة أن هناك أكثر من تقرير سابق تحدث عن إمكانية إغلاق إيران للمضيق في حال شن هجوم نووي تكتيكي عليها من قبل الولايات المتحدة، وحاولت طهران ردع الولايات المتحدة وإسرائيل عن ضرب منشآتها النووية سابقًا من خلال الإعلان الصريح والمتكرر عن أنها ستمنع أو في الحد الأدنى ستعطل حركة الملاحة في الخليج العربي ، كما هددت أنها ستغلق مضيق هرمز أمام صادرات النفط الخليجية الحيوية إلى العالم الخارجي، كعامل ردع إقليمي ودولي  وللمضي قدمًا في تنفيذ تلك السطوة للملاحة البحرية في الخليج العربي، لم تكتف إيران بالسيطرة على الساحل الشمالي للمضيق، بل سعت إلى احتواء  سلطنة عمان من خلال شراكات عدة، وهي التي تسيطر على الساحل الجنوبي منه ، فضلًا عن احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث " طنب الكبرى – طنب الصغرى – أبو موسى "التي تشكل أهم الممرات للدخول والخروج منه  حيث إمكانية الدخول الى الخليج العربي من خلال شمال طنب الكبرى وشمال أبو موسى، كما أن الخروج من الخليج يكون من جنوب أبو موسى وشمال طنب الصغرى .

وفي ذات السياق، عمدت إيران على توظيف سيطرتها المزعومة للملاحة البحرية في الخليج على هامش المفاوضات مع الطرف الأميركي في جنيف بغية التوصل لاتفاق شامل بشأن الملف النووي،  واستعرض القائد العام للحرس الثوري الإيراني الجنرال " جعفري " تملك بلاده قوة بحرية فريدة لا تريد أن تدخلها حيز التجربة العملية في الخليج العربي ومضيق هرمز وبحر عمان، كما أطلق تهديدات مماثلة على هامش مناورة بحرية جوية، قامت بها القوات الإيرانية مؤخرًا في الخليج العربي، وأعزى قائد الحرس الثوري الإيراني تلك التهديدات من حرص بلاده على أمن الخليج العربي  زاعمًا امتلاك طهران الإمكانيات لاستتباب الأمن في مضيق هرمز والخليج ، كإجراء رادع للحيلولة دون السماح لـلأعداء بممارسة نفوذهم في المنطقة، فضلاً عن سيطرة القوات البحرية الإيرانية على بحر عمان ومضيق هرمز والخليج بالكامل، كونها تقع في مرمى صواريخ وقطعات البحرية ، وسفن زرع الألغام التابعة للحرس الثوري.

وفيما يختص بالتهديد الإيراني للجانب الأمريكي، هدد قائد الحرس الثوري " حسين سلامي " مرارًا بإغلاق مضيق " هرمز "أمام السفن الأميركية، مؤكدًا أن إيران لن تسمح بعبور السفن التي تهدد أمنها من هذا المضيق، في معرض تعليقه على مشروع قرار جديد للكونجرس الأميركي، يستهدف فرض عقوبات جديدة على برنامج إيران الصاروخي، عقب استمرار طهران بإجراء اختبارات على صواريخ باليستية، تحمل رؤوسًا نووية، وهو ما يعد انتهاكًا لقرارات مجلس الأمن الدولي بشأن إيران.

ويبدو أن إيران، عمدت إلى تنفيذ تلك التهديدات مؤخرًا، حيث شهدت الأسابيع السابقة تفاقم حدة التوتر بين إيران والولايات المتحدة في الخليج العربي، وصرحت الإدارة الأمريكية أن (4)سفن تابعة للحرس الثوري الإيراني، تحرشت بمدمرة أمريكية عبر تنفيذها عملية اعتراض بسرعة عالية في محيط مضيق هرمز، وعلى مسافة تقارب 300 متر، حتى مع إطلاق طلقات تحذيرية، ومحاولة الاتصال بالسفن الإيرانية، ما دفع السفينة إلى تغيير مسارها عدة مرات، للبقاء على مسافة آمنة من منصات النفط البحرية في المنطقة.

 ويذكر أن هذا الحادث ليس الأول من نوعه، إذ سبق أن تعرضت سفن وزوارق حربية أمريكية لحوادث بدت أكثر خطورة ، ففي أواخر العام الماضي، بثت البحرية الأمريكية شريط فيديو يظهر سفينة تابعة للحرس الثوري الإيراني، تطلق صواريخ غير موجهة قرب سفن حربية أمريكية، بينها حاملة الطائرات " هاري إس ترومان " في مضيق هرمز ، وفي يوليو الماضي، صرحت البحرية الأمريكية إن (5)زوارق إيرانية اقتربت من سفينة حربية أمريكية في مضيق هرمز، كما اعترضت سفن إيرانية السفينة الأمريكية  " يو إس إس سكوول " وعلى قرب 180 مترًا من الاصطدام ، مما أجبرها على إطلاق أعيرة نارية، أجبرت السفن الإيرانية على تغيير مسارها، وتأتي هذه الحادثة ضمن سلسلة من عمليات التحرش التي قامت بها السفن الإيرانية في الخليج العربي، لا سيما إن نية السفن الإيرانية لم تكن واضحة، كما أن تصرفها كان غير مقبول، حيث كانت السفن في المياه الدولية،كما قامت إيران في 10 يناير الماضي باعتقال  (10 )من البحرية الأمريكية تحت سطوة السلاح بعد أن دخلوا المياه الإيرانية بشكل خاطئ، كانوا على متن زورقين في مياه الخليج، وذلك بتهمة دخول مياه إيران الإقليمية، وإن أطلقت سراحهم بعد احتجاز سريع استمر ( 15 ) ساعة، ومع إن اعتقال العسكريين الأمريكيين، كان مخالف للقانون الدولي إلا أن واشنطن تجنبت التصعيد مع طهران [3] .

كما قامت زوارق البحرية الإيرانية مؤخرًا، بمناورات خطيرة حول السفن الحربية الأمريكية " المدمرتين نيتشة وميسون "اللتين تعملان في المياه الدولية بالقرب من مضيق هرمز في منطقة الخليج العربي، وفي أربع مناسبات على الأقل خلال أسبوع واحد، وتجاهلت زوارق الحرس في إحدى هذه المناسبات طلقات تحذيرية من السفن الأمريكية لمنع حدوث تصادم، ولا يتضح ما إذا كانت هذه المناورات الأربع - واحدة بالقرب من مضيق هرمز وثلاث في شمال الخليج العربي - محاولات متعمدة لبعث رسالة معادية حول النشاط البحري الأمريكي، مما ينبئ بإمكانية وقوع اشتباكات مسلحة بين إيران والولايات المتحدة في المنطقة التي كانت دومًا مصدرًا للتوتر بين البلدين .

 ولم يصدر تعليق من جانب إيران على تلك المناورات، وإن كان وزير الدفاع الإيراني نفى أن تكون السفن الإيرانية قد فعلت شيئًا خطأً، متهمًا السفن الأمريكية باختراق المياه الإيرانية في محاولة لافتعال مواجهة، في حين وصف القائد " بيل أوربان "المتحدث باسم الأسطول الخامس ومقره البحرين، السلوك الإيراني يعد انتهاك للقانون الدولي، متهمًا إيران بتجاهل تحذيرات السفن الأمريكية، وخلق وضع خطير كان يمكن أن يؤدي إلى مزيد من التصعيد[4].

وفي ذات السياق، مع اختلاف المكان، هاجم متمردو اليمن الشيعة الموالين لإيران إحدى المدمرات الأمريكية، حيث تعرضت المدمرة الأمريكية  " مايسون "الاثنين10 أكتوبر إلى محاولة هجوم صاروخي في المياه الدولية، قبالة السواحل اليمنية، وينقل التقرير عن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية " البنتاغون -  جيف ديفيس " [5] ، أنه خلال ساعة واحدة تم رصد صاروخين، أطلقا من مناطق في اليمن، يسيطر عليها الحوثيون باتجاه المدمرة المتواجدة في البحر الأحمر، إلا أنهما سقطا في المياه الدولية قبل الوصول إلى المدمرة، ولم تلحق إصابات ببحارة أو أضرار بالسفينة، في حين لم يقدم متمردو اليمن الشيعة، المعروفون باسم الحوثيين، وحلفائهم أي سبب لإطلاق الصاروخين، كما استهدف الحوثيون 8 أكتوبر سفينة إماراتية " سويفت "وذكرت قيادة قوات التحالف العربي أن السفينة التابعة لشركة الجرافات البحرية الإماراتية والتي كانت في إحدى رحلاتها المعتادة من وإلى مدينة عدن، لنقل المساعدات الطبية والإغاثية، وإخلاء الجرحى والمصابين المدنيين، لاستكمال علاجهم خارج اليمن  تعرضت لحادث مقابل السواحل اليمنية على البحر الأحمر ، وأعزى الحوثيون ذلك الهجوم في بيان لهم، إن قواتهم دمرت سفينة تابعة للجيش الإماراتي، كانت تتقدم صوب ميناء المخا في البحر الأحمر .

السيناريو المرتقب للهيمنة الإيرانية المزعومة على الخليج العربي

على الرغم من أن القانون الدولي،  يعتبر مضيق هرمز جزءًا من أعالي البحار ولكل السفن الحق والحرية في المرور فيه، طالما لا يضر بسلامة الدول الساحلية، أو يمس نظامها أو أمنها و سيادتها، حيث تخضع الملاحة في مضيق هرمز لنظام – الترانزيت -  الذي لا يفرض شروطًا على السفن طالما أن مرورها يكون سريعًا، ومن دون توقف أو تهديد للدول الواقعة عليه، على أن تخضع السفن للأنظمة المقررة من " المنظمة البحرية الاستشارية الحكومية المشتركة " إلا أن إيران تعمل على العكس من ذلك في محاولة يائسة، لدفع الولايات المتحدة على الوفاء بما تعهدت به في إطار بنود الاتفاق النووي سيما مع تفاقم الآزمة الاقتصادية والمالية للنظام الإيراني الذي لم يستطع الاندماج في المنظومة الاقتصادية والمصرفية الدولية .

وبالنظر لتاريخ النظام الإيراني الاستفزازي، من المتوقع أن تستمر إيران في أساليب التلاعب والالتفاف على الأنظمة والمواثيق الدولية، حيث تمتلك الكثير من استراتيجيات التعامل مع القضايا الإقليمية والأزمات الكبرى، وأهمها أسلوب الضغط والإنهاك والتهديد باستخدام القوة، وكسب الوقتواستثمار الأوراق الإقليمية مع المساومة عليها ، لفرض سياسة الأمر الواقع، لاسيما مع استمرار الحرس الثوري تطوير أنظمة أسلحة متطورة على نحو متزايد، بما في ذلك الصواريخ البالستية المحملة بتهديدات لدول المنطقة ومن بينها إسرائيل، بينما يكثف المرشد الأعلى وغيره من القادة الثوريين هجماتهم اللفظية ضد الولايات المتحدة، وتوظيف ذريعة التهديد الأمريكي ، لتبرير سلوكياتهم في التحكم بالملاحة البحرية في الخليج العربي  .

وفي ضوء المؤشرات المتوافرة عن التوجهات الدولية إزاء العنت السياسي الإيراني  فإن الوضع سيكون قابل للتفاقم، ففي الوقت الذي تبذل فيه إيران محاولات حثيثة للخروج من قوائم الإرهاب العالمية، إلا أن عدم إذعانها لشروط الهيأة الدولية المسؤولة عن حماية النظام المالي العالمي FATF التي تضع معايير عالمية لمكافحة غسل الأموال ، وتمويل الإرهاب وانتشار الأسلحة النووية التي أعلنت مؤخرًا في يونيو  سيُبقي إيران على القائمة السوداء للكيانات شديدة الخطورة، لاحتمالات تمويلها للإرهاب، والتهديد الذي يشكله هذا الأمر على النظام المالي الدولي، كما يأتي تعليق مجموعة العمل المالي التدابير المضادة الإلزامية لمدة سنة، معوقًا جديدًا للاقتصاد الإيراني، وإن كان الهدف منه دفع إيران على اتخاذ خطوات لمعالجة أوجه القصور التي تعتري سياساتها، مع البحث عن مساعدة تقنية لتنفيذ خطة العمل الخاصة بها  مما يعكس استمرار نظام العقوبات الدولية، بقصد توخي الحذر بشأن ما تخطط إليه إيران خصوصًا مع تصريح نائب محافظ البنك المركزي لشؤون مكافحة غسيل الأموال " عبد المهدي أرجمند نجاد " أن منظمات التحرير لا تخضع لهذا القانون، وأن المجلس الأعلى للأمن القومي هو من يحدد الإرهابيين، كما أن مجموعة العمل المالي لا تملك سلطة الاطلاع على الحسابات والمعاملات المصرفية الإيرانية، الأمر الذي قد يصعد من سياسات إيران العدائية تجاه المنطقة والخليج العربي على وجه الخصوص .

كما من المتوقع سياسيًا، أن تتبنى إيران استراتيجيات مؤثرة إقليميًا ودوليًا تتمحور حول بناء النفوذ، وإحداث التأثيرات طويلة المدى وعميقة الأثر سواء في العراق عن طريق القوى الشيعية، أو عبر التخطيط لإعادة بناء الجيش العراقي، من خلال دمج الميليشيات الشيعية فيه بما يخدم أجندتها الخاصة في المنطقة سيما أن العراق يحتل مكانة محورية في تحقيق طهران دورها المستقبلي المنشود ، كما ستواصل الجمهورية الإسلامية منظومة من الخطوات التصعيدية ضد دول الخليج، موظفة في ذلك التطورات والأحداث الدائرة  في المنطقة، لتحقيق أهدافها ومخططاتها الطائفية  وزيادة تمددها الطائفي عبر الاستفادة من المُكون الشيعي، للنفاذ إلى عمق الجبهات الداخلية في دول الخليج ، بقصد إثارة الفتن والمشاكل مستغلة بعض القضايا السياسية إلى جانب الأهداف التنافسية التي تأتي استكمالاً للمنطلق المذهبي، وإن كان من المتوقع أن ترجئ إيران بعض من مخططاتها وتصوراتها فيما يتصل بهيمنتها المزعومة على الملاحة البحرية في الخليج العربي، أو التحكم في الملاحة البحرية وامدادات النفط والغاز حتى تتكشف ما ستؤول له الأوضاع في العراق وسوريا واليمن، لا سيما مع ارتفاع كلفة حروب الاستنزاف التي تخوضها إيران عبر وكلائها في المنطقة، وتردي أوضاعها الاقتصادية حتى ما بعد الرفع الجزئي والتدريجي للعقوبات الدولية المفروضة عليها .

ومن حيث الموقف الأمريكي، إزاء المشروع الإيراني لبسط هيمنته على الملاحة البحرية في الخليج العربي ، أبدت الإدارة الأمريكية سياسة أكثر حزمًا، حيث حذر قائد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط الجنرال " جوزيف فوتيل  "إيران من أن الولايات المتحدة ستحمي نفسها بعد سلسلة من المضايقات البحرية الإيرانية للسفن الأمريكية ، مما يؤشر إلى نفاد صبر صناع السياسة وقادة الجيش في واشنطن من التحرشات الإيرانية لناقلاتها البحرية في الخليج العربي، الأمر الذي سيدفع القوات البحرية الأمريكية في النهاية للدفاع عن نفسها وستنتصر ، سيما مع ارتفاع المواجهات والمضايقات التي قامت بها السفن الإيرانية في المنطقة في الأشهر الأخيرة على الرغم من بنود الاتفاق النووي الذي يحد من قدرات طهران النووية مقابل رفع العقوبات وإن كانت السفن البحرية الأمريكية تعاطت حتى الآن مع هذه الاستفزازات بطريقة مهنية جدًا، وساعدت في عدم تصعيد الوضع المتوتر، ولكن الأمور قد تنقلب إلى حوادث كبيرة في المستقبل مع محاولة قادة إيران ممارسة النفوذ والهيمنة في مياه الخليج العربي بطريقة استفزازية غير آمنة، وبطريقة تخالف القوانين والمعاهدات والمواثيق الدولية ، وتعمل على عدم استقرار المنطقة .

وفي ذات السياق، تسعى الإدارة الأمريكية إلى إحباط محاولات التفاوض مع إيران وحشد الدعم الدولي لخنق الاقتصاد الإيراني، لاسيما مع محاولات إيران الحثيثة لتقوية اقتصادها المتهالك بالسيطرة على المشاريع المستقبلية، لتصدير الغاز والنفط من منطقة -وسط آسيا وجنوبها الغربي -إلى أوروبا، ومنافسة تركيا في نقل الطاقة لأوروبا [6].

أما من حيث دول الخليج العربي، التي تتقدم أجندة الأولويات الاستراتيجية الإيرانية   فقد عمدت هي الأخرى في ظل التحولات الجيوسياسية والاقتصادية التي يشهدها الشرق الأوسط خلال الفترة الحالية، والنزاعات والتدخلات الخارجية التي تعصف بالمنطقة ، إلى البحث عن بدائل استراتيجية تحفظ لها مكانتها وقوتها في حال وقوع أي أزمة سياسية أو اقتصادية، يمكن تندلع فيها أو في محيطها، ولتفادي مشكلة المضايق البحرية التي عادة ما تكون عرضة للخطر في حالة نشوب خلافات سياسية، أو وقوع هذه الممرات المائية تحت أي طائلة أي حروب أو تهديدات، إلى التوجه نحو مد خطوط الأنابيب لنقل منتجاتها من النفط والغاز ، وقد نجحت الدول المنتجة بالفعل في فتح منافذ جديدة لانسياب منتجاتها من النفط والغاز إلى أسواق الاستهلاك دون المرور في المضائق البحرية المعرضة للاختناق .

كما أكملت المملكة العربية السعودية مؤخرًا، الخطوات الإجرائية لدراسة مشروع القناة البحرية، التي تربط الخليج العربي مرورًا بالمملكة، إلى بحر العرب، للالتفاف حول مضيق هرمز، ما يمكّن المملكة من نقل نفطها عبر هذه القناة المائية الصناعية الأكبر في تاريخ القنوات المائية الصناعية الكبرى في العالم، وستستطيع كل من دولة قطر والإمارات والكويت تصدير نفطها عبر هذه القناة إلى بحر العرب، بعيدًا عن مضيق هرمز.

 

[1]http://www.nytimes.com/2016/07/14/world/middleeast/iran-nuclear-deal.html?ref=middleeast

[2]https://www.washingtonpost.com/world/national-security/assessing-the-iran-nuclear-deal-one-year-after-it-was-reached/2016/07/13/cf3de73a-4828-11e6-acbc-4d4870a079da_story.html

[3]http://www.washingtontimes.com/news/2016/aug/25/iranian-ships-intercept-us-destroyer-report/

[4]                                      http://www.nytimes.com/2016/08/26/world/middleeast/persian-gulf-us-iran.html?ref=middleeast

[5]http://www.csmonitor.com/World/Middle-East/2016/1010/Did-Yemeni-rebels-just-fire-on-a-US-warship

[6]https://www.bloomberg.com/view/articles/2016-08-24/why-obama-let-iran-s-green-revolution-fail

مجلة آراء حول الخليج