; logged out
الرئيسية / من حق دول الخليج القلق من أي صراعات في جنوب شرق آسيا القدرات العسكرية لكوريا الجنوبية وآثار سباق التسلح في شرق آسيا على دول الخليج

العدد 113

من حق دول الخليج القلق من أي صراعات في جنوب شرق آسيا القدرات العسكرية لكوريا الجنوبية وآثار سباق التسلح في شرق آسيا على دول الخليج

الأربعاء، 02 تشرين2/نوفمبر 2016

يحتل الجيش الكوري الجنوبي المرتبة الحادية عشرة بين أقوى جيوش العالم، وهي أعلى بكثير من منافسه الجيش الكوري الشمالي الذي يشغل المرتبة الخامسة والعشرين وفقًا للتصنيف السنوي في موقع قوات النيران في العالم[i]. وفي هذا التصنيف تحتفظ الولايات المتحدة بالمرتبة الأولى كما كانت في عام 2015م، تليها روسيا والصين والهند وفرنسا وبريطانيا. وتقدمت اليابان إلى الموقع السابع بعد أن كان ترتيبها التاسع في عام 2015م. كانت كوريا الجنوبية تحتل المرتبة السابعة في عام 2015م، ولكنها تراجعت أربع مراتب في عام 2016م، على أساس عدد الأسلحة والمَدَى الذي تصل إليه، والاعتبارات الجغرافية، والخدمات اللوجستية، والموارد الطبيعية والصناعية والقوى البشرية العاملة.

كان التوتر في شبه الجزيرة الكورية عاليًا هذه السنة (2016م)، بدءًا من اختبار كوريا الشمالية النووي الرابع في يناير، والذي أعقبه إطلاق القمر الصناعي، وسلسلة من الاختبارات لمختلف الصواريخ، ثم الاختبار الخامس في سبتمبر، وهو أكبر تجربة نووية في تاريخها. وفي يوليو، اتفقت كوريا الجنوبية والولايات المتحدة على نشر نظام دفاع يستهدف تدمير الصواريخ البالستية في مرحلة طيرانها النهائية على ارتفاعات عالية قبيل اقترابها من المنطقة المراد تأمينها[1]، وذلك للحماية ضد أي تهديدات من كوريا الشمالية. ولكن الصفقة أثارت غضب الصين، التي خشيت الإضرار بأمنها بسبب وحدة الرادار القوي الملحقة بهذا النظام، ورأت أنها لن تجدي في تهدئة الأجواء في شبه الجزيرة الكورية، واعتبرت الأمر يمثل تهديدًا خطيرًا للتوازن الأمني الاستراتيجي الإقليمي ويتعارض مع المصالح الجوهرية للصين، وأوعدت بأن الولايات المتحدة حتمًا سوف تدفع ثمن ذلك، وسوف تتلقى الرد المناسب.

القدرات العسكرية لكوريا الجنوبية

يقدر مجموع سكان كوريا الجنوبية بـ 49.1 مليون نسمة، ومساحتها 100.140 كيلو متر مربع، ويبلغ مجموع الأفراد العاملين في جيش كوريا الجنوبية في الخدمة حوالي 625,000 وبالإضافة إلى ذلك، هناك ما يقرب من 2,900,000 من الاحتياط.

 

الإنفاق العسكري لكوريا الجنوبية[ii]

 

السنة

الإنفاق العسكري
نسبة من الناتج المحلي الإجمالي (%)

نفقات الدفاع

 

)بليون دولار أمريكي(

SIPRI[2]

IISS[3]

SIPRI

IISS

2006

2.6

2.6

23.4

26.7

2007

2.53

2.6

24.5

26.6

2008

2.59

2.8

20.1

24.1

2009

2.1

2.8

27.1

22.5

2010

2.2

-

23.4

25.4

 

تقديرات القدرات العسكرية لكوريا الجنوبية[iii]

 

القوات البرية

مدرعات

2,381

مركبات مدرعة مقاتلة  

2,660

مدافع ذاتية الحركة

1,990

مدافع مجرورة 

5,374

أنظمة صواريخ متعددة القواذف 

214

 

القوات الجوية

إجمالي الطائرات

1,451

مقاتلات / اعتراضية

406

طائرات هجومية  

448

طائرات نقل

348

طائرات تدريب

256

طائرات مروحية

679

مروحيات هجومية

77

 

القوات البحرية

إجمالي القطع البحرية

166

حاملات طائرات

1

فرقاطات

11

مدمرات

12

طرادات

18

غواصات

15

سفن دفاع ساحلي

80

كاسحة ألغام

10

 

والقوات المسلحة الكورية الجنوبية مدربة تدريبًا جيدًا ومجهزة، وتمارس التدريبات بشكل منتظم، بمشاركة الولايات المتحدة. ومن أولوياتها تعزيز قدراتها للدفاع ضد ترسانة الصواريخ الباليستية لكوريا الشمالية، ولديها أنظمة دفاعية وهجومية حصلت عليها لهذا الغرض. وتسعى سيول أيضًا إلى جلب أو تطوير عدد من أنظمة الهجوم عالية الدقة، بما في ذلك صواريخ كروز والصواريخ الباليستية. في عام 2014م، وقع اختيار كوريا الجنوبية على الطائرة F-35 لتلبية احتياجاتها المستقبلية من الطائرات المقاتلة، ومن المتوقع أن يبدأ التسليم عام 2018م. كما تسلمت في فبراير 2016م، الطائرة الأولى من بين أربع طائرات تختص بالتزويد بالوقود في الجو.

مع بدء نصب صواريخ yonhap في 2017م، سيكون في مقدورها أن تصل إلى أي مكان في كوريا الشمالية، ولكنها في الوقت الحاضر تحمل فقط رؤوسا تقليدية، وينطبق نفس الوضع بالنسبة إلى صواريخ كروز Hunyon3. والملاحظ أن كوريا الجنوبية لا تمتلك منصات لإطلاق مركبات فضائية، وأنها اعتمدت في حمل كل أقمارها إلى مداراتها على مهام الإطلاق الفضائية للولايات المتحدة.

إضافة إلى أسلحة الدمار، هناك أنواع بازغة من الحروب كالحرب الإلكترونية والمعلوماتية لها انعكاساتها الخطيرة على أداء السلاح وفعالية التخطيط وإصدار الأوامر الصحيحة وتنفيذها في التوقيتات والأماكن المناسبة، فقد أنشأت كوريا الجنوبية في أوائل 2010م، مركز قيادة للحروب السيبرانية (حروب الإنترنت الجديدة والشبكات في العالم الحديث، الذي أصبح يعتمد على ما يسمى بالفضاء الإليكترونى cyber space) ويعمل به ما يربو على مئتي شخص من خبراء الحاسوب، في أعقاب هجمات حجب الخدمة الموزعة في 2009م.

أما عن القدرات البحرية فقد شرعت كوريا الجنوبية في بناء السفن تحت شعار "إلى البحر، إلى العالم." خلال برنامج من ثلاث مراحل لبناء مدمرات. ويكفي هنا أن نشير إلى المرحلة الثالثة من البرنامج وهي بناء المدمرة أيجيس متعددة الأغراض وهي مجهزة بأحدث التقنيات، منها رادار يمكنه تتبع نحو تسعمائة هدف ويتعامل مع سبعة عشر منها في وقت واحد. والسفينة بها أيضًا أنظمة متقدمة للطوربيدات وإطلاق الصواريخ، ونظام متطور للدفاع الجوي والدفاع ضد الصواريخ ونظام صاروخي متطور قادر على التعامل مع تهديدات الصواريخ البالستية لكوريا الشمالية.

كوريا الشمالية – قدرات عسكرية متنامية

كثفت كوريا الشمالية هذه السنة من اختباراتها للصواريخ التي تُطلق من الغواصات، وكان أحدثها في أغسطس الماضي، إذ أطلقت صاروخًا مداه 500 كيلومتر، واعتبرته بيونج يانج نجاحًا محققًا. كما أجرت مؤخرًا التجربة الخامسة لرؤوس نووية، وقالت بيونج يانج إن الاختبار أظهر أنها جاهزة لتحميل تلك الرؤوس النووية على صواريخ. وقد دفع ذلك وكالة الاستخبارات الكورية الجنوبية NIS إلى تحذير صناع القرار مؤخرًا بأن بيونج يانج تسير نحو تحقيق هدفها المتمثل في تحميل رؤوس حربية نووية على الصواريخ البالستية "بأسرع من التقديرات السابقة، بينما أكد قائد أسطول كوريا الجنوبية نائب الأدميرال لي كي سيك بأن "تحالفنا مع الولايات المتحدة سوف يواجه بحزم تهديدات التطور النووي وصواريخ الغواصات من كوريا الشمالية".

ولكن ما يعبّر بحق عن القلق والمخاوف لدى كوريا الجنوبية تساؤل مشروع وليس من قبيل الخيال مفاده: " ماذا لو أن صواريخ كوريا الشمالية جاءت من تحت الماء؟ " وقد يثير ذلك تساؤلا آخر يحيطه الاندهاش والغموض فــحواه: ماذا نعرف عن تكنولوجيا الغواصات في كوريا الشمالية؟ بل إن هناك من يرى أن أكبر معضلة ستواجه الرئيس الأمريكي القادم هي كوريا الشمالية.

قال وزير خارجية كوريا الشمالية ري يونج أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: إن كوريا الشمالية ليس لديها خيار آخر سوى أن تصبح دولة نووية" في الدفاع عن نفسها "من التهديدات النووية المستمرة من الولايات المتحدة". وفي الوقت نفسه، يختلف الخبراء حول ما إذا كانت البرامج المتكررة لاستعراض القوة من قبل الولايات المتحدة يمكن أن توقف التجارب النووية لبيونج يانج. ويعتقد مسؤولون كوريون جنوبيون أن بيونج يانج جاهزة بالفعل عمليًا لتنفيذ تجربتها النووية السادسة.

قال ديفيد ستروب، مدير شؤون وزارة الخارجية الكورية السابق: "إن استعراض القوة قد يفيد في طمأنة الحكومة والشعب في كوريا الجنوبية بأن الولايات المتحدة لديها القدرة والإرادة كلاهما لردع كوريا الشمالية".

لكن فيكتور تشا، الباحث في شؤون كوريا بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، يرى أن حركة الآلة العسكرية في المنطقة هي جزء من استراتيجية الولايات المتحدة وهي "من السهل التنبؤ بها ولكنها تبقى غير مؤثرة".

سلسلة التجارب النووية التي أجرتها كوريا الشمالية

مسلسل

تاريخ التجربة

الارتفاع
 (متر)

العمق
 (متر)

كمية مادة الـ TNTالتي تنتج تأثيرًا
 انفجاريًا مكافئًا (بالألف طن)

الموقع

1

9 أكتوبر 2006

1340

310

0.7 إلى 2

منطقة التجارب
في بنجي – ري
تحت الأرض

2

25 مايو 2009

1340

490

2 إلى 5.4

3

12 فبراير 2013

1340

1000

6 إلى 16

4

6 يناير 2016

1340

1000

7 إلى 10

5

9 سبتمبر 2016

1340

1000

20 إلى 30

 

وعلى صعيد آخر، أعلنت كوريا الجنوبية أن جارتها الشمالية تمتلك 13 نوعًا من الفيروسات والبكتيريا يمكن استخدامها أسلحة جرثومية، بالإضافة إلى مخزون من الأسلحة الكيميائية يصل الى 5,000 طن. وتفصيلاً، جاء في تقرير رفعته وزارة الدفاع الكورية الجنوبية إلى البرلمان أن بيونج يانج تملك أحد أضخم مخزونات الأسلحة الكيميائية والجرثومية في العالم. وحذر التقرير من أن كوريا الشمالية قد تستخدم جراثيم الكوليرا والحمى الصفراء والتيفوئيد والتيفوس والدوسنتاريا في إطار حرب جرثومية. وكانت المجموعة الدولية للأزمات حذرت من أن كوريا الشمالية لا تشكل خطرًا نوويًا فحسب بل تملك أيضًا مخزونًا من الأسلحة الكيميائية والجرثومية[iv]. وأشارت مجموعة الدراسات التي تتخذ مقرًا لها في بروكسل إلى إمكان استخدام هذه الأسلحة محملة على صواريخ. وبحسب المجموعة، فإن هذه الترسانة تتضمن غازات الخردل والفوسجين وغيرها من المواد السامة للأعصاب التي يمكن إطلاقها بواسطة طائرات وصواريخ وقذائف.

مقارنة القدرات العسكرية

بالنظر إلى تعقُّد العلاقات بين كوريا الجنوبية وكوريا الشمالية، يبدو من الأهمية بمكان إجراء تقييم للقدرات التقليدية، وغير النمطية، والكيميائية والبيولوجية والإشعاعية، والنووية على كل جانب. هذا التقييم أمر حيوي لتخطيط السياسات أو المفاوضات بشأن الحد من التسلح ووضع سيناريوهات الصراعات المحتملة ووسائل تجنبها أو حتى إدارة الصراعات إذا بدأت بالفعل لصالح السلام والأمن الدوليين.

ارتفعت التوترات مع كوريا الشمالية بعد اختبار القنبلة الهيدروجينية بيونج يانج المزعوم، وبدا هناك شبح تجدد الحرب في شبه الجزيرة. في السنوات التي تلت اتفاق الهدنة الكورية في عام 1953م، والتي أنهت الصراع بوقف لإطلاق النار دون إنهاء الأعمال العدائية رسميًا كان الجيش الأمريكي هو الضامن لأمن كوريا الجنوبية. وبعد مرور أكثر من ستين عامًا، تحتفظ الولايات المتحدة بقوات قوامها أكثر من 28,500 جندي في كوريا الجنوبية للدفاع عن سيول من خطر بيونج يانج. لكن إلى حد كبير، تدافع كوريا الجنوبية عن نفسها بقواتها الذاتية الكبيرة المجهزة جيدًا وعالية التدريب وإن كانت تحت قيادة الولايات المتحدة في أوقات الحرب.

في الواقع، كان من المقرر أن تتولى كوريا الجنوبية قيادة قواتها في زمن الحرب بحلول ديسمبر عام 2015م، وهي مؤلفة من 630,000 جندي تحت السلاح مجهزين بالمعدات المتقدمة، ولكن الولايات المتحدة وافقت على تأجيل نقل القيادة لتهدئة مخاوف المحافظين في كوريا الجنوبية حتى منتصف العشرينات من القرن الحالي، وكذلك طلبت كوريا الجنوبية من الولايات المتحدة تأخير تحرك قواتها المقاتلة في الخطوط الأمامية بعيدًا عن الحدود مع كوريا الشمالية. وهذا يعني أن جيش الولايات المتحدة سيُبقِي لواء مدفعية الميدان وبطاريات نظام إطلاق الصواريخ متعددة القواذف في مكانها إلى الشمال مباشرة من سيول. تلك القطع من المدفعية هي جزء من دفاعات قيادة القوات المشتركة ضد المدفعية الكثيقة لكوريا الشمالية التي يمكن أن تحول مدينة ضخمة إلى أنقاض مشتعلة في غضون ساعات.

بفرض أن الوضع في شبه الجزيرة الكورية لن يُفضي أبدًا إلى حرب خاطفة جديدة، فمن المرجح أن سول ستلحق بها أضرارًا بالغة. ولكن بصرف النظر عن خسارة المدينة، فإن قوات الجيش الكوري الجنوبي سوف تكون أكثر من قادرة على التعامل مع الجيش الشعبي الكوري خلال أي صراع يخلو من حرب نووية أو أي تدخل مباشر من قبل جمهورية الصين الشعبية، حيث سيكون على واشنطن أن تتدخل بترسانتها الهائلة.

ومع ضخامة الجيش الشعبي لكوريا الشمالية فإن معظمه مدرب ومجهز بمعدات سوفييتية قديمة من خمسينات وستينات القرن الماضي. في حين أن لديه بعض العناصر الحديثة، وعددًا من القدرات غير النمطية يأمل أن تكون قادرة على تعويض العجز التكنولوجي والتدريبي الهائل. وهناك من يرى بأن القوات الكورية الشمالية ليس من المرجح أن تكون رابحة في معركة تقليدية، وأن العوامل الوحيدة في صالحها هي محض أرقام.

وأخيرًا، فإن من شأن الكثافة العالية التي تُنشر بها أنظمة الصواريخ والطائرات ذات الضربات الجوية الدقيقة أن تحوِّل أسلحة "دفاعية" مثل الصواريخ البالستية وصواريخ الدفاع الصاروخي أرض / جو إلى قدرات "هجومية" أيضًا. إن القدرة الدفاعية الفائقة تعادل القدرة على الحد من مخاطر تصعيد استخدام الصواريخ الهجومية والهجمات الجوية والمتخفية.

إن الجيش الكوري الجنوبي سيزيد بشكل كبير عدد صواريخ " yonhap " في مخزونه من الصواريخ، لمواجهة التهديدات النووية والصاروخية الكورية الشمالية المتزايدة بشكل أفضل، وتردد أن الجيش يبتكر خطة للقضاء على القواعد الصاروخية في مختلف أنحاء كوريا الشمالية بشكل متزامن، في أوقات الأزمات. لتحقيق ذلك، تحتاج كوريا الجنوبية مزيدًا من الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز لتكون تحت تصرفها، ومن شأن ذلك أن يمكّن سيول من "تحييد" التهديدات الصاروخية لبيونج يانج. والجدير بالذكر أن الصواريخ الكورية الجنوبية، بشكل عام ذات مدى أقصر، لكنها أكثر دقة بكثير من الصواريخ الكورية الشمالية. وتدرك سيول أن بيونج يانج ربما تطلق صواريخها، بشكل مفاجئ ضد جارتها الجنوبية، إذا بدأت حربًا أخرى، وأنه يجب أن تدمر سيول تلك الصواريخ قبل أن يتم إطلاقها إذا حصلت على معلومات استخباراتية متقدمة لهجوم وشيك. ومن المعروف أن الدولة الشيوعية لديها نحو ألف صاروخ، يمكن أن تطلقها على الفور. وتلك الإمكانية لهجوم استباقي، بالإضافة إلى خطة كوريا الجنوبية لبناء الدفاع الجوي الصاروخي الكوري "كيه.إيه.إم.دي" و"سلسلة قتالية" لرصد وتحديد واعتراض الصواريخ القادمة سيسمح لكوريا الجنوبية مواجهة التهديدات "غير النمطية" من جانب كوريا الشمالية، والقائمة على أسلحة الدمار الشامل التي تمتلكها[v].

بعد التجربة النووية الخامسة لكوريا الشمالية كشفت كوريا الجنوبية النقاب عن خطة أعدها الجيش لإزالة مناطق محددة من بيونج يانج من الخريطة عند رصد أية بوادر تشير إلى استخدامها سلاحًا نوويًا، وتشمل تدمير بعض المناطق التي قد تختبئ فيها القيادة العسكرية الكورية الشمالية في حالات الطوارئ. وتعتمد الخطة على الصواريخ البالستية أرض / أرض (مدى 300 كم و500 كم)، وصاروخ كروز (مدى 1000 كم)، فيما يعتزم الجيش الكوري الجنوبي زيادة عدد الصواريخ الباليستية، وتشكيل قوات للعمليات الخاصة هدفها "إزالة" القيادة العسكرية في كوريا الشمالية.

أدان مجلس التعاون لدول الخليج العربية تلك التفجيرات النووية، وإطلاق الصواريخ الباليستية، باعتبار أنها تهدد الأمن والسلم الدوليين في شبه جزيرة كوريا ومنطقة شرق آسيا، وتتعارض مع جهود المجتمع الدولي لمنع انتشار الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل.

تهديدات وتحديات تواجه كوريا الجنوبية:

ردًا على اختبار كوريا الشمالية لرؤوس نووية وصواريخ باليستية وضعت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية قواتهما البحرية في استعراض للقوة في بحر اليابان في أحدث حلقة في سلسلة من مظاهر القوة العسكرية. وقال مسؤول في البحرية الأمريكية: إنها المرة الأولى التي تعمل سفن الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية معًا في مياه قريبة جدًا من الساحل الشرقي لكوريا الشمالية. كانت السفن مسلحة بصواريخ كروز بعيدة المدى، عالية الدقة، والجاهزة للهجوم البري. وشهدت التدريبات مدمرة الصواريخ الموجهةUSS Spruance ومعها سفن وغواصات وطائرات من القوات البحرية الكورية الجنوبية في مياه شرقي شبه الجزيرة الكورية. ومن الجدير بالذكر أن المدمرات المشاركة مزودة بنظام إيجيسAegis للدفاع الصاروخي الذي يوصف من قبل الشركة المصنعة "لوكهيد مارتن" بأنه "النظام القتالي الأكثر تقدمًا في العالم" إذ يمكنه تتبع أكثر من 100 هدف في وقت واحد، وهو النظام البحري الوحيد القادر على اعتراض الصواريخ الباليستية.

وقد سبق ذلك تحليق أعتى قاذفات القنابل الثقيلة B-1 من سلاح الجو الأمريكي على طول المنطقة المنزوعة السلاح، فوق الخط الفاصل بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية.

تتباهى الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية بإظهار القوة العسكرية من خلال هذه التدريبات. يقول الأميرال براد كوبر، قائد القوات البحرية المشتركة: "نحن نعمل جنبًا إلى جنب كل يوم مع شركائنا في كوريا الجنوبية، نحن إلى جانبهم اليوم في عرض البحر، وسوف نبقى إلى جانبهم للدفاع ضد الأعمال العدائية غير المبررة من قبل كوريا الشمالية".

في حرب كورية جديدة محتملة هناك بعد بحري أيضًا لا يمكن التنبؤ به. فقد تستخدم بيونج يانج الغواصات والألغام الذكية، والصواريخ المضادة للسفن. قد تجري هجمات سرية أو غير نمطية على عمليات الشحن، وربما خارج المياه الكورية. قد يحدث هجوم أو استيلاء على سفينة للولايات المتحدة، أو الصين باعتبارها طريقة أكثر أمانًا لممارسة الضغط. وعلى اليابان أن تتخذ قرارها بشأن الموقف البحري.

في العقد الماضي واجهت كوريا الجنوبية عددًا من الخيارات والمعضلات الصعبة، منها خفض الوحدات الأمريكية المأهولة على أراضيها، ووجود بيئة تهديد معادية. دفع ذلك كوريا الجنوبية إلى العمل على زيادة قدراتها في مجالات كانت تغطيها الولايات المتحدة ولا سيما المراقبة والاستطلاع و الإنذار المبكر. وفي عام 2005م، أصدرت وزارة الدفاع مبادرة 2020م، للإصلاح الدفاعي حددت استراتيجية جمهورية كوريا الجنوبية لخلق جيش أقل حجمًا وأكثر اعتمادًا على الذات وركزت على التحسينات التكنولوجية.وشملت المبادرة شراء طائرات متطورة وتحويل قوة دورية ساحلية كبيرة إلى المياه الزرقاء. وكان التوجه إلى تعديل خطط الإصلاح لانتهاج استراتيجية أكثر عدوانية للوقاية من الأعمال العدائية المستقبلية.وشملت هذه الاستراتيجية تحصين جزرها الخمس وجلب طائرات هليكوبتر تتعامل مع الغواصات واتخاذ وسائل لمكافحة تكتيكات الحرب غير النظامية لكوريا الشمالية.

استفادت كوريا الجنوبية من نشاطاتها لمنع القرصنة في خليج عدن وبحر العرب في حماية مصالحها التجارية. وهي تبدو كقوة حماية نامية لحركة الاقتصاد القائمة على التصدير وهي باستطاعتها استعمال السلاح عند الضرورة لتأمين ممتلكاتها القومية. وكان من شأن تبادل الخبرات العملياتية في خليج عدن والعمليات الناجحة ضد القرصنة أن يعزز من إلإلمام بالعمليات المتعددة الأطراف، ويبرز العزم على التعامل بحسم مع مثل هذه التهديدات، ويعطي رسالة واضحة لكوريا الشمالية لتنتظر عواقب قاسية لأي تهديد محتمل من جانبها.

العلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي

في الماضي، باعت كوريا الشمالية الصواريخ إلى إيران ومصر وسوريا، وحصلت على التكنولوجيا من باكستان لتوسيع قدرات تخصيب اليورانيوم. ومن دول الخليج التي اشترت الصواريخ الباليستية الكورية الشمالية كل من اليمن (في عام 2000م) والإمارات (في أواخر التسعينات). وخلال الحرب الحالية التي تقوم بها المملكة العربية السعودية وحلفاؤها في اليمن، ظهرت أدلة على وجود صواريخ سكود من كوريا الشمالية التي يستخدمها المتمردون الحوثيون. هذه الصواريخ ليست جزًءا من شحنات جديدة، بل تعود إلى مشتريات سابقة من قِبل الحكومة اليمنية. يتردد أنه في عام 2002م، اشترى اليمن حوالي 20 صاروخ سكود من كوريا الشمالية. لذلك فمن المرجح أَّن صواريخ سكود التي تستخدم في الصراع الآن جاءت من كوريا الشمالية في الأصل. إن مستقبل العلاقات بين كوريا الشمالية ودول مجلس التعاون الخليجي من المرجح أن يسير في شكل علاقات رسمية وثيقة، مع تعاون عسكري محدود، وشراكة اقتصادية قائمة إلى حد كبير على توفير كوريا الشمالية للعمالة الماهرة ذات الأجور المنخفضة.

من شأن التوتر بين الكوريتين وتوقُّع تورط الصين واليابان والولايات المتحدة الأمريكية على المستوى السياسي والعسكري أن يُفضي إلى صراعات لا يمكن التنبؤ بها أو بالمدى الذي قد تصل إليه. التاريخ الدامي يؤيد صحة هذا التصور خاصة إذا أخذنا في الاعتبار عدد المرات التي اندلعت فيها الحرب على أثر حوادث بدت عابرة أو لم تكن متوقعة وكيف جرى تصعيدها إلى حافة التدمير والإهلاك.

من حق دول مجلس التعاون الخليجي إذن أن يساورها القلق، وأن تكون واعية لأي صراعات محتملة قادمة في منطقة جنوب شرق آسيا، ومدركة لآثارها البيئية والاقتصادية والاجتماعية على منطقة الخليج العربي، ناهيك عن أي آثار سلبية أخرى قد لا تكون في الحسبان.

الخليج العربي ودروس الأزمة الكورية

كوريا الشمالية دولة صغيرة مساحتها لا تتجاوز 124.5 ألف كيلومتر مربع وعدد سكانها لا يتعدى 24 مليونًا. ولكن سلاحها النووي وصواريخها الباليستية البعيدة المدى وتهور وخطورة قيادتها وتلويحها باستخدام السلاح النووي ضد الولايات المتحدة وضد اليابان وجارتها كوريا الجنوبية ٬ واستراتيجية الاستفزاز ولعبة حافة الهاوية لانتزاع تنازلات من كوريا الجنوبية جعلها تستحوذ على اهتمام العالم وأعطاها ثقلا وأهمية وتأثيرًا يتجاوز بكثير قدراتها المحدودة.

من الأهمية بمكان أن تعمل دول مجلس التعاون الخليجي على متابعة وفهم وتحليل ما يحدث في جنوب شرق آسيا، خاصة أن هناك طرفًا يترقب على الجانب الشرقي المتاخم هو إيران يتأمل ما يحدث من مواجهة متصاعدة لكوريا الشمالية مع المجتمع الدولي، وتحدٍّ مستمر للاتفاقيات والأعراف الدولية في الشأن النووي. إن التلويح باستخدام السلاح النووي وبشكل متهور وغير مسبوق يهدد بالانزلاق نحو تصعيد وحرب مواجهة تطال منطقة الخليج العربي. ماذا لو أن تلك القوى التي تنطلق من بيونج يانج وطهران، في تحدٍّ سافر وتصميم أكيد على تحقيق مصالحها ولو على حساب جيرانها واستقرار أمن النظام الإقليمي، أقدمت بالفعل على تنفيذ سياسة حافة الهاوية التي تهدد بها؟ رسائل طمأنة خرجت من أمريكا: فالرئيس الأمريكي يهدد بقوله " إن كوريا الشمالية تلعب بالنار وعليها التوقف عن اللعب بالنار"، ووزير الدفاع الأمريكي يتوعد بأن أمريكا ستتخذ جميع الوسائل لحماية الشعب الأمريكي، ووزير الخارجية الأمريكي ينذر بأن أمريكا لن تقبل بكوريا شمالية نووية!! وأن واشنطن ستهب للدفاع عن حليفتها كوريا الجنوبية. وقد كان لردود الفعل ومسارعة واشنطن لطمأنة حلفائها في شرق آسيا صدى إيجابي في دول مجلس التعاون الخليجي.

ترتبط دول مجلس التعاون بكل من كوريا الشمالية والجنوبية بصلات تجارية وعسكرية سواء بتصدير النفط أو جلب العمالة والمعدات المدنية والعسكرية على حد سواء. كما أن أي حرب نووية في المنطقة من شأنها أن تحدث أضرارا بالغة على دول الخليج سواء على مستوى الخسائر البشرية أو التلوث البيئي والمنتجات الزراعية، أو على طرق المواصلات التي تضمن تدفق الصادرات والواردات بأمان من وإلى الخليج العربي. في مواجهة فرص وتحديات غير مسبوقة، لابد أن ترفع دول مجلس التعاون الخليجي عاليًا راية السلام والتنمية والتعاون، وتصر على السير في طريق التنمية السلمية، وتتابع استراتيجية المنفعة المتبادلة، وتعزز بناء عالم متناغم يسوده السلام الدائم والرخاء المشترك. وأن تستمر في تنفيذ النظرة العلمية للتنمية في محاولة لتحقيق التكامل بين التنمية مع الأمن، وأن تولي الاعتبار الواجب للقضايا الأمنية التقليدية وغير التقليدية، وتعزيز القدرات الاستراتيجية، وإتقان نظم إدارة الطوارئ الوطنية. ولها أن توالي في نفس الوقت، متابعة المفهوم الجديد للأمن القائم على الثقة المتبادلة والمنفعة المتبادلة والمساواة والتنسيق، والدعوة إلى تسوية المنازعات الدولية والقضايا الساخنة بالوسائل السلمية. وأن تشجع استنهاض حوارات الأمن والتعاون مع الدول الأخرى، وتعارض الانخراط في الأحلاف العسكرية، وأعمال العدوان والتوسع.

إن بعض القوى الكبرى تعيد تنظيم أمنها واستراتيجياتها العسكرية، وتزيد من الاستثمار في الدفاع، وتسارع في تحديث القوات المسلحة، وتطوير التكنولوجيا العسكرية المتقدمة والأسلحة والمعدات. أصبحت القوات النووية الاستراتيجية، والملاحة الفضائية العسكرية، وأنظمة الدفاع الصاروخي، والاستطلاع الكوني ومراقبة ساحة المعركة، تمثل الأولويات في جهودها الرامية إلى تعزيز القوات المسلحة. بعض الدول النامية تسعى أيضًا بنشاط للحصول على الأسلحة والمعدات المتقدمة اللازمة لزيادة قوتها العسكرية. وجميع الدول تولي أهمية أكبر لدعم الجهود الدبلوماسية بالوسائل العسكرية. ونتيجة لذلك، أصبح سباق التسلح في بعض المناطق أكثر سخونة، مما يشكل تحديات خطيرة أمام الحد من التسلح الدولي ونظم منع انتشار الأسلحة النووية. من حق دول الخليج أن تتطلع إلى مرحلة جديدة من التنمية، وأن تنافس لتحقيق القوة الوطنية الشاملة وتطوير العلوم والتكنولوجيا، في عالم تتزايد فيه المنافسة الدولية العسكرية، والثورة العالمية في المجالات العسكرية.

 

[1]Terminal High Altitude Area Defense (THAAD)

[2]Stockholm International Peace Research Institute, SIPRI

[3]International Institute for Strategic Studies, IISS

 

[i]  http://www.globalfirepower.com/countrymilitarystrengthdetail.

[ii]  Anthony H.Cordesman, The Korean Military Balance, Center for Strategic and International Studies CSIS, 2011.

[1]  http://www.globalfirepower.com/countrymilitarystrengthdetail.

[1]  Anthony H.Cordesman, The Korean Military Balance, Center for Strategic and International Studies CSIS, 2011.

[1]  http://www.globalfirepower.com/countrymilitarystrengthdetail.

[1] http://www.emaratalyoum.com/politics/reports-and-translation/2009-10-06-1.1529

[1]http://aawsat.com/home/article/714166/%D9%83%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D9%88%D8%A8%D9%

[iii]  http://www.globalfirepower.com/countrymilitarystrengthdetail.

[iv] http://www.emaratalyoum.com/politics/reports-and-translation/2009-10-06-1.1529

[v]http://aawsat.com/home/article/714166/%D9%83%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D9%88%D8%A8%D9%

مجلة آراء حول الخليج