; logged out
الرئيسية / العلاقات العسكرية المغربية -الخليجية في طريقها لتطوير التعاون في الصناعة العسكرية : العاقات المغربية الخليجية عام 2016 جسر للعاقات الآفرو-آسيوية

العدد 114

العلاقات العسكرية المغربية -الخليجية في طريقها لتطوير التعاون في الصناعة العسكرية : العاقات المغربية الخليجية عام 2016 جسر للعاقات الآفرو-آسيوية

الإثنين، 05 كانون1/ديسمبر 2016

تميزت سنة 2016م، بتفاعلات مهمة على صعيد العلاقات المغاربية الخليجية عموما، والعلاقات المغربية الخليجية خصوصًا. وقد دفعت التحديات الإستراتيجية التي تشهدها المنطقة العربية بصناع القرار إلى تجديد أطر وآليات تطوير العلاقات الخليجية المغربية، أفضى إلى انعقاد "القمة الأولى الخليجية المغربية " بالرياض في 20 أبريل 2016م. وقد جاءت هذه القمة بالتوازي مع التحولات في الرؤى والأدوار الاقتصادية التي ترتب لها الدول الخليجية، من خلال تنويع الشركاء ونمط الاقتصاد الخليجي، كما أن المغرب بدوره انخرط في مسار تهيئة البنيات والموارد التي ستنقله إلى تصنيف "الدول الصاعدة".

  • مركزية الخليج في أجندة الاقتصاد المغربي

إن المبادلات التجارية المغربية الخليجية أصبحت ترتفع بشكل تدريجي منذ سنة 2011م، بالرغم ميلالميزانالتجاري لفائدة دول مجلس التعاون الخليجي، الذي بلغت قيمته سنة 2015م،812 مليونًا و694 ألف دولار. وقد ارتفعت الصادرات الخليجية للمغرب من 257مليونو310 ألف دولار سنة 2011م، إلى مليار وأزيد من 174 مليون دولار عام 2015م. أما واردات مجلس التعاون الخليجي من المغرب فقد انتقلت بدورها من 109 مليون و736 ألف دولار عام 2011م، إلى 361 مليون و425 ألف دولار عام 2015 م، (أنظر الجدول رقم: 1).

             وهيمنت المملكة العربية السعودية على مجمل المبادلات التجارية الخليجية مع المغرب ما بين 2011و2015م، إذ استحوذت على 49% من واردات الدول الخليجية من المغرب، تليها الإمارات العربية المتحدة بنسبة 36%، ثم الكويت بـ5 % (أنظر المبيان رقم:1). وتستحوذ السعودية أيضا على 78% من صادرات دول مجلس التعاون الخليجي نحو المغرب خلال نفس الفترة، ثم تتبعها الإمارات العربية المتحدة بنسبة 14%(أنظر المبيان رقم:2).

 

وإذا كانت فترة 2011-2015م، قد هيمنت عليها العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على العلاقات الاقتصادية الخليجية المغربية، فإن سنة 2016م، ستشهد جهودًا لتطويرها مع دول أخرى، مثل قطر التي وقعت اتفاقيات اقتصادية نوعية في 05 أبريل 2016م، مع المغرب خلال انعقاد اللجنة العليا المشتركة[1]. وتعد مذكرة التفاهم بين البلدين في مجال النفط والغاز والطاقة المتجددة والكهرباء من أهم هذه الاتفاقيات، وتكتسي في المنظور المغربي طابعًا استراتيجيًا، إذ تسمح له باستيراد الغاز المسال القطري بعد أن كان المغرب يعتمد على إمدادات "شركة صوناتراك" الجزائرية، كجزء من الالتزام المتعلق بمرور أنبوب الغاز الجزائري نحو إسبانيا عبر الأراضي المغربية. فنظرًا للتوتر السياسي بين الجزائر والمغرب حول مسألة الصحراء المغربية، جعل الرباط تفكر في خيارات أخرى لإمداد سوقها بالغاز، كان من إحداها استيراد الغاز القطري[2].

والحقيقة، أن السياسة الطاقية للمغرب في السنوات الأخيرة جذبت كثيرًا أنظار الاستثمارات الأجنبية، منها القطرية، ففي شهر فبراير 2016م، أعلنت "شركة قطر للبترول" عن شرائها نسبة 30% من حصة "شركة شيفرون الأمريكية" التي كانت تمتلك 75% من حصة امتياز الاستكشاف البحري في المياه العميقة قبالة السواحل المغربية[3]. ونشير في هذا السياق، أن الإمارات العربية المتحدة سبق لها أيضًا أن اهتمت بالاستثمار في القطاع الطاقي بالمغرب، ففي منتصف مارس 2015م، وقعت شركة "مبادلة للبترول" عقدا لاستكشاف الطاقة في الشواطئ المغربية على البحر الأبيض المتوسط[4]. ويتوقع أن يشهد قطاع استخراج النفط بالمغرب المزيد من الاهتمام الخليجي خصوصًا، والعالمي عمومًا، وهو ما أكدته ندوة "أسبوع النفط في إفريقيا" التي نظمت في آخر أكتوبر 2016 بجنوب إفريقيا[5].

وواصلت العربية السعودية دعمها الاقتصادي للمغرب، ففي أبريل 2016م، وقع الطرفان على اتفاقية بموجبها يحصل المغرب على 230 مليون دولار من الرياض، كجزء من المساعدات التي خصصت للرباط بموجب "الشراكة المغربية الخليجية"، والبالغة قيمتها 5 مليارات دولار لفترة 2012-2017[6]. وفي إطار نفس هذه "الشراكة"، قدمت الكويت للمغرب عقب "القمة الخليجية المغربية الأولى"، مساعدات اقتصادية بقيمة 250 مليون دولار[7].

إن دول مجلس التعاون الخليجي أصبحت في السنوات الأخيرة إحدى أهم الممولين والمساهمين في المشاريع الاقتصادية الكبرى للمغرب، خاصة بعد الأزمة التي أصابت الاقتصاديات الغربية، بما فيها فرنسا وإسبانيا التي تعتبر من الشركاء الاقتصاديين الأساسيين للمغرب. وضمن هذا السياق، وقع "المكتب الوطني المغربي للسكك الحديدية" و"الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية" في أواخر أكتوبر 2016م، على قرض تقدمه الأخيرة لاستكمال خط "قطار فائق السرعة طنجة-الدار البيضاء"، وهو أحد مشاريع البنيات التحتية الرئيسة التي دشنها المغرب لتعزيز الدينامية الاقتصادية في البلاد[8]، بشراكة مع فرنسا التي تساهم بـ 50% من تمويلات هذا المشروع[9]. وتمول العربية السعودية أيضًا مشروعًا اقتصاديًا ضخمًا في المغرب يتعلق بإنتاج الطاقة المتجددة، والمسمى بـمشروع "نور" لإنتاج الطاقة الشمسية بشراكة بين "الوكالة المغربية للطاقة الشمسية" وشركة (ACWAPOWER) السعودية[10]، إضافة إلى شركتين إسبانيتان هما "AriesIngenieriaySistemas" و "TSKElectronicayElectricidad "[11].وخلال فبراير 2016 تم افتتاح المحطة الأولى لمشروع "نور" الذي يعد الأكبر من نوعه في العالم[12]، وفييوليو من السنة نفسها أعلنت الشركة السعودية (ACWAPOWER) أنها في المراحل الأخيرة للبدء في مشروع لإنتاج الطاقة الريحية في "جبل صندوق" قرب مدينة طنجة شمال المغرب[13].

وفتح المغرب خلال سنة 2016م، مجالا جديدا لتطوير العلاقات الاقتصادية مع دول الخليج العربي، عبر قطاع "البنوك الإسلامية/البنوك التشاركية"، وكان "بنك قطر الدولي الإسلامي" أول مستثمر في هذا القطاع بعد توقيعه على اتفاقية تعاون في آخر شهر 2015 مع "بنك سياش" المغربي (CIH)(CréditImmobilier etHôtelier)[14]. وتمكن فيما بعد أيضا "بنك البركة" البحريني من التوقيع على اتفاقية مع "البنك المغربي للتجارة الخارجية" (BMCE)(BanqueMarocaineDuCommerceExtérieur) لإنشاء "بنك إسلامي" وفتح 20 فرعا له في المغرب[15]. ومنذ 2015 يحاول كل من "بنك أبو ظبي الإسلامي" و"بنك الإمارات الإسلامي" الاستثمار في المغرب[16]، ومن المتوقع أن يقوم أيضا "بنك فيصل الإسلامي" السعودي بفتح فروع له بالمغرب.

  • الخليج العربي والمغرب: من التنسيق إلى التكامل الاستراتيجي
  1. استمرار وتطور التعاون العسكري المغربي الخليجي

استمر المغرب خلال سنة 2016م، في دعم شركائه فيما يتعلق بقضايا الأمن القومي الخليجي، ففي اليمن واصلت الرباط دعمها السياسي للموقف المؤيد لشرعية الرئيس اليمني "عبد ربه منصور هادي"، وذلك بالرغم من أن المغرب قد أوقف المشاركة في العمليات العسكرية المباشرة، لدواعي أرجعها البعض لفتح المجال أمام المفاوضات السياسية بين "هادي" و"الحوثيين"، فيما البعض الآخر رجح هذا التوقف إلى دواعٍ خاصة تتعلق بتحرشات معادية تتعلق بقضية الصحراء المغربية وحاجة الرباط إلى القوات النوعية التي أرسلها إلى حرب اليمن. وعندما تعرضت سفينة مدنية إماراتية، كانت تنقل المواد الغذائية والطبية، لهجوم من قبل "الحوثيين" في أكتوبر 2016م، نددت وزارة الخارجية المغربية بهذا السلوك، واعتبرته مهدداَ لأمن الملاحة البحرية[17]، وأثناء الهجوم الذي حاول به "الحوثيون" استهداف مكة المكرمة خلال نفس الشهر، أكدت الرباط استعدادها و"تضامنها المطلق مع المملكة العربية السعودية الشقيقة في مواجهة كل ما من شأنه أن يمس سيادتها وطمأنينتها"[18].

ونظرا للشراكة الاستراتيجية القائمة بين المغرب ومجلس التعاون الخليجي، يحتمل أن تشارك الرباط في الترتيبات التي يمكن أن تتمخض عنها الوساطة السياسية لحل الأزمة اليمنية، بما فيها احتمال إنشاء قوة دولية أو قوة حفظ سلام أممية في اليمن. ويذكر في هذا السياق أن الجزائر رفضت اقتراحا تُقدم إليها حول المشاركة في قوة دولية محتملة في اليمن، قيل إنه كان محور المباحثات في زيارة قيادات عسكرية خليجية للجزائر، بما فيها رئيس هيأة الأركان العامة السعودي "عبد الرحمن صالح البنيان" خلال أكتوبر 2016[19]. 

إن ما ميز العلاقات العسكرية المغربية الخليجية خلال سنة 2016م، أنها بدأت تشق طريقها عمليا نحو تطوير التعاون في مجال الصناعة العسكرية، فبعد أن وقعت الرياض والرباط على اتفاقية للتعاون العسكري في ديسمبر، 2015 م، عقب انضمام المغرب إلى "التحالف الإسلامي ضد الإرهاب" الذي أطلقته السعودية[20]، قدمت الأخيرة في يناير 2016م، مساعدات مالية للمغرب بلغت 22 مليون دولار مخصصة لدعم الصناعة العسكرية المغربية[21].  ويمكن القول إن هذه المساعدة ليست إلا مقدمة لتطوير أوسع للعلاقات المغربية السعودية في هذا المجال، خاصة وأن الرياض أصبحت لها رؤى جديدة في المجال العسكري تربط فيه بين الصناعة العسكرية والتحول الاقتصادي، اتضحت أساسًا في توجهات وزير الدفاع السعودي "محمد بن سلمان" التي تبلورت في "الرؤية السعودية 2030"[22].

والحقيقة، أن التعاون في مجال الصناعة العسكرية المغربية السعودية هو استمرار لمسار اهتمام الدول الخليجية للاستثمار في هذا القطاع، وبما أن المغرب والجزائر تعدان من بين أكبر الدول المنفقة على شراء الأسلحة في إفريقيا، فإن سوقهما يجذبان الشركات الكبرى لصناعة الأسلحة في العالم. وتعد دول الخليج حلقة من حلقات تسويق الأسلحة في هذه المنطقة، سواء بتمويل المشتريات، أو الصناعة العسكرية، أو الاستثمار المباشر في هذا القطاع. ولكن هذا التطور يأتي أيضا في سياق رغبة صانع القرار المغربي في إنشاء وتطوير الصناعة العسكرية المغربية لتلبية احتياجاته الدفاعية، لاسيما في ضل التحديات الأمنية الإقليمية المتصاعدة، خاصة في منطقة الساحل والصحراء[23]. وضمن هذا السياق تأتي اتفاقية التعاون العسكري مع الإمارات العربية المتحدة التي صادق عليها المغرب في عام 2015م، وتهم إحدى مجالاتها الصناعة العسكرية[24]. ونشير هنا إلى أن الإمارات العربية تراهن على أن تصبح أحد المستثمرين أيضًا في الصناعة العسكرية الجزائرية، إذ سبق لـ"شركة توازن" الإماراتية المختصة في الصناعة العسكرية أن وقعت اتفاقية مع الجزائر في ماي 2012م، لإنتاج 200 مركبة عسكرية كل سنة[25]. ولا نستثني في هذا الإطار، الجهود التي تبذلها قطر للانخراط في مجال الصناعة العسكرية، وتحاول من أجلها أن تضع لها أرضية قانونية مع بعض الدول، سواء على مستوى الإنتاج أو التسويق، وقد تكون الاتفاقية العسكرية الموقعة بين المغرب وقطر عام 2010م، إحدى آلياتها[26]. 

 

 

  1. المغرب والخليج رافعة التعاون الأفرو-آسيوي

إن الديناميات الإقليمية والدولية التي عرفتها دول الخليج العربي خلال السنوات القليلة الماضية تنم على وجود تحولات مهمة في سياستها الخارجية، أبرزها السعي إلى توسيع علاقاتها الاقتصادية والاستراتيجية مع الدول الآسيوية، مثل الهند والصين وكوريا الجنوبية واليابان. أما المغرب فبالتوازي مع تعزيز علاقاته بدول مجلس التعاون الخليجي، التي تبلورت أساسا في "القمة الأول للمغرب ومجلس التعاون الخليجي" في أبريل 2016م، فإنه اختار في السنة ذاتها أن يعزز حضوره بالقارة الإفريقية. وما ميز التحرك المغربي خلال 2016م، هو تجاوزه التركيز على الدول "الإفريقية الفرانكفونية" نحو انفتاح أكبر على "الدول الإفريقية الأنجلوساكسونية"، اتضحت في الزيارة الأولى التي قام بها العاهل المغربي محمد السادس، في أكتوبر الماضي، إلى كل من تنزانيا ورواندا بمنطقة شرق إفريقيا، والتي تعد محور تماس بين الخليج العربي وإفريقيا وشرق آسيا.

لقد أبانت التطورات الدولية أن مركز الصراع الدولي يتحول إلى آسيا، وبالدرجة الأولى في محيط الصين، مما يستوجب مراجعة الاستراتيجيات والآليات لحماية المصالح الوطنية والإقليمية. ونتيجة لهذا التحدي أصبح هناك تداخل أكبر بين مجريات الأحداث في البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي، وإذا كانت الأزمة السورية ستحدد مستقبل ميزان القوى في شرق البحر الأبيض المتوسط، فإن الأزمة اليمنية ستحدد ميزان القوة في المحيط الهندي، وكلا الحوضين البحريين يمسان بأمن الخليج العربي بصفة مباشرة، والأمن القومي المغربي بصفة غير مباشرة بحكم ارتباطه بالأمن القومي الخليجي. ويقتضي هذا التحول التفكير في تفعيل العلاقات الأفرو-آسيوية كإحدى المحاور الأساسية التي تُمكن كل من المغرب والدول الخليجية من التموقع في المسارات الجديدة التي تتجه إليها العلاقات الدولية.

إن تأمين الملاحة البحرية بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي يشكل إحدى الهواجس الأساسية للقوى الآسيوية في هذه المرحلة، وجعل الخليج العربي في قلب اهتماماتها. وفي هذا السياق أقامت الصين واليابان قاعدة عسكرية لكل واحد منهما في جيبوتي. وحصلت البحرية الإيرانية على تسهيلات لاستغلال الموانئ التنزانية[27]، فضلا عن قيامها بتدريب القوات البحرية التنزانية[28]. وعززت الهند علاقاتها العسكرية الإفريقية، خاصة مع شرق إفريقيا[29]، فوقعت على اتفاقيات تعاون مع القوات البحرية لسيشيل وموريتيوس والموزامبيق والصومال[30]، فضلا عن قيامها بتدريب القوات العسكرية لعدد من الدول الإفريقية[31]، منها تنزانيا التي وقعت معها الهند في يوليو 2016م، على اتفاقية لتعميق التعاون العسكري، خاصة في المجال البحري[32].

انخرطت دول الخليج العربي أيضًا في جهود تأمين الملاحة البحرية الرابطة بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي، فالمملكة العربية السعودية أقامت قاعدة عسكرية لها في جيبوتي ذات الموقع الاستراتيجي، في حين أن الإمارات العربية المتحدة وقعت في عام 2015م، على عقد تأجير ميناء ومطار عصب في اريتريا لمدة 30 عاما[33]. ووقعت السعودية في نفس السياق على اتفاقية للتعاون العسكري مع الهند في أبريل 2016[34]، تبعتها اتفاقية عسكرية أخرى مع اليابان في سبتمبر من السنة نفسها[35]. ووقعت دولة الإمارات العربية المتحدة أيضًا اتفاقية عسكرية وشراكة استراتيجية مع الهند في مايو 2016[36]، كما تتطلع أستراليا إلى تعميق علاقاتها العسكرية مع الإمارات العربية في سياق تعزيز أدوارها الأمنية في المحيط الهندي[37].

وازت التطورات على الصعيد العسكري جهودًا لتأمين وتعزيز دور الموانئ الخليجية في التجارة الدولية، وفي هذا السياق عقدت بالرباط في 17 أكتوبر 2016م، "الورشة الأول للتعاون بين المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي في قطاع الموانئ والنقل البحري"[38]. وبانفتاح المغرب الأخير على شرق إفريقيا، وشراكته الاستراتيجية مع مجلس التعاون الخليجي، سيكون هو أيضًا في انسجام مع الاستحقاقات الاستراتيجية والاقتصادية الخليجية في المحيط الهندي، وقد وقعت الرباط على اتفاقية للتعاون الأمني مع رواندا، واتفاقية تقضي بتدريب عسكريين من تنزانيا في المغرب، وعلى الصعيد الاقتصادي وقع اتفاقيات تتعلق بالصيد البحري وتطوير تجهيز الموانئ والربط بينها وبين الوحدات الصناعية[39]. وبمعنى آخر أصبح المغرب معني أكثر بقضايا الأمن البحري في منطقة شرق إفريقيا، لأنها أصبحت جزءًا من مصالحه الاقتصادية.

إن الشراكة المغربية الخليجية التي تعمقت خلال عام 2016م، تفتح مجالات أوسع في سياق التطلع إلى تطوير العلاقات الأفرو-آسيوية، فهناك على سبيل المثال فرص كبيرة للتعاون في مجال الأمن الغذائي. ولقد بذلت الدول الخليجية جهودًا كبيرة لضمان أمنها الغذائي عبر استثمارات مهمة في القطاع الفلاحي بدول إفريقية وآسيوية، إلى جانب اعتمادها على دول أمريكا اللاتينية لاستيراد حاجياتها الغذائية[40]، فالعربية السعودية لها مشاريع فلاحية في أثيوبيا ومالي وجنوب السودان وباكستان والفلبين وغيرها، وأما الإمارات العربية المتحدة فلها، مثلا، استثمارات فلاحية في المغرب واندونيسيا وتنزانيا والسودان وغانا، فيما تمتلك قطر أراضٍ زراعية في كامبوديا والفلبين وإندونيسيا والهند و باكستان وغيرها[41].

ويجمع المغرب مع دول إفريقية وآسيوية اتفاقيات عديدة تهم القطاع الفلاحي، يمكن لدول الخليج العربي توظيفها في استثماراتها بهذه الدول، خاصة وأنه راكم خبرة كبيرة في إطار ما يعرف بـ"المخطط الأخضر" الذي يسعى إلى تسويقه في إفريقيا، فضلا عن الدور الهام الذي يقوم به "المكتب الشريف للفوسفات" في تزويد المشاريع الفلاحية في العالم بالأسمدة ذات الجودة والمردودية العالية. وخلال الزيارة التي قام بها الملك المغربي محمد السادس إلى شرق إفريقيا تم التوقيع على اتفاقيات تسمح بتزويد هذه المنطقة بالأسمدة الفلاحية، كما للمغرب اتفاقيات مع الهند ورواندا[42]، فضلا عن باكستان والبرازيل وغيرها، لتزويدها بهذه الأسمدة والرفع من إنتاجيتها الفلاحية[43]. ويذكر أن "المكتب الشريف للفوسفات" بالمغرب أنشأ في 2015م، شركة تعمل خصيصًا لتزويد إفريقيا بالأسمدة الفلاحية[44]. أي أن الدول الخليجية التي تشتري أو تكتري الأراضي في الدول الإفريقية والآسيوية لمشاريعها الزراعية وأمنها الغذائي بإمكانها الاستفادة من الخدمات والأسمدة الفلاحية التي يوفرها المغرب لهذه الدول.

وعمومًا، فإن التعاون بين المغرب ودول الخليج في القطاع الفلاحي، وفي المجالات الاقتصادية الأخرى سيساهم بالتأكيد في تعزيز توجه الأخيرة لتقوية علاقاتها الآسيوية، باعتباره خيارًا استراتيجيًا تسعى من خلاله أن تكون طرفًا في معادلة الصراع في شرق آسيا[45]. وبالنظر إلى الرؤية الجديدة للمغرب في الانفتاح على كل مناطق القارة الإفريقية، ورغبة دول مجلس التعاون الخليجي في الاستفادة من مؤهلات القارة، فإن هناك حاجة ماسة إلى مزيد من التنسيق والتكامل بين القطاعات الاقتصادية وفرص الاستثمار فيها بين المغرب والدول الخليجية، ولكن الاستثمار الأمثل لهذه الفرص تستدعي حضورًا أمنيًا وعسكريًا متزايدًا لهما سواء في إفريقيا أو في المحيط الهندي، وذلك بمزيد من التعاون مع قوى آسيوية رئيسية، مثل اليابان والهند وكوريا الجنوبية. ولعل التطورات التي شهدتها سنة 2016م، في السياسة الخارجية لهذه البلدان تسير في هذا الاتجاه، مما يعطي إمكانية أكبر ليلعب المغرب والخليج العربي دور الرافعة للعلاقات "الآفرو آسيوية"، وهذا يقتضي أيضًا إعطاء المزيد من الاهتمام لدول الآسيان.

 

[1] "قطر والمغرب يوقعان في الدوحة على اتفاقيات للتعاون الثنائي"، جريدة الشرق الأوسط، عدد 13643، 05 أبريل 2016.

[2]Aymen Zitouni, "GNL: Le Maroc Cherche a S’approvisionner Auprès du Qatar" , http://www.maghrebemergent.com/energie/hydrocarbures/61008-gnl-le-maroc-cherche-a-s-approvisionner-aupres-du-qatar.html

[3]Ibrahima Bayo Jr, "Le Maroc et Le Qatar Veulent Collaborer Dans Le Secteur Des Energies" ,

 http://www.huffpostmaghreb.com/2016/07/08/qatar-energies-partenaire_n_10879564.html

[4]"Abu Dhabi's Mubadala Petroleum to explore big Morocco offshore area"http://www.reuters.com/article/mubadala-morocco-oil-idUSL6N0WK1OJ20150318

[5] Paul Burkhardt , "African Oil Explorers Poised for Comeback After Drilling Low"

http://www.bloomberg.com/news/articles/2016-10-31/african-explorers-weigh-comeback-as-drilling-matches-low-point

[6]" Saudi - Saudi Arabia Signs Agreement For $230 Mln of Aid to Morocco"

http://gulfstatebusiness.net/news/new-region/saudi-arabia/item/2114-saudi-saudi-arabia-signs-agreement-for-230-mln-of-aid-to-morocco

[7] Larbi Arbaoui , "KuwaitGrants $ 250millionFinancialAssistancetoMorocco". https://www.moroccoworldnews.com/2016/05/185608/kuwait-grants-250-million-financial-assistance-to-morocco/   

[8] Mustafa Al-Mraini, "Kuwait's Contribution to Morocco's High-Speed Train Line "Gesture ofBrotherhood"".

  http://www.kuna.net.kw/ArticleDetails.aspx?id=2543852&language=en

[9]  Christine Raynard et François Vielliard, Le Train a Grande Vitesse Dans Le Monde : Perspectives d’avenir , Centre d’analyse Stratégique, République Française, Premier Ministre Rapports & Documents, Octobre 2011, P : 131.

 http://lecercle.lesechos.fr/sites/default/files/2011-10-05-_cas_rapport_grande_vitesse_ddd.pdf

[10]  Study on Conditions for Development of CSP Projects in Sub-Saharan Africa, Summary Report  for the Workshop for mutual exchange , Report Prepared by FIGTNER Group, Funded by Agence Française de Développement (AFD) and Africa-EU Energy Partnership (AEEP), Paris, 5 December 2014,  Pp :36-38.http://www.afd.fr/jahia/webdav/site/afd/shared/PORTAILS/SECTEURS/ENERGIE/pdf/RECP-synthese-solaire-CSP-2014.pdf

[11]Gianleo Frisari and Angela Falconer, San Giorgio Group Case Study: Ouarzazate I CSP Update, Climate Policy Initiative, Brief Update May 2013 , Pp : 1-7. https://climatepolicyinitiative.org/wp-content/uploads/2012/08/Ouarzazate-I-CSP-Update.pdf

[12] Youssef Roudaby, " Qui est ACWA Power, l'Actionnaire Principal de la Station Solaire Noor?."

http://www.huffpostmaghreb.com/2016/03/04/station-noor-maroc-ouarza_n_9381932.html

[13]Nasser Djama, "Maroc : Acwa Power en Phase Finale Pour La Construction De Son Projet Eolien Pres de Tanger".

http://www.usinenouvelle.com/article/maroc-acwa-power-en-phase-finale-pour-la-construction-de-son-projet-eolien-pres-de-tanger.N402552

[14]"QIIB Signs Joint Venture Agreement with CIH Bank S.A. to Establish a Bank in the Kingdom of Morocco".

http://www.qiib.com.qa/Press/Details/67

[15] Ablaye Modou Ndiaye, " Maroc : Al Baraka et BMCE Bank S’Investissent dans La Finance Islamique".

http://www.financialafrik.com/2016/05/17/maroc-al-baraka-et-bmce-bank-sinvestissent-dans-la-finance-islamique/#.WCEevtLJyM8

[16]"Morocco to introduce Islamic banking framework"

 .https://ibsintelligence.com/ibs-journal/ibs-news/morocco-to-introduce-islamic-banking-framework/  

[17] "المغرب تدين اعتداء ميليشيات الحوثي على السفينة الإماراتية".

http://www.spa.gov.sa/viewstory.php?lang=ar&newsid=1546351

 

[18] "المغرب تدين بشدة إقدام ميليشيات الحوثي على إطلاق صاروخ باليستي تجاه منطقة مكة المكرمة".

http://www.spa.gov.sa/viewstory.php?lang=ar&newsid=1553295

[19] "الجزائر رفضت المشاركة في قوات لحفظ السلام باليمن".

http://www.elkhabar.com/press/article/113684/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1-%D8%B1%D9%81%D8%B6%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%82%D9%88%D8%A7%D8%AA-%D9%84%D8%AD%D9%81%D8%B8-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86/ 

[20]" Saudi Arabia – Morocco sign military agreement."

http://www.alekhbariya.net/en/node/996

[21]"Morocco-KSA: Riyadh to inject $22 bn into military armament project in Morocco."http://northafricapost.com/10430-morocco-ksa-riyadh-to-inject-22-bn-into-military-armament-project-in-morocco.html

[22] Dale Crofts ,Matthew Martin and Glen Carey, Saudi Arabia Plans Defense Holding Company Under WealthFund."

http://www.bloomberg.com/news/articles/2016-04-26/saudi-arabia-plans-defense-holding-company-under-wealth-fund

[23]"Future of the Moroccan Defense Industry - Market Attractiveness, Competitive Landscape and Forecasts to 2018".

http://www.researchmoz.us/future-of-the-moroccan-defense-industry-market-attractiveness-competitive-landscape-and-forecasts-to-2018-report.html

[24] "المغرب يصادق رسمياً على التعاون العسكري مع الإمارات".

https://www.alarabiya.net/ar/north-africa/morocco/2015/03/16/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D8%B1%D8%A8-%D9%8A%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%B1%D8%B3%D9%85%D9%8A%D8%A7%D9%8B-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A-%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA.html

[25]John Louth (RUSI); Pierre Bontems, Bouchra Carlier and Axel Pilottin (Accenture), Defence Industry and the Reinvigorated UK-UAE Security Relationship, Royal United Services Institute for Defence and Security Studies,  Occasional Paper, June 2013, p : 9.

https://rusi.org/sites/default/files/201306_op_defence_industry_and_uk-uae.pdf

[26]"Qatar, Morocco Sign Military Agreement. "

http://gulfnews.com/news/mena/morocco/qatar-morocco-sign-military-agreement-1.564022

 

[27]"Iran Navy Flotilla Docks at Tanzania Port."

http://www.iran-daily.com/News/137639.html?catid=3&title=Iran-Navy-flotilla-docks-at-Tanzania-port

[28]"IrantoTrainTanzanianNavyOfficers".

http://www.marsecreview.com/2014/06/iran-to-train-tanzanian-navy-officers/  

[29]Commodore Srikant B Kesnur , " Defence Diplomacy - Adding Value To India–East Africa Relations", Naval War College Journal , Vol .16, 2014 , pp: 33-40.

[30]SarabjeetSingh Parmar, "India'sRole in Counter Piracy Operations Around Africa", Artical in : IndiaandAfrica:ForgingaStrategicPartnership , Brookings India Book , October 2005, p p: 23-25.

http://www.brookings.in/wp-content/downloads/indiaandafrica.pdf

[31]Arvind Dutta," Indo - African Defence Cooperation: Need For Enhanced Thrust", Journal of Defence Studies, Winter 2008, Pp :26-28.

[32]"India, Tanzania to Deepen Defense, Security Ties: PmModi".

http://www.indiandefensenews.in/2016/07/india-tanzania-to-deepen-defense.html     

[33] AlexMello and MichaelKnights, "WestofSuezForTheUnitedArabEmirates". http://warontherocks.com/2016/09/west-of-suez-for-the-united-arab-emirates/ 

[34]Dipanjan Roy Chaudhury , "PM Modi in Riyadh: India, Saudi Arabia sign agreements to counter 

Threat of cross-border terrorism".

http://economictimes.indiatimes.com/news/defence/pm-modi-in-riyadh-india-saudi-arabia-sign-agreements-to-counter-threat-of-cross-border-terrorism/articleshow/51673469.cms

[35]"Japan, Saudi Arabia sign defence collaboration accord."

 http://www.janes.com/article/63437/japan-saudi-arabia-sign-defence-collaboration-accord

[36]Suchitra Bajpai Chaudhary, "Indian defence minister to visit UAE on May 18"

http://gulfnews.com/news/uae/government/indian-defence-minister-to-visit-uae-on-may-18-1.1829014

[37]John Watts, Odd Couple: The Future of the Australia-UAE Partnership, Atlantic Council, Issue Brief, Oktober 2016 , pp :1-12.

http://www.atlanticcouncil.org/images/publications/Odd_couple_web_1003.pdf

[38] "افتتاح الورشة الأولى للتعاون بين المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي في قطاع الموانئ والنقل البحري".

http://www.spa.gov.sa/viewstory.php?lang=ar&newsid=1549532 

[39]BobKoigi, " TanzaniaandMoroccoCementBilateralTiesWith 21 NewPartnerShipAgreements".

http://africabusinesscommunities.com/news/tanzania-and-morocco-cement-bilateral-ties-with-21-new-partnership-agreements.html

[40]Bridging the Gulf: LatAm-GCC trade and investment , A report by The Economist Intelligence Unit , 2016, pp : 2-14.

[41]   GCC States’ Land Investments Abroad :The Case of Cambodia, Center for International and Regional Studies, Georgetown University School of Foreign Service in Qatar,SummaryReportNo. 5 , 2012, p :3-4.

http://sydney.edu.au/arts/ciss/downloads/CambodiaSummaryReport%20copy.pdf

[42]"Morocco’s OCP to Build Fertilizer Plants in India and Rwanda"

  http://themoroccantimes.com/2016/10/21216/moroccos-ocp-to-build-fertilizer-plants-in-india-and-rwanda

[43]"Phosphate: Morocco's White Gold."

http://www.bloomberg.com/news/articles/2010-11-04/phosphate-moroccos-white-gold

[44]"Phosphates: The OCP Behemoth out To Conquer a Continent. "https://www.africaintelligence.com/AIA/report/phosphates-OCP

[45] Neil Quilliam1 & Maggie Kamel  Cambodia,The GCC-Asian Relationship: From Transaction to Strategy, East Asia , Vol. 32, Issue 3, Sep 2015, pp :323- 239.

 

مقالات لنفس الكاتب