; logged out
الرئيسية / الجماعات الإرهابية في العراق: المخاطر والتوجهات والامتدادات القضاء على داعش بشكل نهائي يتطلب استراتيجية شاملة لإزالة أسباب نشأتها

العدد 118

الجماعات الإرهابية في العراق: المخاطر والتوجهات والامتدادات القضاء على داعش بشكل نهائي يتطلب استراتيجية شاملة لإزالة أسباب نشأتها

الخميس، 30 آذار/مارس 2017

      تُعد ظاهرة انتشار الجماعات والتنظيمات الإرهابية من أعقد وأخطر ما تمر به الدول والمجتمعات من أزمات وتهديدات، ويأتي تعقيدها من تداخل وتعدد أسباب وظروف نشأتها وصعوبة معالجتها، أما خطورتها فتأتي من كونها ذات تأثير ومخاطر كبيرة لا تنحصر في مجال دون آخر وإنما تتوغل لتؤثر في المديات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والأمنية وغيرها.

   ولا شك أن العراق من أكثر الدول التي عانت من وجود الجماعات الإرهابية التي خرجت عما هو متعارف عليه من نشاط هذه الجماعات التقليدي المتمثل باستهداف مواضع وأهداف معينة إلى السيطرة على الأراضي والمناطق وفرض نمط الحياة المتبناة من قبلها وما سببه ذلك من تداعيات كبيرة على الدولة والمجتمع في العراق، بعد أن كان من الدول التي تكاد تخلو من الإرهاب إلى وقت قريب، ونشطت الجماعات الإرهابية في الساحة العراقية بعد أن وجدت ظروف وأسباب قابلة للاستغلال لتعلن عن نفسها وتمارس نشاطها متكئةً على هذه الظروف التي نشأ جلها في ظل الاحتلال الأمريكي للعراق بعد 9 أبريل 2003م، ليصبح العراق من أبرز بؤر الإرهاب في العالم وأكثر الدول معاناةً بآثاره ومخاطره.

    تتنوع وتختلف الجماعات الإرهابية في العراق بانتمائها الفكري والعقائدي وتوجهاتها وطبيعة امتداداتها ولكنها لا تختلف كثيرًا فيما تسببه من مخاطر داخليًا وخارجيًا، ومن هنا تثار لدينا عدة أسئلة حول ما طبيعة توجهات الجماعات الإرهابية؟ وهل الجماعات الإرهابية في العراق ذات نشاط وامتداد محلي أم عابر للحدود؟ وما المخاطر التي تسببها هذه الجماعات الإرهابية في العراق؟ وما أهم السبل التي يمكن اعتمادها في مكافحة الإرهاب والجماعات الإرهابية في العراق؟ وهل هناك ضرورة لتعاون عراقي – عربي في مجال مكافحة الإرهاب؟

     الطبيعة والانتماءات والتوجهات

    نشأت الجماعات الإرهابية في الساحة العراقية في ظل ظروف وبيئة معقدة على المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والدينية، كون المجتمع العراقي يقوم على التعددية الدينية والمذهبية والعرقية، وزاد تعقيد هذه البيئة ما فرض عليها من ظروف الاحتلال الأمريكي في مرحلة ما بعد 9 أبريل 2003م، من عدم الاستقرار السياسي المتمثل بأزمة سياسية مزمنة بين الكتل والأحزاب السياسية وتنامي الفساد المالي والإداري وترسخ المحاصصة الطائفية والإقصاء والتهميش الذي عانت منه بعض المكونات المجتمعية في ظل الحكومة السابقة، فضلاً عن التعثر في بناء منظومة سياسية ملائمة للحكم تحتوي جميع أطياف المجتمع وتحقق الاستقرار الشامل، فوجدت الجماعات والتنظيمات الإرهابية في هذه الظروف والأوضاع مرتكزًا لها في نشأتها ونشاطها وبالمقابل انعكست هذه الظروف ومحتويات البيئة ببعديها الداخلي والخارجي على طبيعة وسلوك وتوجهات هذه الجماعات .

      وبالرغم من التشابه بين الجماعات والتنظيمات المسلحة في العراق بحملها للسلاح وأيديولوجيتها المذهبية وقيامها بأعمال عنف إلا أن بعضها قد تم إدراجه في قوائم الجماعات الإرهابية الدولية ومنها ما لم يُدرج، وتباينت انتماءاتها وتوجهاتها بين جماعات دينية ومذهبية، وجماعات وطنية وجماعات قومية وأخرى مزيج من أكثر من توجه، وبعضها ذي نشاط محلي يقتصر على الساحة العراقية وأخرى ذات أهداف عابرة للحدود، ويحمل كل منها مسمى معين، إلا أن هذه الجماعات على مختلف توجهاتها ومشاربها الفكرية جمعها شعار قتال القوات الأمريكية وإن اختلفت الوسائل بينها والإمكانيات مثلما تتصف أغلب الجماعات الإرهابية في العراق على البعد العقائدي في ما تهدف إليه وتقوم به من ممارسات.

     ارتبط وجود العديد من الجماعات المسلحة والإرهابية بمرحلة الاحتلال الأمريكي وما أن حصل الانسحاب عام 2011م، حتى اختفى عدد منها أو توارى عن الأنظار، بينما تطورت واستمرت جماعات أخرى أبرزها "جماعة التوحيد والجهاد" التي مرت بمراحل وتسميات عدة فأصبح اسمها "قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين" بعد مبايعة زعيمها "أبو مصعب الزرقاوي" لزعيم تنظيم القاعدة "أسامة بن لادن" في أكتوبر 2004م، ثم تحول تحت مسمى "مجلس شورى المجاهدين" الذي هو ائتلاف من عدة تنظيمات أهمها "جيش أهل السنة والجماعة" و "جيش الطائفة المنصورة" وغيرها ثم تحول إلى "دولة العراق الإسلامية" ومن ثم عاد التنظيم ليغير اسمه في عام 2013م، بعد أحداث الثورة السورية إلى "الدولة الإسلامية في العراق والشام" المعروف إعلاميًا بـــداعش، وتمت القطيعة والصراع بين هذا التنظيم وتنظيم القاعدة على أثر هذا الإعلان وبعدها تمكن التنظيم من الاستيلاء على مساحات واسعة في العراق وسوريا ليعلن ما يسمى بـ "الخلافة الاسلامية" في عام 2014م([1]) . وكذلك جماعة "أنصار الإسلام" التي بايعت تنظيم داعش واندمجت معه عام 2014م، وتكاد تكون أغلب الجماعات الإرهابية والمسلحة في العراق ذات طبيعة عقائدية دينية مذهبية، وحتى ذات التوجهات الوطنية أو القومية فإنها تتكئ على مرتكزات وشعارات دينية وفي الأغلب مذهبية، كما تمتلك هذه الجماعات هياكل تنظيمية تتمثل بلجان أو مجالس مالية وشرعية وعسكرية وإعلامية تتولى إدارة شؤونها وتؤدي لتنظيماتها وظائف بحسب اختصاصها.

    بينما تتفاوت الجماعات الإرهابية في الساحة العراقية من حيث النشاط والنفوذ وعدد العناصر المنتمين لها ولعل أكثر الجماعات الإرهابية نفوذًا واتباعًا هي تنظيم داعش الأكثر عددًا في عناصره وقوته العسكرية، كما يُعد هذا التنظيم الأكثر تمويلاً حتى اعتبره بعض المحللين والخبراء بأنه أغنى تنظيم مسلح عالميًا بعدما استولى على المصارف والبنوك وحقول النفط والغاز الطبيعي والأراضي الزراعية الواسعة في العراق وسوريا.

   وما يؤشر على الجماعات الإرهابية في العراق أيضًا أنها تتطور وتتكيف مع التطورات والتحولات السياسية والأمنية في البلاد فبعد أن كانت ترفع شعار "الجهاد ومقاومة الاحتلال الأمريكي"، بعد انسحاب القوات الأمريكية رفعت شعار "الدفاع عن الطائفة" التي تنتمي إليها لاستثارة العواطف وكسب المؤيدين، وبهذا اتضح الوجه الطائفي للجماعات والمليشيات الإرهابية المختلفة هذا من جهة، ومن جهة أخرى في مضمار تحولات الجماعات الإرهابية بدأت تعلن عن أهداف تأسيس أنظمة "حكم ودول" على أساس ما تتبناه من أفكار ومعتقدات وهو ما حصل في حالة داعش عندما أعلن قيام "إمارته" في العراق ومن ثم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" وما تلاها من إعلان ما يسمى بــ "الخلافة".

     واتصفت الجماعات الإرهابية في العراق بالغلو والتوحش وممارسة أقسى أشكال العنف المتمثل بحرق الضحايا وقطع الرؤوس والإغراق في الماء وغيرها من وسائل الترويع والتوحش التي استخدمها داعش مع خصومه ومعارضيه، كما تتعدد وسائل العنف التي تعتمدها الجماعات الإرهابية في العراق فمنها السيارات المفخخة والعبوات اللاصقة والناسفة والاغتيالات الفردية وظاهرة الانتحاريين والهجمات المباشرة التي ظهرت مؤخرًا على القطعات العسكرية والمدن والقرى والتجمعات السكانية.

  التحالفات والامتدادات

     إن الجماعات الإرهابية في العراق هي تنظيمات عابرة للحدود ولها امتدادات وارتباطات تنظيمية وعقائدية في العديد من الدول، وهذه الامتدادات تمثل استراتيجيات اعتمدتها الجماعات الإرهابية للحفاظ على استمرارها وزيادة نفوذها، واتخذ تمددها وانتشارها أشكال عدة: أولها التوسع على الأرض المتمثل بوجود داعش في الأراضي العراقية والسورية والليبية وإن كان التوسع في العراق أصبح في عداد المنتهي الآن، وثانيها يظهر بصيغة التحالفات والتبعية التي تمثلت بإعلان العديد من الجماعات الإرهابية ولاءها لداعش، ومنها تنظيم "جند الخلافة في الجزائر"، وتنظيم "أنصار بيت المقدس" بسيناء في مصر، وعدد من التنظيمات والجماعات السورية المسلحة، وحركة طالبان – باكستان، و"جماعة الأحرار" التي انشقت عن طالبان نفسها، كما تشير مصادر إلى وجود فرع لتنظيم داعش في أفغانستان([2]). كما حصل تنظيم داعش على مبايعة جماعة "بوكو حرام" في نيجيريا وعدد من التنظيمات الإرهابية في اليمن وفلسطين و ليبيا([3])، أما الشكل الثالث للتمدد والانتشار فقد اتخذ شكل تنفيذ داعش عددًا من العمليات الإرهابية في دول مجلس التعاون الخليجي عبر تبنيه تفجيرين إرهابيين في المملكة العربية السعودية في مايو 2015م، وتفجيرًا ثالثًا في الكويت في يونيو 2015م([4]) .

     ويأتي هذا التمدد والانتشار نتيجةً لممارسة داعش وآلته الإعلامية التي جذبت ما يسمى بـ "الجهاديين" من مختلف دول العالم، وتميز هذا التنظيم بالتماسك بين أجنحته الداخلية، يساعده في ذلك القدرات المالية الكبيرة التي تجلب له العناصر المقاتلة ما مكنه من طرح نفسه لتحقيق انتشار إقليمي ودولي وتمكن من خلالها جذب العديد من المجموعات الإرهابية تلك التي كانت تدين لتنظيم القاعدة بالولاء أو سواها كونها تؤيد داعش في مسائل ما يسمى بـ "عالمية الجهاد" و "دولة الخلافة" وضرورة اتساعها داخل الإقليم وخارجه، ويؤشر ذلك استراتيجية داعش في الاستفادة من المجموعات التابعة له للتأكيد على زخم الحضور وزيادة التمدد والانتشار في العديد من الدول ما يعني فرصة الحصول على المساعدات اللوجستية المختلفة لدعم قدراته([5]) . فضلاً عن إيجاد ملاذات آمنة يمكن الانتقال إليها في حالات تضييق الخناق على مراكز التنظيم، وكما يُشاع مؤخرًا عن انتقال عدد من قيادات التنظيم من العراق إلى ليبيا. ويدل هذا التمدد والانتشار للجماعات الإرهابية على اتساع رقعة الخطر والتهديد لمختلف دول المنطقة وليس العراق فحسب، فالمخاطر عابرة للحدود وتأثيراتها ستنعكس ابتداءً على دول الجوار ومن ثم باقي الدول الأخرى ولا سيما تلك التي أصبح لداعش فيها جماعات موالية له أو خلايا نائمة أو مستفيقة.

  المخاطر والتأثيرات 

      تُعد ظاهرة الإرهاب من أشد وأخطر ما تواجهه المجتمعات والدول نتيجة لعظم المخاطر والأضرار التي تتركها العمليات الإرهابية التي تتصف بشمولية الاستهداف، اذ شملت مختلف الفئات المجتمعية والمجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية والتربوية والتعليمية، ولم تفرق باستهدافها بين جهة مدنية وأخرى عسكرية، وطال الاستهداف المراكز الصناعية والمؤسسات التربوية والتعليمية والصحية والمكتبات والمعالم التاريخية والحضارية، ما يعني كبر حجم الأضرار والمخاطر على المجتمع والدولة في العراق.

     وتكمن تأثيرات الإرهاب في الجانب الاجتماعي بتبني الجماعات والفصائل الإرهابية ومنها داعش "ايديولوجيًا مذهبية" وذلك باستهداف المكونات المجتمعية المخالفة لها مذهبيًا أفرادًا وأماكن عبادة، ورفع شعار "حماية المذهب أو الطائفة"، وما يعنيه ذلك من مخاطر ترسيخ الانقسام وبث الفتنة الطائفية في المجتمع العراقي وشق الصف الوطني والتعرض للهوية الوطنية للدولة العراقية وتهديد التعايش السلمي ونشر الاختلاف والصراع المذهبي بين مكونات المجتمع العراقي، وبالتالي إعاقة إمكانية بناء دولة المواطنة، فضلاً عما خلفته العمليات الإرهابية من عشرات الآلاف من الضحايا والمعاقين والأرامل والأيتام، ما يعني الحاجة إلى خدمات رعاية اجتماعية وصحية إضافة إلى المشاكل الاجتماعية التي تضاف إلى المشاكل التي يعانيها المجتمع جرّاء الحروب السابقة والاحتلال الأمريكي للبلاد .

   وفي الجانب السياسي تهدف الجماعات الإرهابية إلى ضرب المؤسسات والشخصيات السياسية واستهداف وإفشال العملية السياسية برمتها وإضعاف الدولة وإظهارها عاجزة أمام المواطن وإضعاف الولاء والانتماء للوطن وإثارة الخلافات السياسية([6]) . فبقدر ما تتفاقم الأزمات والمشاكل السياسية بقدر ما يتيح ذلك للجماعات الإرهابية الفرصة للقيام بأنشطتها وأعمالها.

     وبالنسبة للمخاطر والتأثيرات على الجانب الأمني فإن الجماعات الإرهابية تهدف إلى زعزعة الاستقرار الأمني واستهداف القوات الأمنية وخلخلة الثقة بين المواطنين وقوات الأمن وزيادة التفجيرات الإرهابية والوصول إلى المناطق الآمنة وضرب المنشآت الحيوية وبث الفزع والرعب في المجتمع وترويع الآمنين ومحاولة التوغل في مفاصل ومؤسسات الدولة ونشر الخلايا السرية داخل المجتمع([7])، فضلاً عن وجود ظاهرة الإرهاب الانتحاري الذي يُشكل أخطر الممارسات الإرهابية نظرًا لإمكانية تغيير الاستهداف وسهولة التنقل الانفرادي وإمكانية التأثير على أمن المجتمع .

     أما فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي فيبرز التأثير من خلال ما تسببه العمليات الإرهابية من تدمير للبنى التحتية والخسائر في الممتلكات واستنزاف القدرات والموارد والثروات، وتسبب الإرهاب بانكماش معدل النمو الاقتصادي وانخفضت إنتاجية النفط العراقي بعد سيطرة داعش على العديد من آبار النفط ومن ثم إحراقها، وتوقفت الكثير من مشاريع الاستثمار وانخفضت القدرة التنافسية للاقتصاد وارتفعت نسبة البطالة والنزوح والفقر وتدهورت مؤشرات التنمية البشرية([8])، يضاف إلى ذلك الكلفة الباهظة للحرب على داعش لتحرير الأراضي التي احتلها منذ أحداث 10 يونيو 2014م، التي بلغت ما يقرب من 84 مليار دولار .

سبل المواجهة

    نظرًا للمخاطر والتأثيرات التي سببها الإرهاب واستمرار خطره صار لزاماً وضع السبل الكفيلة بإنجاح عملية مكافحة الإرهاب، ومراجعة السياسات السابقة التي لم تؤت ثمارها في تقليل مخاطره، ولعل أفضل سبل مواجهة الجماعات الإرهابية التي تناسب السياق العراقي هي:

-         اعتماد استراتيجية شاملة "وقائية علاجية" لكل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإعلامية، ومعالجة الأسباب المؤدية إلى نشوء الجماعات الإرهابية، وعدم الاقتصار على الوسائل الأمنية في مواجهة الإرهاب([9]) .

-         الاهتمام بنزع الأسلحة، اذ من الضروري تنفيذ البرنامج الحكومي لنزع السلاح المنتشر -بسبب الحروب التي خاضها العراق- لدى الأفراد والعشائر والفصائل المسلحة وحصرها بيد الدولة من خلال مصادرتها وإصدار التشريعات التي تمنع حيازة الأسلحة، ما يساعد في الحد من استخدامها من قبل الجماعات الإرهابية.

-         تجفيف مصادر تمويل الإرهاب، وذلك من خلال التشريعات الخاصة بغسيل الأموال ومراقبة المؤسسات المالية ومنع التهريب، وهو أمر ضروري ويساهم في شل عملية حركة ونشاط الجماعات الإرهابية التي تحتاج المال للتزود بالأسلحة وكسب المؤيدين ودفع رواتب عناصرها.

-         أهمية ضبط الحدود، إن أغلب الجماعات الإرهابية هي عابرة للدول ويعني ضبط الحدود والسيطرة عليها حرمانها من مصادر التمويل والتسلح والعناصر الأجنبية المقاتلة، أي قطع الدعم اللوجستي الذي تحصل عليه هذه الجماعات.

-         تحقيق المصالحة الوطنية، وذلك بتسوية المشاكل السياسية وتحقيق الاتفاق بين المكونات السياسية والمجتمعية على شكل الدولة وتوزيع السلطة والثروة بما يحقق رضا الجميع ويضمن وحدة البلاد، وتشكل المصالحة أحد أهم سبل مواجهة الإرهاب الذي يتغذى على الأزمات الطائفية والسياسية، وفي حالة تحققها يكون قد أسقطت إحدى الحجج التي تتبناها الجماعات الإرهابية في "الدفاع عن الطائفة" وغيرها ([10])

-         التسليح الحديث، يجب أن تمتلك القوات الأمنية أسلحة حديثة تتناسب مع تطور الأساليب الإرهابية، وأن يكون هذا التسليح باستخدام العناصر الممكّنة للهجوم والدفاع كاستكشاف العبوات الناسفة والسيارات المفخخة والكمائن ومعالجتها عن بعد.

-         الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة ولا سيما وسائل الاتصال وأجهزة تعقب الإرهابيين ومنعهم من الترويج لأفكارهم عبر مواقع الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي ومواجهتهم فكريًا وإعلاميًا وثقافيًا من خلالها ([11])

-         تحتاج عملية مكافحة الإرهاب إلى جهود إقليمية ودولية كبيرة ولا يمكن لدولة واحدة تحمل العبء، ومن الضروري تعاون العراق مع الدول العربية والإسلامية لمواجهة مخاطر الجماعات الإرهابية التي لا تتوقف عند حدود معينة ([12])

-         ضرورة الاستفادة من الجهود الدولية في مكافحة الإرهاب ولا سيما الجهود الأمريكية التي يمكن الحصول عليها من خلال العودة إلى تنفيذ اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية لضمان أن يفي الجانب الأمريكي بالاستحقاقات الأمنية التي تضمنتها هذه الاتفاقية في مجال التعاون الأمني والدفاعي لتعزيز وتحسين الأداء المتعلق بمكافحة الإرهاب([13])

   الخلاصة: لا شك أن الجماعات الإرهابية في العراق قد أثرت بشكل سلبي وخطير على العراق كمجتمع وكدولة ونشأت في العراق تحت ظل مرحلة الاحتلال الأمريكي، واتسمت بكونها ذات انتماء عقائدي ومذهبي وامتدادات عابرة للحدود إقليميًا ودوليًا، وتحتاج مواجهتها لتعاون عربي-إقليمي– دولي.

    ومن المتوقع أن يحسم الأمر باستعادة العراق لكافة المناطق التي استولى عليها داعش، وبذلك سيفقد التنظيم آخر موطئ قدم له في العراق لاسيما بعد أن قاربت معركة الموصل على الانتهاء، ولكن ذلك لا يعني القضاء على تنظيم داعش بشكل نهائي فالأمر يتطلب استراتيجية شاملة كما ذكرنا تكون كفيلة بإزالة ومعالجة كافة الأسباب والظروف التي كانت سببا في نشأة حركات الإرهاب والتطرف في الساحة العراقية.

 

[1] -للمزيد يُنظر: تشارلز ليستر، تحديد معالم الدولة الإسلامية، دراسة تحليلية، رقم 13 (الدوحة: مركز بروكنجر الدوحة، ديسمبر 2014)، ص5-11.

[2]- يُنظر: وحدة الدراسات والأبحاث، تنظيم الدولة .. النشأة والافكار، اوراق سياسية، العدد 1 (بيروت: مركز صناعة الفكر للبحوث والدراسات، 2015)، ص11-12.

[3]- يُنظر: مصطفى كمال، تطور اشكال التنظيمات الارهابية وسبل مواجهتها، الملف المصري، العدد 31، السنة الرابعة (القاهرة: مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، مارس 2017)، ص 27.

[4]- محمد بدري عيد، "داعش" وامن الخليج: من تهديد محتمل الى خطر داهم (الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات، 8 يوليو 2015)، ص3.

[5]- محمد مجاهد الزيات، تأثير الجماعات الإرهابية في الإقليم على الإرهاب في سيناء، الملف المصري، العدد 31، السنة الرابعة (القاهرة: مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، مارس 2017)، ص16.

[6] - يُنظر: نبيل عمران موسى، السياسة الاجتماعية وظاهرة الارهاب داخل المجتمع العراقي، مجلة القادسية للعلوم الانسانية، العدد 1، المجلد 19 (الديوانية: جامعة القادسية، 2016)، ص244.

[7] - علي بن فايز الجحني، أثر الارهاب في مجتمعاتنا ووسائل مكافحته (جامعة نايف العربية للعلوم الامنية، 2007)، ص 15-16.

[8] - ينظر: هيثم كريم صيوان، الاقتصاد العراقي 2016: تقييم الكلف الاقتصادية لتنظيم داعش، متاح على الرابط :  http://mcsr.net/news123

[9]- يُنظر: مثنى العبيدي وسيف الهرمزي، العنف والعنف المضاد في المنطقة العربية .. دراسة في المحفزات وسبل المعالجة (نور للنشر، 2016)، ص 36.

[10]- مثنى العبيدي، الدروس المستفادة من خبرة العراق في مكافحة الإرهاب، دورية بدائل، العدد 21 (القاهرة: مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، مارس 2017)، ص 17-18، 21، 24.

[11] - جبار علي صالح، الجهود العربية لمكافحة الإرهاب، دراسات دولية، العدد 46 (بغداد: مركز الدراسات الدولية، جامعة بغداد، 2010)، ص 122.

[12] - مثنى العبيدي، الدروس المستفادة من خبرة العراق في مكافحة الإرهاب، مصدر سبق ذكره، ص 11.

[13] - مروة وحيد، المشهد السياسي العراقي ما بين تنامي نشاط القاعدة والأزمة السياسية، متاح على الرابط: http://cutt.us/4mShd

مقالات لنفس الكاتب