; logged out
الرئيسية / الإرهاب أداة لتنفيذ مؤامرات الخارج !

العدد 118

الإرهاب أداة لتنفيذ مؤامرات الخارج !

الخميس، 30 آذار/مارس 2017

تكاد تجمع كل الآراء على أن الإرهاب لا علاقة له بالأديان، لكن يتم توظيف الدين للتعبئة والتجنيد وتنفيذ العمليات الإرهابية، باعتبار أن الحشد باسم الدين هو أقصر الطرق وأسهلها إلى عقول الشباب في مرحلة تشكيل الفكر والقناعات وفي بداية ترسيخ المعتقدات وبداية النضج، وهذه المرحلة هي الأخطر في تكوين الشخصية حيث يتلقف الشباب كل ما يصل إليهم دون فرز، ويكون الأمر أخطر عندما يتعلق بالتلقين الديني الموجه القائم على الفكر المنحرف والمغلوط، الذي تقف خلفه مؤامرات من جهات محترفة مغرضة.

وفي المرحلة الحالية تتداخل وتتشابك العديد من مكونات المشهد الإرهابي، حيث توجد أجندات خفية، وأخرى معلنة، تقف خلفها قوى دولية وإقليمية، ومنظمات وجهات استخباراتية تتكاتف جميعها لإدارة العمليات الإرهابية بشكل موجه ومخطط سواء بتنسيق فيما بينها أو حتى بدون تنسيق باعتبار أن النتائج واحدة في كل الأحوال وتصب في مصلحتهم  وعلى حساب الدول العربية والإسلامية تحديدًا، فهذه الدول والجهات الممولة والداعمة للعمليات الإرهابية تتفق حول غايات مشتركة، وفي المقابل توجد جماعات جهادية أو تنظيمات سياسية مؤسلمة مستعدة لبلع الطعم بكل سهولة ويسر.

هذا ليس من قبيل إلقاء التهم جزافًا على الآخر، أو البحث عن شماعة لتعليق الأخطاء، أو مجرد شكوك العقلية التآمرية، بل من التجارب المريرة، فهناك دول  تقف وراء الإرهاب ومنها دول كبرى  تبحث عن العدو الوهمي لضمان الحشد الداخلي وإبقاء شعوبها في حالة تأهب دائمة، وتظل متجرًا لبيع السلاح، وتستمر في القيام بدور المنقذ من هذا الوحش العابر للحدود وهذا ما فعلته أمريكا بعد انتهاء الحرب الباردة، فيما تحاول روسيا معالجة أوضاعها الاقتصادية الداخلية المتردية، وخلافاتها مع أوروبا وإيجاد المبرر للتضييق على الجمهوريات المستقلة عن الاتحاد السوفيتي السابق، وترحيل أزماتها مع أوكرانيا والقرم وجورجيا، إضافة إلى رغبتها في التواجد بمنطقة الشرق الأوسط وتحقيق حلم الوصول إلى المياه الدافئة.

إسرائيل، هي المستفيد الأكبر من موجات الإرهاب والتناحر الداخلي في الدول العربية، لتنفذ الدولة العبرية ما تريده وتكون الدولة الكاسبة في صراع الطوائف والمذاهب وتحصل على شرعية الدولة الدينية الطائفية الأكبر في منطقة الشرق الأوسط، وهذا ما كانت تتمناه إسرائيل التي ظلت طيلة سنوات ما يسمى بالربيع العربي وحتى الآن في مأمن ومنأى عن الإرهاب، ولقد خططت ونجحت في إضعاف دول الجوار وبالتالي خرجت بأكبر المكاسب وهي ليست بعيدة عن صناعة هذه الأحداث، بل جزء منها.

وإذا كانت إسرائيل هي الفائز الأكبر في حرب الإرهاب، فإن إيران هي صاحبة المغانم في هذه الحرب التي مكنتها من بسط نفوذها في العراق، وسوريا، ولبنان وتحاول بسطه في اليمن ومناطق أخرى في إفريقيا وآسيا الوسطى، وتصدير الثورة وكذلك تصدير أزماتها الداخلية، وتعمل على إثارة الفتن والنعرات المذهبية تحت مظلة ولاية الفقيه للإخلال باستقرار منطقة الخليج.

فيما يظل الخاسر الأوحد هم العرب والمسلمين السنة، فما حققه "داعش" في العراق من دمار وخراب، وتشويه صورة المسلمين واستعداء العالم كله، أساء للإسلام وألحق خسائر كبيرة بالإسلام السني الذي هو بريء من أي جرائم ارتكبها هذا التنظيم المأجور و المدفوع من أعداء الإسلام ومن أجهزة استخبارات خارجية معادية، وأضعف ما تبقى من أمل في العراق، ووضع هذا البلد تحت الوصاية الإيرانية وجعله ساحة للصراع الإقليمي والدولي، كما أن ما فعله هذا التنظيم أضر بالثورة السورية ووسمها بالإرهاب وضاعت تحت أقدامه حقوق الشعب السوري الذي يناضل من أجل العدالة والكرامة.

وفي ليبيا، دمرت الجماعات الإرهابية مقدرات هذه الدولة الغنية بالثروة النفطية وذات المساحة الشاسعة مع تغييب الدولة وإسقاط هيبتها لتظل ليبيا ملعبًا مفتوحًا للجماعات الإرهابية من شتى بقاع الأرض، خاصة الإرهاب القادم من جنوب الصحراء الكبرى وفلول الإرهاب القادمة من أفغانستان والعراق وسوريا وغيرها.

ومازالت أذرع الإرهاب وميليشياته المسلحة الخارجة عن القانون تعمل على زعزعة استقرار الدول العربية وتستهدف دول مجلس التعاون الخليجي ,ومصر،و الجزائر، وتونس وغيرها، لتضع الدول العربية في حالة تأهب وحرب دائمة مع الإرهاب على حساب المشاريع الوطنية الكبرى لتشتيت جهود هذه الدول المستقرة وتنفيذ المخططات الدولية والإقليمية.

الخطر يبدو جليًا، والجماعات الإرهابية تكرر الأخطاء وتنساق وراء تنفيذ مخططات خارجية على حساب الأوطان ومقدراتها دون حسابات المنطق، وتستمر في إهدار الحقوق العربية المشروعة التي يمكن أن تحصل عليها الدول بمنطق وأدوات الدولة دون إعطاء الذريعة للآخر بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية.. فهل تستطيع الدول العربية الفاعلة أن تتعاون لتتدارك الأمر قبل فوات الأوان وهل تعود الجماعات الإرهابية إلى رشدها وتفهم أنها مجرد معاول لهدم الدول ثم البكاء على أطلالها ؟! 

مقالات لنفس الكاتب