array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 119

برامج دعم الطاقة لم تحقق أي منفعة للشرائح الأضعف وأدت إلى ثقافة الهدر رفع دعم عن الطاقة يخفض الاستهلاك ويرشد الإنفاق ويدعم الإصلاح الاقتصادي

الأحد، 07 أيار 2017

شهدت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية خلال السنتين والنصف المنصرمة انخفاضًا في معدلات النمو الاقتصادي نتيجة للتطورات الدراماتيكية التي شهدها قطاع النفط الذي تراجعت أسعاره العالمية مع بداية صيف 2014م، وكان لهذه التطورات تأثيرًا كبيرًا على اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي تمثل في انخفاض الإيرادات المالية للدول الخليجية المتأتية من تصدير النفط إلى النصف تقريبًا، بين عامي 2014 و2015م.

وبهدف مواجهة مشهد انخفاض الايرادات العامة الناجم عن الهبوط في الإيرادات النفطية والتي انعكست في تحقيق عجوزات في الموازنات العامة للدول الخليجية، فقد تبنت هذه الدول جملة من الإجراءات الهادفة إلى تصحيح أسعار الطاقة المحلية لتعكس كلفتها الحقيقية، واستطاعت معالجة المشكلة الصعبة سياسيًا والمتمثلة في انخفاض أسعار الوقود المحلية وأسعار الكهرباء، حيث رفعت كافة دول مجلس التعاون أسعار الطاقة على مدى العامين المنصرمين، وذلك لمواجهة تداعيات استمرار دعم أسعار الوقود والكهرباء وأثرها على المالية العامة، حيث قدرت الكلفة المباشرة لدعم الطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي بنحو(60) مليار دولار عام 2014م. وترتفع هذه الكلفة إلى (175) مليارًا عند إضافة تكاليف أخرى لها مرتبطة بالبيئة والبنى التحتية والاستهلاك.

ومن المتوقع أن يساعد إصلاح أسعار الطاقة بمختلف أنواعها على إبطاء النمو السريع في استهلاك الطاقة في المنطقة وسيدعم تصحيح أوضاع المالية العامة، وتحقيق الاستدامة المالية، وترشيد الإنفاق العام، وسيدعم الجهود المبذولة لتحقيق الاصلاح الاقتصادي الهادف إلى التخلص من التبعية المالية المطلقة لقطاع النفط والغاز وتحقيق التنويع الاقتصادي الذي يشكل المدخل الرئيس لاستدامة النمو الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي.

 وسنتناول في هذا المقال تأثير رفع الدعم عن أسعار منتجات الطاقة على الاقتصاد الخليجي، وعلى الإنتاج والتنمية، ومعدلات النمو، وماذا يمكن أن يوفر للموازنات الخليجية، وما الانعكاسات الاجتماعية والاقتصادية التي ستنجم على رفع الدعم عن المحروقات والطاقة، والمنافع والمكاسب التي ستجنيها دول مجلس التعاون من وراء رفع الدعم.

 

أولاً- إصلاح أسعار منتجات الطاقة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية:

شهدت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية زيادة في أسعار الطاقة حدث جلها مع انخفاض أسعار النفط في يوليو 2014م، حيث يلاحظ ارتفاع أسعار اللتر للبنزين كمتوسط في دول مجلس التعاون من (0.29) دولارًا عام 2014م، إلى (0.41) دولار عام 2017م، أي بنسبة ارتفاع قدرها (41.4%)، كما ارتفع متوسط سعر الديزل أيضًا بنسبة (20%)، حيث ارتفع اللتر من (0.30) دولار عام 2014م،إلى (0.36) دولار في أبريل عام 2017م. وارتفع كذلك متوسط أسعار الغاز الطبيعي المسال بنسبة (56.9%)والجدول التالي يبين ذلك.

جدول (1) أسعار منتجات الطاقة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية "  إبريل  2017"

الدولة

البنزين

" دولار للتر"

الديزل

" دولار للتر"

الغاز الطبيعي "دولار لكل مليون وحدة بريطانية

الكهرباء" دولار أمريكي لكل كيلو واط/الساعة"

 

2014  2017

2014    2017 

2014     2017

2014     2016 

الإمارات

0.41

0.50

0.43

0.53

0.25

0.75

0.04

0.12

البحرين

0.24

0.42

0.29

0.37

2.25

2.75

...

0.04

السعودية

0.17

0.24

0.07

0.12

0.75

1.50

...

0.10

عمان

0.42

0.50

0.43

0.52

1.5

3.00

...

0.04

قطر

0.27

0.47

0.27

0.44

0.93

0.75

...

0.05

الكويت

0.22

0.34

0.32

0.36

0.88

1.50

0.007

0.01

متوسط دول المجلس

0.29

0.41

0.30

0.36

1.09

1.71

...

0.06

المصدر: منظمة الأقطار العربية المصدرة  للبترول" أوابك"، التقرير الإحصائي السنوي، لعامي 2015 و2016

http://ar.globalpetrolprices.com/gasoline_prices

http://ar.globalpetrolprices.com/diesel_prices

    وبالرغم من ارتفاع  أسعار المنتجات النفطية في دول مجلس التعاون لكنها مازالت أقل من المتوسط العالمي وفي الولايات المتحدة البالغ (1.02) و(0.70) دولار للبنزين و(0.90)  و(0.67) دولار للــــديزل  على التوالي، ونفس الشيء يقال عن متوسط أسعـــار الغـــــــاز الطبيعــي (دولار أمريكي لكل مليون وحدة حرارية بريطانية) الذي لازال أقل من المتوسط في الولايات المتحدة الامريكية (2.18) دولار باستثناء البحرين وسلطنة عمان الذي بلغ فيهما السعر  (2.75) و(3.0) دولار على التوالي في إبريل عام 2017م.

أما فيما يتعلق بأسعار الكهرباء فقد ارتفعت هي الأخرى في أغلب دول مجلس التعاون الخليجي ، لكنها مازالت منخفضة، حيث تبلغ (0.6) دولار أمريكي لكل كيلو واط في الساعة، في حين تبلغ التسعيرة في المملكة المتحدة والولايات المتحدة (0.15، 0.10) دولار لكل كيلو واط/ ساعة على التوالي.

    وغني عن البيان، فإن استهلاك الفرد من الطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي ليس مرتفعًا فحسب، بل يتزايد أيضًا وبصفة خاصة في كل من قطر والإمارات والسعودية. وتتراوح تقديرات متوسط التكلفة الضمنية للمستوى المنخفض لأسعار الطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي وفقًا لأسعار النصف الأول من عام 2016م، ما بين 0.8% من الناتج المحلي الإجمالي في الإمارات كحد أدنى وإلى (7.2%) في الكويت كحد أقصى والجدول التالي يبين ذلك.

جدول(2) تقديرات التكلفة الضمنية للطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي % من الناتج المحلي الإجمالي

الدولة

2014

2015

2016

الإمارات العربية المتحدة

2.4

1.3

0.8

البحرين

7.4

5.4

3.6

المملكة العربية السعودية

9.3

7.3

4.2

عُمان

7.1

4.6

2.8

قطر

5.0

4.5

3.5

الكويت

7.5

8.0

7.2

دول مجلس التعاون الخليجي

6.7

5.3

3.4

Source: International Monetary Fund(IMF),Regional Economic Outlook:Middle East and Central Asia,October,2016,P.28

وتتفاوت التكلفة الصريحة لدعم الطاقة في الموازنات العامة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تفاوتًا كبيرًا، بيد أنها تبلغ بالمتوسط (1.1%) من الناتج المحلي الإجمالي لمجلس التعاون الخليجي، وتصل إلى (6.8%) في الكويت كحد أعلى والجدول التالي يبين ذلك.

جدول(3) تقديرات التكلفة الصريحة للطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي المدرجة في الموازنة العامة

الدولة

القيمة " مليار دولار أمريكي

النسبة من الناتج المحلي الإجمالي

الإمارات العربية المتحدة

....

....

البحرين

1.1

3.5%

السعودية

0.0

0.0

عُمان

0.8

1.3

قطر

1.2

0.7

الكويت

7.8

6.8

دول مجلس التعاون الخليجي

10.9

1.1

Source: International Monetary Fund(IMF),Regional Economic Outlook:Middle East and Central Asia,October,2016,P.28

وغني عن البيان، فإن إصلاحات أسعار الطاقة التي جرت في السنتين المنصرمتين ستدعم تصحيح أوضاع مالية الحكومة عن طريق تخفيض إنفاق الموازنة على الدعم الصريح للطاقة وكذلك عن طريق زيادة الإيرادات من بيع منتجات الطاقة في السوق المحلية.

  مما لاشك فيه فإن رفع الدعم عن أسعار الطاقة سيكون له تأثير إيجابي على العديد من القطاعات والأنشطة المختلفة لاسيما المالي المرتبط بمالية الحكومة وسيدعم من الجهود الهادفة لتحقيق الاصلاح المالي وذلك لتجنب الصدمات الناجمة عن تدهور الإيرادات العامة بفعل انخفاض أسعار النفط. كما سيساعد رفع دعم وقود المحروقات بمختلف أنواعها في الحد من عمليات تهريب إلى دول الجوار نتيجة اختلاف أسعار الوقود، مما سيسهم في استرجاع أموال من جيوب المهربين، يمكن الاستفادة منها في دعم الموازنة العامة.

ثانيًا- علاقة رفع الدعم بسياسات الإصلاح الاقتصادي:

أصبحت التكاليف المالية لدعم الطاقة باهظة وترهق موازنات الدول ، لذا بات مشهد  إلغاء أو تقليص الدعم لمنتجات الطاقة كليًا أو بشكل تدريجي هو السائد عالميًا، وهذا ما دفع بدول مجلس التعاون الخليجي إلى تبني خطوات جريئة لإصلاح أسعار الطاقة سيكون لها تأثير إيجابي على النمو الاقتصادي والتنمية بمختلف جوانبها في السنوات القادمة.

وتشير التكلفة الهائلة لدعم منتجات الطاقة والتي وصلت إلى (140) مليار دولار في عام 2014م، إلى الفوائد الممكنة، التي ستعود من جراء إصلاح أسعار الطاقة المحلية سواء من الناحية المالية المباشرة أو من حيث الاستهلاك الهيكلي الإقليمي للطاقة.

 وفي الحقيقة، فإن انخفاض أسعار النفط قد أدى إلى إيجاد بعض الزخم لدعم برامج الإصلاح الاقتصادي والمالي في دول مجلس التعاون الخليجي، بما في ذلك إصلاح أسعار الطاقة . وفيما يلي استعراض للعلاقة بين رفع الدعم والإصلاح المالي ورفع كفاءة استخدام الطاقة. 

1)    رفع الدعم وإصلاح المالية العامة:

سيساعد ارتفاع أسعار الطاقة نتيجة لرفع الدعم الكلي أو الجزئي التدريجي على المنتوجات النفطية والغاز والكهرباء إلى إبطاء النمو السريع في استهلاك الطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي الذي شهد نموًا كبيرًا خلال العقدين المنصرمين، وسيدعم تصحيح أوضاع المالية العامة، التي شهدت اضطرابًا نتيجة انخفاض الإيرادات العامة بسبب تدهور أسعار النفط بعد صيف 2014م.

   لقد دفع إنخفاض العوائد النفطية بدول مجلس التعاون الخليجي إلى تبني إصلاحات في المالية العامة، ففي جانب النفقات العامة تم اتخاذ إجراءات لضبط الإنفاق الجاري، لا سيما الإنفاق على الأجور والمرتبات، حيث قام بعضها بوضع سقف لمستويات الإنفاق العام واتجه بعضها الآخر إلى خفض الإنفاق الجاري بينما ربطت بعض الدول العربية الزيادة في أجور العاملين بالقطاع الحكومي بمعدلات الأداء والإنجاز وبارتفاع معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى مستويات محددة. كذلك واصلت البلدان الخليجية خلال عام 2016م، جهودها لترشيد نظم الدعم لا سيما فيما يتعلق بدعم الطاقة مع الحرص على تقوية أوضاع شبكات الأمان الاجتماعي.

     وعلى صعيد الإنفاق الاستثماري، استهدفت السياسة المالية في دول مجلس التعاون الخليجي إعطاء أولوية التنفيذ للمشروعات الضرورية التي تخدم الأهداف الاقتصادية والاجتماعية وتعمل على زيادة مستويات التنويع الاقتصادي، مع تركيز الإنفاق الرأسمالي على  القطاعات الواعدة والمنتجة وزيادة مشاركة القطاع الخاص في تنفيذ وإدارة بعض المشاريع والمرافق والأعمال من أجل تخفيف العبء المالي عن الموازنة العامة والإبقاء على الاستثمار عند مستويات محفزة للنمو الاقتصادي.

وعلى العموم، فقد ساهمت عملية رفع الدعم عن منتجات الطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي في تخفيض عجز الموازنة العامة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي ليصل إلى (11.6%) عام 2016 مقارنة بـــ ـ(12.4%) عام 2015م، والمتوقع أن يتراجع العجز إلى (7%) و(5.2%) في عامي 2017و2018م،على التوالي. 

جدول (4) رصيد الموازنة إلى الناتج المحلي الإجمالي (2016-2018)%

الدولة

2016

2017

2018

الإمارات العربية المتحدة

-0.30

1.82

1.27

مملكة البحرين

-14.0

-10.0

-8.40

المملكة العربية السعودية

-12.42

-7.66

-7.30

سلطنة عمان

-14.38

-11.86

-7.68

دولة قطر

-8.14

-4.55

-1.50

دولة الكويت

-28.89

-20.92

-18.30

دول مجلس التعاون الخليجي

-11.52

-5.77

-4.95

المصدر: صندوق النقد العربي، تقرير أفاق الاقتصاد العربي أبريل ،2017،ص 81

2)    رفع الدعم وتحسن كفاءة استخدام الطاقة:

مما لاشك فإن رفع كفاءة استخدام الطاقة يسهم في توفير موارد مالية للدولة، فقد أشارت إحدى الدراسات إلى أن تـدابـيـر تحسين كـفـاءة اسـتـخـدام الـطـاقـة فـي 11 دولــة من الدول الأعضاء في منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي(OECD)قد ساهمت في توفير ما يناهز(420) مليار دولار من قيمة النفط بين عامي 2005و2010م.

وتجدر الإشارة  إلى أن تــحــســن أداء كـــفـــاءة الاستهلاك وترشيده يــبــقــى من أهم العوامل التي تؤثر على مستقبل الطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي، وذلـك يشمل الكفاءة في جميع القطاعات النقل والـــمـــواصلات، والمباني والتشييد، والقطاع الصناعي، وكذلك الكفاءة في القطاعات التجارية والسكنية.

وأشارت إحدى الدراسات إلى أن ترشيد استهلاك الطاقة في جميع القطاعات بالمملكة العربية السعودية يقود إلى خفض نمو الطلب على الطاقة خلال العقود المقبلة. ويجمع الخبراء على أن السعودية قـادرة على أن تكبح نمو الطلب الداخلي السنوي على النفط والـغـاز مـن المستويات الحالية التي تصل الـى (4-5 %) وتخفضها إلــى مستويات (2.8 %)، إذا التزمت بخطط إدخال الطاقة النظيفة كالطاقة الشمسية واستغلال طاقة الرياح، وإذا نفذت برنامج ترشيد الطاقة الذى يهدف إلى رفع كفاءة الطاقة. وتستطيع هذه الإجراءات أن توفر على المملكة حـوالـي (1.5-2.0) مليون برميل نفط مكافئ في اليوم، وهذه تقارب الكمية التي تحتاجها المملكة للحفاظ على قدرتها الاحتياطية من حيث إنتاج النفط التي تعتبر صمام أمان أسواق النفط العالمية.

ثالثاً- الآثار الاجتماعية والبيئية لرفع الدعم عن منتجات الطاقة:

1) الآثار الاجتماعية لبرامج رفع الدعم عن المحروقات والكهرباء:

كشفت الدراسات المختلفة الخاصة  ببرامج الدعم الخاصة بأسعار الطاقة إلى أن إعانات الطاقة لم تحقق أي منفعة ملموسة لشرائح المجتمع الأضعف، حيث أظهرت الأدلة التاريخية أن زيادة الاعتماد على الإعانات السخية تؤدي في الغالب إلى ثقافة انعدام كفاءة وهدر وإلى تأثير سلبي على البيئة. وعلى هذه الخلفية، بدأت  دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى تبني إلغاء أشكال الإعانات على أسعار المحروقات والكهرباء بشكل تدريجي.

وجدير بالذكر فإن رفع الدعم الحكومي عن أسعار المحروقات ورسوم الكهرباء والماء سوف يوفر لدول مجلس التعاون الخليجي مبالغ يمكن استثمارها في مجال التنمية البشرية، حيث ستتمكن دول مجلس التعاون الخليجي من التركيز على تحسين مستوى التعليم بحيث يستجيب لمتطلبات القطاع الخاص والتقليل من الاعتماد على القطاع الحكومي كجهة رئيسة لتوفير الوظائف والتقليل من الاعتماد على العمالة الماهرة من الوافدين.

كما أن سياسة رفع الدعم عن الطاقة سوف تقلل التفاوت في الدخل بين الأفراد ، حيث أن الأفراد ذوي الدخل المرتفع يشكلون النسبة الأعلى من مستهلكي الطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي، وإذا تم التخفيف من أثار رفع الدعم عن الطاقة على الأفراد الفقراء في المجتمع، فإن نسبة التفاوت في الدخل بين الأفراد ستتراجع، إذ سيتحمل أثر ارتفاع الأسعار الأفراد الذين يحصلون على دخل مرتفع؛ وبالتالي تنخفض نسبة عدم المساواة بين أصحاب الدخل المرتفع والمنخفض.

وغني عن البيان، فإن اتخاذ قرار صائب فيما يخص سياسة رفع الدعم يجب أن يتم الأخذ بعين الحسبان تأثيره على العمالة، فعلى سبيل المثال، سيواجه سائقو سيارات الأجرة انخفاضًا في الدخل -وربما فقدان وظائفهم- إذ تتأثر هذه الفئة من المجتمع مباشرةً من الدعم الحكومي للطاقة، ومن الممكن تجنب هذه المشكلة من خلال الوسائل التي ستلجأ إليها الحكومات في استعمال الأموال التي تم ادخارها جراء رفع الدعم، وباستطاعة الحكومات أن تستثمر في قطاعات تساهم في خلق فرص عمل جديدة، وبالتالي زيادة الإنتاجية وتعويض الخسائر الناتجة من رفع الدعم عن الطاقة.

أن تطبيق رفع قرار الدعم عن أسعار المحروقات سوف يؤدي إلى بعض الإيجابيات مثل تعزيز سياسة اقتصاد السوق الحر، وتحسين الوضع المالي لدول مجلس التعاون الخليجي، وخفض العجز في موازناتها، والمساهمة في ترشيد استهلاك الوقود، وتحفيز استخدام وسائل النقل البديلة، وتسريع دخول السيارات الصديقة للبيئة مثل السيارات الكهربائية والهجينة إلى دول مجلس التعاون الخليجي.

2)    آثار رفع الدعم على البيئة:

      لقد أدى الدعم لمنتجات الطاقة والتي تراوحت معدلاته عام 2015م، ما بين (1.1%) من الناتج المحلي الإجمالي في سلطنة عمان إلى (6.4%) في المملكة العربية السعودية إلى تسارع معدلات الاستهلاك الطاقة والتي كان لها تأثير سلبي على البيئة.

 وتظهر البيانات التي أصدرها معهد الموارد العالمية وأدوات مؤشرات التحليل المناخي أن انبعاثات الكربون للفرد في الإمارات وسلطنة عمان والبحرين بلغت حوالي ضعف ما هي عليه في دول مجموعة السبع في العام 2012م، بينما كانت أعلى من ذلك بكثير في كل من قطر والكويت. وتصنف معظم دول مجلس التعاون بين أكبر مصادر انبعاثات الكربون للفرد في العالم. يمكن أن تؤدي خطوة رفع الدعم عن أسعار المحروقات(البنزين والديزل) إلى تشجيع الأفراد على اعتماد آليات لتوفير استهلاك الوقود وزيادة استخدام وسائل النقل العام. لذلك، وإلى جانب المنافع الملحوظة المتوقع الحصول عليها نتيجة لانخفاض الإعانات على الوقود، فإن الخطوة تهدف أيضًا إلى التعامل مع التأثيرات البيئية المتزايدة.

وغني عن البيان أن رفع أسعار المحروقات سوف يقود إلى خفض مستويات نمو استخدام السيارات الفردية مما سيكون له أثر إيجابي في التقليل الانبعاثات الكربونية الضارة الناجمة عن احتراق وقود السيارات، وسوف يساعد على استخدام وسائل النقل العام. كما تشمل فوائد رفع الدعم عن منتجات الطاقة استعمال أكثر فاعلية لمصادرها وتطوير مصادر الطاقة النظيفة إضافة إلى فوائد أخرى للبيئة كالهواء النقي.

 

رابعًا-الآثار السلبية لرفع الدعم على المستوى العام للأسعار:

 تأثر المستوى العام للأسعار خلال العام 2016م، بالضغوط التضخمية التي شهدتها المجموعات الخاصة بالنقل والسكن، والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى التي تـأثرت بالإصلاحات في أسعار الطاقة والتي تمثلت بالرفع التدريجي للدعم لأسعار المحروقات والكهرباء، الأمر الذي قاد إلى ارتفاع معدلات التضخم في أغلب دول مجلس التعاون الخليجي في عام 2016م، مقارنة بالعام 2015م، والجدول التالي يبين ذلك.

جدول (5) معدل التضخم لعامي 2015و2016 %

الدولة

2015

2016

الإمارات العربية المتحدة

2.4

1.7

البحرين

1.9

2.7

المملكة العربية السعودية

2.2

3.4

سلطنة عمان

0.1

1.1

قطر

1.8

3.0

الكويت

3.2

3.4*

*بيانات دولة الكويت مستقاة من تقرير أفاق الاقتصاد الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أكتوبر، 2016.

المصدر: صندوق النقد العربي، تقرير آفاق الاقتصاد العربي أبريل ،2017،ص 79

وصفوة القول، فإن نجاح السياسات المتبعة من قبل دول مجلس التعاون الخليجي في رفع الدعم عن أسعار الطاقة في تعزيز جهود الإصلاح الاقتصادي والمالي، وفي التقليل من الآثار السلبية لرفع الدعم  يتطلب من الحكومات الخليجية القيام بجملة الخطوات من أهمها ما يلي:

1-  العمل على تبني سياسة تسعير كفؤة وفعالة لتعكس رسوم الكهرباء التكاليف الحقيقية الكاملة للخدمة، وأن تكون عادلة بحيث يستطيع المستهلك تحملها، وأن تغطي نفقات مقدم الخدمة، وتحقق له عائدًا اقتصاديًا عادلاً لاستثماراته.

2-  المضي في تطبيق السياسات والبرامج الإصلاحية لأسعار الطاقة وفق جداول زمنية تأخذ بعين الاعتبار التدرج لمنح مجتمع  الأعمال والقطاع الخاص والمستهلكين فرصة التأقلم معها دون حدوث هزات قد تعصف بالمكتسبات التي تحققت طوال الفترة الماضية.

3-  إبلاغ المواطنين بوتيرة زيادة أسعار منتجات الطاقة، واستحداث تدابير واضحة وشفافة لتعويض أثر الزيادات في الأسعار على ذوي الدخل المنخفض.

4-  إصلاح منظومة دعم الطاقة المحلية ، وتوجيه الاستثمار صوب مصادر الطاقة البديلة الصديقة للبيئة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح للتقليل من استخدام الوقود الأحفوري الذي يزيد من انبعاثات غازات الدفيئة، واستخدام الأساليب التكنولوجية النظيفة الحديثة في الصناعة التي تسهم في رفع كفاءة استخدام الطاقة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجلة آراء حول الخليج