; logged out
الرئيسية / مقومات وأبعاد وأهداف ومحاور حوار الطالب والأستاذ ثقافة الحوار الأكاديمي في الجامعات: البناء والوقاية

العدد 121

مقومات وأبعاد وأهداف ومحاور حوار الطالب والأستاذ ثقافة الحوار الأكاديمي في الجامعات: البناء والوقاية

الإثنين، 24 تموز/يوليو 2017

تعتبر مؤسسات التعليم العالي وعلى رأسهم الجامعات من المقومات والصروح الأساسية لبناء الكوادر البشرية عالية التأهيل علميًا وعمليًا، وهذه الكوادر هي التي تحدد قوة الدولة ومكانتها بين الدول الأخرى، وكذلك قدرتها على تحريك عجلة التنمية في كافة المجالات الاقتصادية والسياسية والإدارية والتقنية، وغيرها. ويتأكد هنا دور الجامعات بشكل خاص في بناء شخصية الطالب، والخريج فيما بعد، وصقل مهاراته المتنوعة في مجالات العلوم المختلفة، وغرس وتنمية روح الإبداع والابتكار لديهم، وإعدادهم للاضطلاع بالدور الريادي المطلوب في المجتمع ومن ثم خدمة المجتمع والدولة. خاصة أن أبناءنا الشباب في الوقت الراهن يتعرضون للعديد من المؤثرات الفكرية والثقافية المختلفة والتي تمثل تحديات جوهرية تواجه صناع القرار والقيادات في دول الخليج العربي، ومن بين هذه التحديات التي تستهدف الشباب ومن ثم المجتمع والدولة: الإعلام السلبي غير المسؤول والذي يغذي التطرف،  والفكر المشوش، ومحاولة استغلال الحالة الاقتصادية المتقلبة والوضع السياسي والأمني غير المستقر في دول الجوار لدول مجلس التعاون الخليجي، إضافة إلى تأثير ودور وسائل التواصل الاجتماعي وتقنيات الاتصال المفتوحة وغيرها من المحددات البيئية ومستجدات الأحداث التي تؤثر على مقومات وبناء الاتجاهات والمعايير والقيم.

لذا كان من الضروري والمهم والحتمي فتح قنوات الحوار البناء الناضج على كافة الأصعدة، ليتم تبادل وجهات النظر المتباينة، وضمان مصداقية المعلومات وموثوقية مصدرها والمساندة في معرفة المقاصد وتوضيح الالتباسات في المفاهيم، وتقديم المعلومات الصحيحة والمفاهيم السليمة، وتوضيح الحقائق أمام الأجيال الشابة التواقة إلى المعرفة والمشاركة في الحوار والنقاش حول مختلف القضايا، وهنا يأتي دور الجامعات التي تحتضن جيل الشباب الذي هو مستقبل الوطن وأمله وهم الصناع للقرار في المستقبل، خاصة أن غالبية المجتمع السعودي والخليجي هم من فئة الشباب.

الحوار .. والأستاذ والطالب

يعتبر الحوار بين الأستاذ الجامعي والطالب من القنوات الهامة والمفيدة والناجعة والتي لابد أن يتم التركيز عليها وتفعيلها لتحقيق التكامل الثقافي بين الأجيال، ففي هذه المرحلة العمرية للطلاب يتم استكمال بناء الشخصية وتشكيلها وإعدادها للانخراط في الشأن العام، وخدمة المجتمع، لذلك يجب تأهيله للانخراط في الحياة العامة وإعداده جيدًا لمهامه القادمة، وتحفيزه على العطاء، وتغذيته بالعلم المفيد والنافع، وتسليحه بالمعلومات الصحيحة والفكر السليم غير الضار.

ومن أجل القيام بهذا الدور المحوري والهام الذي تضطلع به الجامعات، ولإدراكها لأهمية المهام الملقاة على كاهلها، كان لزامًا عليها التركيز والاهتمام بأبعاد ومضمون ونوعية الحوار وأن تضع في البداية ثقلاً كبيرًا في اختيار وتنمية فكر وثقافة الأستاذ الجامعي لضمان قيامه بدوره المأمول الذي ينعكس على مكانة الجامعة وسمعتها، وقدرتها على تنمية الحوار الصحيح لدى الشباب خاصة طلاب وخريجي الجامعات.

ويبرز هنا دور الأكاديمي الذي لا ينحصر في توفير ونقل المعلومة فقط، لكن يمتد إلى مهارته وقدرته في تحريك اهتمامات الطالب وادراكه والتأثير في طرق التفكير والسلوك، بل يساهم كذلك في اكتشاف الذات والقدرة على التغير في الاتجاهات والاعتقادات والقيم السليمة والصحيحة والنافعة والتخلي عن الأخطاء أو الأفكار وغير الصحيحة والمشوشة، بالإضافة إلى تنمية مهارات الاتصال والبحث العلمي في مجال التخصص.

ويمثل الطالب البعد الثاني المركزي في الحوار الأكاديمي لتحقيق الاستفادة القصوى والمتبادلة بين أطراف الحوار، لذلك لابد من تحريك دوافعه وإثارة اهتمامه لتعلم مهارات وقيم وسلوكيات الحوار الفعال الإيجابي لتدعيم الثقة والعلاقة بين الأستاذ والطالب وأن يكون ذلك في مناخ يسوده التفاعل الإيجابي والسليم بين الأستاذ وتلميذه، أو بين المرسل والمستقبل، ومن ثم توفير بيئة النقاش الهادئ والإيجابي دون انفعال أو عصبية، حتى تتحقق الفائدة المرجوة والمأمولة. وهذا المناخ من شأنه تحسين بيئة الأداء الأكاديمي للطالب وتعزيز القيم والمفاهيم الإيجابية لديه وفتح المجال أمامه للتعبير عما بداخله من صراع دون خجل أو انفعال أو تردد، تصديًا لأي انحراف فكري، أو تسلل الأفكار الخاطئة، وهذا من المهام الأساسية للحوار والتي تساعد في تحقيق أهدافالحوارالوطني، الذي تهتم به المملكة على المستوى الحكومي، وعلى مستوى المؤسسات التعليمية والإعلامية وغيرها من المؤسسات المعنية بالحوار الوطني.

مقومات الحوار الفعال

من أجل نجاح الحوار الأكاديمي بين الطالب وأستاذه وقطف ثماره المرجوة لابد من إلقاء الضوء علىأهم مقومات الحوار الفعاّل والتي تتضمن استراتيجيات واضحة وقيم حوار متفق عليها ومعلنة،وبالإمكان تقسيم المقومات إلى:

   المقومات التنظيمية: التي تساهم فيتحققالحوارالفعالوالهادفبينالأكاديميين والطلاب،مثلالثقافة التنظيميةالسائدةفيالمؤسساتالتعلمية التي تحفز ثقافة الحوار البناء،والتقنيات والتكنولوجيا ذات العلاقة بالأسس التربوية،والبرامجالعلمية، والمناخالتنظيميالسائد، والأطر المنظمة للوائح، والدعم المالي والبشري، إضافة إلى توفير العنصر البشري الأكاديمي القادر على القيام بهذه المهمة.

 

المقوماتالسلوكية:وهيمجموعةالعوامل التي تحدد اتجاهات سلوك الأفراد وممارساتهم وردود أفعالهم، وهذا يتطلب الاعتماد والبحثوالاستقصاءومنهجية حلالمشكلات، والعمل بروح الفريق، مع التسلح بمهاراتالحواروآدابه ومنها " البعد عن التعصب للرأي، وتقبل وجهات النظر المختلفة، واحترام المحاور ورأيه، إضافة إلى الموضوعية والبعد عن التحيز الشخصي).

 

 

         أبعاد الحوار الأكاديمي

ومن منطلق ما تم طرحه في السابق تتبلور أهمية الحوار الأكاديمي بين الأستاذ والطالب وضرورة نشر ثقافة الحوار في المؤسسات التعليمية وتبنيها في المراحل التعليمية المبكرة منذ السنوات الأولى للدراسة، وتحويل ثقافتها التنظيمية من ثقافة التلقين والمحاضرات والحفظ إلى ثقافة الحوار البناء حتى يصبح منهج سلوكي تعليمي تلقائي بين الأستاذ وطلابه، ومن ثم ثقافة مجتمع.

وعليه، فإن التركيز على تنمية ثقافة الحوار بين الأستاذ والطالب في الجامعة يعد  حاجة وطنية ملحة لتعزيز ثقافة الحوار الوطني البناء في مختلف المجالات وبين كافة الشرائح، خاصة على ضوء التحديات والمتغيرات التي تواجه التعليم، وتأثير الثقافات الأخرى وتداخلها في ظل هذا الانسياب الإعلامي والسموات المفتوحة، وتداخل وتأثير شبكات التواصل الاجتماعي التي أدت إلى اندماج الثقافات  وتداخلها وتبادل التأثيرات والمؤثرات التي أثرت في مجملها على المنظومة المعرفية والثقافية والسلوكية والقيمية، ناهيك عما دفعت به التقلبات السياسية من أفكار متنوعة على الساحة الخليجية، لذا لابد من التركيز على أهمية وضرورة الانتماء وتعزيز الهوية الوطنية لدى أبنائنا الشباب من الطلبة والطالبات والاستفادة من خبرات الجامعات العريقة في مجال تنمية وإثراء ثقافة الحوار الأكاديمي وعقد مؤتمرات وندوات وورش عمل لترسيخ مفهوم الحوار الوطني وسلوكياته في المجتمع ليصبح أسلوبًا للحياة ،ومنهاجًا للتعامل .

مقالات لنفس الكاتب