; logged out
الرئيسية / مواجهات القدس أكدت أن الصراع العربي الصهيوني صراع وجود لا حدود القدس توحدنا .. والدم يجمعنا

العدد 123

مواجهات القدس أكدت أن الصراع العربي الصهيوني صراع وجود لا حدود القدس توحدنا .. والدم يجمعنا

الأربعاء، 20 أيلول/سبتمبر 2017

إن فلسطين مازالت محتلة وقطاع غزة مازال تحت الحصار الظالم والقاسي، وإن القدس والضفة الفلسطينية تتعرض إلى التهويد والاستيلاء عليها بالقوة وبشكل مستمر وإن الشعب الفلسطيني والأمة العربية يعيشون اليوم أخطر مراحل حياتهم المصيرية ويتعرضون إلى أكبر نكبة في تاريخهم المعاصر، وهو مشروع الشرق الأوسط الجديد أو سايس ـ بيكو الجديدة، والذي يهدف إلى تفتيت وتقسيم الوطن العربي جغرافيًا وطائفيًا، وفي فلسطين يعاني الشعب من الانقسام البغيض بين الأخوة والأشقاء الذين كانوا مع بعضهم في خندق واحد يقارعون ويقاومون جيش الاحتلال الصهيوني ويعيشون مع بعضهم في المعتقلات، فكانوا يعانون نفس الألم والمعاناة ؛ يتجسد ذلك بين أكبر حركتين وفصيلين فلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة ولكنهما للأسف تعيشان اليوم حالة استقطاب وتجاذب سياسي كبير إلى أن أصبح الانقسام عميقًا وكبيرًا رغم كل الاتفاقيات التي أُبرمت ووقعت بينهما برعاية عربية، وفصائلية فلسطينية ورغم كل الجهود التي بذلت لم تتحقق المصالحة ولم تتم الوحدة الوطنية التي أصبحت هدفًا استراتيجيًا قبل إنهاء الاحتلال وتحرير الأرض والإنسان وتقرير مصير الشعب الفلسطيني وإعادة اللاجئين الفلسطينيين والإفراج عن الأسرى والمعتقلين والرهائن من سجون الاحتلال الصهيوني. وفجأة ظهر مخطط صهيوني جديد من حكومة الاحتلال الصهيوني وعلى رأسها رئيسها بنيامين نتانياهو مستغلا التفكك العربي الراهن بوضع بوابات الكترونية وكاميرات أمام أبواب المسجد الأقصى بهدف فرض السيادة الصهيونية على المقدسات خاصة المسجد الأقصى ومنع أي مسلم أو عربي فلسطيني من دخوله لأداء الصلاة إلا بعد فحصه أمنيًا بواسطة تلك البوابات الإلكترونية والكاميرات، فهب المقدسيون العرب من كل حدب وصوب ومعهم أبناء الشعب الفلسطيني، مسلمين ومسيحيين وكل أبناء الأمة العربية والإسلامية بكل مكوناتها. فالخطر الذي تعرض له الأقصى وحق العبادة والصلاة فيه وحد الجميع، وإن استشهاد وجرح المئات من المقدسيين أيضًا جمع ووحد الكل وأصبحت القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى ومعراج نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وهي عنوان الصراع الحقيقي مع هذا الكيان الصهيوني وأصبح اليوم لايختلف عليها أحد وهي التى توحد وتجمع كل شعوب الأمة العربية والإسلامية وتجمع وتوحد الشعب الفلسطيني. وأن الدماء الطاهرة والزكية التي سالت في باحت المسجد الأقصى وفي شوارع القدس وفي كل حارة وزقاق هي التي أسست لهذه الوحدة الحقيقية وهي التي تجمع الشمل وتوحد الأخوة والأشقاء وأن سر انتصار الفلسطينيين في معركة البوابات واحتفالهم بإزالة الأجراءات الأمنية هو الوحدة الحقيقية بين كل أبناء الشعب الفلسطيني على اختلاف انتماءاتهم الدينية والفصائلية، حيث أثارت مخططات دولة الاحتلال الصهيوني موجة من الاحتجاجات الفلسطينية بوضعها البوابات الإلكترونية والكاميرات الذكية، وهي أجهزة للكشف عن المعادن، إلا أن تراجعها عن تلك الإجراءات الأمنية وشروعها في إزالتها يمثل انتصارًا كبيرًا لحملة العصيان المدني للفلسطينيين الذين رفضوا دخول المسجد الأقصى عبر تلك البوابات، وفضلوا الصلاة في شوارع القدس.                     إن الإجراءات الأمنية الإضافية التي استحدثتها دولة الاحتلال الصهيوني خلال معركة البوابات الالكترونية والكاميرات الذكية الجديدة وإزالتها وسط مخاوف من أن تقود الانتفاضة إلى منزلق خطر في المنطقة .

حيث قالت المتحدثة باسم شرطة الاحتلال "لوبا سامري": " الشرطة أعادت الإجراءات الأمنية إلى ما كانت عليه قبل هجوم 14 يوليو". وبعد ذلك عمت شوارع القدس الاحتفالات بعدما تراجعت دولة الاحتلال الصهيوني عن إجراءاتها الأمنية، ووزع المقدسيون الحلوى على بعضهم، وإعلانهم إنهاء مقاطعة دخول الأقصى والعودة إليه من جديد.

إن الانتفاضة التي شهدها محيط المسجد الأقصى خلال الفترة الماضية، أظهرت قوة اتحاد الفلسطينيين، فقد استقطبت الانتفاضة الآلاف منهم كل ليلة، وأعطتهم إحساسًا غير عادي بانتصارهم، خاصة مع تكتل مختلف القيادات خلفهم. فقد ألقت القيادة الفلسطينية بكل ثقلها وراء انتفاضة المقدسيين وعلق التنسيق الأمني، وتوفير الدعم المادي وأيدت كل الفصائل الفلسطينية وحركة "حماس" هذه الانتفاضة، وقال عزت الرشق، القيادي في الحركة: إن الفلسطينيين حققوا "انتصارًا تاريخيًا بإجبار الاحتلال على التراجع... وغدًا سيحتفلون بإزالة الاحتلال نفسه". وفي المقابل انتقد الزعماء السياسيون اليمينيون المتطرفون الصهاينة، الذي يعتمد عليه رئيس دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو، لبقائه في السلطة، هذه الخطوة. وقال " نفتالى بينيت " وزير التعليم وعضو مجلس الوزراء الأمنى في دولة الاحتلال الصهيوني  لراديو جيش الاحتلال: " إسرائيل " أضعفت بسبب القرار، وأتوقع زيادة العنف قريبًا.. التراجع عن الإجراءات فائدته على المدى القصير، ولكن على المدى الطويل الأمر مختلف. وواجه رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو رد فعل كبير من خصومه السياسيين وحتى مؤيديه التقليديين بسبب تعامله مع الأزمة، ووصفت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية تعامل نتنياهو مع الأزمة بـ" العجز ".

وكانت دولة الاحتلال الصهيوني وضعت إجراءات أمنية فى وقت سابق حول الأقصى، قالت إنها "ضرورية"، فيما اعتبرها فلسطينيون محاولة صهيونية لتوسيع سيطرتها على الأقصى. وأثار هذا الأمر أسوأ الاشتباكات منذ سنوات، وهددت بجر إسرائيل إلى صراع مع الدول العربية والإسلامية الأخرى، وتحت ضغط مكثف، قامت دولة الاحتلال بإزالة أجهزة الكشف عن المعادن، وقالت إنها تخطط لتثبيت كاميرات أمنية متطورة بدلاً من ذلك. وأبرزت المواجهة عدم الثقة بين دولة الاحتلال الصهيوني  والفلسطينيين عندما يتعلق الأمر بالقدس والأقصى والمقدسات.

        إن القدس خط أحمر لايمكن لأي كان تجاوزة بأي حال من الأحوال وإن مكانتها المقدسة والتاريخية العظيمة مازالت في قلوب العرب والمسلمين والفلسطينيين وهذه القدسية لهذه المدينة المباركة " أرض الأنبياء" استطاعت أن تجذب أنظار العالم كله وخاصة الشعوب العربية والإسلامية والصديقة التى تدعم وتساند الحق العربي والإسلامي فيها وهي معروفة بعروبتها وإسلاميتها وهذا ما أكدته منظمة اليونسكو في تقاريرها الأخيرة حيث " أدانت فيها الممارسات الصهيونية ضد التراث الثقافي، والديني، والحضاري، والإسلامي، والعربي، في القدس، ومحاولات دولة الاحتلال الصهيوني تغيير طابع المدينة، وتهويدها"، وإن هذه التقارير تعتبر وثائق قانونية هامة يمكن الاستفادة منها في المحافل الدولية والإقليمية وخاصة حال رفع دعاوى جنائية ضد قادة الاحتلال الصهيوني أمام القضاء الدولي. سواء المحكمة الجنائية الدولية أو قضاء الدول التى لها ولاية دولية في قضائها الوطني.

    إن هذه المكانة المقدسة لهذه المدينة المباركة استطاعت أن تجمع الكل الفلسطيني وتوحدهم ضد المخططات الصهيونية، سواء " طرد وترحيل المقدسيين العرب، أو إقامة المستوطنات والمستعمرات، أو وضع البوابات الالكترونية والكاميرات، أو الاعتداءات والاقتحامات المتكررة على المقدسيين العرب، والمقدسات، أو فرض قوانين وتشريعات، وإجراءات إدارية وتصرفات باطلة، أو منع الأذان، أو تقسيم المسجد الأقصى زمانيًا ومكانيًا، أو الحفريات والأنفاق، أو الاستيلاء بالقوة على المنازل المحيطة بهذه المدينة المباركة، أو بمنع أبناء الشعب الفلسطيني من الوصول للأقصى وتأدية الصلاة فيه، لأن حق العبادة هو حق مقدس بموجب اتفاقيات جنيف الأربعة وأهم ما جاء في اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين، والمقدسات في الأراضي المحتلة، حيث لايجوز لحكومة الاحتلال الصهيوني انتهاكها بأي حال من الأحوال، ولا لأي سبب، أو مبرر أيًا كان مصدره، وأن أي انتهاك لهذا المبدأ الدولى، والقانوني، والإنساني، والأخلاقي، يعتبر جريمة حرب، وجريمة ضد الإنسانية، وجريمة تطهير عرقي. وعلى المجتمع الدولي والأطراف السامية الموقعة على ميثاق الأمم المتحدة، والاتفاقيات، والبروتوكولات الدولية ملاحقة، ومحاكمة قادة الاحتلال الصهيوني، وعلى رأسهم رئيس حكومة الاحتلال الصهيوني، بنيامين نتانياهو على كل تلك الانتهاكات، والجرائم التى ارتكبت، وترتكب بحق أبناء الشعب الفلسطيني، ومقدساته0

   إن ماحصل من انتفاضة شعبية من المقدسيين العرب في القدس احتجاجًا على تلك الجرائم والانتهاكات خاصة البوابات الالكترونية والكاميرات التى وضعتها حكومة الاحتلال الصهيوني، مكنت الشعب العربي الفلسطيني من إثبات هويته ووجوده أمام كل المخططات التهويدية كما أثبت أن إرادته هي أقوى من أي سلاح يمتلكه العدو وهي إرادة صلبة لايمكن أن تقهر أو تنكسر، وهي تمثل الحق العربي الأصيل لكل الأمة العربية والإسلامية، وخاصة للكل الفلسطيني ويجب أن يعلم الجميع بأن القدس مصدر الوحدة الحقيقي وأن الدم العربي الفلسطيني يجمع الكل العربي والإسلامي، وأن ما حدث أو يحدث في القدس العربية من إعدام في الميدان واستشهاد وجرح المئات من المقدسيين العرب ثبت للعالم كله بأن هذا الدم الطاهر هو الذي يوحدنا ويجمعنا وأن هذا الدم يؤكد للعالم بأن القدس بمكانتها الدينية والحضارية والتاريخية والسياسية والثقافية والاجتماعية هي التي توحد الجميع، وأن القدس ستظل هي العاصمة الأبدية للدولة الفلسطينية، ومن يفكر بغير ذلك يكون واهم وجاهل، ولايعرف شيئًا عن عظمة هذه المدينة المباركة ولايعرف شيئًا عن تاريخها في نفوس الأمة العربية والإسلامية والشعب الفلسطيني، وما حدث من مواجهات في القدس مع دولة الاحتلال الصهيوني يؤكد بأن الصراع العربي الصهيوني هو صراع وجود لا حدود وأن القدس لها مكانتها الدينية، والتاريخية وأن الصراع فيها هو على السيادة والمكانة القانونية والدولية وأن المجتمع الدولى مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بأن يسعى ويعمل بجدية على إنهاء الاحتلال الصهيوني، وأن ماحدث بالقدس يؤكد بأن القدس هي جوهر الصراع مع العدو الصهيوني الغاشم، وأن الحل للقضية الفلسطينية يجب أن يكون حلاً سياسيًا، وليس إنسانيًا أو اقتصاديًا كما يدعي ويخطط رئيس حكومة دولة الاحتلال الصهيوني.

   وعلى جامعة الدول العربية ومنظمة العالم الإسلامي أن تقوما بتفعيل القرارات الأممية الصادرة بشأن القدس، وإدخال قوات دولية لحماية الأقصي، والمقدسات، والمصليين، وعلى القيادة الفلسطينية أن تتوجه فورًا إلى محكمة العدل الدولية للحصول على فتوى بعدم قانونية الإجراءات التي يمارسها قادة الاحتلال الصهيوني في القدس والأقصى، وإلزام قادة الاحتلال الصهيوني بالإلتزام باتفاقيات جنيف، والقرارات الأممية الصادرة عن مجلس الأمن، والجمعية العامة للأمم المتحدة، والمنظمات الدولية الأخرى.

 ويجب العمل على المطالبة بإعادة النظر بالمركز القانوني إلى دولة الاحتلال الصهيوني حسب القرار رقم "273" الصادر بتاريخ 11/5/1949م، والخاص بالاعتراف بدولة الاحتلال الصهيوني ولكن بشروط، وهي تنفيذ قرار التقسم رقم 181 والذي جاء فيه إقامة دولتين وقرار رقم 194 الخاص بحق عودة اللاجئين الفلسطينين إلى قراهم ومدنهم ودفع التعويضات لكل المتضررين واحترام ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه التى تعهدت والتزمت بها دولة الاحتلال الصهيوني وأهمها إنهاء الاحتلال وتقرير المصير واحترام حقوق الإنسان. وبالتدقيق في هذه الشروط نجد أن دولة الاحتلال الصهيوني لم تلتزم بأي منها، ممايعني أن هذا الكيان قد خالف الشروط الواردة بالقرار سالف الذكر وأنها لم تقف عند عدم الالتزام بتلك الشروط والقرارات الأممية الصادره عن الجمعية العمومية ومجلس الأمن وخاصة القرار الأخير رقم 2334 الصادر عن مجلس الأمن والذي اعتبر المستوطنات المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة جريمة حرب وأنها ارتكبت في الحروب الثلاث الأخيرة على قطاع غزة جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وجرائم تطهير عرقي وهذا ما أثبتته عدة تقارير صادرة عن مجلس حقوق الإنسان  منها تقرير جولدستون وتقريري منظمة اليونسكو بشأن القدس والحرم الإبراهيمي كما أن دولة الاحتلال الصهيوني رغم كل هذه المخالفات والانتهاكات والجرائم المذكورة نجد هذه الدولة المارقة تسعى منذ عام 2000 م لكي تكون في عام  2019 - 2017 م، عضوًا غير دائم العضوية في مجلس الأمن، الذي يعتبر الجهاز التنفيذي الأقوى في هذه المنظمة الدولية، وهو من له الحق في تنفيذ قرارات الأمم المتحدة بالقوة العسكرية وهو أهم جهاز في كل أجهزة الأمم المتحدة يتحكم في الشؤون الدولية والإقليمية. وفي ظل هذه المخططات الصهيونية التي تحاك ضد القدس والقضية الفلسطينية يجب على القيادة الفلسطينية وبالتنسيق مع جامعة الدول العربية والدول الصديقة أن تقوم بعمل دبلوماسي كبير وتقديم طلب للجمعية العامة لطرد دولة الاحتلال الصهيوني من هذه المنظمة الأممية تفعيل المادة السادسة من ميثاق الأمم المتحدة لعدم تنفيذها للشروط الواردة في قرار رقم 273 الخاص بالاعتراف بهذا الكيان وعدم التزامها بالقرارات الأممية الصادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة ومنظماتها الأخرى والقيام بعمل دبلوماسي وقانوني مع دول آسيا وأمريكا اللاتينية وجزر الكاريبي لكي لا تتمكن دولة الاحتلال الصهيوني من أن تصبح عضوًا في مجلس الأمن أو إعاقتها من الوصل إلى هذه العضوية أو المرتبة الأممية التي يجعلها أحد الدول المركزية والهامة في مجلس الأمن الذي يتحكم بالأمن والسلم الدوليين. وكذلك على القيادة الفلسطينية القيام بالتوجه الفوري والسريع للقضاء الدولي وفتح كل قضايا الجرائم التي ارتكبها قادة الاحتلال الصهيوني ضد أبناء الشعب الفلسطيني وضد الأراضي الفلسطينية المحتلة وضد المقدسات الإسلامية والمسيحية. وأن القيام بهذا العمل واجب قانوني وواجب وطني وأن القدس تنادينا جميعًا وأنها تستنهض الأمة جميعها وأنها هي التي توحدنا وتجمعنا وأنها هي مركز الصراع الحقيقي بين الأمة العربية والكيان الصهيوني وهي مصدر قوة وعزة هذه الأمة وهي البوصلة الحقيقية التى تحدد طبيعة الصراع العربي الصهيوني وهي التى تكشف حقيقة ونوايا الكيان الصهيوني بأنه يقوم بإدارة صراع وليس إنهاءه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*الخبير في القانون الدولي ورئيس التجمع الفلسطيني المستقل

مقالات لنفس الكاتب