; logged out
الرئيسية / القضية الفلسطينية .. الفشل وبوادر الانفراج

العدد 123

القضية الفلسطينية .. الفشل وبوادر الانفراج

الأربعاء، 27 أيلول/سبتمبر 2017

القضية الفلسطينية لم تشهد أزمات خطيرة بعد نكبة 1948م، ونكسة 1967م، أكثر ما شهدته في السنوات العشر الأخيرة التي بدأت مع سيطرة حركة حماس على قطاع غزة في 14 يونيو 2007م، وكأن يونيو/ حزيران على موعد مع انتكاسات فلسطين، وترتب على ذلك الخلاف ما أضعف السلطة الوطنية الفلسطينية، ومزق الشعب الفلسطيني وأرضه وجعل قضيته تتوارى خلف الصراعات الفلسطينية الداخلية، ثم جاءت أحداث ما يسمى بثورات الربيع العربي حيث تاهت القضية الفلسطينية، وتحولت إلى وسيلة للاستقطاب، وأداة لبسط النفوذ، وتجنيد الشارع العربي والإسلامي لخدمة أجندات خارجية، واستخدام قضية العرب المركزية من دول إقليمية كأوراق  للعب على الساحة الدولية، ووسيلة للمساومة مع الدول الكبرى من جهة، وتحقيق مصالح على حساب شعب يئن تحت نير احتلال عنصري بغيض منذ ما قبل منتصف القرن العشرين من جهة أخرى، إضافة إلى أن هذه المرحلة اختلطت فيها المفاهيم التحررية والنضالية بالإرهاب، وتحول فيها أصحاب الحق إلى إرهابيين يجب مطاردتهم وقتلهم، بينما أرضهم مسلوبة، ويتم إقامة المستوطنات والأسوار العازلة على ما تبقى منها لتثبيت سياسة الأمر الواقع التي جعلت الفلسطينيين غرباء على أرضهم وأصبح حق العودة لمن هم في الخارج مجرد ذكرى.

خلاف الفصائل الفلسطينية زاد من هذه الأزمة، ورسخ مفهوم الإرهاب ضد الشعب الفلسطيني، وفتح الباب واسعًا للاستقطاب، وجعل القضية الفلسطينية مجرد ورقة برضا أصحابها، فوجدت دول مثل إيران وتركيا وقطر الطريق معبدًا إلى قطاع غزة، حيث بدت القضية حصان طروادة، ومطية لقيادة الشارع العربي والتأثير عليه ممن يريد انتزاع الزعامة الإقليمية (تركيا ـ قطر) أو الترويج لمشروعه الايدولوجي وبسط نفوذه الإقليمي ومذهبه الديني (إيران)، وساعد على ذلك انهيار الوفاق العربي في حده الأدنى، الداعم للقضية الفلسطينية بعد أحداث ما يسمى بثورات الربيع العربي منذ نهاية عام 2010م، حيث صعدت حركات الإسلام السياسي للسلطة في بعض الدول العربية، وهذه الجماعات المؤيدة لحماس تشبه الأخيرة من حيث رفع الشعارات، والفشل في إدارة الأزمات الداخلية، وعدم القدرة على التعاطي مع الشأن السياسي والاقتصادي، وإدارة العلاقات الإقليمية والدولية.

وفي تلك الفترة زادت وتيرة الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط، وارتبطت الجماعات الإرهابية بالدين الإسلامي، وبحركة حماس تحديدًا، ما جعل الإرهاب ينسخ النضال الفلسطيني ويجعله محظورًا.

وأتت الانتخابات الأمريكية الأخيرة بدونالد ترامب الأكثر تأييدًا لإسرائيل، والأكثر تشددًا ضد حل "الدولتين" الذي تبنته إدارات أمريكية سابقة، ونصت عليه صراحة المبادرة العربية للسلام منذ عام 2002م. وفي هذه الأجواء غير المواتية تجمدت القضية الفلسطينية، واختفت الحلول والمبادرات لدرجة أن الرئيس الأمريكي ترامب لم يتطرق نهائيًا للقضية الفلسطينية في خطابه الأخير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2017م، وهو ما فعله رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي اعتبر الدولة العبرية واحة الديموقراطية والتقدم في العالم.

مؤخرًا، ظهرت مؤشرات إيجابية بعد أن حاولت إسرائيل وضع بوابات تفتيش الكترونية وكاميرات على أبواب المسجد الأقصى المبارك في القدس، ما أدى إلى هبة فلسطينية قوية أوقفت المخطط الإسرائيلي الذي هو حلقة ضمن سلسلة الاعتداءات الإسرائيلية لتهويد القدس، وتدمير المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين لإقامة الهيكل المزعوم. فقد استجابت حركة حماس لنداء العقل بعد أن تأخرت كثيرًا، وبعد أن أعلنت في وقت سابق الفصل بين قيادتها في الخارج عن الداخل، حلت اللجنة الإدارية في غزة والتي تمثل حكومة موازية للحكومة الفلسطينية، كما عقدت الحكومة الوطنية اجتماعها الأسبوعي في قطاع غزة.

وعليه يجب استغلال هذه الأجواء المواتية التي جاءت بعد سلسلة فشل دامية راح ضحيتها الرئيس السابق ياسر عرفات الذي اغتالته إسرائيل بالسم، وحصار غزة، وتقطيع أواصر أراضي الضفة وغزة والتهامها بالمستوطنات والجدار العنصري العازل، وكذلك بعد تجربة الاستقطاب الإقليمي الذي راحت ضحيته القضية الفلسطينية برمتها، وبعد فشل حركات الإسلام السياسي في المنطقة، كل ذلك يتطلب من الفلسطينيين وقفة مع النفس , وإعادة الحسابات والاستفادة من دروس الفشل، والاحتشاد خلف القيادة الفلسطينية ممثلة في السلطة الوطنية وقيادتها، وإجراء الانتخابات المؤجلة والقبول بنتائجها مهما كانت , حتى يمكن الاصطفاف وتوحيد الجهود، والضغط على إسرائيل، وإقناع المجتمع الدولي لتحقيق السلام المنشود بحل "الدولتين" وإبعاد المنطقة عن شبح الحروب والإرهاب والتفرقة العنصرية التي اختفت من العالم وما زلت تمارسها إسرائيل. 

مقالات لنفس الكاتب